تقديم:
يُعد علم العلاقات الدولية من العلوم الحديثة نسبيًا، دخل في التطور السريع كعلم مستقل منذ ما يزيد عن نصف قرن، وعلى الرغم من أن هذه المدة لا تكفي لتكوين إطار نظري، ومفاهيم أكثر رسوخًا وثباتًا، إلا أنه قد شهد تطورًا وديناميكية كبيرة كحقل معرفي، وإن كان لا يوجد اتفاق وتحديد لمفاهيمه، انعكس ذلك بالضرورة على تطور الحقل النظري له، أو مجال “نظريات العلاقات الدولية”، ويحاول الكتاب الذى ترجمه الدكتور محمد صفار- لنخبة من علماء العلاقات الدولية والنظريات على مستوى العالم، الإلمام بأهم الإسهامات التي قدمت في مجال نظريات العلاقات الدولية.
من الجدير بالإشارة في هذا التقديم بالصعوبات التي واجهتنا أثناء مهمتي، والتي تمثلت في صعوبة لغة الترجمة وكثرة المصطلحات المستخدمة وارتباط مادتها بالعلوم المختلفة، وأخيرًا نشير أنه تم الاعتماد على الرسالة المعنونة بـ”اتجاهات تطور العلم بين النماذج العلمية والنقاشات الكبرى” لمحمد طاهر عديلة.
وقد راعينا دقة العرض ووضوحه ليسهل على من يقرأ الوصول إلى الأفكار مباشرة دون عناء أو لغط.
المقدمة:
العلم كحقل أكاديمي مستقل:
لا يوجد اتفاق على تاريخ نشأة العلوم السياسية باعتبارها حقلًا مستقلًا، فقد تم إلقاء مجموعة من الحاضرات عام 1900 تحت مسمى السياسة الدولية، غير أنه يمكن القول إن العلم أصبح له ذاتية بعد الحرب العالمية الأولى، وأهتم آن ذاك بالوسائل التي إن اتبعت لحالت دون وقوقع الحرب مرة أخرى.
وثمة اثنين من أهم النصوص التأسيسية ظهرا عقب الحرب العالمية الثانية لكار، ومرجانثو، ليتحدثا في أمور أكثر نظرية وعلمية عن تلك التي كانت سائدة فترة الحرب العالمية الأولى، ومعها ظهرت النظرية الواقعية في دراسة العلاقات الدولية.
اتجاهات تطور العلم بين النماذج العلمية والنقاشات الكبرى:
ساد اتجاهين حول التطور النظري للحقل المعرفي للعلاقات الدولية فمنهم من تبنى فكرة النماذج المعرفية التي تهيمن على العلم لفترة من الفترات، فمثلا:
- عقب الحرب العالمية الأولى ظهرت النزعة المثالية.
- ثم النزعة الواقعية (النزعة الدولاتية) – بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة.
- الليبرالية (الفاعل من غير الدولي).
- السلوكية دراسة السلوك السياسي (في الخمسينيات).
- ما بعد السلوكية – إزالة الجدار الفاصل بين العلم والقيم.
- ثم المرحلة الأخيرة – لتطور العلم حسب فكرة الثورات العليمة- التعددية المنهجية- “ببروسترايكا علم السياسية”.
في مواجهة النقاشات الكبرى وهي:
- المثالية الواقعية (حول طبيعة السلوك الإنساني).
- التقليدية السلوكية (حول حقيقة المعرفة، التاريخ في مواجهة العلم).
- النقاش بين المنظورات (الليبرالية – الماركسية – الواقعية).
- الوضعية وما بعد الوضعية.
- العقلانية التأملية.
هل النظرية منشئة أم مفسرة؟
- ثار التساؤل حول ما إذا كان هذه النظرية هو تفسير ما هو كائن، أم أنها تشكل جزء من هذا الواقع؟
مشكلات علم العلاقات الدولية:
ثمة تنازع مستمر في هذا العلم حول موضوعه، وكيفية دراسة ظواهره، ومدي ارتباطه بالقيم (الموضوعية)، وعن تسيس العلم.
منشأ العلم أمريكي (لماذا)؟
“بلدًا مهيمنًا على العالم يتتبع حقلًا ميمنًا عليه”…
اهتمامات حقل العلاقات الدولية:
- الفاعلون
- العلاقات السائدة
- القضايا المعاصرة
- القضايا الاخلاقية.
لماذا نحتاج إلى نظرية في العلاقات الدولية؟ إذا كان العلم مبنى على حقائق الواقع الدولي؟
- لابد من وجود تصور مسبق عن الحقائق، فالحقائق لا تفسر نفسها.
- الحقائق قابلة للتأويلات المختلفة.
- الحقائق وحدها غير مقنعه.
- تشبه النظريات على أنها العدسات التي ندرك العالم من خلالها، فحسب لونها يظهر العالم(صفراء-سوداء)
مستويات التحليل:
- الطبيعة البشرية
- بيئة النظم الداخلية (مستوى الدولة)
- طبيعة النظام الدولي.
تقييم مقدم للنظريات:
ليس هناك نظرية تحتكر بمفردها الحقيقة، أو تستطيع تفسير كل الحقائق والاحداث الدولية بمفردها.
الواقعية:
لا يمكن عزل النظرية عن الهدف التي تسعى لتحقيقه،
فالواقعية تسعى إلى الحفاظ على بقاء الدولة وأمنها، “من منظور المصلحة هي القوة”. وترتكز إلى مجموعة من المفاهيم أو الافتراضات:
- الدول هي الفاعل الرئيس.
- فوضوية المجتمع الدولي.
- الطبيعة البشرية الأنانية.
- التوازن
- القوة باعتبارها السيطرة على النتائج أي القدرة على فعل أي شيء أو التأثير عليه.
- تأثير القطبية:
من حيث تناسب عدد الأقطاب “القوى الكبرى” مع استقرار النظام أو النسق الدولي، وتعددت الحديث عن أي الأنساق أكثر استقرارًا.
- النظام والبنية:
ضرورة التفريق بين وحدة التحليل ومستوى التحليل، مثلًا، الدولة هي وحدة التحليل النمطية في النظريات الواقعية، ويمكن تحليل سلوك الدولية (مستوى التحليل) على مستوى الدولة نفسها –التاريخ- الأيديولوجيا، أو على مستوى النظام (الفوضى- الاتزان) أو على مستوى الفرد (شخصية الزعيم).
النظام يختلف عن مفهوم البنية، فالأخيرة لا تعدو عن كونها جزء من الأول وتتكون من:
- الوحدات المتفاعلة.
- البنية التي تتفاعل بداخلها.
- التفاعلات.
- أخلاق ومبادئ في الواقعية:
يرو الواقعيون أن الدول لا تتبع غايات أخلاقية، وإنما تتحدد المبادئ وفق المصالح والواقع من ورائها، ومن منطلق تكاليف الالتزام والانتهاك.
- نقد الواقعية:
- عدم التعريف الواضح لمفاهيم المدرسة، مثل القوة والمصلحة والتوازن وغيرهما.
- لم يقدم تفسيرات عميقة لكثير من القضايا الدولية (لماذا تغيير العالم للأحادية).
- استخدام مفاهيم قديمة لتفسير واقع جديد متغير (توازن القوى – الدبلوماسية السرية).
الليبرالية:
والليبرالية هي نظرية تدافع عن الحرية وحتمية التقدم الإنساني، وهي اقتراب للحكم يؤكد على الحقوق الفردية، ونموذج للتنظيم الاقتصادي يسعي لرفاهية الفرد. وتقوم على مجموعة من النظريات في الاعتماد المتبادل والمؤسسية الليبرالية.
- تقوم على مجموعة من النظريات في الاعتماد المتبادل والمؤسسية الليبرالية.
- يخالف النظرية الواقعية في أن الحرب مصطنعة وليست متجذرة في الطبيعة الإنسانية.
- زيادة الاعتماد الدولي المتبادل، وإزالة القيود على التجارة تقلل من أعمال العنف، وتحد من الحروب، بسبب “المصالح المشتركة”.
- الدول الديمقراطية لا تحارب بعضها البعض.
- العلاقات الدولية ليست مباره صفرية “منافع متبادلة”.
- حقوق الإنسان كمطلب عالمي.
- الانتقادات:
- تجاهلت كثيرًا عن طبيعة العلاقات الدولية وموضوع القوة والمصلحة فيها.
- خطأ بعض الافتراضات في أن الدول الكبرى “الرأسمالية” هي سبب الحروب.
- أدت النظرية في التطبيق داخل الدول إلى كثير من المشكلات في السيادة، والتنمية الاقتصادية والعدالة.
المدرسة الانجليزية:
مصطلح تم صكه في ستينات وسبعينات القرن 20، على يد مجموعة من المفكرين البريطانيين والمتأثرين بهم مثل هيدلي بول، ومارتن ويث. وتتخذ المدرسة من مفاهيم “المجتمع الدولي – والنظام –والعدالة” مفاهيم أساسية لها.
- المجتمع الدولي التعددي (هو ذلك المجتمع متعدد الأعراف والتقاليد والأديان) والمجتمع الدول التضامني (هو ذلك المجتمع الذي تقبل كل وحدة فيه الأخرى وتتكامل معها).
- النظام الدولي والمجتمع الدولي: النظام الدولي يقتضي قدر من التفاعل والتأثير والتأثر، أما المجتمع فيقتضى روابط مشتركة وقيم تلزم الدول نفسها بها.
- النظام والعدالة: غالبًا ما تتعارض أهداف النظام مع العدالة، فالعدالة تقتضي إمكانية امتلاك الدول للسلاح النووي، لأغراض النظام فيستلزم حصر امتلاك النووي على قوى بعينها دون الأخرى.
- وتنطلق في سيبلها إلى ذلك اعتمادًا على مجموعة من الفروض:
- أن الدول هي التي صنعت الفوضوية الدولية وليست معطى.
- تقلل الدبلوماسية والمؤسساتية والقانون والأخلاق من حالة الفوضى.
- أن الدول تحترم بعضها البعض.
- السيادة ليست واقعًا غير متغير ولكن يتبدل معناها مع تبدل الأفكار.
- التمرد على الغرب “العدالة والأمن”:
شجعت مركزية الحضارة الغربية أطراف كثرية على التمرد على الغرب لا سيما العرب، وتمثل هذا التمرد في:
- صراع من أجل المساواة.
- تمرد على قوانينه.
- تمرد سياسي على سيطرته.
- تمرد اقتصادي.
- تمرد ثقافي.
كل هذه الأشياء تقف عائقاً أمام تحقيق المجتمع التضامني، وستؤدى لمزيد من الصراع وعدم الانسجام، لا سميا أن هذه الدول قد منحت “سيادة سلبية” من حيث حقها في عدم تدخل الآخرين في شؤنها، ولكنها افتقرت إلى “السيادة الإيجابية” من حيث القدرة على الوفاء بالاحتياجات الأساسية لسكانها.
تظل الإنجليزية هي الاتجاه الوسط بين عقم الواقعية وسذاجة المثالية على حد قول كار، وهى تحظى بحظ كبير في تحليل العلاقات الدولية لمحاولات فهم الرمال متحركة في السياسة الدولية.
الماركسية:
ظهر في منتصف الأربعينيات من القرن الـ19، تدور النظرية حول اعتقادها بالصرع الدائر بين انقسام المجتمعات إلى طبقتين (البرجوازية، والبروليتارية)، تنطلق من عدة افتراضات:
- السياسة الدولية تدور حول التنافس والصراع بين المجتمعات المستقلة.
- صعود أنظمة الحكم الاشتراكية سيكفي لإلغاء الصرع بين الدول.
- أهمية المادية التاريخية بالنسبة للعلاقات الدولية “الصراع على ملكية عوامل الإنتاج”. أو بصورة أخر فإن التاريخ الإنساني هو صرع مضن لإشباع الاحتياجات المادية.
- الخوف والشك هو الأساس في المجتمعات الأخرى.
- القوى التي أرادت توحيد البشرية “الرأسمالية” هي التي أعاقت نمو التضامن العالمي.
- القوة الاقتصادية هي الشكل السائد للقوة في المجتمع.
آمن ماركس بأن البشر يصنعون تاريخهم تحت ظروف لسيت من اختيارها.
وأشارت الماركسية أيضًا إلى أن التفسيرات المقدمة للعالم الاجتماعي نادرًا ما تكون موضوعية -حتى دون قصد. ويوجه إلى الماركسية جملة من الانتقادات منها:
- التركيز على المادية، رغم كان الأفكار والعاطفة دور في العلاقات الدولية.
- افتراضها أن العلاقات الدولية ليست سوى تقسيم معين للعمل، تعد نظرية اختزالية جدًا لواقع العلاقات الدولية المتشابك.
- لم يدرك الاقتراب الماركسي أهمية الدولة والعنف في العالم الحديث إلا بدرجة محدودة.
- النظر إلى الدولة باعتبارها أداة للطبقة الحاكمة، وهذا ما يتنافى مع صور الاستعمار المختلفة وتأثير الضغوط الخارجية والداخلية.
السيسيولوجيا التاريخية:
يعتبر ماركس من رواد التحليل السوسيولوجي التاريخي، أي “التقليد البحثي المكرس لفهم طبيعة وأثر البنى الضخمة والعمليات الأساسية للتغيير”.
- تركز على “المدة الطويلة” والتي تكون بطيئة الحركة يصعب الإحساس بها.
- التأكيد على فكرة تأثير الأفكار الدينية على عمليات التغيير الاجتماعي والسياسي.
- تأثير الجيوبوليتيكي والحرب على ذلك التطور.
- تأثير “lEMP” العلاقات بين القوة الايديولوجية والاقتصادية والعسكرية والسياسية على تطور الدول.
- التفاعل المركزي بين بنية الدولة والحرب.
- انتفاد التمركز حول الدولة.
- تقوم المجتمعات الدولية على أساس القيم والمصالح والمؤسسات المشتركة.
- اهتموا بتأثير المشاعر الأساسية كالخوف والكذب والشفقة والقسوة على سلوك الدولة داخل المجتمع الدولي.
النظرية النقدية:
تقوم النظرية باستخدام منهج النقد الذاتي، فهي محاولة لإنقاذ القابلية النقدية، وتهدف النظرية إلى كشف الأشكال الواضحة والخفية لعدم العدالة والسيطرة في المجتمع.
- تأخذ النقدية من المجتمع ذاته موضوع التحليل.
- تشير بضرورة تقييم العمليات الإدراكية نقديًا.
- المعرفة تتشكل دائمًا لتعكس المصالح.
- وتهتم النظرية أيضًا بتفسير كيفية ظهور الفواعل الفردية، والبنى الاجتماعية في التاريخ وتكييفهم لهما.
وتنطلق النظرية من فروض:
- لا يمكن فصل الذات عن الموضوع “إشكالية الموضوعية في العلوم الاجتماعية”.
- أن نظرية العلاقات الدولية ليست فقط عن السياسية ولكنها ذاتها سياسية أيضًا.
- نظريات العلاقات الدولية معرفة تتحكم فيها بالضرورة المؤثرات الاجتماعية والثقافية والايديولوجية.
- دراسة العلاقات الدولية هي قيمية وبشكل لا يمكن تفاديه.
- النظام الدولي القائم ليس معطى أو غير قابل للتغير.
- الفهم الشامل للنظام الدولي القائم، ينبغي أن يأخذ في الحسبان التفاعل بين القوى الاجتماعية والدول والنظم العالمية.
- رأوا من زاوية بأن التهديد الأكبر للنظام العالمي قد لا يأتي من جانب الإرهابيين الذى ارتكبوا جرمًا لا يُغتفر، وإنما من قبل رد الفعل الأمريكي.
ما بعد البنيوية:
تنطلق النظرية من مجموعة من الفروض:
- القوة والمعرفة تدعمان بعضهما بعضا.
- الذات العارفة بسياق سياسي وتاريخي “فالمعرفة ليست أبدا مطلقة”.
- الجينالوجيا:
نمط من الفكر التاريخي يكشف ويسجل أهمية علاقات القوة والمعرفة والتي تضع حدودا واضحة أمام خياراتنا السياسية والاجتماعية، تهتم بكتابة رؤى تاريخية مضادة تكشف عمليات الاستبعاد والتغطية.
كما تنكر إمكانية التعرف على جذور ومعاني التاريخ، وهي بذلك تذكرة بالصراع المتعلق بجوهر التكوين التاريخي للهويات والوحدات وحقول المعرفة، ومن هذا المنظور يفهم كل التاريخ بما في ذلك صراع النظام باعتباره الصدام السياسي الذي لا نهاية له بين الإرادات المتعددة.
- التفاعل النصي:
اعتقد البعض أن النص لا يقتصر معناه على الأدب ومجال الأفكار بل إن العالم أيضا نص.
- استراتيجيات التفاعل النصي:
- التفكيك: الهدف منها إظهار الآثار والتكاليف الناتجة عن المفاهيم المتقابلات المستقرة، ويهتم ببناء ونقض أية كلية.
- القراءة المزدوجة: هي ذات وجهان مخلصة وعنيفة في ذات الوقت. أما الأولي فهي شرح وتكرار للتأويل السائد، وتهتم الثانية بتسليط الضغوط على نقاط عدم الاستقرار داخل النص.
- التفكيك لا يتعلق بصدق الرواية فحسب، وإنما تعرية الكيفية التي تعتمد عليها.
الاتجاه البنائي:
تركز البنائية على دور الفواعل السياسية (الدول) والأبنية، ودور الهوية في تشكيل العمل السياسي.
وحفز على ظهور البنائيون مجموعه العوامل منها ما هو راجع إلى طبيعة النظريات السائدة في الحقل، وإخفاقها في تفسير وتحليل عدد من الظواهر الدولية، وتطور قضايا المجتمع الدولي. فهم يؤكدون على تأثير الأبنية غير المادية على الهويات والمصالح.
وانطلق البنائيون من:
- النظم والأفكار والمعتقدات تؤثر تأثيرًا قويًا على العمل الاجتماعي والسياسي.
- الهويات تلهم وتشكل المصالح. وبالتالي فهم كيفية بلورة الفاعلين لمصالحهم له أهمية في تفسير نطاق واسع من الظواهر السياسية الدولية.
- الفواعل والأبنية تسهمان في تأسس بعضها بعضًا بصورة تبادلية.
- مستويات التحليل عند البنائين:
- المستوى النظامي. (هوية الدولة – وطبيعة المجتمع الدولي)
- مستوى الوحدة (تركز على العلاقة بين المعايير الاجتماعية والقانونية وهويات ومصالح الدولة)، فمثلًا يمكنها تفسير لماذا تتبع دولتين لها نفس الخبرة التاريخية المشتركة هما (ألماني واليابان)؟
- المستوى الكلى (تجسد الفجوة بين الدولي والداخلي).
وعليه أمكن القول إن البنائية ليست نظرية، وإنما مجرد إطار تحليلي. ومن أبرز الانجازات التي يمكن عزوها للبنائية أنها ساعدت على إعادة نشاط التنظير القيمي في العلاقات الدولية. ولأن البنائية ترفض التعميم، وتوشى بخصوصية كل حالة، صارت أداة من بين العديد من الأدوات ضمن عدة الباحث. وأصبح يرتبط دراسة الثقافة والعلاقات الدولية بصورة وثيقة بالبنائية.
النسوية:
ازدهرت في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، وقامت النظرية على مصطلح “النوع”، باعتباره فئة إمبريقية وأداة تحليلية لفهم العلاقات الدولية. أو بمعنى آخر (استخدام النوع باعتباره متغير لتفسير بعض الأبعاد في سلوك الدول والصراع الدولي). وبالتالي فإن الاقتراب النسوي يركز على هوامش السياسية العالمية. ومن جهتهم فإن “حياة النساء على هوامش السياسة العالمية تتيح لنا فهمًا أكثر نقدية وشمولًا للعلاقات الدولية، فهن أقل تحيزًا للمؤسسات ونخبة السلطة القائمة”.
وتنطلق في سيبلها إلى ذلك من عدة منطلقات:
- النوع هو فئة تحليلية مركزية في دراسات السياسية الخارجية والأمن القومي والاقتصاد العالمي.
- ما هو شخصي هو سياسي. “وأبرزت دور العلاقات غير الرسمية”.
- العلاقات النوعية جزء لا يتجزأ من العلاقات الدولية ” فزوجات الدبلوماسيين يجعلن عمليات القوة بين الدول أكثر نعومة”.
- أن قضايا دولية عديدة، منها قضايا حقوق الإنسان تعتمد على النسوية، فمأزق الأطفال يعتمد إلى حد كبير على الوضع النسبي لأمهاتهم.
- إن القيادات النسائية ستعارض بشكل كبير في الأغلب مع استخدام القوة، على عكس الرجال الذين يغلب عليهم طابع التسلح والعنف.
- المفاهيم الرئيسية في علم العلاقات الدولية ليست طبيعية أو محايدة إزاء النوع.
- رفض الفصل النظري بين السياسية الداخلية والدولية.
وأشاروا إلى تأثير العولمة على جانبين:
- زيادة عدم المساواة.
- تقسيم دولي ذو طابع نوعي.
وعليه يمكن أن تكون النساء من مجموعة الفاعلين من غير الدول في السياسة العالمية. ولعل من أهم الانتقادات التي توجه لهذه المدرسة هي “عدم إمكانية تطبيق مفهوم عام عن النوع عالميًا”. ومن ثم تنبهنا النسوية أن “مواقع القوة والتحول العالميين ليسا فقط مجال النخب السياسية والاقتصادية، وإنما قد توجد مثل هذه المواقع في الأركان والشقوق الخفية والمتجاهلة في المجتمعات.
النظرية الخضراء (الفكرة العامة):
شهدت الآونة الأخيرة انتشار مخاطر بيئية واجهت المجتمع الدولي برمته، وأصبحت موضع للنقاش، وأساسية في الأجندة الدولية، وأصبح الطابع السياسي للازمة الأيكولوجية حاضر على الساحة الدولية.
ويشير مصطلح الخضر إلى أنصار البيئة الطبيعة والاجتماعية. حيث برزت على الساحة مفاهيم مثل الأمن البيئي، وتشارك الجميع في الأضرار البيئة. فغاية النظرية الخضراء هي “تقديم تفسير للأزمة الأيكولوجية التي تواجهها الإنسانية باعتبارها أهم قضية على المجتمعات البشرية والتعامل معها.
أطروحات الخضر:
- قدمت أطروحات بشأن السلام والحرب (باعتبار أن المشكلات البيئية تنتج عن العسكرة، والاستغلال السيء للموارد الطبيعة والبيئة).
- بشأن التنمية (بطابعها البيئي والتسلطي).
- بشأن الحكم العالمي وتأثير القضايا البيئة عليه.
أخيرًا فإن أهم ما يميز سياسة الخضر هو التركيز على العلاقات الإنسانية بالطبيعة، وتبنى أخلاق متمركزة حول الأيكولوجي، والتركيز على حدود النمو، والإشارة بالجانب التدميري للتنمية، والتركيز على لامركزية السلطة.
النظرية السياسية الدولية:
تحاول النظرية السياسية الدولية الوصول إلى فروض أقرب ما تكون إلى نظرية دولية تهدف بالأساس لفهم الأسس التي بناءً عليها تتم الخيارات ويدافع عنها ويحكم عليها.
وأكدت أن التنظير متميز عن الحكم والفعل. وتنطلق من عدم وجود خط فاصل بين الأخلاقي والسياسي. وأن الفرق بين النظرية السياسية الدولية، ونظريات العلاقات الدولية، أن النظرية السياسية الدولية: هي اقتراب يهتم بالمعياريات أي الدراسة المتحررة من الالتزام بالمعايير، بينما نظرية العلاقات: هي نظرية إمبريقية تلتزم باستخدام معايير للحكم على السلوك وإرشاده. ولأن الإمبريقية نفسها تمثل إشكالية وعليها انتقادات كثيرة جعلت التفرقة بين الاثنين آخذة في الذوبان.
ومن أهم مجال اهتمام النظرية السياسية الدولية: الأسئلة الأخلاقية، والمسائل السياسية العولمية، وتاريخ الفكر الدولي، والمؤسسية والتاريخ.
رابط تحميل الكتاب : نظرية العلاقات الدولية