الرئيسية / العلاقات الدولية / الجيوبوليتيك - جيوسياسية / التطبيقات الجيوبوليتيكية الأمريكية بعد انحلال الاتحاد السوفيتي
التطبيقات الجيوبوليتيكية الأمريكية بعد انحلال الاتحاد السوفيتي
التطبيقات الجيوبوليتيكية الأمريكية بعد انحلال الاتحاد السوفيتي

التطبيقات الجيوبوليتيكية الأمريكية بعد انحلال الاتحاد السوفيتي

 

عملت الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الدولة العملاقة super power على ربط النظريات الجيوبوليتيكية بمجريات السياسة الخارجية والتحالفات العسكرية، فعمدت إلي التحالفات لتطويق الاتحاد السوفيتي المسيطر على قلب الأرض، وأوجدت الحرب العالمية الثانية حالة من الانقسام القطبي العالمي بين كتلتين متصارعتين أيديولوجيا واستراتيجياً، فوفرت التحالفات مصالح استراتيجية وسياسية هامة للدوتين الكبريين فى مواجهة بعضهما، كما حققت مصالح فى اراض الدول أعضاء التحالف.

وفي ظل حرص القطبين على توازن القوي داخل النسق ارتبط أمن الحلفاء بأمن الدولة القطبية، كما اعتمد كل قطب على عنصرين أساسيين هما ذاتية التسليح وتوفير الغطاء الأمني الأساسي للحلفاء.

موقع الحلفاء الغربيين بالنسبة للجيوبولتيك الأمريكية:

أولا: أهمية الحلفاء بالنسبة للجيوبولتيك الأمريكية …  ثانياً: العلاقة الارتباطية بين الأمن الأوروبي والأمن الأمريكي.

أولا: أهمية الحلفاء بالنسبة للجيوبولتيك الأمريكية:

تحاول الولايات المتحدة فرض أسطورة مفادها أن الدولة العظمي المتفردة فى تقرير مصير النسق العالمي قادرة على التدخل السريع والحاسم في أي بقعة من بقاع العالم، بلعبها دور “الشرطي العالمي”.

كما ساد ذلك الأمر فى الحقبة الاستعمارية حيث أنشأت الدول “قوات الاستعمارية – troupes coloninales” للسيطرة على الأمم الأخري كما الحال فى البرتغال والأسبان والبريطانيون واليابانيون. ولم تواجه هذه القوى أي اعتراض خاصة أن اتجاهات الرأي العام لهذه الدول كان فخوراً برؤية علم بلاده يرفع فى أماكن حول العالم، كما كان التنافس بين الدول يتم من ثنايا فرض إرادة القوي أو بالاتفاق أو سياسات التعويض، وحسب طبيعة توزيع القوي داخل النسق.

أحلت الولايات المتحدة قوات “الانتشار السريع” أو مشاة البحرية، محل القوات الاستعمارية وتم تسليحها بما يتناسب مع طبيعة المهام المنوطة بهم، واعطيت صلاحيات شبه مطلقة للعسكريين للتصرف بحرية.

بينما اختلفت طبيعة التعامل الدول في الوقت الحالي حسب طبيعة التعامل الدولي International Relation Management  وفق طبيعة التعامل مع الدول الكبري والتعامل بين الدول الكبري ودول الدرجة الثانية، وطبيعة دول العالم الثالث.

ونشأ خلال هذه الفترة نمطين من الحروب فى ظل إدارة الصراع بين القطبين الكبيرين، حيث عرفت الحروب المحدودة والحروب الصغيرة، وذلك فى ظل استراتيجيات الردع النووي والقدرة على توجية الضربة الثانية، فلم تتدخل الدول الكبري فى مناطق نفوذ بعضها بالشكل الذي يهدد بنشوء حروب مباشرة بين القطبين، ففضل الامريكيون استخدام أسلوب “إدارة الأزمات والخروج”، بينما كان هناك عدد من العناصر عملت ككوابح للسياسة الخارجية الأمريكية تمثل فى:

  • قوة الرأي العالم الأمريكي والضغوط التى يمارسها وخاصة بعد “عقدة حرب فيتنام”.
  • قوة الكونجريس فى إعاقة الإدارات الأمريكية من خلال اتحكم فى الميزانيات والتمويل العسكري.
  • فقدان الثقة بين المدنيين والعسكريين.

عملت هذه الأمور على انخاذ السياسة الأمريكية من سياسة “الحروب المحدودة” خارج حدودها وسيلة لتوسيع نفوذها، معتمدة فى كثير من الاحيان على الدول الأوروبية الحليفة. لذلك أبقت حلف شمال الأطلنطي قائمة لتحقيق أحلامها الجيوستراتيجية. فأعتمدت على حلفاءها وابتعدت عن الحروب الصغيرة وذلك فى إطار دورها “كشرطي للعالم” يحافظ على مصالحة ومصالح حلفاءه. فأدارت الحروب مع الحلفاء على أعلي مستوي، لما يملكه الحلفاء من فاعلية وقواعد لوجيستية. فتعمل الأحلاف المحلية علي تخفيف العبئ عن الإدارة العسكرية الأمريكية، كما أن ذلك يدعم موقفها فى حالة إطالة أمد الحرب.

وتهدف أمريكا أيضاً من الاقباق على التحالف ربط سياسات التسليح الأوروبية بالاتجاهات الأمريكية باعتبارهما معا يشكلات أكبر سوق للسلاح وأكبر مجمع صناعي، إلا أن الحلفاء الأوروبيون يدرجوك ذلك ويعملون على سياسات مستقلة تمكنهم من امتلاك قدرات على مستوي الدرو العظمي.

وتعتمد السياسة الاستراتيجية الأمريكية على الحلفاء المحللين سواء حلف الاطلنتى أو اسرائيل فى الشرق الأوسط في تنفيذ سياستها الخارجية. حيث يخدم ذلك قوة حلفاءها المحليين ويعزز من مكاسب امريكا الاقتصادية من الصناعات الحربية. كما يعمل الحلفاء المحليين كحارس للمصالح الأمريكية في المنطقة.

وتعتمد أمريكا فى تعاملاتها مع هؤلاء الحلفاء سياسة تحقق تلك المصالح من خلال سرعة اقرار صفقات السلاح للحلفاء، وتكثيف تصدير الأسلحة إليها، ومشاركتها فى انتاج وتطوير الاسلحة، التشديد فى تسليح الدول غير الحليفة.

ثانياً: العلاقة الارتباطية بين الأمن الأوروبي والأمن الأمريكي:

أوجد الصراع بين القطبين وفي إطار التنافس العالي إلي ظهور مبدأ الدفاع المشروع بما يحقق مصالح أمريكا ويبقي حلفاءها داخل إطار الاستراتيجية الأمريكية، من خلال تطوير العقيدة الأمنية للحلف لتتماشي مع المتغيرات العالمية. وفى نفس الوقت قوبل ذلك برغبة من الجانب الأوروبي بما تحققه منظومة الردع الدفاعية الأمريكية من مظلة فى مواجهة الردع النووي الروسي.

إلا أن ما يقلق الأوربيين الضرر النووي الذي سينحصر في أوروبا فى حالة نشوب الحرب بين روسيا وأمريكا، وذلك على الرغم من كونها حليف أمريكا الأول وبها ترسانة أمريكا النووية، ولموقعها كـ”أرض حاجزة” بين القطبين. حيث يقتنع الأوروبيون بأن الولايات المتحدة لن تتدخل لحمايتهم من أي هجوم روسي، لذا فالأوربيون يرون أن كل من روسيا وأمريكا يبذلون كافة الجهود للسيطرة عليهم. فالولايات المتحدة بعيدة عن الخطر وقادرة على حماية نفسها ومنافسة الروس فى المحيط بكفائة. ويري البعض أن أوروبا ربما ترغب فى أن يقوم الروس بضرب أوروبا ما يتيح لأميركا استلام زمام الأمور.

وأمام فشل أوروبا في حماية نفسها بصورة كاملة فهي أمام أمرين، إما الخضوع للاتحاد السوفيتي أو للولايات المتحدة الأمريكية. لذا فإنها عليها التوحد والتكتل سياسيا وعسكراً فى مواجهة التهديدات السوفيتية والهيمنة الأمريكية، والعمل من خلال حلف الأطلنطي والتعاون مع أميركا دون الخضوع لها.

فى حين تعارض الولايات المتحدة مبدأ استقلال أوروبا فى المجال النووي، لتحجيم احتمالية المواجهة النووية بين الحلفاء والروس، كما يؤدي انتشار السلاح النووي فى أكثر من دولة من الحلفاء لتعدد مراكز اتخاذ القرار ما يضر بالتقاسم، التكلفة المادية المرهقة لأوروبا لتكوين قوة ردع ننويه فى مواجهة الروس، ورغبة أمريكا فى قيادة الاستراتيجية النووية الموحدة ضد الروس. وذلك وفق رغبة أمريكية فى أن تتحكم هي فى منظومات الدفاع الغربية وتقرر استخدامها.

عن تامر نادي

شاهد أيضاً

احتراف الإصلاح المجتمعي .. استراتيجية المصلح وادواته

احتراف الإصلاح المجتمعي .. استراتيجية المصلح وأدواته

نحو احتراف الإصلاح المجتمعي استراتيجية المصلح وأدواته تامر نادي الاحتراف هو التزام الشخص بنظام محدد …