arabprf.com ملتقى الباحثين السياسيين العرب _ عرب برف
مقالات مشابهة
معركة سيف القدس وتداعياتها على المشهد الفلسطيني العام
بقلم لينة دحماني (طالبة ماستر تعاون دولي الجزاىر).
لقد انطلقت في الأيام السابقة انتفاضة فلسطينية من القدس وعمت أرجاء الأراضي المحتلة. جاء هذا في سياق الاعتداءات الممنهجة من طرف جنود الاحتلال والمستوطنين على سكان حي الشيخ جراح لغرض تهجيرهم. مما أدى بالمقاومة الفلسطينية إلى الرد العسكري فأمطرت تل أبيب والقواعد العسكرية والمواقع الحيوية للاحتلال بالصواريخ. وصعد الاحتلال من خلال قصف المدنيين والأبراج السكنية في غزة التي تعرف حصارا منذ15عاما. وانتهت المعركة بوقف إطلاق النار بعد العديد من الضغوط الدولية. فكيف ستكون تداعيات معركة سيف القدس على الجانبين الفلسطيني والكيان الصهيوني؟
أولا: تداعيات المعركة على الجانب الفلسطيني:
لقد أنتجت “معركة سيف القدس” وحدة فلسطينية نابعة من السياق الاجتماعي الفلسطيني وليس مخطط لها من الخارج كما جاء في صفقة القرن التي حاولت أن تصنع وحدة فلسطينية على مقاسها. كما أثبتت على أن المقاومة الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني؛ فسكان حي الشيخ جراح أو المقدسيين عندما تعرضوا للاعتداءات من طرف الاحتلال لم يهتفوا “بسلطة أوسلو بل هتفوا لقادة المقاومة وطلبوا منهم الرد”. وهذا ما يدل على أن الطرف الذي يحظى بالشرعية الشعبية هو طرف المقاوم.
فما قامت به فصائل المقاومة هو عبارة عن رد فعل شعبي غرضه الدفاع عن النفس. وهذا حق مكفول في ميثاق الأمم المتحدة فعلى الأمم المتحدة الاعتراف بشرعية المقاومة. وأن تضمن لها مقعدا في الأمم المتحدة، لأجل التفاوض باسم الشعب الفلسطيني الرافض للاحتلال. وإن تهميش الطرف الأكثر شرعية يؤكد على الخلل والنقص المتضمن في المنظومة الليبرالية التي تدعم الاحتلال وتغض أنظارها عن جرائمه. وفي المقابل تعترف وتتفاوض مع الجانب الذي لا يحظ بالشرعية الشعبية في الداخل الفلسطيني.
كما نلاحظ بأن تفعيل الهاشتاغات في وسائل التواصل الاجتماعي على غرار هاشتاغ #غزة تتعرض للهجوم، كان بمثابة دبلوماسية رقمية عوضت غياب دبلوماسية المقاومة جراء عدم الاعتراف بشرعية الفصائل دوليا.
كما نلاحظ بأن المقاومة الفلسطينية ركزت على الجانب النفسي في إدارة المعركة مع العدو، من خلال خطابات الناطقين العسكريين للفصائل على غرار خطاب الناطق العسكري لكتائب القسام أبو عبيدة، “بأمر من قائد الأركان محمد الضيف يرفع حظر التجول …ثم يعودوا ليقفوا على رجل واحدة “، هذه الكلمات ستقع كالصدع على الداخل الاسرائيلي وتزعزع استقراره الداخلي، وتراجع شرعية حكومة الاحتلال لدى المستوطنين.
ثانياً: تداعيات المعركة على الكيان الصهيوني:
لقد أظهرت معركة “سيف القدس” الضعف الذي يعانيه الاحتلال على المستوى النفسي والاجتماعي، لعدة اعتبارات منها التركيبة العرقية المتسمة بالاختلاف والتباين، والتي تعد عائقا في استمرار ما يسمى بدولة إسرائيل، فالمجتمع الإسرائيلي منقسم على ذاته. وبمنظور نظرية صدام الحضارات نجد أن الاحتلال يشهد صداما حضاريا داخل كل مستوطنة. فخطوط التقسيم الحضاري موجودة بين اليهود البيض واليهود السود. وكذلك يهود أوروبا أو العرب أو إفريقيا. تحكم بينهم الفكرة العنصرية.
زد على ذلك اهتزاز الثقة بين المستوطنين وحكومتهم التي ستفقد شرعيتها بعد معركة القدس، والتي باتت مهزومة أمام التطور المستمر الذي تحققه صواريخ المقاومة. وفي الجانب العسكري تراجعت هيبة منظومة القبة الحديدية، كما ظهرت المقاومة الفلسطينية تتحكم في المعركة بخبرة ودهاء عندما قصفت القواعد الحيوية والعسكرية للاحتلال. في المقابل ظهر الاحتلال ضعيفا من خلال ممارسة العنف الممنهج على المدنيين وقصف الأبراج السكنية.
ختاما، إن حل القضية الفلسطينية بشكل عادل بات من الضروري على الأمم المتحدة الاعتراف بالطرف الذي يحظى بالشرعية الشعبية وهو جانب المقاومة.
كما لا يجب أن تحصر المقاومة الفلسطينية داخل الحدود الفلسطينية فقط يجب أن تمتد عالميا. فالمنظومة الليبرالية عموما لم تنصف القضية الفلسطينية.
لقد أثبتت معركة سيف القدس فشل حكومة الاحتلال ومنظومة القبة الحديدية والانقسام الاجتماعي، ضف الى ذلك بعض الخسائر الاقتصادية فقد كبدت المعركة خسائر للاحتلال في عدة مجالات ستجعله يفكر بعقلانية أكبر في المرات القادمة.
