الرئيسية / النظم السياسية / التحول الديمقراطي / مراحل التغير والتحول في النظم الديموقراطية “ما بعد نجاح التحول الديموقراطي”
مراحل التغير والتحول في النظم الديموقراطية "مراحل ما بعد نجاح التحول الديموقراطي"
مراحل التغير والتحول في النظم الديموقراطية "مراحل ما بعد نجاح التحول الديموقراطي"

مراحل التغير والتحول في النظم الديموقراطية “ما بعد نجاح التحول الديموقراطي”

“تحولات الدولة الديمقراطية”

Transformations of the Democratic State[1]

 

مقدم إلى:

أ.د/ على الدين هلال

 

إعداد:

كريمان طه معوض عفيفى

كلية الإقتصاد والعلوم السياسية

قسم العلوم السياسية

تمهيدى دكتوراه-العام الجامعى2014/2015

مسار النظم السياسية المقارنة

نظرية السياسة المقارنة (مقرر إجبارى)

 

المحتويات

رقم الصفحة الـــــمــحــــتـــــــــــــــــــــوي
­2 تمهيد
2 أولاً: نبذة عن المؤلفين  
2 ثانياً: هدف المقال
2 –            ثالثاً: الأسئلة التى طرحها المؤلفون والمنهج المستخدم
3-12 رابعاً: الأفكار التى طرحها المؤلفون:  
4-12     مراحل التغير والتحول في النظم الديموقراطية (مراحل ما بعد نجاح التحول الديموقراطي):
4 أولاً: مرحلة استقرار الدول الديموقراطية (1950-1960):

Stabilization of democratic states

5-6 ثانياً: مرحلة التعديلات الجزئية في إطار الترتيبات الدستورية القائمة (أواخر 1960 وأوائل 1970):

Changes below the Surface of Constitutional Arrangements

 

5

أ‌-   فتح الدولة المجال أمام الحركات الإجتماعية الجديدة
5-6            ب- تفكك الروابط الوثيقة بين الدولة والمجتمع المدنى
6            ج- إصلاحات جديدة فى الإدارة العامة: الإقتصاد والقضاء
6-11 ثالثاً: الموجة الثالثة للإصلاحات المؤسسية منذ عام 1990:

A Surge of Institutional Reforms

7-8           أ-إصلاح النظم الإنتخابية
8-9           ب-توسيع الديمقراطية المباشرة وأشكال جديدة من مشاركة المواطنين
9-10           ج-اللامركزية
10-11           د-الهيئات الإدارية المستقلة
11-12 رابعاً: مرحلة جديدة للدول الديمقراطية (ما بعد 2008)

A New (Post-2008) Phase of the Democratic State

 

12 خامساً: أهم النتائج التى توصل إليها المؤلفون (خاتمة)
12-15 سادساً: التقييم

تمهيد:

يأتى هذا الفصل تحت عنوان “تحولات الدولة الديمقراطية” وهو الفصل الأول من كتاب تحولات الدولة؛ الذى يتناول فى ستة أجزاء محددات وأبعاد التحول الديمقراطي من أصولها فى أجزاء مختلفة من العالم وعبر فترات زمنية مختلفة، ومدى وكثافة الإختلاف فى هذا التحول منذ الحرب العالمية الثانية فى الدول المتقدمة، عالم ما بعد الشيوعية، ودول الجنوب. ومناقشة تصورات ونظريات الدولة، وظهور الدول الحديثة، كيفية تدخل الدول، قيامها بوظائفها، وتعاملها مع العولمة، وكيفية التأثير على هياكلها فى ظل التحديات الدولية والمحلية الجديدة.

 

أولاً: نبذة عن المؤلفين:

   يشترك كل المؤلفين فى المجال البحثى بمركز البحوث التعاونية فى مجال “تحولات الدولة 2003-2014” بألمانيا، ويعد فرانك نولمر أستاذ العلوم السياسية بقسم العلوم السياسية، ومدير قسم “النظرية ودستور دولة الرفاه” بمركز أبحاث السياسة الإجتماعية، إضافة إلى كونه عضو هيئة تدريس بجامعة بريمن بألمانيا، أما أندرياس هيب فهو أستاذ دراسات الإعلام والإتصال بقسم الدراسات الثقافية، ومدير مركز الإعلام والإتصال وعلوم المعلومات بجامعة بريمن بألمانيا. كما أن ستيفن شنايدر أستاذ محاضر بقسم العلوم السياسية بجامعة بريمن بألمانيا.

 

ثانياً: هدف المقال:

يتناول هذا الفصل مراحل التغير والتحول الديمقراطى فى النظم الديمقراطية (مراحل ما بعد نجاح التحول الديمقراطى)، يعرض أولاً مرحلة إستقرار الدول الديمقراطية (1950-1960)، ثانياً مرحلة التعديلات الجزئية فى إطار الترتيبات الدستورية القائمة (أواخر 1960 وأوائل 1970)، ثالثاً الموجة الثالثة للإصلاحات المؤسسية منذ عام 1990، ورابعاً مرحلة جديدة للدول الديمقراطية ما بعد 2008.

 

ثالثاً: الأسئلة التى طرحها المؤلفين والمنهج المستخدم:

   لم يشر المؤلفين إلى المنهج البحثى ولكنهم طرحوا أسئلة بحثية في ضوء تحليل مراحل التحول الديمقراطى فى الدول المتحولة ديمقراطياً بالفعل بالإعتماداً على الخلفيات العلمية لكل منهم من حيث تخصصاتهم فى مجال تحولات الدولة وهى:

  • كيفية التحول الديمقراطي فى الدول الديمقراطية؟
  • هل تعد التعديلات الدستورية آلية للتحول الديمقراطي للدول؟
  • هل يعد فتح الدولة المجال أمام الحركات الإجتماعية الجديدة والمجتمع المدنى آلية للتحول الديمقراطي للدول؟
  • هل تعد الإصلاحات الجديدة فى الإدارة العامة آلية للتحول الديمقراطي للدول؟
  • كيفية مأسسة الديمقراطية؟
  • هل يعد إصلاح النظم الإنتخابية، الديمقراطية المباشرة، والمشاركة الجديدة للمواطنين آليات للتحول الديمقراطي للدول؟
  • هل تعد كل من اللامركزية والهيئات الإدارية المستقلة آليات للتحول الديمقراطي للدول؟
  • ما هى سمات الدولة الديمقراطية بعد 2008؟

 

 

رابعاً: الأفكار التى طرحها المؤلفون: حاول المؤلفون الإجابة على أسئلتهم بعد المقدمة التالية:

تعد اليوم كل الدول الديمقراطية دول رأسمالية منذ عام 1950، وشهدت أوروبا الغربية حتى السبعينيات من القرن العشرين ثلاث بؤر تسلطية: أسبانيا، البرتغال، واليونان حتى عام 1974.

إستدل المؤلفون فى هذا المقال على الدول المتحولة بالفعل نحو الديمقراطية. ويروا فقط أن سويسرا والولايات المتحدة الأمريكية كانتا دولاً ديمقراطية حقيقية قبل عام 1915. حدثت فى فترة ما بين الحربين العالميتين فى القرن العشرين تغييرات كبيرة عبر تحول جميع الدول المتقدمة تكنولوجياً فى أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية فى إتجاه الديمقراطية.

   ويمكن الإستدلال على الدول الديمقراطية عبر وجود إنتخابات حرة وعامة، توسيع ورسوخ حقوق الإنسان، سيادة القانون والدستور، وجود مناخ عام تعددى، وبالتالى تكون الدولة مؤهلة للتحول إلى الديقراطية بإعتبارها دولة مستقرة بشكل ملحوظ.

تختلف معالم الديمقراطية إختلافاً كبيراً بين ديمقراطيات الأغلبية، البرلمانية، الرئاسية، شبه الرئاسية، والفيدرالية. وتوجد صلة وثيقة بين الهياكل الديمقراطية والإقتصادات الليبرالية ومنها أمثلة على ديمقراطيات الاغلبية: المملكة المتحدة، أستراليا، كندا، ونيوزيلندا، وإستثناء حالة مختلطة وهى الولايات المتحدة الأمريكية. في حين أن إقتصادات السوق منسقة خاصة فى ألمانيا، اليابان، سويسرا، النمسا، بلجيكا، هولندا، السويد، الدنمارك، والنرويج والتى تعد ديمقراطيات توافقية رغم أن عوامل التوافق في سويسرا قد ضعفت بعد بداية القرن الجديد.

تعد بلجيكا حالة مختلطة حيث أصبحت ديمقراطية توافقية نقية مع الفيدرالية، في حين أدخلت نيوزيلندا نظام التمثيل النسبى فى عام 1996. وقامت اليونان في عام 1967 بتغيير النظام لفترة قليلة من الديمقراطية إلى النظام الإستبدادى ثم تحولت إلى الديمقراطية في عام 1974 في وقت واحد تقريباً مع التحولات الديمقراطية في البرتغال وأسبانيا.

كما إنتقلت فرنسا من النظام البرلماني إلى الديمقراطية الرابعة إلى الديمقراطية شبه الرئاسية للجمهورية الخامسة، إنهيار نظام الحزب الإيطالى 1992/1993، وإعادة توحيد ألمانيا إلى حد كبير دون حدوث تغييرات في النظام السياسى الألمانى.

وبالنسبة إلى إستثناءات أحداث مايو 1968 في فرنسا، الإنقلاب العسكرى الفاشل في أسبانيا عام 1981، والأزمة الدستورية في أستراليا عام 1975؛ فإنها تمثل التمزق لكنها لم تؤد إلى تغييرات جوهرية. كما أدت الثورات والظواهر التي صاحبت التطور السياسى للدول الأوروبية القارية والجنوب فى القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلى حدوث تغييرات عنيفة فى النظام.

   إتسمت تحولات الدول الديمقراطية بموجة من الإصلاحات: التحديث الإدارى، تمديد حق التصويت الإيجابى للمواطنين، الإصلاحات الإقليمية كدمج الوحدات الإدارية الإقليمية، والتغييرات التدريجية في العلاقة بين الدولة والمجتمع.

أعادت أسبانيا الملكية خلال فترة إنتقالية صعبة من حكم فرانكو إلى الديمقراطية، التغلب على أزمة الملكية البريطانية فى عام 1990، وحدوث إستفتاء فى أستراليا فى عام 1999 لإلغاء النظام الملكى الفاشل، تأجيل الإصلاح الأساسى بإستمرار لمجلس اللوردات البريطاني على الرغم من محاولات الإصلاح لفترة طويلة، وكذا الدور الشرفى للملوك، وحتى دور البنود الدستورية في تشكيل الحكومة الذى يرافقه عادة إدخال الأنظمة الملكية الدستورية في القرن التاسع عشر.

وجاءت بعض التعديلات متأخرة مثل إدخال حق التصويت للنساء في سويسرا، الإعتراف الكامل بحقوق السكان الأصليين في نيوزيلندا فى عام 1986 وأستراليا فى عام 2013.

   وبالتالي ظلت الهياكل المؤسسية الأساسية لمعظم الدول الديمقراطية كما هى بعد الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك حدث تحت فرط الإستقرار المؤسسى هذا الكثير من الإصلاحات الطفيفة والتحولات السياسية نحو مزيد من الديمقراطية من خلال تعميق المشاركة، إستقلالية النخب السياسية، وتزايد دور المجتمع المدنى، ولم يؤد ذلك إلى وجود حركات مناهضة للديمقراطية بشكل واضح.

 

مراحل التغير والتحول في الدول الديموقراطية (مراحل ما بعد نجاح بدء التحول الديموقراطي)

طرح المؤلفون تمييزا بين أربعة مراحل أساسية لرصد التحولات التي طرأت على الدول الديموقراطية منذ منتصف القرن العشرين، وفيما يمكن اعتباره تحليلا للمراحل التالية على التحول عن السلطوية إلى الديموقراطية[2]، إذ يبدأ بمرحلة استقرار الديموقراطية خلال الخمسينيات والستينيات، ثم مرحلة جديدة منذ أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، والتى شهدت تغييرات جزئية في نطاق الترتيبات الدستورية القائمة تجاه مزيد من الانفتاح على المجتمع المدني، الحركات الاجتماعية الجديدة، وتطوير هياكل الإدارة في الدولة، وموجة ثالثة من الإصلاحات المؤسسية منذ التسعينيات التى شهدت تطويرا في النظم الانتخابية، تزايد استحداث آليات الديموقراطية المباشرة ومشاركة المواطنين، واللامركزية وتفعيل أدوار الهيئات الإدراية المستقلة، وصولا إلى التساؤل عما إذا كانت التغييرات المصاحبة للأزمة الاقتصادية عام 2008 وما تلاها تمثل إرهاصات لمرحلة رابعة جديدة للنظم الديموقراطية أم لا.

 

أولا: مرحلة استقرار الدول الديموقراطية Stabilization of democratic states (1950-1960):

ارتبطت هذه المرحلة بعقدي الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين حيث استقرت الدول الديمقراطية من خلال الروابط الوثيقة بين الدولة والمجتمع المدنى والتي بدورها تم انشاء معظمها من قبل الأحزاب السياسية ومن خلال جماعات المصالح.

لقد هيمن الصراع بين الشرق والغرب على التنمية السياسية في الدول المتقدمة تكنولوجياً حتى أوائل عام 1970 بدرجات متفاوتة. إتسمت هذه المرحلة بالتكامل بين الحركة العمالية من خلال الترتيبات الإتحادية والمصالح الخاصة أو عبر نظام تنافسى يدعم الأغلبية لكن يستبعد الأحزاب الشيوعية بإستثناء فنلندا.

جلبت السنوات التي تلت الحرب مباشرة دول جمهورية أو ملكية، وأُنهيت كل الأحزاب الحكومية في العديد من الدول، وبدأت الدول تعتمد الأنظمة الديمقراطية الغربية، وبدأت الحرب الباردة ولم تحدث إصلاحات مؤسسية أخرى بعد هذه الفترة.

شهدت هذه المرحلة الروابط الوثيقة بين الدولة، الأحزاب، والجمعيات والتى تم إنشاء معظمها من قبل الأحزاب السياسية وجماعات المصالح، حيث ساعدت على إستيعاب الصراعات الطبقية. كما رتبت النخبة إلى إعداد أحزاب ديمقراطية إجتماعية قوية ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالكيانات التجارية وبالعائلة الجديدة من الأحزاب الديمقراطية المسيحية.

جلبت نهاية الإمبراطورية الإستعمارية فى فرنسا التحول من الديمقراطية البرلمانية فى عام 1958 إلى شبه الديمقراطية الرئاسية، في حين كان لبريطانيا أن تقبل أن الهيمنة السياسية والإقتصادية العالمية قد تحولت إلى الولايات المتحدة الامريكية في عام 1958. كما عمل إنشاء الجماعات الإقتصادية الأوروبية على إنقاذ الدولة القومية.

 

ثانيا: مرحلة التغييرات الجزئية في إطار الترتيبات الدستورية القائمة (أواخر1960 وأوائل 1970):

Changes below the Surface of Constitutional Arrangements

بدأت الدولة فى هذه المرحلة بفتح المجال أمام الحركات الإجتماعية، تقديم مساحة للأشكال الجديدة من المشاركة، صعود سياسات الليبرالية الجديدة، إعادة هيكلة الدولة وخصخصة المؤسسات العامة، وإعادة تنظيم الأجهزة الإدارية بروح من الكفاءة والفعالية مما أدى إلى التآكل التدريجى للآليات التقليدية المتكاملة بين الدولة والمجتمع المدنى، ولكن حدث هذا دون حدوث إصلاحات مؤسسية أساسية، وتميزت هذه الفترة بالإصلاحات الجزئية والتى تتمثل فى:

 

  • فتح الدولة المجال أمام الحركات الإجتماعية الجديدة:

أثرت الحركات الإجتماعية على التطور السياسى للدولة الديمقراطية بقوة من منتصف عام 1960؛ ومنها حركة الحقوق المدنية والإحتجاجات الطلابية، والحركة النسائية فى عام 1970 إحتجاجاً على التدهور البيئي والطاقة النووية.

أنشأت الدول إجراءات تشاركية جديدة معظمها على المستوى البلدى والإقليمى للرد على إحتجاجات الحركات الإجتماعية والمشاركة المدنية. وحفزت الحركة البيئية نمو قنوات المشاركة مثل الإعتماد على القضاء في دعاوى عمل الطبقة.

كما عملت الديمقراطية الداخلية من إجراءات صنع القرار في الهيئات العامة كالجامعات والمدارس على توسيع حقوق المشاركة لأعضاء هذه المؤسسات، فإتسمت الدولة جزئياً بالديمقراطية في المؤسسات التنفيذية.

 

  • تفكك الروابط الوثيقة بين الدولة والمجتمع المدنى:

لم تعد الدولة تسيطر على السياسة الداخلية بالقدر نفسه فى اواخر عام 1960 كما كان فى عام 1950. إن أزمة النفط فى عام 1973، والركود الطويل فى الفترة من 1974-1982؛ قد ميزا نهاية صنع السياسات الإقتصادية والإجتماعية من قبل الدول القومية، وأثرت التحولات الإقتصادية الناجمة عن هذه الأحداث على الهياكل المؤسسية للديمقراطيات الغربية، ونظم الحزب في وقت مبكر من عام 1970 وخاصة في الدنمارك، النرويج، وهولندا.

كما جلبت تغييرات الحكومات في أواخر عام 1970 وأوائل عام 1980 نحو التحول في جانب سياسة العرض الإقتصادية الخسارة المتزايدة لقدرة الدولة، مما هدد إستخدام موارد الدولة لتمويل الحملات الإنتخابية للأحزاب، وكان لهذه التطورات التأثير الأقوى على الدول ذات المستويات المرتفعة من تمويل الحملات الإنتخابية للأحزاب وهى إيطاليا واليابان.

كما أدى تقديم الإعانات إلى القطاعات غير القادرة على المنافسة دولياً إلى إرهاق القدرة المالية للدولة، وذلك على خلفية تآكل الأوساط الإجتماعية والهيمنة المتزايدة للطبقة الوسطى غير المتجانسة داخلياً.

وثبت أنه من الصعب على نحو متزايد بالنسبة للأحزاب المؤسسة أن تقدم الخدمات الزبائنية، خصوصاً أن الخاسرين من العولمة والإنقسام السياسى الجديد أدى إلى الإنشقاقات الدينية-العلمانية، الطائفية، الإجتماعية، والإقتصادية، فى حين نما العدد الإجمالى الفعلى للأحزاب قليلاً منذ عام 1990.

ولم تعد الدولة قادرة على تأدية الخدمات المتوقعة منها، ولم تعد الاحزاب السياسية معبرة عن طبقات متمايزة وتحولت الى آليات للدعاية الانتخابية، واصبحت النقابات العمالية فى الدول الديمقراطية خارج سيطرة الدولة تماما.

حيث ذبُل الإقتران التقليدى الذى هيمنت عليه الأحزاب السياسية فى الدول التى ليس لديها تمويل للأحزاب، وأصبح هؤلاء أكثر إعتماداً من أى وقت مضى على أن يتم تمويلهم من قبل الشركات.

كما إنخفضت الصحافة فى معظم الدول منذ عام 1970، وانتهى إحتكار الدولة للبث الإذاعى والتليفزيونى بعد تراجع الإرتباط التقليدي بين المواطنين والدول، وقامت الأحزاب بإنفاق المزيد على الحملات الانتخابية لإضفاء الطابع المهنى.

 

ج- إصلاحات جديدة فى الإدارة العامة (الإقتصاد والقضاء):

   جلبت هذه الإصلاحات تحول كبير فى الدولة لأول مرة عن طريق إدخال مفاهيم جديدة فى الإدارة العامة فى المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، نيوزيلندا، وهولندا منذ منتصف عام 1990: الحكومة الإلكترونية، إستخدام تقنيات الإدارة العناصر التنافسية، والنظم المحاسبية فى القطاع الخاص التى مكنت الأجهزة الإدارية من تنفيذ سياسات أكثر كفاءة وتوجهاً نحو السوق، نقل المسئوليات في المجتمع المدنى والقطاع الخاص إلى ترتيبات مختلطة مثل الشراكات بين القطاع الخاص، العام، والدولة المدعمة بالجمعيات التطوعية، وتولى مسئوليات جديدة من الهيئات العامة المركزية.

ونتيجة لذلك دخل منطق الكفاءة الإقتصادية فى الإدارة العامة مع التحول إلى السياسة الإقتصادية الليبرالية الجديدة، وتضييق نطاق السياسات الإقتصادية والإجتماعية للحكومة مما أدى إلى تدابير التحرير والخصخصة.

وكذلك نمو القضاء للدول الديمقراطية لضمان بقاء السلطة التنفيذية تابعة للهيئات التمثيلية الديمقراطية، وفرض معايير قانونية مع الإدارة، تكثيف المراجعة القضائية، السيطرة على القوانين التشريعية، توفير صمام أمان ضد النزعات الإستبدادية، وتوسيع نطاق ضمانات الحقوق المدنية والإنسانية. فالقضاء من صنع القانون، ويعد النشاط القضائى أكثر وضوحاً لقضاة المحكمة العليا، كما أدى عرض القضايا السياسية الرئيسية على المحكمة إلى هيمنة الفكر القانونى على العملية السياسية.

وزوال الأنظمة الديكتاتورية بعد الحرب العالمية الثانية فى النمسا، إيطاليا، وألمانيا، وفى أعقاب التحولات الديمقراطية فى اليونان فى عام 1975، أسبانيا فى عام 1978، والبرتغال فى عام 1982.

 

ثالثاً: الموجة الثالثة للإصلاحات المؤسسية A Surge of Institutional Reforms  منذ عام 1990:

تصاعدت التوترات السياسية وحدوث إصلاحات مؤسسية أكثر جوهرية فى عام 1990، وتطوير المؤسسات غير الحكومية واللامركزية في صنع القرار السياسى. شهدت هذه المرحلة استحداث وتفعيل نظم انتخابية جديدة، وتطوير المزيد من الآليات للمشاركة المباشرة للمواطنين، وارساء مفاهيم دولة القانون من خلال مزيد من التفعيل لدور الرقابة القضائية واستقلال السلطة القضائية، واقرار المزيد من الحقوق والحريات العامة.

 

 

   تحولت جميع الدول الى الديمقراطية الليبرالية وإقتصاد السوق الرأسمالى بعد زوال الدول الإشتراكية بين عامى 1989 و1991. وشجعت نهاية الإشتراكية على عولمة الإقتصادات الوطنية، التدويل الواسع للأسواق المالية، مزيد من التوسع فى المنظمات الدولية، الأهمية المتزايدة لأنظمة النوادى G7/G8/G20 كمثال للتنمية، وتعميق التكامل الإقليمى فى أوروبا فى معاهدات: ماستريخت، أمستردام، نيس، ولشبونة.

وحيث تُستكمل الديمقراطيات الوطنية من خلال نظام سياسى أوروبى شامل، وبدأ الإنتخابات الأوروبية منذ عام 1979، وتضاءل المشاركة منذ أن بدأت هذه الإنتخابات، الأمر الذى يعكس عدم وجود برلمانية حقيقية للإتحاد الأوروبى، وكذلك مسئولياته، وزيادة الشكوك حول قدرة وشفافية ونزاهة المؤسسات الديمقراطية الوطنية منذ أوائل عام 1990.

توصلت الدول فى أوروبا إلى قانون جديد مع القانون الأوروبى الموحد لعام 1986 ومعاهدة ماستريخت 1992، ولكن بعد ذلك تمت عملية أخرى أوروبية عبر إستفتاءات وطنية عديدة؛ حيث صوتت النرويج ضد عضوية الإتحاد الأوروبى للمرة الثانية فى عام 1994، وصوتت كل من الدنمارك والسويد ضد عضوية منطقة اليورو فى عامى 1998 و2003، وقد تباطأت الأوروبية من خلال الإستفتاءات التى حدثت بعد فشل هذه المحاولات، وحدث هذا عندما صوتت الدنمارك على معاهدة ماستريخت فى 1992-1993، وعندما صوتت أيرلندا على معاهدة نيس فى 2/2001، وعلى معاهدة لشبونة فى عام 2008. حيث تم تعديل العملية الأوروبية جذرياً مع تقليص النطاقات من الدستور الأوروبى فى معاهدة لشبونة بعد فشل المعاهدة الدستورية فى الإستفتاءات الفرنسية والهولندية عام 2005 فى الدول غير الأعضاء فى الإتحاد الأوروبى.

   وكانت العولمة الإقتصادية التحدى السائد للسياسة الوطنية بعد نهاية الحرب الباردة، كما تفاقم الإستقطاب السياسى خاصة فى ديمقراطيات الأغلبية ونتيجة لذلك جاءت الآليات المؤسسية للتمثيل الديمقراطى تحت مزيد من التدقيق.

 

بدأت فى منتصف 1980 أربعة تغييرات رئيسية فى هياكل الدول الديمقراطي وهى:

أ- إصلاح النظم الإنتخابية:

أدت التوترات المتصاعدة بين الحزب المسيطر على الدولة وربط المواطنين بدرجة أقل بالأحزاب مما كان عليه فى الماضى إلى عدة محاولات لإصلاح النظم الإنتخابية فى عام 1990. كانت هذه الإصلاحات ناجحة فى الدول التى إتسمت بصلة قوية بين الدولة، الإقتصاد، والأحزاب السياسية.

وفى اليابان؛ التى يهيمن عليها الحزب الليبرالى الديمقراطى، حيث تم تغيير نظام التصويت فى مناطق متعددة الأعضاء فى عام 1994 بعد إنقسام الحزب، ولكن فى عام 1996 تم تعديل النظام مرة أخرى لصالح هذا الحزب، ويُستخدم فيها اليوم نظام مختلط لإنتخاب 480 عضو فى مجلس النواب: يتم إنتخاب 300 عضو فى الدوائر الإنتخابية ذات العضو الواحد، ويتم إنتخاب 180 عضو وفقاً لنظام التمثيل النسبى فى 11 دائرة إنتخابية كبيرة، وينظر لهذا التحول البطئ من أنظمة الأغلبية إلى الأنظمة المختلطة على أنه الإتجاه العالمى الأساسى لإصلاح النظم الإنتخابية.

   وتوجد فى إيطاليا الديمقراطية المسيحية، ولم تشهد أى تغيير فى الحكومة منذ عام 1945 والتى كانت مركزاً للحزب اليمينى الوسطى الذى إتسم بالفاعلية الداخلية للحزب. ومع ذلك تحولت من نظام التمثيل النسبى إلى نظام مختلط يُعين فيه 75% من مقاعد مجلس النواب بطريقة الأغلبية فى الدوائر الفردية، وتأثرت بشدة الإستراتيجيات الحزبية: حيث أدُخلت بين عامى 1993 و1995 ستة أنظمة إنتخابية جديدة فى مختلف مستويات الدولة.

كما نفذت حكومة برلسكونى فى عام 2005 نظام إنتخابى للمعارضة ضد رغبات الاصلاح على أساس نظام التمثيل النسبى أو الإئتلاف مع الحزب ذو النصيب الأكبر من الاصوات.

أسفرت هذه الإصلاحات للنظم الإنتخابية من أنظمة الحزب عن محاولات لإعادة هيكلة مساحة سياسية فى المستقبل (إيطاليا) أو العودة إلى المشهد الحزبى (اليابان).

وكانت مبادرات الإصلاح كثيرة فى العديد من ديمقراطيات الأغلبية، لكنها تميل إلى أن تكون أقل نجاحاً بإستثناء نيوزيلندا؛ حيث إن تغيير نظام 1996 يعد إيذاناً ببدء إنطلاق جزئى من النموذج الأكثرى ليكون مسئولاً عن تحول الجدل إلى السياسات الإقتصادية والإجتماعية النيوليبرالية والآثار السلبية لها.

أثار عدم التطابق بين هذا التحول السياسى والإرادة السياسية للمواطنين الجهود للإنفتاح واللامركزية، التى تم تدعيمها من قبل غالبية النخب السياسية، وأصبحت ملزمة نتيجة الإستفتاء فى عام 1993، وتحولت نيوزيلندا إلى النظام المختلط  mixed member proportional system  فى عام 1996. وفى نهاية عام 2011 أجرى إستفتاء غير ملزم لمرجعة التغييرات: حيث أعطى الإستفتاء دعماً للنظام المختلط.

وفشلت محاولات الإصلاح فى المملكة المتحدة وبعض المقاطعات الكندية. بدأت هذه المحاولات فى كندا فى عام 2001. تقلصت بإستمرار المشاركة فى الإنتخابات والنتائج القاسية فى كولومبيا البريطانية فى عام 2001 حيث حصل الجناح اليمينى الليبرالى على 97% من المقاعد و58% من الأصوات، كما أثار زوال المعارضة على المستوى الإتحادى شكوكاً حول مدى كفاية النظام الإنتخابى التعددي الفردى بعد فشل المحافظين التقدميين فى إنتخابات عام 1993. ويواجه الليبراليون ورئيس الوزراء Jean Chretien معارضة ضعيفة. وبحلول عام 2004 لإندماج الحزب الذى أنشأ حزب المحافظين الجدد بقيادة Stephen Harper الذى فاز فى إنتخابات عام 2006، كانت محافظات عديدة قد وضعت تصور للإصلاحات الإنتخابية فى كولومبيا البريطانية وأونتاريو.

إن السياسة الرئيسية فى فشل الإستفتاء على إدخال النظم الإنتخابية البديلة فى كولومبيا البريطانية فى عام 2005 ومرة أخرى فى عام 2009، فى جزيرة الأمير إدوارد فى عام 2005 وفى أونتاريو فى عام 2001 قد أدى إلى نهاية هذه المحاولات الإصلاحية، فلم تحترم الإنتخابات الثابتة على المستوى الإتحادى والدعوة إلى إنتخابات مبكرة فى 2008 و2011.

وتحول النظام الإنتخابى فى المملكة المتحدة من برلمانى إلى الديمقراطية المباشرة إلا أنها فشلت؛ حيث لم يستطع الديمقراطيون الأحرار فرض تفضيلها على حزب المحافظين فى الائتلاف، وفى مايو 2011 أجرى إستفتاء على إدخال نظام التصويت البديل وشارك فيه 42.2% من الناخبين مع رفض 67.9% من الأصوات للإصلاح الإنتخابى.

 

ب- توسيع إستخدام الديمقراطية المباشرة وأشكال جديدة من مشاركة المواطنين:

كانت تمارس أشكال الديمقراطية المباشرة منذ عام 1990 من أعلى إلى أسفل أو بمبادرة المواطنين، ونمت فى جميع أنحاء العالم بين الديمقراطيات المتقدمة تكنولوجياً، ومع ذلك فإن هذا الإتجاه يقتصر على عدد قليل فقط من الدول بإستثناء ليخنشتاين، فلا تزال سويسرا الدولة التى تستخدم الديمقراطية المباشرة بشكل أكثر كثافة بما فى ذلك المستوى الوطنى فى عام 2003. فالدول التى سمحت بإجراءات الديمقراطية المباشرة على المستوى الوطنى وتستخدمها فى كثير من الأحيان فقط هى نيوزيلندا، أستراليا، إيطاليا، فرنسا، والدنمارك.

شهدت أوروبا أول مجموعة رئيسية من الإستفتاءات الأوروبية ومنها: الإستفتاء على عضوية الإتحاد الأوروبى، الإنضمام إلى منطقة اليورو، ومشروع الدستور الأوروبى. عقدت الدنمارك خمس إستفتاءات على الإتحاد الأوروبى والقضايا المتعلقة به فى الفترة (1996-2000)، صوتت النرويج مراراً على عضوية الإتحاد الأوروبى، ومع التأثير على صوت أوروبا صوتت هولندا وفرنسا بعدم للتصديق على مشروع الدستور الأوروبى فى عام 2005.

فقد تحد كثرة إستخدام الإستفتاءات من مساحة المشرعين للمناورة فى البرلمان، كما أن تشجيع الأغلبية للحملات الشعبوية قد فرض إرادتهم بسهولة أكثر من خلال الإستفتاءات مما كان يمكن القيام به فى المساومة البرلمانية، وقد تؤدى هذه التطورات إلى الإستقطاب السياسى أو فقدان القوى المالية من قبل الحكومات كما حدث فى عدة ولايات أمريكية.

وعلى المستوى دون الوطنى؛ تزايد وزن إجراءات الديمقراطية المباشرة فى عام 1990. كما حدث توسع فى النظم الديمقراطية المباشرة فى القارة الأوروبية بما فى ذلك الدول التوافقية: ألمانيا، النمسا، الأنجلوساكسونية، ونظم الأغلبية. وأحياناً كان ذلك يجمع بين هذا مع الإنتخاب المباشر لرؤساء البلديات كما هو الحال فى المملكة المتحدة، ألمانيا، والولايات المتحدة. حيث إرتفعت إجراءات الديمقراطية المباشرة فى العصر التقدمى أربعة أضعاف ما بين 1950 و1960 ومرة أخرى ما بين 1990 و2000.

 

   يتمثل مستوى زيادة مشاركة المواطنين والسمة الديمقراطية الشعبية للموجة الثالثة فى:

  • النقاش والنزاع على مشاريع البنية التحتية وخاصة محطات الطاقة النووية في عامى 1970 و1980، والبحث عن إجراءات الوساطة في النزاعات لحل الصراعات بين الفاعلين ذوى المصالح المختلفة. كما تعد مشاركة المواطنين وسيلة هامة لتوليد الشرعية مثل جمعيات المواطنين وهيئات المحلفين، وإجراءات التداول عبر الإنترنت.
  • أخذ عينات عشوائية في إختيار المشاركين لضمان قبول النتائج والمقترحات.
  • إستخدام تكنولوجيا الإتصالات في المعلومات والديمقراطية الإلكترونية، استخدام الإنترنت فى الابتكارات الإدارية (الحكومة الإلكترونية)، إجراءات المشاركة التي لا تعتمد على تنظيم مسبق من المواطنين.

 

ج- اللامركزية:

قامت دول عديدة بإعادة تصميم هياكل صنع القرار الإقليمى والإدارة منذ عام 1980، حيث نفذت تغييرات بعيدة المدى في العقد الأخير من القرن العشرين.

شهدت بلجيكا في عام 1993 تغييراً أساسياً مع إنتقالها إلى الفيدرالية، وتم الإعتراف على حد سواء بوحدات إقليمية محددة جغرافياً ومجتمعات عرقية ولغوية في النظام الإتحادي الجديد. إن مستقبل بلجيكا كدولة موحدة يبدو أقل أماناً من الإصلاحات في الأنظمة الفيدرالية التقليدية الأخرى التي تركز على إعادة ترتيب الترتيبات المالية وإعادة توزيع المسئوليات في مجالات سياسية معينة.

تتمثل الإصلاحات في سلطة لا مركزية غير متماثلة في بريطانيا العظمى في عام 1998. واللامركزية غير متماثلة السلطة فى اسكتلندا، ويلز، وأيرلندا الشمالية. تعزيز البلديات بأقسام ومناطق في فرنسا مع الإصلاحات لعام 1982، 1986 (ادخال الانتخابات)، و 2003 (ترسيخ اللامركزية في الدستور، وإدخال تقاسم السلطة). تعزيز المناطق والوحدات الإدارية أو السياسية على مستوى الاتحاد الأوروبي من قبل الصندوق الإقليمي الأوروبي، والتي تسببت المنافسة على التحويلات المالية بين المناطق الأوروبية فى وجود إدارة فاعلة على المستوى الإقليمي.

وبالتالى تزايد التنوع الإقليمي واللامركزية في الأبعاد الإدارية والسياسية.

 

د- الهيئات الإدارية المستقلة:

تتميز المرحلة الثالثة من التحول الديمقراطى للديمقراطيات بالتوسع فى تقاسم السلطة، فالمؤسسات السياسية وخاصة الهيئات الإدارية المستقلة، ونقل الوكالات المنظمة -التى ظهرت أولاً فى الولايات المتحدة الأمريكية فى عام 1930-  من حكومة النظام الأمريكى إلى دول أخرى، فلا تبنى هذه الأجهزة الإدارية فى التسلسل الهرمى ولا تخضع لأوامره، ولديها حكم ذاتى تنظيمى، والجمع بين دورها الإدارى المستقل إلى حد كبير مع القضاء وأيضاً كجزء من الوظائف التشريعية.

يرجع صعود هذه الوكالات اليوم غالباً إلى خصخصة الصناعات مثل الإتصالات، الكهرباء، والغاز التى تعتمد على شبكة البنية التحتية، والتى ترتبط بتنظيم السوق العام، المراقبة، إدارة المخاطر، وإنتاج السلع والخدمات وخاصة فى عام 1990. إن قرارات خصخصة الشركات العامة تبعها إنشاء وكالات مستقلة منظمة تقوم بالمراقبة، وهكذا إرتبط تقليص حجم القطاع العام بنوع جديد من الإدارة التى خفضت من فرص المحسوبية الحزبية والنفوذ التشريعى الديمقراطى، والتى نُظمت بشكل أكثر شبهاً بالشركات. وتعد هذه الهيئات غير المنتخبة بمثابة فصل جديد من القوى أو مجالات داخلية مركزية للدولة بقرارات مستقلة نسبياً.

   يعد الحكم الذاتى المتزايد من البنوك المركزية فى هذه المرحلة ذو أهمية سياسية وإقتصادية، وذلك لثقة المستثمر فى الأسواق فى مجلس الإحتياطى الفيدرالى الأمريكى والإصلاحات فى أوروبا.

تم فرض النموذج الألمانى للبنك المركزى المستقل على الإتحاد الأوروبى مع قرار لتأسيس الإتحاد النقدى منطقة اليورو، وأجبر ذلك جميع الدول الأعضاء التكيف مع البنوك المركزية الوطنية وقبول البنك المركزى الأوروبي فى فرانكفورت كوكالة مستقلة بسبب درجة إستقلاليته، وأن حكمه الذاتى السياسى كان أعلى بكثير فى بداية الألفية مما كان عليه فى 1980.

جرت فى الفترة (1990-2008) موجة من التغييرات المؤسسية وتميزت بميول متناقضة: حيث ذهبت الإقليمية Regionalization جنباً إلى جنب مع فوق القومية Supra-Nationalization، صعود المؤسسات التى لا تعتمد على الأغلبية، وإنشاء قنوات جديدة للمشاركة وإستخدام أكثر لآليات الديمقراطية المباشرة.

والإستقلال المتزايد من التنسيق الإقتصادى الذى يعد من آليات الرقابة الديمقراطية والتى تفضلها الدول القومية والإتحاد الأوروبى: فلم توقف الإستفتاءات الوطنية هذا الإتجاه، إلا أنه تباطأ فى الوقت نفسه، وإتسعت ساحات الصراع الديمقراطى، وإستخدام أكثر للديمقراطية المباشرة والإجراءات التشاركية غير الملزمة التى يتم دمجها مع سياسات قضائية، التأهيل المهنى المستمر للحزب، الترابطية السياسية، الإستشارات والإدارة السياسية.

فلا يزال يهيمن التليفزيون وملاكه من القطاع الخاص على المجال العام، وتطور عمليات صنع القرار بالنسبة للأفراد والمنظمات الأهلية، وتوسع الوسائل التقنية للإتصالات.

وعلى الرغم من ظهور أسر جديدة –الخضر والجناح اليمينى الشعبوي the right-wing populists- تدافع الأحزاب القائمة عن قبضتها على السلطة، ولكن نظراً لقدرات تقلص تدخل الدولة الأمة، وإنخفاض قوة الأحزاب فى أوضاع مؤسسية أكثر تعقيداً، وتضاؤل دعم الأطراف من السكان للأحزاب، فإنها لم تعد قادرة على ضمان التمثيل والإستجابة على الرغم من أن الدولة الوطنية والنظام السياسى الديمقراطى لم يفقد شرعيته، وأدت مشاكل مماثلة إلى تقلص القدرة التنظيمية للجمعيات، فى حين أن تأثير المؤسسات الفردية على الحكومات فى تزايد.

تقلصت قدرة تدخل الدولة الديمقراطية إلى حد كبير فى الأنظمة السياسية غير القادرة على الإصلاح المؤسسى، وواجهت الإستقطاب الحزبى القوى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ثم جعلت الشركات وجماعات المصالح الكبرى تستخدم الساحات السياسية المتعددة لزيادة نفوذها.

 

رابعاً: مرحلة جديدة للدول الديمقراطية (ما بعد 2008):

A New (Post-2008) Phase of the Democratic State

تمثل الأزمة العالمية للأسواق المالية، الكساد العظيم الجديد، وأزمة منطقة اليورو منعطف إقتصادى كبير، كما أدت التفاعلات من حزم التحفيز المالى إلى برامج التقشف الضخمة إلى تفاقم عدم المساواة الإجتماعية. ولم تؤد إحتجاجات المواطنين إلى تغييرات فى الحكومة أو فى الإصلاحات المؤسسية الأساسية.

وتم تخفيف تأثير الأزمة على قطاع الصناعات التحويلية الأساسية فى بعض الدول عن طريق تدابير لدعم صناعة السيارات أو عوامل الإستقرار التلقائية التى حُملت فى نظام الضمان الإجتماعى. كما تم تعزيز التعاون بين النقابات، المؤسسات، والمصالح الخاصة ونتيجة لذلك لم تربح الأحزاب اليمينية الشعبوية فى أوروبا من الأزمة، وكان هناك القليل من الضغط للإصلاح المؤسسى للأنظمة الديمقراطية.

  وتعد أيسلندا هى الإستثناء، حيث أسست الدولة دستور جديد من خلال أشكال مبتكرة من مشاركة المواطن -منتدى المشاركة ليوم واحد من 950 من المواطنين الأيسلنديين فى عام 2010- ووضع مشروع الدستور بنسبة 25 مندوباً، الذين إنُتخبوا مباشرة فى عام 2010 فى عملية المناقشة التى تميزت بالشفافية ومشاركة المواطنين المستندة إلى الإنترنت. تم تبني هذا الدستور من خلال الإستفتاء، ولكن فى عام 2013 تم تأجيل التصديق عليه. وكانت العملية الدستورية فى أيسلندا نموذجاً لإتفاقية الدستور الأيرلندية لعام 2012، وبالنسبة لعملية الإستقلال التى بدأتها الحكومة الأسكتلندية والتى بلغت ذروتها فى دستور ملزم فى عام 2014. ويمكن إعتبار هذه المبادرات أشكال جديدة من صنع الدستور بالمشاركة فى الدول التى تضررت بشدة من جراء الأزمة، وإعتبارها ساحات تحويل الإنتباه عن القرارات الأساسية فى السياسة الإقتصادية فى أعقاب الأزمة.

يمكن أن ينظر رسمياً إلى الميثاق المالى الأوروبى مارس 2012 على أنه معاهدة الإستقرار والتنسيق والحوكمة فى المجلس الإقتصادى والنقدى 2011 بإعتباره نموذج counter-model لأيسلندا. كما أن نموذج وضع الدستور الحكومى الدولى لا يقوى فقط سياسة الإستقرار الأوروبية خارج آلية الإستقرار الأوروبى ولكن يتطلب أيضاً من الدول الموقعة ترسيخ قواعد دساتيرها الوطنية التى تحد من الديون أو أن تجعل الميزانية متوازنة عن طريق التفاوض حول المعاهدات بين الحكومات.

ومع ذلك، فإن إعادة الهيكلة الأساسية للدولة الديمقراطية وقعت فقط فى دول منطقة اليورو مثل البرتغال، أسبانيا، اليونان، وأيرلندا والتى قد تعرضت لأزمة الديون العامة منذ عام 2009، وحيث تحولت صياغة السياسة بشكل مفاجئ من المستوى الوطنى إلى الدولى على أساس أن الإتفاقيات الأوروبية، صندوق النقد الدولى، والإتحاد الأوروبي تملى تفاصيل إجراءات التقشف فى المجالات الإقتصادية، السياسة المالية، والإجتماعية للحكومات والبرلمانات الوطنية، مع عواقب هائلة للتكامل الإجتماعى والشرعية الديمقراطية للحكم. فلم تعد الإنتخابات مجدية فى هذه الدول، كما تضطر أحزاب المعارضة من خلال المنظمات الدولية والإتحاد الأوروبى إلى إحترام شروط برامج الإستقرار. وبالتالى تغيرت الحكومات فى هذه الدول لكن لم تتغير الأجندة السياسية.

كما تم تأسيس حكومات الخبراء فى اليونان وإيطاليا وفصل سياسة الحكومة عن السياسة الحزبية والتصويت الإنتخابى. وإتخذت التدخلات الهائلة فى نظم الضمان الإجتماعى وتدابير التقشف لتقليل الموارد المالية اللازمة لإستراتيجيات الشرعية التى يمكن أن تضمن الولاء تجاه مؤسسات الدولة، فى حين تقتصر نماذج السياسة البديلة على ساحة الإحتجاج.

إن الجهات الفاعلة الدولية وفوق الوطنية التى تستند إليها هذه الدول القومية يعتمد بشكل متزايد على الحصول على الشرعية الديمقراطية العميقة فى الإتحاد الأوروبى، حيث شارك البرلمان الأوروبي فقط بشكل هامشى فى إدارة الأزمات ووضع قواعد معاهدة جديدة، فلا يوجد أساس متين لنقل الشرعية على المستوى الدولى عبر أندية الدول القوية إقتصادياً G8 وG20 أو عن طريق صندوق النقد الدولى.

بينما تقدم القرارات فى منطقة اليورو من الدول الأعضاء المهيمنة إقتصادياً، البنوك المركزية، والمؤسسات المالية الدولية، والتى تستخدم المنظمة العابرة للحدود الوطنية فى الإتحاد الأوروبى كأداة للمساومة الحكومية الدولية خارج دول الإتحاد الأوروبى.

   لقد فشل التنسيق الدولى حتى الآن بسبب تضارب المصالح غير المنسقة بين إقتصادات السوق الحرة، الدفاع عن القطاع المالى. كما تم تجنب تفاقم أزمة اليورو فى عام 2012 عن طريق تدخل البنك المركزى الأوروبي. فتحول مركز صنع القرار إلى حكومات قوية إقتصادياً فى الدول والبنوك المركزية المستقلة بالإضافة إلى البنك المركزى الأوروبي.

 

خامساً: أهم النتائج التى توصل إليها المؤلفون (خاتمة):

توصل المؤلفون إلى أن كل ما سبق أدى إلى ضعف العلاقة بين الدولة الديمقراطية ومواطنيها بشكل كبير، ولم تعد الدولة قادرة على تقديم الحماية والرعاية للأحزاب والجمعيات، ولم تعد هناك روابط فعالة للتوجه نحو أسواق العالم المالية على أمل الحفاظ أو زيادة رفاهية الدولة مع تحولات السلطة التى تحدث فى المواجهة دون تغيير بين مؤسسات الدولة الديمقراطية. فى حين أن قبول النظام الديمقراطى لا يزال مرتفعاً، كما أن الترابط القوى بين التعبير عن المصالح الإجتماعية وسياسة الدولة عمل على إستقرار الأنظمة الديمقراطية بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن فُقدت هذه القدرة بسبب الأزمة الإقتصادية. 

 

سادساً: تقييم المقال:

  • لقد أجاب المؤلفون عن أسئلتهم دون تناول تعريف التحول الديمقراطى وعلاقته بالمفاهيم الأخرى، عوامل وأبعاد التحول الديمقراطى، والتحول الديمقرطى فى ظل الثورات.
  • عرض المؤلفين عملية التحول الديمقراطي بكونها تتم على مراحل: مرحلة أولية، وإنتقالية، بناء النظام الديمقراطي، ومرحلة التحول ما بعد 2008، إن عملية التحول عملية معقدة تستغرق فترة زمنية طويلة نسبياً. ولذلك فإن مجرد الانتقال من نظام حكم غير ديمقراطي لا يعنى بالضرورة قيام نظام ديمقراطي راسخ ومستقر لما يتطلبه ذلك له من شروط عديدة لابد أن تصل لمرحلة النضج.
  • تختلف عملية التحول من دولة لأخرى، ولا يمنع ذلك من المقارنة بين الدول على اساس عناصرها المشتركة، ولا توجد طريقة واحدة للإنتقال إلى الديمقراطية، وغالباً ما يؤثر أسلوب الإنتقال على نوعية النظام الديمقراطي الوليد وحدود قدرته على الإستمرار.
  • أن الشهور الأولى من عملية التحول ذات تأثير حاسم على مسارها.
  • إعتمد المؤلفون فقط على الدول الرأسمالية المتقدمة تكنولوجياً منذ عام 1945 والمتحولة بالفعل نحو الديمقراطية، وأنه يمكن الإستدلال على الدول الديمقراطية من خلال: اجراء إنتخابات حرة وعامة، التعددية السياسية، التداول السلمى للسلطة، الفصل والتوازن بين السلطات، سيادة الدستور والقانون، فاعلية المؤسسات، الشفافية والمساءلة، مجتمع مدنى فاعل ومستقل، كفالة الحقوق السياسية والحريات المدنية لجميع المواطنين، وتعدد مصادر المعلومات وحرية الوصول إليها، فوجود هذه الآليات يستدل بها على أن للدولة فرصة أكبر للتحول نحو الديمقراطية. كما لم تعد الانتخابات مؤشراً فى حد ذاتها للدلالة على الديمقراطية؛ حيث تم استخدامها كوسيلة لدعم النظم غير الديمقراطية مثل الاتحاد السوفيتى والنظم الديكتاتورية.
  • ترتبط الديمقراطية بالتطورات والخصوصيات الإقتصادية، الإجتماعية، والثقافية للدول، ويمكن أن يدعم الخارج التطور الديمقراطي في دول لديها إمكانيات تجعلها أكثر قابلية للإنتقال الديمقراطي.
  • تختلف صيغ وأشكال النظم الديمقراطية من دولة إلى أخرى من الناحية المؤسسية أو الإجرائية، ولكل دولة أن تطور صيغ مؤسسية وإجرائية لنظام ديمقراطي يجسد القيم العليا للديمقراطية، ويتوافق مع ظروفها وخصوصياتها.
  • أساس عملية التحول الديمقراطى هى العوامل الداخلية، وتلعب العوامل الخارجية أدوار وضغوط مشجعة، وقد ينتهز الخارج فترات التغيير للتدخل فى الشئون الداخلية للدول.
  • لقد تحدث صمويل هنتنجتون عن الموجة الثالثة للتحول الديمقراطى فى مقال له بعنوان “الموجة الثالثة” The Third Wave فى مجلة الديمقراطية، والتى قام بإصدارها فى كتاب.
  • كان التحول الى الديمقراطية ظاهرة أوروبية بالأساس حتى السبعينيات من القرن العشرين.
  • شهدت الستينات من القرن العشرين أكبر فترات ظهور الحركات الاحتجاجية فى الغرب. لا تستهدف هذه الحركات الوصول للسلطة، وتقع خارج اطار السياسة المنظمة، وتفرض اجندات جديدة (البيئة ورفض التميييز)، كما أصبحت هذه الحركات عابرة للدول والقارات، إلا أن التحدى الذى يواجهها هو قدرتها على الاستمرارية فى اطار رفضها للتنظيم، كما ان الاصل فيها انها تمول نفسها بنفسها لكن الواقع غير ذلك.
  • لم تعد الدولة قادرة على تأدية الخدمات المتوقعة منها، واصبح هناك نقاش حول اعادة النظر فى دور الدولة.
  • تمر الاحزاب السياسية بعدة ازمات، فلم تعد تعبر عن طبقات متمايزة، وتحولت لاليات للدعاية الانتخابية وكيفية الوصول الى السلطة.
  • اصبحت النقابات العمالية فى الديمقراطيات خارج سيطرة الدولة.
  • حتى الان لم تصل حركات المجتمع المدنى لمرحلة استبدال الاحزاب السياسية، لان المجتمع المدنى لا يسعى للوصول الى السلطة لكن تسعى الاحزاب الى الوصول للسلطة.
  • وعلى الرغم من عيوب الديمقراطية وتزايد الإحباط من مؤسساتها إلا أنه لا توجد مؤشرات على الرغبة فى إستبدال الديمقراطية بشكل آخر من الحكم. ويكمن التحدى الحقيقى فى القدرة على الإستمرار فى الإلتزام بتعميق الديمقراطية.
  • تواجه الديمقراطيات بتحدى من السلطة السياسية الجديدة من المنظمات الدولية والإقليمية؛ وهى مؤسسات هذه الدول نفسها التى أنشئت وعززت الديمقراطية بإستمرار.
  • صعوبة تأسيس نظم حزبية ديمقراطية مستقرة لصعوبة تشكيلها بسرعة، غياب المؤسسية، تمتعها بمستوى منخفض من الشرعية، الإفتقار إلى التنظيم، وعدم وجود تفاعل منظم بين الأحزاب.
  • تتم خلال عملية التحول الديمقراطى تغييرات سواء كانت مؤسسية (شكل الدولة) أو على المستوى التمثيلى (من الذى له نفوذ على مستوى السياسات)، بالإضافة إلى التحول الوظيفى (مسئوليات الدولة). إن التركيز الأكبر فى الديمقراطيات المعاصرة على التغيرات المؤسسية للدولة، وواقعياً قد تشهد بعض الدول تحولات مؤسسية لكنها تقاوم التحولات الديمقراطية العميقة.
  • يعد إختبار الدوران الثنائى “Two Turn-over test” من الإختبارات المعروفة لقياس التحول الديمقراطى، وينص على أن التحول الديمقراطى يبدأ عندما ينتهى النظام التسلطى، وأن تؤتى الإنتخابات التعددية بتحولات لمرتين فى الحكومة بين أحزاب متنافسة. فلا يمكن اعتبار إيطاليا أو اليابان قد إنتهوا من عملية التحول الديمقراطى حتى بعد أربعين عاماً من وضع الدساتير الديمقراطية الحالية.
  • يعد تزايد القضاء صمام امان ضد النزعات الاستبدادية.
  • عملت الجماعات الإقتصادية الأوروبية على إنقاذ الدولة القومية.
  • قد تحد كثرة استخدام الاستفتاءات من مساحة المشرعين للمناورة فى البرلمان.
  • شجعت ثورة الاتصالات على النقاش والمشاركة من قبل المواطنين. إلا أنه يمكن ذكر عدة ملاحظات على هذا الفضاء الالكترونى: تآكل سيادة الدولة، اصبح مفهوم الطاعة يأخذ شكل آخر، تنمية الوعى لدى الافراد واصبح الافراد جزء من مجتمع مدنى عالمى، واتفاق المواطنين على اى شئ بشكل توافقى.
  • يمكن ان يقوم المجتمع المدنى بنقل الافكار عبر الحدود عبر التعليم، وسائل الاعلام، والمنظمات غير الحكومية، ويعتمد نفوذه على درجة انفتاح واعتماد المجتمع على العالم الخارجى.
  • يسمح الاستفتاء للشعب باتخاذ قرارات مباشرة حول السياسة بحد ذاتها من حيث طرح مسائل معينة عليه، والسماح له باتخاذ القرار.
  • لم تؤد احتجاجات المواطنين عبر الحركات الاجتماعية الجديدة الى تغييرات فى الحكومة.
  • إن خبرة دولة ما فى التحول الديمقراطى غير قابلة للنقل والتطبيق فى دولة أخرى لاختلاف دور القادة، الموارد الإقتصادية، الأيديولوجيات، البيروقراطية، المركزية، اللامركزية، والبيئة المحفزة لعملية التحول داخلياً وخارجياً.
  • إن عملية التحول الديمقراطي والقضاء علي التسلطية متعددة الأطراف سواء من جانب السلطة أو المعارضة وقوة القوي الداعية للتغير وتماسكها، أدوارها، وأهدافها، بجانب ذلك أهمية الإنشقاقات في النخب لدعم المعارضة.
  • لا توجد دولة ديمقراطية بصورة مطلقة.
  • عند خلق المؤسسات الديمقراطية سوف تزداد إمكانيات التحول الديمقراطى وإن كان بشكل بطئ، كما أن غياب الثقافة السياسية الديمقراطية يظل عقبة فى طريق الإجراءات، القواعد، والمؤسسات الديمقراطية.
  • تختلف الانظمة الانتخابية فى كيفية التصويت واحتساب الاصوات.
  • يرتبط الإصلاح بإدخال عنصر الديمقراطية إلى أجهزة الدولة غير المنتخبة مثل البيروقراطية، قوات الأمن، والقضاء.
  • تواجه مسألة تعميق الديمقراطية عدة مشاكل: أبرزها الإصلاح المؤسسى، سيطرة الثقافات غير الديمقراطية، ومعارضة النخبة للإجراءات الديمقراطية، ولكن توجد مشاكل أخرى تقف عقبة فى طريق الديمقراطية فى الدول بعد المرحلة الإنتقالية وهى: المواطنة والإنتماء، ضعف قدرات الدولة وتناقص سيادتها، الممارسات السلطوية، ومشاكل الإصلاح الإقتصادى.
  • ضرورة التغيير المؤسسى الرسمى، ولكن لا يعتبر هذا بديلاً عن عملية الديمقراطية، فإصلاح السلطة التنفيذية والنظام الإنتخابى ليس كافياً لإتمام عملية التحول الديمقراطى للدولة، فهذا التغير يعد بمثابة إعلان لبدء عملية التحول، ولكن ليس هناك ضمانة للتأكد من تحقق عملية الإصلاح العميق للدولة.
  • تتمثل أهم مقومات نجاح عملية الإنتقال الديمقراطي: الحفاظ وترسيخ الوحدة الوطنية دون حدوث صراعات داخلية، التوافق بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين على صيغة النظام السياسي المستهدف، مراحل الإنتقال، والترتيبات المؤسسية والإجرائية الملائمة لخصوصيات الدولة، إصلاح أجهزة الدولة لتعزيز قدرتها على القيام بوظائفها فيما يتعلق بإحتكار حق الإستخدام المشروع للقوة، تقديم السلع والخدمات العامة للمواطنين، تحقيق العدالة الإنتقالية، تدعيم دور المجتمع المدني، تعزيز الطلب المجتمعي على الديمقراطية ونشر ثقافتها في المجتمع، وإعادة صياغة العلاقات المدنية-العسكرية، على أن يتم ذلك بشكل تدريجي ومن خلال التفاوض.
  • لكى ينجح التحول الديمقراطية لابد أن يكون مملوكاً من قبل السكان على اختلاف انتماءاتهم.
  • لا تعد الديمقراطية حلاً لكل المشكلات، ولكنها طريقة للتعامل مع المشكلات والتوصل إلى حلها.

 

[1] Frank Nullmeier, Andreas Hepp, and Steffen Schneider, “Transformations of the  Democratic State”, in Stephen Leibfried and Others (editors), The Oxford Handbook of Transformations of the State, (New York: Oxford University Press, 2015), Pp: 1-16.

[2]تناقش معظم الأدبيات مراحل التحول الديموقراطي بمعنى الانتقال من النظم السلطوي أو غير الديموقراطية إلى النظم الديموقراطية، وهو ما يشمل عادة مرحلة إنهيار النظم التسلطية Collapse of the Authoritarian Systems (حيث سقوط رأس الدولة والدستور، حل البرلمان والمجالس الشعبية المحلية)، ثم مرحلة الانتقال إلى الديموقراطية Transition to democracy حيث يعاد تصميم النظام دستوريا ومؤسسيا فضلا عن إعادة بناء المؤسسات التشريعية، التنفيذية، والقضائية ومراجعة صلاحياتها، أدوارها، عضويتها، وتكوينها (أي يتم خلالها صياغة دستور جديد، انتخابات برلمان جديد ورئيس جديد، وإدخال إصلاحات على مختلف المؤسسات)، وصولا إلى مرحلة توطيد أركان الديمقراطية Democratic Consolidation واستقرارها، وهو ما يرتبط برسوخ قيم الديموقراطية وإجراءاتها باعتبارها البديل الوحيد المتاح، وتفعيل عمل المؤسسات الديموقراطية، وتتعدد مؤشرات هذه المرحلة لكن أكثرها شيوعا تكرر التداول السلمي للسلطة في إطار المؤسسات والترتيبات الانتخابية القائمة على الحرية والنزاهة. وتشهد هذه المراحل صراعات عديدة بين من استفادوا من مناصب فى ظل النظام السلطوى لكنهم اقتنعوا بضرورة احداث تعديلات عليه لاعادة بناء شرعيته المهتزة، وبين من يرفضون احداث اى تحول ديمقراطى ويدافعون عن بقاء النظام السلطوى، ويحدث هذا الصراع فى ظل الانقسامات داخل النظام القائم، وفى ظل ضغوط دولية لتبنى التحول الديمقراطى مقابل تقديم المساعدة الدولية.

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …