الرئيسية / النظم السياسية / السياسة المقارنة / نظرية الثورة .. أبعاد السلوك الصراعى داخل الأمم “مترجم”
نظرية الثورة .. أبعاد السلوك الصراعى داخل الأمم "مترجم"
نظرية الثورة .. أبعاد السلوك الصراعى داخل الأمم "مترجم"

نظرية الثورة .. أبعاد السلوك الصراعى داخل الأمم “مترجم”

نظرية الثورة

A Theory of Revolution

 

By: Raymond Tanter

Manus Midlarsky

 

إشراف.

أ.د.علي الدين هلال

أ.د. إكرام بدر الدين

إعداد.

أماني عبد اللطيف

قسم العلوم السياسية

تمهيدي دكتوراه

مسار النظم السياسية

نظرية السياسة المقارنة

جامعة القاهرة

كلية الاقتصاد والعلوم السياسية

 

عرض لمقال نظرية الثورة

 

الكُتاب:

  • ريموند تانتر: استاذ العلوم السياسية وباحث في مركز الشرق الأوسط بجامعة ميتشيجان. حصل على درجة الدكتوراة من جامعة انديانا. وعمل كأستاذ زائر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في عام 2001 كتب خلاله مقال بعنوان “الدول المارقة والدول الأقل المسؤولة، والدول المعادية” ليكون جزءا من كتاب بعنوان “الضلال الرشيد: الردع والدفاع” في الفترة 2001- 2002، ثم عمل كباحث مقيم في معهد الشرق الأوسط في واشنطن وقام باختبار صحة أفكار الاختيار العقلاني في تفسير سياسات الولايات المتحدة تجاه إيران. ودرًس بجامعة انديان بلومينجتون والجامعة العبرية بالقدس جامعة نورثوسيترن وجامعة ستانفورد وجامعة جورج تاون، كما درَس مقررات عن الارهاب الدولي وانتشار اسلحة الدمار االشامل والصراع العربي الاسرئيلي ودفاع الصوريخ الباليستية. وتولى عدة مناصب تنفيذية، حيث عمل كمسشار للأمن القومي  في اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري ومجلس العلاقات الخارجية ووزارة الدفاع الأمريكية.

ويعمل الان كرئيس للجنة الأمريكية لحقوق الانسان واستاذ زائر في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى واستاذ فخري بجامعة ميتشيجان.

ومن أشهر كتبه: “النظم المارقة”، “تحقيق التوازن في البلقان”، “تصنيف الشر”، “استرضاء اية الله وقمع الديموقراطية”.

 

  • مانوس ميدلارسكي استاذ العلوم السياسية بجامعة كولورادو. نال درجة الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة نورث ويسترن.

درَس فى جامعة فورست ليك وكولورادو وروتجرز، وعمل كاستاذ زائر في قسم العلوم السايسة ومركز الدراسات السياسية لمعهد البحوث الاجتماعية بجامعة ميتشيجان، وترأس قسم العلاقات الدولية في جامعة كولورادو. عمل كرئيس لجمعية لدراسات الدولية، ومستشار للحكومة في كندا والولايات المتحدة وهولندا.

تركزت كتاباته في موضوع العلاقات الدولية وركزت مؤلفاته على موضوعات الحرب، والتطرف السياسي، والابادة الجماعية .

أشهر مؤلفاته: “في الحرب: العنف السياسي في النظام الدولي”، “تفكك النظم السياسة: الحرب والثورة من منظور مقارن”، “تطور اللامساواة: الحرب”، “بقاء الدولة والديموقراطية من منظور مقارن”، “فخ القتل: الابادة في القرن العشرين”، “القتل الجماعي في القرن العشرين ومابعده”.

 

  • هذه الدراسة هي جزء من سلسلة هدفت لدراسة الثورة وتأثيرها على العلاقات الدولية خاصة المتعلقة بمجتمعات الاعمال الدولية، ونشرت في دورية “Conflict Resolution”.

 

محور الدراسة:

تهدف الدراسة لاجراء بحث تجريبي لبعض أسباب الثورة، حيث أن الدراسات السابقة درست أبعاد السلوك الصراعى داخل الأمم بهدف اكتشاف المتغيرات الأكثر تمثيلا للصراع الداخلي. ومن ثم تقوم هذه الدراسة باختبار الاهمية النظرية لهذه المتغيرات.

 

فرضيات الدراسة:

الفرضيات :

  • كلما ارتفع معدل الزيادة في الناتج الاجمالي القومي للفرد في المرحلة السابقة على الثورة وكلما ازدادت حدة التقلبات مباشرة قبل الثورة، كلما زادت مدة الثورة ودرجة العنف الثوري.
  • كلما انخفض مستوى التعليم قبل الثورة كلما زادت مدة الثورة ودرجة العنف بها.

 

أطروحة الدراسة:

قدمت الدراسات تصنيفات للثورة وسببان محتملان لها وهما:

  • التغيير في معدلات التنمية الاقتصادية
  • التغيير في مستوى التعليم

تم اختبار هذين السببين فيما يتعلق بمدى ارتباطهما بخصائص معينة للثورة، ووجد أن هناك اختلافات اقليمية تنطوى على تمييز أساسي بين اثنين على الأقل من فئات التصنيف، وأخيراً تم تقديم فرضيات لتفسير بعض نتائج هذه الدراسة.

 

تصنيف الثورات:

تم استخدام مفهوم الثورة بطريقة مبهمة ولذلك في البداية لابد من طرح تساؤل ماهو مفهوم الثورة؟

 

بالنسبة للمدرسة الهيجلية: ساوت بين الفكرة الثورية والتغيير الذي لايقاوم Irresistible ، وأن الثورة مظهر من مظاهر روح العالم في السعي المتواصل لتحقيق الكمال. وتقترب المدرسة الماركسية من ذلك ايضا بالرغم من تعارضها مع المثالية الهيجلية، إلا أنها رأت الثورة كمنتج لقوى التاريخ، وتبلغ ذروتها في الصراع الدائر بين البرجوازية والبروليتاريا.

 

أما حنا أرندت فتفسر الخبرة الثورية كنوع من “الاستعادةrestoration ” يحاول من خلالها الثائرون استعادة الحريات والامتيازات التى فقدت نتيجة استبداد الحكومة في فترة من الفترات. والحقيقة أن جوانب الثورة الأمريكية وبعض الثورات الحديثة المناهضة للاستعمار تقبل تفسير أرندت، حيث يرى الثوريون النخبة الاستعمارية كغرباء مغتصبى للحريات التى تمتعوا بها يوماً ما.

 

على الجانب الاخر استخدم توكفيل نهجاً امبريقياً لمشكلة الثورة، وعرفها على أنها الاطاحة بالنخبة المشَكلة بطريقة قانونية، تلك النخبة التى شرعت في فترة تغيير سياسي واجتماعي واقتصادي مكثف. أكمل كران برنتون التوجه الامبريقي بالتفرقة بين الانقلاب كاحلال بسيط لنخبة محل نخبة اخرى، وبين الثورات الكبرى كالثورة الفرنسية والثورة الروسية وكان كلاً منهما مصحوباً بتغييرات اجتماعية وسياسية واقتصادية. ويسير في نفس هذا التوجه جورج بلانكستن بالتطبيق على أمريكا اللاتينية، ويرى ضرورة التمييز بين الانقلاب والثورة، ويضرب مثلا بالثورة المكسيكية التى أحدثت في النهاية نتائج جذرية في بنية المجتمع المكسيكي.

 

وبناءً على هذه التفرقة بين نوعين من أنواع الثورة تم استخدامها كأساس لتطوير المزيد من التصنيفات

فمثلا قدم هارولد لاسويل وابراهام كابلان مزيد من الصقل في تصنيف الثورات عن طريق تقديم ثلاث فئات لتصنيف الثورات وقاما بالتفرقة بين: 1- ثورات القصر، 2- الثورات السياسية، 3- الثورات الاجتماعية.

وقدم lieuwen Edwin تصنيف مشابهه لكنه قدم (العسكرة السلبية أو الضارة (predatory militarism بدلاً من ثورات القصر، وهو شكل شائع للانقلابات في أمريكا اللاتينية. وتعكس هذه الأنواع الثلاثة للثورة بالترتيب ازدياد درجة التغيير التى يبدأها الثوار الناجحون.

 

أما جيمس روزيناو فقد قدم تصنيف للثورات:

  • حروب الملاك :personnel wars هي الحروب التى تخاض من أجل اشغال الادوار الموجودة في بنية السلطة السياسية، ويضرب مثلاً لذلك ثورات القصر أو العسكرة السلبية أو الضارة بأمريكا اللاتينية.
  • حروب السلطة: هى التى يتنافس فيها الثوار ليس فقط من اجل اشغال ادوار بنية السلطة السياسية وإنما تشمل ترتيباتها ايضاً، ويصنف الكفاح من اجل احلال نظام ديكتاتوري باخر ديموقراطي ضمن هذه الفئة.
  • الحروب الهيكلية: يهدف فيها الثوار لادخال تغيرات اجتماعية واقتصادية في المجتمع وتعتبر الحروب التى تتضمن فصائل شيوعية مثالاً على الحروب الهيكلية. وتتضمن هذه الفئة عناصر من الفئتين السابقتين، فالتغييرات في اشغال ادوار الحكومة وكذا ترتيبات الادوار تحدث تلقائيا عندما ينجح الثوار في الحرب الهيكلية، وبالمثل فان حروب السلطة موجهه للملاك لان ترتيبات الادوار السياسية من النادر ان لم يكن مستحيلا ان تعدل دون تغيير في اشغال تلك الادوار.

وفي ترتيب روزناو للانواع الثلاثة من الثورات فان حروب الملاك هي الاقل من ناحية درجة التغيير الاجتماعي، وفي المنتصف حروب السلطة، وتحتل المرتبة العليا الحروب الهيكلية.

 

وقد اقترح هانتنجتون تصنيف الثورة لأربع فئات كالتالي: الحرب الداخلية، الانقلاب الثوري، الانقلاب الاصلاحي، ثورة القصر.

استخدم هانتنجتون مصطلح الحرب الداخلية بمعنى مختلف عما سبقته من دراسات منهجية، ولهذا السبب سيستخدم الكاتبان مصطلح “الثورة الجماهيرية mass revolution ” كبديل عن الحرب الداخلية لدى هانتنجتون.

مصطلح الثورة الشعبية وثورة القصر يعودا نسبيا لروزناو وهما ما أطلق عليهما “حروب الملاك والحروب الهيكلية”، في حين أن الانقلاب الاصلاحي والانقلاب الثوري يمكن وضعهم تحت عنوان حروب السلطة في تصنيف روزناو.

 

ووفقاً لهانتنجتون تعد الثورة التركية التى قام بها كمال اتاتورك مثالاً لما يسميه الانقلاب الثوري، في حين أن انقلاب 1955 في الارجنتين يصنف ضمن الانقلابات الاصلاحية. ومعيار هذا التصنيف هو درجة التغيير في هيكل السلطة السياسية، فالشباب الاتراك طبقوا مراجعة كاملة للسلطة السياسية مما أدى إلى تأسيس الجمهورية وانتهاء الامبراطورية العثمانية، أما الثورة ضد بيرون في الأرجنتين فكانت محاولة لاصلاح سوء الادراة الاقتصادية وعدم الرضا عن القوى السياسية الرئيسية مثل الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، وادت الى التمرد ضد ما أصبح سياسية تنفيذية قمعية.

 

مما سبق يتوصل الكاتبان إلى أن وجود عدة أنواع للثورة يرحج امكانية تفكيك الخصائص المختلفة للثورة.

 

اقترح كارل دويتش ان درجة المشاركة الجماهيرية في الثورة ومدتها يمكن ان تكون اساسية لوصف التجربة الثورية، ويمكن اضافة خاصية ثالثة وهي عدد القتلى بسبب الثورة كنتيجة لدرجة التمسك العالية من قبل كلاً من الثوار وشاغلى المناصب بتحقيق أهدافهم من ثم يكون عدد القتلى اثناء وبعد الثورة مقياساً لحدتها، وأخيراً يمكن أن تكون أهداف الثوار ذات أهمية في تحديد نوع الثورة ونتيجتها النهائية، فاذا كان للثوار التزام ايديولوجي لاهداف محددة من ثم سيبدأ الثوار في ادخال تغييرات على الهيكل المجتمعي لتحقيق هذه الاهداف، أما اذا لم يكن لهم توجه ايديولوجي  فربما ينووا استبدال شاغلى المناصب في هيكل السلطة السياسية دون اللجوء الى تغييرات في بنية المجتمع.

 

يوضح الجدول التالي تصنيف للثورات بناء المعايير الأربعة السابقة وهي: 1- المشاركة الجماهيرية، 2- المدة، 3- العنف الداخلي ، 4- أهداف الثوار.

 

نوع الثورة المشاركة الشعبية المدة العنف الداخلي أهداف الثوار
الثورة الجماهيرية عالية طويلة مرتفع تغيير جوهري في هيكل السلطة السياسية والنظام الاجتماعي
الانقلاب الثوري منخفطة من قصيرة إلى متوسطة منخفض إلى متوسط تغيير جوهري في هيكل السلطة السياسية وبعض التغييرات المحتملة في النظام الاجتماعي
الانقلاب الاصلاحي منخفظة جدا قصيرة وأحياناً متوسطة منخفض تغيير متوسط في بنية السلطة السياسية
انقلاب القصر لايوجد قصيرة جداً لايوجد عمليا عمليا لايوجد تغيير

 

بناء على التصنيف السابق في الجدول يقدم الكاتبان تعريفاً للثورة، ووفقاً لهما:

توجد الثورة عندما تقوم مجموعة من الثوار بطريقة غيرقانونية أو/و بالقوة بتحدى النخبة الحكومية بهدف شغل ادورها في هيكل السلطة السياسية، وتنجح الثورة عندما يتمكن الثوار من شغل المناصب الاساسية في هيكل السلطة السياسية كنتيجة لتحدى النخبة الحكومية. إلا أن هذا لايعنى انه بمجرد شغل الثوار لهذه الأدوارسيظل هيكل السلطة السياسية على حاله، فالتغيير في افراد النخبة الحكومية في كثير من الاحيان شرط مسبق لاجراء تغييرات جوهرية في البنية السياسية والاجتماعية. واذا كان لدى الثورة أهداف لتغييرات سياسية واجتماعية كبرى فيجب أولاً ان يشغلوا دورا داخل الهيكل السياسي ليتمكنوا من تحقيق ما أرادوا. هذا التعريف يضع معيار ادنى لوجود الثورات.

 

ويقدم الجدول التالي قائمة توضيحية على الانواع الاربعة للثورة من قبل الكاتبان:

 

 

أنواع الثورات الأربع

 

  • الخط المنقط في الجدول يمثل فاصلاً بين الثورات الشعبية الناجحة والاخرى التى لم تكلل بالنجاح، بالاضافة الى ذلك يتم رصد حالات من الثورات المناهضة للاستعمار والثورات الغير ناجحة نظرا للتشابه المحتمل بين هذه الثورات والثورات الشعبية
  • تشير التواريخ المحددة بين القوسين إلى العام الذي إما هزم فيه الثوار أو يتولى الثوار مناصب في هيكل السلطة السياسية

 

 

الثورة الشعبية الانقلاب الثورية الانقلاب الاصلاحي انقلاب القصر
الفرنسية (1789)

الأمريكية (1776)

الروسية (1917)

الصينية (1949)

الكوبية (1959)

الجزائرية (1962)

التركية (1919)

النازية (1933)

المصرية (1952)

العراقية (1958)

الأرجنتينية (1955)

السورية (1956)

الأردنية (1957)

التايلندية (1957، 1958)

البرمية (1958)

الفرنسية (1958)

الباكستانية (1958)

السودانية (1958)

الفنزويلية (1958)

التركية (1960)

جمهورية الدومنيك (1963)

الفنزويلية (1948)

البرازيلية (1955)

الكولومبية (1953،1957)

الهوندراسية (1956)

الجواتيمالية (1957)

الهايتية (1957)

السلفادورية (1960)

 

_ _ _ _ _ _ _ _ _

الفرنسية (1848)

الالمانية (1848)

النمساوية (1848)

الفرنسية (1871)

الهوك بالفلبين (1948)

الملايا-جنوب شرق اسيا (1956)

الهنجارية (1956)

 

هذه الخطوة بمثابة خطوة توضيحية لازمة  للانتقال للخطوة التالية وهي توفير مرجعيات تجريبية لاختبار اسباب الثورة.

 

يمكن تفسير اثنين من المعايير الاربعة للثورة وهما المدة والعنف الداخلي كخصائص مُعرِفة للثورة. ويمكن اعتباركلاهما مقياس لحدة الثورة، فالعنف الداخلي على سبيل المثال موجود في اغلبية الثورات، فلو كانت اغلبية السكان لاتبالى بالتغييرات في أفراد النخبة الحكومية لحدثت ثورة قصر بمبادرة مجموعة من الثوار وسيواجهون معارضة من قبل النخبة الحاكمة فقط، ولان نمط الصراع منظم ومحدود النطاق فسيكون عدد الوفيات في الحد الادنى، وستكون مدة الثورة قصيرة. ومع ذلك اذا اعلن الثوار عن أهدافهم في المبادرة بتغيير البنى الاجتماعية فربما تتجه شريحة كبيرة من المجتمع امعارضة أهداف الثوار، وهنا قد يزيد عدد لوفيات ومدة الثورة بطريقة تتناسب مع درجة التغيير المجتمعي المتوقع من قبل الثوار. وبالمثل تعد مدة الثورة مقياس محتمل لحدة الثورة، فالعديد من ثورات القصر في امريكا اللاتينية كانت لفترة قصيرة وعدد القتلى كان محدود نسبيا.  فالانقلابات غير الدموية تحدث دون وقوع قتلى لكن النخب الجديدة تتولى ادوارا رئيسية في بنية السلطة السياسية وذلك على عكس الثورات كالثورة الفرنسية والروسية التى تميزت باستمرارها لمدة زمنية اطول وعدد قتلى اكبر.

 

الجدول التالي يوضح استخدام المدة الزمنية وعدد الوفيات الناتج عن العنف الداخلي كمقياسيين للثورة

 

  • العمود الاول يرصد كل الثورات الناجحة مابين عام 1955حتى ستينات القرن الماضي، ومعيار ادارج الثورات هنا هو انتهائها في وقت ما خلال تلك الفترة.
  • العمود الثاني يرصد اعداد الوفيات كنتيجة للعنف الداخلي لكل مليون نسمة في الفترة من (1950-1962). هناك بديل اخر يرصد عدد الافراد الذين قتلوا اثناء فترة الثورة نفسها لكن لابد من الأخذ في الاعتبار أن عدد القتلى الذين سقطوا خلال انقلاب ثوري استمر يومين قد لايكون مؤشرا دالاً على خصائص تلك الثورة، فعلى سبيل المثال قتل ثلاثون شخصا خلال الثورة العراقية عام 1958 كان منهم الملك فيصل ورئيس وزارئه، وتجلت حدة الثورة عندما قامت الجماهير بسحل جسد الملك في شوارع بغداد. فمقتل ثلاثون شخصا لايبدو انعكاس لدرجة الحدة، ومع ذلك باختبار عدد القتلى قبل وبعد الثورة سنجد أن العراق قد شهد ثاني اكبر عدد وفيات لكل مليون نسمة بالمقارنة بالثورات خلال الفترة من (1955-1960). ادراج عدد الوفيات قبل وبعد الثورة قد يكون مؤشراً على الاحباطات التى تراكمت نتيجة لفترة طويلة من القمع. وتقع الثورة عامة بعد فترة من عدم الاستقرار.
  • مدة الثورة تحدد بنقطتين زمنيتين:

1- اندلاع اعمال عدائية فعلية ضد نظام الحكم في السلطة

2- شغل الثوار لمناصب في هيكل السلطة السياسية

 

الوفيات والفترة الزمنية للثورات الناجحة (1955-1960)

 

الثورة عدد القتلى الناتج عن العنف الداخلي الفترة الزمنية بالأيام
الكوبية 1959 2900 2190
العراقية 1958 344 3
الكولومبية 1957 316 7
الأرجنتينية 1955 217 86
البرمية 1958 152 1
الهوندراسية 1956 111 90
الفنزويلية 1958 111 21
الجواتمالية 1957 57 10
السورية 1956 44 2
الهايتية 1957 16 36
الباكستانية 1958 9 19
الأردنية 1957 7 15
التايلاندية 1957 3 1
التايلاندية 1958 3 1
السلفادورية 1960 2 50
البرازيلية 1955 1 2
التركية 1960 0.9 33
الفرنسية 1958 0.3 19

 

وتقترح هذه الورقة أن نوع الثورة يعتمد على درجة عدم الاستقرار السياسي السائد قبل حدوثها

 

اثنين من العلاقات الترابطية عن الثورة:

بعد توفير مرجعيات تجريبية لمفهوم الثورة ننتقل الان الى دراسة العلاقات الترابطية المحتملة.

 

المتغير الأول: العلاقة بين الثورة والتنمية الاقتصادية:

ظلت مشكلة تحديد الشروط المسبقة للثورة تحظى باهتمام المنظرين السياسين لفترة طويلة. فاقترح افلاطون ان اختلاف المصالح الاقتصادية يؤدي الى التحزب السياسي و يساهم في عدم استقرار دولة المدينة. فالفقر وفقاً له ينتج الثورة بينما تنتج الثروة الرفاهية. ويتفق معه في الجوهر أرسطو الذي اقترح ان الفقر سبب الثورة السياسية. أما توكفيل فأشار ان الفلاحين الفرنسيين قبل عام 1789 تمتعوا بدرجة ما عالية من الاستقلال الاقتصادي بالمقارنة بباقي الفلاحين الاوربيين. وبسبب الاستقلال والامن تظهر البغضاء والازدراء. وبذلك اختلف توكفيل عمن سبقوه. وفي الواقع لم يكن هناك كساد اقتصادي طويل الاجل قبل اندلاع الثورة الامريكية أو الثورة الروسية. وبعد أن قام كرين برنتون بدراسة مستفيضة لأربع ثورات كبرى، توصل الى نسق منتظم في وقوع هذه الثورات وهو ان المجتمعات محل الدراسة كانت تتمتع باقتصادات جيدة قبل اندلاع الثورات. وينطبق ذلك على الثورة الفرنسية والانجليزية خلال القرن السابع عشر والثورة الامريكية، وينطبق ذلك أيضاً في حالة روسيا حيث حققت تطور اقتصادي قبل اندلاع الحرب العالمية الاولى.

 

وبناءً على ما سبق يظهر تعارض بين نظريات افلاطون وارسطو من جانب وتوكفيل وبرنتون من جانب اخر. فبينما ترى المجموعة الاولى ان الفقر يؤدى الى الثورة، ترى المجموعة الثانية ان الثورة تسبقها زيادة ملحوظة في التنمية الاقتصادية.

 

يشير جيمس جيمس ديفيز الى ان التركيب او التوليف الجزئي بين هذه المناهج قد يوفر تفسيرا أكثر شمولا بدلا من الفصل بينهم. فالثورات الكبرى تكون مسبوقة بزيادة مستقرة طويلة الاجل في التنمية الاقتصادية يتبعها تفاوت حاد وتغيير في اتجاه النمو قبل اندلاع الثورة مباشرة.

وبصورة أعم فانه يمكن ان ينظر الى التنمية الاقتصادية باعتبارها جانب واحد من انجازات المجتمع. ومن ثم يتم استخدام مفهوم “الانجاز “Achievement  ليعبر عن التنمية السياسية والاقتصادية والثقافية في مفهوم واحد لخدمة أغراض البحث.

 

والمفهوم الثاني المرتبط بشكل وثيق بالانجاز هو “التطلعات Aspirations”. فنتيجة تحقيق الاهداف على المستوى السياسى والاقتصادي والثقافي تكون مرئية لعامة الشعب. وترتبط الحريات الجديدة الممنوحة للشعب والطرق والمصانع والمتاحف ومستوى المعيشة الافضل بمستوى عالى من الانجاز، وايضا ميل لزيادة التطلعات.

 

ويفترض ذلك ان معدلات التغيير في الانجاز والتطلع مرتبطان. فاذا زاد الانجاز بمعدل معين فمن ثم يتطلع الشعب لاقتناء سلع اجتماعية بمعدل يتناسب مع الانجاز الذي تم تحقيقه.

 

وبتمثيل ذلك بيانياً فان الزيادة في التطلعات عبر الوقت تجعل منحدر هذا المتغير يقترب من معدل التغيير في الانجاز. ويوضح الشكل التالي تقارب المنحدر كلا من التطلعات والانجاز.

 

وفي حال انخفاض معدل الانجازات يُطرح هنا مفهوم ثالث وهو “التوقعات Expectations”. معدل التغيير في التوقعات سيقترب من تناقص معدل الانجاز. وقد تتأثر معدلات التوقعات بالواقع الحالى اكثر من معدل التطلعات. حيث تمثل التوقعات تغيير في النظرة الناجمة بالاساس عن انخفاض فوري في انتاج السلع الاجتماعية، بينما تتعلق التطلعات بصورة اكبر بطبيعة الامل والتفاؤل الناتج عن الاداء في المدى الطويل. ويمكن اعتبار المسافة بين المفهومين (الفجوة الثورية) مقياس لامكانية حدوث ثورات عنيفة. وكلما زادت الفجوة الثورية كلما زاد احتمالية طول مدة وعنف الثورة. وهي الفرضية الممثلة في الشكل السابق.

 

للتدليل على انخفاض معدل التوقعات قبل الثورات الكبرى، استشهد ديفيز بالمحصول الزراعى الفقير في فرنسا (1788-1789) وهي الفترة التى اعقبت التطورات الاقتصادية التى شهدها العقد السابق على ذاك التاريخ. وهو مقارب ايضا لما حدث في انجلترا وامريكا. وتمثل الاوضاع في روسيا القيصرية عام 1917 قبل اندلاع الثورة مثالا للانهيار الاقتصادي. وإجمالاً تثبت الثورات الاربعة صحة فرضية ديفيز، ولكن السؤال هو مدى صحة تعميم هذه الفرضية، ويحتاج ذلك للتحليل منهجي يضم ثورات اخرى.

 

المتغير الثاني: العلاقة بين الثورة ومستوى التعليم

يفترض وجود علاقة ترابطية بين الثورة ومستوى التحصيل العلمي قبل اندلاع الاضطرابات، وقد وجد سيمور ليبست أن وقوع الثورات يرتبط سلبيا مع مستوى التعليم. وقام بتصنيف الدول وفقا لدرجة استقرارها ونوع النظام سواء كان ديموقراطيا او شموليا، ووجد ان النظم الديكتاتورية في امريكا اللاتينية والتى هي اكثر عرضه لانقلابات القصر تحتل ايضا مرتبة ادنى على مقياس التحصيل العلمى. وقد دعم هذا الاتجاه عدد من المحللين الذين وجدوا أن هناك ثلاثة متغيرات تتعلق بالتعليم ترتبط سلبا بامكانية حدوث الثورة. أحد هذه المتغيرات هو نسبة عدد التلاميذ في التعليم الأساسي الى مجموع عدد السكان في المجموعة العمرية (5-14) عاماً. واتضح من البيانات من منتصف خمسينات القرن الماضي ان المجتمعات ذات المستوى التعليمي الادنى هي الاكثر عرضة لقيام الثورات.

 

وبذكر المفاهيم الرئيسية وطرق قياسها، فمن المفيد تلخيص المفاهيم قبل عرض النتائج:

  • تعرف الثورة اجرائيا بالعنف الداخلي والمدة.
  • يعرف الانجاز والتطلعات بمعدل التغيير في الناتج القومي الاجمالي للفرد عبر الوقت.
  • تعرف التوقعات بالانخفاض او التفاوت في اتجاه معدل التغيير في الناتج القومي الاجمالي للفرد.
  • يعرف مستوى التعليم نسبة عدد التلاميذ في المدارس الابتدائية الى مجموع عدد السكان في المجموعة العمرية (5-14) عاماً.

 

وبناء على ذلك يقترح الكاتبان الفرضيات التالية:

  • كلما ارتفع معدل الزيادة في الناتج الاجمالي القومي للفرد في المرحلة السابقة على الثورة وكلما ازدادت حدة التقلبات مباشرة قبل الثورة، كلما زادت مدة الثورة ودرجة العنف الثوري.
  • كلما انخفض مستوى التعليم قبل الثورة كلما زادت مدة الثورة ودرجة العنف بها.

 

وقد تم اختبار مدى صحة هذه الفرضيات على 17 من الثورات الناجحة في الفترة ( 1955-1960).

 

البيانات والنتائج:

  • يتم عرض بيانات الفترة (1955-1960) في الجدول التالي، وتم استثناء الثورات غير الناجحة والثورات ضد الاستعمار. ويمثل العمود الثالث التغيير في معدل الناتج القومي الاجمالي لفرد، وهذه الارقام هي معاملات الانحدار التى حسبت لفترة سبع سنوات سابقة على كل ثورة. تم حساب الناتج القومي الاجمالي للفرد فى مقابل الوقت لكل دولة، وكانت المنحدرات خطية تقريبا. قيم هذه المعاملات قابلة للمقارنة حيث ان سنة الاساس موحدة (1953 = 100).
  • العمود الرابع يرصد نسب التعليم الأساسي. وترصد نتائج معاملات الارتباط في جدول لاحق. تم حساب هذه المعاملات في البداية عن كل الحالات في العمود الاول.

 

العنف الداخلي، معدل التغيير في الناتج القومي الاجمالي للفرد، ونسبة المسجلين في التعليم الأساسي

الثورة العنف الداخلي معدل التغيير في الناتج الاجمالي القومي للفرد نسبة المسجلين في التعليم الأساسي
الكوبية 1959 2900 43
العراقية 1958 344 6.86 19
الكولومبية 1957 316 2.79 30
الأرجنتينية 1955 217 -1.64 68
البرمية 1958 152 4.36 16
الهوندراسية 1956 111 1.64 27
الفنزويلية 1958 111 9.25 43
الجواتمالية 1957 57 0.64 23
السورية 1956 44 1.60 37
الهايتية 1957 16 20
الباكستانية 1958 9 0.96
الأردنية 1957 7 42
التايلاندية 1957 3 2.69 54
السلفادورية 1960 2 2.18 33
البرازيلية 1955 1 2.89 34
التركية 1960 0.9 2.43 33
الفرنسية 1958 0.3 4.11 78

 

  • يرصد الجدول التالي معاملات الارتباط الخاصة بنسب التعليم الأساسي للدول الاسيوية على حدة ودول امريكا اللاتينية على حدة.
  • العنف الداخلي تم تحويله لوغارتميا القيمتين (معدل التغيير في الناتج القومي الاجمالي للفرد، ونسبة المسجلين في التعليم الأساسي)

 

معاملات الارتباط بين التغير في الثروة ومستوى التعليم والعنف الداخلي

اجمالي الحالات أمريكا اللاتينية اسيا الشرق الأوسط
معدل التغيير في الناتج الاجمالي القومي للفرد 0.22

(14)

– 0.12

(7)

0.94

(6)

0.96

(4)

نسبة المسجلين في التعليم الأساسي -0.31

(16)

0.33

(9)

– 0.76

(6)

– 0.92

(4)

 

يجب مراعاة ان النتائج المحسوبة مقدرة بناءً علي بيانات اجمالية للدول محل الدراسة ، اي عدم وجود عينة عشوايئة يتم تعميم نتائج معاملاتها علي البيانات الاجمالية . وفي تلك الحالة لا يجوز تطبيق اختبارات صحة الفروض الخاصة بالمعاملات عند مستوي المعنوية المحدد significance level. الا انه سيتم التغاضي عن ذلك في الدراسة وتحديد مستوي ثابت لدرجة المعنوية عند 0.05% ومقارنته لقيمة محدد p value  للحكم علي مدي صحة معامل المتغيرات احصائياً. كما سيتم تفسير مربع معامل الارتباط علي انه نسبة التباين في المتغير المستقل التي يمكن تفسيرها من المتغيرات محل النموذج.

وطبقاً لما هو موضح اعلاه، فان معاملات العمود (1) و (2) غير قابلة للتعميم علي المستوي الاجمالي من الناحية الاحصائية. في حين يمكن استخدام المعاملات في العمود (3) لصحة افتراض وجود ارتباط بين التغير في الثروة ومستوى التعليم والعنف الداخلي .  وكما اقترح هايوارد الكر ان الاختلاف الثقافي بين الاقاليم يجعلنا نتعامل مع هذه العلاقات بحذر.

 

باختبار المقياس الأول للثورة وهو عدد الوفيات الناتج عن العنف الداخلي، نجد أنه بالنظر للنتائج فان العنف الداخلي في دول اسيا عامة والشرق الاوسط خاصة قد يكون له مدلول سياسي مختلف تماما عن مدلوله في دول امريكا اللاتينية. في الجدول الأخير تم تقسيم الدول الى مجموعات (اسيا، امريكا اللاتينية والشرق الاوسط) في محاولة للحد من تأثير الاختلافات الثقافية. فرنسا هي الدولة الوحيدة التى لاتنتمى لأى من هذه المجموعات.

بالنظر للثورات الاسيوية نجد ان معامل درجة الارتباط بين معدل التغيير في الناتج القومي الاجمالي للفرد والعنف المحلى صحيح احصائيا ( قابل للتعميم) نظراً لحساب قيمة محدد  p value  عند 0.01% وهي بالتالي اقل من مستوي المعنوية المحدد0.05%   و له دلالة مهمة حيث انه مسئول عن 88 % من التباين في متغير العنف المحلي .

 

وترتبط نسبة التلاميذ في التعليم الأساسي سلبا مع العنف الداخلي ومعامل الارتباط غير صحيح احصائيا عند محدد pvalue  يساوي 0.1 وهو اكبر من مستوي درجة المعنوية المحدد عند 0.05% ، في حين انه يفسر حوالى 58% من التباين في متغير العنف المحلي .

 

بالنظر للشرق الاوسط نجد ان درجة الارتباط بين معدل التغيير في الناتج القومي الاجمالي للفرد والعنف الداخلي له دلالة مهمة لانه صحيح احصائيا حيث ان قيمة محدد  0.05 pvalue  تساوي قيمة درجة المعنوية المحددة عند 0.05% ، كما انه مسئول عن 92 % من التباين في متغير العنف الداخلي. أي أن معدل التغيير في الناتج القومي الاجمالي للفرد السابق على الثورة مرتبط ارتباط تام بمستوى العنف الداخلي. اما العلاقة بين نسبة الالتحاق بالتعليم الاساسي والعنف الداخلي فهي غير ذات دلالة  احصائيا بسبب ان قيمة محدد pvalue  تساوي 0.1 وهي اكبر من مستوي المعنوية 0.05% علي الرغم من انها تمثل 85% من التباين في متغير العنف المحلي.

 

تظهر معاملات الارتباط لاسيا والشرق الاوسط تفسيرا للتباين في كل الحالات. ونظرا لوجود عدد قليل من الحالات فينبغي قبول النتائج بحذر.

 

قبل ان تفترض ان 92% من التباين في العنف الداخلي بالشرق الاوسط بسبب معدل التغيير في التنمية الاقتصادية، نجد أنه لابد من بذل المزيد من الجهود لاختبار النتائج  في المدى الطويل.

 

باختبار المقياس الاخر للثورة وهو المدة (عدد الايام)

تم عمل معاملات ارتباط لحساب المدة ومعدل التغيير في الناتج القومي الاجمالي ومعدل الالتحاق بالتعليم الاساسي. ولم تكن النتائج ذات دلالة احصائية عند تحديد درجة المعنوية عند 0.05%. وربما تتمثل احد الصعوبات القصوى في حساب الفترة.

 

ويلاحظ برنتون في دراسته للثورة الروسية والانجليزية انه ربما يكون من الافضل التعامل مع موضوع المدة أو الفترة الزمنية بطريقة نوعية بدلا من كمية. ويعكس تحليله ونتائج دراسته ان متغير الفترة الزمنية يصعب قياسه. وعلاوه على ذلك بمقارنة الفترات نرتكب خطأ توظيف وحدات مختلفة من التحليل في نفس الدراسة. فاستخدام نفس المدة اوالفترة لايعكس ثقل الاحداث التى وقعت في تلك الفترة، فمثلا حدوث انقلاب ثوري خاض خلاله الثوار حرب مريرة  في فترة ثلاث ايام لايبنغي ان تتساوى مع انقلاب قصر غير دموي  لمدة ثلاثة ايام ايضا ويؤدى فقط الى تغيير في افراد النخبة الحكومية. وقد يكون استخدام عدد الاحداث ذات الطابع المتشابهه في فترة زمنية محددة مقياسا اكثر ملائمة بدلا من استخدام الفترة الزمنية كمتغير مستمر. وفي هذه الحال يكون من المفيد التعامل مع متغير المدة الزمنية علي انه ذو قيم متصلة خلال فترة محددة بدلا من تحديد قيم محددة للمتغير الزمني، مع افتراض حد فاصل لوجود دلالة للعنصر الزمني علي التاثير في الدراسة. فاذا كانت قيمة المتغير الزمني اقل من هذا الحد ، فانه المتغير الزمني يكون في غير محله لشرح الاحداث السابقة أو العواقب المترتبة على حدوثه. في خارج هذا النطاق قد تكون الفترة الزمنية ذات دلالة.

 

وكلما زادت فترة الثورة ادى ذلك لزيادة الاستقطاب بين الفصائل المتحاربة في المجتمع، فالفصائل التي ربما كان قادرا على تسوية خلافاتها عن طريق التفاوض في بداية النزاع تزيد العدوات بينهم مع مرور الوقت إلى حد الاستسلام غير المشروط من جانب واحد فقط من الفصائل والذي من الممكن أن ينهي الثورة.

 

ويظل التساؤل هنا حول كيفية قياس التوقعات في حالات الانقلابات الثورية والانقلابات الإصلاحية ، وثورات القصر ؟

 

الاختلافات في التوقعات: مؤشر جيني

التعريف الاجرائي لمفهوم التوقعات هو درجة اللامساواة في الدخل أو توزيع الاراضي

اذا كان معدل الانجاز مرتفع وهناك عدم عدالة في التوزيع فمن الممكن ان تثار شريحة واسعة من المجتمع بسبب مظاهر الثروة الجديدة لدى شريحة محدودة من السكان.

التطلعات –التى تعتمد على الانجازات طويلة المدى- تميل الى ان تكون أعلى، في حين أن التوقعات –التى تتأثر بالواقع الفوري- قد تكون أقل بسبب عدم المساواه الاقتصادية السائدة، مما يؤدى ال اتساع الفجوة الثورية بين التطلعات والتوقعات بسبب المستوى المرتفع من عدم المساواة في توزيع الأراضي، ومن ثم نتوقع احتمالية عالية لقيام الثورة.

 

مؤشر جيني هو مقياس لعدم المساواه يقوم بحساب المنطقة الواقعة بين منحنى لورنز الذي يمثل أي مستوى من التوزيع وخط المساواة المثالية.

عندما تكون عدم المساواة مرتفعة، تكون المنطقة الواقعة بين منحنى لورنز وخط المساواة المثالية كبيرة، ومن ثم يعكس مؤشر جيني قيمة كبيرة، والعكس صحيح.

وبعرض مؤشر جيني في الدول المدرجة في مصدر البيانات يوضح التالي:

  • القيم في الدول التى شهدت ثورات ناجحة في الفترة من (1955-1960) موضحة في الجدول التالي (1)
  • عرض القيم في الدول التى لم تشهد ثورات ناجحة موضحة في الجدول التالي (2)

 

مؤشر جيني لقياس عدم المساواة في توزيع الأراضي

 

  • الثورات الناجحة
فنزويلا 0.909 كولومبيا 0.849 هوندراس 0.757
العراق 0.881 البرازيل 0.837 فرنسا 0.583
الارجنتين 0.863 السلفادور 0.828
جواتيمالا 0.860 كوبا 0.792

 

  • الثورات غير الناجحة

 

بوليفيا 0.938 اسبانيا 0.780 ألمانيا الغربية 0.674 الهند 0. 522
تشيلي 0.938 نيو زيلندا 0.773 فيتنام الجنوبية 0.671 سويسرا 0.498
استراليا 0.929 اليونان 0.747 النرويج 0.669 كندا 0.497
كوستا ريكا 0.892 النمسا 0.740 تايوان 0.652 اليابان 0.470
بيرو 0.875 مصر 0.740 لوكسمبرج 0.638 الدنمارك 0.458
اكوادور 0,864 بورتو ريكو 0.738 هولندا 0.605 بولندا 0.450
جاميكا 0.820 بنما 0.737 فنلندا 0.599 يوغسلافيا 0.437
اورجواي 0.817 المملكة  المتحدة 0.710 ايرلندا 0.598  
ايطاليا 0.803 سرينام 0.709 بلجيكا 0.587  
جمهورية الدومنيك 0,795 الولايات المتحدة 0.705 السويد 0.577  
نياكراجوا 0.757 ليبيا 0.700 الفلبين 0.564  

 

وعند اجراء اختبار t  لجانب واحد فقط ( اي ان قيم المعامل المقدر من العينة يعد اكبر من او اصغر من القيمة الحقيقية لهذا المعامل في البيانات الاجمالية)، فانه تم حساب قيمة معامل الاختبار   t value  عند 2.641 بدرجة حرية للبيانات تساوي 48  وتعكس هذه المؤشرات توزيع الاراضى والذي يرتبط ايضا بتوزيع الدخل، وتكون العلاقة ذات دلالة احصائية عند p<.05   ومن ثم يمكن تفسير عدم المساواة كشكل اجرائي للتوقعات، وعامة فقد وقعت الثورات في المجتمعات التى يوجد بها معدل عال من عدم المساواة في توزيع الاراضي. واقترح روسيت علاقة بين مؤشر جيني وعدم المساواة والعنف الداخلي عند r=.44 في الاربع واربعون حالة.

 

الخاتمة:    
يوفر تحليل عدم المساواة في توزيع الاراضي الدعم التجريبي للعلاقة المفترضة بين الفجوة الثورية وخصائص العنف المحلى في الثورات. بالرغم من ذلك ففي حين ان هذة العلاقة الافتراضية ثبتت صحتها في الثورات الاسيوية فانها لم تثبت في امريكا اللاتينية في الوقت ذاته.

 

وتشير النتائج الى بديلين:

  • اذا افترضنا ان مستوى العنف الداخلي هو مؤشر على نوع الثورة في امريكا اللاتينية، بناء على ذلك سنستنتج انه لاتوجد عمليا اى علاقة بين معدل التغيير في الناتج القومي الاجمالي للفرد ونوع الثورة. يؤدى هذا البديل الى تفسير العلاقات على اساس الاختلافات الاقليمية
  • اذا افترضنا ان العنف الداخلي ذا صلة محدودة بثوارات القصر بأمريكا اللاتينية (وهو النوع السائد في دول أمريكا اللاتينية)، من ثم فإن العلاقة بين التغيير في معدل الناتج القومي الاجمالي للفرد وانواع الثورات الاخرى ليس غير فعال. الثورات التى وقعت في اسيا اخذت احد نوعين انقلابات اصلاحية او انقلابات ثورية. ومن ثم فان ثورات القصر تتأثر بصورة محدودة بالعنف الداخلي في حين ان الانواع الاخرى من الثورات تتأثر بالعنف. ومن هنا فان دراسة معدل التغير في الناتج القومى الاجمالي ومستوى التعليم مهم نظريا في دراسة الثورات بخلاف ثورات وانقلابات القصر.

 

التساؤل المطروح الان لماذا تتأثر ثورات القصر بالعنف الداخلي تأثيرا محدودا؟

يقترح بلانكستن ان احد اسباب تكرار انقلابات القصر في أمريكا اللاتينية هو البنية الاجتماعية للطبقات التى تمنح الطبقة العليا احتكارا للمشاركة في السلطة السياسية واستبعاد مجموعات اخرى، وتمثل الفوارق الطبقية في امريكا اللاتينية حاجزا بين النخبة من جهه (الطبقة الاقتصادية والاجتماعية والتى يعيين منها اصحاب المناصب السياسية العليا) والجماهير من جهه اخرى(المستبعدون من هذه الطبقة الاقتصادية والاجتماعية). بسبب هذا الحاجز من النادر ان تؤثر الاضطرابات في المجتمع العادي على عمليات الحكومة في معظم دول أمريكا اللاتينية، كما أن التغيير في معدل الناتج القومي الاجمالي للفرد ذا علاقة محدودة أو منعدمة بالعنف الداخلي، وفي نفس الوقت علاقة العنف الداخلى بثورات القصر محدودة.

 

أما الدول الاسيوية موضع هذه الدراسة فلم تشهد نفس الدرجة من الجمود الطبقي الموجود في أمريكا اللاتينة، ومن ثم فإن التغييرات الاقتصادية التى من شأنها أن تؤثر على العنف الداخلى تحدد نوع الثورة، ونفس الحجة تنطبق على العلاقة بين مستوى التعليم ونوع الثورة.

 

ومن ثم تكون القاعدة العامة أنه كلما زادت الحواجز بين النخبة والجماهير، كلما قل مستوى تأثير العنف الداخلى على نوع الثورة، والعكس صحيح فكلما زالت أو قلت الحواجز بين النخبة والجماهير كلما زاد تأثير أنشطة العامة على نوع الثورة. ويعد الهيكل الاجتماعي للمجتمع الفرنسي قبل 1789 مثالا على هذه العلاقات. فوفقاً لتوكفيل شهد القرن السابع عشر والثامن عشر قبل عام 1780 فصل طبقي بين طبقة النبلاء والبرجوازيين والفلاحين  وفي ذلك الوقت لم تشهد فرنسا اضطرابات ثورية بينما شهدت انجلترا عدم استقرار سياسي واعتبرت فرنسا محظوظة في ذلك الحين لوجود حكومة قادرة على فرض الاستقرار السياسي. أما العقد السابق على عام 1789 فقد شهد تناقص فى حدة الجمود الطبقي ومن ثم حدثت اضطرابات. وبذلك توفر الحالة الفرنسية نموذج مقارن داخل دولة واحدة، فالحواجز بين النخبة والجماهير منعت الاضطرابات الاجتماعية من تعطيل العمليات الحكومية قبل عام 1780، وفي وقت لاحق وفقا لتوكفيل عندما اصبحت هذه الحواجز قابلة للاختراق حدثت ثورة شعبية.

 

ركزت النظريات الحديثة على اهمية العلاقة بين النخبة والجماهير، وفي هذا الصدد أكد لوبون وجاسيت ان النخبة الحكومية لكي تتمكن من ادء وظيفتها واتخاذ القرارت الرشيدة، فلابد من حماية النخبة من تأثير الاقناع الشعبي الذي يظهر في كثير من الاحيان في اشكال عنيفة.

 

أما ارندت فقد رأت ان الجماهير –دون حماية النخبة- قد يخضعون لعملية تجزأة يحدث من خلالها فصل بين الأفراد ويصبحوا فريسة سهلة للتصاميم الشمولية من قبل النخبة.

 

يقترح كورنهايزر ان وجود جماعة منظمة في مجتمع تعددي يمكن ان يكون بمثابة وسيط بين النخبة والجماهير، ومن ثم لايوجود مبرر لاختراق الطبقات. قد تكون الافكار الخاصة بالفوارق الطبقية والمجتمع التعددي قابلة للبحث في المستقبل لقياس تأثيرها على حدوث وأنواع الثورات، وباستثاء فرنسا فإن الدول المذكورة في الجدول السابق (الخاص برصد العنف الداخلي ومعدل التغيير في الناتج القومي الاجمالي للفرد، ونسبة المسجلين في التعليم الأساسي) لم تطور مجتمعات تعددية. ومع ذلك فقد يرتبط التطور التعددي للدولة بنوع الثورة.

 

وفي النهاية يقترح الكاتبان ان الثورات يمكن أن توضع في الترتيب التالي في شكل سلسلة متصلة:

  • ثورة شعبية
  • انقلاب ثوري
  • انقلاب اصلاحي
  • انقلاب قصري

تم اقتراح هذا الترتيب في الدول الاسيوية بناء على العلاقة بين التغير في الثروة ومستوى التعليم والعنف الداخلي. أما في أمريكا اللاتينية التى ينتشر بها ثورات القصر، فلا تظهر هذه العلاقات.

 

ثورات القصر هى الاقل في الترتيب السابق من حيث درجة التغيير في الحكومة والمجتمع، وتظهر البيانات السابقة امكانية استبعاد ثورة القصر من السلسلة السابقة، إلا أن الامر يحتاج لمزيد من المراجعة لتحديد امكانية استبعاد ثورات القصر من مفهوم السلسلة المتصلة، وسيكون الامر اكثر عقلانية اذا تم فحص أهداف الثوار.

 

نخلص إلى أن هذه الدراسة تقترح ان درجة العنف الداخلي تختلف باختلاف درجة التغير المنشود من قبل الثوار، ومن ثم فان السلسلة المتصلة التى نتحدث عنها هي بالاساس سلسلة متصلة من رغبات الانسان في التغيير تترجم الى شكل محدد من اشكال العمل السياسي، فالثوار في ثورة القصر يهدفون لشغل أدوار في بنية السلطة القائمة، أما التغيير في النظام الاجتماعي أو في بنية السلطة السياسية فهو ليس ضمن برنامجهم.  لذلك اذا أردنا قياس سلسلة متصلة من التغيير السياسي والاجتماعي، فثورة القصر قد لا تساهم في هذه القياسات.

 

النقد

  • في حين افترض الكاتبان أن السبب في قيام الثورة وفقاً لأرسطو تمثل في الفقر، ترى الباحثة أن الكشف عن أسباب الثورة وفقاً له بسبب الفصل بين السلطة السياسية والاقتصادية وليس كما ذكر في المقال، فوفقا لأرسطو على سبيل المثال تحدث الثورة أيضا في الأوليجاركية من جانب الأوليجاركيين المستبعدين من السلطة السياسية.
  • قام الكاتبان باختبار الفرضيات المقدمة باستخدم اسلوب تجريبي، وترى الباحثة أن ما تم تقديمه كان مقنعاً. وقاما بتحليل البيانات بطريقة موضوعية وتقديم الأسباب والحجج لإضافة أو حذف أي من العوامل المؤثرة في سياق البحث.

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …