الرئيسية / النظم السياسية / الأحزاب والجماعات / انتشار السياسات الاحتجاجية: المنهجيات – الأبعاد محددات وتأثيرات
انتشار السياسات الاحتجاجية: المنهجيات - الأبعاد محددات وتأثيرات
انتشار السياسات الاحتجاجية: المنهجيات - الأبعاد محددات وتأثيرات

انتشار السياسات الاحتجاجية: المنهجيات – الأبعاد محددات وتأثيرات

انتشار السياسات الاحتجاجية: المنهجيات – الأبعاد محددات وتأثيرات

 

عرض فصل بعنوان:

انتشار السياسات الاحتجاجية: المنهجيات – الأبعاد محددات وتأثيرات

 

مقدم إلى :

أ.د / على الدين هلال

إعداد الطالبة:

هبة الله أحمد محمد البدري

جامعة القاهرة

كلية الاقتصاد والعلوم السياسية

قسم العلوم السياسية

برنامج الدكتوراة

 

التعريف بالمؤلف

مقدمة

أولاً: نظريات واقترابات السياسات الاحتجاجية

ثانياً: انتشار سياسات الاحتجاج : النتائج الامبريقية / التجريبية

  • المنهجيات
  • الابعاد المتعددة لانتشار السياسات الاحتجاجية
  • القدرة على التعبئة والتكرار

ب -القضايا والمطالبات

ج -الفئات الاجتماعية

د – اشكال العمل

هـ – الاقليم

  • محددات وتأثيرات الاحتجاج

الخاتمة

 

 أولاً : التعريف بالمؤلف:

ديتر ريتش ولد في كيمتن Kempten ، جمهورية المانيا الاتحادية عام 1946، تخرج من جامعة ميونخ 1974،حصل على دبلومة العلوم السياسية من جامعة ميونخ 1977، عمل مدرس بجامعة ميونخ 1976-1978 وحصل على دكتوراة العلوم السياسية عام 1980، وهو استاذ فخري في جامعة برلين الحرة 2001.

له العديد من المنشورات : منها ( العالم يقول لا للحرب : مظاهرات ضد الحرب في العراق، 2010) ، ( وسائل الاعلام الجديدة ، المواطنون والحركات الاجتماعية، 2004) ،( الحركات النسائية التى تواجهها الدولة ، 2003) ، ( الحملات البيئية من منظور مقارن، 2002)، وله العديد من المقالات منذ عام 1994منها : ( التحولات الاجتماعية في القرن الواحد والعشرين، 2010) ، ( حركات السلام في اوروبا الغربية واليابان والولايات المتحدة خلال الحرب الباردة، 2008).

 

انتشارالسياسات الاحتجاجية

مقدمة

فى اللغة اليومية المتداولة ، الاحتجاج هو تعبير رمزى عن المعارضة لشئ ما او لشخص ما . والاحتجاج يتخذ اشكالا عدة ويحدث فى اماكن عدة . فالطفل يحتج ضد انهاء طبق الحساء ، كما ان لاعب كرة القدم يحتج ضد قرار الحكم المشكوك فيه . هذه الاحتجاجات مرتبطة بالافراد وتكون خارج الاطار / السياق السياسى  . وبالعكس فمصطلح السياسات الاحتجاجية عادة يدل على الاستخدام العام والمتعمد للاحتجاج بواسطة الجماعات او المنظمات ولكن نادرا ما تكون فردية، وذلك بهدف التأثير فى القرار او العملية السياسية التى يرون انها ذات تداعيات سلبية عليهم انفسهم او على جماعة اخرى او المجتمع ككل .

فى الحياة السياسية تتواجد بعض الجماعات بغرض الاحتجاج او على الاقل يستخدمون الاحتجاج كآلية لتوصيل ( الاستماع ) صوتهم . هذا على سبيل المثال ينطبق على السلام الأخضر  Green Peace والتى وفقا للعديد من الاحصاءات احد افضل المؤسسات المعروفة والموثوق فيها فى المجتمعات المعاصرة . جماعات اخرى على سبيل المثال كمؤسسة الصيادين او نادى السيارات عادة ما تعتمد على وسائل اخرى لتحقيق مصالحها واهتماماتها . ولكنهم قد يستخدمون الاحتجاج احيانا ( فى مناسبات معينة ) او كملاذ اخير لهم .

ووفقا لذلك فان انواع الجماعات التى تحتج تختلف اختلافا كبيرا فيما بينها ، تتراوح مابين مبادرة فردية غير رسمية الى ماهو اكبر من ذلك ، الى المؤسسات الهيراركية ( الهرمية ) ، الى حزب سياسى راديكالى ، حتى الحكومة قد تلجأ الى الاحتجاج ، على سبيل المثال من خلال ارسال ملاحظة نقدية مكتوبة لحكومة اخرى .

وكقاعدة ،وبالرغم من ذلك ، الاحتجاج السياسي تقوم به هيئات وسيطة تربط بين الأفراد من جهة والقائمين على أو اصحاب السلطة السياسية من جهة أخرى لذلك فإن فاعلى الاحتجاج الكلاسيكي أو التقليدي هم جماعات ذات بنيان واسع أو حملات أو حركات اجتماعية وكذلك جماعات المصالح والأحزاب السياسية .

بالاضافة الى أنواع  الفاعلين ، فإن محتوى واهداف ومستويات وأشكال الاحتجاج أيضاً تتنوع وتختلف بشكل كبير ، الاحتجاج قد يشير الى قضية سياسية أو اجتماعية محل نقاش أو نزاع ، سواء كانت معبر عنها من  قبل قائد سياسي أو توجه اداري أو نظام سياسي ككل .

الهدف من الاحتجاج قد يكون ضيق أو واسع ، اصلاحي أو ثوري ، واقعي أو مثالي ، بعض المحتجين يقومون بأنشطة عفوية ،أخرون يقومون بأنشطة وضعت بعناية على مدار عام أو أكثر .أحد الأمثلة لذلك هو احتجاجات العامل السنوي Annual worker protests في الأول من مايو (منذ عام 1890 )، مثال أخر هو الاحتجاج الاسبوعي ( مادرز دي بلازا دي مايو ) Madres de plaza de mayo . وهو منذ أبريل 1977 ، سعى لمقاضاة هؤلاء الذين عذبوا أو قتلوا أطفالهم في ظل النظام السلطوي في الأرجنتين .

فيما يتعلق بالأبعاد المكانية ،هذه القضية قد تمتد في الاهتمام بها من الحي الصغير وحتى سكان العالم ككل ،المحتجين السياسين قد يتكونوا من مجموعة صغيرة من الأفراد التي تحتج أمام مبنى البلدية ولكن قد يكون أيضاً نشاط جماهيري ، مثل الملايين الذين احتجوا في العديد من البلدان ضد الحرب على العراق في 15 فبراير 2003 ،ويمكن القول أن ذلك يعد أكبر حدث احتجاجي في العالم ، تتضمن أشكال الاحتجاج أيضاً العديد من الأنشطة الواسعة النطاق ،على سبيل المثال كتابة عريضة أو التماس ،المشاركة في توقيع جماعي ، حضور/ الانضمام لمسيرة أو تجمع ، اعاقة حركة السير ، تدمير الممتلكات ، جرح أو حتى قتل الناس.

 

طالما أن الاحتجاج يحدث بين العامة، فلا بد من وجود تصور أن ذلك يتم من خلال عملية اتصال ثلاثية الأبعاد وليست ثنائية الأبعاد ،فالى جانب الفاعلين الذين يحتجون وأولئك المستهدفون ،هناك طرف ثالث يلعب دوراً وهم الوسطاء أو وكالات المراقبة والذين يعلمون بنشاط الاحتجاج من خلال وسائل الأعلام فقط لذا لا يجب الاستهانة بدور الجماهير، خاصة وان جماعات الاحتجاج تستثمر الكثير من الطاقة لجذب الانتباه أو للحصول على دعم الجماهير عن محاولة التأثير المباشر على خصومهم . وفي بعض الحالات لا يمكن أن يحدث الاحتجاج دون تواجد وسائل الإعلام.

وفيما يلي، سيتم عرض وبصورة مختصرة لنظريات واقترابات السياسات الاحتجاجية. وسيتم عرض النتائج التجريبية / الامبريقية لاتجاهات الاحتجاج ومحدداته وتأثيراته، والنتائج الرئيسية يمكن تلخيصها في القليل من الملاحظات الختامية.

  • نظريات واقترابات السياسات الاحتجاجية:-

حتى القرن العشرين ، كان ينظر الى السياسات الاحتجاجية وبشكل واسع على أنها ثورة او انفجار غير عقلاني للطبقات /الفئات الخطيرة والتي تهدد النظام العام ، هذه الرؤية للجماهير الجامحة /الهائجة تضم ثورات الفلاحين في القرنين السادس والسابع عشر , بالإضاقة الى احتجاجات العمال في القرن التاسع عشر وأوئل القرن العشرين ،ايضا أنشطة ال ” machine breakers فى بريطانيا ظهرت كمثال واضح للغضب الاعمى للغوغاء واصحاب السلطة ومؤيديهم الذين لا يهتمون بمعرفة وفهم دوافع منافسيهم بل ويعملون على تشويه سمعتهم وقمع هذه الجماعات .

استجاب المثقفون لهذا التحيز العاطفى للمحتجين حتى فى بعض التحليلات التاريخية للاحتجاج ، والتى كانت واضحة فى علم النفس الجماعى والذى ازدهر فى القرن ال19 وبدايات القرن ال20 وتمثلت فى كتابات جوستاف لى بون وجابريل تارد Gustave le Bon, Gabriel tarde و آخرون .

فى ظل هذه الرؤية فإن سلوك الجماهير كان نتيجة للعواطف غير المحكومة والتى انتشرت كالمرض ،والتى نتجت عن او من انهيار الأوضاع الطبيعية ، هذا الانهيار تم تطبيقه فى بعض صور نظرية السلوك الجماعى والتى سادت بصفة خاصة فى الولايات المتحدة حتى منتصف عام 1960 ، ومع ذلك النظريات الاخرى الحالية تتراوح من الماركسية الى التفاعل الرمزى الى الوظيفية البنيوية /الهيكلية الى منظور الاختيار الرشيد ، اخذت بشكل اكثر جدية رؤية السياسات الاحتجاجية .

خلال عام 1960 ، الرؤية الساذجة والمشوهه عن السياسات الاحتجاجية كسلوك غير عقلانى تم استبدالها باقترابات تعبر عن هذه السياسات الاحتجاجية كوسائل عادلة وعقلانية و تحدث لأسباب اجتماعية وسياسية . كان ينظر الى الاحتجاج كمصدر سياسى و الذى اثبت انه مؤثر تحت ظروف محددة  . هذا التفسير اصبح سائد ومهيمن حتى فى التحليلات عن الاقليات فى الولايات المتحدة . النظريات المتعلقة بالحرمان/ التجريد كانت تساعد فى فهم اسباب الاحتجاج حيث انها تفسر لماذا أغلب الأفراد المحرومين ليسوا بالضرورة هم الذين يحتجون فى الغالب .

ان اقوى الهجمات ضد الرؤية القديمة للاحتجاج غير العقلانى جاءت من خلال مصدرين ، اتجاه تعبئة الموارد ونظريات الاختيار الرشيد. الاتجاه السابق يركز بصفة عامة على الجماعات وليس الافراد وهذا الاتجاه برز من خلال الاطار الواسع لدراسات الحركات الاجتماعية والتى عبرت عن الطبيعة المنظمة للاحتجاج واستخدمت تشبيهات للسلوك الاقتصادى من خلال استخدام مصطلحات مثل ( صناعة الحركات الاجتماعية ). وقد وسع الباحثون هذا الاتجاه ليشمل الاتجاهات المعرفية لتعبئة الاحتجاج والعمليات السياسية

 

والتى تتضمن جماعات الاحتجاج والحركات الاجتماعية ،وعلى النقيض فان نظريات الاختيار الرشيد تركز على الافراد فى ضوء/ اطار التكاليف والفوائد المتصورة ، يختاروا اما ان يشاركوا او يمتنعوا عن انشطة الاحتجاج .

فى هذا الاطار فإن القيم والسلوكيات الخاصة بالافراد ينظر اليها كتنبؤ هام للمشاركة الاحتجاجية. هذا الاتجاه العقلانى / الرشيد يفسر السياسات الاحتجاجية فى الولايات المتحدة باعتبارها جزء من او نتيجة لخبرات الجيل الجديد من الباحثين والذين كانوا مرتبطين او على الأقل متعاطفين مع انشطة الحركات التقدمية.

فى اوروبا فى بداية علم النفس الجماعى وفى ضوء الحركات العمالية، الطبيعة المنظمة للسياسات الاحتجاجية كانت كلها واضحة ، وفى مرحلة لاحقة فان نظريات تعبئة الموارد ونظريات العملية السياسية التى جاءت من الولايات المتحدة كان من السهل تبنيها واحتوائها مع نظريات الحركات الاجتماعية الجديدة والتى على العكس من اتجاهات الولايات المتحدة ونظريات علم النفس الاجتماعى تم تمثيلها ايضا فى اوروبا ولكن ركزت على ( لماذا ) بدلا من ( كيف ) تتم المشاركة فى الاحتجاج .

ان هيمنة الاقترابات البنوية والعقلانية الرشيدة فى عامى 1980 و 1990 تم تحديها بواسطة الاتجاهات الحديثة التى جاءت من خلال النظريات البنائية والاقترابات / الاتجاهات الثقافية . فى حين ان هذه الاقترابات اكدت على بناء الهوية وثقافة الاحتجاج وكذلك العواطف فى انشطة الاحتجاج . قد قاموا بذلك دون الوقوع فى تحيزات بدايات علم النفس الجماعى .

اليوم دراسة الاحتجاج لم يعد مسيطر عليه من قبل اتجاه واحد  ولكن بدلا من ذلك نشكل مصفوفة من الاقترابات المحددة والتى تسلط  الضوء وتبحث فى الاتجاهات المختلفة مثل التنظيم والشبكات ، تحفيز المشاركة ، بناء الهوية ، وضع اطار للقضايا ، الاستراتيجية والاسلوب ، وضع جدول اعمال ( اجندة ) والتأثير فى السياسات . هذه الاتجاهات تم ارساءها فى مختلف العادات والقواعد النظرية . بالاضافة الى ان هناك العديد من المحاولات لدمج مختلف الاقترابات فى اطار مفاهيمى اوسع لدراسة الاسباب ، الانماط والتداعيات للاحتجاج السياسى الذى اصبح مسئولية واهتمام المتخصصين بدلا من المنظرين الذين يعملون فى المخططات العالمية ويبحثون عن التفسيرات .

 

2 – انتشار سياسات الاحتجاج :- النتائج التجريبية الامبريقية

 

  • المنهجيات:-

فى اطار اعداد الحجج النظرية والمفاهيمية ، فالباحثين طوروا ادوات منهجية للدراسة الامبريقية لدراسة السياسات الاحتجاجية ،من ناحية فان الوسائل المستلهمة بواسطة منهجية العمل الميدانى ركزت على تحليلات اتجاه وتفاصيل العمل الفردى للاحتجاج الجماعى . ولهذا الغرض فان مراقبى المشاركين يتم تدريبهم لتسجيل سلوك المحتجين حيث يصفون ملابسهم ،شعاراتهم ،لافتاتهم ،خطاباتهم ،تفاعلاتهم . . . . . الخ ، في هذه الحالة فإن الكثير من الطاقة تم استثمارها للحصول على نظرة متعمقة لواحدة أو القليل من حالات الاحتجاج الفردي .

 

من ناحية أخرى، فإن تحليل حدث الاحتجاج يغطي عدد كبير من المحتجين في أقليم كبير ممتد ، لأن الباحثين لا يستطعون التواجد في كل الأماكن ،فالاحتجاجات التي حدثت في التاريخ مسبقاً اعتمدوا

على المصادر المتوفرة والموجود مثل أرشيفات الشرطة أو تقارير الجرائد لتحديد سمات محددة للاحتجاج مثل الموقع ،الحجم ، الموضوع ،والتكوين . . .الخ ،وبالطبع الانتقائية والتحيزات لهذه المصادر لابد من أخذها في الحسبان كتوسع  حديث لهذه الطريقة ، فتحليل المطالب يشمل ليس فقط أفعال الاحتجاج ولكن كل المطالب والادعاءت التي تتم بواسطة الفاعلين الذين يشاركون علانية في المسائل الصراعية أو في هيمنة سياسية أوسع نطاق ،هذه الوسائل تسمح للباحثين بالتعرف على النماذج المختلفة للاحتجاج (لمجموعة المحتجين ) ،على سبيل المثال فيما يتعلق بأعداد المشاركين ، المطالبات ، أشكال الاحتجاج عبر الزمن / الوقت ، الموضوع والإقليم . وبناء على تحليل حدث الاحتجاج، فعلى سبيل المثال قد يدرس الباحثون أنشطة الاحتجاج تحت مسمى “الحركات الاجتماعية الجديدة ” في أربع دول أوروبية و”الحركات البيئة” في 7 دول أوربية ، بالرغم من أن تحليل الحدث مفيد الا أنه يشمل القليل من المعلومات والتي غالباً ما تكون معلومات سطحية عن كل حدث.

ان الوسيلة المستخدمة كثيراً لتحليل الاحتجاج هي دراسة الحالة التي تركز على الحملات الفردية ، القضايا و حقل السياسة .دراسة الحالة قد تشمل مجموعة من الوسائل المحددة مثل تحليل المضمون للوثائق المكتوبة ، المقابلات ومراقبة المشاركون. وتذهب لأبعد من حدث الاحتجاج الفردى وتسمح بفهم أفضل للعمليات والتفاعلات فى إطار محدد، ولكن هذه الوسيلة لا تمثل عدد كبير من الحالات وتدرس الاحتجاجات فى زمان واقليم محدد ومعطى.

هناك وسيلة اخرى تقليدية ومتكررة وهى بالتركيز على الافراد والجماعات بدلاً من الاحتجاجات والحملات كوحدات مراقبة. ان الاحصاءات التمثيلية قد تدرس سلوك السكان تجاه جماعات الاحتجاج والاسباب، كما تدرس ايضاً المستجيبين المحتملين أو المشاركة الفعلية فى انشطة الاحتجاج. هذا النوع من البحث عادة ما يتصل بالأبعاد الاجتماعية والديموغرافية لأنشطة الاحتجاجات، والخصائص أو السمات الآخرى للمشاركين لبحث أسباب ودوافع المشاركة فى الاشكال المختلفة للاحتجاج.

أحياناً ما يقوم الباحثون بعمل مقابلات للمحتجين فى مواقعهم أو فى مواقع اخرى ، كأعضاء في منظمات محددة، للحصول على تفاصيل وصورة أوضح ، لمعرفة من يحتج ولماذا وأين . هذه الوسيلة ، على سبيل المثال ، تم تطبيقها لدراسة المحتجين من أجل السلام في بريطانيا في عام 1960 وحديثاً في سياقات آخرى. بالاضافة إلى أن الافراد يمكن استغلالهم كمصادر قيمة للحصول على المعلومات عن الجماعات، المنظمات والتحالفات ، على عكس مجالات بحثية آخرى ، ومع ذلك الوسائل التجريبية والجماعات التى يتم التركيز عليها نادراً ما تستخدم في سياق سياسات الاحتجاج والحركات الاجتماعية.

اختصاراً، هناك نطاق أوسع للمصادر والأساليب المتاحة لدراسة مختلف أبعاد ومجالات الاحتجاج ، على الرغم من أن هذه الوسائل تلائم موضوع محدد في ظل دراسة ما ، فإن ولا وسيلة على سبيل الحصر خاصة بالسياسات الاحتجاجية إلا أن الاستخدام المتزايد والمنظم لهذه الوسائل فى العقود القليلة السابقة ولدت جسداً كبيراً من المعرفة الامبريقية عن السياسات الاحتجاجية . حيث أن بعض النتائج الموجودة بالأسفل تشير الى انتشار السياسات الاحتجاجية.

 

 

 

  • الأبعاد المتعددة لانتشار السياسات الاحتجاجية:-
  • القدرة على التعبئة والتكرار:-

السياسات الاحتجاجية تكون بلا وسائل في مجتمعات ما قبل الديمقراطية والشبه ديمقراطية .والديمقراطيات الغربية المتقدمة وبالرغم من اتساع ألياتها المؤسسة لها تقوم بتغذية اهتمامات ومصالح المواطنين في عملية صنع القرار بموجب الخبرة المتكررة في استخدام الاحتجاج .بالرغم من قلة البيانات المتاحة والمعتمد عليها للاحتجاج هناك مؤشرات تدل على أن تكرار الاحتجاج السياسي زاد و لم ينخفض ، في المانيا على سبيل المثال ، زاد عدد المحتجين السياسين من عام 1950 وحتى عام 1990 ، في فرنسا زادت عدد المظاهرات في العقود القليلة الماضية .

ونلاحظ أن المظاهرات أصبحت جزءاً من الروتين اليومي للديمقراطية ومن السمات التي تميزها. حيث ان زيادة استخدام الاحتجاج السياسي يدعمه سلسلة من الاحصاءات السكانية في العديد من الدول، ووفقاً لهذه الاحصاءات فإن هناك استعداد متزايد للمواطنين للمشاركة الفعلية في مختلف اشكال الاحتجاج. الاحتجاج بعبارة أخرى أصبح جزء طبيعى من السياسات ، كما أن تكرار استخدامه لا يدل بالضرورة على زعزعة /عدم الاستقرار أو أن هناك أزمة في القرار أو النظام السياسي ،والعكس يبدو صحيحاً فوفقاً لإحصاء القيم العالمي من عام 1999 حتى عام 2002 فإن المشاركة في مختلف أشكال الاحتجاج تزداد في الديمقراطيات الغربية الراسخة والديمقراطيات غير الغربية عنه في الديمقراطيات الحديثة في كل من وسط وشرق أوروبا وفي عدد من الدول الاقل نمواً من الجزء الجنوبي من العالم ،وهناك الشكل التخريبي للمشاركة في الاحتجاج كاحتلال المباني أو المصانع وهذا يحدث في الدول الأقل تقدماً وبشكل يتعدى  الدول المتقدمة غير الأوربية (وليس دول غرب أوربا )،

الفجوة في مشاركة المحتجين بين أوروبا الغربية ( بما في ذلك جنوب وشمال أوروبا ) ووسط وشرق أوروبا تأكدت بواسطة البيانات التي جاءت من الاحصاءات الاجتماعية الأوروبية التي اجريت عام 2002 وعام 2004

  • المشاركة في مختلف الأشكال الاحتجاجية وفقاً لمناطق العالم :-

 

 

المنطقة

 

التوقيع على العريضة

 

التواجد فى المظاهرات المشروعة

 

الانضمام للمقاطعة

 

الانضمام للاضرابات غير الرسمية

 

احتلال المبانى والمصانع

 

دول غرب اوروبا

 

56.0

 

27.3

 

13.4

 

6.9

 

4.5

 

الدول غير الاوروبية المتقدمة

 

61.8

 

20.2

 

14.5

 

6.5

 

2.1

 

دول وسط وشرق اوروبا

 

29.3

 

15.0

 

4.9

 

3.4

 

1.1

 

دول الجنوب الاقل تقدما

 

16.3

 

12.7

 

8,0

 

5,2

 

3.5

 

 

بالاضافة الى ان المشاركة في الاربعة أنشطة خلال ال12 شهراً الأخيرة (توقيع عريضة – مقاطعة المنتجات ، ارتداء أو عرض لشارات الحملة وملصقاتها ، المشاركة في المظاهرات العامة ) ازداد في أوروبا الغربية باستثناء المقاطعات والتي زادت ايضاً في أوروبا الشرقية من عام 2002 الى 2004

 

ب -القضايا والمطالبات:

في حين أن الفنات الاجتماعية والمعسكرات الأيديولوجية كانت واسعة لكن كان عددها قليل نسبياً ، في القرنين 18،19، اليوم الديمقراطيات الحديثة بنيت على بناء اجتماعي متباين للغاية مع وفرة / زيادة في الجماعات المختلفة والمتنوعة ، والتي تعيش كل واحدة منها في ظروف محددة وبالتالي تسعى لمصالح محددة ومطالبات سياسية محددة .

 

وفقاً لذلك فإن الموضوعات والقضايا تكون حول اي الاحتجاجات التي تم تنظيمها نمت بشدة، أيضاً الانشقاقات التقليدية (مثل اليسار مقابل /ضد اليمين، المحلي مقابل المركزي، العلمانية مقابل الدين)  لا تزال موجودة .ومع ذلك فإنهم فقدوا أهميتهم النسبية أمام تعدد الأخرين وامام الانشقاقات الجديدة. العديد من المشكلات والقضايا مثل الهندسة الوراثية، استنزاف طبقات الأوزون أو مخاطر انتاج الطاقة النووية لا يمكن أن يتم تفسيرها بواسطة الوسائل الخاصة بالانشقاقات التقليدية. بالإضافة الى أن العديد من المشكلات تؤثر فقط على الجماعات المهنية والاجتماعية البارزة والتي لم تعد مطالبها تمثل من قبل الجماعات الأوسع والأشمل (مثل الفلاحين والعمال وأصحاب المحلات)، فضلاً عن الجماعات المحددة مثل المتقاعدين ، الممرضات ، عمال النظافة ،الأمهات العازبات ، السحاقيات أو سائقي السيارات الذين دخلوا مرحلة الفاعاين المحتجين المتجانسين نسبياً.

 

ج – الفئات الاجتماعية :

انتشار الاحتجاج تقريبا في كل الطبقات الأجتماعية في الديمقراطيات المنشأة . في حين كان الاحتجاج يندرج أولاً تحت الجماعات المتميزة .(على الرغم من أنهم بالكاد الأكثر حرماناً ) اليوم أصبحت سهلة المنال لتقريباً كل أنواع الجماعات الاجتماعية أى شمل الاحتجاج تقريباً كافة أنماط الجماعات الأجتماعية ، نحن لا نشهد فقط احتجاجات العمال في وظائف غير ثابتة / غير مستقرة ولكن أيضاً أطباء الأسنان ورجال الشرطة وأساتذة الجامعة , لأن الاحتجاج انتشر عبر العديد من فئات السكان ويتزايد و ينظر اليه بشكل متزايد على أنه جزء من السياسات العادية ، حتى القادة السياسين أصحاب/ ذوي المناصب العليا الرفيعة يمكنهم أن

يشاركوا في أنشطة الاحتجاج.

كما هو الحال في المانيا،عندما ترأس العديد من الوزراء في الحكومة البفارية مظاهرة في الشارع ضد السلطة القضائية للمحكمة العليا في نوفمبر 1995 أو عندما قام القادة الممثلين للحكومة الفيدرالية الألمانية

بالمشاركة في مسيرات ضد  جناح اليمين المتطرف  في 1992 و2000

وبالمثل أنواع المنظمات التي تنادي بالاحتجاج أصبحت أكثر تنوعاً ليس فقط المعتادين مثل اليسار  الراديكالى، الاتحادات التجارية او جمعيات الطلاب ،ولكن ايضا الكثير من المؤسسات /الجمعيات التقليدية ،على سبيل المثال جماعات المحافظين او الجماعات المسيحية ايضا اصيبت بفيروس الاحتجاج . بالرغم من الاحتجاج قد لايكون جزءا من  ادوارهم المعتادة، ولكن بشكل اوسع الاحصاءات التمثيلية تشير الى وجود علاقة بين مستوى التعليم والميل الى المشاركة / الانضمام للأنشطة المختلفة للاحتجاج . وفيما يتعلق بجميع الدول الاربعة المتضمنة / المدرجة فى جدول 38 ، ظهرت انماط جديدة، فكلما زاد مستوى التعليم زادت نسبة الأفراد المشاركون فى الاحتجاج . هذا القانون الحديدى ينطبق على كافة العناصر الخمسة فى ظل تدقيق / مراجعة الاحصاء الاجتماعى العالمى لسنة 1999 الى سنة 2002 بالاضافة الى / بالمثل لكل

العناصر الاربعة للاحصاء الاجتماعى الاوروبى الذى اجرى فى عام 2004.

 

د – أشكال العمل :

خلال القرن العشرين اشكال وقنوات الاحتجاج اصبحت ايضا متعددة ومتنوعة وكثيرة، فى مجتمعات اخرى ماقبل الحداثة الاحتجاجات كانت تقتصر على مطالبات ومواضيع متواضعة و بسيطة والتى عادة ما يكون معبر عنها فى عريضة او التماس او خطابات للملك … الخ ، اذا كانت هذه القنوات مغلقة او محظورة فإن  المطالبين  سيلجأون الى التمرد والعصيان . وبالعكس الديمقراطيات الحديثة تتسم بزيادة المحتجين الذين يتراوحون بين المطالبات المتواضعة او الانفجارات العنيفة . ان الجزء الاكبر من السياسات الاحتجاجية

مقيدة بالأشكال المعتدلة والقانونية للتعبير عن المعارضة .

فى العديد من الدول طورت الشرطة روتين لضبط هذه الانواع من الاحتجاجات . فى برلين على سبيل المثال هناك من 2000 الى 2500 محتج اتخذوا مكانا بصفة ثانوية فى السنوات الاخيرة السابقة ،والاكثر من ذلك والاكثر تكرارا هناك مجموعات من التوقيعات  والاطروحات والاعتصامات والمسيرات والتجمعات والاصدارات الصحفية …الخ ، ومع الزيادة المتاحة لاجراء الشكاوى والدعاوى القضائية هذه القنوات اصبحت تستخدم على نطاق واسع ، فى بعض الحالات تصل لعشرات الآلا ف او حتى مئات الالاف من الافراد الذين يعترضون ويحتجون رسميا على المشروعات الصناعية والتكنولوجية مثل المفاعلات النووية والمطارات والسدود والقنوات وخطوط الانابيب …الخ .بالاضافة الى هذه الاحتجاجات القانونية الصارمة هناك العديد من الاشكال التخريبية ولكن لاتزال الاشكال غير العنيفة من الاحتجاج تزداد اهميتها فالحصار والخضوع واحتلال الابنية والدوافع السياسية الرافضة للمشاركة فى التعداد او لدفع ضرائب محددة تنتمى لهذه الفئة، فى حين ان هناك جماعات احتجاجية تمارس “فعل مباشر” لاسباب مفيدة، اخرون يفعلون ذلك ( يحتجون ) بروح العصيان المدنى والتى ترجع الى عدد من الظروف او الاسباب ليست بقليلة الاهمية وبغض النظر عن الشكل المحدد وروح هذه الانشطة هى قليلة التكرار بالمقارنة بالاحتجاجات القانونية كما انها تجذب القليل من المشاركين ، فى الاحصاءات التمثيلية تشير الى ان الاجيال الاصغر سناً يميلون الى المشاركة فى العديد من الاشكال التخريبية للاحتجاج مقارنة بالفئات او الجماعات الاكبر سنا ،وفقا لبيانات احصاء القيم العالمى في عام 1999 حتى عام 2002 هذا النموذج شهدته الدول الاوروبية الغربية ،فى حين ان 6.9% للمستجيبين لهذه الفئة العمرية حتى 25 سنة شاركوا فى احتلال المبانى او المصانع ،و 4.7% فى الفئة العمرية من 26 الى 35 سنة ،وفقط 3.0% من الفئة العمرية الأكبر من 50 سنة قاموا بذلك حسب الاحصاء .

ان اعمال التخريب فى الغالب انشطة ذكورية ، فى هذه المناطق الاربعة المدرجة فى جدول 38,1 نسبة مشاركة النساء فى احتلال المبانى او المصانع تتراوح مابين 1.8 % فى وسط وشرق اوروبا  إلى 3,8% في غرب اوروبا ،كانت نسبة اقل من الرجال ،وعلى العكس العديد من النساء كالرجال قاموا بالتوقيع على عريضة /التماس فى غرب وشرق ووسط اوروبا ،وفى الجماعات فى الدول المتقدمة غير الاوروبية عدد كبير من النساء مقارنة بالرجال قاموا بالتوقيع على العرائض .

 

هـ – الاقليم :-

اخيرا، الشئ الاكثر ملاحظة خلال العقود الاخيرة ان السياسات الاحتجاجية انتشرت ايضا عبر الاقليم وبين الدول والقارات ، ومع الوسائل الحديثة للاتصالات وعلى وجه التحديد تكنولوجيا التليفزيون والفيديو ، فإن الأنشطة الاحتجاجية التى تحدث فى مكان ما يمكن مشاهدتها عبر العالم كله ، ويمكن الاشارة الى القليل من الامثلة البارزة للمظاهرات الخاصة بميثاق الديمقراطية فى شيكاجو فى عام 1968، واحتجاج الطلاب خلال الالعاب الاوليمبية فى المكسيك فى عام 1968، واحتجاجات ميدان تيانانمن فى مدينة بكين عام 1998 ،وكذلك الثورة البرتقالية فى اوكرانيا عام 2005 ،اصبحت الافكار والمطالبات واساليب الاحتجاج تنتشر

 

 

سريعا لاماكن اخرى . ومتعلق بذلك ايضا سرعة ورخص وسائل الانتقال ( السفر) بالاضافة الى استخدام الانترنت كل ذلك سهل من عملية الانتشار .

ان الهجرة عبر الدول والقارات ساهمت فى الانتشار الاقليمى للاحتجاج .حيث ان الجماعات المهاجرة فى الديمقراطيات الغربية غالبا ما تثير مشكلات الجوع ، القمع السياسى ، الاستغلال الاقتصادى الموجودة فى دولهم (بلادهم الام ) وذلك يوسع من نطاق القضايا الاجتماعية فى المجتمع المضيف، على سبيل المثال هجرات المحتجين الجزائريين فى باريس عام 1961 ضد النظام الاستعمارى الفرنسى فى بلدهم ( ان الاحتجاج حدث بسبب قتل اكثر من مليون مشارك سلمى بواسطة الشرطة ) أيضاً اللاجئين السياسيين القادمين من شيلى لاوروبا القوا اللوم على حكومة بيونشيه على التعذيب والمذابح بعد الانقلاب العسكرى عام 1973 .الأكراد فى المانيا اغلقوا الطريق السريع لجذب الاهتمام للقمع فى شرق تركيا خلال فترة 1990 . فى العديد من هذه الحالات فإن الجماعات المهاجرة كانت مدعمة بواسطة تأييد و دعوة الجماعات المحلية . وبصفة عامة فإن المؤسسات البارزة مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ساعدت فى زيادة الوعى بالعنف ضد الحقوق المدنية والانسانية .

خلال السنوات القليلة الماضية ، فإن العلاقة بين شبكات الانترنت العابرة للحدود والمحتجين تعززت فى اطار ما سمته وسائل الاعلام ( جماعات ضد العولمة ) والتى تشير انشطتها الى “الحركات العالمية العادلة “، فى حين ان اصول هذه الحركات ترجع الى جماعات العالم الثالث فى عام 1960 حيث تم تصورهم على انهم ظاهرة جديدة ، خاصة منذ ثورة /انتفاضة زبتيستا فى عام 1996 .ومعسكر الاحتجاج ضد اجتماع منظمة التجارة العالمية فى سياتل عام 1999 ،منذ ذلك الحين العديد من قمم المواجهات (القمم المضادة)وغيرها من الجماهير الاحتجاجية ساهمت في تصويرالحركات الاحتجاجية عبر العالم  والتي القاسم المشترك الأصغر بينها هو الصراع /المقاومة ضد عولمة الليبرالية الجديدة وأنصارها مثل الشركات متعددة الجنسيات أو المؤسسات الحكومية الدولية مثل منظمة التجارة العالمية، البنك الدولى وصندوق النقد الدولى .

ان حركات العدل العالمية ليست فقط تتحرك وتقوم بالتعبئة ضد هذه الأهداف الخاصة بالقمم الرسمية ولكنها أيضاً بدأت تضع بنية تحتية دائمة من خلال تكوين تحالفات واسعة وتكوين شبكات اتصال متعددة القضايا والمشاركة في المنتديات الأجتماعية . ولقد اكتسبت مؤخراً اهتماماً من خلال المنتدى الأجتماعي العالمي الأول في البرازيل في عام 2001 كرد فعل مباشر للمنتدى الأقتصادي النخبوي العالمي والمؤسس جيداً والذي حدث في swiss mountain resort of Davios دافوس في سوسيرا والذى يعقد سنوياً .

خلال القليل من السنوات ، المنتدى الاجتماعي العالمي أصبح نشط فيما يتعلق بحقوقه بمشاركة الجماهير من جميع القارات .وأفكار المنتدى اتشرت ايضاً على المستوى العالمي  (على سبيل المثال المنتديات الأجتماعية الأوربية الأربعة في فلورنسا، باريس، لندن وأثينا على التوالي) أخيراً المنتديات المحلية القومية عقدت في عدد معقول من الدول .في أوروبا فكرة المنتدبات غالباً تكون قوية ،وفي ايطاليا مع وجود 150 جماعة محلية حرة التعاون ،والقدرة على التعبئة بالتعاون مع العديد من الجماعات اليسارية الأخرى ، مئات الألأف من الأفراد يحتجون في الشارع بهدف عام هو الغاء ومحو الليبيرالية الجديدة .

وبالرغم من زيادة الوعي فهناك التأثيرات الجانبية السلبية للعولمة الاقتصادية ،على الرغم من ذلك حققوا تطوراً ملحوظاً في السنوات القليلة الأخيرة ،بالاضافة لذلك هناك دعم من بعض الحكومات المحلية ،أصبحوا قادرين على الوصول لمزيد من الأهداف المحددة مثل إحباط الاتفاقات المتعددة عن الإستثمار في عام 1997 ،حظر الألغام الأرضية في أواخر عام 1990، والوصول الى تخفيف جزئي لعبء الديون للدول الفقيرة في بداية /أوائل عام 2000

 

 

 

 

  • محددات وتأثيرات الاحتجاج

 

رفضت العديد من الدراسات الامبريقية الافتراض القائل أنها كلما زادت المظالم زادت مشاركة الأفراد في الاحتجاج السياسي أو الاجتماعي .المدارس النظرية المختلفة أكدت مجموعة مختلفة من العوامل مثل ادراك وتصور المظالم/ المعاناة واسبابها ، التأثير المتوقع للاحتجاج ، القاعدة الهيكلية ، القواسم  الهيكلية المشتركة للمحتجين والشكل التنظيمي والاطار الهيكلي الذي يتضمن السياسة والاقتصاد والثقافة والفرص والقيود في عملية الاحتجاج .العلاقة بين هذه المجموعات من العوامل ظهرت بواسطة استخدام البيانات المختلفة .والأكثر استخداماً هو الاحصاءات السكانية (احصاءات تمثيل السكان ) احصاءات المشاركين في الأحداث الفعلية للاحتجاج والبيانات المستمدة من حدث الاحتجاج والمطالبات و تقارير الجرائد وأرشيفات الشرطة . وهذه العوامل مفيدة في الدخول الى نظام صنع القرار ، التحالفات المتاحة ،وقدرة الدولة.

ان دور الهياكل الاطارية المختلفة عند مقارنة دولة باسكو الاسبانية  مع غيرها من الأقاليم في أسبانيا مبنية على بيانات الشرطة ، كاسكيت قامت بحساب معدل كثافة المظاهرات والتي تقاس بواسطة عدد المظاهرات لكل ألف من السكان وكان تقريباً 18,3مرة أعلى في دولة باسكو عن باقي أسبانيا  في فترة الخمس سنوات من عام 1996 حتى عام 2000 ، هذا الاختلاف على المدى البعيد لابد أن يتم تفسيره بواسطة المؤسسات

السياسية والثقافية

البحث الاحصائي / الميداني من ناحية أخرى مفيد في القاء الضوء على الخصائص الاجتماعية الديمغرافية ، والمواقف والقيم وحساب المنافع والتكلفة .وحديثا تستخدم أيضاً الاحصاءات لاختبار العلاقة بين العوامل المختلفة للمشاركة في الاحتجاج ، المتضمنة ليس فقط الجغرافيا الاجتماعية ولكن أيضاً العوامل الأقتصادية والسياسية والثقافية . بواسطة استخدام المسح العالمي للقيم في 1990/1991

أوضح رولرو و ويبلس في عام 1996 أن الاطار التنظيمي كانضمام الأفراد للمنظمات يساهم في فهم الاحتجاج القانوني عن الاحتجاج غير القانوني، وفقاً للاطار الواسع للاحتجاج السياسي فإن تحليلاتهم تقترح أنه كلما تقدم المجتمع ( قياساً بمجموعة العوامل الأجتماعية والاقتصادية والعوامل السياسية ) زاد مدى المشاركة السياسية . كما اختبر دالتون وفان في الاحصاء القيمي العالمي من عام 1999 حتى عام 2002 التأثير النفسي  لهذه الموارد /المصادر والهياكل والأسس الثقافية للاحتجاج ( فيما يتعلق بالمتغير المستقل . لاحض البنود الموجودة في الجدول 38,1 )

توصل الباحث ختاماً، وبإختصار الى أن الاحتجاج يمكن تفسيره بواسطة العوامل الموجودة في الديمقراطيات الصناعية الحديثة عبر المؤسسات السياسية الفعالة وقيم ما بعد المادية ،كل من هذه المتغيرات (العوامل ) توضح العلاقة القوية والوثيقة بالاحتجاج كما تعرض التأثير المستقل على النماذج المتعددة المتغيرات .

على الرغم من الاهتمام السياسي فإن دراسة تأثير الاحتجاج لا زال يعاني من نقص في البيانات المقارنة المنهجية . فيما يتعلق بوفرة الأدبيات التي تتناول في بعص الأحيان تأثيرات الاحتجاج فإن القليل من النتائج متاحة بشكل جزئي هذا يعود الى الصعوبات المنهجية في تحديد وقياس العوامل المستقلة والتابعة

بعض التأثيرات الاحتجاجية قد تتحقق فقط بعد فترة زمنية معقولة أو من خلال التفاعل مع عوامل أخرى غير الاحتجاج . حتى أن الفشل التام لاحتجاج يمكن أن يساهم في نجاح احتجاج أخر (قد يشكل قوة دافعة لنجاح احتجاج اخر ) يدعم ذلك أن الفاعلين تعلموا الدرس، الحقيقة تكمن في هروب انتباه الدارسين (العلماء) والمشكلة الأخرى تنبع من حقيقة أن المحتجين أحياناً يقومون بتعديل أهدافهم خلال حملاتهم  ، يجعلون من ذلك نقطة للنجاح والفشل .

من المأمون القول أن حجم و أشكال الاحتجاج ترتبط بشكل غير مباشر بالمخرجات ، من ناحية بعض المحتجين ( حتى المنضمين للاحتجاجات الكبيرة والكثيفة ) لا يبدو عليهم محاولة الوصول لنتائج مؤكدة ،ومن ناحية أخرى حتى الاحتجاجات الصغيرة قد تكون نتيجة لتغير سياسي جوهري ،الاحتجاج التخريبي قد

 

يحظى بتنازلات من السلطات أو قد يقوي المحتجين المعتدلين بواسطة ما يدعى تأثير الجناح الراديكالي . في ظروف أخرى قد تخلق انقسامات بين المحتجين ، تغير الافراد الذين قد يتعاطفون مع سبب الاحتجاج أو استخدام القمع من قبل السلطة .

على الرغم من ، أن الاحتجاج يفشل عادة  في تحقيق نجاح سياسي كامل أو جوهري . إلا أنه يكون له تاثير محدود على أحد أبعاد المخرجات المتعددة مثل الـتأثير على الرأي العام ، اضعاف أو تقوية منظمات الاحتجاج ، أعطاء الشرعية للخصوم ،تعديل سلوك التصويت ، التاثير على قواعد اللعبة. . . الخ
سواء كانت أحداث الاحتجاج تعتمد اكثر على الظروف ام لا بما فى ذلك إعلام المحتجين ، قوةالأنصار ، الأسباب الثقافية للمحتجين ، مصداقية المحتجين .

في القليل من اللحظات الأستثنائية، الاحتجاج قادر على خلق تاريخ كما في الثورات السلمية التي حدثت في أوروبا الشرقية في أواخر 1980 ، في مواقف أخرى يثير الاحتجاج مواجهة قوية ضده وبالتالي يفشل .

في المنظور التاريخي ،من الواضح أن هناك العديد من الانجازات التي يمكن أخذها كمسلمات وهي المخرجات العديدة وأنشطة الاحتجاج . وذلك لضمان الحقوق الأساسية الدستورية و الحقوق المدنية والاجتماعية للأفراد ولكن قد لا تساوي شيئاً ، إذ تحقتت هذه الانجازات من خلال جماعات كرة الأجانب وجماعات ضد الديمقراطية الذين يستخدمون أشكال متعددة للاحتجاج للترويج لرؤيتهم .

 

الخاتمة

 

خلال القرنين الماضيين ، وبصفة أكثر وضوحاً خلال العقود الثلاثة الأخيرة . فإن السياسات الاحتجاجية شهدات تغيرات ، وبمعنى واسع الاحتجاج السياسي ظهر وزادت مصطلحاته الخاصة بتسلسل أو بتكرار الأحداث وعدد المشاركين والانتشار والتنوع الخاص بمستوى القضايا والأشكال والمجالات الاجتماعية ،والانتشار المكاني عبر الدول والقارات وانتقل ألى المستوى الدولي أو عبر الوطني .وفي هذا الصدد يمكن ملاحظة انتشار السياسات الاحتجاجية ، خلال هذه العمليات ، فإن الاحتجاج فقد الكثير من صورته السابقة كظاهرة غير تقليدية ومقلقة .

على الأقل الأشكال المعتدلة ومظاهرات الاحتجاج المقبولة والتي تمارس من خلال فئات /شرائح كبيرة من المجتمع في الغالب تكون من الطبقات /الفئات الأجتماعية الأفضل تعليماً. وعلى مدى أقل ، أشكال المواجهة للاحتجاج (الفعل المباشر أو العصيان المدني ) زاد أيضاً. وفيما يتعلق بالاحتجاج العنيف ليست هناك بيانات يعتمد عليها عبر الدول ،فالاتجاهات تبدو متنوعة من دولة لأخرى ،بإستثناء الأنشطة العنيفة ، السياسات الاحتجاجية لم تعد فقط عادية (مقبولة ) لاعتيادنا عليها ولكن أيضاً لاكتسابها الشرعية .كما ان دعاة الديمقراطية المشاركة يرون الاحتجاج كعنصر صحي وهام للديمقراطية القوية .

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …