الرئيسية / أخبار / مقالات رأي / ما أضيق النفق وما أكبر الفكرة
هروب 6 أسري من سجن جلبوع
هروب 6 أسري من سجن جلبوع

ما أضيق النفق وما أكبر الفكرة

ما أضيق النفق وما أكبر الفكرة

كتب بدر أبو نجم

على طريقة أفلام هوليوود، بدأ ستة أسرى في سجن (جلبوع) تنفيذ فكرتهم الجديدة القديمة، في حفر خندقٍ ضيقٍ من زنزانتهم المعتمة، إلى خارج أسوار السجن، هناك حيث كانت الشمس تنتظرهم، وتبتهج فرحاً حين أشرقوا معها من داخل ذلك النفق الذي أصبح حديث العالم.

تشبث الأسرى الستة ببعض الأدوات البسيطة التي كانت الأمل لهم في إتمام حفر النفق، وعلى مدار شهور عديدة، يعملون ليل نهار، بتلك المعلقة أو الأداة البسيطة التي لن تتجاوز آلة حادة بحجم اصبع اليد، إلى أن انتهوا من إتمام فكرتهم وحفر النفق.

جاءت ساعة الصفر، بأن يخلعوا تلك الملابس البنية، ويركضوا نحو الشمس، والجبال العالية، فلا يهم حينها إن عادوا إلى تلك الزنزانة بعد دقائق من تنسم الحرية في ربوع بيسان الجميلة؛ وربما يعرف هؤلاء الأسرى أنهم سوف يخرجون ويعودون إلى تلك الزنزانة، لكنهم أرادوا أن يلقنوا الاحتلال الإسرائيلي درساً في قوة الإرادة التي يتمتع بها الأسرى داخل السجون، وأن الحرية تنتزع انتزاعا رغم كل المستحيلات التي صنعها البشر في ذلك الصندوق الذي سمي بسجن “جلبوع” وبناه الإيرلنديون بمواصفات فاقت السجون إبان الحروب العالمية الاولى والثانية، وعلى طريقة السجون الأيرلندية التي يعتقل فيها أفراد من الجيش السري الأيرلندي.

كيف لفكرة نمت عند الأسير زكريا الزبيدي أن تأخذ هذا الحجم من الحقيقة الفعلية على أرض الواقع، كيف لا يمكن ذلك، وهو الذي عنون أطروحة الماجستير الخاصة به في جامعة بيرزيت قبل اعتقاله بأيام قليلة بعنوان، “الصياد والتنين.. المطاردة في التجربة الفلسطينية”، وكأنه كان يعلم أنه سيعود يطارد الاحتلال وليس العكس.

كم كانت هذه الأطروحة عميقة في مضمونها، وكأنها خارطة نجاة له بعد انتزاع حريته بتلك الأطروحة التي حملت في طياتها الكثير من المعجزات شاهدها العالم بأم عينيه أول أمس من فوهة الخندق الضيق الذي أضاءه قرص الشمس صباح يوم الاثنين الذي سيدونه التاريخ ويسميه يوم الحرية.

فتحت الهروب من داخل السجن
فتحت الهروب من داخل السجن

ذلك الصباح الذي لم يكن صباحا عادياً، ليس فقط على مستوى أبناء الشعب الفلسطيني، بل على مستوى أحرار العالم، فبدأت كل وسائل التواصل والفضائيات بسرد تلك القصة الخيالية، وأصبحت حديث المخرجين السينمائيين والمنتجين حول العالم؛ وكيف لا وهم أنتجوا أفلاماً كانت بالنسبة لهم محض خيال، ولا يمكن ترجمة تلك الأفكار الخيالية، إلا بتمثيله كمشاهد والاستعانة بالممثلين العالميين البارعين.

فتحة الخروج خارج السجن
فتحة الخروج خارج السجن

في أحد مشاهد المسلسل الفلسطيني “الروح”، قام الأسرى في السجن بحفر نفق لتحرير أنفسهم، تحت أضواء الكاميرات والترتيبات الجاهزة لإخراج المسلسل لعرضه، وتجسيد معاناة الأسرى وتوقهم إلى الحرية، وحجم إرادتهم، التي لا تعرف المستحيل حتى في زنزانة محاطة بالأسوار والجنود وأبراج المراقبة، التي خضعت لإرادة الأسرى الستة في تلك الليلة.

بطاقات الأسري داخل السجن
بطاقات الأسري داخل السجن

حما الله الأسير محمود عبد الله عارضة، ومحمد قاسم عارضه، ويعقوب محمود قادري، وأيهم نايف كممجي، وزكريا زبيدي، ويعقوب انفيعات؛ الذين سطروا بإرادتهم، تاريخاً مشرفاً سيدونه العالم، وستتحدث عنه الأجيال، وسيُكتب في الكتب، وسيعنون في مناهج الجامعات والروايات.

 

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …