المعايير الدولية للنزاهة الانتخابية ومدى تحقق البناء الديمقراطي
د : بن داود براهيم
جامعة زيان عاشور الجلفة ( الجزائر)
الملخص :
يتحقق البناء الديمقراطي على العديد من الدعائم أهمها الانتخاب أو الاقتراع الذي يجسد إرادة المواطن في اختيار من يمثله على المستوى المحلي أو الوطني أو أي مستوى يتم تحديده وفق ضوابط قانونية متعارف عليها , كل هذا بعدما أن ساد نظام التوارث أو تمليك الحكم أو كل ما يعكس مظاهر الغطرسة و التسلط على الشعوب مما يؤدي بها إلى الفناء في ظل استعباد يهدف إلى إيجاد طبقية شاخصة تفرق بين نبلاء عبيد و كل طائفة تورث ما تملك إلى خلفها الذي يخلفها في ملكها أو مناصبها
ولا ينكر لبيب ما أسهمت به أحكام الشريعة الإسلامية في بناء نظام متكامل و سياسة شرعية جعلت من المبايعة سبيلا لانتقاء الأصلح وتوليه الحكم و نفت كل مظاهر التسلط و الاسترقاق التي تقوم على القهر في فرض الأوامر و جعلت من العبيد في زمن مضى ملوكا وأوامر وكان معيار التميز هو نزاهتهم وانتقاؤهم معنى التمس فهم هذه الخيرية و التواضع و كل سمات العدل .
كما شهدت الدول الأوروبية مظاهر الاستعباد و التسلط من لدن الملوك و رجال الدين كان هؤلاء يمارسون كل مظاهر القهر و الإذلال لشعوبهم حتى ثارة ثائرة المستضعفين في الثورة الفرنسية الشهيرة لسنة 1789 التي نادت بشنق أخر ملك بأمعاء أخر قس و تم تكريس و اعتماد حقوق الإنسان و المواطن الفرنسي الذي أكد على ضرورة أن يعتمد على الاقتراع و الانتخاب كوسيلة للتمثيل بعيدا عن كل المظاهر الأخرى.
إلى أن جاءت العديد من النصوص المواثيق الدولية التي كرست مبدأ الحرية في اختيار الممثلين له، حيث أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تم إقراره عام 1948 أن انتخاب المؤسسات النيابية هو أساس الإدارة الديمقراطية و أكد الإعلان في مادته الـ 21 : ” أنه لكل فرد الحق في المشاركة في حكم بلده مباشرة أ, عن طريق نواب مختارين اختيار حرا و أكدت ذات المادة في فقرتها الثالثة أن ” إرادة الشعب هي أساس سلطة الحكم و يعبر عن هذه الإرادة في انتخابات دورية وصادقة تجري بالاقتراع العام و على قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراءات تصويت حر معادلة له.
ومن الواضح اليوم أن الانتخابات السوية التي تخول للشعب أن يختار ممثليه و نوابه اختيارا صحيحا هي أساسا الديمقراطية و بالتالي زيادة عدد الانتخابات التعددية و إيلائه الأهمية القصوى زاد من فرض التداول على السلطة و كرس حرية المواطن في اختيار من يمثله تمثيلا قديما و صحيحا.
وبهذا نجد أن عمليات الانتخاب تهدف إلى تحقق عدة وظائف هي تهدف إلى أن يتيح للمواطنين حرية اختيار الحكام و تسمح أيضا برسم حالة الاتجاهات السياسية في الدولة لان نتاج أي عملية انتخابية توضح لنا الأهمية و الحجم الأصيل لكل حزب أو تكتل سياسي لرئيس الدولة أمام ناخبيه و بشان الانتخابات التشريعية فهي تقيم مسؤولية الممثل أيضا أمام منتخبيه و بخصوص الانتخابات المحلية تجعل المواطن أما مرأى من ممثليه المنتخبين من طرفه .
ولكن الأشكال الذي حصل هو أن العديد من الأنظمة بعد تبنيها للتعددية الحزبية و اعتمادها الاتجاه الديمقراطي ما فتئت لأن تقوم بانتهاك هذه الأسس و اللجوء إلى العيد من صور توريث الحكم ضمن البناء الديمقراطي أو اللجوء إلى التزوير بما يعصف بإرادة المواطنين و يجعلها في مهب الريح رجوعا إلى زمن الملكية المطلقة و زمن الأرستقراطية لمتسلطة مما أدى إلى ظهور العديد من الجرائم الانتخابية هذه الجرائم التي قد تكون ممثلة في النص القانوني المجحف فيحد ذاته و ما يؤسس له من ظلم أو تسلط أو تتجلى هذه الجرائم في سوء إعمال النص القانوني أو التعسف الإداري في ترجيح كفة على أخرى أو تظهر هذه الجرائم في صورة التزوير أو تحريف المحاضر أو المحررات الرسمية , وغيرها ….
هذا ما عرفته و أقرته العديد من الأنظمة القانونية في العديد من الدول إلى إن أضحى الأمر محل اهتمام دولي في صورة تنظيم و مراقبة لسير العمليات الانتخابية كما أنشأت الأمم المتحدة وحدة خاصة لهذا الغرض كما أن أهمية الأمم المتحدة بذاتها نشطة للغاية في هذا النسق و أضحى الاتحاد البرلماني الدولي مهتما اهتماما فعليا في تأسيس محكم للمؤسسات النيابية و أشارت أجهزته الإدارية صفة خاصة إلى وجه القصور الذي يكشف ضرورة ضبط العناصر المكونة للانتخاب الحر أو النزيه و أوصت هذه الأجهزة بضرورة أن يجري الاتحاد دراسة في هذا الموضوع و اقترح أنه بالإمكان أن يخدم الدراسة أيضا نصلا يعبر عن إجماع المجمع البرلماني على مستوى العالم على ما بعد عملية انتخابية حرة و نزيهة.
و على النحو ما كان متوقفا حيث قدمت الدراسة خلال المؤتمر الحادي و التسعين للبرلمان الدولي المنعقد في مارس 1994 بباريس حيث تم إقرار اعتماد الدارسة للتأسيس لإعلان سياسي دولي بهذا الشأن و حينها تشكت لجنة مصغرة لذات الصدد و تشمل كل المناطق الجغرافية السياسية , وأقر مجلس البرلمان بالإجماع إعلان معايير الانتخابات الحرة و النزيهة .
مقدمة :
يقوم البناء الديمقراطي على العديد من الدعائم أهمها الانتخاب أو الاقتراع
[1] الذي يجسد إرادة المواطن في اختيار من يمثله على المستوى المحلي أو الوطني أو أي مستوى يتم تحديده وفق ضوابط قانونية متعارف عليها , كل هذا بعدما أن ساد نظام التوارث أو تمليك الحكم أو كل ما يعكس مظاهر الغطرسة والتسلط على الشعوب مما يؤدي بها إلى الفناء في ظل استعباد يهدف إلى إيجاد طبقية شاخصة تُفرق بين نبلاء وعبيد و كل طائفة تورث ما تملك إلى خلفها الذي يخلفها في ملكها أو مناصبها.
ولا ينكر لبيب ما أسهمت به أحكام الشريعة الإسلامية في بناء نظام متكامل وسياسة شرعية جعلت من المبايعة سبيلا لانتقاء الأصلح وتوليه الحكم ونفت كل مظاهر التسلط والاسترقاق التي تقوم على القهر في فرض الأوامر وجعلت من العبيد في زمن مضى ملوكا وأمراء، وكان معيار التميز هو نزاهتهم وانتقاؤهم ممن التُمس فيهم الخيرية و التواضع وكل سيمات العدل[2] .
كما شهدت الدول الأوروبية مظاهر الاستعباد والتسلط من لدن الملوك ورجال الدين كان هؤلاء يمارسون كل مظاهر القهر والإذلال لشعوبهم حتى ثارت ثائرة المستضعفين في الثورة الفرنسية الشهيرة لسنة 1789 التي نادت بشنق آخر ملك بأمعاء أخر قس وتم تكريس واعتماد إعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي الذي أكد على ضرورة أن يعتمد على الاقتراع والانتخاب كوسيلة للتمثيل بعيدا عن كل المظاهر الأخرى .
إلى أن جاءت العديد من النصوص والمواثيق الدولية التي كرست مبدأ حرية الشعب في اختيار ممثلين له, حيث أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تم إقراره عام 1948 أن انتخاب المؤسسات النيابية هو أساس الإرادة الديمقراطية، وأكد الإعلان في مادته الـ 21 : ” أنه لكل فرد الحق في المشاركة في حكم بلده مباشرة أو عن طريق نواب مختارين اختيار حرا وأكدت ذات المادة في فقرتها الثالثة أن ” إرادة الشعب هي أساس سلطة الحكم ويعبر عن هذه الإرادة في انتخابات دورية وصادقة تجري بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراءات تصويت حر وعادلة “.
كما نصت المادة 13 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981 أنه :
1- لكل مواطن الحق في أن يشارك بحرية في حكم بلده إما مباشرة وإما عن طريق نواب مختارين اختيار حرا وفقا لنصوص القانون
2- لكل مواطن الحق في الوصول إلى الخدمة العامة في بلده على قدم المساواة مع الآخرين .
3- لكل فرد الحق في الحصول على الخدمات والملكية العامة وعلى نحو من المساواة الكاملة بين كل الأشخاص أمام القانون.
ومن الواضح اليوم أن الانتخابات السوية التي تخول للشعب أن يختار ممثليه و نوابه اختيارا صحيحا هي أساسا الديمقراطية وبالتالي زيادة عدد الانتخابات التعددية وإيلائه الأهمية القصوى زاد من فرض التداول على السلطة وكرس حرية المواطن في اختيار من يمثله تمثيلا قديما و صحيحا[3].
وبهذا نجد أن عمليات الانتخاب تهدف إلى تحقيق عدة نتائج إلى أن يتاح للمواطنين حرية اختيار من يحكمهم وتسمح أيضا برسم مسار الاتجاهات السياسية في الدولة لان أي عملية انتخابية خاصة الرئاسية فهي توضح لنا الأهمية والحجم الأصيل لكل حزب أو تكتل سياسي لرئيس الدولة أمام ناخبيه وبشأن الانتخابات التشريعية فهي تقيم مسؤولية الممثل أيضا أمام منتخبيه وبخصوص الانتخابات المحلية تجعل المواطن أما مرأى من ممثليه المنتخبين من طرفه .
ولكن الإشكال الذي حصل هو أن العديد من الأنظمة بعد تبنيها للتعددية الحزبية واعتمادها الاتجاه الديمقراطي ما فتئت لأن تقوم بانتهاك هذه الأسس واللجوء إلى العديد من صور توريث الحكم ضمن البناء الديمقراطي أو اللجوء إلى التزوير بما يعصف بإرادة المواطنين ويجعلها في مهب الريح رجوعا إلى زمن الملكية المطلقة وزمن الأرستقراطية المتسلطة هذا أدى إلى ظهور العديد من الجرائم الانتخابية هذه الجرائم التي قد تكون ممثلة في النص القانوني المجحف في حد ذاته وما يؤسس له من ظلم أو تسلط أو تتجلى هذه الجرائم في سوء إعمال النص القانوني أو التعسف الإداري في ترجيح كفة على أخرى أو تظهر هذه الجرائم في صورة التزوير أو تحريف المحاضر أو المحررات الرسمية, وغيرها.
هذا ما عرفته و أقرته العديد من الأنظمة القانونية في العديد من الدول إلى إن أضحى الأمر محل اهتمام دولي في صورة تنظيم ومراقبة لسير العمليات الانتخابية، كما أنشأت الأمم المتحدة وحدة خاصة لهذا الغرض كما أن أهمية الأمم المتحدة بذاتها نشطة للغاية في هذا النسق و أضحى الاتحاد البرلماني الدولي مهتما اهتماما فعليا بتأسيس محكم للمؤسسات النيابية وأشارت أجهزته الإدارية بصفة خاصة إلى وجه القصور الذي يكشف ضرورة ضبط العناصر المكونة للانتخاب الحر أو النزيه وأوصت هذه الأجهزة بضرورة أن يجري الاتحاد دراسة في هذا الموضوع واقترح أنه بالإمكان أن يختم الدراسة أيضا نصا يعبر عن إجماع المجمع البرلماني على مستوى العالم على ما بعد عملية انتخابية حرة ونزيهة[4].
وعلى نحو ما كان متوقعا حيث قدمت الدراسة خلال المؤتمر الحادي والتسعين للبرلمان الدولي المنعقد في مارس 1994 بباريس حيث تم إقرار اعتماد الدارسة للتأسيس لإعلان سياسي دولي بهذا الشأن, وحينها تشكت لجنة مصغرة لذات الصدد وتشمل كل المناطق الجغرافية السياسية, وأقر مجلس البرلمان بالإجماع إعلان معايير الانتخابات الحرة والنزيهة .
أهمية الدراسة : تتجلى أهمية الدراسة من خلال :
1- بيان أهمية الانتخاب في إرساء المسار الديمقراطي وأن المساس به يعني الاعتداء على حريات الأشخاص في انتخاب ممثليهم وإقرار ما يخدم مصالحهم وهذا ما يعد جناية في حق الأمة والدولة بأجمعها, وبيان أهم ما جاءت به التشريعات الدولية في هذا الصدد.
2- بيان الجهود الدولية المبذولة لأجل التأكيد على هذا الحق الهام من الحقوق الإنسان في انتخاب ممثليه, وبيان أهم ما تم الإعلان عنه لضمان الانتخابات الحرة والنزيهة وأبعادها عن أي جرم أو مخالفة تنتابها .
الهدف من الدراسة :
تهدف الدراسة إلى إجلاء الرؤى بشأن المعايير الدولية المعتمدة اليوم لتحقيق النزاهة الانتخابية وإقامة الصرح الديمقراطي، وبيان أن المساس بهذه المعالم والمعايير هو جناية وجريمة لا تغتفر في حق الأفراد والجماعات.
المنهج المتبع :
تم اعتماد في هذه الدراسة على المنهج التحليلي العديد من النصوص والوقائع القانونية والاعلانات والاتفاقيات الدولية كل هذا لاستقراء المعنى الحقيقي للعمل الانتخابي وسبل مجابهة أي إخلال به.
الإشكالية:
تتمحور الإشكالية حول أبرز المعايير الدولية المعتمدة وفقا للإتفاقيات والمواثيق الدولية لتحقيق النزاهة الانتخابية وإقامة البناء الديمقراطي ومدى فاعلية هذه المعايير في درئ مظاهر المساس بنزاهة العمل الانتخابي؟ وتطبيقات هذا على الصعيد الوطني ؟ .
أول : البعد الدولي في مجابهة الجريمة الانتخابية :
جاءت العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية لتؤكد على العديد من الحقوق السياسية للفرد وعلى تمتعه بحرية الإدلاء بآرائه ومواقفه السياسية، وقد قرر في هذا الصدد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعتمد في ديسمبر1948 في الفترة الصعبة التي تلت الحرب العالمية الثانية أن انتخاب الهيئات الانتخابية هو جوهر الإرادة الديمقراطية للشؤون العامة .
وكان مما أورده الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نص المادة الثانية التي أكدت على أنه: “لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان دون أي تمييز كالتمييز بسبب العنصر واللون والجنس واللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي أخر أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد آو أي وضع أخر, دون أية تفرقة بين رجال أو نساء.
وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت وصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.
وفي دور العمل الانتخابي وحق الفرد في الإدلاء بصوته واختيار من يمثله نصت المادة 21 من الإعلان على أنه :
– لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده إما مباشرة أو غير مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختيار حرا .
– لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البلاد .
– إن إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة، ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت.
وقد جاء العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لتأكيد العديد من الحقوق الجوهرية فأكدت المادة 25 على أنه ” لكل مواطن الحق والفرصة دون أي تمييز ورد في المادة 02 ودون قيود غير معقولة في:
أ – أن يشارك في سير الحياة العامة إما مباشرة أو عن طريق ممثلين مختارين بحرية .
ب – أن ينتخب وأن ينتخب في انتخابات دورية أصلية و عامة وعلى أساس من المساواة على أن تتم الانتخابات بطريق الاقتراع السري وأن تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين …. “
وقد جاء البروتوكول الاختياري المتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ليؤكد على أنه ” مع مراعاة نصوص المادة الأولى يجوز للأفراد الذين يدعون أن من حقوقهم في العهد قد جرى انتهاكه والذين استنفذوا كافة الحلول المتوافرة, أن يتقدموا لهم إلى اللجنة (لجنة الحقوق الإنسانية المنصوص عليها في القسم الرابع من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية) للنظر فيها[5].
والواضح أن الانتخابات الدورية والصحيحة من كل جوانبها والتي تخول للمواطن الإدلاء بصوته بحرية لاختيار من يمثله تعد جوهر الديمقراطية وركنها الركين.
وهذا ما حذا بالمجتمع الدولي وبالتنظيمات الدولية لأن تعترف بأن الانتخاب هو الأداة الحقيقية للتعبير عن إرادة الشعوب على أن تكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة، حتى تحقق الغاية المنشودة والهدف المرجو منها .
هذا الاهتمام الذي كان من أولويات منظمات دولية وإقليمية حكومية وغير حكومية وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة .
وكان من البديهي أن يصبح الاتحاد البرلماني الدولي أهم الهيئات الدولية العاملة على إيجاد مؤسسات نيابية نزيهة عندما أكد على العمل المعياري، حيث أشارت أجهزته الإدارية بصفة خاصة إلى وجه القصور الذي يقتضي التدارك وهو عدم وجود مفهوم شامل وكامل للعناصر والأركان التي تكون الانتخاب الحر والنزيه، ولهذا أوصت بأن يكف الاتحاد على إعداد دراسة تخدم المسار الآيل لصياغة نص يعبر عن إرجاع المجتمع البرلماني الدولي على الصعيد العالمي عن حقيقة العملية الانتخابية المتسمة بالحرية والنزاهة[6].
وقد تمت مراجعة المشروع الأول للدراسة التي أعدها الأستاذ جودوين جيل أحد أعضاء اللجنة الاستشارية للخبراء بالإتحاد في اجتماع انعقد في جنيف في أوائل ديسمبر 1993, وفي ضوء تعقيباتهم تمت مراجعة المشروع، ونوقش في اجتماعين الأول في نيويورك والأخر في باريس، وقد كان من الخبراء الذين أدلوا بآرائهم في اجتماع نيويورك .
– الأستاذ هواريشيو بونيو مدير وحدة المساعدة الانتخابية بالأمم المتحدة.
– السيد لارى جاربر المساعد التنفيذي بوكالة اولاسيات المتحدة للتنمية الدولية .
– الدكتور رون جولد المساعد الانتخابي المفوض الانتخابات في كندا .
– الدكتور جنيفر مالو كوي الأستاذ في جامعة جورجيا ومساعد كبير الباحثين في مركز كارتر .
أما اجتماع باريس فضم العديد من الخبراء الدوليين أبرزهم:
– السيد ميشيل أملر الأمين العام الشرفي للجمعية الوطنية الفرنسية .
– الأستاذ جيرارد كوناك بجامعة باريس .
– السيدة كريستين دسيوشين من وكالة التعاون الثقافي و التقني .
– السيدة جان كلود ماسكليه عميد كلية جان مونيه بجامعة باريس
– السيدة هيلين مازيران المسئولة عن دراسة العلاقات الدولية بالمعهد الدولي للإدارة العامة وغير هؤلاء.
ووفق ما كان متوقعا, تم عرض الدراسة في المؤتمر الحادي والتسعين للبرلمان الدولي الذي عقد في باريس 03/1994 حيث قررت الأجهزة الإدارية للاتحاد استخدامها أساسا لإعداد الإعلان السياسي, وتم تشكيل لجنة صغيرة للصياغة من أعضاء البرلمان تغطي جميع المناطق الجغرافية السياسية للانتهاء من النص في اليوم الأخير من المؤتمر, وأقر مجلس البرلمان الدولي بالإجماع أن معايير الانتخابات الحرة والنزيهة ويعد هذا النص أول موقف يعبر عن الإجماع والتوحد السياسي على الصعيد العالمي ضمن هذا الموضوع إحساس بأهمية الانتخاب كأداة للتعبير الديمقراطي[7].
ثانيا :إعلان معايير الانتخابات الحرة والنزيهة :
هذا الإعلان وافق عليه مجلس البرلمان الدولي بالإجماع في دورته الرابعة والخمسين بعد المائة ( باريس 26 مارس 1994 )[8].
مجلس البرلمان الدولي :
يؤكد مجددا على أهمية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية اللذان يقران بأن سلطة الحكم إنما أساسها إرادة الشعب على نحو ما تعبر عنها انتخابات دورية وصادقة.
ويعترف ويقر المبادئ الأساسية المتعلقة بالانتخابات الحرة والنزيهة الدورية التي أقرتها الدول في الوثائق العالمية والإقليمية لحقوق الإنسان, بما في ذلك حق كل فرد أن يسهم في حكم بلده بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق اختيار ممثليه اختيار حرا, وأن يدلي بصوته في مثل هذه الانتخابات بالاقتراع السري وأن تتاح له فرصة متساوية لكي يصبح مرشحا في الانتخابات, وأن يطرح مقدما آراءه السياسية منفردا أو بالاشتراك مع الآخرين؛ ويدرك حقيقة لأن لكل دولة حقا سياديا, متوافقا مع إرادة شعبها وفي اختيار وتطوير أنظمتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية اختيار حرا دونما تدخل من دول أخرى بما يتفق تماما مع ميثاق الأمم المتحدة.
ويأمل في تعزيز إقامة أنظمة ديمقراطية تعددية لحكم نيابي في أنحاء العالم ويعترف بأن إقامة وتقوية العمليات والمؤسسات الديمقراطية إنما هي مسؤولية مشتركة بين الحكومات والناخبين والقوى السياسية المنظمة, وأن الانتخابات الدورية والصادقة عنصر ضروري لا غنى عنه للجهود المتواصلة لحماية حقوق المحكومين و مصالحهم, وأن حق كل فرد في أن يسهم في حكم بلده إنما هو عامل حاسم في تمتع الكل تمتعا فعليا بحقوق الإنسان والحريات الأساسية باعتبار ذلك أمر من أمور الخبرة العملية.
ويرحب بالدور الآخذ في الاتساع للأمم المتحدة والاتحاد البرلماني الدولي والمنظمات الإقليمية, والمجالس النيابية والمنظمات غيرالحكومية الدولية والوطنية في تقديم المساعدة الانتخابية بناء على طلب الحكومات.
ومن ثم يقر الإعلان التالي عن الانتخابات الحرة والنزيهة, ويهيب بالحكومات والبرلمانات في أنحاء العالم أن تسترشد بالمبادئ والمعايير الواردة فيما بعد.
1/ الانتخابات الحرة والنزيهة :
لا تستمد سلطة الحكم في أي دولة إلا من إرادة الشعب على نحو ما تعبر عنها انتخابات صادقة وحرة ونزيهة تجري على فترات منتظمة على أساس الاقتراع العام السري الذي يجري على قدم المساواة بين الناخبين.
2/ حقوق التصويت والانتخابات :
– لكل مواطن بالغ الحق في التصويت في الانتخابات على أساس من عدم التفرقة بين الناخبين .
– لكل مواطن الحق في الحصول على نظام فاعل وغير متحيز لتسجيل الناخبين دونما تفرقة بينهم .
– لا يحرم المواطن المتمتع بالأهلية من حق التصويت أو لا يحرم من التسجيل باعتباره ناخبا إلا وفقا لمعايير موضوعية يمكن التحقق منها يحددها القانون , ويشترط أن تكون مثل هذه التدابير متفقة مع التنظيمات الدولة وفقا للقانون الدولي .
– لكل مواطن يحرم من حق التصويت أو التسجيل باعتباره ناخبا الحق في أن يلجأ إلى قضاء مختص للنظر في مثل هذه القرارات وأن يصحح الأخطاء فورا على نحو مؤثر .
– لكل ناخب الحق في الوصول إلى مركز الاقتراع ليمارس حقه في التصويت على نحو عادل ومؤثر.
– كل ناخب مخول لممارسة حقه على نحو متساو مع الآخرين وأن يكون صوته لصوت الآخرين .
– الحق في التصويت في سرية حق مطلق و لن يقيد بأي طريقة كانت .
3/ حقوق و مسؤوليات الترشيح والحزب والحملة الانتخابية :
– لكل فرد الحق في أن يسهم في حكم بلده و له فرصة متساوية لكي يصبح مرشحا للانتخابات, وتحدد معايير المساهمة في الحكم وفقا للقوانين والدساتير الوطنية, وبحيث تكون متفقة مع الالتزامات الدولية للدولة .
– لكل فرد الحق في الانضمام أو الاشتراك مع الآخرين في تأسيس تنظيم أو حزب سياسي بغرض المنافسة في الانتخابات.
– لكل فرد بمفرده و مع آخرين الحق في:
* أن يعبر عن أراء سياسية دونما أي تدخل من الآخرين .
* أن يبحث ويتلقى وينقل معلومات وأن يكون اختياره مبنيا على أساس من المعرفة.
* أن يتنقل بحرية داخل الدولة ليقوم بحملته الانتخابية .
* أن يقوم يحملة انتخابية على قدم المساواة مع الأحزاب السياسية الأخرى, بما في ذلك الحزب الذي يشكل الحكومة القائمة .
– لكل مرشح للانتخابات ولكل حزب سياسي فرصة متساوية للوصول إلى وسائل الإعلام, ولاسيما وسائل الإعلام الجماهيرية من اجل أن يطرح آراءه السياسية .
– حق المرشحين في الأمن على حياتهم وممتلكاتهم حق متعرف به ومكفول .
– لكل فرد ولكل حزب سياسي الحق في أن يحضا بحماية القانون والحق في إجراء قانوني لمنع انتهاك حقوقه السياسية والانتخابية .
– الحقوق السابقة قد تكون عرضة لقيود ذات طبيعة استثنائية طبقا للقانون وللضرورة المعقولة في مجتمع ديمقراطي من أجل صالح الأمن القومي أو النظام العام, أو حماية الصحة العامة أو الأخلاق العامة أو حماية حقوق وحريات الآخرين بشرط أن تكون متفقة مع التزامات الدولة طبقا للقانون الدولي, ولن تطبق القيود المسموح بها على الترشيح, وعلى حقوق إنشاء الأحزاب السياسية ونشاطها, والحملات الانتخابية على نحو فيه انتهاك لمبدأ عدم التفرقة على أساس الجنس أو اللون أو النوع أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره, أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الملكية أو المولد أو غيره من الأحوال .
– لكل فرد أو حزب سياسي انتهت أو قيدت حقوقه في الترشيح أو حقوق الحزب أو حقوقه في الحملة الانتخابية الحق في اللجوء إلى القضاء مختص للنظر في مثل هذه القرارات وأن يصحح الأخطاء فورا وعلى نحو مؤثر.
– تستوجب حقوق الترشيح والحزب والحملة الانتخابية مسؤوليات قبل المجتمع فلن يشارك أي مرشح أو حزب في أعمال العنف.
– يحترم كل مرشح أو حزب سياسي ينافس في الانتخابات حقوق الآخرين وحرياتهم .
– يقبل كل مرشح وحزب سياسي ينافس في الانتخابات نتيجة الانتخابات الحرة والنزيهة .
4/ حقوق الدول و مسؤولياتها :
– يجب أن تتخذ الدول الخطوات التشريعية الضرورية وغيرها من التدابير وفقا لإجراءاتها الدستورية لضمان الحقوق والإطار المؤسسي لانتخابات دورية وصادقة, وحرة ونزيهة وفقا لالتزاماتها طبقا للقانون الدولي, وعلى الدول بصفة عامة:
* أن تضع نظاما فاعلا وغير منحاز لتسجيل الناخبين دونما تفرقة بينهم .
* أن تضع معايير واضحة لتسجيل الناخبين مثل العمر والمواطنة ومحل الإقامة وأن تؤكد على أن هذه الشروط سوف تطبق دونما تفرقة من أي نوع بين الناخبين .
* أن تنص على تكوين الأحزاب السياسية وأدائها الحر, ومن الممكن أن تنظم تمويل الأحزاب السياسي والحملات الانتخابية, وأن تكفل انفصال الحزب عن الدولة وأن تضع شروط المنافسة في الانتخابات التشريعية على أساس عادل.
* أن تقدم أو تيسر البرامج الوطنية للتربية المدنية ( الوطنية ) لضمان أن يكون السكان على دراية كافية بإجراءات الانتخاب وقضاياه .
– وعلاوة على ما سبق, على الدول أن تتخذ السياسة الضرورية والخطوات المؤسسية المناسبة لضمان انجاز مطرد للأهداف الديمقراطية وتعزيزها, بما في ذلك إنشاء آلية محايدة أو منصفة أو متوازنة لإدارة الانتخابات وهي في سعيها لذلك, عليها من بين أمور أخرى .
* أن تكفل أن يكون أولائك المسئولون عن مختلف جانب الانتخابات مدربين ويعملون دون تحيز, وأن إجراءات التصويت المترابطة قد وضعت, وأصبحت معروفة لجمهور الناخبين .
* أن تكفل تسجيل الناخبين وتحديث القوائم الانتخابية وإجراءات الاقتراع بمساعدة المراقبين الوطنيين والدوليين على نحو مناسب .
* أن تشجع الأحزاب و المرشحين ووسائل الإعلام لتقبل وإقرار مجموعة قواعد السلوك التي تحكم الحملة الانتخابية وفترة الاقتراع .
– أن تكفل استقامة ونزاهة الاقتراع عن طريق اتخاذ التدابير المناسبة لمنع التصويت المتعدد أو تصويت الأشخاص الممنوعين من التصويت .
* أن تكفل استقامة ونزاهة عملية عد الأصوات .
– تحترم الدول وتكفل حقوق الإنسان لكل فرد داخل أراضيها والخاضعين لولايتها في وقت الانتخابات ولذلك فعلى الدولة وأجهزتها أن تكفل:
* أن حرية التنقل والاجتماع والتجمع والتعبير مكفولة, ولا سيما في سياق التجمعات والاجتماعات السياسية.
* أن الأحزاب والمرشحين أحرار في نقل وجهات نظرهم إلى جمهرة الناخبين, وأنهم يتمتعون بالمساواة في الوصول إلى وسائل الإعلام الخاصة بالدولة ووسائل الخدمة الإعلامية العامة .
* أن الخطوات الضرورية قد اتخذت لضمان تغطية مستقلة في وسائل الإعلام الخاصة بالدولة ووسائل الخدمة الإعلامية العامة .
– لكي تكون الانتخابات نزيهة, على الدول أن تتخذ التدابير الضرورية لضمان أن الأحزاب والمرشحين يتمتعون بفرض معقولة لتقديم برامجهم الانتخابية .
– على الدول أن تتخذ كل التدابير الضرورية و الملائمة لضمان أن مبدأ سرية الاقتراع مكفولة وأن الناخبين قادرون على الإدلاء بأصواتهم بحرية دون خوف أو إرهاب .
– علاوة على ما سبق ينبغي على سلطات الدولة أن تكفل إجراء الاقتراع على نحو يجتنب الغش وغيره من الأمور غير القانونية وأن تكفل أمن واستقامة ونزاهة العملية, وأن عد الأصوات قام به مدربون وأنهم موضع المراقبة والتحقق من استقلالهم أو أحدهما .
– على الدول أن تتخذ كل التدابير الضرورية والملائمة لتكفل شفافية العملية الانتخابية كلها بما في ذلك, على سبيل المثال وجود وكلاء للحزب ومراقبين معتمدين حسب الأصول .
– على الدول أن تتخذ التدابير الضرورية لضمان أن الأحزاب والمرشحين والمؤيدين يتمتعون بالأمن على قدم المساواة، وأن سلطات الدولة تتخذ الخطوات الضرورية لمنع نشوب أعمال العنف الانتخابي .
– يجب أن تكفل الدول الحسم الفوري لأوجه انتهاك حقوق الإنسان والشكاوى المتعلقة بالعملية الانتخابية خلال الإطار الزمني للعملة الانتخابية وعلى نحو مؤثر عن طريق سلطة مستقلة محايدة مثل لجنة انتخابية أو المحاكم .
ومما سبق ذكره فإن الحقوق السياسية كحرية اعتناق الآراء وحرية التفكير تعد حقوقا جوهرية لتكريس الحكم الديمقراطي وحكم القانون, ورغم ذلك فإن الهيئات الدولية المتخصصة لم تبذل سوى جهود ضئيلة في مجالات عملها فالجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة, والتي استبدلت لاحقا بمجلس حقوق الإنسان والمنظمات الإقليمية المتخصصة لم تبذل سوى القدر المحتشم في تكريس حقوق الإنسان عمليا، ومع هذا نجد في مجال نشاط الاتحاد البرلماني الدولي وبعض المنظمات الأخرى دورا بالغا في مراقبة الانتخابات والمساعدة الفنية على الصعيد العملي للعديد من الدول وبذلت جهودا معتبرة في تكريس المعايير الواضحة للقول بنزاهة العمليات الانتخابية من عدم نزاهتها.[9]
خاصة إذا أدركنا أن اصطلاحات الحر والنزيه والديمقراطي اصطلاحات مرنة أصبحت تستخدم في عز التسلط والاستعباد مع أن الجانب الموضوعي لمن ينظر من خارج الحلبة بجعله يقر يقينا مدى تحقق الحرية والنزاهة والديمقراطية في العملية الانتخابية ثم إن الحقوق الانتخابية تعد حديثة جدا فهي لم تسبق القرن العشرين حتى في الدول المتقدمة فبعد صدور قانون تمثيل الشعب في عام 1918 بالمملكة المتحدة حصل جل الرجال اللذين تجاوزوا سن الواحدة والعشرين من العمر على الحق في انتخاب بينما لم يمنح هذا الحق إلا للنساء اللائي تجاوزن الثلاثين ولم تحصل المساواة إلا بعد عام 1928، وفي سويسرا الديمقراطية لم يمنح حق التصويت للمرأة إلا سنة 1991.
أ / الالتزامات والواجبات الدولية :
يعد حق الفرد في المشاركة السياسية بطريق مباشر أو غير مباشر من أهم الحقوق و يعد مبدأ التعبير عن إرادة الشعب في انتخابات دورية ونزيهة مما يطلق عليه بالتزامات النتيجة[10], حيث تلتزم الدول بتحقيق نتيجة وليس بذل عناية فقط جراء حيازتها لكل الوسائل التي تؤهلها لبلوغ ذلك.
ب / تقرير المصير والسيادة الوطنية :
وتقرير المصير تم تعريفه “أن الشعب في الدولة ذات السيادة يمكنه أن ينتخب ويبقي حكومة من اختياره” [11]، وظهرت العديد من النصوص المؤكدة لذلك ومنها نص المادة الأولى المشتركة في ميثاق الحقوق المدنية والسياسية وميثاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 لتقر مبدأ تقرير المصير بنصها “كل الشعوب الحق في تقرير المصير, وبفضل هذا الحق فإنها تقرر بحرية وضعها السياسي وتواصل بحرية تطورها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.
وأضاف إعلان سنة 1970 عن مبادئ القانون الدولي الخاصة بالتعاون والعلاقات الودية بين الدول عقدة جديدة إلى نسيج الموضوع , بتعليقه الضمني لتقرير المصير على شرط وجود” حكومة تمثل الشعب كله … ودونما تفرقة أساسها الجنس أو العقيدة , أو اللون…”.
وبهذا يمكن تفسير المدلولات الأخرى إلى حق كل الشعوب في تقرير ما يصبوا لها دون تدخل خارجي.
وقد أوضح المظهر الختامي لمؤتمر هلسنكي في 1975 عن الأمن والتعاون في أوروبا المدخل الأكثر شمولية, وأكد أنه:” لكل الشعوب دائما الحق في حرية كاملة في تقرير متى وبناء على رغبتها وضعها السياسي الداخلي والخارجي دون تدخل خارجي …”، ولا يمكن تنفيذ حق تقرير المصير إن لم تكن حقوق الإنسان الأساسي وحرياته الأساسية مكفولة لكل أفراد الشعب المعني, وبالتالي فإنه لا يمكن البتة تصور تحقق الاختيار الأمثل في ظل التسلط والقهر .
وفي هذا يمكننا أيضا الرجوع إلى “إعلان الجزائر عن حقوق الشعوب ” الذي أقره في 1976 مؤتمر غير حكومي خاص ونادى بالحق في حكومة ديمقراطية تمثل لكل المواطنين دونما تفرقة أساسها الجنس, النوع, العقيدة, اللون”.
وبالتالي ستبقى العلاقة وطيدة بين تقرير المصير وحقوق الانتخاب بل هنالك تدويل للحقوق الانتخابية الذي ينظر إليه البعض على أنه تدويل للمعارضة السياسية ولا عجب في أن بعض الدول تستخدم تقرير المصير في دفاعها عن نفسها من تزايد النشاط الدولي ونشاط الأمم المتحدة في مجال الانتخاب .
ففي الانتخابات المكسيكية لعام 1986 رفضت الحكومة المكسيكية مطالب لجنة حقوق الإنسان للدول الأمريكية مدعية بأنه ليس للجنة اختصاص في إصدار قرار في العمليات الانتخابية لأسباب السيادة الوطنية وحق تقرير المصير[12].
ويبقى الغموض والاعتراض السيادي مطروحا, فعلى سبيل المثال يسعى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 46/130 “عن مبادئ السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول في عملياتها الانتخابية إلى إعادة تأكيدها أنه: “أمر يهم الشعوب وحدها أن تحدد الطرق وأن تنشئ المؤسسات المتعلقة بالعملية الانتخابية، فضلا عن تحديدها السبل لتنفيذها طبقا لدساتيرها وتشريعاتها الوطنية[13].
ثالثا : النزاهة الانتخابية ضمن الوثائق الإقليمية :
نصت المادة 13/01 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب على أنه “لكل مواطن الحق في أن يشارك بحرية في حكم بلده سواء مباشرة أو عن طريق نواب مختارين اختير حرا وفقا لنصوص القانون”.
ونصت المادة 23 من الميثاق الأمريكي لحقوق الإنسان على أنه:
” 1/ يتمتع كل مواطن بالحقوق والفرص التالية:
أ – المشاركة في تسيير الشؤون العامة مباشرة أو عن طريق نواب مختارين اختيار حرا .
ب – التصويت والانتخاب في انتخابات صادقة ودورية بالاقتراع العام على قدم المساواة بين الناخبين وبالاقتراع السري الذي يضمن التعبير الحر لإرادة الناخبين…”.
كما جاء البرتوكول الأول الملحق بالميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان مؤكدا على أن “تتعهد الأطراف السامية بإجراء انتخابات حرة على فترات معقولة بالاقتراع السري وفي ظل ظروف تكفل حرية التعبير عن رأي الشعب في اختيار الهيئة التشريعية.
رابعا: أنشطة الأمم المتحدة في مجال الانتخابات:
أبدت الهيئات الحقوقية العاملة في مجال حقوق الإنسان استعدادا في إحراز التقدم بحقوق الإنسان السياسية؛ وأنشطة الأمم المتحدة فيما يخص الانتخابات اتخذت صورا عديدة كتنظيم وضبط سير العملية الانتخابية كما في كمبوديا لتقديم المساعدات الفنية.
ولقد اعتبرت اتفاقية الشعوب الشاملة في كمبوديا اتفاقية دولية تضم بإيجاز الشروط التي يعتبرها المجتمع الدولي ضرورية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وكان الهدف من الترتيبات المدنية والعسكرية إرساء الأرضية السليمة والمحايدة لإقامة انتخابات نزيهة، وبغية انتخابات الجمعية التأسيسية التي تعد خطوة فاعلة في بزوغ معالم الدولة الحديثة والديمقراطية بكمبوديا والقائمة على التعددية والحرية الانتخابية, والمرتكزة على الاقتراع العام على قدم المساواة بين الناخبين[14].
وأكدت الاتفاقية على أن تجري الانتخابات على أساس المقاطعات، على أساس نظام التمثيل النسبي والقوائم الحزبية, وكان لكل الكمبوديين البالغين سن 18 سنة بما في ذلك اللاجئين الكمبوديين، وكذا المرحلين الحق الانتخابي كما تم التمكين من إنشاء أحزاب سياسية بأي مجموعة من 05 ألاف ناخب مسجل, كما تم تمكين المعاقبين من المشاركة بموجب نصوص خاصة .
ونص قانون الانتخاب ومجموعة القواعد التي تحكم سلوكيات الأحزاب السياسية اللذان وضعتهما الأمم المتحدة على مزيد من التفصيل والإرشاد العلمي، ولكن كانت الأخيرة نتاج إسهامات الأمم المتحدة والخبرة الفردية فإن دلالتها المعيارية عززها على الرغم من ذلك قبول كمبوديا والمصادقة الدولية التي تلت إجراء الانتخابات وما أفرزته من نتائج[15].
وبالإمكان أن تقوم الأمم المتحدة بالتحقق وفقا لطلب حكومة ذات سيادة حيث تدير العملية الانتخابية وكالة وطنية ويطلب إلى الأمم المتحدة القيام بمهمة التحقق من حرية ونزاهة جوانب معينة .
فعلى سبيل المثال نجد ما قام به الأمين العام حيث أرسل مراقبين دوليين لرصد عمل المجلس الانتخابي الأعلى في نيكاراجو, وعلى ذات النحو تم إرسال بعثة للتحقق لرصد الانتخابات التي جرت في 09/09/1990 في هايتي, وقدمت فوق الأمم المتحدة المساعدة الفنية رغم معارضة العديد من الدول كالصين وكوبا وكولومبيا لهذه الإجراءات واعتبرته تدخلا في دولة ذات سيادة وانتهاكا لنص المادة الثانية في فقرتها السابقة من ميثاق الأمم المتحدة [16]، وحتما يتطلب تدخل الأمم المتحدة في مثل هذه الأوضاع تفويضا من الجمعية العامة [17].
1- الجمعية العامة للأمم المتحدة وتكريس مبدأ الانتخابات الحرة والنزيهة:
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 46/137 الموافق عليه في 18 ديسمبر 1991 بأغلبية 134 صوتا مقابل عدم موافقة 04 أصوات و امتناع 13 صوتا أنه يستوجب على الأمين العام أن ينشئ نقطة مركزية لضمان اتساق معالجة طلبات المساعدة الانتخابية، وهي مهمة أعانتها فيما بعد وحدة المساعدة الانتخابية التي ابتدأت فعاليتها في أول أفريل 1992 لمباشرة انتخابات حرة , و لتكريس حق الوصول على قدم المساواة بين كل المواطنين للخدمة العامة، ثم إن إرادة الشعب هي أساس سلطة الحكومة وأن إرادة الشعب الصريحة والصحيحة يعبر عنها من خلال انتخابات دورية صادقة عن طريق الاقتراع العام على قدم المساواة بين الناخبين الذي يجري بالتصويت السري؛ وفي ذات النسق تؤكد الجمعية العامة أنه لا يوجد نظام سياسي واحد أو طريقة انتخاب واحدة تلائم كل الدول على قدم المساواة، وكان ما أقرته الجمعية العامة “لتعزيز فاعلية مبدأ الانتخابات الدورية والصادقة يجب أن لا تعترض على حق السيادة لكل دولة وفقا لإرادة شعبها الذي اختار وطور بحرية أنظمته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية سواء متفقة أم غير متفقة مع أفضليات الدول الأخرى[18].
وقد تمت الموافقة على قراري سنة 1992 وسنة 1993 دون أي اعتراض وكلاهما يقر بأن ” المسؤولية الأساسية لضمان الانتخابات الحرة والنزيهة تقع على كاهل الحكومات”[19].
وتوالت العديد من الأمور المماثلة من خلال العديد من القرارات المتشابهة بدءً من القرار رقم 46/130 عن” احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول في العمليات الانتخابية ” الذي أكد في 17 ديسمبر 1991 بأغلبية 102 صوتا مقابل 40 صوتا مفترض و13 صوتا ممتنعا عن التصويت ويؤكد أن العمليات الانتخابية تتوقف على عوامل تاريخية وسياسية وثقافية ودينية[20].
2- آليات عمل الاتحاد البرلماني الدولي:
تم تأسيس الاتحاد البرلماني الدولي عام 1889, ومنذ ذلك الحين وهو أداة للتشاور البرلماني على الصعيد العالمي؛ وأسمى ما قدمه هو ترقية العمل النيابي وأيضا نشر المعلومات والدراسات المقارنة وتقديم المساعدات الفنية والمهنية للبرلمانات الدولية.
بالإضافة إلى تدعيمه واهتمامه بالعمليات الانتخابية، وعلى وجه الخصوص كان المؤتمر البرلماني في دورته الثانية والثمانين على إقرار إرسال بعثة مراقبة الاتحاد البرلماني الدولي بغية التحقق من قانونية الانتخابات في ناميبيا عام 1989 وأن المسجلين صحيحا وأن قوائم التسجيل لم تكن محل تلاعب.
وبذات الصورة قرر المجلس البرلماني الدولي بعد أربع سنوات إرسال وفد إلى كمبوديا لمراقبة كل الجوانب ذات الصلة بتنظيم الانتخابات الجارية سنة 1993 وإعداد تقرير عن الملاحظات والاستنتاجات بشأن تنفيذها وفقا لقانون الانتخابات الكمبودي الذي سنته الأمم المتحدة لها .
وفي أفريل 1993 بنيودلهي وافق المجلس البرلماني الدولي في جلسة عقدها بالإجماع على سياسة الاتحاد وتدخله في العمليات الانتخابية ورحب بالتعاون مع الأمم المتحدة مؤكدا على أنه” على الاتحاد أن يسعى دائما لأن يضمن أنه موجود في الاستفتاءات والانتخابات الوطنية التي نضمتها أو أشرفت عليها أو تحققت منها الأمم المتحدة[21].
جاءت الوثيقة النهائية التي أصدرها مؤتمر الأمن والتعاون في أوربا في اجتماع له وهو المؤتمر الذي شهدته كوبنهاجن عام 1990 إذ أقرت الحكومات المشاركة أن الديمقراطية التعددية وحكم القانون أمران في غاية الأهمية لتكريس حقوق الإنسان بصفة حقيقية ونزيهة .. ويمتاز القسم السابع من وثيقة كوبنهاجن بالشمول بصفة خاصة، حيث يعلن أنه تحقيقا لإرادة الشعب[22] بمثابة فإن الدولة المشاركة تسعى لـ:
– إجراء انتخابات على فترات معقولة على نحو ما يقرره القانون.
– تسمح بإجراء منافسة حرة بالتصويت الشعبي على كل المقاعد في أحد المسجلين التشريعيين على الأقل.
– تضمن اقتراع عام على قدم المساواة بين المواطنين الراشدين.
– تضمن أن يكون التصويت بالاقتراع السري أو بإجراء تصويت حر معادل له ويعد الأصوات وكتابة تقرير عنها بأمانة مع جعل النتائج الرسمية علنية.
– تحترم حق المواطنين في السعي إلى الوظيفة السياسية أو العامة فرادى أو ممثلين.
خامسا : مؤشرات النزاهة الانتخابية وتحقق البناء الديمقراطي:
للانتخابات الحرة والنزيهة مظاهر عديدة ومؤشرات تدل عليها، هذه المؤشرات التي ينبغي أن تتحقق حتى يمكننا القول بصدق وسلامة العملية الانتخابية، وتتمثل هذه المؤشرات في عشرة مظاهر نوردها على النحو التالي:
01/ النظام الانتخابي: أقرت القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة أنه” لا يوجد نظام سياسي وحيد أو طريقة انتخابية واحدة تلائم على قدم المساواة كل الدول وشعوبها، وأن جهود المجتمع الدولي لتعزيز تنفيذ مبدأ الانتخابات الدورية والصادقة يجب أن لا تثير الشكوك حول حق سيادة كل دولة، وفقا لإرادة شعبها في أن تختار بحرية، وأن تطور أنظمتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، سواء أكانت متفقة مع أولويات الدول الأخرى أم غير متفقة[23].
وتبقى مسألة التنظيم الداخلي والنظام المتبع من شؤون الدولة الداخلية واختصاصاتها، وتؤكد الممارسة العملية الداخلية والدولية أن لا يوجد ثمة تمثيل أو نظام بعينه يكون أكثر شرعية، حيث أن الأهم كيفية تحقيق العدالة والنزاهة، وتطبيق المبادئ الدستورية والقانونية، وعدم الإنحياز؛ وأن يقوم النظام المختار نحو كل ما يجسد حرية الشعب في الإدلاء بأصواته واختيار ممثليه بناء على انتخابات قائمة على المساواة بين الناخبين وعلى أن يكون الانتخاب سريا.[24]
وقد أكد البرلمان الدولي على أهمية العلاقة بين الناخبين والمنتخبين، وعلى أن تكون الانتخابات دورية، وفي معنى الدورية أوضحت المادة الثالثة من البروتوكول الأول للميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان رأيا يستند إلى الخبرة يقصي أنه لا تكون الفترات الفاصلة بين الانتخابات قصيرة جدا ولا أن تكون طويلة جدا، وتوضح الممارسة العملية المدة النيابية في الولايات المتحدة الأمريكية تمتد لسنتين، وبأستراليا ونيوزلندا لمدة ثلاث سنوات، وفي النمسا وبلجيكا لمدة أربع سنوات، وفي العديد من الدول الأخرى لمدة خمس سنوات، وفي هذا كانت لجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان قد أقرت بأن تمديد كل الانتخابات لمدة عشر سنوات مخالف للإعلان الأمريكي لحقوق الإنسان الذي ينص في مادته العشرين أنه”لكل شخص يتمتع بالأهلية القانونية الحق في لمشاركة في حكم بلده مباشرة أو عن طريق ممثلين، وأن يشترك في انتخابات عامة تجري بالاقتراع السري، وأن تكون أمينة ودورية وحرة”[25].
2/ تحديد الدائرة الانتخابية وتقسيمها: للدولة الاختصاص في إعتماد الدوائر الانتخابية وكيفيات تحديدها وتقسيمها، ويكون الهدف دائما ترجمة الإرادة الشعبية في تحقيق التمثيل النيابي، وتوضح ممارسة الدولة وتبايناتها فيما يتعلق بالسكان والجغرافيا والتوزيع والموارد عن مجال الاختلافات الممكنة والمسموح بها؛ وتبقى عدة تساؤلات في أن هنالك تباين يؤثر ويؤدي إلى حرمان عدد من السكان في حقهم الانتخابي، وهذا ما يعد منافيا للمعايير الدولية لعدم التمييز.
3/ إدارة العملية الانتخابية : تعتبر الإدارة أهم الفاعلين في العملية الانتخابية، فقد لاحظ المراقبون الدوليون لنظام الولايات المتحدة عام 1992 غياب الحكومة والأحزاب عن العملية الانتخابية، وأشادوا بالثقة الكبيرة في النظام ودور كل الجهات الفاعلة من قضاء وإعلام في تكريس البعد الديمقراطي.
في حين نجد أن هذه المظاهر تختلف عما هو موجود في الدول الأقل حظا من الديمقراطية حيث تنحاز الإدارة إلى أحد الأطراف أو المترشحين أو الأحزاب التي لها حضور سياسي قوي.
وبعض الدول تعمد في إدارة الانتخاب إلى حكومات وإدارات انتقالية ليست لها أية صلة بأي حزب سياسي معين؛ كما حصل في عام 1991 ببنغلاديش[26].
وهذا ما نجده من خلال اللجان التي تم تنصيبها بالجزائر والمسماة باللجان السياسية المستقلة والتي تم ذكرها سابقا، ولم يكن إنشاء مثل هذه اللجان شيئا جديدا، ولكن التزاماتها بانتخابات نزيهة هو الأمر الجديد.
وبالتالي نجد أن حياد الإدارة له دوره البالغ في الوصول بالانتخابات إلى الصورة الحقيقية التي تعبر عن إدارة الشعب وحق المواطن في الإدلاء بصوته، وفي هذا نصت المادة الثالثة التي تعبر عن إدارة الشعب وحق المواطن في الإدلاء بصوته، وفي هذا نصت المادة الثالثة من قانون الانتخاب الصادر بموجب الأمر 97/07 المتضمن القانون العضوي للانتخابات على أنه: تجري الاستشارات الانتخابية تحت مسؤولية الإدارة التي يلتزم أعوانها التزاما صارما بالحياد إزاء المترشحين”.
بالإضافة إلى ما جاء في تعليمة رئيس الجمهورية حول حياد الإدارة وما ورد ضمن الدستور الجزائري.
4: الحق في التصويت: يعد الحق في التصويت من أهم حقوق الإنسان ، وبطبيعة الحال هنالك قيود في استعمال أي حق، حيث أن كل التشريعات الانتخابية جاءت بقيود وشروط لممارسة هذا الحق، وهذا ما جاء به المشرع الانتخابي الجزائري.
وفي هذا تؤكد التشريعات الانتخابية المقارنة على شرط السن والإقامة والمواطنة، وفي دراسة مقارنة حديثة شاملة لجل الدول أن سن 18 سنة هو المعيار الأمثل لسن يخول صاحبه حق التصويت وتراءى تطبيقه في 109 دول من بين مجموع الدول التي شملتها الدراسة والبالغ تعدادها 150 دولة.[27]
وتتيح الدول لجالياتها الموجودة بالخارج حق الانتخاب، وتستبعد الدول أيضا المصابين بعجز عقلي أو المحكوم عليهم في جرائم جنائية، ونجد بعض الدول خاصة في أمريكا اللاتينية تمنع أفراد القوات المسلحة من التصويت[28].
وقد أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رق 46/137 أن ” الإنكار أو الحرمان المنتظم من حق التصويت على أساس العرق أو اللون يعد انتهاكا جسيما بحقوق الإنسان وإهانة لضمير الإنسانية وكرامتها ….كما يعد الحق في الاشتراك في النظام السياسي تأسيسا على المواطنة المشتركة والمتساوية وحق التصويت العام أمرا جوهريا لممارسة مبدأ الانتخابات الدورية والصادقة”.
ويتسع مبدأ عدم التفرقة إلى الدين والنوع والتوجه السياسي وغيرها من الأبعاد الأخرى كحرمان أقلية أو عدد من السكان من حق التصويت كحرمان المرأة مثلا وفق ما يتعارض مع المواثيق الدولية كاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
05/ قيد الناخبين:
يعد قيد الناخبين أمرا مهما وفق ما سبق ذكره، وهذا ما يعد ميزة أساسية في القول بنزاهة الانتخابات ولذا يجب أن يكون الانتخاب بعيدا كل البعد عن الغش والتزوير وإساءة استعمال السلطة وغيرها من المظاهر المشينة بالعمل الانتخابي، ويجب أن يكون القيد شرعيا ونزيها على نحو ما صاغته مجموعة مراقبة الكومنولث لانتخابات الرئاسة في غانا عام 1992 بقولها: “تكمن قائمة انتخابات دقيقة ومكتملة اكتمالا مقبولا في قلب العملية الديمقراطية، حيث تعتمد القدرة على التصويت على وجود اسم الناخب في القائمة، إنها أيضا مركز الاهتمام لأي حملة انتخابية ذات هدف من بيت إلى بيت وأنها أساسية لأداء وكلاء الحزب لواجباتهم في عملية الاقتراع في يوم الاقتراع”[29].
كما يستوجب الوضع نشر القوائم الانتخابية في محضر متضمن كل التصحيحات والحذف لمن غيروا إقامتهم أو للموتى أو الممنوعون من الانتخاب.
06/ الإعلام الانتخابي والتربية المدنية:
يعد الانتخاب رسالة ومؤشرا على المواطنة الصالحة، فجراء عدم الانتخاب تكن هنالك فرص أخرى للغش والتزوير، وهذا ما جعل الانتخاب محورا من محاور دروس التربية الوطنية او المدنية في العديد من الدول إبرازا لحق المواطن وفي نفس الوقت واجبه في الإدلاء بصوته.
وهذا ما يعبر عنه أيضا من خلال المعلقات التعليمية والاشهارات الإذاعية والتلفزيونية والمطويات التي يتم توزيعها لبيان كيفية الإدلاء بالأصوات وحقوق كل ناخب ومكان الانتخاب ووقته وكيفياته.
07/ الفاعلون السياسيون:
حيث يتمثل هؤلاء في المرشحين والأحزاب السياسية والتنظيم السياسي، وفي هذا نصت المادة 25 من ميثاق الحقوق المدنية والسياسية على انه لكل مواطن الحق دونما تفرقة في أن يشارك في تسيير الشؤون العامة، وفي أن يتاح له أن يصل إلى الخدمة العامة في بلده على قدم المساواة مع الآخرين، ومع هذا ترد العديد من القيود على هذه الحقوق جراء النظام الانتخابي المتبع.
كما نجد أن هنالك قيودا وشروطا قد تحد من إنشاء أحزاب سياسية أو لأن هنالك احتكار إعلامي من الحكومة توظفه لصالح مرشحين معينين وغيرها من المسائل المشابهة الأخرى.
ولأجل هذا دعت مجموعات مراقبة الكومنولث في العديد من المناسبات إلى فصل الحزب الحاكم عن الحكومة، على نحو ما ورد عن أحد المجموعات[30].
وترد في هذا الوضع العديد من الشروط ففي أندونيسيا يستوجب أن يكون المرشحون مخلصين للبانكاسيلا Pancassila على اعتبار أنها الإيديولوجية الرئيسية للدولة، وفي العديد من الدول يجب أن يكون هنالك ولاء معلن للنظام الثوري ، وغيرها من المسائل الأخرى[31].
08/ الحملات والدعاية الانتخابية:
العملية الانتخابية لا تقتصر على ما يبدو يوم الاقتراع ، حيث أنه لابد من إعطاء الأهمية لكل المراحل بما فيها مرحلة الحملة الانتخابية، وما يتم ضمنها من خلال التمويل أو المساحات الإعلانية خاصة في حال وجود مرشح للسلطة.
والحملة الانتخابية ونزاهتها مرتبط بالدور المنوط بالحكومة وأيضا الموكول بالأحزاب السياسية وإسهامها في الوقوف في مسار واحد بما يفض كل مظاهر الاختلاف والتعدي والعنف وغيرها من المظاهر السابقة للتصويت.
بالإضافة إلى عنصر الإعلام ودوره في تحقيق العدالة الانتخابية .
09/ التصويت وبيان النتائج:
حيث أن الوضع يتطلب أن تكون مراكز الاقتراع قريبة وتسخير العنصر البشري وتوفير كل شروط الأمن بالإضافة إلى تنظيم سير العملية الانتخابية، ومراقبتها والتيقن من فراغ صناديق الاقتراع قبل بدئ عملية التصويت وبأنها موصدة بإحكام أثنائه، وأن تتم عملية إحصاء الأصوات بكل شفافية ونزاهة.
وان تتحقق أيضا المساواة والسرية في كل مراحل التصويت مما يُجسد الاستقلالية والحياد.
وفي هذا الصدد أكدت الدول المشتركة في اجتماع كوبنهاجن في سنة 1990 لمؤتمر التعاون في أوربا عن وجهات نظرها بأن :”وجود مراقبين من الأجانب والوطنيين على السواء، يمكن أن يعزز العملية الانتخابية…ولهذا فإنها دعت مراقبين من أي دولة غير الدول المشتركة في مؤتمر الأمن والتعاون في أوربا وأي منظمات ومؤسسات خاصة ملائمة قد ترغب في مراقبة سير إجراءات انتخاباتها الوطنية، على النحو الذي يسمح به القانون”[32].
10/ المنازعات الانتخابية:
تثور العديد من المنازعات وتحصل الكثير من الشكاوى بشأن الحملات الانتخابية، والقيد والتصويت إلى فرز الأصوات وإحصائها وهذا ما يستوجب الرد والفصل، حيث يستوجب تصحيح الأخطاء، والإجابة عن الاستفسارات والفصل فيما يمكن الفصل فيه.
سادسا : البعد الإجرامي في العملية الانتخابية والحد منه:
لقد سعت المجتمعات منذ القديم جاهدة لدرء الجريمة , وكانت العقوبة أول فعل لهذه الجريمة, بعد أن كان الانتقام والثأر الفردي الصورة البدائية الأولى مرد عل اجتماعي, ثم أصبح الانتقام رد فعل جماعي تقره وتتبناه القبيلة, وبعد تطور مفهوم الدولة بعناصرها الثلاث: السيادة, الشعب, الإقليم, ظهرت العقوبة كمدلول قانوني بعد محاكمة الجاني ليسلط عليه إيلام من طرف الدولة ممثلة في مصالحها المختصة بمقدار يوافق الجرم المرتكب, وأوضحت المؤسسة التشريعية هي التي تصدر تشريعاتها لتجرم أفعال معينة وتحديد مقدار العقوبة فيها وتتولى المؤسسة القضائية المحاكمة العادلة وتسليط العقوبة المقررة في ذلك[33] .
وتعكس الجريمة حالة الفساد التي يعيشها المجتمع وتعبر عن خلل يعتريه وتصور واقعة المضطرب, حيث تكون الحقوق العامة والخاصة محل اعتداء مستمر هذا ما يقتضي بذلك العديد من الجهود لحد من ذلك أو معالجته المعالجة السليمة والشافية .
وقد أصبحت كل مسائل التطور الحاصلة اليوم مشمولة بالإجرام مواكبة في ذلك التطورات الحاصلة, فبعد ظهور المعاملات الالكترونية أو التجارة الالكترونية وغيرها من المائل المرتبطة بذلك أصبح هنالك أيضا الجرائم الالكترونية, وبعد ظهور تنظيم المعاملات الاقتصادية, أضحى التعامل منظما ظهرت الجريمة المنظمة .. وغير ذلك [34]
هذا ما يجعل من الضروري إيجاد الحلول التكاملية التي تتمحور حول برنامج السياسة الجنائية التي تتطلب إعادة النظر في سياسة التجريم وسياسة العقاب وسياسة الوقاية بل لابد من إعادة النظر في فلسفة العقوبة, هذا ما يعني أيضا إبلاء الاهتمام بالانتروبولوجيا[35], الجنائية التي تعد علما حيويا هاما حيث انه يدرس كل الجوانب البيولوجية والفيزيولوجية والفعلية والنفسية للمجرم إلى كل ما من شانه أن يجعل من الإنسان مجرما من أسباب ذاتية أو إلى أسباب غير ذاتية, أي علم يدرس كل الأسباب المتكاملة و كيفية معالجتها و الحد منها وفق أسلوب علمي واضح [36].
ثم إن الملاحظ أن التشريعات في غالبها و تحديد المشرع الجزائري لم تعرف الجرائم الانتخابية وإنما قامت هذه التشريعات بوصف هذه الجرائم و تعدادها و بيان العقوبات المفروضة إزاء هذا الوضع .
والجريمة الانتخابية قد تتمثل حتى في النص القانوني أو النظام المتبع والذي يكرس تسلطا وقهرا للشعوب و لا يسمح لها بممارسة حقها في اختيار ممثليها, بنفس صورة اكتمال النص وعدم تجاوز أحكامه القانونية وخرقها بصورة صريحة أو ضمنية وهذا ما يتضمنه معنى الجرم أي مخلفة النص القاعدة القانونية الأمر وهذا ما يجعل النظام المتبع الداخلي أو حتى الدولي يفرض رقابة داخلية أو خارجية حتى يتأتى للشعوب ذلك النظام من تجاوز القهر والتسلط المفروض وبطبيعة الحال إذا كانت الأنظمة عجزت وتفننت في إذلال مواطنيها و فرض أشخاص ليكونوا ممثلين لمواطنيهم إطلاقا تمثيل هؤلاء فإذا ما وصل هؤلاء إلى المناصب المتوخاة ( لتمثيل المواطنين ) بطريقة غير مشروعة فإنه ضرب من اضرب الخيال أن يحترموا حقوق هؤلاء المواطنين لنهم لم يصلوا إلى ما هم عليه إلا بعد أن خرقوا أهم حق من حقوق المواطن , و لا يمكن لهم أن يقوموا بأي عمل مشروع بعد ذلك لان أساس البناء لم يكن مشروعا أو لأنه دفع أموالا ورشاوى انتخابية يدعي نحو ما سنراه لاحقا فإنه يسعى لاسترداد تلك الأموال بل و أضعاف تلك الأموال ….”
وفي هذا نجد أن خرق القواعد القانونية للوصول إلى منصب سياسي تمثيلي يرجعنا إلى العلاقة بين السياسة والقانون هذه العلاقة الضاربة في أعماق التاريخ لأي نظام أو دولة, ولأجل هذا كان استحضار القانون لتأطير السياسة مسألة هامة للغاية و هذا ما يتصل اتصالا وثيقا بمنع ي تجاوز يقود إلى رقي المجتمع إلى مصاف التحضر و التقدم [37].
وقد عرف الدكتور فيصل عبد الله الكندري في كتابه ” أحكام الجرائم الانتخابية ” بأنها كل عمل أو امتناع يترتب عليه اعتداء على العمليات الانتخابية و يقرر القانون على ارتكابه عقابا [38] .
وقد عرفها البعض بأنها جريمة سياسية تستهدف النيل من سلامة السير الطبيعي والسليم لعملية الانتخاب التي هي مصدر سلطة المنتخبين, وقد خلص الأستاذ يوسف الوهابي في مؤلفه “الجرائم انتخابية في التشريع المغربي ” إلى اعتبارها ” كل فعل ايجابي أو سلبي يعاقب عليه القانون ويرمي إلى الاعتداء على حق سياسي من خلال استهداف المس بحرية أو مشروعية أو سلامة أو سرية أو نزاهة الاستفتاءات أو الانتخابات قبل أو أثناء أو بعد الاقتراع [39].
وبالرجوع إلى الجريمة الانتخابية و ضمن قانون العقوبات فهي تخضع لتكييف مستقل فهي إما جريمة تزوير إذ تعلق الأمر بالوثائق و المحررات و المحاضرات , أو جريمة غش إذا تعلق ألأمر بزيادة في الأصوات أو انتقاص لها أو رشوة إذا تعلق الأمر بالمقابل المادي غير المستحق لإخفاء أو زيادة أو شيء يتم بدون حق .
لكن لأهميتها و لمساسها بحق الإنسان في التعبير عن رأيه و حريته في اختيار مثليه على الصعيد المحلي أو الوطني وكأن الأمر يتعلق بأمور لصيقة بشخص الإنسان و لهذا أفرد لها المشرع تكييفا خاصا بها و تناولها المشرع الجزائري تحديدا في المواد من 102 إلى 106 تحت الفصل المعنون بالجنايات و الجنح ضد الدستور على اعتبار أن التعبير عن الرأي و الحق في الانتخاب حقوق مكفولة دستوريا ….
وقد كان من المواد التي تحدثت عن ذلك المادة 31 من دستور سنة 1996 المعدل و المتمم وتستهدف المؤسسات ضمان مساواة كل المواطنين و المواطنات في الحقوق و الواجبات بإزالة العقبات التي تعوق تفتح شخصية الإنسان و تحول دون مشاركة الجميع الفعلية في الحياة السياسية و الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية .
كما نجد الدور الكبير الذي تؤديه اللجان الوطنية المستقلة التي تأسست بمشاركة الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية لرقابة نزاهة وحريات الانتخابات لتجنب التشكيك في العملية الانتخابية [40] ومن بين هذه اللجان :
– اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات الرئاسية الأولى بموجب المرسوم الرئاسي رقم 95/269 المؤرخ في 17/09/1995 .
– اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات و المنشأة بموجب المرسوم الرئاسي رقم 97/58 المؤرخ في 06/03/1997 .
– اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات الرئاسية المحدثة بموجب المرسوم الرئاسي رقم 98/01 المؤرخ في 04/01/1999 .
وقد كان من أهم هذه اللجان السياسية الوطنية المكلفة بالرقابة الانتخابية, اللجنة الوطنية السياسية لمراقبة الانتخابات الرئاسية ليوم 09/04/2009 .
تتولى اللجنة السياسية وفق ما تنص عليه المادة 07 من المرسوم الرئاسي سالف الذكر في إطار احترام الدستور وقوانين الجمهورية مهمة عامة لرقابة قانونية العمليات الانتخابية وحياد الإدارة واحترام حقوق الناخبين والمرشحين .
ويكون من أهم صلاحيات مثل هذه اللجان ما يلي :
– تمارس هذه اللجان مهاما كاملة في مجال رقابة الترتيب التنظيمي في كل مرحلة من مراحل العمليات الانتخابية[41].
– تقوم بزيارات ميدانية بغية معاينة مدى مطابقة العملية الانتخابية لأحكام القانون للتأكيد على الخصوص من تحضير الاقتراع وسيره الحسن.
– تخطر المؤسسات الرسمية المكلفة بتسيير العمليات الانتخابية بكل ملاحظة أو تقصير أو نقص أو تجاوز تتم معاينته أثناء سير العمليات الانتخابية، ويتعين على المؤسسات التي يتم إخطارها بذلك أن تتصرف بسرعة وفي الآجال القانونية قصد تصحيح الخطأ الحاصل وتعلم اللجنة السياسية كتابيا في غضون 48 ساعة على الأكثر, بالتدابير والمساعي التي شرع فيها.
– تطلب وتستلم الوثائق والمعلومات من المؤسسات المكلفة بتسيير العمليات الانتخابية لكي تعد تقييمها العام .
– تستلم كل معلومة يرغب كل ناخب أو مرشح إعلامها وتتخذ في حدود القانون كل قرار تراه ملائما.
– تستلم أثناء المرحلة السابقة للحملة الانتخابية وأثناءها وخلال سير عملية الاقتراع نسخا من الطعون المحتملة وتحيلها دون إبطاء عند الاقتضاء وإلى الهيئات المعنية مشفوعة بمداولاتها.
– تستلم بناء على طلبها من اللجنة الحكومية المكلفة بتنظيم الانتخابات الرئاسية كل معلومة من شأنها أن تسمح لها بممارسة مهامها الرقابية.
– تستعمل وسائل الإعلام في إطار ممارسة مهامها ولحاجتها في مجال الاتصال ويتعين على وسائل الإعلام العمومية أن تقدم دعمها للجنة السياسة.
– تقوم اللجنة السياسية وفق ما سبق بصلاحيات المداولة في توزيع مجال الوصول إلى وسائل الإعلام العمومية بين المرشحين طبقا لنص المادة175 من القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، والسهر على احترام القواعد المقررة في مجال الحملة الانتخابية، والعمل بكيفية تسمح بضمان الإنصاف بين المترشحين.
– تسهر اللجنة السياسية على حسن سير الجملة الانتخابية، وترسل ملاحظاتها المحتملة إلى كل مرشح تصدر عنه مبالغات أو تجاوزات أو مخالفات، وتقرر بهذه الصفة كل إجراء تراه مفيدا بما في ذلك إخطار الهيئة المختصة[42].
– بإمكان منسق اللجنة السياسية في إطار عملها أن يتصل مباشرة برئيس اللجنة الحكومية المكلفة لتنظيم الانتخابات الرئاسية.
– كما يمكن لرئيس اللجنة السياسية عند الاقتضاء اتصالات بالملاحظين الدوليين المعتمدين في إطار الانتخابات الرئاسية[43].
– تعد اللجنة السياسية وتنشر تقريرا عاما تقييميا يتعلق بالانتخابات الرئاسية في مراحل تحضيرها وسيرها[44].
خاتمــــة:
وددنا من خلال هذه الورقة البحثية الوجيزة والمقتضبة أن نبين الانتخاب كأهم الحقوق التي يتمتع بها المواطن، وأبرز ما يُجسد ويحقق البناء الديمقراطي للدولة الحديثة؛ ولأجل هذا اعتبر المساس بهذا الحق جريمة نكراء ضد الإنسان وضد المجتمع وضد الدولة برمتها.
وقد اعتُبرت الجريمة الانتخابية من أفظع الجرائم لأنها تحول بين المواطن وحريته في الإدلاء برأيه واختيار من يمثله بطريق مباشر أو غير مباشر.
هذه الجرائم التي تبتدئ من الحملة الانتخابية إلى القيد في السجلات الانتخابية والتصويت وصولا إلى فرز الأصوات وإعلان النتائج.
وسيكون في كل هذا الدور العميم للمواطن من جهة في أن يطالب بحقوقه بعد إدراكه لها واستيعابه لواجبه في الإدلاء بصوته كما يكون الدور للإدارة من جهة ثانية بواجب الحياد وتسخيرها لكل من يجعل من الانتخابات حرة ونزيهة
وجراء أهمية العمل الانتخابي فقد جاءت العديد من الآليات الوطنية والدولية لرقابته والوصول به إلى ممنتهاه، فنجد المجلس الدستوري، وكذا الأجهزة القضائية بمختلف درجاتها وأيضا اللجان السياسية المستقلة المكلفة بالرقابة الانتخابية بالإضافة إلى الهيئات واللجان الدولية لمراقبة الانتخابات، وما يسهم فيه الاتحاد البرلماني الدولي ولجان الأمم المتحدة المتخصصة…
وعن المعايير الدولية السابق ذكرها بشأن نزاهة الانتخابات فالاصطلاح المستخدم “الامتثال إلى المعايير الدولية ” أو المختصر الصحفي الشائع “حرة ونزيهة”، كما يذكر ذلك ريتشارد تشامبرز[45]، وهذا لوصف كون الانتخابات حرة وديمقراطية أم هي دون ذلك.
وتجد هذه المعايير مصدرها كما سبق وأن ذكرنا في النصوص التالية :
– المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948.
– المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1948.
– المادة 24 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.
– المادة 23 /ب من إعلان القاهرة بشأن حقوق الإنسان في الإسلام لعام 1990.
وبالإضافة للمعايير المذكورة سابقا نجد معايير أخرى تنبثق من حق المشاركة في الشؤون العامة الوارد في التعليق العام رقم 25 للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومنها :
– إجراء الانتخاب طبقا لنصوص القانون.
– إجراء الانتخابات في إطار من الشفافية والانفتاح وقابلية المساءلة.
– إقامة الانتخابات على أساس التعدد بين المرشحين والأطراف السياسية لأجل عكس الآراء السياسية المختلفة في الدولة .
– العدالة في المنافسة والتكافؤ في الوصول إلى الموارد العامة.
– التوعية الانتخابية لكل من المنتخب والمترشح.
– المراقبة المحايدة والمستقلة للعملية الانتخابية[46].
الهوامش :
1- و إن كان الاصطلاحات يؤديان في مدلولهما اللغوي معنيين فالانتخاب يهدف إلى استخلاص النخبة المتميزة في
مجال العمل السياسي أو العلمي أو أي مجال يعتمد في ذلك , أما الاقتراع فمورده القرعة و كان في القديم يبنى على الخط و القرعة , يمثلها كان متداولا في بعض الأنظمة من أن الطير إذا ما وقع على رأس أحدهم سيكون هو الملك ….. راع القاموس المحيط لابن منظور .
-سأل أحدهم عليا كرم الله وجهه لماذا أكثرت الفتن في وقتك و زمنك من الهرج و المرج و لم يكن هذا لا في زمن أبي [2]
بكر الصديق و لا عمر و لا عثمان … فأجابه على كرم الله وجهه ولي هؤلاء على مثالي ووليت على أمثالك
– بوكرا إدريس , الوجيز في القانون الدستوري المؤسسات السياسية , دار الكتاب الحديث بالجزائر , 2003 , ص 153[3]
– جاي س , جوروين , جيل , المرجع السابق , ص 06 .[4]
[5] _ بيير كور نيللون, الأمين العام البرلماني الدولي, جنيف أبريل 1994, ضمن كتاب الانتخابات الحرة والنزيهة, المرجع السابق, ص 08 .
[6] _ نفس المرجع , ص 20 .
[7] _ Goodwin-Gill .G.S “Obligations of Conduct and result,in.P. Alston and k.tamasevski eds the rights to food,1985 / p 111 .
[8]– جاي جودوين جيل, ترجمة منيب أحمد و فايزة حكيم, الانتخابات الحرة والنزيهة، الدار الدولية للإستثمارت الثقافية, القاهرة, 200, ص 05 .
[9] _ Cassese,A.Political self – Determination-old Concepts and New Developments
in cassasse.A.ed,UN Law / fondamental rights,(1979) 137.
[10]_ Helsinki conference on security and ca operation in Europe . 1975 . principle . text in 1975 digest of united practicum international law . p 10
تم إيراد المرجعين ضمن مرجع الانتخابات الحرة والنزيهة، مرجع سابق ، ص30
[11] _ جاي جودوين جيل, ترجمة منيب أحمد و فايزة حكيم,الانتخابات الحرة والنزيهة , المرجع السابق,ص 32 .
[12] _ نفس المرجع, ص 33 .
[13] _ جاي جودوين جيل, ترجمة منيب أحمد و فايزة حكيم, الانتخابات الحرة و النزيهة, المرجع السابق, ص 41.
[14] _ IPU;“Report of IPU Election Observer Mission Cambodia, 16may–4 jue 1993 Gneva
(1993), Bulletin de L’Assemblee National, Paris , No 07 du 8 juin 1993,44 .
[15] _ ورد عن محكمة العدل الدولية في مسألة التعهدات التي تلزم بالمعايير الانتخابية أنه من ” اكتشاف أي عقبة أو نص يعوق دولة من إجراءات تعهد من أي نوع في حدود مجال الموضوعات المطروحة للاتفاق الدولي, فالدولة وهي حرة في أن تقرر مبدأ وطرق الاستشارة الشعبية داخل نظامها الداخلي ذات السيادة لغرض قبول قيد على سيادتها في هذا المجال، وهذا موقف يمكن تصور بالنسبة لدول ملتزمة بصلات مؤسساتية مع اتحاد تعاهده من الدول أو مع منظمة دولية فعلا”
Military and Paramilitary activities in and agaminst Nicaragua v . United States of America . 1986 ICJ reports 14 . 141 . cited in Franck « democrotic govemance » . et 81
[16]_قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 48/124 , 20 ديسمبر 1993, الفقرة 04.
[17] _جاي جودوين جيل, ترجمة منيب أحمد وفايزة حكيم, الانتخابات الحرة و النزيهة, ص 46.
[18]_ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 47/138, في 18/12/1992, قرار الجمعية العامة 48/131 ,20/12/1993.
[19] _ أسباب تخوف بعض الدول من الموافقة على القرار رقم 46/130 واضح من خلال الفقرة التنفيذية السادسة التي “تناشد بقوة كل الدول الامتناع عن تمويل أو تقديم سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أي شكل آخر من الدعم العلني أو المستتر للمجموعات أو الأحزاب السياسية ومن القيام بأعمال تفوض العمليات الانتخابية في أي دولة, الانتخابات الحرة والنزيهة،ص 50.
[20]_جاي جودوين جيل, ترجمة منيب أحمد و فايزة حكيم, الانتخابات الحرة و النزيهة,المرجع السابق، ص 49 .
[21] _ قرار الموافقة على سياسة الاتحاد البرلماني الدولي, وتدخله في العمليات الانتخابية من طرف المجلس البرلماني بالإجماع في دورته 152 نيودلهي, 17 افريل 1993, الفقرتان 01/02, جاي جودوين جيل, ترجمة منيب أحمد و فايزة حكيم,ص 5 .
[22]_ CSCE:document of the Copenhagen Meeting of the Conference on the Human Dimensions 29 juin 1990 . 29 I.L.M . 1305 . ( 1990 ) .
[23]قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 46/137: Enhancing the effectivement of the principle of periodic and genuine elections ,17dec,1991.
راجع جاي جودوين جيل, ترجمة منيب أحمد و فايزة حكيم، المرجع السابق، ص56.
[24] نفس المرجع
[25] جاي جودوين جيل, ترجمة منيب أحمد و فايزة حكيم, المرجع السابق، ص58.
[26] جاي جودوين جيل, ترجمة منيب أحمد و فايزة حكيم,المرجع السابق، ص 68.
[27] نصت المادة 01 من ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الطفل لعام 1989 تعرف الطفل بأنه” كل إنسان أقل من 18 سنة “.
[28]جاي جودوين جيل, ترجمة منيب أحمد و فايزة حكيم,المرجع السابق ، ص 82.
[29] نفس المرجع، ص 03.
[30] جاي جودوين جيل, ترجمة منيب أحمد و فايزة حكيم،المرجع السابق، ص 95.
[31]نفس المرجع، ص 98.
[32] جاي جودوين جيل, ترجمة منيب أحمد و فايزة حكيم,المرجع السابق، ص 133.
– سعداوي محمد الصغير , السياسة الجزائية لمكافحة الجريمة , دراسة مقارنة بين التشريع الجنائي الدولي و الشريعة [33]
الإسلامية , أطروحة دكتوراه غير منشورة , كلية العلوم الاجتماعية و الإنسانية , جامعة بوبكر بلقا يد , تلمسان , الجزائر , 2010
– التي عرفت على أنها دراسة العلمية للإنسان, راجع محمد عباس إبراهيم , بالانتروبولوجيا ( علم الإنسان ) , دار [35]
المعارف الجامعية , الاسكندرية , 2006 , ص 05 .
– كل هذا إلى أن أصبح الاهتمام بهذا المسائل أمرا دوليا , و كانت هنالك العديد من المؤتمرات و الاتفاقيات و [36]
الهيئات الدولية أهمها , الاتحاد الدولي لقانون العقوبات ( 1880 ) الذي حلت محله الجمعية الدولية لقانون العقوبات سنة 1924
– عزيز العرباوي , الجرائم الانتخابية في التشريع المغربي عند الأستاذ يوسف وهابي [37]
راجع موقع WWW.AHWAR.ORG/DEBAT/SHOW.AIT 20/01/2010
WWW.ISLAMONLINE.NET/ARABI 26/01/2010
[40] – هذا ما يؤثر على عدم كفاية المجلس الدستوري في أدائه للعمل الانتخابي.
ديباش سهيلة, المرجع السابق، ص 177 .
[41]– المادة السابعة من المرسوم الرئاسي رقم 09/61 المؤرخ في 07 فبراير 2009.
[42] – المادة الثامنة من المرسوم الرئاسي رقم 09/61 المؤرخ في 07 فبراير 2009.
[43] – المادة التاسعة من المرسوم الرئاسي رقم 09/61 المؤرخ في 07 فبراير 2009 .
[44] – المادة التاسعة من المرسوم الرئاسي رقم 09/61 المؤرخ في 07 فبراير 2009 .
[45] السيد تشامبرز هو مدير مكتب لبنان لـ آي إف إي إس( IFES) ( المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية)، وهي منظمة لا تتوخى الربح، بل تسعى إلى تنمية الديمقراطية، على الموقع : www.ifes.org
راجع: النزاهة في الانتخابات البرلمانية ، المنظمة العربية لمكافحة الفساد، ومركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2008، ص 57.
[46] نفس المرجع، ص63.
قائمة المراجع:
المراجع العامة:
-أحمد وافي, بوكرا إدريس, النظرية العامة للدولة والنظام السياسي الجزائري في ظل دستور 1989 المؤسسةالجزائرية للطباعة, الجزائر.
-أمين مصطفى محمد, الجرائم الانتخابية,دار الجامعة الجديدة للنشر, الإسكندرية،2000.
-الكيالي عبد الوهاب, الموسوعة السياسية, ط1,المؤسسة العربية للدراسات والنشر, عمان، 1979.
-بن داود براهيم، نظام الإفلاس والتسوية القضائية،دار الكتاب الحديث، القاهرة، 2009.
-بوكرا إدريس, الوجيز في القانون الدستوري المؤسسات السياسية, دار الكتابالحديث، القاهرة, 2003.
-جاي سي, جودوين, جيل,الانتخابات الحرة والنزيهة, الدار الدولية للاستثمارات الثقافية,القاهرة, 2000.
-جورج جبور، المؤثرات السياسية الخارجية التي ساهمت في عدم تطوير أنظمة انتخابية نزيهة في معظم الأقطار العربية، ورقة عمل ضمن الندوة التي أقامتها المنظمة العربية لمكافحة الفساد. ومركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2008.
-جون لوك، عن الملكية والحكومة، مفهوم الليبرتارية، الحقوق الفردية، تحرير ديفيد بوز، ترجمة صلاح عبد الحق، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2008
-حسام الدين محمد أحمد, الحماية الجنائية للمبادئ الحاكمة للانتخاب السياسي, دار النهضة العربية, ط2, 2003.
-محمد عباس إبراهيم, بالأنتروبولوجيا ( علم الإنسان ), دار المعارف الجامعية, الاسكندرية, 2006.
-غسان مخيبر ، المؤثرات السياسية الداخلية في الدول العربية،، ورقة عمل ضمن الندوة التي أقامتها المنظمة العربية لمكافحة الفساد. ومركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2008.
-دردوس مكي,القانون الجنائي الخاص في التشريع الجزائري, ديوان المطبوعات الجامعية, د.س.ن, الجزائر
-زكرياء بن صغير, الحملات الانتخابية, مفهومها, وسائلها, أساليبها, دار الخلدونية,الجزائر, 2004
الرسائل والبحوث الجامعية:
-سعداوي محمد الصغير,السياسة الجزائية لمكافحة الجريمة,دراسة مقارنة بين التشريع الجنائي الدولي والشريعة الإسلامية, أطروحة دكتوراه غير منشورة, كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية, جامعة بوبكر بلقا يد, تلمسان,الجزائر, 2010.
-داوود عبد الرزاق البار, حق المشاركة في الحياة السياسية, أطروحة دكتوراه غير منشورة, جامعة الإسكندرية, 1992.
-دبياش سهيلة, المجلس الدستوري ومجلس الدولة رسالة ماجستير في الإدارة و المالية, كلية الحقوق, بن عكنون 2001.
-طنفور زيدان، محاضرات في إطار برنامج التكوين المستمر للقضاة: 28/01/2009.
المواثيق والنصوص القانونية:
-ميثاق الأمم المتحدة 1945
-الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الموافق عليه في نيروبي سنة 1981 ، ج ر 06 سنة 1987 ، ص 193 ، 203.
-العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري المتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الموافق عليها من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 16 ديسمبر 1966
-الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المؤرخ في 10 ديسمبر 1948
-الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان
-الميثاق الأمريكي لحقوق الإنسان
-الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان
-ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الطفل لعام 1989
-قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 48/124 , 20 ديسمبر 1993, الفقرة 04.
-قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم47/138,في 18/12/1992, قرار الجمعية العامة 48/131 المؤرخ في:20/12/1993.
-قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم46/137 في 18/12/1992.
-دستور الجمهورية الجزائرية ، الصادر بتاريخ 08 أكتوبر 1963
-دستورالجمهورية الجزائرية ، الصادر بتاريخ 22 نوفمبر 1976
-دستور الجمهورية الجزائرية ، الصادر بتاريخ 23 فيفري 1989
التعديل الدستوري للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الصادر في 28 نوفمبر 1996
-الأمر رقم 66/156 المؤرخ في 08/06/1966 المتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم وفق أخر التعديلات التي أدخلت عليه بموجب -القانون رقم 09/01 المؤرخ في 25/2/2009
-المرسوم رقم 63/306 المؤرخ في 20 غشت 1963 المتضمن قانون الانتخابات
-القانون رقم80/08 المؤرخ في 25/10/1994 المتضمن تحديد قانون الانتخاب المعدل بموجب قانون 81/06
-المؤرخ في 03/06/1981 .
-القانون رقم89/13المؤرخ في07080/1989المتضمن قانون الانتخاب المعدل والمتمم بموجب قانون91/06الصادر 02/04/1991 وبالقانون رقم91/07 المؤرخ في 15/10/1991
-قانون العقوبات الصادر بموجب الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 08/06/1966 المعدل وفق النصوص التالية :
المواقع الالكترونية:
-WWW.ALHEWAR.ORG/DEBAT/SHOW.AIT
-WWW.ISLAMONLINE.NET/ARABI
-WWW.WOWENGATE-WAY.COM/NR/EXERES
-WWW.AMANJORDAN.ORG/AMAN-STUDIES
-WWW.4SHARED.COM/GET/96146087/
606F9976