الرئيسية / النظم السياسية / التحول الديمقراطي / الديمقراطية والحكم الراشد: رهانات المشاركة السياسية وتحقيق التنمية
الديمقراطية والحكم الراشد: رهانات المشاركة السياسية وتحقيق التنمية
الديمقراطية والحكم الراشد: رهانات المشاركة السياسية وتحقيق التنمية

الديمقراطية والحكم الراشد: رهانات المشاركة السياسية وتحقيق التنمية

الديمقراطية والحكم الراشد: رهانات المشاركة السياسية وتحقيق التنمية

د : غربي محمد

جامعة حسيبة بن بوعلي – الشلف ( الجزائر )

الملخص :

 يرى الكثير من الملاحظين الوطنيين والأجانب أن المواطن في العالم الثالث وفي البلدان العربية على وجه الخصوص  يعيش في جو لا ديمقراطي يتميز بحرمانه من حقه في إبداء الرأي و حرية التعبير و المشاركة في صنع مستقبله ، و يعاني من الظروف الاجتماعية  و الاقتصادية الصعبة أمام غلق كل أمل في الحياة الكريمة المتميزة بالانفتاح و التقدم و الحرية ، بالإضافة إلى حرمانه من الحصول على حقه في المعلومات حول موارد بلده و تعاملاتها الداخلية و الخارجية  و اعتبارها  من أسرار الدولة ، بينما هي معروفة خارج الدول العربية  لدى أبسط وسائل الإعلام  و حتى المجتمعات الأخرى .

إن هذا الوضع ، يضاف إليه احتقار الإنسان و إهدار قيمته الإنسانية و الأخلاقية ، أدى إلى انتشار حالة من اليأس و عدم الثقة في الأنظمة السياسية من قبل المواطنين و عدم التفاعل معها إيجابيا  الأمر الذي جعل السلطة السياسية تخرج الشعوب العربية من دائرة مرجعيتها السياسية و تسموعليه ، بل و تقرر مكانه عن طريق مختلف  الأساليب ، كالتلاعب بنتائج  الانتخابات التي عادة ما تكون محسومة النتائج مسبقا لصالح الأنظمة الحاكمة .

كل ذلك جعل الطبقات و الفئات الشعبية تسأم من السلطة و حتى المعارضة و تفقد الثقة في كليهما  خاصة بعد خيبات الأمل المتكررة التي سجلت في الكثير من الأحيان اتجاه هذه القوى ، و بالتالي تجدر القناعة بأن المعارضة غير قادرة على تحقيق التغيير المنشود .

 يرى البعض عكس ما ذكرناه سابقا ، من حيث أن أسباب تأخر الدول العربية  في المجال الديمقراطي ، يرجع إلى توقف نمو المجتمع المدني و غياب الثقافة السياسية المصاحبة لهذا النمو ، إلا أن السنوات الأخيرة حسبهم أظهرت وجود بداية محتشمة لعملية بناء المجتمع المدني   و التحول

الديمقراطي ، الذي صاحب نمو التكوينات الاجتماعية و الاقتصادية الحديثة ، و أخذ يطالب بالمشاركة في إدارة شؤون الحكم

إن الأزمة التي تعيشها المجتمعات ، في مجال الأخذ بالأنموذج  الديمقراطي والانتخابات الحرة تحتاج إلى عملية  إصلاح شاملة تنطلق من الوعي بالذات ثم محاكاة الآخر ، هذا على ضوء ما تقتضيه و تفرضه متطلبات إقامة هذا الأنموذج ، من تدعيم الحريات الأساسية و فتح المشاركة السياسية و الإيمان بالتعددية الحزبية و التداول على السلطة ، و هذا من جانب الأنظمة السياسية و المواطنين أنفسهم .

الكلمات الدالة :الديمقراطية ، الحكم الراشد، رهانات المشاركة السياسية ، تحقيق التنمية .

مقــدمـــة

يرى الكثير من الملاحظين الوطنيين والأجانب أن المواطن في العالم الثالث وفي البلدان العربية على وجه الخصوص  يعيش في جو لا ديمقراطي يتميز بحرمانه من حقه في إبداء الرأي و حرية التعبير و المشاركة في صنع مستقبله ، و يعاني من الظروف الاجتماعية  و الاقتصادية الصعبة أمام غلق كل أمل في الحياة الكريمة المتميزة بالانفتاح و التقدم و الحرية ، بالإضافة إلى حرمانه من الحصول على حقه في المعلومات حول موارد بلده و تعاملاتها الداخلية و الخارجية  و اعتبارها  من أسرار الدولة ، بينما هي معروفة خارج الدول العربية  لدى أبسط وسائل الإعلام  و حتى المجتمعات الأخرى .

إن هذا الوضع ، يضاف إليه احتقار الإنسان و إهدار قيمته الإنسانية و الأخلاقية ، أدى إلى انتشار حالة من اليأس و عدم الثقة في الأنظمة السياسية من قبل المواطنين و عدم التفاعل معها إيجابيا، الأمر الذي جعل السلطة السياسية تخرج الشعوب العربية من دائرة مرجعيتها السياسية و تسموعليه ، بل و تقرر مكانه عن طريق مختلف  الأساليب ، كالتلاعب بنتائج  الانتخابات التي عادة ما تكون محسومة النتائج مسبقا لصالح الأنظمة الحاكمة .

كل ذلك جعل الطبقات و الفئات الشعبية تسأم من السلطة و حتى المعارضة و تفقد الثقة في كليهما  خاصة بعد خيبات الأمل المتكررة التي سجلت في الكثير من الأحيان اتجاه هذه القوى ، و بالتالي تجذر القناعة بأن المعارضة غير قادرة على تحقيق التغيير المنشود .

 يرى البعض عكس ما ذكرناه سابقا ، من حيث أن أسباب تأخر الدول العربية  في المجال الديمقراطي ، يرجع إلى توقف نمو المجتمع المدني و غياب الثقافة السياسية المصاحبة لهذا النمو ، إلا أن السنوات الأخيرة حسبهم أظهرت وجود بداية محتشمة لعملية بناء المجتمع المدني   و التحول الديمقراطي، الذي صاحب نمو التكوينات الاجتماعية و الاقتصادية الحديثة ، و أخذ يطالب بالمشاركة في إدارة شؤون الحكم.

إن الأزمة التي تعيشها المجتمعات، في  مجال الأخذ بالأنموذج الديمقراطي والانتخابات الحرة تحتاج إلى عملية  إصلاح شاملة تنطلق من الوعي بالذات ثم محاكاة الآخر، هذا على ضوء ما تقتضيه و تفرضه متطلبات إقامة هذا الأنموذج ، من تدعيم الحريات الأساسية و فتح المشاركة السياسية و الإيمان بالتعددية الحزبية و التداول على السلطة ، و هذا من جانب الأنظمة السياسية و المواطنين أنفسهم ، وعليه فما هي حقيقة الممارسة الديمقراطية؟ وماهي الركائز التي تقوم عليها الديمقراطية؟ وما دور الحكم الراشد في إصلاح الواقع السياسي وتحقيق التنمية ؟ولدراسة هذه الاشكالية الهامةسطرت الخطة التالية :

مقدمـــة

أولا :  الديمقراطية وحقيقة الممارسة السياسية:

       1 ـ الركائز التي تقوم عليها الديمقراطية

       2 ـ شروط تحقيق الحكم الديمقراطي

ثانيا: مبدأ الحكم الراشد كأساس للإصلاح السياسي وتحقيق التنمية

     1ـ  مفهوم الحكم الراشد

     2 ـ  أبعاد و مقومات الحكم الراشد

     3 ـ العلاقة بين الحكم الراشد و التنمية

     4 ـ الحكم الراشد و الديمقراطية

الخاتمة :

 أولا :  الديمقراطية وحقيقة الممارسة السياسية:

 لم تعد الديمقراطية تنحصر في مفهوم نظام الحكم، ذلك لأنها أصبحت أسلوبا للممارسة السياسية والحركة الاجتماعية والاقتصادية، حتى أنها أصبحت نمط سلوك حياتي وصفة للعلاقات بين الأفراد و المجموعات وأقترن الأسلوب الديمقراطي بالعمل السياسي والعلاقات بين القوى.

 فالديمقراطية لا تتكون من مجموعة واحدة وفريدة من المؤسسات ، إذ تتوقف أشكال الديمقراطية على الظروف الاجتماعية و الاقتصادية التي تتميز بها كل دولة ، بالإضافة إلى تجذر مفهوم الدولة و بنيتها و الممارسات السياسية فيها ، فالصفة المميزة للديمقراطية والأساسية فيها ، هي مسؤولية الحكام عن أفعالهم  أمام المواطنين الذين يمارسون دورهم بطريقة غير مباشرة عن طريق اختيار ممثليهم(1، ويعرف جوزيف شوم بيتر Joseph Schumpeter  الديمقراطية “بأنها ذلك الترتيب المنظم الذي يهدف إلى الوصول إلى القرارات السياسية والذي  يمكن للأفراد من خلاله اكتساب السلطة للحصول على الأصوات عن طريق التنافس” ، و يعتبرها البعض أنها مجموعة من الأنماط التي  تحدد  طرق الوصول إلى المناصب العامة الرئيسية ، و من هذه الأنماط  صفات المشاركين ، المستبعدين  من حق الوصول إلى تلك المناصب ، و كذا الإستراتيجية التي قد يتبعونها  للوصول إليها،  بالإضافة إلى صنع القرارات التي يجب الالتزام بها على المستوى العام.

إن الديمقراطيات الليبرالية ــ التي اعتبرت الأنموذج الناجح ــ تشترك مميزاتها في أن السلطة السياسية فيها ترتكز على نظرية السيادة الشعبية ، حيث يتم اختيار الحكام عن طريق الانتخابات الحرة ، أي أنها انتخابات حقيقية يكون الاختيار فيها ممكنا بين عدة  مرشحين  و ليست  انتخابات إستفتائية لصالح مرشح واحد.

بينما تكون الحكومة قائمة استنادا إلى التعددية السياسية و الفصل بين السلطات ، وخلال هذا النظام يتم تقيد صلاحيات الحكم وتحديدها ، و تمكين المحكومين من التمتع بالحريات العامة ، كحرية الرأي  وحرية الصحافة ، وحرية التجمع و إنشاء الجمعيات و الحرية الدينية( *).

إلا أنه ليس بالضرورة أن يأتي التحول إلى الديمقراطية بالنمو و الرفاه الاقتصادي ، أو السلام الاجتماعي والفاعلية الإدارية والانسجام السياسي أو نهاية أيديولوجيا ونهاية التاريخ ،لأن الكثير من الأحداث تجعل من اليسير ترسيخ التوجه الديمقراطي عن طريق بروز المؤسسات السياسية ، التي تدخل في المنافسة بالطرق السلمية كي تصل إلى الحكم وتؤثر في السياسة العامة ، وتتمكن من مواجهة الصراعات الاقتصادية والاجتماعية عن طريق سياسات نظامية ، وتتمكن بذلك من تمثيل الدوائر الانتخابية وتلزمها بالعمل الجماعي ،غير أن الدول  النامية قد      تعجز عن تجسيد الإجراءات المذكورة ولا تستطيع الوصول إلى الأنموذج الديمقراطي ، فتسود الأنظمة التسلطية(2).

تقوم الديمقراطية على عناصر عديدة ومتكاملة تهدف إلى الحد من أطماع السلطة السياسية في الاستحواذ على القوة المفرطة حفاظا على حريات المواطنين ، و تفتح أمامهم أبواب التمثيل الشعبي من خلال الانتخابات التي تسمح لهم بتعيين الحكام وترسيخ مبدأ التداول على السلطة ،وفي هذا الشأن قال مونتسكيو Montesquieu” السلطة تحد السلطة” ،أي مجمل القواعد القانونية تقيد الحكام في مختلف الدرجات وتوفر للمواطنين وسائل الاعتراض على الأعمال غير الشرعية ،

أما والتر ليبمان Walter Lippmanفيقول ” الشعب يجب أن لا ينال من التقديس أكثر مما لاقاه الملوك من قبله ، فشأنه كشأن كل الأمراء  و الحكام و الملوك ، يفسده الملق و الزلفى ،          و يخدعه القول بأن أصوات الخلق أقلام الحق “(3، إنه يحث من خلال هذه المقولة على النظرة السليمة الواضحة إلى الشعب صاحب السيادة ، فهو يرى أن العلاقة بين كتلة الشعب  و الحكومة  قد  أصابها في هذا القرن ، شيء من الخلط  في اختصاصات كل منهما ، الأمر الذي  أضعفهما عن أداء  وظيفتهما  فالشعب يحصل على السلطة لكن لا يستطيع ممارستها ، والحكومات المنتخبة قد تفقد السلطات وتعمل على استعادتها (*).

الركائز  التي تقوم عليها الديمقراطية:

ـ التمثيل الشعبي والانتخاب:يعتبر الانتخاب القاعدة الأساسية التي يقوم عليها الأنموذج

 الديمقراطي فهو طريقة مثلى لاختيار الحكام .

ـ النواب والمسؤولية : يتحمل النواب في الديمقراطية  الحديثة  مجمل الأعمال السياسية  و يتم

  اختيارهم من قبل الشعب بعد ترشحهم في دوائر انتخابية.

ـ البرلمان : يعتبر البرلمان مؤسسة  سياسية مشكل  من مجلس أوعدة مجالس أو غرف  يتمتع

بسلطات تقديرية ، ولكي يحصل عليها لابد أن  يملك صلاحيات موسعة مقابلصلاحيات الحكومة (4)

الفصل بين السلطات :يعد هذا المبدأ  من أهم  المبادئ  التي  تقوم عليها  الديمقراطية  حيث  يعتبر الكاتب الإنجليزي جون لوك John Locke من خلال” مؤلفه  بحث في حكومة المدينة 690 ، ” و مونتسيكيوMontesquieu

 في مؤلفه “روح القوانين 1748 ” مؤسسي هذا المبدأ الذي يعتبر مختلف الأجهزة الحكومية مستقلة  الواحدة عن  الأخرى ،  و تمارس  وظائفها بصفة منفصلة عن بعضها البعض (5).

شروط تحقيق الحكم الديمقراطي :

في الواقع العملي وخارج النطاق النظري للديمقراطية ، فإنها تحتاج إلى وجود شروط عملية تساعدها على التجسيد والتحقيق عمليا وهي :

1ـ احترام حقوق الإنسان : تضمن هذه الحقوق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي  أقرته الأمم المتحدة ، وتحتوي على الحقوق الاجتماعية كحق العمل والتعليم  والصحة والرعاية الاجتماعية ، لكن العبرة في تجسيد  هذه الحقوق و ممارستها بحرية كاملة على أرض الواقع تؤدي إلى المشاركة في صنع  القرارات، و المساواة  بين المواطنين  في الحقوق والواجبات دون تميز عرقي أو عقائدي أو فكري أو جنسي (6).

2ـ التعددية السياسية : لقـد أصبحت المجتمعات الحديثـة تتميز بالتعقيد و تشابك العلاقات الاجتماعية ، في ظل ظروف الحياة  الصعبة و تقارب الأفكار و تأثر المجتمعات  يبعضها البعض ، على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي ، و عليه أصبح التوجه الوحيد في الرأي داخل المجتمع لا يخدم مصلحة جميع فئاته  ولم  يعد من الصواب اعتماد تصور أوحد يحمل الصواب و الحقيقة المطلقة من صنع تيار واحد ، فسيطرة  الرأي

الواحد  تؤدي غالبا إلى التسلط وقتل المبادرة الحرة والإبداع ، لذا فإن تعدد واختلاف الاتجاهات والتصورات يتطلب توفير الجو الملائم  لتفاعل  هذه  المكونات إلى تؤدي  إلى ضمان الوصول  إلى الصواب و لو نسبيا .

3 ـ التداول على السلطة : يمكن اعتبار أنه لا جود لمعنى التعددية دون وجود مبدأ التداول  على السلطة   وفق  آليات  تسيير  شؤون  المجتمع ، تجعل مـن التيار الـذي يحوز الأغلبية قادرا على تنفيذ برنامجه الذي حظي بتأييد  وموافقة  الأغلبية ، فاستمرار السلطة دون  تغيير و في أيدي جهة واحدة يؤدي إلى  تفاقم  الفساد  والتسلط ، فالديمقراطية  تتطلب توفير آليات التداول السلمي على  السلطة (7)بعد استعراض مفهوم الديمقراطية والآليات والمعايير و كذا العناصر والشروط المؤدية إلى نجاحها وتهيئة الظروف الملائمة لنموها وترسخها ، كان القصد من وراء ذلك هو إعطاء صورة توضحيه لهـذا المفهوم ومن ثم معرفة علاقته بالحكم الراشد كأحد أهم مقوماته للوصول إلى بناء نظام سياسي واجتماعي و اقتصادي سليم مثلما تطمح وتتوق إليه كافة الشعوب

 ثانيا: مبدأ الحكم الراشد كأساس للإصلاح السياسي وتحقيق التنمية.

ينظر إلى الحكم الراشد على أنه أحد المرتكزات التي تقوم عليها الديمقراطية ، و تحتاج إليها التنمية لتكون أكثر فعالية و ايجابية ، و الحكم الراشد يعبر عنه أحيانا بالحكم الصالح (*) إلا أنه يؤدي نفس المعنى، و أكثر المصطلحات استعمالا هو مصطلح الحكم الراشد .

وقبل أن يظهر هذا المفهوم في الأدبيات السياسية الحديثة ، أستعمل في الأدبيات السياسية الإسلامية، ليعبر عن مرحلة هامة من عمر الدولة الإسلامية و هي مرحلة الخلافة الراشدة ، أين كان أسلوب الحكم يدار على قواعد الرشادة و الصلاح و صيانة الحقوق و احترام كرامة الإنسان و غيرها من المبادئ الإسلامية السامية .

وحديثا أستعمل من قبل بعض المنظمات التابعة لهيئة الأمم المتحدة ، ثم تحول إلى قضية سياسية هامة على صعيد العلاقات بين الولايات المتحدة و الدول الأخرى ، خاصة في العالم العربي الإسلامي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ، و يرى البعض أن فكرة الحكم الراشد برزت كتوصية قدمها البنك العالمي في تقريره الصادر سنة 1997 ،

باعتبارها أسلوب لإدارة و ممارسة السلطة السياسية والاقتصادية على أحسن وجه(8)، وللإحاطة بمفهوم الحكم الراشد بصيغة دقيقة وواضحة لابد من وضع التعاريف المناسبة و تحديد المفهوم العلمي له.

مفهوم الحكم الراشد :

تتشكل كلمة الحكم الراشد من شطرين ، حكم و راشد

الحكم :  يعني مفهوم الحكم ممارسة السلطة السياسية و إدارتها لشؤون المجتمع بما فيها الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية و إدارة الموارد الطبيعية و البشرية ، و هو بذلك يعني مفهوما أوسع من مفهوم الحكومة ، لأنه يتضمن عمل أجهزة الدولة الرسمية و المؤسسات غير الرسمية كمنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، و تتحدد معالم هذا المفهوم ابتداء من إدارة و ممارسة السلطات

 السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية على المستوى المركزي و اللامركزي(9) ، وصولا إلى الآليات و المؤسسات التي تشترك بصفة مباشرة أو غير مباشرة في صنع القرارات .

يعرف الحكم الراشد انطلاقا من عدة اعتبارات و رؤى تختلف من باحث أو مفكر إلى آخر أو من مؤسسة إلى أخرى، و هذا حسب التوجهات و الاهتمامات لكل منها ، فقد عرفه البنك العالمي سنة 1997 ” على أنه الطريقة الخاصة بإدارة و ممارسة السلطة السياسية و الاقتصادية و الإدارية قصد تسيير أحسن للشؤون العمومية” (10و أخذ بهذه الفكرة أيضا صندوق النقد الدولي ، و عرفه خبراؤه على أنه الإطار الجديد لدور الدولة الذي تعرض لأزمة

مفاهيم ، حيث أنحصر في البداية في دور الدولة الحارسة التي تقتصر مهامها على المحافظة على النظام العام ، ثم تحولت مهامها إلى طابع الدولة المتدخلة في القطاع الاقتصادي ، و عليه تجسد دور الدولة المتدخلة في الاقتصاد .

وتعرفه الأمم المتحدة( ( Good Governance(11بأنه ممارسة السلطة لإدارة شؤون المجتمع باتجاه تطويري و تنموي و تقدمي ،أي أنه هو الحكم الذي تقوم به قيادات سياسية منتخبة و إطارات إدارية ملتزمة بتطوير

موارد المجتمع، و بتقدم المواطنين و بتحسين نوعية حياتهم و رفاهيتهم ، وذلك برضاهم من خلال دعمهم و مشاركتهم

فالحكم الراشد هو ذلك الحكم الذي يستطيع ضمان حاجات المجتمع في الوقت الراهن ،   و حاجات الأجيال القادمة و هذا بمعنى استدامة المواد و الحفاظ عليها و عدم الإفراط في الاستهلاك ، و يكون ذلك عن طريق الأخذ بضروريات التنمية الاقتصادية المتوازنة لفائدة كل السكان لتساهم في بسط الاستقرار داخل الدولة .

و يعرفه الدكتور عبد الرزاق مقري : بأنه هو الحكم  الذي يقدر على ضمان حجات الناس في الآن، و حجات الأجيال في المآل ، ولا يكون ذلك إلا بإدراك الحاكم لضروريات التنمية الاقتصادية و آثارها على حياة الناس و على استقرار البلد و انسجامه و سيادته .

 تستعمل بعض المصطلحات الأخرى للتدليل على الحكم الراشد خاصة في المجال الاقتصادي ، كالحكمانية والمحكومية والحاكمية والحوكمة ، فتستعمل عادة الحوكمة في مجال الشركات الاستثمارية الكبرى والتي برزت كقضية جديدة على جدول الأعمال الاقتصادي العالمي للدول النامية ، و اكتسبت أهمية سريعة في أعقاب الأزمة الأسيوية ، بالنسبة لسائر الدول النامية و على رأسها منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا(12     .

لقد حاول البعض تشكيل تعريف هذا المصطلح و تركيبه من مفاهيم مختلفة ، لكنها ترمي في النهاية إلى  وضع إطار منسجم  لوظيفته ، فقد أخذ من مفهوم التحديث وهذا في مجال طرق و وسائل التسيير، و أخذ أيضا من العقلة للخيارات السياسية و ضمان توفير خدمة عمومية فعالة  و ذات فاعلية، أي العلاقة بين الأهداف و النتائج(13).

فالفاعلية تعني التنسيق بين الموارد المحرزة والأهداف المرجوة، فإذا تحققت أهداف بسيطة بإمكانيات ضخمة فهنا نكون قد حققنا الفعالية ، إلا أننا لم نكن فاعلين لأن الموارد المحرزة تفوق قيمة النتائج المحققة .

أما برنامج الأمم المتحدة للتنمية ، فيعرفه على أنه” تطبيق للتسيير الفعال و حكمانية ديمقراطية تشاركية ” و يجرنا هذا التعريف إلى ربط عدة أبعاد مختلفة بمصطلح الحكم الراشد ، و التي سأتطرق  إليها لاحقا كالبعد السياسي ، و البعد الاقتصادي و الاجتماعي و البعد التقني الإداري .

فالحكم الراشد يقوم على تكامل عمل الدول بكامل مؤسساتها، و القطاع الخاص و كذا مؤسسات المجتمع المدني ، و يخص هذا المجتمع في الحقيقة دول العالم الثالث(14) ، ذلك لأنه ظهر كمنتج غربي موجه لهذه الدول ،لأنها حسبه تعاني من إختلالات في التسيير و الإشراف على شؤون الحكم ،  و بالتالي  لابد لها من إصلاح يقوم على مبادئ تراها هي ـ أي الدول الغربية و على رأسها الولايات المتحدة ـ أصلح لتسيير الحكم ، إلا أن هذا المفهوم

لا يستند إلى معايير موضوعية ، كما أنه لا يأخذ واقع دول العالم الثالث بعين الاعتبار ، لأنه قدم جاهزا للتطبيق بما يخدم مصالح الدول الكبرى فهو يتميز بالذاتية وعدم الحياد ،لأنه بني على أساس أن النظام الرأسمالي الحر هو الأنموذج المثالي و بالتالي يعتبر الأخذ به هو الإصلاح و تركه هو الفساد ، بينما الأمر يختلف عن ذلك تماما إذ ما أخذنا بعين الاعتبار واقع المجتمعات النامية و حضاراتها و مقوماتها المادية  و الروحية .

أبعاد و مقومات الحكم الراشد :

 يقوم الحكم الراشد على أبعاد مترابطة مع بعضها البعض ، و تتحدد في :

1 ـ البعد السياسي: و يرتكز على طبيعة السلطة السياسية و مدى شرعيتها من حيث التمثيل(15)

2  ـ البعد التقني : و يقوم على عمل الإدارة العامة و مدى كفاءتها و فاعليتها .

3 ـ البعد الاقتصادي والاجتماعي : وتعلق بطبيعة بنية المجتمع  المدني و مدى حيويته واستقلاله عن الدولة في  الجانبين  الاقتصادي و الاجتماعي ، و قدرته على التأثير في المواطنين وعلاقته مع الاقتصاديات الخارجية و الدول الأخرى .

 يعتمد الحكم الراشد على الأبعاد المذكورة ، حيث لا يمكن إيجاد إدارة فاعلة من دون استقلالها عن نفوذ وتدخل السياسيين ، كما أن هيمنة الدولة على المجتمع المدني(16) و تهميشه سيؤدي دون شك إلى غياب شريك

أساسي في صنع السياسات العامة ، و مراقبة السلطة السياسية و الإدارية و محاسبتها ، بالإضافة إلى أن غياب الشفافية لا يؤدي إلى تحسين أوضاع المواطنين الذين لا يستطيعون المشاركة في تغيير الأوضاع ، و عليه فإن الحكم الصالح هو الحكم الذي يحتوي على البعد الديمقراطي و يقوم على المشاركة و المحاسبة و الرقابة والشفافية.

وبناءا على ما قدمه البنك العالمي(17) حول تحديد مفهوم و مقومات الحكم الراشد ، نكتشف الركائز والمعايير التي يمكن من خلالها فهم المصطلح و التعامل معه ، حيث يقوم على :

1 ـ الانفتاح السياسي : و يتكون من الجانب القانوني و وسائل الممارسة السياسية ، مع توفير         ضمانات ممارستها .

2 ـ المشاركة السياسية : و تعني درجة المشاركة في الحكم  بين  النساء و الرجال ، و كذا آليات المشاركة و الإطار القانوني الذي تتميز به و مدى توفر الشفافية في الانتخابات .

 3 ـ القضاء : يتكون من الإطار القانوني ، و استقلالية  القضاء ، و محاربة الفساد  في الجهاز           القضائي مع الالتزام بإعادة النظر في الأساليب المتبعة في التقاضي .

 4 ـ الإعلام : يتعلق بحرية الإعلام و مدى توفير ضمانات حرية التعبير و الصحافة .

 5 ـ الإدارة : تخص تحسين نوعية الخدمة والتحكم في الفساد والحياد و تطبيق مبادئ           الديمقراطية الاقتصادية و التحكم في التهرب الجنائي ،  و الحـد من تأثير و انتشار السوق  الموازية  مع  توفير

سبل التحكم  في الاستهلاك و معدل التنمية و حسن استغلال رأس المال البشري ، والاعتماد على المنافسة و فرض الشفافية .

كما حددت منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية مقومات الحكم الراشد في أربع ركائز تتعلق بتوفير سبل إرساء دولة القانون ، و تحسين تسيير إدارة القطاع العام ، و المحاربة و السيطرة على الفساد ، و تخفيض النفقات العسكرية للسماح بتوجيه الأموال لصالح التنمية .

إلا أن الإصلاح يتطلب تحضير الأرضية المناسبة له ، و توفير آليات التطبيق الميداني و تتجسد هذه الآليات في(18):

1 ـ الآليات السياسية : يقوم الحكم الراشد على أساس و جود سلطة سياسية  تتمتع  بالشرعية و ذات بعد شعبي أي أنها وصلت إلى الحكم عن طريق الإرادة الشعبية و بواسطة انتخاب الهيئات المركزية و المحلية بطريقة شفافة و نزيهة .

إن الشرط السياسي القائم على ضرورة  توفير البعد الديمقراطي و الحرية السياسية  من شأنه أن يعطي للدولة الاستقرار السياسي ،وهو أحد الشروط الواجبة لتطوير كاف المشاريع والقطاعات الحيوية في المجتمع ، فهذا الأمر يسمح  للدولة  بالاهتمام  بالقضايا  ذات البعد التنموي والإنساني، كضمان الصحة العمومية و المحافظة على البيئة و تحقيق التنمية المستدامة بكل أبعادها .

2 ـ الآليات القانونية: يتطلب الحكم الراشد توفير شرط المشروعية في تصرفات و أعمال الهيئات و المؤسسات الحاكمة في  الدولة ، و ضرورة  مطابقتها  للقانون الذي  صدر عن  الهيئات المنتخبة و أيضا إشراك المواطنين في إدارة شؤونهم(19).

 3 ـ الآليات الاقتصادية و الاجتماعية : يتطلب الحكم  الراشد  التحكم  في  الموارد الاقتصادية و الاستغلال العقلاني  لهذه الموارد، بما يضمن الرفاهية و محاربة الفقر لدى الأوساط  الاجتماعية و يكون ذلك  عن  طريق  التوزيع  العادل  للثروات  و توفير مناصب  الشغل  لضمان الحياة الكريمة لكافة المواطنين .

إذا ما أريد للحكم الراشد أن يؤسس على ضوء الآليات المذكورة آنفا ، لابد من وجود بني و هيئات تعمل على تجسيده ميدانيا ، لأن دون ذلك يكون هذا المفهوم مجرد مصطلح نظري أو شعار يرفع في المناسبات فقط ، لذا، لابد أن يكون الحكم الراشد مشروع مجتمع بسائر مكوناته ، تساهم فيه أجهزة الدولة الرسمية و القيادات السياسية المنتخبة و الإطارات الإدارية ، كما يمكن بل و من الضروري إشراك المؤسسات غير الرسمية إلى جانب المؤسسات الرسمية ، كالمجتمع المدني و مؤسسات القطاع الخاص ، و يمكن لهذه المؤسسات مجتمعة أن تساهم

في بلورة و تجسيد الحكم الراشد و تتمثل الأطراف المساهمة في ذلك فيما يلي :

1ـ الدولــة :

 تعد الدولة بكل مؤسساتها الطرف الرئيسي و الفعال في تجسيد مبدأ الحكم الراشد ، و ذلك باعتبارها الجهة صاحبة الإشراف على تحديد و وضع السياسات العامة في البلاد ، و هذا بواسطة تدخلها في مجال وضع القوانين و التشريعات و النظر في كيفية تطبيقها ، و بذلك تستطيع الدولة وضع الآليات التنظيمية المناسبة  لتكريس متطلبات الحكم الراشد ، و هذا عن طريق  فتح المجال أمام  المشاركة الشعبية ، واحترام حقوق الإنسان و ضمان حرية الإعلام و احترام معايير العمل ، وحماية المرأة و حقوقها ، و تحديث البرامج التعليمية و التكوين المهني بما يخدم مصالح المجتمع، و توفير السكن و حماية البيئة و العدالة في توزيع الموارد ، فالدولة وحدها الكفيلة و القادرة على تجسيد التوازن بين المجالات الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية (20).

2ـ المجتمع المدنــي :

يستطيع المجتمع المدني أن يساهم مساهمة فعالة في تجسيد الحكم الراشد ، باعتباره يتكون من مؤسسات غير حكومية ، كالنقابات المهنية و الجمعيات ذات الطابع الثقافي و الأحزاب السياسية غير الممثلة في مؤسسات الدولة و الجمعيات الخيرية و غيرها، و يمكن أن يساهم هذا المجتمع في توجيه الرأي العام و خلق الوعي الاجتماعي بضرورة حماية الطبقات الهشة من المجتمع و الدفاع عن الفئات المحرومة و المهشمة ، و إدماج الشباب في مسارات التنمية و تنظيم المهن المختلفة .

بالإضافة إلى ذلك يستطيع المجتمع المدني أن يكون مراقبا لأداء و عمل الأجهزة الرسمية عند قيامها بالسياسة العامة ، و الذي يتطلب اعتماد مبدأ الشفافية في كل مجالات تدخلها ، و هكذا يمكن أن تتحول هذه المنظمات المدنية إلى منظمات تنموية تساهم في تطوير المجتمع و ترقيته(21).

3ـ القطاع الخــاص:

أصبح من الضروري أن يلعب القطاع الخاص دورا هاما في تكريس الحكم الراشد ، في الدول التي تحتاج إلى إصلاح في منظومتها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، حتى أن القطاع الخاص أعتبر شريكا أساسيا للدولة في ذلك ، حيث أن هذا القطاع يستطيع توفير المال و الخبرة    و المعرفة و التقانة لتجسيد عمليات التنمية ، إلى جانب أجهزة الدولة الرسمية و منظمات المجتمع المدني في مجالات مختلفة كالتعليم و الصحة ، كما يمكن للمواطنين المساهمة في بناء الحكم الراشد عند بلوغهم لدرجات راقية من الوعي السياسي و الحضاري اللازم لإقامته.

ولتجسيد الحكم الراشد لابد من إجراءات تتخذ لتكون الحد الفاصل بين ما سبق ذكره من مشاكل بيروقراطية ، تحول دون تكريس الرشادة في الحكم و بين الأنموذج المستقبلي المراد بناؤه في إطار مبادئ الحكم الراشد ، و يتحقق ذلك  بمشاركة كل الفاعلين  في  صياغة  اتفاقية  للحد من حجم الإجراءات البيروقراطية و السلوكيات السلبية ، التي تؤثر على التوجهات الصحيحة في مجال التنمية خاصة ، و يتم ذلك باستغلال موارد البلاد و قدراتها بالشكل الصحيح الذي يحقق النجاعة المؤدية إلى الانتقال من نظام حكم يقوم على ممارسة السلطة ، إلى حكم قادر على تقديم خدمات عمومية للمجتمع بتكاليف أقل و نوعية جيدة مقبولة.

     و تتمثل الإجراءات الواجب اتخاذها في هذا الخصوص فيما يلي :

    1 ـ العمل على توحيد النصوص القانونية للحد من انتشار و تجذر البيروقراطية

    2 ـ تخفيف الإجراءات الإدارية فيما يخص اعتماد المشاريع الاستثمارية .

    3 ـ تسهيل انتقال المعلومات بين مختلف القطاعات و داخل القطاع الواحد

    4 ـ عقلنة  الاستهلاك و التحكم  في الموارد البشرية و المالية و المادية .

    5 ـ العناية بمشاركة المواطنين وتسهيل اتصالهم بالإدارة و فتح أبواب الخدمة  العمومية أمامهم

    6 ـ توفير فرص و إمكانيات تفجير الطاقات و المواهب في مختلف الميادين (22).

 تلك هي أهم الإجراءات التي لابد  للدولة و المجتمع أن توفرها حتى تتمكن من تكريس مبادئ الحكم الراشد و تحريك المواطنين و المؤسسات للعمل من أجل تطوير و تنمية المجتمع لصالح الفرد و به.

العلاقة بين الحكم الراشد و التنمية :

ترافق ظهور مفهوم الحكم الراشد مع تطور مفهوم التنمية ، بفضل الاهتمام بالرشادة في الأداء السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي تغيرت مفاهيم التنمية و أنتقل الاهتمام من قضايا التنمية الاقتصادية إلى التنمية البشرية و التنمية المستدامة ، حيث أصبح التركيز منصبا على تنمية الرأسمال الاجتماعي ، و برز هذا الاهتمام المتزايد بالتنمية المستدامة و البشرية بعد عدم مواكبة تحسن مستوى معيشة أغلبية السكان مع التطور و النمو الاقتصادي ، و تحسن الدخل القومي لا يعني أنه في كل الحالات يؤدي إلى تحسين نوعية الحياة للمواطنين(23).

 أدت التنمية المستدامة و التنمية البشرية المستدامة إلى ترابط مستويات النشاط الاجتماعي والاقتصادي و السياسي و الثقافي وصولا إلى المستوى البيئي ، و لضمان نمو هذه الجوانب نموا متوازنا يعود بالنفع على حياة المواطنين ، تحتاج العملية الترابطية إلى توفر العدالة في التوزيع و اعتماد المشاركة السياسية و الديمقراطية

 ووضع الخطط المناسبة الطويلة المدى تشمل الموارد الاقتصادية ، و العناية بالتعليم و السكن و البيئة و الثقافة السياسية و التركيب الاجتماعي ، و أرتبط مفهوم الحكم الراشد بالتنمية المستدامة لأنه هو عنصر الربط و الضمان الأساسي لعملية  تحويل النمو الاقتصادي إلى تنمية بشرية مستدامة.

 فالنمو الاقتصادي يعتبر وسيلة لتوفير مستلزمات تحقيق التنمية المستدامة ، فهولا يمثل غاية في حد ذاته ، وهنا لابد أن يضمن الحكم الراشد توفير المؤشرات النوعية لتحسين نوعية الحياة للمواطنين ، و هذه المؤشرات تتجاوز المؤشرات المادية التي تعتمد على قياس الثروات المالية ، فقد بدى الاهتمام  واضحا منذ عدة سنوات بتحسين نوعية الحياة وعلى الدور المحوري للإنسان في العملية التنموية ، حتى صنفت الدول بالرجوع إلى معايير التنمية البشرية المستدامة ، وتتمثل هذه المؤشرات في متوسط دخل الفرد الحقيقي ومستوى الخدمات الصحية ومستوى التحصيل العلمي ، فالتنمية المستدامة في ظل الحكم الراشد تضمن الاستثمار الضروري في الرأسمال البشري ، فالصحة  والتعليم  يدخلان  في نفقات الدولة  لكنهما  يؤديان إلى استثمار بعيد المدى.

فالتنمية المستدامة  تقوم على الديمقراطية وتهدف إلى بناء نظام اجتماعي عادل يؤدى إلى رفع القدرات البشرية من خلال زيادة مشاركة المواطنين في العملية التنموية والسياسية ،وتوسيع خياراتهم وإمكاناتهم في الوصول إلى مستوى رفيع من الحياة (24).

إن تحقيق التنمية المستدامة في ظل الحكم الراشد، تقوم على المشاركة الفاعلة للمواطنين في التنمية، وتكون عن طريق تمكين المواطنين خاصة الفقراء والمهمشين وجعلهم قادرين على تحمل كامل مسؤولياتهم والقيام بواجباتهم ، وبذلك تتحقق التنمية المستدامة العادلة التي تعتمد على ثلاثة أبعاد تنطلق من البعد الوطني بطبقاته الاجتماعية المختلفة ومناطقه ، والبعد العالمي الذي يحقق العدالة في التوزيع بين الدول الفقيرة و الدول الغنية ، والبعد الزمني الذي يعمل على تأمين مصالح الأجيال الحالية والأجيال اللاحقة .

ولتمكين المواطنين من الحصول على حقوقهم وتحمل مسؤولياتهم لابد من تقوية أشكال المشاركة السياسية ومستوياتها عبر الانتخابات العامة لمؤسسات الحكم ، ومن خلال تفعيل دور الأحزاب السياسية وضمان التعددية والمنافسة السياسية ، وعبر ضمان حرية العمل النقابي واستقلالية منظمات المجتمع المدني ، هذه المرتكزات لا يمكن ضمانها أو تحقيقها إلا في ظل وجود حكم راشد ومؤشرات وشروط أساسية تتمثل في :

التمكين: ويكون عن طريق توسيع قدرات المواطنين وتمكينهم من ممارسة حرية الاختيار

 دون ضغوطات ، وبالتالي فتح المجال لمشاركتهم الفعلية في القرارات التي تتعلق بحياتهم  و تؤثر فيهم.

التعاون : ويشمل العناية بمفهوم الإحساس  بالانتماء إلى المجتمع  والاندماج  فيه و التشبع بقيمه

 والتفاعل في إطاره لتحقيق تنمية بشرية مستدامة .

العدالة في التوزيع : و تتضمن توفير الإمكانيات اللازمة والفرص المواتية لفائدة المواطنين خاصة الفقراء منهم، للحصول على حقوقهم بالتساوي كالدخل والتعليم والخدمات الصحية.

الاستدامة : وتتعلق بالقدرة  على  تلبية  حاجيات  الأجيال  الحالية  مع الحفاظ على حقوق الأجيال

القادمة في الحياة الكريمة (25).

الأمان الشخصي : ويتضمن الحق  في  الحياة  بعيدا عن الانتهاكات والتهديدات  المختلفة

 كالقمع والتهجير .

هذه الشروط و المؤشرات لا يمكن تحقيقها إلا في ظل وجود حكم يقوم على الرشادة والصلاح وضمان حقوق المواطنين والتبصر في مصالحهم ، وخدمة المصالح العليا للشعب ونبذ المصالح  الشخصية وكافة مظاهر الفساد والتسلط .

الحكم الراشد و الديمقراطية :

إذا كانت الديمقراطية تعني حكم الشعب ، فإن السلطة أو الحكم  يدار من قبل المواطنين يمارسونه مباشرة أو بطريقة غير مباشرة ، فالديمقراطية باعتبارها مجموعة أفكار ومبادئ تتعلق بالحرية ،    تتضمن مجموعة من الممارسات والإجراءات كالتمثيل السياسي العادل والانتخابات الحرة والحقوق المتساوية والحريات الفردية والمحاسبة والتسامح ، فهي تقوم على المبادئ الأساسية التالية  :

الحقوق الأساسية:وتتعلق بمدى تمكين المواطنين من المشاركة الحرة في  اختيار الحكام  و المساهمة في القرارات السياسية .

الحقوق المدنية:وتتجسد في الحريات المدنية التي توفر للمواطنين إمكانية  التعبير بحرية عن أفكارهم بعيدا عن أراء الدولة .

الضوابط المؤسساتية: وتتمثل في حماية  الحقوق وتطبيق القوانين بالصرامة اللازمة وضبط  صلاحيات المسئولين وفقا للقوانين الصادرة عن الدولة(26) .

فالحكم الراشد هو الذي يحقق أو يؤدي إلى تحقيق الحكم الديمقراطي ، الذي يستند على المشاركة والمحاسبة والرقابة ، فا لديمقراطية هي المؤشر الرئيسي من وجهة النظر السياسية على وجود الحكم الراشد وفي هذا الشأن لابد أن تقوم على :

     ـ الحرية في إنشاء وتشكيل المنظمات والجمعيات والأحزاب و الانضمام إليها .

     ـ ضمان حرية التعبير لكافة المواطنين ودون استثناء .

     ـ الحق في التصويت والمشاركة في الانتخابات والحق في الترشح .

     ـ فتح المناصب العامة أمام المواطنين وفق قدرات ومؤهلات محددة ودون تميز .

     ـ ضمان حرية الانتخابات وشفافيتها .

إضافة إلى ذلك لابد من استقلالية الإدارة عن نفوذ الساسة وجعلها في خدمة الصالح العام وإبعادهيمنة الدولة على المجتمع المدني ، حيث أن السيطرة عليه تؤدي إلى غياب مكون رئيسي في التأثير في السياسات العامة ، كما لا تنجح السياسات الاقتصادية والاجتماعية إذا كانت في غياب المشاركة  و المحاسبة و الشفافية ، ولا ينتج عنها الرفع من مستوى معيشة المواطنين غير القادرين على تصحيح هذه السياسات .

إن قياس الحكم الراشد وتحديد خصائصه ومعاييره لا تظهر بشكل واضح ، إلا بعد معرفة خصائص ومميزات الحكم الفاسد (Poor Governance)والتي تتلخص فيما يلي :

1 ـ هو الحكم الذي يفشل في الفصل بين  المصالح  الخاصة  والمصلحة العامة و بين المال

العام و الخاص وهو الذي يقوم باستخدام الموارد العامة لصالح تحقيق المصالح الخاصة.

2 ـ لا يقوم على أساس قانوني ولا يطبق القانون ويعفي المسئولين من سريان القانون عليهم

3 ـ يتميز بوجود معوقات قانونية وإجرائية تقف في وجه الاستثمار المنتج .

4 ـ يتميز بوجود أولويات تتعارض مع التنمية وتقوم بهدر الموارد وسوء استخدامها .

5 ـ هو حكم مغلق وغير شفاف ويخفي طرق وعمليات صنع القرار ووضع السياسات .

6ـ يتميز بوجود الفساد وقيم التسامح معه .

7 ـ وبذلك  فهو حكم  خال  من  الشرعية  وعـديم  الثقة  لدى المواطنين ،  و يستعمل القمع

ومصادرة الحريات وانتهاك حقوق الإنسان (27).

بينما خصائص الحكم الراشد فهي كثيرة ومتنوعة وتختلف من دولة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر ، بحسب التنوع في المعايير السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية ، وتشمل الأداء الإداري للدولة ومؤسساتها الرسمية والمجتمع المدني والقطاع الخاص ، وأيضا دور المواطنين كنشطاء اجتماعيين، فمعايير الحكم الراشد وفق لذلك اختلفت من هيئة إلى أخرى، فالبنك الدولي  ومنظمة التعاون الاقتصادي تستند في تحديد ذلك إلى محفزات النمو الاقتصادي والانفتاح ، وحرية التجارة والخصخصة ، وقد استندت دراسة البنك الدولي عن الحكم الراشد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى معياريين أساسيين وهما، التضمينية والمساءلة، فالمعيار الأول يشمل حكم القانون و المعاملة والمشاركة ، بالمساواة  وتوفير فرص متساوية للاستفادة من الخدمات التي توفرها الدولة ،

أما المعيار الثاني فيخص التمثيل والمشاركة والتنافسية السياسية والاقتصادية والشفافية والمساءلة   ، وتمحورت معايير وخصائص الحكم الراشد حول :

              1 ـ المحاسبة و المساءلة.

              2 ـ الاستقرار السياسي  و فعالية الحكومة.

              3 ـ نوعية تنظيم الاقتصاد .

              4 ـ حكم القانون .

              5 ـ التحكم في الفساد (28)

 بينما حددت منظمة التعاون الاقتصادي للتنمية المعايير التالية:

              1 ـ  دولة القانون .

              2 ـ إدارة القطاع العام.

             3 ـ السيطرة على الفساد .

             4  ـ خفض النفقات العسكرية

    أما برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فقد حدد معايير أكثر شمولا وتضمنت ما يلي :

                1 ـ المشاركة السياسية .

                2 ـ حكم القانون والشفافية  .

                3 ـ  التوافق و حسن الاستجابة   .

                4 ـ الفعالية و المحاسبة.

                5 ــ المساواة وتكافؤ الفرص .

                6 ـ الرؤية الإرتيادية ( الإستراتجية )(29).

إن الشفافية وحكم القانون و المشاركة السياسية وغيرها من المعايير المذكورة آنفا كلها تؤدي إلى قيام الحكم الراشد ، إضافة إلى معايير جديدة مستقاة من النتائج الإيجابية المحققة  في  بعض الدول خاصة الأسيوية، وتتمحور هذه المعايير حول مشاركة الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني ، و تكون الدولة عنصر أساسيا  في وضع السياسات العامة في مجالات التعليم  والعمل والتكوين المهني والإسكان والبيئة وتوزيع الموارد بعدالة.

الخاتمة :

 يستخلص مما سبق ذكره، نلاحظ أنه لا يمكن إرساء نظام انتخابي ديمقراطي يأخذ بعين الاعتبار طموحات ورغبات الشعوب في المشاركة السياسية، إلا إذا توفرت جملة من الشروط التي تعتبر أساسية وهامة ، باعتبار أن استقرار واستمرار التنمية يتطلب وجود عدة عوامل  تمهد  الأرضية الملائمة للانتقال السلمي  من حالة إلى حالة أحسن وأفضل منها ، ذلك يتطلب وجود نظم ديمقراطية تؤمن بالتداول السلمي على السلطة ،أو تعمل وفق مبدأ التدافع والشورى بالمنظور الإسلامي والسماح للمعارضة بالنشاط الحر من خلال الصحافة وغيرها من الطرق السلمية ، المعبرة عن الرأي الآخر باستخدام  ثقافة التداول على السلطة و مبدأ الأحزاب السياسية التي تتنافس بتقديم برامجها للمجتمع ليختار منها الأصلح .

ويتطلب هذا الأنموذج وجود مبدأ الحكم الراشد أو الصالح ، الذي يعمل على تحقيق العدل و المساواة ، ويوفر شروط التنمية المتوازنة للجميع و يحفظ الحقوق ويرسخ التوزيع العادل للدخل الوطني ، ويعطى الفرصة للجميع للنشاط والعمل والتطور، بذلك يمكن أن توفر شروط النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة وحماية البيئة من الأخطار والعبث و الاستغلال المفرط ، وإذا ما توفر هذا الشرط ، يمكن للدولة أن تصل إلي بناء نموذج ملائم

لتطلعات شعـوبها .

فتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والمستدامة يتطلب الكثير من الجهد والوقت وتوحيد البرامج والاستراتيجيات وفق التزام عام بالأهداف المراد تحقيقها ،الأمر الذي يقوم على احترام الإرادة الشعبية والتقيد بالشفافية في المعاملات الإدارية والاقتصادية ونبذ سياسة الإقصاء والتهميش والاعتماد على القدرات المحلية لاسيما العامل البشري وتطويره بما يخدم التنمية الوطنية ويعمل على تثبيت الديمقراطية كخيار لا رجعة فيه بل لابد أن يكون ذلك بالاعتماد على برامج محكمة بقواعد الحكم الراشد المتعارف عليها والمحددة من قبل المراجع والمؤسسات الدولية .

الهوامـش:

(1) – مركز دراسات الوحدة العربية،الديمقراطية و حقوق الإنسان في الوطن العربي ، بيروت: منشورات المركز 1998، ص 28

(*) – هذه الحريات في الحقيقة تعتبر حريات عامة ، أي حريات تجاه الحكام ، و قد تضيق في بعض الأحيان بسبب وجود ظواهر الهيمنة الإقتصادية ، و إستغلال الطبقات لبعضها البعض و للمزيد من الإطلاع راجع :

– موريس دوفرجيه ، المؤسسات السياسية و القانون الدستوري ، الأنظمة السياسية الكبرى ، ترجمة، جورج سعد ، بيروت

المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع ، 1992 ، ص 163 .(2)- ثناء فؤاد عبد الله ،آليات التغيير الديمقراطي في الوطن العربي ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ،1997 ، ص 17 .

 – Walter Lippmann,the Public Philosophy, ( Boston,MA:Littel,Brawon)1955,p14. (3)

)*(- و يرى ليبمان في هذا الشأن أن على الشعب أن يكون قادرا على منح السلطة ، و على أن يسحب هذه السلطة

و أن يوافق على ماتطلبه الحكومة منه ، فهو لا يستطيع ممارسة الحكم بنفسه و لا أن يقترح القوانين ، فالجمهور لا يستطيع أن يحكم ، للمزيد من الإيضاح راجع : ــ ثناء فؤاد عبد الله ، المرجع السابق الذكر ، ص 21 .

 (4)- عبد الرازق أحمد السنهوري ، ” مخالفة التشريع للدستور و الإنحراف في إستعمال السلطة التشريعية “، مجلة مجلس الدولة لأحكام القضاء الإداري ، القاهرة ، السنة3  ، جانفي 1952 .

(5)-موريس دوفرجيه ، المرجع السابق الذكر ، ص 111 .

(6)- إسماعيل صبري عبد الله ،” الديمقراطية داخل الأحزاب الوطنية و فيما بينها ” ، مداخلة في الندوة الفكرية بعنوان أزمة الديمقراطية في الوطن العربي ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 1987 ، ص 466 .

(7)- إسماعيل صبري عبد الله ، المرجع السابق الذكر ، ص 468 .

 (8) – سورة آل عمران ، الآية 159

Voir :- (9 )- Laggoune Walid ,« de L’état Entrepreneur a L’état Actionnaire » Revue   Algerienne N ° : 1 Anné1993 ,p31.

 – Benissad Hocine , Réforme Economique en  Algerie , algerie : o.p.u ,1993, p52

(10) – Banque Mondiale « Rapport sur la Diveloppement dans le Monde » , 2004 , W,B,Wchington    D,C , p17

 (11)-حسن كريم ، ” الفساد و الحكم الصالح في البلدان العربية “، المستقبل العربي ، بيروت، عدد 309 ، نوفمبر 2004 ، ص41

(12)- أجيت سينغ ، ” حوكمة الشركات ، سياسة المنافسة و السياسة الصناعية ، ندوة، نشرة منتدى البحوث الإقتصادية للدولالعربية و إيران و تركيا ، القاهرة ، االمجلد الحادي عشر ، العدد 01 ، ربيع 2004 ، ص 7 .

(13)- محمد جمال باروت” تقرير عن ندوة الفساد و الحكم الصالح في البلاد العربية” مجلة المستقبل العربي ، المرجع السابق الذكر، ص 142.

 (14) -Mohaned Belmihoub« Gouvernance et Role Economique de L’état »Revue IDARA ,Algerie, N° : 21 , 2001 , p 16 .

(15)- باتر محمد علي وردام ، وارد م باتر، ( محمد علي )، العالم ليس للبيع ، مخاطر العولمة علـى التنمية  المستدامة، الطبعة الأولى عمان : المكتبة الأهلية ، 2003م.، ص 175 .

(16)- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي العربي للإنماء الإقتصادي و الإجتماعي ، تقرير التنمية الإنسانية العربية 2002 ، ” خلق الفرص للأجيال القادمة ” نيويورك : المكتب الإقليمي للدول ا لعربية ، 2002 ، ص 101 .

 (17) -Banque Mondial:« Raport sur le Devloppenent dans le Monde » 2001 , N. B Wachington  D. C p14

(18) ــ حسن كريم ، المرجع السابق الذكر ، ص 139 .

 (19) ــ  عبد الرزاق مقرى ، المرجع السابق الذكر ، ص 12 .

(20) ــ  عبد الرزاق مقرى ، المرجع السابق الذكر ، ص 13 .

(21) ــ حسن كريم ،  المرجع السابق الذكر ، ص 57 .

(22) – Philipe Moreau Defarges «  la Gouvernance » France : Que sais je ? , 2000 ,p20 .

(23) ــ حسن كريم ، المرجع السابق الذكر ،  ص  42 .

(24) ــ حسن كريم ، المرجع السابق الذكر ،  ص 43 .

(25) ــ برنامج الأمم المحتدة الإنمائي و الصندوق العربي للإنماء الإقتصادي ، المرجع السابق الذكر ، ص 16 .

(26) ــ  عبدالرزاق مقرى ، المرجع السابق الذكر  ، ص 13 .

 (27) – World bank , Governances and Developement , Washington : D .C , 1992 , p 9 .

(28) ــ تقرير التنمية في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا ، “الحكم الجيد لأجل التنمية في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، تحسين  التضمنية و المساءلة ” ، واشنطن : البنك الدولي ، 2003 ، ص 3 .

 (29)- Daniel Kaufmann , Massino Mostrazzi , Governance Matters 3  Indicators for 1996 – 2002       Policy  Research Working paper  3106, Washington : D .C ,World Bank,2003 ,  p12.

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …