الرئيسية / العلاقات الدولية / الجيوبوليتيك - جيوسياسية / الإستراتيجية العسكرية في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية
الإستراتيجية العسكرية في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية
arabprf الإستراتيجية العسكرية في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية

الإستراتيجية العسكرية في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية

 الإستراتيجية العسكرية في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية

د/ محمد بن علي بن معجب الكبيري

جامعة سلمان بن عبد العزيز

المملكة العربية السعودية

ملخص:

قد حثّ الإسلام على حبّ الأوطان والدفاع عنها وبذل النفس والنفيس في سبيلها ، وأهم عامل في الحفاظ على الوطن وترجمة حقيقية لهذا الحب الغرائزي ، هو الدفاع عنه عن طريق القوات المسلحة التي تعد الذراع الضارب والقوة الحامية والمدافعة ضد أي عدوان أو تجاوز. كما أن التخطيط الاستراتيجي والنظرة المستقبلية المدروسة لها دور كبير في رفع كفاءة هذه القوات وتوجيهها التوجه السليم الذي ينبني على دراسات وخطط وفق منهج علمي مدروس.

وقد جاءت هذه الدراسة ليسلط الضوء على هذه المؤسسة الوطنية في المملكة العربية السعودية ، وقد تناولت فيها ما يلي:

تعريف القوات المسلحة ، وما تتضمنه من قوات،ماهية الاستراتيجيات الدفاعية وكيف تحقق هذه الاستراتيجيات أهداف الأمن الوطني ،خصائص القوات المسلحة والتي تمثلت في بعض الخصائص التي لا تتوافر في أية قوات مثيلة في العالم،ثم شرعت الدراسة في الإجابة عن تساؤل منهجي وهو : ما الجدوى من التخطيط الاستراتيجي للدولة ؟ ، كما تناولت الدراسة العوامل المؤثرة على استراتيجيات الدولة العسكرية،ثم عرضت الدراسة للمواد القانونية في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية ، والمنظمة للاستراتيجيات الدفاعية،كما تناولت الدراسة الهدف من إنشاء القوات المسلحة والذي يتمثل في الدفاع عن : أ _العقيدة. ب _الحرمين الشريفين. ج_ المجتمع .د_الوطن،مفصلاً القول في كل هدف من هذه الأهداف،ثم ناقشت الدراسة دور المجلس الوطني السعودي في رسم الاستراتيجيات الدفاعية ،وفي ختام الدراسة أبرزت أهم النتائج التي توصلت إليها وكذلك التوصيات مذيلا الدراسة بالمراجع التي استندت عليها في إتمام هذا العمل.

Summary 

  1. Islam urges to love the homeland and to defend it with self and wealth. Defense is a main factor of homeland keeping and this is done by the Armed Forces which is a shield and protector against enemy attacks or trespasses. Moreover, strategic planning and futuristic vision have an important role to elevate the efficiency of the forces and direct it to the right planned direction according to the scientific approach.This study sheds light on the National Institution in KSA which includes the following:

–  Definition of the Armed Forces, and its sectors.

–  What are the strategic defenses? How these strategies can achieves the national security aims?

–  The specialty of the Armed Forces which surpasses any other Forces in the world.

–  The study tries to find a systematic answer to the question: what is the use of strategic planning for the country?

–  The study tackles the effecting factors on the country’s Military Strategies.

–  The study presents the legal terms to the ruling system in KSA which caverns the defense strategies.

–  The study discusses the aim of the establishment of the Armed Forces which is the defense of the creed, the two Holy Mosques the society and the Homeland.It gives details to theses aims.

–  The Study discusses the role of the Saudi National Council in planning for the defense strategies.

–  Finally, the study presents the important results and recommendations with the references lists.

§     المبحث التمهيدي

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وبعد .

فإن القوات المسلحة في كلّ بلد من البلدان، هي صمّام الأمان للبلد من كل معتدٍ وطامع؛ ولذا كان لها الاهتمام الأكبر من لدن كثير من الدول في تجهيزاتها، ومعداتها، وأفرادها، بل النص على مايتعلق بها في دساتيرها الوطنية ، لهذا سأكتب بحثي هذا في الاستراتيجية العسكرية في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية .

فما المراد بالقوات المسلحة السعودية( المطلب الأول)، وماهي خصائصها ( المطلب الثاني )هذا ما سأعرضه في هذين المطلبين .

المطلب الأول : المقصود بالقوات المسلحة .

 تعدّ القوات المسلحة إحدى المؤسسات الوطنية داخل الدولة، تؤدي عملها في ظلّ أنظمة الدولة؛ ولذا عُرّفت القوات المسلحة بأنها: ” مؤسسة وطنية مهمتها إدارة الصراع المسلّح ضد القوى الخارجية، وفي ظلّ قانون الدولة”(1).

فمن خلال هذا التعريف يتبيّن أن القوات المسلحة مؤسسة وطنية، وكذلك فإن أعمالها تكون في إطار القانون الذي تنظمه الدولة، ولا تخرج عنه.

وعرفت كذلك بأنها ” القوات الرئيسية الثلاث: القوات البريّة ، والقوات الجوية، والقوات البحريّة”(2).

وفي إطار هذا التعريف لا تدخل قوات الدفاع الجويّ، وكذلك قوات الحرس الوطنيّ في مسمى القوات المسلحة، وذلك لأن الأثر لهذه القوات ليس كأثر القوات المسلحة الثلاث في الصراعات والحروب.

ولا شكّ أن بعض الدول تدخل هذه القوات ضمن إطار القوات المسلحة، فهي قوات يكمل بعضها بعضًا، وبالتالي فهي تعدّ جزءًا مهمًا من القوات المسلحة؛ لذا كان من الأصوب تعريفها بـ رئاسة هيئة الأركان العامة و جميع القوات المسلحة البرية والجوية والبحرية وقوات الدفاع الجوي والقوات المرتبطة بوزارة الدفاع والقوات العسكرية الأخرى  .

المطلب الثاني :خصائص القوات المسلحة السعودية :

إن القوات المسلحة السعودية تختصّ كغيرها من القوات المسلحة بخصائص، وميزات كغيرها من القوات الأخرى، ولكن تختلف في محتواها من دولة إلى دولة أخرى، ومردّ هذا الاختلاف راجع إلى دوافع الفرد في القوات المسلحة السعودية، والمصادر التي تعتمد عليها القوات المسلحة السعودية في التسليح، وتكنولوجيا السلاح، وغيرها من المميزات، والخصائص التي سنفصلها في الآتي:

دافعية الفرد:

إن الفرد في القوات المسلحة السعودية ينفرد بخاصية لا تكاد توجد في أية قوات مسلحة أخرى، وهي أن الفرد في القوات المسلحة السعودية يدافع عن المقدسات الإسلامية، والتي لا توجد في غيرها من الدول .

وهذه الخاصية – الدفاع عن المقدسات الإسلامية- تعطي الفرد حافزًا معنويًّا هائلاً في دفاعه عن أغلى ما يملك، وهي مقدساته الإسلامية.

– القوة الهائلة:

فغالبًا ما تملك القوات المسلحة قوة هائلة ،من معدّات، وأجهزة، وأسلحة، وخاصية القوة العسكرية الهائلة تلعب دورًا مهمًّا في دعم عناصر القوة الوطنية؛ لأنه يُعدّ الوسيلة المباشرة لتحقيق الأهداف الوطنية، وبهذا تختلف كثير من الدول العالمية في مدى إمكانياتها، وقدراتها العسكرية على استخدام هذا العنصر(3).

– الولاء الديني:

إن من أهم ما يميز القوات المسلحة السعودية الولاء للدين، ثمّ المليك، والوطن، وبالتالي تقوم القوات المسلحة بدور مهم في عملية الاندماج بين منسوبيها، وتنصهر الرغبات الفردية، والقبليّة والإقليمية، والجهوية لتشكل فقط خاصية الولاء للدين، ثمّ المليك، والوطن، وهذه الخاصية هي الطريقة التي استخدمها المسلمون الأوائل في جميع غزواتهم، ومعاركهم سعيًّا وراء تحقيق الولاء للدين في رفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله .

–  التقدم التكنولوجي:

فالقوات المسلحة يُفترض فيها أن تكون الأكثر تقدمًا، وعصرية في المجتمع عن غيرها من مؤسسات الدولة، ولذلك سعت القوات المسلحة في المملكة العربية السعودية على تأهيل الفرد فيها عمليًّا، وعسكريًّا، وذلك من خلال دورات القيادة والأركان في كلية القيادة، والأركان للقوات المسلحة السعودية، والتي أنشئت عام 1388هـ ، والتي يدرس فيها الطالب ما لا يقلّ عن أربعين أسبوعًا (عام دراسيٌّ كامل) يتلقى فيها الطالب محاضرات عمليّة، ونظرية في التخطيط، والتنفيذ، والإشراف(4).

المبحث الأول: ماهية الاستراتيجيات العسكرية

سأبحث في هذا المبحث  تعريف الاستراتيجيات الدفاعية  ،وفوائد التخطيط الاستراتيجي ،على الفرد، والدولة ،وكذلك العوامل المؤثرة على استراتيجية الدولة العسكرية ، وذلك في المطالب الثلاثة التالية:

المطلب الأول : المقصود بالاستراتيجيات الدفاعية:

إن مصطلح الاستراتيجية مما شاع استخدامه في شتى مناحي الحياة ،حتى أنه أطلق على الرجل المنظم في حياته الخاصة فيقال: استراتيجي اجتماعي، واستراتيجي اقتصادي، وهكذا ، لكن المراد بالاستراتيجية هي ” علم وفنّ كبار القادة”(5) وهو بهذا التعريف يقصر وضع الاستراتيجيات على أناس فقط، يعرفون معناه وأسراره، وهم من يقدر على تحليل المعلومات، ووضع الحلول، والمشكلات، وأغلب التعريفات حديثًا، وقديمًا تربط الاستراتيجية بالعسكرية، وإن لم ينص على ذلك في تعريفه، لكنه يفهم من التعريف السابق، ومن هذه التعاريف:

  ‌أ-  فن القيادة (6) ومصدر هذه الكلمة يوناني الأصل، مأخوذ من ستراتيجوس (STRATEGOS) ،والتي تعني قائد الجيش.

 ‌ب-    فن استخدام القوة للوصول إلى أهداف سياسية(7) .

لكن في الحقيقة أن الاستراتيجية لا ترتبط فقط بالعسكرية، ولا ترتبط بالأشخاص، فهناك الاستراتيجيات الاقتصادية، والاستراتيجيات الأمنية، والاستراتيجيات العسكرية، وهكذا.

أمّا المقصود بالاستراتيجية الدفاعية فهي” علم وفن تنسيق إعداد، ونشر، واستخدام القوات العسكرية، لتحقيق أهداف الأمن الوطني”(8)  .

المطلب الثاني : فوائد التخطيط الاستراتيجي:

إن للتخطيط الاستراتيجي أهميته في إدارة أي مشروع، وتزداد أهميته في العمليات العسكرية في ظلّ تطور، وتقدم الأسلحة الذكيّة التي أصبحت من متطلبات الحرب الحديثة، وبدون هذه الاستراتيجية لا يمكن لأية دولة أن تحقق أهدافها ومتطلباتها، فبالاستراتيجية تتحول الأفكار إلى واقع قابل للتنفيذ، وذلك كله لحماية مصالح الدولة والحفاظ على مقدساتها من أي اعتداء محتمل، ومن ثمّ فإننا أمام إجابة مهمة للسؤال التالي: ما فائدة التخطيط الاستراتيجي للدولة؟

إن فائدة التخطيط الاستراتيجي للدولة تتجلى في نقاط عدّة هي كالتالي:

–  زيادة الطاقة الإنتاجية لدى الفرد:

وبالتالي تفعيل القوى العاملة في أقصى حدودها، وعدم إهدار الطاقة ، وبالتالي يصبح الفرد جامعًا بين المعرفة من جهة، والخبرة من جهة أخرى، ومحصلة ذلك زيادة الإنتاج باستخدام التكنولوجيا المتطورة(9).

استشراف المستقبل للدولة :

إن التخطيط الاستراتيجي على مستوى الدولة يوزع المسئوليات توزيعًا دقيقًا بين أجهزة الدولة الحكومية، ويتابع تنفيذها، ويرسم خططها المستقبلية، ويقدم المساعدات الفنية للوزارات بما فيها الدفاعية للدولة، ويُقيّم كذلك ما تمّ إنجازه من خطط .

فباستشراف المستقبل للدولة يبين التخطيط الاستراتيجي ما الذي تتمناه وترجوه، وما هو الواقع الفعلي الآن، وما الذي يمكن أن يتحقق في نهاية الفترة التخطيطية(10).

زيادة كفاء استخدام القوة :

فمن فوائد التخطيط المتقن زيادة الكفاءة في العمليات الإنتاجية، ونتيجة ذلك توفر الاحتياجات المادية، والبشرية، والمعلوماتية في أي وقت ، وكذلك فإن زيادة كفاءتها يؤدي إلى خفض التكاليف، وزيادة الإنتاج، والجودة، ومن جهة أخرى فالقوة في التخطيط الاستراتيجي هي القدرة على إحداث أمر معين، ففاعلية الدولة في المجال الدولي ناتج عن قدرتها على توظيف مصادر القوة المتاحة لها(11).

المطلب الثالث : العوامل المؤثرة على استراتيجية الدولة العسكرية:

لا شكّ أن هناك مؤثرات تؤثر سلبًا على استراتيجيات الدولة العسكرية من سكان وموارد وجغرافيا وغيرها من العوامل، وأهم تلك المؤثرات ما يلي:

– السكان:

فالسكان من أهم العوامل المؤثرة سلبًا أو إيجابًا على الاستراتيجيات العسكرية للدول، فكثرة السكان من العوامل الإيجابية، والعكس بالعكس تمامًا فالقلة تؤثر تمامًا على استراتيجيات الدول(12).

–  الجغرافيا:

فالعامل الجغرافي مهم جدًّا ، فلا يمكن وضع استراتيجية إلا بعد أن يؤخذ في الاعتبار مدى تأثير الموقع الجغرافي في حسبان المخطط الاستراتيجي ، فهو الذي يحدد الاستراتيجية نفسها ومستوياتها، وأنواعها، فلكل دولة استراتيجيتها الخاصة بها بناءً على موقعها الجغرافي فهو المؤثر المهم الظاهر في بناء الاستراتيجيات، وما يترتب عليها(13).

–  الاقتصاد:

  من أهم العوامل المؤثرة على الاستراتيجية العسكرية للدول، الوضع الاقتصادي، وينعكس بأثره على جميع مستويات وأنواع الاستراتيجية، فعند اتخاذ أي قرار استراتيجي في أثناء وضع، وإعداد الاستراتيجية العسكرية، يجب وضع العوامل الاقتصادية في عين الاعتبار ، فالاستراتيجيات العسكرية باهظة الثمن، وتعد استنزافًا للاقتصاد في الدولة (14).

المبحث الثاني: المواد القانونية المنظمة للاستراتيجية الدفاعية:

لقد نصّ النظام الأساسي للحكم الصادر برقم أ/90 بتاريخ 27/8/1412هـ في مادتين أساسيتين على الاستراتيجية الدفاعية للمملكة العربية السعودية، هما المادتان الثالثة والثلاثون : (تنشئ الدولة القوات المسلحة، وتجهزها من أجل الدفاع عن العقيدة، والحرمين الشريفين، والمجتمع، والوطن).

والمادة الرابعة والثلاثون: (الدفاع عن العقيدة الإسلامية، والمجتمع، والوطن، على كل مواطن، ويُبين النظام أحكام الخدمة العسكرية).

ويلحظ في هاتين المادتين، وهذا النص الوجيز أنه يتضمن مسئوليات ضخمة، يتحملها المواطن في دفاعه عن وطنه، وعن عقيدته الإسلامية.

لكن يلحظ أن المنظم السعودي لم يركز على واجبات المواطن كثيرًا بقدر ما أبرز حقوقه وضماناتها في النظام الأساسي للحكم ، فكل مواطن مطالب بتحقيق الدفاع عن وطنه في حال النزاعات، والحروب إمّا طواعية، وإمّا إلزامًا.

فكل دستور فيه حقوق، وواجبات على المواطن وله، وهو ما جاءت به الشريعة الإسلامية، فالمسلم له حقوق عند الحاكم، وولي الأمر، وفي مقابله على المواطن واجبات تجاه الحاكم، ووولي الأمر ، وفي هاتين المادتين يتبين الواجب الذي على المواطن تجاه عقيدته الإسلامية ومقدساته ووطنه ، فالحقوق والواجبات وجهان لعملة واحدة تشكل في مجموعها المواطنة، وكما مرّ بنا سابقًا هذا الواجب تارة يكون طواعية يؤديه المواطن تجاه وطنه كالإسهام في الأعمال الخيرية(15)، وتارة إلزامًا كما يلي:

-الدفاع عن العقيدة والمقدسات والوطن.

-الالتزام بالأنظمة.

– مراعاة قيم المجتمع السعودية .

-احترام تقاليده ومشاعره(16).

بناءً على ما سبق فالنظام الأساسي للحكم مثل أي دستور هو عقد بين المواطن، والدولة يعطي لكل منهما حقوقًا، ويُلزم كلا منهما بواجبات ، وفي الأعمّ الأغلب ينصّ على تلك الحقوق، والواجبات في باب منفصل في الدستور ، وهو ما وجد في النظام الأساسي للحكم حيث نصّ على باب : (الباب الخامس: الحقوق والواجبات) في أكثر من عشرين مادة.

وسنأتي بالتفصيل على المواد التي نصّت على الاستراتيجية الدفاعية في مطلبين ، الأول في الهدف من إنشاء القوات المسلحة ، والثاني في من الواجب عليه الدفاع عن المجتمع والوطن؟ .

المطلب الأول :الهدف من إنشاء القوات المسلحة:

إن الغاية والهدف من إنشاء القوات المسلحة السعودية بينتها المادة الثالثة والثلاثون من النظام الأساسي للحكم حيث نصت على : (تنشئ الدولة القوات المسلحة وتجهزها من أجل الدفاع عن:

أ-   العقيدة.

ب-  الحرمين الشريفين.

ج-    المجتمع.

د-  الوطن.

  وسأفصل في هذه الأمور:

·أولاً: الدفاع عن العقيدة:

إن الدفاع عن العقيدة الإسلامية يتمثل في عدة أمور منها:

–  الالتزام الصحيح بها، وذلك بفعل ما أمر الله به، واجتناب ما نهى الله عنه ، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(17) وقال تعالى:( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)(18) وقال تعالى في النهي عن الشرك (فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) (19).

–    بيان العقيدة الإسلامية: إن بيان العقيدة الإسلامية الصحيحة، ونشرها بين المسلمين لهو من أعظم الطاعات، والقربات عند الله قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (20)

–  ردّ الشبهات، وكشفها: إن ردّ الشبهات وكشفها ممن يثيرها من المخالفين لهو من الدفاع عن العقيدة، ومن هنا كان من الواجب على كل مسلم أن يعبد الله وحده بعلم ويقين بلا شبهة، ولا تمثيل، ولا شرك مع الله ، ومن أجل ذلك انبرى علماء الإسلام في الردّ على الشبه التي تثار من أعداء الإسلام، وألفوا المؤلفات، والمصنفات التي تدحض شبههم (21).

–  ويدخل في وسائل الدفاع عن العقيدة المناظرات والكتابات والمراسلات المباشرة، وغير المباشرة التي تدافع عن العقيدة (22.

–  الحرب: إن الحروب كثيرة، منها الوقائية، والأهلية، والمحدودة، والعادلة، فالحرب في الإسلام ليست لتحقيق رغبات عدوانية، أو توسعية، أو انتقامية بل هي لنشر الدين، والدفاع عن العقيدة الإسلامية؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم عندما يعقد لواء الغزوات، والمعارك، ويأمر القواد بأن لا يبدءوا الحرب حتى يأمروهم بالإسلام، فعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله تعالى”(23).

ولذلك يقول السرخسي: ” إذا لقي المسلمون المشركين، فإن كانوا قومًا لم يبلغهم الإسلام فليس ينبغي أن يقاتلوهم حتى يدعوهم إلى الإسلام “(24).

بناءً على ما سبق فإن الدعوة إلى الإسلام، والدخول فيه يجب أن توجه لهم أولا قبل بدء القتال، فإن أبوا فليدفعوا الجزية فإن أبوا بعد ذلك وجب قتالهم.

فالدفاع الشرعي عن العقيدة، والنفس استنادًا إلى أوامر الله جل وعلا، قال تعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (25)

فلا يجوز أن يكون هناك اعتبار لأية مصلحة ترتفع على مصلحة العقيدة، ومقتضيات الجهاد في سبيل الله .

ويختلف الإسلام عن غيره في أسباب القتال، فليس سببه استعمارًا، أو سلب خيرات، أو تسلط على دول أو شعوب، أو إقامة، وصاية، أو زعامة ، ولكن السبب الحقيقي هو الدفاع عن العقيدة ودفع العدوان، وعبادة رب العباد وحده، مع إقامة العدل، والطمأنينة للبشرية جمعاء(26).

·   ثانيًا: الدفاع عن الحرمين الشريفين:

إن الدفاع عن الحرمين الشريفين واجب على كل مواطن، لأن الكعبة المشرفة قبلة المسلمين، يفد إليها المسلمون من كل فجٍّ عميق، ليحجوا إليها كل عام، ويؤدوا ما أوجب عليهم من عمرة أيضًا، ولتبقى لهم مصلىً يدعون ربهم بجوارها، خوفًا، وطمعًا، وتبقى طاهرة بطهره للطائفين، والعاكفين، والركع السجود، وهي مع هذا مهبط الوحي على خاتم المرسلين، ومشرق نور الإسلام الذي أضاء للعالم ، قال تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (27)  فإذا كانت هذه عقوبة من همّ بفعل مخالفة بترك واجب، أو اقتراف محرم، أن يدخل في الظلم ، فإن ما هو أعظم من ذلك وهو قتال أهلها يُعدّ أولى بالعذاب الأليم.

أمّا المسجد النبوي الشريف الذي بناه الرسول صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى فيه: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) (28).

فهذان الحرمان الشريفان يضاعف فيهما الأجر، كما تتضاعف فيهما الطاعات، لذا روى جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام”(29).

والمملكة العربية السعودية تختلف عن غيرها من الدول الإسلامية في وضعها الديني ، لأنها تضم بين جنباتها المقدسات الإسلامية ، مكة المكرمة، التي تحتضن الكعبة المشرفة، والمشاعر المقدسة (منى، وعرفات، ومزدلفة، والمشعر الحرام )، وكذلك تحتضن طيبة الطيبة المسجد النبوي الشريف، وهذه الخاصية للمملكة العربية السعودية تجعل على عاتقها  المحافظة على المقدسات بنفس القدر الذي تدافع به عن المجتمع، والوطن ، لذا فإن واجب الدفاع – وإن كان على الدولة من حيث التجهيز- فهو في الأصل على عاتق كل مواطن، حيث بذل النفس في سبيل الله(30).

لأجل هذا يُعدّ الدفاع عن الحرمين الشريفين من باب النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

·ثالثًا: الدفاع عن المجتمع:

فالأصل أن المجتمع هو كالجسد الواحد لكل، فرد يعيش فيه حقوق، ومميزات، وفي مقابله عليه واجبات، ومسئوليات تجاه مجتمعه، لينعم الناس في موطنهم بالأمن، في أنفسهم، وأموالهم، وأعراضهم، وليتمتعوا بنعمة الحرية، والكرامة، والعبادة، وسائر شؤون حياتهم، فهم في حاجة إلى الدفاع عن مجتمعهم ،وهذه الحماية من الله أولا، ثم من القوات المسلحة التي تقف بصلابة في وجه من يريد العبث بأمن البلاد وأهلها(31).

فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”(32).

وقد جعل الإمام المحدث أبو داود هذا الحديث أحد أربعة أحاديث عليها مدار الإسلام، ففي هذا الحديث تعظيم لحقوق المسلمين بعضهم على بعض، وحثّهم على التراحم والتعاضد ، قال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (33).

وهذه النصوص كثيرة في كتاب الله ،وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،وكلها تحثّ المسلمين على أن يكون تجمعهم، وسلمهم، ومعاداتهم، وموالاتهم قائمة على هدي الله عزّ وجل، ومقتضى هذه الأخوة أن ينصر أخاه المظلوم، ويهتم لأمره، ويعتني بشأنه.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ” ولهذا كان المؤمن يسره ما يسر المؤمن، ويسوؤه ما يسوؤهم، ومن لم يكن كذلك لم يكن منهم فهذا الاتحاد الذي بين المؤمنين ليس هو أن ذات أحدهما هي بعينيها ذات الآخر، ولا حلت فيه بل هو توافقهما، واتحادهما في الإيمان بالله ورسوله وشعب ذلك مثل محبة الله ورسوله، ومحبة ما يحبه الله ورسوله”(34).

·ثالثًا: الدفاع عن الوطن :

إن الدفاع عن الوطن من أهم الواجبات بعد الدفاع عن العقيدة الإسلامية، فالذود عن حماه، ومكتسباته أوجبه الإسلام، ولذلك واجب على كل مواطن أن يفتدي وطنه، بالنفس، والنفيس؛ لأنه دفاع عن بيضة الإسلام، ومأرزه، ومقدساته الإسلامية، ومن نعمة الله على وطني أن جعله قبلة للمسلمين، وجعله قائم بشعائر الإسلام ، وإعلان الحدود ، واتباع النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء ذلك في النظام الأساسي للحكم، فقد نصت المادة السابعة على الآتي: (يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله، وهما الحاكمان على هذا النظام، وجميع أنظمة الدولة).

والدفاع عن الوطن حقٌّ مشروع، في كل دين سماوي، أو قانون وضعي ، والوطن هنا له مفهومان:

المفهوم الأول: إقليم المملكة العربية السعودية .

المفهوم الثاني: إقليم العالم الإسلامي .

والمسلم حقّه الدفاع عن كل شبر من أوطان المسلمين؛ لأنهم يمثلون جسدًا واحدًا، ناهيك عن دفاعه عن وطن المملكة العربية السعودية فإنه أهم وأوجب(35).

أمّا الآيات التي تحثّ على قتال من اعتدى علينا فكثيرة ومنها للمثال لا الحصر ما يلي:

–  (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (36)

–    (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)(37)

–    (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)(38)

ففي هذه الآيات إنما جاء الحرب من المسلمين للدفاع عن أوطانهم، وليس اعتداءً مسبقًا؛ إذا العلاقة بغير المسلمين هي الدعوة الحرة السليمة إلى الصراط المستقيم (39).

المطلب الثاني : من الواجب عليه الدفاع عن المجتمع والوطن:

إن الدفاع عن الوطن حقٌّ أكدت عليه العقيدة الإسلامية، وإن من حق المواطن بل من واجبه أن يقاتل في سبيل استرداد وطنه ،ودفاعًا عن عقيدته، ومجتمعه.

فالدفاع عن الدين، والمال، والبلاد وأهلها من الجهاد المشروع، ومن يُقتل في ذلك وهو مسلم يُعدّ شهيدًا(40)، وذلك لما رواه سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” من قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد”(41). من الآيات الدالة صراحة على الدفاع عن الوطن قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ * وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (42) فهذه الآية دلت بشكل صريح، ومباشر على أهمية الدفاع عن الوطن ، وأن هذا القتال هو جهاد في سبيل الله .

ولا ريب أن الدفاع عن الدين، والوطن جهاد في سبيل الله، أمر الله به في كتابه الكريم، وأكد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، في أحاديث كثيرة، قال تعالى : (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)(43)

ونجد أن المادة الرابعة والثلاثين من النظام الأساسي للحكم،قد حضّت صراحة على وجوب الدفاع عن العقيدة الإسلامية، وأن ذلك واجب على كل مواطن، فقالت : (الدفاع عن العقيدة الإسلامية، والمجتمع، والوطن، على كلّ مواطن).

لأجل ذلك جاءت أنظمة الخدمة العسكرية المتنوعة في المملكة العربية السعودية ومنها:

–  نظام خدمة الأفراد: الصادر بالمرسوم الملكي، رقم (م/9) بتاريخ 24/3/1397هـ بتعديلاته.

–  النظام الداخلي للجيش العربي السعودي الصادر بالإرادة السنية، رقم (95/8/1) بتاريخ 11/1/1366هـ بتعديلاته .

– نظام خدمة الضباط الصادر بالمرسوم الملكي، رقم (م/43) بتاريخ 28/8/1393هـ بتعديلاته.

المبحث الثالث :دور مجلس الأمن الوطني السعودي في رسم الاستراتيجيات الدفاعية:

يعد نظام مجلس الأمن الوطني السعودي الصادر بالمرسوم الملكي، رقم (أ/296) ،وتاريخ 13/9/1426هـ رافدًا مهمًا للمحافظة على مصالح السعودية السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، وحمايتها، وتنميتها في ضوء تصور استراتيجي شامل، وتقويم صحيح للأوضاع الخارجية، والداخلية التي تؤثر على أمن السعودية (المادة الأولى) .

فللمجلس اختصاص التخطيط للسياسة الأمنية، على الصعيدين الداخلي، والخارجي، ودراسة، وإقرار نوع الاستراتيجية لدخول الحرب، ودراسة وإقرار الاستراتيجية العسكرية المطلوب اتباعها ،للتعامل مع التهديد العسكري، الذي يتوقع أن تتعرض له المملكة (المادة الثالثة).

وسيكون للمجلس دور كبير على الأنشطة التي سيدير من خلالها الاستراتيجيات السعودية الكبرى، وخصوصًا الاستراتيجية العسكرية، وسيكون للمصالح العسكرية، والاقتصادية اهتمام أكبر، في ضوء تطور استراتيجي شامل(44).

ويعد مجلس الأمن الوطني السعودي، هيئة استشارية، يُعِدّ الدراسات الاستراتيجية للشؤون العسكرية، والاقتصادية، والأمنية، ويرفع التوصيات للملك ليتخذ ما يراه مناسبًا، بحكم ولايته على الأمة، وبحكم اختصاصاته الشرعية والدستورية.

إن عدم وضوح الاستراتيجيات العسكرية، سوف يفتح مجالا واسعًا للاجتهادات، والتخطيطات الآنية، التي يكون ضررها أكبر من نفعها، لذا وجب وضع الأشياء في ميزانها، وإعطاء القوس باريها، ووجب على مجلس الأمن الوطني السعودي القيام بواجبه تجاه وطنه، وأمته الإسلامية، حتى يصبح عمله متكاملا، وينهض بمهامه المنوطة به على أتمّ وأكمل وجه.

وبعد هذه الدراسة في أنظمة المملكة العربية السعودية العسكرية، وما يحيط بكيان المملكة من تحديات عسكرية جمّة، فإن الضرورة داعية إلى تبيان أحكام الخدمة العسكرية، التي ينص عليها النظام الأساسي للحكم في مادته الرابعة والثلاثين : (الدفاع عن العقيدة الإسلامية، والمجتمع، والوطن، على كلّ مواطن، وبين النظام أحكام الخدمة العسكرية ).

ولما للعامل الجغرافي المتمثل في اتساع رقعة المملكة العربية السعودية، وحدودها البرية الطويلة، التي تقارب أربعة آلاف كيلو متر، وكذلك العامل الاقتصادي بعد اكتشاف البترول والثروات المعدنية الأخرى، كل ذلك يتطلب دراسة الإلزام بالخدمة العسكرية، التي تعنى بأنها الخدمة التي تتم بموجب أنظمة الخدمة العسكرية في القوات المسلحة السعودية، وجميع القوات العسكرية ،كالحرس الوطني، وقوات الأمن الداخلي بموجب النظام العسكري في المملكة العربية السعودية ،وتوازي، وتماثل الخدمة المدنية(45).

أهم النتائج:

-أن حبّ الوطن، والدفاع عنه غريزة فطرية، حث عليها الإسلام، وشجع عليها .

–  أن حبّ الوطن، والدفاع عنه بالنفس، والمال، حثت عليه الدساتير الدولية، ومنها النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية

– أن حب الوطن، والدفاع عنه، وتحقيق مبدأ الوطنية، لا يمكن أن يتعارض مع محبة الله، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم.

–  أن الدفاع عن الوطن، من مقتضياته ومن باب أولى المحبة، والولاء، والثبات على ذلك.

– أن خصوصية وطننا – المملكة العربية السعودية – لاحتضانه المشاعر المقدسة آكد، وأكثر مشروعية، في الدفاع من غيرها من الدول .

–  لكي تكون مخططًا استراتيجيًّا عسكريًّا، لابد من الإلمام بمفهوم الحرب، وأسرارها ،والعقائد العسكرية.

§ التوصيات:

–  ضرورة الإسراع بتبيين أحكام الخدمة العسكرية، التي نص عليها النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية.

–    تنشئة النشأ على حب الوطن ،وغرسه فيه، والذود عن أرضه ،وممتلكاته .

–    الدفاع عن الوطن عند الحاجة إلى ذلك قولا وعملا؛ مما يبرز الجانب العملي في حبه، والدفاع عنه.

–  أن حجم الدولة الهائل، ومسؤوليتها الدينية، وغيرها عوامل مهمة لإعداد استراتيجية عسكرية، خصوصا مع وجود نظام مجلس الأمن الوطني السعودي .

–  أن تعقد المؤتمرات المتخصصة لغرض تأصيل حب الوطن، والدفاع عنه، وإرشاد الشباب – المواطن – لما تجابهه أمته، من تحديات، وما ينتظره من عمل، وجهاد .

الهوامش:

([1]) علم الحرب، منير شفيق، ص: 93.

(2) تطور أنظمة الخدمة في القوات المسلحة في المملكة العربية السعودية، لواء يوسف السلوم، ص: 26

(3)  تطور العقائد والاستراتيجيات العسكرية ، لواء عبد الرحمن الشهري، ص: 147-  148.

(4) القوات المسلحة والتنمية، النموذج السعودي، العقيد سعد العتيبي، ص: 78.

(5) مدخل إلى الاستراتيجية العسكرية، الجنرال أدريه، ص: 16.

(6) الاستراتيجية السياسية العسكرية ، مجموعة باحثين، ص: 381.

(7) المرجع السابق، ص:383.

(8) تطور العقائد الاستراتيجية والعسكرية، اللواء. عبد الرحمن الشهري، ص: 136.

(9) التخطيط أسس ومبادئ عامة، د. عثمان محمد غنيم، ص: 93.

(10) التخطيط الاستراتيجي والعولمة، د. نادية العارف، ص: 87.

(11) التخطيط الاستراتيجي ودوره في رفع الكفاءة الاستراتيجية، ناصر فهد الناصر، ماجستير جامعة نايف العربية للعلوم ، 1424هـ/ 2003م، ص: 112.

(12) الإدارة الاستراتيجية الحديثة، عيسى حيرش، دار الهدى، الجزائر، 2012م، ص: 112.

(13) تطور القائد والاستراتيجيات العسكرية، لواء عبد الرحمن الشهري، ص: 168.

(14) المرجع السابق، ص: 168.

(15) المادة السابعة والعشرون من النظام الأساسي للحكم.

(16) المادة الحادية والأربعون من النظام الأساسي للحكم.

(17) البقرة: 21.

(18) الأنعام: 102.

(19) الجن: 18.

(20) المائدة: 67.

(21) من هذه الكتب تراث عظيم خلَّفه شيخ الإسلام ابن تيمية في الردود على الفرق والجماعات المروجة للشبهات، وكذلك اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، لابن قيم الجوزية، وكذلك أسئلة وأجوبة في مسائل الإلحاد والكفر للشيخ صالح الفوزان وغيرها كثير.

(22) النظام السياسي للسعودية، د. عبد الله الطريقي، ص: 100.

(23) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، 6/112.

(24) شرح كتاب السير الكبير، محمد السرخسي 1/75 .

(25) التوبة: 29.

(26) العلاقات الدولية في الفقه الإسلامي، د. عارف خليل أبو عبيد، ص: 117.

(27) الحج: 25.

(28) التوبة: 108.

(29) أخرجه البخاري 1/167، ومسلم 2/1013.

(30) قراءة في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية ، د. محيي الدين إسماعيل، ص: 73.

(31) أضواء على المعالم الإسلامية في النظام الأساسي للحكم بالمملكة العربية السعودية ، د. صالح الزهراني، ص:80

(32) صحيح البخاري، رقم 6011، ومسلم برقم 2586.

(33) الحجرات: 10.

(34) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، 2/373-374 بتصرف.

(35) النظام السياسي للسعودية، أ.د. عبد الله الطريقي، ص: 100- 101

(36) المائدة: 33.

(37) البقرة: 194.

(38) البقرة: 190.

(39) استراتيجية الحرب بين التشريع الإسلامي والاتفاقيات الدولية ، أ. محمد المشاعلي، ص: 94.

(40) فتاوى إسلامية للشيخ عبد العزيز بن باز ، جمع محمد المسند 2/259.

(41) سنن أبي داود 2/275.

(42) البقرة: 243-246.

(43) البقرة: 190.

(44) الأمن الوطني السعودي آفاق استراتيجية رؤية مستقبلية، د. علي الرويلي ، دار بيان – بيروت، ط1 ، 2010م ، ص: 64.

(45) النظام الداخلي للجيش العربي السعودي.

§     المراجع والمصادر:

1-  الإدارة الاستراتيجية الحديثة ، عيسى حيرش، دار الهدى ، الجزائر ، 2012 م .

2-استراتيجية الحرب بين التشريع الإسلامي والاتفاقيات الدولية، أ. محمد برهام المشاعلي، مكتبة القانون والاقتصاد، الطبعة الأولى، 1430هـ /2009م.

3-  الاستراتيجية السياسية العسكرية ، مجموعة باحثين، دمشق ، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، الطبعة الأولى ، 1991م.

4-أضواء على المعالم الإسلامية في النظام الأساسي للحكم بالمملكة العربية السعودية ، د. صالح الزهراني ، 1422هـ ، جامعة الإمام.

5-  الأمن الوطني السعودي آفاق استراتيجية برؤية مستقبلية ، د. علي الرويلي ، دار بيسان ، بيروت، الطبعة الأولى ، 2010 م .

6-  التخطيط أسس ومبادئ عامة، د. عثمان محمد غنيم، دار صفاء للطبع والنشر، الطبعة الأولى، 2008م.

7-  التخطيط الاستراتيجي والعولمة، د. نادية العارف، الدار الجامعية للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى.

8-التخطيط الاستراتيجي ودوره في رفع الكفاءة الإنتاجية، ماجستير، أ. ناصر بن فهد الناصر، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية 1424هـ / 2003م.

9-تطور العقائد الاستراتيجية والاستراتيجيات العسكرية، لواء عبد الرحمن حسن الشهري، مكتبة العبيكان ، الرياض، الطبعة الأولى ، 1424هـ / 2003م،.

10-تطور أنظمة الخدمة في القوات المسلحة في المملكة العربية السعودية، لواء : يوسف السلوم، مطابع القوات المسلحة، الرياض، 1402هـ، الطبعة الثانية.

11-  سنن أبي داود ، سليمان بن الأشعث السجستاني، دار الكتب العلمية – بيروت.

12-  شرح كتاب السير الكبير، محمد السرخسي ، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الأولى، 1417هـ/1997م.

13-العلاقات الدولية في الفقه الإسلامي، د. عارف خليل أبو عيد، دار النفائس للنشر والتوزيع، عمّان، الطبعة الأولى ، 1427هـ / 2007م .

14-  علم الحرب، منير شفيق،بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر الطبعة الثانية، 1988م.

15-  فتاوى إسلامية ، جمع محمد المسند، دار الوطن للنشر، الطبعة الثانية ، 1413هـ .

16-  فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، دار المعرفة – بيروت – 1379هـ .

17-  قانون الحرب، د. محمد سامي عبد الحميد ، دار المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية ، 2007م.

18-  قراءة في النظام الأساسي للحكم بالمملكة العربية السعودية ، د. محيي الدين إسماعيل، الطبعة الأولى.

19-القوات المسلحة والتنمية، دور الجيوش في التنمية الوطنية الشاملة، النموذج السعودي، العقيد سعد بن محمد بن سعد العتيبي، 1413هـ / 1992م.

20-مجموع الفتاوى، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، تحقيق عبد الرحمن بن محمد قاسم، نشر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، 1416هـ .

21-  مدخل إلى الاستراتيجية العسكرية، أندريه بوفر، تعريب أكرم الأيوبي ، بيروت ، دار الطليعة للطباعة والنشر، 1978م.

22-  النظام السياسي السعودي، أ.د عبد الله بن إبراهيم الطريقي ، دار غيناء للنشر، الرياض، الطبعة الأولى 1429هـ .

§     الأنظمة السعودية:

1.   النظام الأساسي للحكم الصادر برقم (أ/9) وتاريخ 27/8/1412هـ .

2.   نظام مجلس الأمن الوطني السعودي الصادر برقم (أ/296) وتاريخ 13/9/1426هـ.

3.   نظام خدمة الضباط الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/43) وتاريخ 28/8/1393هـ .

4.   نظام خدمة الأفراد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/9) وتاريخ 24/3/1397هـ .

5.   النظام الداخلي للجيش العربي السعودي الصادر بالإرادة السنية رقم (95/8/1) وتاريخ 11/1/1366هـ.

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …