الرئيسية / النظم السياسية / الأحزاب والجماعات / التمكين المتبادل للدولة والمجتمع: طبيعتها وشروطها وآلياتها وحدودها
التمكين المتبادل للدولة والمجتمع: طبيعتها وشروطها وآلياتها وحدودها
التمكين المتبادل للدولة والمجتمع: طبيعتها وشروطها وآلياتها وحدودها

التمكين المتبادل للدولة والمجتمع: طبيعتها وشروطها وآلياتها وحدودها

التمكين المتبادل للدولة والمجتمع: طبيعتها وشروطها وآلياتها وحدودها

 

عرض لـ:

شو وانغ ، “التمكين المتبادل للدولة والمجتمع: طبيعتها وشروطها وآلياتها وحدودها” ، السياسة المقارنة ، المجلد.

Xu Wang, “Mutual Empowerment of State and Society: Its Nature, Conditions, Mechanisms, and Limits,” Comparative Politics, Vol. 31, No. 2 (January, 1999), 231-249.

اشراف

أ.د. على الدين هلال

اعداد

أحمد خميس

جامعة القاهرة

كلية الاقتصاد والعلوم السياسية

قسم العلوم السياسية

برنامج الدكتوراه

 

التعريف بالمؤلف واسئلته البحثية:

مؤلف هذه المقالة هو  ” تشو وانج  ” Xu Wangالذى يعمل أستاذ مساعد للسياسة العامة والإدارة في قسم الإدارة العامة، جامعة  تاينان الوطنية، بمدينة تاينان في تايوان. حصل على درجتى الماجستير والدكتوراة في “الإدارة العامة” من جامعة تونغاي فى تايشونج وجامعة تشينجتشي الوطنية فى تايبيه وذلك في عامى. يركز فى بحوثه على استخدام وتكامل منهج تحليل الشبكة الاجتماعية فى القضايا المتعلقة بالسياسة والادارة.

وقد سعت هذه الورقة البحثية للإجابة عن ثلاث أسئلة بحثية رئيسية هى:

  • نوعية القوة التى يمكن تنميتها بين الدولة والقوى المجتمعية.
  • الظروف التى يمكن فى ظلها تحقق التمكين المتبادل وآلياته.
  • القيود الواردة على العلاقة التفاعلية بين الدولة والمجتمع فى إطار التمكين المتبادل.

وكان هدف هذه الدراسة طرح علاقة الدولة بالمجتمع ف إطار مفهوم التمكين المتبادل، عبر التأكيد على أن التفاعل بين الدولة والقوى المجتمعية يساعد على خلق مزيد من القوة للطرفين، وبين التنمية الاقتصادية والتحول الديمقراطى من ناحية أخرى.

أولاً: الإطار النظرى لمفهوم التمكين المتبادل:

طرح وانج مفهوم التمكين المتبادل على اساس فكرة القيمة المضافة أو المباراة الايجابية للعلاقة بين الدولة والمجتمع، بمعنى أخر، لا يعنى تمكين القوى الاجتماعية اضعاف الدولة، حيث تؤدى التنمية الاجتماعية للمنظمات الاجتماعية إلى ربط الطلب الاجتماعى بقوة الدولة؛ مما يدعم القدرة المؤسسية للدولة. بمعنى ثالث طرحت هذا المفهوم ليحل محل الإطار القديم القائم على أن الدولة فى مواجهة المجتمع، وأن الصراع بينهما على أنه طبيعة صفرية.

وقد دعم حجية التمكين المتبادل عبر استخدامه للعديد من الأمثلة الإمبريقية، ومنها:

– الدراسة التى أعدها Naomi Chazan عن الحياة المؤسسية ف أفريقيا جنوب الصحراء، ذكر فيها على:

1- أن تنمية المجتمع المدنى فى افريقيا تحدث بشكل متوازن مع شكل الدولة داخل القارة.

2- أن مرحلتى بناء الدولة داخل افريقيا فى التاريخ الحديث كانتا فترات النشاط المؤسسي.

3- ارتباط بين قوة وضعف الدولة الأفريقية منذ حركات التحرر وضعف المجتمع المدنى بسبب سيطرة الدولة ثم تآكل الدولة ثم اعادة تاسيس المجتمع المدنى؛ مما دعم بناء وقوة واستقلالية الدولة، كما حدث فى الثمانينات من القرن الماضي.

4- أن قوة وقدرة ( مؤسسات) المجتمع المدنى المستقل نسبيا عن الدولة تؤدى إلى وجود دولة مستقلة قوية.

– وفى دراسة عن الصين لـ Viven Shuo توصلت إلى:

1- قدرة الدولة تحققت بقيامها بانجاز اصلاح اجتماعى، نتج عنه خلق موارد قوى جديدة داخل المجتمع.

2- أن عجز الدول بعد الثورات على اعادة الالتحام الاجتماعى داخل المجتمع؛ نتيجة التجزئة التى تحدث فى المجتمع. وقد طرحت حلا لهذه التجزئة عبر التأكيد على دور المؤسسات المدنية التوحدية؛ كنتيجة للإصلاح البيروقراطى والسوقى. وترى ان الترتيبات الاجتماعية الحديثة تخدم القوى الاجتماعية فى التغلب على التجزئة المجتمعية، وتخدم الدولة فى تجميع المعلومات، والتخطيط، وتطبيق السياسات.

– أجرى Atol Kohli دراسة حول بناء آليات التمكين المتبادل للتكييف أزمة الحكم فى الهند، وما ترتب عليها من تآكل أنماط الهيمنة التقليدية فى الهيكل الاجتماعى، وظهور العديد من الجماعات فى الساحة السياسية. ومن هنا طرح ضرورة وجود علاقة تمكين متبادل تعتمد على المؤسسات المتداخلة Viability التى تربط بين قوة الدولة والمجتمع، مثل الاحزاب السياسية.

ثانياً: نوعية قوة الدولة:          

ميز بين نوعين من قوة الدولة:

  • النوع الاستبدادى Despotic: يشير إلى القوة التوزيعية لنخبة الدولة على المجتمع المدنى، فنخبة الدولة تتصرف فى الأمور دون مراعاة ( أو استشارة) الجماعات المدنية.
  • النوع الهيكلى Infrastructural: يشير إلى تحكم القوة الاجتماعية فى الحياة الاجتماعية عبر هياكل الدولة.

وقد فرق بين النوعين السابقين:

  • فرأى أن الدولة تحقق تحول اجتماعى نسبي وفقاً لهيكل القوى الموجود بها.
  • القوى الاجتماعية قد لا تتواجد فى الانظمة الاستبدادية.
  • زيادة القوى البنيوية للدولة لا يعنى بالضرورة زيادة القوة الاستبدادية التوزيعية.
  • القوى الاستبدادية هى مباراة صفرية صراعية مع المجتمع المدنى.
  • تعمل النظم الهيكلية على تقوية مؤسسات المجتمع المدنى.
  • يمكن ان تدعم قوة الدولة كآلية جماعية المجتمع المدنى عبر التنمية الهيكلية الاجتماعية.

 

ثالثاً: شروط التمكين المتبادل:

ذكر تشو العديد من شروط التمكين المتبادل بين الدولة والمجتمع، لعل اهمها:

  • توافر رأسمال اجتماعى مقوم اساسي لنجاح التمكين المتبادل.
  • عوامل اجتماعية واقتصادية قوية، كالتجانس الاثنى والدينى، والمساواة الاقتصادية بين الجماعات الاجتماعية المختلفة. ويرى تشو أن عدم التجانس لا يمنع حدوث التمكين المتبادل.
  • سعى كلا من الدولة والحركات الاجتماعية إلى تحقيق اهداف جماعية، فالدولة قد تساعد فى تكوين وتنظيم وتمويل مؤسسات المجتمع المدنى، ويسد المجتمع المدنى النواحى التى تقصر الدولة فيها.
  • تماسك مؤسسات الدولة، ومؤسسات المجتمع المدنى.
  • تنظيم الجماعات الاجتماعية.
  • اتباع الدولة والحركات الاجتماعية ل “سياسات الرضاء المتبادل”.
  • استخدام التمكين المتبادل كاستراتيجية تنموية، عبر انغماس الدولة ومؤسسات المجتمع المدنى فى علاقات اجتماعية تعددية.
  • ضرورة مشاركة المواطنين حتى تنشأ مؤسسات مجتمع مدنى قوية.
  • مشاركة الدولة فى مشروعات المجتمع المدنى من ناحية، ومشاركة المؤسسات الاجتماعية للدولة فى اعادة تقوية المؤسسات العامة.

بمعنى أخر، يعتبر التعاون بين الدولة والمجتمع مفتاح التحول الاقتصادى الناجح، فامتلاك الدولة لبيروقراطية متطورة، تجعل من العسير قيام الجماعات الاجتماعية القوية باستخدامها للتلاعب، من ناحية، ومن ناحية أخرى تجعل ليس من الهين على النخبة استخدامها للتلاعب ايضا.

  • البيروقراطيات المتطورة شرط من شروط التمكين المتبادل.
  • التنمية الاقتصادية شرط من شروط التمكين.

رابعاً: التمكين المتبادل كحل لمعضلة الدول النامية:

أثار مفهوم التمكين المتبادل بين الدولة والمجتمع فى الدول النامية خلال فترات التحول الاقتصادى، والاصلاح السياسي الكثير من الجدل بين المهتمين لقضايا التنمية؛ نتيجة أن الدولة فى الدول النامية محملة بمهام مزدوجة:

  • ضرورة تحقيق التحول الديمقراطى.
  • ضرورة تحقيق الاصلاح السياسي.

فالتنمية الاقتصادية المستدامة تتطلب وجود دولة قوية قادرة على تقليل مصالح الحركات الاجتماعية فى ظل استراتيجيات التنمية طويلة المدى، وفى المقابل تتطلب التنمية السياسية فى الدول النامية وجود مساحة للحياة المدنية المنظمة، وتضامن القوى الاجتماعية.

وأكد وانج أن مقولة او مفهوم التمكين المتبادل قد حظيت بدعم النظريات التنموية، التى اكدت على حدوث الدعم المتبادل خلال عملية التحول، وغن استخدموا فيها انصار النظريات التنموية مفاهيم كمفهوم الانتاج المشترك والتعاون، لوصف كيف يساعد الارتباد المدنى فى تقوية مؤسسات الدولة، والعمل على زيادة فاعليتها. وبالتالى يعد التمكين المتبادل فرصة سياسية للدول النامية فى تحديد شكل العلاقة بين الدولة والمجتمع. وبالتالى الاستقلالية مع الاندماج Embedded Autonomy الصفة الاساسية للدولة التنموية، بدلا من الانعزال الكامل.

ويكشف التمكين المتبادل عن قيدين:

  • محاولة الدولة لنشر قوتها الديكتاتورية وقوة بنيتها التحتية، وهو ما يتطلب وجود نظام محاسبة وتوازن قوى من جانب مجتمع مدنى قوى ومستقل.
  • عدم وجود توافق أو مصالح مشتركة بين مختلف القوى الاجتماعية، نتيجة انها ليست قوى تجميعية وشاملة، مما يتطلب ان تمثل الدولة فى هذه الحالة المصلحة العليا.

خلاصة ما سبق، أن تشو اعتمد على طرح مفهوم التمكين المتبادل كأداة مفاهيمية، وفرصة سياسية لتحقيق التحول الاقتصادى والديمقراطى فى الدول النامية. ويؤكد على ضرورة احداث نواع من التوازن بين الاستقلالية ودرجة من الاعتماد تساعد فى تحقيق التمكين المتبادل بين الدولة والمجتمع. وأن تحقق ذلك يستلزم التفانى بين النخب داخل الحكومة، والقوى المهيمنة داخل المجتمع.

وتعتير دراسة تشو دراسة جادة تحاول ان ترسخ لمفهوم التمكين المتبادل كحل لمعضلة الدول النامية ( التحول الاقتصادى والتنمية السياسية). وقد التزم بتحليل الاسئلة البحثية التى طرحها.

وتفتح دراسة تشو الباب امام مزيد من الدراسات التى قد ترسخ المفهوم فى الدول النامية عامة، والدول العربية خاصة، ومصر بالتحديد. فضلا عن امكانية البحث فى الظروف التى قد تحول التمكين المتبادل إلى افتراس متبادل Trap of Mutual PREDATION والتى اغفلها تشو.

وقد شاب هذه الدراسة العديد من اوجه النقد لعل اهمها: أولها، عدم ذكره للظروف التى تؤدى لتحول التمكين المتبادل بين الدولة والمجتمع إلى افتراس متبادل. وثانيها، كيف نحقق التمكين المتبادل فى مجتمع غير متجانس دينيا، او عرقيا، او غير ذلك خاصة فى جل وجود قوى اجتماعية غير توحدية وشاملة. وثالثها، اغفاله لشكل العلاقة بين الدولة والمجتمع في اطار ما يسمى بمجتمع المخاطر، الذى يحدد طريقة التعامل مع المخاطر، وما تفرضه من دراسة لابعاد المستقبل لتقليل تلك المخاطر الناتجة عن المدنية والتحديث، فهل فى حالة مجتمع المخاطر ستكون العلاقة بين الدولة والمجتمع علاقة تمكين متبادل أم صراع وسيكون احدهما منتصر فى النهاية؟

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …