الرئيسية / العلاقات الدولية / القانون الدولي / مفهوم جريمة العدوان في نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة
مفهوم جريمة العدوان في نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة
مفهوم جريمة العدوان في نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة

مفهوم جريمة العدوان في نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة

مفهوم جريمة العدوان في نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة

أ. كينة محمد لطفي

أستاذ مساعد- أ-

كلية الحقوق والعلوم السياسية

جامعة الوادي

ملخص:

لقد مر مفهوم العدوان في نظام روما بمرحلتين : الأولى أثناء انعقاد المؤتمر المعني بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1998، حيث تباينت المواقف الدولية من إدراج جريمة العدوان ضمن اختصاص المحكمة، وتم الاتفاق على تأجيل ممارسة المحكمة لاختصاصها بالنظر في الجريمة إلى غاية اعتماد حكم يعرف الجريمة، ويضع الشروط والأركان اللازمة لقيامها، وهو ما تم بالفعل في المرحلة الثانية في مؤتمر “كامبالا” سنة 2010، حيث تم الاتفاق على تعريف للجريمة، وتحديد اختصاص المحكمة للنظر في هاته الجريمة، ولكن الممارسة الفعلية لذلك سوف لن تكون ممكنة قبل سنة 2017.

الكلمات المفتاحية :جريمة العدوان،القانون الدولي الجنائي، المحكمة الجنائية الدولية، المؤتمر الاستعراضي،العدالة الجنائية الدولية، نظام روما الأساسي.جمعية الدول الأطراف.

Abstract:

The concept of aggression in the Rome Statute has undergone two phases: the first was during the Conference on establishing the International Criminal Court in 1998- where varied international positions of the inclusion of the crime of aggression within the jurisdiction of the Court. It, therefore, was agreed to postpone the exercise of the court’s jurisdiction to consider the crime until the adoption of a rule that characterizes as crime, and its necessary conditions for its existence. Accordingly, this has led to adopting the aforementioned conditions during the second conference in the “Kampala” conference in 2010, where it has been agreed on the definition of the crime, and determined the court’s jurisdiction to deal with the crime, but the actual practice it will not be possible until 2017.

Key words : The crime of aggression, International Criminal Law, International Criminal Court, Review, Conference, International criminal justice, The Rome Statute, Assembly of States’ Parties

مقدمة :

لا شك أن جريمة العدوان تشكل أقسى وأفظع الجرائم في حق البشرية لما يصحبه من ارتكاب انتهاكات خطيرة أخرى للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، ووصفت هذه الجريمة بأنها (أم الجرائم) إذ كثيرا ما تكون هي السبب الأصلي لارتكاب الجرائم الأخرى، والاعتداء على حقوق الإنسان، والجرائم الأخرى (الجرائم ضد الإنسانية،جرائم الحرب، جرائم الإبادة) غالبا ما تكون فرعية لجريمة العدوان، ونظرا لخطورتها فهي يجب أن ألا تترك دون عقاب لتحقيق العدالة الجنائية الدولية في المجتمع الدولي(1).

والمقصود بجريمة العدوان شن الحرب العدوانية من دولة ما ضد دولة أخرى، ولقد عانى المجتمع الدولي لفترة زمنية طويلة من آثار وكوارث الحرب العدوانية التي قامت بها الدول القوية ضد الدول الضعيفة، ورغم ذلك لم يحاكم المسؤولون عن هذه الحروب جنائيا، ولم توقع عليهم العقوبات المناسبة الرادعة، وذلك لعدم وجود تعريف واضح ومحدد للعدوان آنذاك، على الرغم من أن مفهومه ثابت ومستقر في وجدان المجتمع الدولي منذ بداية القرن العشرين، وجرمته العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية دون أن تضع تعريف له(2).

وما إن بدأت الجهود الدولية لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية حتى تولد لدى غالبية أعضاء المجتمع الدولي الأمل في إدراج الجريمة ضمن الجرائم الخاضعة لاختصاص المحكمة والعقاب عليها، فلا توجد عدالة جنائية دولية دون العقاب على جريمة العدوان، لذلك كان هناك شبه إجماع على ضرورة إدراج الجريمة في النظام الأساسي، وهذا الأمر لم يكن بالسهولة التي كانت تتوقعها الدول، إذ ظهرت معارضة شديدة من الدول التي تتضرر مصالحها القومية بإدراج الجريمة في النظام الأساسي(3).

ومر إدراج جريمة العدوان ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بمرحلتين : المرحلة الأولى أثناء انعقاد المؤتمر الدبلوماسي المعني بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1998، والمرحلة الثانية أثناء المؤتمر الاستعراضي في مدينة “كامبالا” بأوغندا سنة 2010.

وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل حول: ما هو مفهوم جريمة العدوان في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؟، وكيف تم التوصل إلى تحديد اختصاص المحكمة للنظر في هاته الجريمة؟.

وللإجابة على هذه الإشكالية فسنتعرض إلى ما يلي:

$1- المبحث الأول: الخلاف حول إدراج الجريمة ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

$1- المبحث الثاني:جريمة العدوان في نظام روما الأساسي حسب مؤتمر كامبالا الاستعراضي 2010.

المبحث الأول: الخلاف حول إدراج جريمة العدوان ضمن اختصاص المحكمة

تباينت المواقف الدولية من إدراج جريمة العدوان ضمن الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية، وانقسمت ما بين أغلبية مؤيدة لهذا الاختصاص، وأقلية معارضة له، وهو ما يدعونا إلى عرض أهم المواقف المؤيدة لإدراج الجريمة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (المطلب الأول)، وكذلك أهم المواقف المعارضة لذلك (مطلب ثاني)، وأخيرا عرض ما تم التوصل إليه بهذا الشأن (مطلب ثالث).

المطلب الأول: الدول المعارضة لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالنظر في جريمة العدوان:

لقد عارضت قلة من الدول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالنظر في جريمة العدوان، وطالبت باستبعاد العدوان من اختصاص المحكمة وعدم خضوعه لها، متذرعة بعراقيل شتى قانونية، وسياسية، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة هذه الدول المعارضة، حيث أكد مندوبها في الجلسة السادسة لاجتماعات اللجنة أن إثارة جريمة العدوان يثير مشكلة التعريف، ومشكلة لدور مجلس الأمن، وأنها متشككة فيما إذا كان المؤتمر سوف يستطيع أن يعتمد تعريفا مرضيا من أجل إقرار المسؤولية الجنائية قبل الغير، وأن قرار الجمعية العامة “3314” لا يحاول تعريف العدوان كجريمة فردية، وما يفعله هو مجرد تكرار صيغة ميثاق “نورمبرغ”، ولهذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعارض إدراج جريمة العدوان ضمن الاختصاص الموضوعي للمحكمة(4).

وهو ما أيده المندوب الإسرائيلي الذي أشار إلى أنه غير مقتنع بوجوب إدراج جريمة العدوان في اختصاص المحكمة، وقال: “إن النظام الأساسي لهذه المحكمة ينص على جزاءات عقابا على الأفعال الإجرامية أو الامتناع، ويتعين أن يستند إلى تعريف دقيق ومقبول عالميا، ولا يلوح في الأفق حتى الآن ظهور تعريف لجريمة العدوان بهذا الشكل، وقد يؤدي عدم وجوده إلى استعمال تعريف وراءه دوافع سياسية قد يؤثر على استقلال المحكمة، وطابعها غير السياسي”(5).

وحجج الولايات المتحدة وإسرائيل الموضحة أعلاه ليست هي الدافع الرئيسي لوقوفهما ضد إدراج العدوان، فإسرائيل كانت تدرك أنها ستكون مقصرة، ووجود جهاز قضائي عادل يعني تجريم الأفعال التي ترتكبها، ومعاقبة مسؤوليها، وهذا يعتبر تهديدا لمشاريعها التوسعية، أما الولايات المتحدة الأمريكية فإن معارضتها لم تكن تتعلق بعدم وجود تعريف للعدوان وإنما تنصب هذه المعارضة على إدراج جريمة العدوان بشكل نهائي في اختصاص المحكمة، فضلا عن أنها كانت تريد أن يحتفظ مجلس الأمن بسلطته المطلقة في تحديد وقوع العدوان، وبذلك تتحكم هي في هذه المسألة، وإدراجه يعني فرض قيد على قدرتها في استخدام القوة تحقيقا لمصالحها القومية بصورة منفردة دون الرجوع إلى مجلس الأمن، كما فعلت في العراق، وأفغانستان(6).

ولم يقتصر المعارضة لاختصاص المحكمة للنظر في جريمة العدوان على الدول الكبرى، بل حتى الدول النامية قد وجد فيها من يعارض اختصاص المحكمة بالنظر في جريمة العدوان مثل: باكستان، المكسيك، المغرب، فمثلا ذكرت المغرب أن العدوان يعتبر سياسيا في طبيعته، ومع صعوبة إيجاد تعريف دقيق له، ودور مجلس الأمن، فإن المغرب يرى استبعاد العدوان من قائمة الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة(7).

المطلب الثاني:الدول المؤيدة لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالنظر في جريمة العدوان

بدا واضحا أثناء انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي المعني بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية وجود إرادة قوية لدى غالبية الدول في أن يشمل الاختصاص الموضوعي للمحكمة جريمة العدوان، وهو ما عبرت عنه الدول بصورة واضحة وصريحة، سواء في الكلمات الرسمية أمام المؤتمر، أو في المناقشات المنفصلة التي تمت في اجتماعات اللجان المتخصصة(8).

وكان من الطبيعي أن تكون الدول العربية في مقدمة هذه الدول المؤيدة لاختصاص المحكمة بالنظر في جريمة العدوان، وهو ما عبرت عنه مصر في كلمتها أمام المؤتمر والتي جاء فيها أنه:”بالنسبة للجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، فقد أيدت مصر دائما إدراج العدوان ضمن هذه الجرائم، لأنها تشكل أقسى، وأفضع الجرائم في حق البشرية، ولا يمكن أن تترك بلا عقاب من نظام قضائي جاء ليدعم العدالة في المجتمع الدولي –وأنه على الرغم من – الصعوبات التي تعترض إدراج هذه الجريمة إلا أن تلك الصعوبات يمكن التغلب عليها إذا توافرت الإرادة اللازمة لذلك…”. وهو ما أكده وتبناه أيضا وفد سوريا الذي جاء في كلمته:”… تمكين المحكمة من ملاحقة مرتكبي العدوان بوصفه جريمة ضد السلام بدقة وبمعيار واحد…” (9)، وهو ذات الموقف الذي أكدته معظم الدول العربية.

أما عن مواقف الدول الكبرى والتي أيدت إدراج العدوان ضمن اختصاص المحكمة، فقد اجتمعت كل من فرنسا، وبريطانيا على نفس الرأي، فقد أعرب ممثلا الوفدين عن قبول إدراج جريمة العدوان في اختصاص المحكمة على أساس شرطين. الشرط الأول: أنه ينبغي أن يكون بالإمكان الموافقة على تعريف دقيق وواضح بما فيه الكفاية. أما الشرط الثاني: فهو ضرورة الإبقاء على الصلة المناسبة مع مجلس الأمن، فلا يمكن للمحكمة أن تتناول أي قضية إلا بعد أن يقرر مجلس الأمن في أن فعلا عدوانيا قد وقع(10).

وأيدت كل من سلوفينيا، بلجيكا، إيران، الاتحاد السوفياتي، الهند، جنوب إفريقيا، الدانمارك، اليونان، ألمانيا، وكوستاريكا، وسلوفاكيا، السنغال، تايلاندا، زامبيا، ايطاليا، وغيرها موقفا مؤيدا لإدراج جريمة العدوان في اختصاص المحكمة، وأن الإخفاق في إدراج هذه الجريمة سوف يعرض وجود المحكمة للخطر، وأن المحكمة دون وجود اختصاص لها بشأن العدوان ستكون رمزية أكثر منها فعلية(11).

وفي هذا الصدد قدمت مجموعة من الدول اقتراحات لتعريف العدوان وشروطا لممارسة المحكمة لاختصاصها المتعلق بجريمة العدوان، فهناك من الدول من أيد تعريف الجمعية العامة للعدوان في قرارها رقم “3314” سنة 1974، وذلك نظرا لأهمية التعريف الذي جاء بتوافق الآراء بعد مناقشات استمرت أكثر من 20 عاما، كما أن تعريف الجمعية العامة يحمل علامات حل وسط نظرا لأنه احتفظ بدور مجلس الأمن، حيث تنص المادة الرابعة من قرار تعريف العدوان على أن الأعمال المذكورة ليست شاملة، ويجوز لمجلس الأمن أن يقرر أن أعمال أخرى تشكل عدوانا بمقتضى الميثاق(12).

وقد قدمت اللجنة التحضيرية المتعلقة بجريمة العدوان اقتراحا لتعريف العدوان في فقرتين كما يلي(13):

“- لغرض هذا النظام الأساسي تعني جريمة العدوان: أي فعل من الأفعال التالية يرتكبه الفرد في وضع يمكنه من ممارسة السيطرة، أو يكون قادرا على توجيه العمل السياسي، أو العسكري للدولة:

بدء، أو تنفيذ هجوم مسلح من جانب دولة ضد السلامة الإقليمية، أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى، عندما يكون هذا الهجوم المسلح منافيا- بشكل ظاهر- لميثاق الأمم المتحدة، ويكون هدفه أو نتيجته الاحتلال العسكري، أو الضم لإقليم الدولة الأخرى، أو جزء منه من قبل القوات المسلحة للدولة القائمة بالهجوم”.

وقد اقترحت مجموعة من الدول من بينها الجزائر، والبحرين، أن يدرج في إطار التعريف إشارة إلى حق الشعوب في تقرير المصير، والحرية، والاستقلال، جنبا إلى جنب مع (السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي)، ذلك لأن الاستعمار عدوان دائم ومستمر(14).

المطلب الثالث: ما تم الاتفاق عليه بالنسبة لجريمة العدوان

مع إصرار غالبية الدول وحركة عدم الانحياز وبعض الدول الأوروبية، ورغم المعارضة الأمريكية والإسرائيلية وبعض الدول الأخرى، فإن جريمة العدوان قد أدرجت ضمن المادة (5) من النظام الأساسي لكي تكون ضمن الجرائم الأخرى (جرائم الحرب، الجرائم ضد الإنسانية، جريمة الإبادة) التي تخضع لاختصاص المحكمة، ورغم أن إدراجها في النظام الأساسي يعتبر انجازا كبيرا إلا أن نتائج الإدراج جاءت بالشكل الذي يرضي الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. فالفقرة الثانية من المادة الخامسة أجلت ممارسة المحكمة لاختصاصها بنظر جريمة العدوان إلى حين اعتماد حكم يعرف الجريمة، ويضع الشروط والأركان اللازمة لقيامها ودخولها في اختصاص المحكمة(15).

فبالرجوع إلى أحكام المادتين (121) و(123) من نظام روما نجد أنها قد عالجت المسائل المتعلقة بكيفية إيجاد تعريف العدوان، والأغلبية المطلوبة لذلك في جمعية الدول الأطراف، والاستثناءات بالنسبة للدول التي ترفض الموافقة على التعريف، وبالتالي واستنادا لذلك فإنه يلزم لاعتماد التعريف، ومن ثم دخول هذه الجريمة في اختصاص المحكمة ما يأتي(16):

– انقضاء مدة سبع سنوات على بدء نفاذ نظام روما الأساسي.

– أن يتم ذلك في مؤتمر استعراضي لجمعية الدول الأطراف.

– قبول تعريف العدوان بإجماع دول جمعية الدول الأطراف، أو بأغلبية ثلثي هذه الدول.

– إرجاء ممارسة المحكمة الجنائية الدولية اختصاص النظر في الجرائم العدوان إلى ما بعد مضي سنة واحدة من تاريخ إيداع وثائق التصديق، أو الموافقة بالنسبة للدول التي وافقت عليه.

– عدم جواز ممارسة المحكمة الجنائية الدولية اختصاص النظر في العدوان فيما يتعلق بالدول التي ترفض التعريف، وذلك عندما يرتكب العدوان في إقليمها، أو يتهم بارتكابه أحد رعاياها.

وهذا كله يعد إرضاء وامتيازا للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لأن المادتين تقتضيان مرور سبع سنوات لنفاذ النظام، ومرور سنة بعد إيداع صك التصديق، أي 8 سنوات لتمارس المحكمة اختصاصها، وهي مدة طويلة وفرصة مناسبة للإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة، وتؤدي إلى ضياع الأدلة والإثباتات، وما يزيد من فرص الإفلات من العقاب أن الفقرة (5) من المادة (121) قد علقت ممارسة المحكمة لاختصاصها على إرادة الدول، فهي ستمارس هذا الاختصاص تجاه الدول التي ستوافق على التعريف، وبالتالي حتى ولو انضمت الولايات المتحدة وإسرائيل للنظام الأساسي، ورفضتا التعريف فلن تمارس المحكمة اختصاصها على الجرائم التي يرتكبها رعاياها(17).

وما يثير التساؤل أيضا هو رفض الدول المتفاوضة اعتماد التعريف الذي جاءت به الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1974 في قرارها رقم (3314)، مع أنه يعد تعريفا شاملا، فضلا عن أن القضاء الدولي السابق، وخاصة محاكمات “نورمبرغ” قد جرمت العدوان، وعاقبت مرتكبيه، دون تعريف محدد له.وبالنظر لما جاء في النظام الأساسي من نصوص نجد أنه قد حدد نفسه بنفسه، وقرر صراحة أنه لا يمكنه تجاوز أحكام ميثاق الأمم المتحدة، وبالتالي لا يمكن تجاوز صلاحيات مجلس الأمن في مسألة العدوان، واختصاصه في تحديد وجود هذه الحالة من عدمه، وهذا من شأنه تعطيل عمل المحكمة قانونيا، والسيطرة عليها سياسيا(18).

هذا وتجدر الإشارة إلى أن جمعية الدول الأطراف في دورتها الأولى المنعقدة في نيويورك للمدة من 3- 10 سبتمبر 2002قد اعتمدت مشروع قرار مقدم من اللجنة التحضيرية بشأن مواصلة العمل المتعلق بجريمة العدوان، قضى بإنشاء فريق عمل خاص يعني بجريمة العدوان، تكون عضويته مفتوحة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وأعضاء الوكالات المتخصصة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بغية صياغة مقترحات لوضع أحكام العدوان، على أن يعرض الفريق العامل هذه المقترحات على الجمعية في مؤتمر استعراضي بهدف التوصل إلى أحكام مقبولة بشأن جريمة العدوان، يمكن أن تدرج في النظام الأساسي(19).

المبحث الثاني:جريمة العدوان في نظام روما حسب مؤتمر كامبالا الاستعراضي لعام 2010

إن مؤتمر “كامبالا” الاستعراضي لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المنعقد ما بين 31 ماي و11 جويلية 2010 بأوغندا، والذي جاء تطبيقا للمادة (123) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تطلب من الأمين العام للأمم المتحدة بعقد مؤتمر استعراضي للنظر في أي تعديلات للنظام الأساسي بعد نفاذه بسبع سنوات، قد تضمن تعديلات هامة على النظام الأساسي خاصة فيما يتعلق بجريمة العدوان وأهمها: ما يتعلق بتعريف الجريمة(المطلب الأول)، وكيفية ممارسة المحكمة لاختصاصها فيما يتعلق بالجريمة (المطلب الثاني)، وأهم التعديلات فيما يخص أركان جريمة العدوان (المطلب الثالث).

المطلب الأول:تعريف جريمة العدوان حسب المؤتمر الاستعراضي لعام 2010

حيث ورد تعديل على جريمة العدوان، وذلك بحذف نص (الفقرة 2 من المادة 5) من نظام روما الأساسي، ونص على وجوب إدراج تعريف جريمة العدوان بموجب نص (المادة 8 مكرر) كالتالي(20):

1- لأغراض هذا النظام الأساسي تعني “جريمة العدوان”: قيام شخص ما له وضع يمكنه فعلا من التحكم في العمل السياسي، أو العسكري للدولة، أو من توجيه هذا العمل بتخطيط، أو إعداد، أو بدء، أو تنفيذ عمل عدواني يشكل بحكم طابعه، وخطورته، ونطاقه، انتهاكا واضحا لميثاق الأمم المتحدة.

2- لأغراض الفقرة (1) يعني “العمل العدواني”: استعمال القوة المسلحة من جانب دولة ما ضد سيادة دولة أخرى، أو سلامتها الإقليمية، أو استقلالها السياسي، أو بأي طريقة أخرى تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، وتنطبق صفة العمل العدواني على أي عمل من الأعمال التالية سواء بإعلان حرب أو بدونه، وذلك وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3314 (د-29) المؤرخ في 14 ديسمبر 1974:

أ- قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى، أو الهجوم عليه، أو أي احتلال عسكري ولو كان مؤقتا ينجم عن مثل هذا الغزو، أو الهجوم، أو أي ضم لإقليم دولة أخرى، أو لجزء منه باستعمال القوة.

ب- قيام القوات المسلحة لدولة ما بقصف إقليم دولة أخرى بالقنابل، أو استعمال دولة ما أية أسلحة ضد إقليم دولة أخرى.

ج- ضرب حصار على موانئ دولة ما، أو على سواحلها، من جانب القوات المسلحة لدولة أخرى.

د- قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية، أو البحرية، أو الجوية، أو الأسطولين البحري والجوي لدولة أخرى.

ه- قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بموافقة الدولة المضيفة على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها الاتفاق، أو أي تمديد لوجودها في الإقليم المذكور إلى ما بعد نهاية الاتفاق.

و- سماح دولة ما وضعت إقليمها تحت تصرف دولة أخرى بأن تستخدمه هذه الدولة الأخرى لارتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة.

ز- إرسال عصابات أو جماعات مسلحة، أو قوات غير نظامية، أو مرتزقة من جانب دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى بأعمال من أعمال القوة المسلحة، تكون من الخطورة بحيث تعادل الأعمال المعددة أعلاه، أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك”.

ويتبين من نص المادة (8 مكرر) أنها استندت إلى تعريف الجمعية العامة لجريمة العدوان في قرارها رقم (3314) لسنة 1974، والذي كان وسطا بين التعريف العام للعدوان والتعريف الحصري له، أي أخذت بالتعريف المختلط، أو الاسترشادي، الذي يعطي تعريفا عاما، ثم يعدد بعض الأعمال العدوانية على أساس التوضيح.

المطلب الثاني: ممارسة الاختصاص فيما يتعلق بجريمة العدوان

سنتعرض في هذا الفرع إلى كيفية ممارسة المحكمة لاختصاصها فيما يتعلق بجريمة العدوان، وذلك من خلال الإحالة من قبل الدولة ومباشرة المدعي العام التحقيقات من تلقاء نفسه(الفرع الأول)، وأيضا الإحالة من مجلس الأمن(الفرع الثاني).

الفرع الأول:الإحالة من قبل الدولة ومباشرة المدعي العام التحقيقات من تلقاء نفسه.

تم الاتفاق في مؤتمر “كامبالا” على إدراج المادة (15 مكرر)- المتعلقة بممارسة الاختصاص بشأن جريمة العدوان أثناء الإحالة الصادرة من الدول، ومباشرة المدعي العام التحقيقات من تلقاء نفسه- بعد المادة (15) من النظام الأساسي، والتي تنص على ما يلي:(21)

1- يجوز للمحكمة أن تمارس الاختصاص بشأن جريمة العدوان وفقا للمادة 13(أ) و(ج) رهنا بأحكام هذه المادة.

2-لا يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة العدوان إلا فيما يتعلق بجرائم العدوان التي ترتكب بعد مضي سنة واحدة على مصادقة أو قبول التعديلات من ثلاثين دولة طرف.

3- تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بجريمة العدوان وفقا لهذه المادة، ورهنا بقرار يتخذ بأغلبية دول أطراف تساوي الأغلبية المطلوبة لاعتماد تعديلات على النظام الأساسي، وذلك بعد الأول من جانفي2017.

4- يجوز للمحكمة وفقا (للمادة 12) أن تمارس اختصاصها بشأن جريمة العدوان التي تنشأ عن عمل عدواني ترتكبه دولة طرف، ما لم تكن تلك الدولة الطرف قد أعلنت سابقا أنها لا تقبل الاختصاص عن طريق إيداع إعلان لدى المسجل، ويجوز سحب هذا الإعلان في أي وقت، ويجب النظر فيه من قبل الدولة الطرف خلال ثلاث سنوات.

5- فيما يتعلق بدولة ليست طرفا في هذا النظام الأساسي لا يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها المتعلق بجريمة العدوان عندما يرتكبها مواطنو تلك الدولة أو ترتكب على إقليمها.

6- عندما يخلص المدعي العام إلى وجود أساس معقول للبدء في تحقيق يتعلق بجريمة عدوان عليه أن يتأكد أولا مما إذا كان مجلس الأمن قد اتخذ قرارا مفاده وقوع عمل عدواني ارتكبته الدولة المعنية، وعلى المدعي العام أن يبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بالوضع القائم أمام المحكمة، بما في ذلك أي معلومات، أو وثائق ذات صلة.

7- يجوز للمدعي العام في الحالات التي يتخذ فيها مجلس الأمن مثل هذا القرار أن يبدأ التحقيق فيما يتعلق بجريمة عدوان.

8- في حالة عدم اتخاذ قرار من هذا القبيل في غضون 6 أشهر بعد تاريخ الإبلاغ، يجوز للمدعي العام أن يبدأ التحقيق فيما يتعلق بجريمة عدوان، شريطة أن تكون الشعبة التمهيدية قد أذنت ببدء التحقيق فيما يتعلق بجريمة عدوان وفقا للإجراءات الواردة في المادة (15)، وأن لا يكون مجلس الأمن قد قرر خلاف ذلك طبقا للمادة (16).

9- لا يخل القرار الصادر من جهاز خارج المحكمة بخصوص وقوع عمل عدواني بما تخلص إليه المحكمة في إطار هذا النظام الأساسي.

10- ليس في هذه المادة ما يخل بالأحكام المتعلقة بممارسة الاختصاص فيما يتعلق بجرائم أخرى مشار إليها في المادة (5).

الفرع الثاني: الإحالة من مجلس الأمن

أما بالنسبة للإحالة من طرف مجلس الأمن فلقد تم إدراج المادة (15 مكرر 2) المتعلقة بممارسة الاختصاص بشأن جريمة العدوان أثناء الإحالة الصادرة من مجلس الأمن، وذلك بالنص على ما يلي(22):

1- يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها المتعلق بجريمة العدوان طبقا للمادة 13(ب) رهنا بأحكام هذه المادة.

2- لا يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة العدوان إلا فيما يتعلق بجرائم العدوان التي ترتكب بعد مضي سنة واحدة على مصادقة أو قبول التعديلات من ثلاثين دولة طرف.

3- تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بجريمة العدوان رهنا بأحكام هذه المادة، وبموجب قرار يتخذ بأغلبية دول أطراف تساوي الأغلبية المطلوبة لاعتماد تعديلات على النظام الأساسي وذلك بعد الأول من جانفي2017.

4- لا يخل القرار الصادر من جهاز خارج المحكمة بخصوص وقوع عمل عدواني بما تخلص إليه المحكمة في إطار هذا النظام الأساسي.

5- ليس في هذه المادة ما يخل بالأحكام المتعلقة بممارسة الاختصاص فيما يتعلق بجرائم أخرى مشار إليها في المادة(5).

كما توصل الأطراف إلى تفاهمات بخصوص تعديلات نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بشأن جريمة العدوان على النحو التالي(23):

أولا:الإحالات من مجلس الأمن

1- من المفهوم أنه يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها بشأن جريمة العدوان بناء على إحالة من مجلس الأمن وفقا للفقرة (ب) من المادة (13) من النظام الأساسي بعد مرور سنة واحدة على التصديق، أو القبول بالتعديلات من ثلاثين دولة طرف، أو (يضاف نص مماثل للفقرة (3) من المادة (15) مكرر) أيهما يكون تاليا.

2- من المفهوم أن تمارس المحكمة اختصاصها بشأن جريمة العدوان بناء على إحالة من مجلس الأمن وفقا للفقرة (ب) من المادة (13) من النظام الأساسي، بغض النظر عما إذا كانت الدولة المعنية قبلت اختصاص المحكمة في هذا الصدد.

ثانيا: الاختصاص الزمني بشأن جريمة العدوان.

3- من المفهوم وفقا للفقرة (أ) أو (ج) من المادة (13) من النظام الأساسي أن ممارسة المحكمة لاختصاصها تنحصر في جرائم العدوان المرتكبة فقط بعد اتخاذ القرار المنصوص عليه في الفقرة (3) من المادة (15) مكرر، ومرور سنة واحدة على التصديق، أو القبول بالتعديلات من 30 دولة طرف أيهما يكون تاليا.

ثالثا: الاختصاص المحلي بشأن جريمة العدوان

4- من المفهوم أن التعديلات التي تتناول فعل العدوان وجريمة العدوان تنطبق فقط لأغراض هذا النظام الأساسي، ووفقا للمادة (10) من نظام روما الأساسي، لا تفسر هذه التعديلات على أنها تحد، أو تخل، بأي شكل من الأشكال بقواعد القانون الدولي القائمة، أو التي تتطور فيما بعد لأغراض غير أغراض هذا النظام الأساسي.

5- من المفهوم أن هذه التعديلات لا يجب أن تفسر على أنها تنشئ الحق في ممارسة الاختصاص المحلي أو الالتزام به فيما يتعلق بفعل عدوان ترتكبه دولة أخرى.

بعد عرضنا لحالات ممارسة المحكمة لاختصاصها فيما يخص جريمة العدوان، يلاحظ أن الأحكام المعتمدة في مؤتمر “كامبالا” تمنح للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها فرض سياستها بشأن المحكمة الجنائية الدولية، من خلال سلطة مجلس الأمن في تحديد وقوع العدوان كشرط إجرائي مسبق لتحرك المحكمة الجنائية الدولية تجاه الجريمة، مما يجعل المحكمة تابعة لمجلس الأمن، ومن جهة أخرى إمكانية مجلس الأمن تأجيل إجراءات المحكمة الجنائية الدولية بخصوص الجريمة في الحالة التي تكون فيها للمحكمة الجنائية الدولية رخصة مباشرة إجراءاتها تجاه الجريمة بصرف النظر عن تحديد مجلس الأمن لوقوع فعل العدوان أم لا، وهي الحالة التي تتمثل في عدم قيام مجلس الأمن بتثبت وقوع العدوان في مدة ستة أشهر من تبليغ المدعي العام الأمين الأممي بالوضع القائم أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وكذلك يؤخذ عليها أيضا تركها الباب مفتوحا للدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية سحب اختصاصها عن نظر الجريمة، حيث من غير المعقول أن تلزم نفسها بالنظام الأساسي، طالما أنها لن تستفيد من حماية هذا النظام في حالة وقوع العدوان عليها من دولة غير طرف في المحكمة، أو وقوعه من دولة طرف لكنها سحبت اختصاص المحكمة عن نظر هذه الجريمة.

وما يلاحظ على اختصاص المحكمة على جريمة العدوان أن الممارسة الفعلية لهذا الاختصاص يكون مرهونا ومشروطا باتخاذ جمعية الدول الأطراف لقرار في هذا الشأن بأغلبية مساوية للأغلبية المطلوبة لاعتماد تعديلات على النظام الأساسي، وسوف لن يكون ذلك ممكنا قبل شهر جانفي 2017 وهي مدة تعتبر طويلة.

المطلب الثالث: التعديلات المتطرق لها فيما يتعلق بأركان جريمة العدوان.

في مؤتمر “كامبالا” تم تعديل الفقرة (1) من المادة (9) من نظام روما الأساسي المتعلقة بأركان الجرائم،حيث أصبحت بعد التعديل كما يلي:” تساعد أركان الجرائم المحكمة في تفسير وتطبيق المواد (6) و(7) و(8) و(8) مكرر، وتعتمد هذه الأركان بأغلبية ثلثي أعضاء جمعية الدول الأطراف”،وإعمالا للفقرة (1) من المادة (9) تم اعتماد تعديلات على أركان الجرائم بشأن جريمة العدوان التي تم التعامل معها حصرا وفقا لتعريف الجريمة في المادة (8 مكرر)، وكانت التعديلات كما يلي(24):

مقدمة:

1- من المفهوم أن عبارة العمل العدواني تنطبق على أي من الأعمال المشار إليها في الفقرة (2) من المادة (8) مكرر.

2- لا يلزم إثبات أن مرتكب الجريمة قد أجرى تقييما قانونيا لما إذا كان استعمال القوة المسلحة يتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة.

3- كلمة “واضحا” هي وصف موضوعي.

4- لا يلزم إثبات أن مرتكب الجريمة قد أجرى تقييما قانونيا للطابع “الواضح” لانتهاك ميثاق الأمم المتحدة.

*الأركان:

1- قيام مرتكب الجريمة بتخطيط عمل عدواني، أو بإعداده، أو بدئه، أو تنفيذه.

2- كون مرتكب الجريمة شخص في وضع يمكنه من التحكم فعلا في العمل السياسي، أو العسكري للدولة التي ارتكبت العمل العدواني، أو من توجيه هذا العمل.

3- ارتكاب العمل العدواني المتمثل في استعمال القوة المسلحة من جانب دولة ما ضد سيادة دولة أخرى، أو سلامتها الإقليمية، أو استقلالها السياسي، أو بأي صورة أخرى تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة.

4- كون مرتكب الجريمة مدركا للظروف الواقعية التي تثبت أن استعمال القوة المسلحة على هذا النحو يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة.

5- العمل العدواني يشكل بحكم طابعه، وخطورته، ونطاقه انتهاكا واضحا لميثاق الأمم المتحدة.

6- كون مرتكب الجريمة مدركا للظروف الواقعية التي تثبت هذا الانتهاك الواضح لميثاق الأمم المتحدة.

الخاتمة

بعد عرضنا لمفهوم جريمة العدوان في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تبين لنا أنه في إطار وضع نظام روما في مؤتمر الأمم المتحدة المنشئ للمحكمة لم يتم إقرار المسؤولية عن الجريمة، بسبب صعوبة التوصل إلى اتفاق حول تعريفها، وكيفية ممارسة المحكمة لاختصاصها على هذه الجريمة عند وقوعها، خاصة ما يتعلق بدور مجلس الأمن في تحديد وقوع العدوان من عدمه، وهو ما تم الفصل فيه في المؤتمر الاستعراضي في “كامبالا” بأوغندا 2010، حيث تم الاتفاق على تعريف للجريمة، والسماح للمحكمة بممارسة ولايتها القضائية فيما يخص الجريمة، إلا أنه ورغم ذلك فلا تزال الممارسة الفعلية للولاية خاضعة للقرار الذي سيتم اتخاذه بعد الأول من جانفي 2017 من قبل الأغلبية نفسها من الدول المطلوبة لاتخاذ أي تعديل في النظام الأساسي.

وما يعاب على مؤتمر “كامبالا” رغم وصوله إلى اتفاق بشأن تعريف جريمة العدوان أنه أعطى لمجلس الأمن – الذي لا يملك الحق، ولا تعترف 4 دول من أعضائه الدائمين بنظام روما – سلطة محاكمة من يعترفون بالنظام، ليكرس مفهوم أن المحكمة وجدت للأفارقة، ولدول العالم الثالث، وإبقاء الدول الكبرى وأتباعها فوق القانون، وكذلك تقييد صلاحيات المدعي العام بقيود من حديد، وبالتالي تكريس العدالة الانتقائية على حساب العدالة الدائمة.

الهوامش :

$11. عبد الله علي عبو سلطان، دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق الإنسان، دار دجلة،عمان،2010،ص127.

$12. منتصر سعيد حمودة،المحكمة الجنائية الدولية، دار الجامعة الجديدة للنشر،الإسكندرية، 2006،ص 153.

$13. كمال حماد،جريمة العدوان إحدى الجرائم الخطيرة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ، ضمن الندوة العلمية (المحكمة الجنائية الدولية تحدي الحصانة)، كلية الحقوق، جامعة دمشق، من 3-4 تشرين الأول،2001، ص ص 270-276.

$14. راجع الوثيقة رقم:A/CONF/183.C1/SR.6.ARABIC.P.16.

$15. راجع الوثيقة رقم:A/CONF/183.C1/SR.6.ARABIC.P.9.

$16. عبد الله علي عبو سلطان، مرجع سابق، ص 134.

$17. إبراهيم الدراجي،جريمة العدوان ومدى المسؤولية القانونية الدولية عنها، منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت،2005، ص 960.

$18. نايف حامد العليمات، جريمة العدوان في ضل نظام المحكمة الجنائية الدولية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2010، ص 294.

$19. إبراهيم الدراجي، مرجع سابق، ص955.

$110. راجع في موقع المحكمة على شبكة الانترنت وثائق مؤتمر روما:A/CONF.183/C.1/SR6-ARABIC.P18.

$111. راجع في موقع المحكمة على شبكة الانترنت وثائق مؤتمر روما:A/CONF.183/C.1/SR6-ARABIC.P23.

$112. Giorgio Gaja,The cong journey to wards Repressing Aggression, The Rome statute of the international criminal court, A commentary, Volume1,Oxford university press,2005,p435.

$113. أنظر الوثيقة رقم:A/CONF.18212/Add.1.P14,15. .

$114. Giorgio Gaja,op cit,p436,437.

$115. عبد الله علي عبو سلطان، مرجع سابق، ص 136.

$116. ضاري خليل محمود،المحكمة الجنائية الدولية هيمنة القانون أم قانون الهيمنة،منشأة المعارف، الإسكندرية،2008، ص 147.

$117. ولا شك أن منح الدولة صلاحية رفض التعريف والتهرب من اختصاص المحكمة إنما يعد من قبيل التحفظ على اختصاص أصيل للمحكمة بالنظر في أخطر جريمة دولية على الإطلاق، وهذا يتنافى مع النظام الأساسي نفسه الذي نص في المادة 120 منه على:”لا يجوز إبداء أية تحفظات على هذا النظام الأساسي”.أنظر: عبد الله علي عبو سلطان، مرجع سابق، ص 137.

$118. لندة معمر يشوي،المحكمة الجنائية الدولية الدائمة واختصاصاتها، دار الثقافة للنشر والتوزيع،عمان، ص 218.

$119. ضاري خليل محمود، مرجع سابق، ص 147.

$120. أنظر القرار رقم (RC/RES,6)، اعتمد القرار بتوافق الآراء في الجلسة العامة الثالثة عشرة المعقودة في 11 جوان 2010 على الموقع الالكتروني:www.kampala.icc_cpi.info/fr.

$121. أنظر القرار رقم (RC/RES,6)2010.

$122. أنظر القرار رقم (RC/RES,6)2010.

$123. أنظر القرار رقم (RC/RES,6)2010.

$124. أنظر القرار رقم (RC/RES,6)2010.

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …