الرئيسية / النظم السياسية / التحول الديمقراطي / الإنتخابات التشريعية في ظل التعددية السياسية في مصـر
الإنتخابات التشريعية في ظل التعددية السياسية في مصـر
الإنتخابات التشريعية في ظل التعددية السياسية في مصـر

الإنتخابات التشريعية في ظل التعددية السياسية في مصـر

الإنتخابات التشريعية في ظل التعددية السياسية في مصـر

“آلية لتعزيز التحول الديمقراطي أم لتكريس الوضع القائم”

أ.محمد الصالح بوعافـية

أ.نـــور الدين حشود

جامعة قاصدي مرباح ورقلة.(الجزائر)

الملخص :

يقصد بالانتخاب هو قيام المواطنين(الناخبين) باختيار البعض منهم ، شريطة أن يكونوا ذوي كفاءات عاليـة أو على الأقل كافية لتسيير أجهزة سياسية و إدارية محضة ،و ذلك من خلال عملية التصويت كأداة .

و تعتبر الانتخابات سواء كانت رئاسية أو تشريعية أو محلية أداة للمشاركة السياسية الدورية و أداة للتعبير عن الإرادة الشعبية ، ووسيلة يمارس من خلالها الشعب سيادته في اختيار ممثليه في ظل الأنظمة الديمقراطية فالانتخابات أداة أساسية من أدوات تجسيد الديمقراطية النيابية غير المباشرة ، إذ من خلالها يختار الشعب حكامه و ممثليه في المجالس النيابية ، و من خلالها أيظاً يستشار في القضايا الجوهرية ، كما أنها آلية مؤسسية لتداول السلطة بشكل سلمي و تجديد النخبة السياسية ، و من سمات أو خصائص العملية الانتخابية التعددية وجود خيارات متعددة مطروحة أمام الناخب و أنها عملية دورية أي يتكرر حدوثها بصفة دورية.

و رغم أن مصر تعد من الدول العربية التي عاشت و ما تزال في ظل التعددية السياسية و النقابية و تواجد جمعيات و منظمات عديدة تعمل في مختلف المجالات إلا أنها لم تشهد أية انتخابات رئاسية تعددية قبل سنة 2005 إذ كانت طريقة اختيار الرئيس تتم وفق إجراءات تنتهي عادة بتقديم مرشح واحد للرئاسة في استفتاء شعبي عام ، و نظراً لتدني دور و أهمية انتخابات مجلس الشورى و الانتخابات المحلية لا سيما في ظل مقاطعتها في أغلب الأحيان من طرف الأحزاب السياسية و القوى المعارضة ، فإننا سنحاول من خلال هذه الورقة البحثية رصد و تحليل الانتخابات التشريعية التي شهدتها مصر في ظل التعددية السياسية .

و التساؤل حول هل يمكن اعتبارها فعلاً أداة للتعبير عن الإرادة الشعبية و تعزيز التحول الديمقراطي أم هي مجرد آلية لتكريس و تجسيد الوضع القائم؟

مقـدمة

يقصد بالانتخاب هو قيام المواطنين(الناخبين) باختيار البعض منهم ، شريطة أن يكونوا ذوي كفاءات عاليـة أو على الأقل كافية لتسيير أجهزة سياسية و إدارية محضة ،و ذلك من خلال عملية التصويت كأداة .

و تعتبر الانتخابات سواء كانت رئاسية أو تشريعية أو محلية أداة للمشاركة السياسية الدورية و أداة للتعبير عن الإرادة الشعبية ، ووسيلة يمارس من خلالها الشعب سيادته في اختيار ممثليه في ظل الأنظمة الديمقراطية فالانتخابات أداة أساسية من أدوات تجسيد الديمقراطية النيابية غير المباشرة ، إذ من خلالها يختار الشعب حكامه و ممثليه في المجالس النيابية ، و من خلالها أيظاً يستشار في القضايا الجوهرية ، كما أنها آلية مؤسسية لتداول السلطة بشكل سلمي و تجديد النخبة السياسية ، و من سمات أو خصائص العملية الانتخابية التعددية وجود خيارات متعددة مطروحة أمام الناخب و أنها عملية دورية أي يتكرر حدوثها بصفة دورية.

و رغم أن مصر تعد من الدول العربية التي عاشت و ما تزال في ظل التعددية السياسية و النقابية و ذلك منذ منتصف سبعينيات القرن العشرين الــ20 ، و رغم تواجد جمعيات و منظمات عديدة تعمل في مختلف المجالات ، إلا أنها لم تشهد أية انتخابات رئاسية تعددية قبل سنة 2005 إذ كانت طريقة اختيار الرئيس تتم وفق إجراءات تنتهي عادة بتقديم مرشح واحد للرئاسة في استفتاء شعبي عام ،و نظراً لتدني دور و أهمية انتخابات مجلس الشورى و الانتخابات المحلية لا سيما في ظل مقاطعتها في أغلب الأحيان من طرف الأحزاب السياسية و القوى المعارضة ، فإننا سنحاول من خلال مداخلتنا هذه رصد و تحليل الانتخابات التشريعية التي شهدتها مصر في ظل التعددية السياسية ، و التساؤل حول هل يمكن اعتبارها فعلاً أداة للتعبير عن الإرادة الشعبيـة و تعزيز التحول الديمقراطي أم هي مجرد آلية لتكريس و تجسيد الوضع القائم؟

ولأجل ذلك سوف نحاول الإجابة على هذا التساؤل و معالجة الموضوع من خلال ثلاث محاور أساسية هي:

1- تجربة التحول السياسي في مصر و الانتخابات التشريعية خلال فترة الثمانينيات.

* مميزات الانتخابات التشريعية خلال هذه المرحلة.

* دلالات الانتخابات التشريعية.

2- الانتخابات التشريعية و التجربة الديمقراطية خلال مرحلة التسعينيات.

* الانتخابات التشريعية خلال عامي 1990/1995.

* الانتخابات التشريعية لسنة 2000.

3- القضايا المثارة خلال الانتخابات التشريعية.

* إشكالية التمثيل البرلماني للمرأة.

* إشكالية تمثيل الأقباط.

* إشكالية التنازع بين محكمة النقض ومجلس الشعب بشأن الفصل في صحة العضوية.

المحور الأول: تجربة التحول السياسي في مصر و الانتخابات التشريعية خلال فترة الثمانينيات.

· مميزات الانتخابات التشريعية خلال هذه المرحلة.

تشير جل الدراسات التي تناولت موضوع الانتخابات البرلمانية في مصر خلال مرحلة الثمانينيات إلى وجود جملة من المؤشرات و الظواهر التي طبعتها و جعلتها سمات لصيقة بها ،لعل أهمها هو عدم الاستقرار على صيغة معينة و محددة للنظام الانتخابي، بحيث اتسم هذا الأخير خلال هذه المرحلة أي الثمانينيات بحالـــة من عدم الاستقرار ، فانتخابات 1984 مثلاً أجريت بناءاً على القانون رقم84/114 المعدل للقانون رقم 82/38 المتعلق بانتخابات مجلس الشعب، و الذي أخذ بنظام القائمة الحزبية مع التمثيل النسبي المقيد1 ، أي أن الترشح للانتخابات يكون حكراً على القوائم الحزبية فقط ، على أن لا تتضمن القائمة أكثر من مرشحي حزب واحد فقط ،ما يعني حرمان القوائم الحرة أي الغير منضوية تحت إطار حزب سياسي و القوائم التي تضم مرشحي حزبين أو أكثر من الترشح للانتخابات.كما اشترط هذا القانون كذلك ضرورة أن تتضمن كل قائمة عدداًمن المترشحين مساوياً للعدد المطلوب انتخابه في الدائرة و عدداً من الاحتياطيين مساوياً له، كما نص أيظاً على أن الحزب الذي لا يحصل على 8 %من إجمالي أصوات الناخبين على مستوى الجمهورية لا يمكنه أن يكون ممثلاً في المجلس حتى و لو حقق فوزاً في بعض الدوائر ،و تؤول الأصوات التي حصل عليها إلى الحزب الذي حصل على أكثر الأصوات، بينما الحزب الذي يتجاوز نسبة الـ 8 % فيحصل على عدد من المقاعد بنسبة عدد الأصوات التي تحصل عليها قوائمه في الدوائر التي تقدم فيها .

كما خصص هذا القانون أيظا 31 مقعداً للعنصر النسوي على أن يتم شغلها من قوائم الحزب الحاصل على أغلب الأصوات في الدائرة الانتخابية.و قد تعرض هذا القانون إلى الطعن في دستوريته أمام المحكمة الدستورية العليا ، وفي العام 1986صدر تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا مؤكداً على وجود عيوب دستورية تشوب بعض مواد القانون ، حيث يحرم المستقلين من الترشح للانتخابات بحق يكفله و يضمنه لهم الدستور ، كما أن تخصيص هذا الأخير لـــ31 مقعداً للمرأة يشكل في حد ذاته انتهاكاً لمبدأ تكافؤ الفرص و المساواة بين المواطنين و اللذين أقرهما الدستور صراحةً .و بناءاً على كل ذلك حكمت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 16 ماي 1987 بعدم دستورية القانون2 ، و عليه فقد تحرك النظام لاستباق حكم المحكمة من خلال تعديل القانون ، حيث استخدم الرئيس المصري حسني مبارك حقه الدستوري في استدعاء الناخبين إلى استفتاء شعبي حول حل مجلس الشعب و إجراء انتخابات جديدة .وبناءاً على ذلك صدر القانون رقم 86/188 المعدل للقانون رقم84/ 114 ، و هو القانون الذي أجريت على أساسه انتخابات 1987.

و لعل أبرز التعديلات التي تضمنها القانون الانتخابي الجديد يمكن ذكر ما يلي:

– إلغاء المقاعد المخصصة للمرأة و الجمع بين نظامي الانتخاب بالقائمة الحزبية و الانتخاب الفردي و ذلك بتخصيص 84 مقعداً يتم شغلها عن طريق الانتخاب الفردي على مستوى الجمهورية و ذلك بواقع مقعد في كل دائرة انتخابية.

– إلغاء ما كان يتضمنه القانون القديم من إجبار الأحزاب السياسية بإعداد قوائم لمرشحين احتياطيين يكون عددهم مساوياً للمرشحين على القوائم الأصلية و يكون نصفهم على الأقل من العمال و الفلاحين ، و ذلك ليحل مرشحو القوائم الاحتياطية محل من تبقى أماكنهم شاغرة من المرشحين الأصليين .

على الرغم من كون انتخابات 1987 قد تم إجراؤها استناداً إلى هذا القانون إلا أن البرلمـان (مجلس الشعب) لم يكمل مدته القانونية ،إذ تعرض القانون للطعن في دستوريته، و صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في ماي 1990 ببطلان قانــون الانتخابات بالقائمة ، أو بالجمع بين نظام القائمة و الانتخاب الفردي لتعارض ذلك مع ما نص عليه الدستور بشأن الأخذ بنظام الانتخاب الفردي ، و بذلك أصبح مجلس الشعب لسنـة 1987 غير دستوري ، و لذلك صدر القانون رقم 90/201 ليعدل بعض أحكام القانون رقم82/ 38 و تعديلاته بخصوص مجلس الشعب ، حيث أخذ القانون الجديد بالنظام الفردي ، على أن ينتخب عن كل دائرة انتخابية عضوان . ثم صدر القانون رقم 90/206 بخصوص تحديد الدوائر الانتخابية لمجلس الشعب ، و الذي قسم الجمهورية المصرية إلى 222 دائرة انتخابية ، و حدد نطاق كل دائرة و حدودها ، و على هذا الأساس أجريت انتخابات 1990 بعد حل برلمان 1987 قبل أن يستكمل مدته الدستورية3 .

من هنا يمكننا القول أن عدم استقرار النظام الانتخابي و كثرة التعديلات في القوانين الانتخابية خلال الثمانينيات ، يعكس عدة دلالات بارزة أهمها سعي السلطة الحاكمة إلى تفصيل القانون الانتخابي بما يقلـص من فرص أحزاب المعارضة ،و يعزز أيظاً من سيطرة الحزب الوطني الذي يترأسه الرئيس حسني مبارك على البرلمان، خاصة و أن التعديلات في قانون الانتخابات قد تمت بعيداً عن التشاور مع أحزاب المعارضة أو استطلاع آرائها بهذا الخصوص ،كما أن كثرة التعديلات في قانون الانتخابات يشير إلى تدني مستوى السياسة التشريعية بصفة عامة ، و سيادة ما سماه البعض “سباكة القوانين أو قوانين على المقاس” على نحو يجعلها تولد ميتة.

· دلالات الانتخابات التشريعية خلال مرحلة الثمانينيات.

لعل أكبر دلالة و نتيجة يمكن الخروج بها منالانتخابات التشريعية بمصر خلال مرحلة الثمانينيات هي تدني مستوى المشاركة الشعبية التي تعد من بين أبرز سمات الانتخابات التي شهدها هذا البلد في ظل التعددية السياسية المقيدة ،حيث أنه لم يحدث أن تجاوزت نسبة المشاركة في أي انتخابات عامة سقف الــ50%من إجمالي المسجلين في القوائم الانتخابية .ففي الانتخابات التشريعية لسنة 1984 بلغت نسبة المشاركة في الاقتراع حوالي43 %4 من إجمالي المسجلين في قوائم الانتخاب، و في انتخابات 1987 بلغت هذه النسبة حوالي50 %5 من إجمالي المسجلين في القوائم الانتخابية .و جدير بالإشارة أن هاتين النسبتين لا تعبران حقاً عن حجم المشاركة الحقيقية أو الفعلية إذا تم قياس نسبة المشاركين إلى إجمالي عدد المواطنين الذين لهم حق التصويت، إذ توجد فجوة بين إجمالي المسجلين في القوائم الانتخابية و إجمالي من لهم حق التصويت و يعود ذلك إلى عدة أسباب أهمها عزوف أعداد كبيرة من المواطنين عن تسجيل أنفسهم في القوائم الانتخابية لأسباب مختلفة، ناهيك عن عدم دقة هذه القوائم حيث تتضمن أسماء موتى و مهاجرين إلى الخارج بالإضافة إلى مشكلات التكرار و التداخل و عدم الدقة في تسجيل كثير من الناخبين. لذلك كثيراً ما طالبت أحزاب المعارضة و بعض قوى المجتمع المدني بمراجعة و تنقية هذه القوائم الانتخابية و تحديثها ، كما طالبت بضرورة تشجيع المواطنين لا سيما الشباب على تسجيل أنفسهم ضمن هذه القوائم الانتخابية ، و تقديم التسهيلات التي تساعدهم على ذلك . و قد أكدت الدراسات التي تناولت الانتخابات التشريعية خلال الثمانينات على أن نسبة المشاركة الانتخابية في الأرياف و الأقاليم تفوق نسبة المشاركة في العاصمة و المدن الكبرى رغم أن هذه الأخيرة تضم مقاطعات السكان الأكثر تعليماً و الأكثر تعرضاً لوسائل الإعلام و الاتصالات الحديثة و الأوفر حظاً من حيث المستوى الاقتصادي و الاجتماعي مقارنة بسكان الأرياف ، و هذا الأمر يجد تفسيره في خصوصية العملية الانتخابية في الريف المصري ، حيث ترتبط في المقام الأول بالاعتبارات القبلية و العائلية لا سيما في صعيد مصر ، و هو واقع لم تتمكن الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات أن تتجاهله ، بل بالعكس سعت لتوظيفه و الاستفادة منه .و بالمقابل فإن عزوف سكان العاصمة و المدن الكبرى عن المشاركة في الانتخابات يفسره البعض على أنه تعبير عن موقف سياسي أكثر مما هو تعبير عن سلبية سياسية ، فعدد كبير من سكان هذه المدن يرون بأنه لا جدوى من انتخابات نتائجها معروفة مسبقاً سواء شاركوا أم لم يشاركوا.

المحور الثاني: الانتخابات التشريعية والتجربة الديمقراطية خلال مرحلة التسعينيات.

· الانتخابات التشريعية خلال عامي 1990/1995.

لقد شهدت مصر منذ مطلع التسعينيات إجراء ثلاثة انتخابات تشريعية أولاها جرت عامـي 1990 و 1995 و تشير الدراسات أن هذين الموعدين الانتخابيين قد عكسا بعض السمات العامة التي اتسمت بها الانتخابات التشريعية منذ الأخذ بالتعددية السياسية ، لا سيما فيما يخص بتدني نسبة المشاركة في الانتخابات ، ووجود تفاوت في نسبة المشاركة بين القاهرة و المدن الكبرى من ناحية ، و الأرياف من ناحية أخرى ، فضلاً عن تمتع الحزب الوطني بالأغلبية في البرلمان ، و افتقار العملية الانتخابية إلى النزاهة و الشفافية.

وبخصوص المشاركة في الانتخابات، فإن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 1990 قد بلغت نسبة الــ54,9 % من إجمالي عدد المسجلين في القوائم الانتخابية ، و بلغت هذه النسبة 50 % في الانتخابات التشريعية التي جرت سنة 1995 ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن نسبة المشاركة الحقيقية و الفعلية في العمليتين الانتخابيتين سوف تنخفض عن ذلك في حالة مقارنة نسبة المشاركين مع إجمالي عدد الذين لهم حق التصويت و ليس بإجمالي عدد المسجلين في القوائم الانتخابية ، حيث أن هذه الأخيرة لا تعكس حقيقة حجم هيئة الناخبين باعتبار أن هناك أعدادً من الناخبين غير مسجلين في هذه القوائم الانتخابية لأسباب مختلفة.

أما فيما يتعلق بالتفاوت في نسبة المشاركة بين القاهرة و المدن الكبرى من ناحية و الأرياف و الأقاليـــم من ناحية ثانية ، و بالنظر إلى انتخابات 1995 فقد بلغت نسبة المشاركة في القاهرة حوالي 13% بينما وصلت في محافظات الصعيد إلى 50% ، و في محافظات الوجه البحري 65 %6، و هذا الأمــر يجد تفسيره في خصوصية الانتخابات في الأرياف و الأقاليم في مصر حيث تتأثر بدرجة كبيرة باعتبارات عائلية و قبلية.

أما بالنسبة لاستمرار سيطرة الحزب الوطني الديمقراطي على الأغلبية في البرلمان ،فقد حصل الحزب في انتخابات 1990 على 360 مقعداً من إجمالي مقاعد المجلس البالغ عددها 444 مقعداً ، أي بنسبــة 81% بينما حصل حزب التجمع على 5 مقاعد بنسبة01 % ، و حصل المستقلون على 79 مقعداً بنسبـة 18% 7 .

و في انتخابات 1995 حصل الحزب الوطني الديمقراطي على 417 مقعداً أي بنسبة 94 % من إجمالي مقاعد البرلمان التي يتم شغلها بالانتخاب و البالغ عددها 444 مقعداً ، و حصل حزب الوفد الجديد على 6 مقاعـد والتجمع على 5 مقاعد ، و الأحرار و الناصري على مقعد واحد لكل منهما ، و حصل المستقلون على 13 مقعداً ، و لم تتمكن جماعة الإخوان المسلمين من الفوز سوى بمقعد واحد فقط، رغم أنها خاضت هذه الانتخابات بـ148 مرشحاً ، كما أخفق حزب العمل في الفوز و لو بمقعد واحد ، رغم أنه شارك في الانتخابات بـ120 مرشحاً 8 .

و بخصوص افتقار الانتخابات خلال عامي 1990 و 1995 إلى النزاهة و الشفافية ، فقد أكدت الدراسات و التقارير على هذه النتيجة ، حيث تم تسخير أجهزة الدولة و مؤسساتها ، و الإعلام الحكومي أو المملوك للدولة لصالح الحزب الوطني الديمقراطي ، كما وقعت العديد من التدخلات و عمليات التلاعب من قبل بعض المؤسسات الحكومية ، سواء على الصعيد المركزي أو المحلي ، كما قام كذلك مرشحون ينتمون للحزب الوطني و آخرون ينتمون إلى أحزاب المعارضة أو خاضوا الانتخابات كأحرار ببعض الأعمال التي شوهت سمعة الانتخابات كتقديم رشاوى انتخابية ، و شراء الأصوات ، و قد برزت هذه الظاهرة بشكل كبير في انتخابات 1995 التي شاركت فيها مختلف الأحزاب السياسية بعكس انتخابات 1990 التي قاطعتها أحزاب و قوى المعارضة الرئيسية باستثناء حزب التجمع .

و إذا كانت الانتخابات التشريعية لسنتي 1990 و 1995 قد أكدت استمرارية بعض السمات العامة التي عرفتها الممارسة الانتخابية منذ الأخذ بالتعددية السياسية في منتصف السبعينيات ،فإنها قد كشفت عن بعض الظواهر الجديدة ، أو بالأحرى قد كرست ظواهر كانت موجودة على نطاق محدود و هامشي في انتخابات سابقة و منها:

– مقاطعة أحزاب الوفد الجديد و العمل و الأحرار و جماعة الإخوان المسلمين لانتخابات 1990،و هو ما يعني أن قوى المعارضة الرئيسية باستثناء حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي قد قاطعت الانتخابات المذكـورة و ذلك في سابقة لم تشهدها مصر منذ الأخذ بالتعددية السياسية .

– بروز دور العنف في إدارة العمليات الانتخابية ، إذ بالرغم من كون حدوث مثل هذه الأعمال أثناء الانتخابات ليس بالأمر الجديد في مصر ، إلا أن هذه الظاهرة تجلت بشكل واضح في انتخابات 1995 ، حيث شكل العنف ملمحاً بارزاً فيها ، سواء من حيث انتشاره الجغرافي ،حيث وقعت أحداث عنف بدرجات متفاوتـــة و أشكال مختلفة في ثلتي محافظات الجمهورية (16 محافظة من مجموع 26) ، أو من حيث تنوع أشكالــه و أساليب ممارسته ، حيث وقعت أعمال تجمهر، و أحداث شغب و تخريب لمنشآت عامة و خاصة واشتبـاكات مسلحة بين أنصار بعض المرشحين ، و عمليات اغتيال.كما شهد يوما الانتخاب الكثير من أعمال ترويع الناخبين و ترهيبهم ، و اقتحام اللجان و حرق الصناديق الانتخابية، ناهيك عن أعمال الشغب التي وقعت في أعقاب إعلان نتيجة الانتخابات في الجولتين الأولى و الثانية9.

– بروز دور المال الخاص في إدارة العملية الانتخابية ، لا سيما في انتخابات 1995 ، على الرغم من عدم وجود تقديرات محددة لحجم الأموال التي أنفقت على الانتخابات ، إلا أن الدراسات التي تناولت الموضوع تؤكد على أن إجمالي ما تم إنفاقه في انتخابات 1995 يفوق ما تم إنفاقه في أي انتخابات سابقة. وقد تجلى ذلك بوضوح في إنفاق مبالغ كبيرة على الحملة الانتخابية من قبل بعض المرشحين ، على نحو تجاوز بكثير ما ينص عليه القانون بهذا الخصوص 10. و المشكلة أن بعض المرشحين استخدم المال الخاص في أنشطة شوهت صورة الانتخابات سواء فيما يتعلق بتقديم رشاوى انتخابية أو شراء الأصوات.و نظراً لذلك فقد أكـد

البعض على ضرورة اتخاذ خطوات جادة بخصوص وضع ضوابط و قواعد صارمة للإنفاق المالي على الحملة أو الدعاية الانتخابية مع توفير ضمانات تلزم المرشحين باحترامها11

– ظاهرة المنشقين عن الحزب الوطني ، إذ بدأت هذه الظاهرة مع انتخابات 1987 حينما خصص القانون الانتخابي 48 مقعداً يتم شغلها بنظام الانتخاب الفردي إلى جانب 400 مقعد يتم شغلها بنظام القوائم الحزبيـة و اتسع نطاقها مع الأخذ بنظام الانتخاب الفردي منذ انتخابات 1990. و جوهر هذه الظاهرة هي أن يقوم بعض أعضاء التشكيلة السياسية أو الحزب الذين لا يحضون بترشيحه بالانشقاق عليه و خوض الانتخابات كأحرار أو مستقلين، بل و كمنافسين لمرشحي الحزب الرسميين في بعض الدوائر الانتخابية ، و بعد إعلان نتيجة الانتخابات يسرع الفائزون من هؤلاء المنشقين الذين اختارهم الناخبون بصفتهم مستقلين إلى الانضمام إلى الهيئة البرلمانية للحزب، مما يعزز من أغلبيته البرلمانية. ففي انتخابات 1995 مثلاً فاز 113 مرشحاً من المستقلين انضم 100 منهم إلى الهيئة البرلمانيــة للحزب الوطني ، مما رفع عدد مقاعده في البرلمان إلـى 417 مقعدا أي بنسبة حوالي 94 % من مجموع المقاعد ليسجل بذلك نسبة غير مسبوقة منذ تأسيسه عـام 121978.

-التراجع الكبير في تمثيل جماعة الإخوان المسلمين داخل البرلمان ، ففي انتخابات 1984 حصلت جماعة الإخوان المسلمين على 8 مقاعد في المجلس ، و في انتخابات 1987 حصلت على 38 مقعداً ، و لم يكن لها تمثيل في مجلس 1990، حيث قاطعت الانتخابات مع بعض أحزاب المعارضة التي قاطعتها. أما في انتخابات 1995 فلم تحصل الجماعة سوى على مقعد واحد فقط ، رغم أن 148 من أعضائها خاضوا الانتخابات كمستقلين . و هذا الأمر يجد تفسيره في عمليات المحاصرة و الإجراءات الإقصائية التي اتخذتها الحكومة المصرية ضد الإخوان المسلمين، و التي جاءت ضمن سياسة المواجهة التي يسلكها النظام ضد الجماعة منذ مطلع سنوات التسعينيـات13.

و بصفة عامة يمكن القول أن عدم وجود تمثيل مناسب للإخوان المسلمين في مجلس 1995 مرده قرار السلطة السياسية بإقصائهم من التمثيل البرلماني ، بحيث اتخذت السلطة منذ هذه السنة أي 1995 الكثيــر من الإجراءات ضدهم كالاعتقالات التي مست عدة كوادر منهم، و تقديمهم للقضاء العسكري فضلا عن التدخلات الأمنية و الإدارية التي تمت ضد مرشحيهم في العديد من الدوائر و ذلك للحيلولـة دون فوزهـم.

· الانتخابات التشريعية لعام 2000

بعد التعريج على انتخابات 1990 ثم 1995 نأتي إلى انتخابات 2000 التي سنحاول معرفة ما ميزها من الناحية العملية، وإلى أي مدى ساهمت في عملية التحول الديمقراطي أم أنها جاءت ضمن السياق العام المتمحور حول تكريس الوضع القائم وامتصاص ضغط الشعب بإعطاء الإنطباع بأن عملية التحول بدأت حقا لتظهر نتائجها فيما بعد. في هذا الصدد هذه الانتخابات تعتبر الأولى التي تتم تحت الإشراف القضائي لإعطائها المزيد من الشفافية.

كما تعتبر أول انتخابات تشريعية تتم على ثلاث مراحل خلال 6 أيام ورغم ذلك فإنها تشترك مع الانتخابات السابقة في بعض الميزات أهمها ضعف نسبة المشاركة حيث تراوحت بين 15 و40% مع العلم بأن عدد كبير من المواطنين غير مسجلين في القوائم الانتخابية ما يجعل النسبة الحقيقية أقل بكثير من تلك المعلنة كما جاءت نسبة التصويت متفاوتة بين المدن والأرياف، إلا أن هذا لا يعني عدم أهمية هذه الانتخابات لأنها أبانت عن المؤشرات الهامة والتي يمكن إجمالها في ما يلي:

1- فشل النظام الحزبي: تبين أن كل الأحزاب المصرية تعاني من فشل وظيفي بما فيها الحزب الحاكم الذي قدم 444 مرشحا وحصل على 179 مقعدا أي ما نسبته 40% من إجمالي المقاعد زيادة على ذلك لم يفز عدد كبير من كوادر الحزب بمقاعد في البرلمان وحتى الذين فازوا كانت نسبة التصويت لصالحهم أقل بكثير من الانتخابات السابقة، إلا أن المفارقة الحقيقية هي ارتفاع نسبة تمثيل الحزب إلى 87% بانضمام 209 من الأعضاء المنشقين14 وكانوا قد خاضوا الانتخابات كمستقلين، هذه الظاهرة ليست جديدة فقد حدثت في انتخابات 1987 و1990 و1995 حيث يسعى المستقلين إلى كسب ود الحزب لما يوفره من نفوذ ووزن سياسي، ولكن ما يميز هذه الانتخابات هو العكس حيث سارع الحزب إلى ضم المستقلين لكتلته البرلمانية ليرفع رصيده من المقاعد لأجل ذلك اعتمد الحزب الوطني الديمقراطي عدة حجج من بينها أن المستقلين في الأصل هم أعضاء فيه أو خاضوا الانتخابات وفق برنامجه ومهما كانت المبررات فإن ذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على عملية التحول الديمقراطي لأنه يعد تحريفا إرادة الناخب الذي صوت لمترشح مستقل عن الحزب الحاكم كنوع من التصويت العقابي ضد الحزب ليجد من صوت عليه يعود إلى الحزب ضاربا إرادة الناخب عرض الحائط وهو ما يجعل مسألة المصداقية على المحك وكنتيجة مباشرة لذلك يمتنع الأفراد عن التصويت في الانتخابات القادمة. لذلك تبين أن شعبية الحزب الحاكم ما هي إلا نتيجة التلاعبات والممارسات الملتوية كما ظهر جلياأن الحزب الحاكم يعاني من ضعف تنظيمي في أدارة الحملة الانتخابية وغياب الالتزام الحزبي لدى أعضائه.

وهذا الوضع ينسحب على بقية الأحزاب المعارضة، فقد خاضت هذه الانتخابات 6 أحزاب معارضة هي الناصري، التجمع، الوفد الجديد، الأحرار، التكامل والوفاق وجاءت النتائج كالتالي:

جدول يوضح عدد المقاعد المحصل عليها لصالح أحزاب المعارضة

الحزب

عدد المقاعد المحصل عليها

الوفد الجديد

7 مقاعد

التجمع

6 مقاعد

الناصري

3 مقاعد

الأحرار

1 مقعد فقط

الوفاق

0 مقعد

التكامل

0 مقعد

المصدر: أحمد طه خلف الله، التحولات الديمقراطية في مصر في ضوء انتخابات مجلس الشعب 2000 القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب, 2001.

ولقد حاولت هذه الأحزاب تفسير ضعف النتائج بممارسات الحزب الحاكم إلا أن هذه الحجة تعتبر واهية نظرا للرقابة القضائية التي صاحبت العملية الانتخابية رغم كل التحفظات ما يعني في نهاية المطاف حالة الضعف البنيوي والأدائي. لذا يبدو جليا أن كل الأحزاب تعاني من عدم قدرتها على إدارة الحملات الانتخابية واستقطاب الجماهير من خلال برامج فعالة ومرشحين يستحقون ثقة الشعب ما ينعكس سلبا على عملية التحول الديمقراطي.

2-دور الرقابة القضائية في ضمان نزاهة الانتخابات: إن الرقابة القضائية ورغم أنها شملت مرحلتين فقط وهما الاقتراع وفرز الأصوات إلا أنها كانت كفيلة بإضفاء قدر من الشفافية على هذه الانتخابات ويتجلى ذلك من خلال إعطاء نوع من الثقة لدى الناخبين بعدم إمكانية التزوير والتلاعب، وبقراءة بسيطة للنتائـــج يمكن أن نستشف

بعض آثار هذه الرقابة وذلك من خلال حرمان الحزب الحاكم من الأغلبية التـــــي تعود أن يحصل عليها، في حين حصل الإخوان المسلمون على 17 مقعدا15 وهو ما يعادل المقاعد التي حصلت عليهم أحزاب المعارضة مجتمعة. وقد ساهم في كل هذا في التقليل من حوادث العنف المصاحبة للانتخابات في مصر مثلما حدث في انتخابات 1995 والتي دامت يومين حيث صاحبتها أحداث عنف شملت ثلثي المحافظات أودت بحياة أكثر من 50 شخصا وإصابة المئات وتخريب العديد من الممتلكات نتيجة احتكاك أنصار المرشحين بينما في انتخابات 2000 والتي امتدت 6 أيام قتل 10 أشخاص في أحداث عابرة16، ما يدل على أن الرقابة القضائية ساهمت في رد الاعتبار للعملية الانتخابية وأعطت نوع من الاطمئنان للناخبين وبتوسيع هذه الآلية الرقابية لتشمل كل مراحل العملية الانتخابية يمكن تطور مسار التحول الديمقراطي بطريقة سلمية.

3-الوزن السياسي للإخوان المسلمون: إن حظر جماعة الإخوان المسلمين من العمل السياسي لم يحل دون تواجدهم بقوة في الساحة السياسية المصرية وبرهنوا على أنهم طرف مهم في المعادلة الانتخابية ويتجلى ذلك من خلال كونهم قد تحصلوا على مقعد واحد في انتخابات 1995 وقد خاضت هذه الانتخابات ب 148 مرشحا من خيرة كوادرها دخلوا الانتخابات كمستقلين، إلا أن تدخل الحكومة وسعيها لحرمان الجماعة من التمثيل البرلماني حال دون حصولهم على التمثيل الحقيقي لهم، ولكن انتخابات 2000 برهنت الجماعة من خلالها على قدرتها العالية في التنظيم والتعبئة وتخطي الحظر المفروض عليها فقد خاضت الانتخابات ب 75 مرشحا في عدد من الدوائر المنتقاة بدقة ولم تكن الدعاية لهم باسم الجماعة بل كمستقلين وكانت النتيجة حصول الجماعة على 17 مقعدا وهو ما يعادل عدد مقاعد المعارضة مجتمعة17، وهو ما يؤكد على أن الجماعة لهم قاعدة شعبية معتبرة، لذلك يصعب الكلام عن تحول ديمقراطي بدون جماعة الإخوان، إذ يبدو الإخوان من الناحية التنظيمية أفضل من بقية الأحزاب المعارضة وحتى الحزب الحاكم نفسه، لذا يبقى التساؤل هو كيفية إدماج الجماعة في العملية السياسية وماهي شروط نجاح هذا الإدماج؟

المحور الثالث: القضايا المثارة خلال الانتخابات التشريعية بمصر.

لا شك أن العملية الانتخابية ترفقها بعض المسائل المعقدة والتي تحاول كل من الحكومة والمعارضة البحث عن حلول لها , وسنركز هنا على مسألتين بخصوص تمثيل فئتين في البرلمان لهما خصوصيتهما ونخص بالذكر هنا تمثيل المرأة, و تمثيل الأقباط في البرلمان، والتي ظلت تطرح بشدة واستحوذت على اهتمام الدارسين للانتخابات البرلمانية في مصر. فما هو واقع تمثيل هاتين الفئتين داخل البرلمان المصري؟

· التمثيل البرلماني للمرأة المصرية.

لقد عرفت كل الانتخابات السابقة ضعف تمثيل المرأة حيث فازت 5 نساء من أصل 71 مرشحة في انتخابات 1995 وفي انتخابات 2000 فازت 7 من أصل 193 مرشحة، وهو ما يعكس ضعف تمثيلها داخل هاته الهيئة الحساسة، لذلك جرى العرف بأن يتم تعزيز تمثيلها من خلال التعيين لأن رئيس الجمهورية يملك صلاحية تعيين 10 أعضاء في المجلس18، ولكن كل ذلك ليس كافيا لإعطاء المرأة المكانة الحقيقية لها داخل المجلس.

ولو بحثنا عن أسباب هذا الضعف في التمثيل لأمكننا القول أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمرأة المصرية لعبت الدور الأكبر في تقليص دورها في البرلمان، زيادة على ثقافة المجتمع وطبيعة العملية الانتخابية في حد ذاتها وما يكتسيها من تنافس قوي بين المرشحين ما يرهن حظوظ المرأة بشكل كبيـــر.

· التمثيل البرلماني للأقباط.

تشكل مسألة تمثيل الأقباط أحد أهم سمات الانتخابات في مصر حيث أنه في انتخابات 1995 شارك 75 مرشحا قبطيا لم ينجح منهم أحد، ولم يختلف الأمر كثيرا في انتخابات 2000 حيث فاز 3 مرشحين فقط من بين 74 مرشحا، وهو الأمر الذي أرجعه بعض الدارسين للسلبية السياسية للأقباط وعزوفهم عن المشاركة السياسية، هاته السلبية دفعت بالحزب الحاكم إلى عدم ترشيح الأقباط ضمن قوائمه تجنبا لخسارة مرشـــح لن يصوت له أحد وهذا ما حدث في 1995، إلا أن هذا الأمر وفي ظل وجود بعض المحاولات لبث الفوضى والطائفية والاستثمار في الأجواء المشحونة، وهم ما برز بوضوح عام 2004 عندما اعتنقت زوجــــة أحد القساوسة الإسلام التي أيقظت الفتنة بين الطائفتين، وفي ظل وجود جهات داخلية وخارجية تسعى لاستغلال هذه المشاحنات لذلك أصبح من الضروري أخذ قضية تمثيل الأقباط على محمل الجد والتركيز على البعد الوطني السياسي يدل المنظور الطائفي الديني، وذلك من خلال آليات تشجع الأقباط على الدخول في الحياة السياسية من خلال الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والتخلي عن السلبية بالمشاركة في الانتخابات ليتم تمثيلهم في مجلس الشعب ورفع مطالبهم. ورغم واقعية هذا الطرح إلا أن هناك من الباحثين السياسيين مـن يتحفظ عليه من خلال ما يلي:

– السلبية السياسية ليست سمة خاصة بالأقباط فقط بل بكل المصريين والدليل على ذلك ضعف نسبة المشاركة في كل المناسبات الانتخابية، لذا يتعين على الحكومة تفعيل عملية الإصلاح السياسي لدفع المصريين للمشاركة

في الحياة السياسية بفعالية و إيجابية.

– يجب أن تهتم الحكومة أكثر بالتنشئة السياسية لأنها المحرك الأول للمشاركة السياسية، وإرساء مبدأ المواطنة كأساس شرعي بين الحاكم والمحكوم وهذا من شأنه أن يرسخ معنى الوحدة الوطنية ويدفع قدما عملية التحول الديمقراطي.

* مسألة الفصل في العضوية بين محكمة النقض و مجلس الشعب.

لقد أثيرت هذه المسألة خلال كل الاستحقاقات حين يقوم مجلس الشعب بتوجيه الطعون التي يتلقاها بخصوص صحة العضوية فيه لبعض المرشحين لمحكمة النقض ليتم التحقيق فيها، ولكن تحقيقات المحكمة غير ملزمة للمجلس لأنه صاحب الاختصاص الدستوري للفصل بصحة أعضائه، وهذا حسب نص المادة93 من الدستور “يختص المجلس بالفصل في صحة عضوية أعضائه، وتختص محكمة النقض بالتحقيق في صحة الطعون المقدمة للمجلس بعد إحالتها إليها من رئيسه” كما تحدد المادة أيضا مدة تبليغ محكمة النقض بالطعن ب 15 يوما ويجب الانتهاء من التحقيق خلال 90 يوما، وتعرض نتيجة التحقيق على المجلس للفصل في صحة الطعن خلال 60 يوما، ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثي الأعضاء. وحين يتجاهل المجلس رأي المحكمة وهو الأمر الغالب باعتباره سيد القرار حيث يستمر بعض الأعضاء رغم انتهاء تحقيق المحكمة إلى عدم صحة عضويتهم ينشب صراع بين الهيئتين19. ولحل هذا التعارض يقترح بعض القانونيين تعديل دستوري تكتسي به تقارير المحكمة حجية الأحكام القضائية حتى يلتزم المجلس بتنفيذها، وهذا لا يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات والذي يتحجج به كل مرة مجلس الشعب لأن صفة العضوية لم يكتسبها المرشح قبل النظر في صحتها من قبل المحكمة.

خاتمة

في ختام مداخلتنا هذه لا يسعنا إلا أن نقول أنه على الرغم من أن مصر اعتادت على إجراء الانتخابات التشريعية بشكل دوري و منتظم و ذلك منذ الإقرار بالتعددية السياسية ،إلا أن هذه الانتخابات لم تشكل آلية حقيقية لتعزيز التحول الديمقراطي ، بل كرست و أسهمت في تكريس الطابع شبه التسلطي للنظام السياسي و ذلك للأسباب التالية:

-تمكين الحزب الوطني الديمقراطي من احتكار الأغلبية في البرلمان بطرق ملتوية ، الأمر الذي أثر على دور البرلمان أو ما يعرف بمجلس الشعب في عملية التحول الديمقراطي ، إذ وافق على الكثير من القوانين التي شكلت قيوداً على حقوق المواطنين و حرياتهم.

-أن تكرار عمليات أو ممارسات التزوير و التلاعب بنتائج الانتخابات شكل عاملاً مهماً في زيادة نفور المصريين عن المشاركة في الانتخابات لا سيما في العاصمة القاهرة و في عدة مدن كبرى ، و ذلك نظراً لترسخ فكرة أن النتائج محسومة مسبقاً لصالح الحزب الوطني الديمقراطي في نفوس الكثير من المصريين مما أدى إلى انخفاض مستوى المشاركة في الانتخابات إلى حوالي 25% من مجموع الذين لهم حق التصويت.

– أن الانتماءات القبلية و العائلية شكلت محددات رئيسية للسلوك الانتخابي للمصريين خلال جل الانتخابات التشريعية إن لم نقل كلها، إذ اتجهت الأحزاب السياسية إلى توظيفها و أخذها في عين الاعتبار عند اختيار مرشحيها ، و هو الأمر الذي يجعل نسبة المشاركة السياسية في الأرياف و الأقاليم تفوق نسبة المشاركــة في العاصمة و المدن الكبرى. ناهيك عن بعض الممارسات السلبية مثل استخدام المال الخاص في تقديم رشاوى انتخابية و شراء الأصوات و أعمال العنف الانتخابي.

-تأكيد هذه الانتخابات التشريعية ضعف أو محدودية تمثيل المرأة و الأقباط في البرلمان مما يطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل التطور السياسي و التحول الديمقراطي في مصر .

إذن فالعبرة ليست في الانتظام في إجراء الانتخابات التشريعية ، بل في مدى النزاهة و الشفافية التي تتسم بها هذه الانتخابات أيظاً، و عليه فإن إصلاح النظام الانتخابي و القوانين الانتخابية على أسس سليمة يشكل عنصراً جوهرياً و فعالاً للتطور السياسي و الديمقراطي في مصر.

الهـــومش :

[1] – علي الدين هلال،انتخابات مجلس الشعب 1984:دراسة و تحليل.القاهرة: مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية بالأهرام،ط1،1986،ص 67.

2- علي الدين هلال،انتخابات مجلس الشعب 1987:دراسة و تحليل.القاهرة: مركز الدراسات السياسية ،ط1، 1988، ص 87.

3-علي الدين هلال ،انتخاب مجلس الشعب 1987:دراسة و تحليل .مرجع سابــق، ص57 .

4-بهى الدين حسن ،أبعاد اللعبة الانتخابية.القاهرة:دار العالم الجـديد، ط1، 1984، ص 36.

5- عبد الله أحمد ،الانتخابات البرلمانية في مصر:درس انتخابات 1987 .القاهرة:سينا للنشر، ط1، 1990، ص 83.

6- حسنين توفيق إبراهيم ،الانتخابات البرلمانية في مصر:درس انتخابات 1995 .القاهرة:سينا للنشر، ط1 ، 1990، ص 103.

7- عبد المجيد(وحيد) ومسعد(نيفين)،انتخابات مجلس الشعب 1990:دراسة و تحليل.القاهرة:مركز الدراسات السياسية ، ط1، 1992، ص 68.

8 -حسنين توفيق إبراهيم، مرجع سابـق، ص 35.

9 – هدى راغب عوض و حسنين توفيق إبراهيم،الإخوان المسلمون و السياسة في مصر :دراسة في التحالفات الانتخابية و الممارسات البرلمانية للإخــــوان المسلمين في ظل التعددية السياسية المقيدة 1984/1990.القاهرة:مركز المحروسة للتدريب و البحوث و النشر، ط1، 1996، ص 47.

10- الحد الأقصى للدعاية في الانتخابات محدد ب 5000 جنيه للمرشح الواحد.

11-كمال المنوفي،انتخابات مجلس الشعب 1995.القاهرة:كلية الاقتصاد و العلوم السياسية ومؤسسة فريدرش إيبـرت،1996، ص 72.

12 – هالة مصطفى،الانتخابات البرلمانية في مصر 1995.القاهرة:مركز الدراسات السياسية والإستراتيجيــة بالأهرام، ط1، 1997، ص 56.

13- هدى راغب عوض و حسنين توفيق إبراهيم،الإخوان المسلمون و السياسة في مصر :دراسة في التحالفات الانتخابية و الممارسات البرلمانية للإخوان

المسلمين في ظل التعددية السياسية المقيدة 1984/1990. مرجع سابق، ص 38.

14هالة مصطفى، مرجع سابق، ص 55.

15هدى راغب عوض و حسنين توفيق إبراهيم، مرجع سابق، ص 49.

16- كمال المنوفي، مرجع سابق، ص 59.

17- عبد المجيد(وحيد) ومسعد(نيفين)، مرجع سابق، ص 132.

18- حسنين توفيق إبراهيم، مرجع سابق، ص 93.

19- حسنين توفيق إبراهيم، مرجع سابق، ص 95.

قائمة المراجع:

01-إبراهيم(حسنين توفيق)،الانتخابات البرلمانية في مصر:درس انتخابات 1995 .القاهرة:سينا للنشـر، ط1

1990.

02- الانتخابات البرلمانية و مستقبل التطور السياسي و الديمقراطي في مصـر.

بيروت:مركز دراسات الوحدة العربية ، ط1، 2002.

03-أحمد (عبد الله)،الانتخابات البرلمانية في مصر:درس انتخابات 1987 .القاهرة:سينا للنشر، ط1، 1990.

04-المنوفي(كمال)،انتخابات مجلس الشعب 1995.القاهرة:كلية الاقتصاد و العلوم السياسية ومؤسسة فريدرش

إيبـت،1996

05-حسن (بهي الدين)،أبعاد اللعبة الانتخابيــة.القاهرة:دار العالم الجديد، ط1، 1984.

06-خلف الله(أحمد طه)،التحولات الديمقراطية في مصر في ضوء انتخابات مجلس الشعـب2000.

القاهرة:الهيئة المصرية العامة للكتاب،2001.

07-عبد المجيد(وحيد) ومسعد(نيفين)،انتخابات مجلس الشعب 1990:دراسة و تحليل.القاهرة:مركز الدراسات

السياسية ، ط1، 1992.

08-عوض(هدى راغب) وإبراهيم(حسنين توفيق)،الإخوان المسلمون و السياسة في مصر :دراسة فـــي

التحالفات الانتخابية و الممارسات البرلمانية للإخوان المسلمين في ظل التعددية السياسية المقيـــدة

1984/1990.القاهرة:مركز المحروسة للتدريب و البحوث و النشر، ط1، 1996.

09-مصطفى(هالة)،الانتخابات البرلمانية في مصر 1995.القاهرة:مركز الدراسات السياسية والإستراتيجيــة

بالأهرام، ط1، 1997.

10- ،انتخابات مجلس الشعب 2000.القاهرة:مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية

بالأهرام،2001.

11-هــلال (على الدين)،انتخابات مجلس الشعب 1984:دراسة و تحليل .القاهرة:مركز الدراسات السياسية

والإستراتيجية بالأهرام، ط1، 1986.

12- انتخابات مجلس الشعب 1987:دراسة و تحليل .القاهرة:مركز الدراسات السياسية

ط1 ، 1988.

13- ،التطور الديمقراطي في مصر :قضايا و مناقشات.القاهرة:مكتبة نهضة الشرق، ط1

1986.

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …