الرئيسية / النظم السياسية / التحول الديمقراطي / التجربة الانتخابية و التحول الديمقراطي في أوربا الشرقية
التحول الديمقراطي في أوربا الشرقية
التحول الديمقراطي في أوربا الشرقيةالتحول الديمقراطي في أوربا الشرقية

التجربة الانتخابية و التحول الديمقراطي في أوربا الشرقية

التجربة الانتخابية و التحول الديمقراطي في أوربا الشرقية

دراسة حالة يوغسلافيا سابقا و أكرانيا   

الأستاذ: حسين بهاز

قسم العلوم السياسية

جامعة قاصدي مرباح- ورقلة (الجزائر)

 

الملخّص :

    لقد أدى تفكك النظم السياسية الشمولية في العالم بدراسة أوجه التقارب والتباعد في التحول الديموقراطي في أوروبا الشرقية وبلدان أميركا اللاتينية مقارنة مع البلدان العربية، فأتت الثورة البرتقالية في أوكرانيا والتحولات الجماهيرية في جورجيا لتغري الباحثين بدراسة أنماط تآكل الأنظمة الشمولية في العالم، وتعزيز قدرات المجتمع المدني على التحول الآمن باتجاه الديمقراطية والتعددية كما شكل الانتقال العنيف لمختلف جمهوريات الاتحاد الفيدرالي اليوغسلافي نموذجا ليصنع المفارقة اذا ما تطرقنا الى مسألة التحول الديمقراطي و مختلف التجارب الانتخابية اتي مرت بها تلك المنطقة .

   والمتتبع لظاهرة التحول الديمقراطي في العالم يقف أمام ما يسميه عالم السياسة الأميركي”صمويل هنتجتون”Huntingtonبالموجة الثالثة للديمقراطية(the third wave of  democracy)والتي اجتاحت العالم مع نهاية الحرب العالمية الثانية‏ ,حيث امتد النظام الديمقراطي ليشمل دول أوروبا الغربية كلها‏,‏ فاسحا المجال لتحول دول المحور المهزومة إلي الديمقراطية‏.‏ وكانت حالتا ألمانيا واليابان هما الأبرز‏,‏ وإن شكلتا الاستثناء بحكم خضوعهما للتدخل الخارجي المباشر‏.‏ و في أثناء فترة الحرب الباردة أي في السبعينيات من القرن الماضي‏,‏ امتد الأمر إلي دول جنوب أوروبا‏(‏ إسبانيا واليونان والبرتغال‏)‏ في اشارة الى الثورة في البرتغال سنة 1974 ثم أجزاء كبيرة من أمريكا اللاتينية‏.‏ وبعد الحرب الباردة وإنهيار الاتحاد السوفيتي‏(1991)1,‏ امتد التحول الديمقراطي إلي أوروبا الشرقية‏ من خلال العديد من التجارب ابرزها انهيار الاتحاد الفيدرالي اليوغسلافي و تلاه من تداعيات وظلت أوروبا الشرقية بالتحديد تحتل مكانة مهمة أو مميزة بالنسبة لمن يتطلعون إلي تحول مماثل علي المستوي العربي‏,‏ سواء كانوا من الأكادميين أو الناشطين السياسيين‏ ذلك أن أسباب التحول نحو الديمقراطية في أوروبا الشرقية كثيرة ومتنوعة‏,‏ ولكن يظل أهمها بلاشك هو خصوصية حالتها‏,‏ بمعني ارتباطها بالتحول الهائل الذي شهده الاتحاد السوفيتي الذي كان بمثابة السلطة الشمولية المركزية التي تحكمت في مسار تجربتها السياسية لعقود طويلة‏.

‏و يبقى السبب الرئيسي في ذلك هو الدور الذي لعبته أوروبا الشرقية كنموذج سابق لنشر نظام الحزب الواحد والملكية العامة للاقتصاد والترويج للنهج الاشتراكي و الشيوعي أو للأيديولوجية الشمولية ولهذا‏,‏ كان هذا التحول علي مستوي أوروبا الشرقية علامة فارقة بالنسبة للعديد من دول العالم الثالث ‏ وفي مقدمتها العالم العربي‏.‏ و بالتالي  بأن يحذو الأخير حذو أوروبا الشرقية في التحول إلي الديمقراطية .

      و لكن هل بامكاننا الحكم على مرجعية هذه النمادج بالمقارنة مع مثيلتها في الوطن العربي في ظل الخصوصيات التي تميز هذا الاخير ؟ من هنا ستنطلق معالجتنا للموضوع  و من خلال دراسة بعض حالات التحول الديمقراطي في أوربا الشرقية و بالأخص حالتي يوغسلافيا و أكرانيا مع الاشارة الى بعض التجارب الأخرى من خلال معالجة النقاط التالية :

1-     مقاربة جدلية في ظاهرة التحول الديمقراطي و الظاهرة الانتخابية

2-     أثر التحولات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية على واقع دول اوربا الشرقية

3-     التجربة اليوغسلافية و معادلة الديمقراطية والصراع

4-     قراءة في التجربة الأكرانية (الثورة البرتقالية)

5-     تقييم تأثير ظاهرة التحول الديمقراطي في اوربا الشرقية على العالم العربي

6-     توصيات هامة بشأن التحول الديمقراطي

7-     خاتمة

تمـهيـد :

 اصبحت من ادبيات التطور السياسي و مراحله في التاريخ المعاصراحتلال بعض المناطق أولوية معينة‏ الى درجة اعتبارها نموذجا ,‏ فقد كانت لنهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 وامتداد النظام الديمقراطي ليشمل دول أوروبا الغربية كلها‏ بما فيها الدول المهزومة كألمانيا واليابان مرورا بفترة الحرب الباردة‏,‏ أي في السبعينيات من القرن الماضي‏ وتعدي ذلك الى دول جنوب أوروبا كإسبانيا واليونان والبرتغال‏ وأجزاء كبيرة من أمريكا اللاتينية‏ , لينتقل الأمر بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي‏ عام 21991 و يمتد التحول الديمقراطي إلي أوروبا الشرقية‏ التي ظلت تحتل مكانة مهمة أو مميزة بالنسبة لمن يتطلعون إلي تحول مماثل علي المستوي العربي‏ نظرا للدور الذي لعبته أوروبا الشرقية كنموذج سابق مرجعي يستلهم منه نظام الحزب الواحد والملكية العامة للاقتصاد والأيديولوجية الشمولية في العالم العربي‏.‏

لكن التحول الديمقراطي في اوربا لم يكن بالشيء الهين و السهل بل يمكننا الوقوف من خلال هذه المداخلة على جملة من النمادج كان لها الثر في تغيير الخارطة الأوربية و موازين القوزى الدولية , فرغم الجوار بين كل من أوروبا الشرقية و الغربية مما سهل انتشار ثقافة الحرية وحقوق الإنسان‏,‏ والتي كان لها دورا أساسي في تقويض دعائم الأيديولوجية الشمولية‏,‏ فضلا عن تقديم الاتحاد الأوروبي النموذج والدعم في آن واحد لمثل هذا التحول الا أن التغير كان متدرجا‏‏ بل ربما بدأ خجولا منذ توقيع اتفاقية هلسنكي في منتصف السبعينيات من القرن الماضي‏,‏ ‏ إذ إن التحول الديمقراطي هناك اعتمد علي مجتمع مدني قوي تحرر بعد قمع أمني طويل‏,‏ وإصلاحات داخل الأحزاب الحاكمة ووجود قضاء مستقل وإعلام حر‏,‏ ومعارضة تقريبا موحدة متزامنة مع بروز جيل جديد من الناخبين مثلما تم من خلال الانتخابات كأداة للتغيير كما حدث في سلوفاكيا‏1998,‏ وأوكرانيا‏2000,‏ وفي صربيا‏2000,‏ جورجيا‏2003,‏ وأوكرانيا مرة أخري‏2004,‏ حتي أطلق عليها‏’‏ الثورات الإنتخابية‏’ أو “الثورات المخملية” 3,‏ لأن فوز المعارضة في الانتخابات شكل البداية لعملية تغيير كبري أفضت إلي الانتقال إلي الديمقراطية‏.

‏   ولا يعني ذلك تطابق جميع تلك الحالات‏,‏ فقد مرت بمراحل انتقالية كانت مترددة وبطيئة‏,‏ خاصة في مراحل التحول إلي اقتصاد السوق‏,‏ مثلما كان الحال في بولندا والمجر وبلغاريا‏-‏ علي سبيل المثال‏-‏ كما اعتمد كل منها علي استراتيجياتها المحلية التي توائم كل حالة علي حدة‏.‏ ولكن العنصر اللافت هنا كان في الامتداد الإقليمي‏,‏ أي لم تكن هناك حالات وحيدة أو معزولة عن بقية ما يجري علي مستوي أوروبا الشرقية كلها تقريبا‏,‏ إذ كان هناك تأثير وتأثر متبادل‏.‏ فضلا عن وجود عوامل دولية خارجية شديدة التأثير أيضا ولا يمكن تجاهلها‏,‏ تمثلت في مساندة الدول الغربية والولايات المتحدة4 بقوة لمثل هذا التحول‏,‏ وأحيانا بشكل عسكري من خلال خلف الأطلنطي‏(‏ مثل الحملة العسكرية التي قادها الحلف ضد نظام سلوبودان ميليوسوفيتش في صربيا‏)‏ ومثل دعم ما سمي بالثورة البرتقالية في أوكرانيا‏.‏ ومن هنا يمكننا الاثارة مسألة معالجة و دراسة أهم السمات التي تم بها التحول نحو الديمقراطية في تلك البلدان من خلال بعض النمادج التي اصبحت بمثابة المرجعية للعديد من البلدان في الوطن العربي .

      و بداية علينا الوقوف بايجاز من خلال مقاربة جدلية على ظاهرة التحول الديمقراطي و ارتباطها بالتجارب الانتخابية كاسلوب للتغيير الذي مس العديد من الانظمة السياسية في العالم .

 Ñمقاربة جدلية في ظاهرة التحول الديمقراطي و الظاهرة الانتخابية  Ñ

 ان النظام الشمولي و الدكتاتوري اخذ يغادر العالم خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ، وخلال عقد التسعينات من القرن العشرين تحولت اكثر من خمسين دولة 5 في العالم الى النظام الديمقراطي وتشمل دولا من مختلف القارات كاوربا الشرقية وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بل ان الاتحاد السوفيتي نفسه لم يكتف بالتحول عن الشيوعية فقط، بل اخذ يمارس الديمقراطية في شكلها الجديد سواء على المستوى الاقتصادي او الاجتماعي مع وجود حزب شيوعي له اكثرية برلمانية معروفة. و ان أي محاولة في استقراء جملة التغيرات العالمية نحو الديمقراطية التي شهدتها كل من مرحلة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ، خلقت حاجة للبحث عن نماذج لمؤسسات تمثيلية مناسبة خاصة في مرحلة التسعينيات التي اتسمت بتنامي الابداعات والاصلاحات في النظم الانتخابية  ، خاصة في الديمقراطيات الجديدة سواء تعلق الأمر بأفريقيا أو آسيا أو أوروبا الشرقية أوأمريكا اللاتينية ذلك أن هذه الديمقراطيات اقبلت على دراسة واقتباس التجارب المتميزة لتدعيم الديمقراطية والتمثيلية من الخارج .

وتعد الانتخابات مدخلا للديمقراطية ، وبتحديد المبادىء المحورية والآليات التمثيلية الصحيحة التي تنتهجها، يضمن الشعب عدم تفريغ الديمقراطية من مضامينها . وقد تزايد الاهتمام مؤخرا بدراسة الأنظمة الانتخابية بغرض اختيار أفضلها وأكثرها حكمة وتمثيلا وعدالة، وكثيرا ما يقال أن النظام الانتخابي هو المؤسسة السياسية الأكثر عرضة للتلاعب ، سواء للأفضل أو للأسوأ  ، وعملية اختياره عملية سياسية بحتة لا تعتمد على خبرات المتخصصين المحايدين واجاباتهم بأن هذا النظام أو ذلك هو الأفضل. بل في الواقع تلعب المصلحة السياسية دورا دائما وأساسيا في الاختيار بل أحيانا الدور الرئيسي والوحيد ، وكثيرا ما تلعب حسابات المصلحة على المدى القريب دورا تخريبيا وتعطيليا للمصلحة العامة على المدى البعيد6.

ويتزايد الوعي بانتظام بين المهتمين بأنه بالامكان تصميم نظم انتخابية تحقق التمثيل الجغرافي المناطق وفي نفس الوقت تكون تناسبية ، تحفز على تأسيس الأحزاب الوطنية القوية ، وتضمن تمثيل النساء والأقليات المحلية ، وتهندس التعاون والتكامل والاندماج في مجتمعات تعاني من أسباب مختلفة للتفرقة بتوظيف الحوافز والشروط المعينة ، وينظر لها على جانب بالغ من الأهمية والتأثير في قضايا الحاكمية والحكم الصالح.

كما انه لا يمكن الحديث عن وجود نظام ديمقراطي في غياب انتخابات نزيهة وشفافة ؛فالانتخابات غدت من الوسائل الناجعة لتعميق المسألة الديمقراطية لذلك اتجه الفكر السياسي الغربي إلى جعلها القناة الأساسية للوصول إلى السلطة لدلك هناك علاقة جدلية بين الديمقراطية والانتخاب؛ فالانتخابات لا تعدو أن تكون سياسية وتقنية تخول للمواطنين اختيار شخص من بين عدد من المرشحين ليكون ممثلا للجماعة التي ينتمي إليها. غير أن إنجاح العملية الانتخابية لا يتوقف عند إصدار القانون الانتخابي بل يتجاوزه إلى إقرار جملة من المقتضيات القانونية والسياسية بدءا بإشكالية صياغة القانون الانتخابي والتسجيل في اللوائح الانتخابية مرورا بالتقسيم الانتخابي والوقوف عند تأثير أنماط الاقتراع على العملية الانتخابية وصولا إلى الحرص على تحقيق الشروط الذاتية والموضوعية للحملة الانتخابية الناجعة.

الأسباب الداخلية للتحول الديمقراطي:

إذا كانت فترة أوائل التسعينيات قد شهدت اتساع نطاق حركة التحول الديمقراطي في العالم باعتباره هدفا شعبيا، فان الدوافع لذلك التحول يمكن إرجاعها لأسباب خارجية و داخلية عديدة منها يمكن حصرها في :

1.القبضة الحديدية للنظم الشمولية :إن سيطرة نظم الحكم الاستبدادية والسلطوية في العديد مندول العالم عموما و أوربا الشرقية خصوصا بعد الاستيلاء على السلطة واحتكارها لسنوات طويلة ، جعل الصراع على السلطة يأخذ في بعض الأحيان الطابع العنيف كالانقلابات العسكرية والاغتيالات السياسية والحروب الأهلية و العرقية .ومنه أصبح من الحلول لتسوية الصراع على السلطة هو الجنوح للتداول بين القوي السياسية المختلفة بطريقة سلمية تتمثل في الأخذ بالديموقراطية، ومن خلال الانتخابات التنافسية.7

2.عدم الفعالية الدستورية والمؤسسية: ان خضوع العديد من الدول إلى تجريب دساتير لا تتصل بالواقع الفعلي الذي تعايشه ولا تلبي المتطلبات الحقيقية للشعوب الأفريقية، وعليه ومع تعاظم المشكلات السياسية لتلك الدول بات من المؤكد أن أي تحرك جاد نحو الإصلاح ، ينبغي أن يتم من خلال المراجعة أو التعديل أو إعادة البناء الدستوري, مع وجوب مراعاة التوافق بين النصوص الدستورية والبيئات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، بالإضافة إلى المؤسسات التي يتم من خلالها وضع نصوص الدساتير موضع التنفيذ الفعلي.8

3.تنامي أزمة الشرعية9و ذلك من خلال مستويين رئيسيين يعبران عن جوهر تلك المشكلة يرتبط أولهما بما يعرف بأزمة الشرعية السياسية، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بكثير من القضايا المتعلقة ببناء الدولة في أوربا  كمشكلات التحول الاجتماعي والتطور الاقتصادي وقضايا الديموقراطية وغيرها،10. وعلي المستوي الثاني يلاحظ أن أزمة الشرعية السياسية Political Legitimacy Crisis  قد تلازمت فيما بعد مع ما يعرف بأزمة الشرعية الدولية International Legitimacy Crisisوالتي تعني قبول ورضا المجتمع الدولي و لقد أسهم في تنامي تلك الأزمة انتهاء الحرب الباردة وانهيار القطبية الثنائية..

4.عدم الاستقرار السياسي: لقد عانت بعض دول أوربا الشرقية من تدهور حالة النظام والقانون، وخصوصا مع تعاظم المشكلات الأمنية وتنوعها سواء كانت تمس كيان وسيادة الدولة مثل مشكلات الصراعات العرقية والحروب الأهلية، أو مشكلات انتهاك حقوق الإنسان أو التدهور المؤسسي وفشل سياسات الاندماج الوطني وتنامي صراع السلطة بين النخب المتنافسة وغيرها من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية .

5.الفشل الاقتصادي:استمر الفشل الاقتصادي في ظل أنظمة الحزب الواحد والأنظمة العسكرية ليمثل أحد الظواهر التي تميز تلك الدول, رغم معدلات نمو تتراوح بين 6%إلى 8% , فقد تدهور الوضع الاقتصادي بعد منتصف التسعينيات ليصل المعدل إلى 2.3% ونتيجة لما تقدم فقد برزت قضية الديمقراطية باعتبارها محور أزمة التطور السياسي بعد أن فشلت استراتيجيات التنمية التي تبنتها الحكومات التسلطية في تحقيق المهام السياسية التي حددتها , وبدلا من الوصول بالمجتمع إلى حالة من الوحدة والتجانس دفعت به إلى حالة الانقسام والتمايز العرقي, وبدلا من تأسيس أنظمة سياسية فعاله خلقت توجهات انفصالية وحروب أهلية

  1. أزمة الاندماج الوطني: وتتمثل أزمة الاندماج الوطنى فى عجز النظمالسياسية في أوربا الشرقية عن التعامل مع الواقع التعددى للمجتمع بالاغراء ، أو الاكراه بشكل أدى إلى علو الولاءات دون الوطنية على الولاء الوطنى ، الأمر الذى أفسحالمجال أمام الصراع بين الجماعات المختلفة بعضها البعض ، أو بين هذه الجماعات العرقية والنظام السياسى ، على نحو حال دون خلق ولاء وطنى عريض يؤدى إلى التماسك الوطني .

üالأسباب الخارجية للتحول الديمقراطي ونوجزها في الضغوط الدولية :أن التحولات الأساسية التي حدثت في العالم منذ أواخر الثمانينيات ومنها نهاية الحرب الباردة وانهيار الكتلة الشرقية وخصوصا الاتحاد السوفيتي (سابقـا) والتحولات التي حدثت في تلك الدول بالإضافة إلى تبنى القوى الغربية لقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان و اشتراط المؤسسات المالية الدولية لضمان استمرار مساعداتها وقروضها أن تلتزم بالديمقراطية و في ظل تعاظم العولمة من ناحية أخرى، فإن الغربقد سعى لفرض أيديولوجيته الرأسمالية فرضاً كما أن بروز الظاهرة الديمقراطية فى أوروبا قد تواكب مع ظواهر ثلاث أخرىهى : الثورة الصناعية ، وقيام الدول القومية ، وانطلاق العملية الاستعمارية ، وهكذا فلكى تستقر النظمالسياسية فى أوروبا ، والتى اعتمدت الديمقراطية أسلوبا للحكم ، كان لابد لها أنتزيد من قدرتها الاستخراجية كنهب ثروات الشعوب الأفريقية) حتى تزيد قدرتهاالتوزيعية (فترضى ولو الحد الأدنى من مطالب مختلف الجماعات فى المجتمعات الأوروبية وبدون ذلك ما استقرت الظاهرة الديمقراطية ولا استمرت ، ودليلنا على ذلك أن كلا منألمانيا وإيطاليا اللتان تحققت الوحدة القومية لكل منهما أواخر القرن التاسع عشر ،وبالتالى دخلتا العملية الاستعمارية متأخرتين عن الدول الاستعمارية الأخرىفرنسا_ بريطانيا فلم تجدا مستعمرات ذات بال من حيث إمكانية تراكم ثروات – وقد أدىذلك إلى سقوط التجربة الديمقراطية فى كليهما بصعود النازية والفاشية ، واعادة بنائها الديمقراطى عقب الحرب العالمية الثانية الابمشروع مارشال الذى ضخ مليارات الدولارات لجعل النظم فى أوروبا الغربية قادرة علىتحقيق الحد الأدنى من مطالب مختلف الجماعات فى الدول الأوروبية، ولعل ما سبق يشير إلى أن الظاهرة الديمقراطية لا تنموولا تستمر إلا عقب التنمية اقتصادية التى تؤدى إلى تماسك اجتماعى يخلق ولاء وطنيايعلو فوق الولاءات دون الوطنية كما نسجل أن معظم الدول الأوربية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي اتخذت إجراءات دستورية وقانونية لتعزيز عملية التحول  الديمقراطي11 ومنها:

ـ ضمان حق تكوين الأحزاب السياسية

ـ حرية الانضمام للأحزاب السياسية

ـ حرية مساهمة الأحزاب فى تشكيل الوعى السياسى للمواطنين

ـ إجراء انتخابات على أساس تعددى

ـ إعطاء الأحزاب فرص متساوية لعرض برامجها من خلال وسائل الإعلام المختلفة .

  و تتسم عملية التحول الديمقراطى بالعديد من الأبعاد والتى يمكن التركيز عليها ومنها :

üعامل البعد المؤسساتي: يفترض أن تتم عمليات التغير التاريخي الطويلة المدى داخل نطاق هذا الإطار المؤسساتي, كما يفترض أن تتم عمليات التحول الديمقراطي من خلال دور وفاعلية النخب السياسية التي قد تقوم بتقييد تقييد سلوك الأفراد والنخب في المجتمع وتشل تفكيره كما قد تقوم بتقييد نشاطات الفرد وتتيح له بعض الفرص في الوقت نفسه.و في ظل التفاعلات المتغيرة تدريجياً لبنى السلطة والقوة – اقتصادية، اجتماعية، سياسية- تضع قيوداً وتوفر فرصاً تدفع النخب السياسية وغيرهم وعليه فإن هذا يقود إلى أن عملية التحول الديمقراطي قد تستغرق وقتا طويل12.

üعامل البعد الإجرائي : يقوم هذا البعد على أساس وجود علاقة بين التنمية الاجتماعية والاقتصادية وبين الديمقراطية، على اعتبار أن هذا يدخل ضمن العوامل التي تؤدي إلى استمرارية وترسيخ الديمقراطية، وفي إطار ما يمكن تسميته بالشروط والمتطلبات الوظيفية للديمقراطية. فضلاً عن ضرورة وجود مساراً عاما تتبعه البلدان الراغبة في التحول الديمقراطي، ويتكون هذا المسار من أربعة مراحل أساسية:

  1. مرحلة تحقيق الوحدة الوطنية: والتي تشكل خلفية الأوضاع13،أو أساس عملية التحول، ويرى البعض أنه فيما يتعلق بتحقيق الوحدة الوطنية لا يتوجب توافر الاجماع والاتفاق العام، بل مجرد بدء تشكل هوية سياسية مشتركة لدى الغالبية العظمى من المواطنين.
  2. مرحلة الإعداد:وخلال هذه المرحلة يمر المجتمع القومي بفترة تتميز بصراعات سياسية طويلة وغير حاسمة، على شاكلة الصراع الناجم عن تزايد أهمية نخبة صناعية جديدة خلال عملية التصنيع تطالب بدور وموقع مؤثر في المجتمع السياسي في مواجهة النخب التقليدية المسيطرة التي تحاول المحافظة على الوضع القائم. ورغم اختلاف التفاصيل التاريخية لحالات الصراع من بلد لآخر، فإن هناك دائماً صراعاً رئيساً وحاداً بين جماعات متنازعة. أي أن الديمقراطية تولد من رحم الصراع، بل وحتى العنف، وليست نتاجاً لتطور سلمي كما سنرى مع النمودج اليوغسلافي وهذا ما يفسر إمكانية هشاشة الديمقراطية في المراحل الأولى.
  3. مرحلة القرار:وهي مرحلة الانتقال والتحول المبدئي، وخلال تلك وهي وهي لحظة تاريخية تقرر فيها أطراف الصراع السياسي غير المحسوم التوصل إلى تسويات وتبني قواعد ديمقراطية تمنح الجميع حق المشاركة في المجتمع السياسي.
  4. مرحلة التعود:وهي مرحلة الانتقال والتحول الثانية وخلالها وبصورة تدريجية ومع مرور الوقت، تتعود الأطراف المختلفة على هذه القواعد الديمقراطية وتتكيف معها. قد يقبل الجيل الأول من أطراف الصراع القواعد الديمقراطية عن مضض وبحكم الضرورة، إلا أن الأجيال الجديدة من النخب السياسية تصبح أكثر تعوداً وقناعة وإيماناً بالقواعد الديمقراطية. وفي هذه الحالة يمكن القول إن الديمقراطية قد ترسخت في المجتمع السياسي.

العولمة: بينما تتحمّل الدولة تحديات الدمقرطة، فهي تدفع أيضا لحتمية التعامل مع نتائج الإعتماد الإقتصادي المتزايد في إطار مايعرف بالعولمة, وهو الأمر الذي يعني قي بعض جوانبه التعرض للمزيد من الضغوط والخسائر النسبية الناجمة عن ما يسمى بالعولمة السياسية في إطار الدفع بحتمية تبني الأيديولوجية الليبرالية، واستيفاء المشروطيات السياسية وكذلك العولمة الاقتصادية من خلال عدم التراخي في تبني برامج التكيف الهيكلي بكل ما تتضمنه من الخضوع الطوعي للسيطرة المالية والسلطة المتزايدة للأسواق التي تخدم أهداف ومصالح الدول الصناعية الفاعلة في العالم و لا يقف المر عند هذا الحد بل ينصرف أيضا إلى العولمة الثقافية من خلال التأثير والتجزئة بل والتفتيت للثقافات المحلية والوطنية لصالح تكريس وإعلاء شأن ثقافة الهيمنة العالمية دون مراعاة للجوانب التنموية والاجتماعية والخصوصيات الثقافية للدول.

Ñأثر التحولات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية على واقع دول اوربا الشرقيةÑ

بعد اربعة أعوام من الآن سوف تحتفل أوروبا بالذكرى السنوية المائة لاندلاع الحرب العالمية الأولى، والتي كان لها الأثر في ترتيب البيت الاوربي لتمهد الحرب الثانية في تقسيمه و ظهور المعادلة الأوربية الشرقية والغربية و لكن بعد تفكك نظام الثنائية القطبية تداعت باقي القطع الباقية و لعل من بين التحولات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي اثرت على أوربا الشرقية مايلي :

  1. زوال الاتحاد السوفييتي : فرغم انتفاء الاتحاد السوفييتي القوة التي أعادت منذ 1945 ترتيب الحدود,العديد منها كانت موضوع مطالب ونزاعات تم تثبيتها كما هو الحال في بولونيا و المجر التي لم تنسى أقليتها في ترانسالفانيا الرومانية وسلوفاكيا و فويفودينا الصربية يضاف الى هذا مسار التفكك الذي أصاب تشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا, هاتين الوحدتين السياسيتين اللتان نشأتا سنة 1918على أنقاض تفكك الإمبراطورية النمساوية–المجرية, فتشيكوسلوفاكيا التي كانت تضم كل من مقاطعتي “مورافيا و بوهيميا “Bohéme et la Moravie14 التابعتان الى النمسا و سلوفاكيا التي كانت سابقا إقليما مجريا, أما يوغسلافيا فالأمر أكثر تعقيدا فقد جمعت في إطار المملكة الصربية ثم تحت يد القبضة الحديدة لتيتو كل من سلوفينيا التي تربطها 10 قرون من التاريخ المشترك مع النمسا, وكرواتيا التي كانت تحت السيطرة المجرية طيلة 08 قرون وصربيا الارتذوكسية المنضوية تحت الحكم العثماني لمدة 06 قرون يضاف الى هذه الأقطاب الثلاث مملكة صغيرة للسلاف بالجبل الأسود وكذا البوسنة ذات التركيب العرقي المعقد والتي انتقلت في ظرف 50سنة من الإدارة العثمانية الى الهيمنة النمساوية-المجرية, و أخبرا مقدونيا القريبة ثقافيا من بلغاريا عنها لصربيا.

2.الوحدة الألمانية: فيما يخص الوحدة الألمانية التي تمت بصفة سلمية تفاوضية بما يعنيه المحتوى السياسي والاقتصادي للكلمة, بالمقارنة مع جمهورية مولدافيا الجديدة التابعة سابقا للفضاء السوفييتي ورغم تأكيدها على هويتها الثقافية الرومانية لم تتحد مع رومانيا التي كانت تحت حكمها في فترة ما بين الحربين و قبل ذلك قامت ألمانيا النازية بالقضاء على كل من تشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا التي عادت لتتشكل في إطار النظام الشيوعي بعد 1945, وكان يجب انتظار سنوات السبعينات والثمانينات لتظهر في هذين البلدين بوادر فشل النظام الشيوعي بالموازاة مع ظهور تيارات المد القومي15.

3.تصاعد المد القومي في اوربا:تصاعدت منذ أواسط الثمينات حدة اندفاع المد الاستقلالي القومي في القارة الأوروبية, و اتخاذه لمظاهر وحدوية أو انفصالية على أساس قومي, كما تراجع النفوذ السياسي و الدور السوفييتي في أوربا الشرقية خاصة و العالم عامة, إيذانا بأفول الإمبراطورية السوفيتية لحساب تصاعد النفوذ السياسي للولايات المتحدة.ومع انهيار الأنظمة الشمولية في بعض النماذج و تأزمها في البعض الآخر , برزت و بحدة ظاهرة صحوة النزعات القومية و الطائفية و القبلية , ساعدتها اتساع مساحة الديمقراطية و افرازاتها, حيث وجدت فيها الكثير من الأقليات متنفسا للتعبير عن طموحاتها في تقرير المصير .و فرضت هذه التطورات انعكاساتها على الأوضاع المتردية في العديد من الدول منها  يوغسلافيا

 و لعل تاريخ الحركات القومية في ظل سقوط و أفول بعض الأنظمة او ظهور دول جديدة مر ببعض المنعرجات الحاسمة منها ما يلي :

üظهور الدولة الأمة في أوربا و أوربا الوسطى و البلقان في القرن التاسع عشر والعشرين و تطور الحركات القومية بدافع التحولات الكبرى في النظام الدولي16

üنظام فيينا(1815-1914) الذي كان يهدف إلى التصدي إلى الحركات القومية في مهدها غير أن مبدأ القوميات وحقوق الشعوب في الاستقلال داخل إقليمها فرض نفسه بقوة بعد 1848 على حساب الإمبراطوريات النمساوية –المجرية و العثمانية و ظهرت بذلك ست دول –أمة في البلقان في الفترة الممتدة بين 1830-1912 و هي: اليونان, رومانيا, صربيا, بلغاريا, المونتينغرو و ألبانيا.

ü   نظام فرساي (1918-1938) و شهد تزايد الدول الأمة على حساب الامبراطورية النمساوية-المجرية وروسيا القيصرية غير أن الدولتين المتعددتي القوميات مرت بالعديد من المشاكل و الأزمات بفعل سيطرة قومية على أخرى: التشيك في تشيكوسلوفاكيا والصرب في يوغسلافيا و الروس في الإتحاد السوفييتي .

üالنظام النازي (1938-1945) و النزوع الى تفكيك الدول القومية التي اعتبرها هذا النظام تكونات غير طبيعية فشهدت الفترة تفكيك تشيكسلوفاكيا في1939 ويوغسلافيا في 1941 .

üنظام يالطا (1945-1989) و تميز بمنطق مزدوج و متناقض: الأول هو حق الشعوب في تقرير مصيرها و الثاني تمثل في أن العديد من الدول المستقلة لم تكن في حقيقة الأمر سوى امتداد لمنطقة النفوذ السوفييتي و الغربي.

ü نظام ما بعد المرحلة الشيوعية و تحت ضغط التفكك السوفييتي الخارجي و الداخلي و تداعيات هذه المرحلة وما تلاه من ظهور دول جديدة مثل : سلوفينيا , كرواتيا , مقدونياو سلوفاكيا و دولتين متعددة القوميات الجمهورية الفيدرالية اليوغسلافية المتكونة من صربيا والجبل الاسود و البوسنة والهرسك المتكونة من المسلمين الصرب و الكروات.

4-تفكك نظام الثنائية القطبية :هناك أسباب خارجية استندت الى الداخلية وكان لها الأثر الكبير في وصول الصراع في يوغسلافيا السابقة إلى ما كان عليه, وربما يكون الصراع الخفي بين المحاور الأوربية الذي تذكي ناره الولايات المتحدةعبر اللعب على التناقضات الأوربية وعدم تسهيل الطرق أمام إيجاد حل لهذه الأزمة التي كانت تهدد بانفجار بلقاني شامل, فقد عملت الولايات المتحدة الأمريكية على إبقاء الأوضاع متفجرة وغير مستقرة ليس في يوغسلافيا سابقا فقط وإنما في أوربا الشرقية وحتى في أوربا كلها,لماذا ذلك؟ لأن مصلحة الولايات المتحدة كانت تقتضي ذلك, فانفتاح أسواق أوربا الشرقية أمام حركة الاستثمارات الحرة يسمح لأوربا الغربية بحل مشاكلها الاقتصادية, وإيجاد ملايين الوظائف لمواطينها العاطلين عن العمل من خلال توظيفات إنتاجية في قطاعات اقتصادية مختلفة تحتاج الى تأهيل وإعادة بناء في أوربا الشرقية,هذا في وقت يعاني فيه اقتصاد الولايات المتحدة أزمات هيكلية ويمر بمرحلة من الركود والكساد وتراجع أرقام الميزان التجاري, وفي ظل وضعية كهذه لا تستطيع الولايات المتحدة قيادة عملية الاستثمارات في أوربا الشرقية لذلك فضلتتأخيرها عبر خلق بؤر التوتر في أكثر من منطقة وخصوصا في يوغسلافيا 17.

التجربة اليوغسلافية و معادلة الديمقراطية والصراع

نبذة عن يوغسلافيا : تتكون يوغسلافـيا من ناحية المفاهمية من كلمتين هما “يوغو” و”سلافيا”, ومعناها “السلاف الجنوبيون”، و عن أصل الشعوب السلافية فإن السلاف هم فرع من الشعوب الناطقة باللغة “الآرية” موطنهم الأصلي بين بولندة و أوكرانيا, إستقروا على الضفة الشمالية لنهر الدانوب مع نهاية النصف الأخير من القرن الخامس ميلادي, بعدها احتلوا شبه جزيرة البلقان عام (600م) مستغلين حرب الدولة البيزنطية مع الفرس، ثم توسعوا نحو مقدونيا في أوائل القرن السابع ميلادي, و سوف يتضح لنا أنه لم يكن ثمة وجود لما نسميه بالكيان الجغرافي و السياسي و الديمغرافي ليوغسلافيا18، فالمسألة كانت مسألةقومياتوحركات سياسية وتوازنات أوربية وصراع امبراطوريات، وقد ذهب العديد من المؤرخين إلى عد السلاف عبارة عن مجموعة من العبيد19،حتى اشتقت كلمة عبد في كثير من اللغات الأوربية من اسم السلاف “SLAVE “, اما العرب فقدتبين أنهم يطلقون كلمة “صقالبة “على السلافيين20.

و الحديث عن تاريخ يوغسلافيا يستوقفنا أمام بعض المنعرجات التاريخية الحاسمة نوجزها في :

  • انتصار الجيش العثماني على الصرب في معركة كوسوفو (KOSOVO POLJE) سنة 1389, ثم المرحلة التي تميزت أكثر من ثلاثة قرون, تخللتها الانتصارات التي حققها العثمانيون في أوربا عام (1453 م) بداية بفتح “القسطنطينية” على يد السلطان”محمد الفاتح”
  • الحصار على “فيينا”سنة 1529الذي انتهى بمعاهدة “كارلوفيتز”وصولا بتاريخ انهزام  العثمانيين في “فيينا-VIENNE ” عام 1683 .
  • العديد من الثورات ابتداء من تاريخ 1875 ضد العثمانيين الى غاية الحروب البلقانية الأولى والثانية 1908 و1912.
  • ظهور مشكلة “البوسنة و الهرسك” و تشكيل ما يسمى بـ” العصبة البلقانية ” المؤلفة من بلغاريا و صربيا و الجبل الأسود واليونان و تغير الخارطة السياسية الأوربية اختفاء نهائيا الجزء الأوربي من الإمبراطورية العثمانية, 1919 التي من بنودها إلحاق مناطق البوسنة والهرسك و الشاطىء الدالماسي بصربيا.و اقتطاع اقليم كوسوفو21من ألبانيا و ألحق بصربيا رغم أن جميع سكانه من المسلمين .
  • تكون مملكة الصرب والكروات والسلوفين في الفترة الممتدة بين 1918- 1939و التي عاشت المملكة اليوغسلافية إلى غاية 1945 و هي تعاني من قضايا تهدد وجودها من أهمها22 مسألة القومـيات ذلك أن المملكة كانت تمثل ثلاث شعوب , بينما كانت في حقيقة الأمر تضم أكثر من ستة شعوب لم تأخذ حقها في ظل المملكة يضاف الى ذلك مسألة اللغــة و النفوذ الصربي ,فاللغة الصربية لغة عامية و محكية بينما الكروات ينطقون الكرواتية وهي أقرب إلى الألمانية و رغم ذلك أجبروا على تعديل لغتهم في ظل تنامي نفـوذ صـربي حيث اسند الحكم الى أسرة صربية من عائلة ” كاراجورجيفيتش”23 زائد النفوذ الأرتذكسي حيث ظلت الكنيسة الأرتذكسية تدعم السلطة السياسية الحاكمة للمملكة اليوغسلافية على حساب أتباع الكنيسة الكاثوليكية من الشعب الكرواتي
  • قيام دولة الاوستاش الموالية المانيا النازية في كرواتيا و التي ظهرت في مرحلة الحرب العالمي الثانية 1941-1945  وما قابله من عمليات للتطهير العرقي بين القوات الكرواتية الموالية للألمان 24 و الفصائل الصربية التشيتنيك25.
  • مرحلة الاتحاد الفيدرالي اليوغسلافي الاشتراكي أي (المرحلة الشيوعية 1945-1990) بداية بعهد الماريشال جوزيف بروز تيتو الذي حاول* من خلال زعامته الكاريزمية التاريخية أن يحد من التطلعات والتنافرات القومية التاريخية, فعمل على الدمج القسري بين القوميات المختلفة و المجموعات العرقية المتعددة وكبح مشاعرها القومية ، ونجحت المبـادىء الفيدرالية في إطار ما يسمى ” جمهورية يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية ّالتي تشكلت عام 1945 في فرض حكومة مركزية قوية قادرة على إحكام قبضتها على الدولة الجديدة  ، إضافة الى ذلك المكانة الدولية التي اكتسبـتها يوغسلافيا على الساحة الدولية كدولة مؤسسة لحركة عدم الانحياز ورائدة لها ، وبرحيل تيتو سنة 1980حلت فكرة القومية محل الفراغ الذي تركه النظام الشيوعي وتزايدت حدة التعنت القومي  والتعصب المذهبي .
  • فترة الرئاسة الجماعية 1980-1990: لقد شكلت وفاة الماريشال تيتو منعرجا حاسما في حياة الكيان الفيدرالي فقد نص دستور عام 1946 على المساواة الكاملة بين كافة القوميات والأعراق و الديانات و الثقافات كما منح الجمهوريات في نطاق الاتحاد الفيدرالي الحق في إصدار كل منها لدستور خاص بها بالإضافة الى منحه شكلا محددا من الحكم الذاتي لإقليمي كوسوفو و فويفودينا بحيث يتمتع كل منها بقانون أساسي خاص , كما أكد دستور 1974 على المساواة التامة في الفيدرالية بغض النظر عن حجم الجمهورية أو عدد سكانها , و وضع تيتو في هذا الدستور نصا بإلغاء منصب رئيس الجمهورية من بعده على أن يخلفه مجلس رئاسة جماعية يضم ممثلا واحدا عن كل جمهورية و إقليم  وذلك لفترة زمنية مدتها سنة تنتهي عادة في منتصف ماي من كل عام بحيث يحتل نائب الرئيس تلقائيا المنصب الأول.
  • هذه القيادة الجماعية التي تولت الحكم بعد وفاة تيتو قامت بعدة مراجعات لتعديل دستور البلاد26, كل ذلك كان محاولة لضمان اكبر قدر من التجانس بين الاتحاد الفيدرالي و الجمهوريات و اقليما الحكم الذاتي ولكن المناخ السياسي غلب عليه تنامي الشعور القومي من جهة وتأزم الوضع الاقتصادي من جهة أخرى الى غاية الانتخابات التعديدة في مطلع 1990  لتزيد من حدة التناقضات بين السلاف الجنوبيين  .

تمايزات التركيبة القومية في يوغسلافيا سابقا: سنحاول في هذا المستوى الوقوف على تمايزات التركيبة القومية في يوغسلافيا وأهم الأعراق و الاثنيات و دور تنامي تيارات المـد القومي و تباين او تضارب المشاريع القومية من خلال  مشروع كل من صربيا الكبرى و كرواتيا الكبرى في ظل الوضع الخاص للتركيبة الاجتماعية لجمهورية البوسنة والهرسك  التي لا تشكل فيها الأقليات أغلبية مطلقة الشيء الذي يجعل جمهورية البوسنة والهرسك أكثر الجمهوريات من حيث الإنقسام القومي و الديني .فعلى مساحة 288.000 كلم 2 يعيش أكثر من 25 مليون نسمة من الشعب اليوغسلافي موزعين على أكثر من 20 جماعة و أقلية عرقية ( صربية, كرواتية, سلوفينية, مقدونية, البانية, بلغارية, تركية, سلوفاكية ..) ويتحدثون أكثر من 14 لغة ولهجة أبرزها اللغات الصربية, الكرواتية, السلوفينية , المقدونية و هي اللغات الرسمية الثلاث , ويتمتعون بخلفيات دينية ( المسيحية اّلأرتذكسية و الكاثوليكية والإسلام وديانات أخرى وثقافات و تاريخية متباينة(تعود الى الحضارتين البيزنطية الشرقية و الرومانية الغربية , الأمر الذي يجعلهم أكـبـر تجمع عـرقي و ثقافي تجمعهم دولة واحدة في العالم بالقياس الى حجمها و مشكلة هذا التجمع للخليط العرقي والديني هي تداخله بين الجمهوريات اليوغسلافية وإقليميها و امتداده خارج الحدود مع دول الجوار الجغرافي.

وعن التركيبة القومية ليوغسلافيا 27و إضافة الى إقليمي كوسوفو ( الذي يبلغ عدد سكانه 2.584 مليون نسمة يشكل المسلمون من اصل ألباني فيه نحو 90%من إجمالي سكانه) و فويفودينا (الذي يبلغ إجمالي عدد سكانه 2.151 مليون نسمة يشكل الصرب فيه ثلث سكانه ) يمكن أن نسجل ما يلي:

  • تعد جمهورية صربيا28بعد إخضاعها لإقليمي كوسوفو و فويفودينا أكبر القوميات و الجمهوريات اليوغسلافية حيث تمثل 42% من يوغسلافيا, و ترجع أصول الشعب الصربي الى الموجات السلافية التي اندمجت بالديانة المسيحية الأرتذكسية, و خضعت للإمبراطورية البيزنطية و ثقافتها ويشترك مع الصرب في هذه الأصول كليا أو جزئيا جمهورية الجبل الأسود و إقليم فويفودينا و مقدونيا و البوسنيون, كما يلاحظ أن القومية الصربية تتوزع في كرواتيا29 , المونتينغرو , البوسنة والهرسك و في إقليم كوسوفو و إقليم فويودينا (نحو ثلث سكانه من الصرب) و في مقدونيا, و تتمثل أهمية جمهورية صربيا نتيجة الاعتبارات السابقة في سيطرتها على المناصب الرئيسية و بخاصة المؤسسة العسكرية الفيدرالية التي ينتمي غالبية قياداتها العليا للقومية الصربية و ارتبطت بعداء تاريخي مع القومية الكرواتية ظل كامنا في النفوس تتوارثه الأجيال.من ناحية أخرى تعتبر جمهورية صربيا نفسها الوريث الشرعي و المدافع القوي عن التجربة التيتوية الشيوعية التقليدية و تتقاسم معها هذه التوجهات المؤسسة العسكرية الفيدرالية و جمهورية الجبل الأسود (المونتينغرو).
  • ظلت كرواتيا و سلوفينيا – بدرجة أقل – أكثر التصاقا و ارتباطا بالإمبراطورية الرومانية و الجرمانية و خضعت لتأثير المسيحية الكاثوليكية و ثقافتها الروحية و السياسية و تنتمي كل من كرواتيا و سلوفينيا إلى الشمال المتقدم اقتصاديا و من ثم فهي من أغنى الجمهوريات اليوغسلافية. وتنتظر سلوفينيا بعين شغوفة لاستعادة روابطها التاريخية و الاجتماعية و الاقتصادية مع دول غرب القارة الأوربية, وهي تتمايز بكونها أكثر الجمهوريات اليوغسلافية تماسكا و انسجاما في نسيجها الاجتماعي و القومي.
  • الوضع الخاص لجمهورية البوسنة والهرسك: على النقيض من سلوفينيا, تعد جمهورية البوسنة و الهرسك أكثر الجمهوريات اليوغسلافية انقساما و توزعا في ولاءاتها القومية نظرا لعدم وجود أغلبية مطلقة في هذه الجمهورية, حيث تعكس الثلاثية الاجتماعية الأساسية لهذه الجمهورية التناقض و التباين في التركيبة القومية ما بين المسلمين 44%, الصرب 31% و نقصد بهم الأقلية الصربية التي تعيش في البوسنة “صرب البوسنة “, و ليس الصرب الذين يقطنون جمهورية صربيا, و الكروات 18% إضافة إلى قوميات صغيرة: ألبان, أتراك, غجر مسلمون , مجريون يشكل تواجدها بنسبة 7 %.كما أن المزيج العرقي- القومي- الديني يحمل معه في نفس الوقت ميراثا من العداء الشديد بين الصرب والكروات والمتمثل في تاريخ العداء الطويل بينهما, حيث يتهم الصرب الكروات بالتعاون مع النازية إبان الحرب العالمية الثانية -النظام الأستاشي – وبقي هذا على المستوى النفسي بين الصرب والكروات,هذا من ناحية ومن ناحية ثانية ينظر الصرب والكروات للمسلمين في البوسنة وباقي مناطق يوغسلافيا”مقدونيا وكوسوفو….” على أنهم بقايا الحكم العثماني أوامتداد للإمبراطورية العثمانية ومايحمله ذلك من عداء شديد.
  • امتداد القومياتالمقدونية و الألبانيةخارج حدود يوغسلافيا حيث جمهورية مقدونيا بمناطق في شمال اليونان و في جنوب غرب بلغاريا الى جانب امتداد القومية الألبانية الى ألبانيا و ارتباطها تاريخيا بها .
  • تتوزع الأقليات الإسلامية داخل الجمهوريات اليوغسلافية و بخاصة البوسنة والهرسك و إقليم كوسوفو و تعد ثالث اكبر التشكيلات الاجتماعية بعد الصرب و الكروات.

مسار التحول الديمقراطي في يوغسلافيا:

يمكن القول أن محطات التحول الديمقراطي في الفضاء اليوغسلافي تجلت من خلال  معالجة  العوامل التالية

1-تنامي الشعور القومي في يوغسلافيا من خلال نشر مذكرة أكاديمية العلوم الصربية) مشروع صربيا الكبرى1986(,30و وصول سلوبودان ميلوزيفتش الى السلطة عام 1987 الذي استغل هذا الوضع و قام بتبني سياسة قومية لتحقيق مشروع صربيا الكبرى31

2-التوجهات القومية الصربية وإشكالية إقليم كوسوفو:حيثشددت جمهورية صربيا على رفض قيود تنامي الاتجاهات السياسية اللبرالية و إعادة الاعتبار لصربيا كإقليم قاعدة رئيسي للاتحاد الفيدرالي اليوغسلافي و فرض هيمنتها ووضع يوغسلافيا كلها تحت سيطرتها المركزيةو في اطار مطالبة صربيا بإلحاق إقليم كوسوفو و فويفودينا قامت بقمع اضطربات شهدها إقليم كوسوفو و تصاعد الأمر عندما أعلن برلمان الإقليم من خلال استفتاء في جوان 1990 استقلاله عن صربيا ليكون جمهورية مستقلة ومتساوية في وضعها مع باقي الجمهوريات و إلغاء صفة الأقلية عن القومية الألبانية فسارعت صربيا إلى حل البرلمان و حكومته المحلية و عطلت الحياة السياسية, ومارست انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان و تصاعد الأمر فيما بعد بإقرار صربيا دستور جديد قلص أكثر من ذي قبل صلاحيات الحكم الذاتي و دور البرلمان و الحكومة المحلية في كوسوفو.

3-الاتجاهات الانفصالية في سلوفينيا32 وكرواتيا: أثارت التوجهات القومية قلقا متزايدا في جمهوريتي سلوفينيا و كرواتيا, وعملت على تسريع وتيرة نزعتهما نحو الاستقلالية, حيث صادق البرلمان السلوفيني بأغلبية ساحقة على الانفصال عن الإتحاد الفيدرالي, وهو ما رفضته صربيا. و أوضحت سلوفينا أن القطيعة الكاملة ستكون في حالة فشل الجمهوريات اليوغسلافية في صياغة إطار سياسي جديد, كفدرالية دول ذات سيادة في غضون منتصف عام 1991, و قد أيدت كرواتيا هذا المسعى كما تزايدت حدة هذه النزعات الاستقلالية من خلال بعض المؤشرات كاتخاذ برلمان سلوفينيا أول خطوتين للانفصال عن يوغسلافيا وهي:

– إبطال مفعول سريان القوانين الفيدرالية في الجمهورية بتعديل للدستور السلوفيني يؤكد فيه أولوية قوانين الجمهورية على القوانين الفيدرالية بهدف توفير أساس قانوني لإقامة مؤسسات خاصة بسلوفينيا مثل نظام نقدي و مصرف مركزي.

– إتباع سياسة دفاع و سياسة خارجية مستقلة.

4-  بروز مسألة التعددية الحزبية : فإن تعدد الأحزاب موجود بالفعل في سلوفينيا, وثمة أحزاب سياسية عديدة تعبر عن رأيها بحرية, لا سيما الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي وتحالف الفلاحين والاتحادالديمقراطي  المسيحي والخضر , فيما إلتف الشعب الصربي حول موقف المؤسسة العسكرية الرافضة لتعدد الأحزاب  و تأييدها للحزب الواحد وكانت مسألة تعدد الأحزاب وراء إيقاف الاجتماع غير العادي لرابطة الشيوعيين اليوغسلاف في جانفي 1990, إذ رأى السلوفينيون والكروات في النصوص المقترحة ابتعادا عن اللبيرالية وتعدد الأحزاب واجراء انتخابات حرة, و تزامن ذلك مع سلوك كرواتي مماثل في جمهورية كرواتيا, فاضافة الى تصويت البرلمان الكرواتي بأغلبية ساحقة على حصر استعمال القوات العسكرية المسلحة في أراضي الجمهورية , في حالة السلم , ببرلمان كرواتيا و رئاسة جمهوريتها , جـاء إقرار البرلمان السلوفيني بإلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية في صفوف الجيش الفيدرالي, و كان ذلك بداية لسيعها معية كرواتيا الى تكثيف إقامة التنظيمات المسلحة المحلية للدفاع عن مسعى الإنفصال .

5-    و تأتي سلسلة من الأحداث لمضاعفة الأزمة في 1990 فبداية وإثر الانتخابات التعددية التي جرت في :

  • أفريل في كل من جمهورية كرواتيا33 وسلوفينيا و التي أسفرت على وصول حزبين استقلاليين من وسط اليمين في كرواتيا,الاتحاد الديمقراطي الكرواتي(HDZ)LAHRAVATSKADEMOKRATSKA ZAJEDNICA  ,وفي سلوفينيا, المعارضة الديمقراطية الموحدة L`OPPOSITION DEMOCRATIQUE UNIE  (DEMOS  )34, وفي كلا الحالتين أسفرت الانتخابات على وصول شيوعيون تقدمين ” فرونيو تودجمان”FRANJO TUDJMAN في كرواتيا و”ميلان كوكان”MILA KUKAN .  ومقارنة مع DEMOS فقد ذهب  الاتحاد الديمقراطي الكرواتي H D Z بعيدا  في حملته الانتخابية حيث وعد بإنشاء كرواتيا الكبرى التي تضم المناطق الآهلة من البوسنة وذلك للتصدي لمشروع صربيا الكبرى وبعكسسلوفينيا,لمتكنكرواتيامصدراللتغيراتالتيحدثتفييوغسلافيا،فكرواتيا المعروفة “بالصامتة ” منطرفوسائلالإعلاماليوغسلافيةلمتتدخلفيالتراعالصربي- السلوفينيمنذ وسطالثمينينات, ولمتظهرفائدةالتحالفالسياسيمعسلوفينياإلاتحتوقعالحركةالانفصالية التيتكثفتمعصيف 1989 . وبالموازاةمعالنموذجالسلوفيني, KRAJINA ” الصربيةفي “كرايينا قامتكرواتيابارساءنظامالتعدديةالحزبيةفيديسمبر 1989 حيثتمتنظييمأولانتخاباتحرةمنذ الحربالعالميةالثانيةفيافريلوماي 1990 لتفوزالمجموعة  الكرواتيةالديمقراطية HDZ, و انتهجتكرواتيانظامايضعالجمهوريةبينالديمقراطيةوالأوتوقراطية، ذلكأن ” فرانيوتودجمان” الذيانتخبرئيسالكرواتيابعدانتخاباتأوت 1992, خصالجمهورية بدستوررئاسيمماثللنضيرهالصربي وقدأسفرتهذهالانتخاباتالتشريعيةوالرئاسيةالمسبقةالمنظمةفي 02 أوت 1992 على 43 % منالأصواتبحصولهعلى 85 مقعدمنأصل 136  حصولالمجموعة  الكرواتية( HDZ) متبوعةبالشيوعيين 14 مقعدوالاجتماعيين-الديمقراط 11 مقعدواليمينالمتطرف  05 مقاعد،ومنجهتهواجهالرجلالأقوىفيزغرب – فرانيوتودجمان -ولأولمرةالاقتراعالمباشرليعاد انتخابهبعدحصولهعلى 56.7 % منالأصواتفيالدورالأول.
  • أما سلوفينيا فقد أدىالتفتحالسياسيفيسلوفينياالىظهورالأحزابغيرالاشتراكيةمععام 1988 , حيت تعدهذهالجمهوريةأولمنأرسىدعائمالتعدديةفييوغسلافياابتداءمن 07 ديسمبرتاريخ تشكلأهمالتياراتالمضادةللشيوعيةوعلىرأسهاالتحالفالذيضم 06 أطراف35انبثقتعنه . ( DEMOS )  حركة وفيأولانتخاباتتعدديةفيأفريل 1990 حصلتهذهالمعارضةالديمقراطيةعلىالأغلبية المطلقة 58.8 % ،تلاهاحزبالاصلاحالديمقراطيأو (رابطةالشيوعيينالسلوفينسابقا) ب % %17.3 والحزباللبراليالديمقراطيالناشىءعلىأنقاض “منظمةالشيوعينالشباب” ب 14.05 رئيسرابطة MILAN KUKAN ” وشكلتبذلكهذهالانتخابات- التيأصبحبموجبها “ميلانكوكان  اولرئيسمنتخبفيظلالتعددية 4 – القطيعةمعالشيوعية .
  • و تواصل هذا المسار حيث أجريتفي نوفممبر وديسمبر 1990الانتخابات في صربيا والجبل  الأسود و مقدونيا والبوسنة  والهرسك36 , حصلت في الجمهورتين الاولى والثانية ” رابطة الشوعيين  اليوغسلاف L C Y” على أغلبية ساحقة .
  • في مقدونيا فاز الاتحاد الديمقراطي-الاجتماعيSOCIALE  DEMOCRATIQUE   L`UNIONالاسم الجديد للشيوعيين أصبح صاحب السلطة الفعلية.37
  • أما في البوسنة والهرسك فقد أفرزت الانتخابات عن توازن في السلطة ,فلم يكن توزيع المقاعد في المجلس الوطني بين الاحزاب الثلاث  الكبرى  يمثل  التركيبة الاثنية للجمهورية فقط بل أن برامج هذه الاحزاب  عكست كذلك المصالح القومية للمجموعات الاثنية : فالحزب  الديمقراطي  الصربي ( SDS) بقيادة “رادوفان كاريدزيتش RADOVAN KARADZIC  والذي كان يعتبر وكيل اوممثل السلطة في بلغراد  واصبح الاتحاد الديمقراطي الكرواتي (H DZ ) بمثابة  الفرع الهرسكوفيني  لــ(H D Z ) الذي يتزعمه ” فرانيو تودجمان ” في كرواتيا في حين كانت  التشكيلة المهمة هي الحركة الديمقراطية (S D A ) PARTI D` ACTIONDEMOCRATIQUEبزعامة ” عزت بيقوفيتش IZET BEGOVIC” الذي اصبح رئيسا  للبوسنة  فيما بعد ,هذه الحركة التي لم تكن تمثل فقط بل ان توجهها كان اسلاميا, ذلك ان الرئيس البوسني  والعديد من الشخصيات  البارزة في الحركة S D A     كانت محل اتهام  بانتماءها للاسلام الاصولي  في 1983  وقد ادى ذلك الى ظهور معارضة المنظمة البوسنية المسلمة ORGANISATION MUSULMANE  BOSNIAQUE  .واذا كان الحزب الديمقراطي الصربي مع نهاية  1990 يدافع على الموقف  الفيدرالي  والاتحاد الديمقراطي الكرواتي على كنفدرالية  كرواتية , فقد احتلت S D A  الحركة الديمقراطية  موقف وسط الى غاية  تبنى  التوجه  الاستقلالي بدافع التوجهات الصربية والكرواتية .فمعاولانتخاباتحرة فيالبوسنةوالهرسكفي 18 نوفمبر 1990 , لميحصلالحزبيناليوغسلافيينرابطةالشيوعيينواتحادالقوىالإصلاحيةفييوغسلافيا- المقربمنالوزير” “ANTE ARKOVICإلاعلى 14 و 12 مقعدعلىالتواليمنأصل 240 مقعد وبذلكعكسفشلالشيوعيينانتصارالأحزابالممثلةللقومياتوعلىرأسها SDA المسلم بـ 86 مقعد و الكرواتي HDZ بـ 44 مقعد والصربي  SDSبـ  72 مقعدو لم يستطع حتىشتاء 1990 البوسنيونالتعايشمنجديدفيظلهذه المعادلةالصعبة, وحققواالمستحيل بتوزيعأهمالوظائففيالجمهوريةبينالأحزابالفائزةالتيشكلتتحالفايقضيأنيكونعليعزت  ALIJA IZETBEGOVIC بيقوفيتش المسلمرئيساللجمهوريةومومسيلورايسنيكMOMCILO RAJISNIK الصربيرئيساللبرلمان والكرواتيJURE PELIVAN يوريبليفانرئيساللحكومة, فأصبحالتعايشبينالأحزابالقوميةالثلاثممكنابعدتعديلدستوريأجري  فيديسمبر 1990 والقاضيبتوفرالمصادقةمنطرفالمجموعاتالقوميةالثلاثعلىأيعملتشريعي, غيرأنهذاالمبدأالحيويلاستمرارحياةالبوسنةمافتىءيخترقمنذأنتماعتمادهإلىغايةبدايةالحرب
  •  وفي المقام الثاني وطيلة سنة 1990 توالت الاقتراحات والاقتراحات المعاكسة المضادة حول تحديد الشكل المستقبلي ليوغسلافيا بصفة ودية , وقد انسداد الوضع في النهاية  الى الوصول الى المرحلة الحاسمة: اعلان استقلال سلوفينيا  وكرواتيا  في جوان 1991  وبقيت  كل من صربيا , الجبل الاسود و المؤسسة العسكرية  JNA مصرة على الحفاظ الفيدرالية موحدة الشيء الذي لم ترى فيه سلوفينيا  وكرواتيا  الا تدعيما للمركزية الصربية مطالبة بذلك بنموذج كنفدرالي اكثر مرونة تضاف الى ذلك تصريحات مماثلة لتصريحات  “علي عزت بيقوفيتش” في جوان 1990 والتي نصت على الحل الكنفدرالي فاتحة بذلك مسألة اعادة النظر في الحدود الداخلية

6-  تجريد صربيا لاقليمي كوسوفو و فويفودينا من حكمهما الذاتي:من المعروف أن قضية قمع الألبان في كوسوفو أثرت تأثيرا سيئا على السياسة الداخلية ليوغسلافيا سابقا, لا سيما بعد إجراء تعديل دستوري في فبراير 1989 يبيح لصربيا مرة أخرى أن تسيطر على إقليم كوسوفو المستقل ذاتيا منذ عام 1974 , وأكثر من ذلك بدت قضية محاكمة الزعيم السابق للشيوعيين الألبان في كوسوفو “ازيم فلاسي” في نظر العديد من اليوغسلاف أشبه بالمحاكمات الستالينية38, إذ لم يأخذوا مأخذ الجد الاتهامات التي كانت موجهة إليه بالثورة المضادة , فقد أكدت سلوفينيا بوجه خاص  إدانتها القوية للسياسة التي تنتهجها صربيا حيال كوسوفو حيث أعلنت حالة الطوارىء و طالبت بوقف الإجراءات القضائية ضد “فلاسي”.

7- يضاف الى هذه العوامل عوامل أخرى أدت الى تسارع الأحداث و اندلاع الصراع في   سلوفينا اولا ثم في كرواتيا و أخيرا وليس آخرا في البوسنة ولكن عامل الأزمة الدستورية و الطريق المسدود الذي وصل اليه جميع الأطراف لعب دورا حاسما في توجيه هذا المسار نحو الحرب.

الأزمة الدستورية في يوغسلافيا والمخاض السياسي : بدأت بوادر الخلاف الدستوري والانقسام السياسي في يوغسلافيا سابقا- بشكل واضح في منتصف ماي1991, و تجلى ذلك في معارضة كل من جمهوريتي الصرب والجبل الأسود و إقليما الحكم الذاتي السماح لممثل جمهورية كرواتيا بتولي منصب الرئاسة الفيدرالية خلفا لممثل جمهورية الصرب وفق مبدأ التناوب الدوري –السنوي –, حسب نصوص الدستور الاتحادي، بعد أن فشلت هيئة الرئاسة الجماعية نتيجة هذا الرفض في التوصل إلى قرار يجنب البلاد أزمة دستورية حادة, خاصة و أن أهمية المنصب تنبع من كون الرئيس هو القائد العام للقوات المسلحة الفيدرالية وسيطرته على المؤسسة العسكرية التي تأتمر بأوامره39,و مغزى هذا الرفض من جانب التحالف الصربي هو عدم توفير النصاب القانوني في انتخاب ممثل جمهورية كرواتيا – الذي سيكون رئيسا غير شرعي ليوغسلافيا حسب الطرح الصربي –و إتاحة حرية حركة الجيش الاتحادي للتصدي للنزعات الانفصالية واستمرت هذه الأزمة ستة أسابيع ظلت البلاد خلالها بدون رئيس .40

وعليه فشلت القيادة السياسية اليوغسلافية ممثلة في هيئة الرئاسة الجماعية في التوصل الى اتفاق حول المستقبل السياسي للبلاد على الرغم من تأكيد رؤساء الجمهوريات على إدارة الأزمة بالحوار و الأساليب الديمقراطية و و يمكننا رصد ثلاث اتجاهات بشأن المستقبل السياسي ليوغسلافيا قبل تفككها41:

        أ – تدعيم الفيدرالية :  وتزعمته جمهورية صربيا و حلفاؤها وبدعم من المؤسسة العسكرية الاتحادية و حقيقة الأمر الرغبة كانت إقامة مشروع “صربيا الكبرى” التاريخية بحدودها التي توسعت اليها في القرن الثاني عشر باستعادة أجزاء من كرواتيا والبوسنة و الهرسك و سلوفينيا فضلا عن المونتينغرو و اقليما الحكم الذاتي كوسوفو وفويفودينا .

ب – التحول نحو الفيدرالية : و تزعمته سلوفينيا و كرواتيا , و يطالب بتفكيك كامل للنظام الفيدرالي و إقامة كنفدرالية لدول ذات سيادة, وقد تقدمت سلوفينيا بتصور لتقسيم يوغسلافيا ديمقراطيا الى دولتين مستقليتن او أكثر غير انه في حقيقة الأمر فان تزايد النزعات الإستقلالية في أطروحات سلوفينيا وكرواتيا تجاوز مجرد شعار الكنفدرالية الجديدة42 , لكن ذلك عبر عن تكتيك استهدف فرض أمر واقع للاعتراف الدولي بسيادتهما كدول مستقلة توطئة للإندماج في التكتل الأوربي الغربي.

ج – اتجاه الحل الوسط: و تقدمت به البوسنة الهرسك الى قمة رؤساء الجمهوريات في 24 فيفري 1991 و أيدته مقدونيا و يقترح اقامة ” الفيدرالية المتناسقة ” أي أن تلتئم جمهوريتا صربيا و المونتينغرو في اتحاد فيدرالي خاص بهما , وجمهوريتا كرواتيا وسلوفينيا في اتحاد كنفدرالي خاص بهما , وجمهوريتا البوسنة والمقدونيا في اطار اتحادي خاص بهما يتفقان على شكله ثم يتم ايجاد اطار يوغسلافي موحد يضم هذه الاتحادات الثلاثة بشرط ان تتمتع الجمهوريات في داخله بالسيادة و الاستقلال, و هذا من شانه ان يضمن بقاء الكيان اليوغسلافي.

و بقيامه على اللامركزية الإقليمية و المركزية السياسية لم يستطع دستور 1974 البقاء أكثر بعد رحيل واضعه ومخططه “تيـتو” ليفسح المجال لازمة دستورية خانقة في البلاد، ذلك انه بالنسبة للصرب شكلت اللامركزية مصدرا لكل مشاكلهم, فمع تقسيم الدولة الفيدرالية وإنشاء إقليمين بحكم ذاتي أصبح مشكل تشتت الشعب الصربي في نظرهم لا يطاق، فمن أصل 8.4 مليون صربي يوغسلافي يعيش  3.4 مليون خارج”صربيا الصغرى” -جمهورية صربيا بدون كوسوفو وفويفودينا – وأكثر من ذلك فصربيا ترى أن تعطل الاقتصاد الصربي و التأخر الصناعي كان نتيجة  اللامركزية وخاصة تقسيم صربيا إلى جمهورية وإقليمين بحكم ذاتي, إنجر عنهما تطور حركات وتوجهات انفصالية فحسب بلغراد المسألة الدستورية كانت مجحفة في حق المسألة الوطنية و أصرت صربيا رافضة للإصلاحات اللبرالية التي من شانها أن تعمق تقسيم الجمهورية الرجوع إلى وضع ما قبل دستور1974.43

هذا بالنسبة للنظرة الصربية, أما بالنسبة للسلوفين والكروات فنظرتهم كانت معاكسة تماما بدعوتهم أكثر إلى تقوية المسار اللامركزي لوضع حد” للمركزية الديمقراطية “و الخروج بالبلاد من حقبة الشيوعية ، فبالنسبةلسلوفينيا وكرواتيا فقد أعلنت تأييدها لتحول يوغسلافيا إلى كفدرالية واقتباس الإصلاحات ” الغورباتشوفية “و محاكاة الاتحاد السوفييتي وبولونيا والمجر .

وإذا حاول في الثمانينات كل من الصرب والسلوفين مع بعضهم الوصول إلى مخرج للازمة, فان تصاعد المسألة -القومية – الصربية مع نهاية العشرية ارجع الوصول إلى اتفاق و إجماع شيئا مستحيلا فالمد القومي الصربي ظهر بقوة خاصة بعد نشر مذكرة أكاديمية العلوم ببلغراد في نوفمبر 1986 والتي أشارت الىالتمييز الذي يمارس على الشعب الصربي في كل من كوسوفو وكرايينا ومنها استنبط سلوبودان ميلوزفيتش44 الذي اصبح رئيسا لرابطة الشيوعيين اليوغسلاف في صربيا في 08/05/1986النتائج لينتقم من الجمهوريات المتمردة.

قمع البان كوسوفو45 : وبعد تمكنه من السيطرة الكلية للجهاز السياسي الصربي في 1987, قام ميلوزيفيتش بتنصيب فريق موال له في كل من فويفودينا والمونتينغرو في جامفي و فيفري 1989 على التوالي ونصب رئيس الشرطة في بريستينا (كوسوفو ) فريق  آخر موالي لملوزيفتش  في كوسوفو لتكون بذلك بداية الزمة فبي كوسوفو ولم يكن يتمتع ألبان كوسوفو رغم كونهم أكثر عددا من المونتنغرويين والمقدونيين والسلوفين (2مليون نسمة)بصفة الأقلية القوميةولم يرتقي هدا الإقليم الى درجة الجمهورية, بلبالعكس وخوفا على اندثار ما يعتبرونه مهد أمتهم, قمع الصرب كل الحركات السياسية الألبانية, وقاموا وبصفة غير دستورية بالغاء الحكم الذاتي للاقليم وتنصيب نظام “بوليسي”في 28/09/1990,اضافة الى غلق المدارس  وجامعة بريستينا ,وطرد عشرات الآلاف من الألبان من الإدارة  العامة للإقليم ,كما أجبرت صربيا  أكثر  من 100.000 الباني على الهجرة الجماعية منذ 1990 كبداية لأول موجات التطهير العرقي أمام تجاهل الرأي العام الدولي, لتتضاعف هذه الهجرة مع اندلاع الحرب في كوسوفو و تضاف الى سلسلة المأساة الألبانية.46

        لقد شكل هذا القمع الدموي الذي مورس على السكان الألبان في كوسوفو مع1989 للسلوفين والكروات ثم المقدونيين ومسلمي البوسنة عاملا هاما في تبلورموقف ثابت تجاه صربيا سلوبودان ميلوزيفتش , فبعد وصوله لرئاسة صربيا في 08/05/1989 , استطاع في ظرف أقل من عامين تنصيب قيادات سياسية موالية لصربيا في كل من فويفودينا , المونتينغرو وكوسوفو, محققا ودون القيام بتعديل  دستوري السيطرة الصربية التى ألغاها دستور 1974.

تداعيات التحول الديمقراطي و مستقبل الديمقراطية في الفضاء اليوغسلافي :

لقدأدىإعلاناالاستقلالالسلوفينيوالكرواتيفي 25/06/1991 إلىالاندلاعالفوري للاشتباكاتوالعنفالذياستمرإلىغايةسبتمبر 1995 تاريخ اتفاق دايتون للسلام بعد مسار من الحرب و الصراع و العديد من مساعي وقف إطلاق النار و المخططات الرامية لتحقيق السلام في الفضاء اليوغسلافي من خلال ,:

ü  الحربفيسلوفينيا أو ما يسمى حربالأسابيعالثلاث) بين الجيش الفيدرالي و جمهورية سلوفينيا47

ü  الحربفيكرواتيا 1991…أو ما يسمى حرب الستة أشهر بين الجيش الفيدرالي و جمهورية كرواتيا

üحربالتطهيرالعرقيفيالبوسنةوالهرسكو التي دامت أربع سنوات إلى غاية اتفاق دايتون للسلام عام 1995 بعد سلسلة من المخططات السلمية نذكر منها :

  •  مخططلاهاي 071991/11/ 05 – 1991/09/
  •  مخططكارينغتون في 18/10/1991
  •  مخططفانس في 23/11/1991
  •  مخططلندن في 26-27 /08/1992
  •  مخطط فاني أوين 02/01/1993
  • مخطط أوين ستولتن بيرغ 20/08/1993
  •  مخطط الفيدرالية الكرواتية المسلمة في 1994
  •  مخطط فريق الاتصال الدولي 1994
  •  اتفاق دايتون  1995

و تشير دراسة المسح التي نشرتها مؤسسة جالوب أوروبا 48لتقييم التحول الديمقراطي العنيف و الذي تسسب في اندلاع الصراع في الفضاء اليوغسلافي إلى حالة الرأي العام في صربيا، والجبل الأسود، ومقدونيا، وألبانيا، وكرواتيا، والبوسنة والهرسك، وكوسوفو، بعد مرور عشرين عاماً منذ سقوط سور برلين وعشرة أعوام منذ نهاية الحرب في كوسوفو. ويبدو أن النتائج تشير إلى أن الأعوام الخمسة القادمة سوف تشكل فترة حاسمة للغاية فيما يتصل بتنمية المنطقة في المستقبل. ففي حين أعربت أغلبية ساحقة من المواطنين عن اقتناع راسخ بأن اندلاع المزيد من الصراعات المسلحة في المنطقة أمر غير محتمل، إلا أن المزاج العام يميل إلى التشاؤم ـ مع استثناء أهل كوسوفو وألبانيا. ذلك أن المستقبل يَعِد بالسلام ولكن من دون تنمية. أما الثقة في النخبة السياسية وفي المؤسسات الوطنية والأوروبية فقد كانت في انحدار مضطرد. ففي قضية التحول الديمقراطي شَهِد أغلب المواطنين أن هناك انحداراً في مستويات المعيشة في العام الماضي، وما زال هناك تصور مفاده أن الفرص المتاحة للناس خارج بلدانهم أفضل كثيراً. هذا فضلاً عن التشاؤم الذي بلغ حداً مزعجاً بين الشباب فيما يتصل بفرص العمل، في حين يرى الناس أن الفساد وسوء الإدارة الحكومية من الأمور التي باتت منتشرة على نطاق واسع. ويتعين على أولئك الذين أخذوا على عاتقهم الثناء على الاستقرار الذي تعيشه المنطقة أن ينظروا إلى هذه الأرقام. والحق إنه لأمر مذهل أن نعرف أن أغلب المواطنين في البوسنة والهرسك يعتقدون أن قادتهم لا يبالون بانضمام بلادهم إلى الاتحاد الأوروبي. ولقد أظهرت دراسة المسح في كل من البلدين الخاضعين للدراسة أن الأغلبية المطلقة من المواطنين مقتنعون بأن بلادهم تسلك الاتجاه الخطأ. وأقل من 10% من الكرواتيين (الذين قد تلتحق بلادهم بعضوية الاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب) يعتقدون أن بلادهم تسير في الاتجاه الصحيح. و بالتالي هناك الآن خياران أمام المنطقة: الأول برنامج “تكامل الصدمة” الذي يضم كافة دول غرب البلقان إلى الاتحاد الأوروبي؛ أما الخيار الآخر فهو عبارة عن رحلة إلى المجهول.

 قراءة في التجربة الأكرانية : الثورة البرتقالية

  • نبذة عن أكرانيا :

هي احدي الجمهوريات الناتجة عن تفكك الاتحاد السوفييتي السابق , تقع في شرق أوروبا – في وسط أوروبا تقريبا , تحدها روسيا وبولندا وتطل حدودها الجنوبية على البحر الأسود وبحر الأوزوف  تبلغ مساحتها 603.7 كم2 فيما تمتد حدودها السياسية بطول 4558 كم تشترك بها مع الدول التالية : روسيا البيضاء , المجر,ملدافيا, بولندا , رومانيا, روسيا وسلوفاكيا و يبلغ طول الساحل الأوكراني 2782 كم من المياه الإقليمية في البحر , معظم مساحة أوكرانيا عبارة عن سهول ووديان خصبة ، الجبال توجد فقط في مناطق زكرباتيا في الغرب وفي شبه جزيرة القرم, فيما تعد ابرز مواردها الطبيعية : الحديد ، الفحم ، المنجنيز ، الغاز الطبيعي ، النفط ، الملح ، الكبريت ، الجرافيت ، التيتان ، الماغنسيوم ، الكاولين ، النيكل ، الزئبق ، الأخشاب اضافة الى عامل ارتفاع مستوى الاشعاعات في المناطق لشمالية الشرقية نتيجة لكارثة مفاعل تشيرنوبل في عام 1986م…من المميزات الجغرافيةانها تمثل موقعا استيراتيجيا بالنسبة لأوروبا وأسيا حيث  تعتبر الثانية من حيث المساحة في أوروبا .

عدد سكان أكرانيا (حسب معطيات 2009)49 56811174% . يتوزعون حسب التركيبة العرقية التالية:  يمثل الاوكران 73%  , الروس 22%, اليهود1%  و أعراق أخرى 4% (بيلروس ، ملدافيين، تتار قازان ، اغريق ، رومانيين ، غجر ، ألمان ، تتار قرم…أما الأديان و تحتل المسيحية بمذاهبها المختلفة (الكنيسة الأرثوذوكسية الأوكرانية ، الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ، الكاثوليك ، البروتوستانت) نسبة  72% 2و تأتي اليهودية و الإسلام حوالي 8.2 % , فيما تتوزع اللغات كالتالي : – الأوكرانية (اللغة الرسمية) – الروسية – لغات أخرى يتحدثها جزء من السكان (البولندية ، المجرية ، التتارية ، الرومانية).و يمكن الوقوف على أهم مقومات الدولة في أوكرانية من خلال :

  • النظام السياسي وطريقة الحكم:النظام السياسي للدولة جمهوري العاصمة كييف50تتوزع على 24 من الوحدات الإقليمية (المحافظات) إضافة إلى جمهورية القرم ذات حكم ذاتي و تمتلك مدينة كييف وسيفستوبل وضع محافظات على الرغم عن كونهما مدن واقعة داخل وحدات إقليمية
  • الاطار التاريخي : نالت أوكرانيا استقلالها رسميا عن الاتحاد السوفييتي في يوم 1 ديسمبر 1991م كما تم التصديق على الدستور الأوكراني من طرف البرلمان في 28 يونيو 1996م حيث يقوم النظام القانوني على أساس حق المواطنة القانوني مع القضاء المستقل و حق الانتخابوتعتبر أوكرانيا الثانية من حيث الأهمية الاقتصادية بعد روسيا في دول الاتحاد السوفييتي السابق حيث شكل الناتج القومي لها أربعة أضعاف ما تنتجه الجمهوريات السوفييتية دون أخذ روسيا بالحسبان و كانت اوكرانيا تقدم للاتحاد السوفييتي ربع منتجاته الزراعية من قمح وخضروات ولحوم وألبان اما الصناعة الثقيلة الأوكرانية مثلت أحد أهم مصادر الحديد الصلب والفحم والآلات الصناعية في دول الاتحاد السوفييتي السابق حيث تعتمد أوكرانيا على مصادر الطاقة المستوردة وخاصة الغاز الطبيعي عقب انهيار الاتحاد السوفييتي في 1991م رفعت الحكومة الأوكرانية كل القيود عن الأسعار وأعدت الأسس القانونية لخصخصة القطاع العام وللاقتصاد الرأسمالي الحر تماشيا مع التحول الديمقراطي الذي تبنته لكن من خلال معارضة شديدة لهذه القوانين خاصة من قبل الشيوعيين القومين من الفترة 1992 ـ 1998م خاصة بعد1993 سنة حدوث تضخم هائل انهارت به العملة المحلية في عام 1994م انتخب لرئاسة الجمهورية ليونيد كوتشما والذي حاول تنفيذ برنامج إصلاحات اقتصادية رفع به القيود على الأسعار وعلى التجارة الخارجية ، ولكن الأزمة الاقتصادية في روسيا أغسطس 1998م قضت على كل أحلام أوكرانيا في أول أعوام نموها الاقتصادي ستهلاكية) : 20 % (نهاية 1998م) القوة العاملة : 22.8 مليون عامل (نهاية 1997م) و تبقى من اهم سمات أوكرانيا انها تقاسمت الترسانة النووية مع روسيا .
  • التحول الديمقراطي في أوكرانيا : حصلت في أوكرانيا نهاية العام 2004، نتيجة لانتخابات رئاسية ، ثورة سميت بالبرتقالية. بدأت هذه الثورة في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية  عندما اعلن عن فوز  رئيس الوزراء آنذاك و زعيم المعارضة حاليا فيكتور يانوكوفيتش ، الا أن منافسه الرئيسي،زعيم المعارضة آنذاك فيكتور يوشينكو لم يعترف بهذا الفوز ، وهنا  تحول “ميدان” الاستقلال في العاصمة كييف الى حاضنة لعشرات الآلاف من المواطنين الذين خرجوا لتأييد يوشنكو ليتحول احتجاجهم الى عصيان مدني شل مؤسسات الدولة…و آنذاك كانت مشاعر الناس متعطشة الى التحولات و التجديد و لكل ما هو افضل . فقد توقع الناس أن ينتج عن الانتخابات تغيير في النظام القضائي وان يتم  القضاء على الفساد وان تقوم الشرطة  بتحسين معاملتها  للناس ، ويجري  انحسار للبيروقراطية و وتزول العقبات أمام ممارسة الأعمال الحرة .وجرت أثناء الاحتجاجات محاولة تسميم فيكتور يوشينكو التي لم تثبت قضائيا ، ولكنه استطاع استغلال ذلك الحدث لتجنيد الناخبين فاشتعلت الثورة البرتقالية و طغى في ميدان الاستقلال في العاصمة كييف اللون البرتقالي .
  • و قد هزت المشاركة الواسعة للجماهير و المواطنين ليس فقط اوكرانيا، بل الفضاء السوفيتي و العالم كله . وانتشر في وسائل الاعلام العالمية مصطلح “الثورة البرتقالية” التي تمسك بها المواطنون الاوكرانيون تعبيرا عن مثلهم الساميةالا أن الكثير من المحللين و السياسيين الذين تابعوا تطور تلك الأحداث ، ومنهم آنا غيرمان،نائبة رئيس حزب الأقاليم فيكتور يانوكوفيتش  ، اعتبروا أن ما حدث هو تزوير للانتخابات و أن الثورة البرتقالية استغلت الناس – الذين كانوا يسعون للحصول على حقوق اوسع – كأدوات في لعبة الوصول الى السلطة.

عوامل التحول الديمقراطي في أوكرانيا  : أما عن العوامل المساعدة في حدوث الثورة البرتقالية51 فيمكن إجمالها علي النحو التالي:

  1.  اختلاف أوكرانيا عن كل من صربيا وجورجيا من حيث الوضع الاقتصادي؛ ففي الخبرة الأوكرانية الدولة تؤدي وظائفها بفعالية، والاقتصاد قوي. من هنا فإن حكومة يانكوفيتش – الذي بات مرشح نظام كوتشما في الانتخابات الرئاسية – لم تتمكن من الحصول علي تأييد شعبي استنادا إلي إنجاز اقتصادي، فضلا على أنها لم تسهم بالفعل في تحقيق نقلة نوعية في مستوي معيشة المواطن.
  2.  وجود بنية تحتية متطورة للاتصالات والمعلومات جعلت تكلفة تغيير النظام أقل52.
  3.  انتقال المزاج الشعبي العام إبان الحملة الانتخابية التي استمرت ستة أشهر من حالة الإحباط إلي الاعتقاد بإمكانية نجاح مرشح المعارضة يوتشينكو، يجسد ذلك التعبير الذي ساد وقتئذ علي لسان المعارضة في خطابها مع الجماهير”سوف أكسب”.
  4.  اختيار قوات الأمن موقف”الحياد” مع تدفق الجماهير الهادرة إلي شوارع كييف بما يقارب مليون شخص، خاصة بعد أن تلقت تحذيرا من الجيش الأوكراني من استخدام العنف في مواجهة المتظاهرين السلميين. في الواقع كان من المتعذر علي قوات الأمن أن تلجأ إلي العنف في مواجهة جماهير بهذه الكثرة العددية.
  5. المساندة الدولية، وبالأخص الغربية، أعطت قوة دفع للثورة البرتقالية. في هذا الصدد نذكر البيان الذي أصدره كولين باول – وزير الخارجية الأمريكي وقتئذ – بعد مرور ثلاثة أيام من انتهاء الجولة الثانية للانتخابات التي شهدت عمليات تزوير واضحة لصالح مرشح النظام يانكوفيتش، أعلن فيه رفض الولايات المتحدة الاعتراف بنتائج الانتخابات، وهو الأمر الذي كان بمثابة عامل مشجع للجماهير علي مواصلة الاحتجاج السلمي في شوارع كييف.
  6. تأثير الدول المحيطة، وبالأخص ما جري في صربيا عام 2000م، وفي جورجيا عام 2003م، وما تمخض عن التجربتين من خبرات واستراتيجيات وتقنيات وقوة دفع نفسية، كان واضحا في الحالة الأوكرانية.

7.تزامن حملتين مدنيتين، إحداهما سلبية(رفض النظام القائم)، والأخرى إيجابية(تعبئة الجماهير للتصويت لصالح مرشح المعارضة) جعل من الحملة المضادة التي تبناها نظام كوتشما”عديمة الجدوى”. و تجاهل حملة الدعاية الروسية التي أحاطت بمرشح النظام يانكوفيتش.

عوامل نجاح الثورة البرتقالية: للوقوف على اهم العوامل التي كانت وراء نجاح الثورة البرتقالية في أوكرانيا يمكن حصر فيما يلي :

  • وجود نظام تسلطي قائم علي التنافس – نظام الرئيس كوتشما – الذي أعطي مساحة من العمل لقوي المعارضة، والمجتمع المدني، وبعض وسائل الإعلام المستقلة عن القبضة الحكومية، والبرلمان مع حضور مؤثر للمعارضة في داخله، هذا فضلا على السماح للمؤسسات الدولية المعنية بدفع التطور الديمقراطي وحقوق الإنسان بالعمل في البلاد.
  • وجود القيادة الكاريزمية متمثلة في شخص مرشح المعارضة يوتشينكوYuschenko، ورصيده من النزاهة السياسية في مواجهة مرشح النظام يانكوفيتش Yanukovich الضالع في فساد النظام، والذي يلاحقه رصيد من الجرائم.
  • توحيد صفوف المعارضة منذ عام 2001م خلف يوتشينكو الذي أبعد من منصب رئيس الوزراء؛ لينضم بعد ذلك إلي خانة المعارضة، بما كان له من رصيد من العمل الحكومي الجاد، والذي انعكس علي تحسن الوضع الاقتصادي في البلاد.
  • أسهمت الأزمة السياسية في البلاد عام 2001م في تقويض شرعية نظام الرئيس كوتشما، و ساعدت علي نشوء مجموعة من النشطاء السياسيين المعارضين للنظام، علي درجة عالية من التدريب، فضلا عن حدوث انقسام في صفوف القوات الأمنية التي يرتكن عليها كوتشما ونظامه القمعي.
  • بروز جيل جديد من الشباب في أعقاب الأزمة السياسية عام 2001م، وتزايد الوعي السياسي للناخبين، في ظل غياب”الثقافة السياسية السوفيتية” عن قطاعات واسعة من المواطنين.
  • نشوء هيئات ومؤسسات مستقلة لمراقبة الانتخابات53تمتلك من الوسائل والتقنيات ما يعينها علي كشف أوجه التلاعب بالعملية الانتخابية.
  • لعبت القومية المدنية للشعب الأوكراني دورا مهما في تعبئة قطاعات واسعة من المشاركين في الثورة البرتقالية.
  • مساندة السلطات المحلية في العاصمة كييف للثورة البرتقالية54.

مستقبل عملية التحول الديمقراطي في أوكرانيا :

علينا أن نأخذ بنظر الاعتبار ثلاثة عوامل ستؤثر بشكل أساسي على تشكيلة السلطة الأوكرانية القادمة.

o  أولا – أوكرانيا في وضع تعجز فيه عن تسديد دالقروض المستحقة. وحسب قول الرئيس يوشينكو لئن كانت الديون الخارجية في العام 2008 تعادل 80 مليار غريفنا ( حوالي 16 مليار دولار ) فإنه في نهاية العام 2009 وصلت إلى 35 مليار دولار، أي أن كل مواطن أوكراني مدين بمبلغ 750 دولارا. والأمل في  الحصول على قرض بمقدار 3.5 مليار دولار من صندوق النقد الدولي يعادل الصفر. وعمليا أعلن ممثلو صندوق النقد الدولي عن عدم ثقتهم بالسياسة الاقتصادية للحكومة الأوكرانية الحالية.

o  ثانيا – كان من الوهم أن تنضم أوكرانيا بسرعة إلى حلف الناتو والمؤسسات الأوروبية الأخرى مع الإسراع في “أوكرنة ” كل شيء قسرا. كل هذه الاتجاهات  حصلت بالذات في عهد يوشينكو وأصبحت ألف باء الأمور التي حاولت السلطات الأوكرانية من خلالها  تشكيل أوكرانيا عصرية  وبدلا من ذلك تجري العودة إلى القيم السوفيتية بشكل عفوي التي ينظر لها ولو بدون إدراك كقيم عامة للفضاء الأوراسي ليس فقط في شرق وجنوب أوكرانيا بل وفي وسط البلاد أيضا.

o  ثالثا – تنطلق كل النخبةو الصفوة الأوكرانية من أن تشكيلة السلطة المقبلة في البلاد يجب أن تكون حدا وسطا بين جماعة دونيتسك وجماعة دنيبروبيتروفسك. إن كل تأريخ أوكرانيا منذ استقلالها العام 1991 تحدد بهذا الشكل أو ذاك بالعلاقة بين هذين المركزين للسلطة. وليس غريبا أن المرشحين الأساسيين ينتميان إلى هاتين الجماعتين : يانوكوفيتش إلى جماعة دونيتسك وتيموشينكو إلى جماعة دنيبروبيتروفسك. وفي الوقت نفسه الذي بدأ سيرغي تيغيبكو الذي ينتمي الى جماعة دنبروبيتروفسك بالحصول على دعم شعبي في الآونة الأخيرة أعلن قبل سنة عن استعداده لرئاسة الحكومة في حالة فوز تيموشينكو أو يانوكوفيتش على حد سواء.

o  من جانبه اشار فيكتور يانوكوفيتش أبرز المرشحين للفوز بالانتخابات الرئاسية في أوكرانيا بشكل خاص إلى جاهزيته لتوقيع اتفاق ” تنازلات تأريخية ” فيما إذا انتخب رئيسا لأوكرانيا وأن الحديث عن رئاسة الوزارة يجب أن يجري على المستوى الوطني وليس على مستوى حزب الأقاليم.

o  العلاقة بروسيا فمن جهة أخرى لقد ارتبط التحول الديمقراطي في أوكرانيا بدرجة كبيرة بالسياسة الخارجية وبالدرجة الأولى العلاقة مع روسيا فإن للمرشحين الاثنين تناقضات متشابهة. فقد بذلت رئيسة الحكومة الأوكرانية العام 2009 جهودا عظيمة لكي تظهر بمظهر المرشح الأساسي الموالي لروسيا في انتخابات الرئاسة الأوكرانية حتى إنها ضمت فيكتور ميدفيدتشوكو ” الكاردينال الأسود ” أيام الرئيس ليونيد كوتشما إلى اللجنة المشرفة على حملتها الانتخابية. وتدرك تيموشينكو جيدا بأن نجاحها في أوكرانيا مرهون بإزاحة فيكتور يانوكوفيتش في المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا. وللحصول على دعم واسع من الناخبين في المناطق المؤيدة لحزب يانوكوفيتش لا بد من دعم روسي وهنا يمكن أن يلعب ميدفيدتشوكو دورا كبيرا. وليس هناك ادنى شك بأنه في حالة فوز تيموشينكو بالانتخابات ستطلب من روسيا إعادة النظر باتفاقيات الغاز مبررة ذلك بعدم إمكانية أوكرانيا في ظروف الحصار الافتراضي تنفيذ التزاماتها السابقة بهذا الخصوص ولذلك لا بد من قيام حرب جديدة بشأن الغاز بمشاركة نشيطة للاتحاد الأوروبي كوسيلة للضغط على موسكو.

o  و عن انضمام اكرانيا للناتو فإن فيكتور يانوكوفيتش صرح بمعارضة انضمام أوكرانيا إلى الناتو وموقفه واضح من وجود أسطول البحر الأسود الروسي في سيفاستوبل. ومع ذلك من السذاجة الاعتقاد بأن سياسة يانوكوفيتش كرئيس للدولة ستكون موالية لروسيا.

o  قبل كل شيء في المجال الاقتصادي، ذلك أن رئيس حزب الأقاليم ساند عمليا تصريحات يوشينكو الخاصة بضرورة إعادة النظر باتفاقيات الغاز. ويتوقع أن تستمر أوكرانيا في عهد يانوكوفيتش بتنويع مصادر الكهرباء مما يعني مساندة مد خط أنابيب النفط  من دون المرور عبر الأراضي الروسية. ومن المعلوم أن ” برنامج تنويع مصادر توريد النفط إلى أوكرانيا حتى العام 2015 ” قد أقر العام 2006 عندما كان يانوكوفيتش رئيسا للحكومة.

o  و بخلاف تيموشينكو فإن البرنامج الاقتصادي ليانوكوفيتش  جيد في نظر بعض المراقبين. فخلال حقبتي رئاسته للحكومة أظهرت أوكرانيا أفضل وتائر نمو للناتج المحلي الإجمالي . ويقول الخبراء إن الفضل في ذلك يعود إلى تمكن يانوكوفيتش من تصريف البضائع الأوكرانية في الأسواق الروسية.ومن المحتمل جدا انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الجمركي الذي يضم كلا من روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان والعمل بمشروع ” فضاء اقتصادي موحد “.و عموما

o  و عن طبيعة العلاقات بين أوكرانيا و روسيا فهناك من جملة الموضوعات الحساسة التي تقف(حجر عثرة) في العلاقات الروسية- الأوكرانية:

1-  مسألة انضمام أوكرانيا إلى الناتـو
2-  تخطيط الحدود في مضيق كيرتش
3-  موضوع أسطول البحر الأسود الروسي
4-  موقف القيادة الأوكرانية المعادي لروسيا في نزاع جورجيا وأوسيتيا الجنوبية
5-  الانتقاص من حقوق المواطنين الناطقين باللغة الروسية في أوكرانيا
6-  الخلافات التأريخية.

تقييم تأثير ظاهرة التحول الديمقراطي في اوربا الشرقية على العالم العربي

إن تناول أوجه الشبه ومدي تأثر العالم العربي بتجارب أوروبا الشرقية في المرحلة الشمولية‏,‏ خاصة إبان الخمسينيات والستينيات‏,‏ لا يعني تلقائيا أن العالم العربي بصدد التحول الديمقراطي نفسه الذي شهدته أوروبا الشرقية علي مدي العقدين الأخيرين‏.‏ صحيح أن هناك بعض أوجه الشبه من حيث توافر بعض العناصر السابق الإشارة إليها ولكن ذلك لا يعني أن العالم العربي بصدد تجربة مماثلة لتلك التي شهدتها دول أوروبا الشرقية أو إعادة إنتاج لها‏.‏ صحيح أن تسعينيات القرن الماضي‏,‏ ومع انهيار حائط برلين الذي كان رمزا لسقوط الفاصل بين الديمقراطية والشمولية‏,‏ بدأت مرحلة جديدة في العالم من حيث التأثر بانتشار ثقافة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان‏,‏ ولم يكن العالم العربي استثناء‏,‏ إلا أنه تبقي عوامل أخري مختلفة‏,‏ منها الثقافة العامة‏.‏ فأوروبا الشرقية في النهاية هي امتداد لأوروبا الغربية‏,‏ تقاسمها أصولها الثقافية‏.‏

و من المعلوم أن التحول الديموقراطي فيدول أوروبا الشرقية بدأ في بولندا منذ عام 1988 حيث لعبت منظمة «تضامن» دوراًفعالاً في هذا التحول، ثم المجر، فألمانيا الشرقية ثم تشيكوسلوفاكيا مرورا بيوغسلافيا و …و عليه فانه من خلال الوقوف على معظم التجارب  يمكن تقسيم دول أوروبا الشرقية التي شهدت تحولاً ديموقراطياً إلى ثلاثةنماذج:

  • الأول: يمكن أن نطلق عليه وصف التحول الاحتجاجي السلمي كما حصل فيبولندا عبر تحريض حركة «التضامن» البولندية أكبر عدد من الناس على النزول إلىالشارع والقيام باعتصامات وإضرابات سلمية أقنعت الحزب الشيوعي الحاكم بضرورة تقديمتنازلات انتهت بسلسلة من الإجراءات التي حققت ما يطلق عليه التحولالديموقراطي.
  • الثاني ما يوصف بـ “الثورة المخملية” كما في تشيكوسلوفاكيا حيثاستطاعت حركة المعارضة النخبوية الداخلية والخارجية التي بدأت بما يسمى “الميثاق 77″والذي لم يتجاوز عدد الموقعين عليه أكثر من 1200 شخص وفي المراحل المتأخرة حتى،من الضغط على الحزب الحاكم وإجباره على التخلي عن امتيازاته الخاصة، وهو ما فتحالباب لتحول ديموقراطي سلمي وآمن، فلقد حققت التجربة التشيكية في التحول الديموقراطي علىسبيل المثال نجاحاً على مستويين، الأول على مستوى التحول الآمن من عهد تجربة الحزبالواحد الشمولي إلى الديموقراطية التعددية، والثاني على مستوى الانفصال «السلس» عنسلوفاكيا من دون المرور بحروب عرقية أو اثنية كما حصل في يوغوسلافياالسابقة لذلك تعد دراسة هذه التجربة مهمة على الصعيد النظري على مستوىدراسات التحول الديموقراطي، وعلى الصعيد العملي من حيث تقييم التجربة وملاحظةأخطائها والاستفادة من خبراتها.55  وتبدو تجربة المجر قريبة جداً من ذلك.
  • أماالنوع الثالث فهو التحول الاحتجاجي الذي ترافق مع العنف كما في يوغسلافيا و رومانياوبلغاريا.

طبعا مجرد التحدث عن التجارب المختلفة يطرح مسألة الخصوصية التي تتميز بها كل تجربة فكل بلد هو فريد ولا يمكن تكرار تجربته.

 لكن هناك دروساً لا بد من التعلم منها إذا رغبنا في الإفادة منها بغية تحقيقالتحول الديموقراطي في العالم العربي. فرغم الخصوصيات التي تفرضها كل دولةعلى حدة تظل فروقات أساسية تحكم تطور كل تجربة، ويمكن الوقوف على جملة من الملاحظات بشأن بعض بلدان اوربا الشرقية في هدا المجال مفادها أن :

1.اعتماد الأحزاب الشيوعية في دول أوروباالشرقية اعتماداً كلياً على الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي، و بالتالي مرجعية هده الأحزاب سواءفي تبرير وجودها أو في سندها السياسي والاقتصادي، ولذلك لما انهار الاتحادالسوفياتي وسقط حزبه الشيوعي الحاكم لم يعد هناك من مبرر لبقاء الأحزاب الشيوعيةالتي تدور في فلكه، فالاعتماد الكلي على الاتحاد السوفياتي ربط شرعية الأحزابالشيوعية في دول أوروبا الشرقية بشرعية الحزب الشيوعي السوفياتي، في حين أن الدول الاشتراكيةفي الوطنالعربي والتي حافظت على علاقة وثيقة مع الاتحاد السوفياتي كسورية والجزائروالعراق لم تربط شرعيتها بشرعية الحزب الشيوعي السوفياتي، وإنما حافظت على مسافةدائمة منه، وحاولت باستمرار أن تدمج فيها العامل القومي مع المبرر المصلحي للأنظمةالسياسية، ولذلك بسقوط الاتحاد السوفياتي سقطت كل الأحزاب الشيوعية المتحالفة معهفي أوروبا. لكن مثيلاتها في العالم العربي استطاعت أن تتكيف بسهولة وتعيد إحياءدورها بناء على العامل القومي والوطني بعد انتهاء المفعول الأيديولوجي.

  1. ثاني هذه الفروقات أن الأحزاب الشيوعية في أوروبا الشرقية ظلت أحزاباً سياسية تعملبشكل مؤسسي، ورغم نزعتها الشمولية واعتمادها الكلي على الاتحاد السوفياتي فيسياساتها جميعها، إلا أنها ظلت تقوم على فكرة الحزب الشمولي إذا صح التعبير. صحيحأنه لا تنطبق عليها معايير الحزب السياسي بالمعنى الدقيق للكلمة، بوصفه صلة الربطبين القواعد والقيادات الحزبية والسياسية، وإنما كان يقوم على احتكار التمثيلالسياسي بأعضاء المكتب السياسي الذين يجري تعيينهم واختيارهم من فوق وفق معاييرالولاء والمصالح الشخصية والشبكات الزبائنية، إلا أن القرار في النهاية كان يخضعلقرار مشترك من القيادة الحزبية العليا، بحيث يجري احترام نظام التقاعد سواء فيالمناصب الحزبية أو العسكرية وحتى الأمنية، وهو ما لم ينطبق على حالات الدولالعربية التي حكمتها أحزاب شبيهة بخاصة سورية والعراق في حكم حزب البعث أو مصر، إذتضاءل دور الحزب وقيادته السياسية إلى أن انتهى تماماً ليصبح مجرد جهاز تبريري اودعائي لقرارات الرئيس القائد، كما أن النظام السياسي نفسه لم يعد نظاماً حزبياًبقدر ما أصبح نظاماً عائلياً يتحكم به أفراد الأسرة الحاكمة ولها القرار الأخير فيخيارات البلد السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية كما جرى في حالة صدام حسين علىسبيل المثال. وهذا الفارق الجوهري هو الذي منع الحزب الشمولي من التفكير بالقيامبالتغييرات الضرورية والانفتاح باتجاه تحقيق التحول الديموقراطي رغم ازدياد حجمالمطالب الداخلية.

3.العامل الثالث من الفروقات هو العامل القومي، ففي جميعدول أوروبا الشرقية لا وجود للعامل القومي بالحدة ذاتها التي نجدها في الدولالعربية وبخاصة في دول مثل سورية والعراق ومصر، فعلى حد قول أحد المسؤولينالتشيكيين: «نحن لا نتذكر أننا أمة إلا حين يربح فريقنا مباراة لكرة القدم»، وهو ماأضعف استفزاز هذا العامل واستثماره من قبل النظام الحاكم لقمع معارضيه بقسوة وشدةواتهامهم بأنهم يهددون مصالح البلد القومية العليا، وما رفع العامل القومي في الدولالعربية هو احتلال إسرائيل لجزء من الأراضي العربية في فلسطين والجولان لتزيد مناستنفار العامل القومي وتأجيجه في داخل الصراعات الاثنية والقومية.

4.التجانس العرقي والاثني والطائفي عامل مهم في تخفيف حدة النزاعات بين النخبةالسياسية الحاكمة وبين المعارضة السياسية، بحيث لا تستطيع النخبة اللعب على الوترالاثني على سبيل المثال أو الاحتماء خلف طائفة ما بحيث يجري تجييرها داخل الصراع منأجل تأبيده أو تخويف المجتمع بأكمله من مصير الحرب الأهلية.

  1. وأخيراًالعامل الخارجي، ففي حين كانت الضغوطات مركزة بشكل كبير على الأحزاب الشيوعية منأجل الانفتاح والدمقرطة سواء من قبل الولايات المتحدة والمعسكر الغربي بهدف القضاءعلى الشيوعية ومحاربة المعسكر الاشتراكي، أو من قبل الكنيسة الكاثوليكية في رومالضمان حرية الممارسة الدينية التي انتهكها النظام الشيوعي، وفي الوقت نفسه الضغوطاتالداخلية القوية من أجل الدخول في الاتحاد الأوروبي والانفتاح على العالم، مقابلذلك كان تركيز العالم في منطقة الشرق الأوسط على ما يسمى الاستقرار وضمان أمنإسرائيل عبر التركيز على ما يسمى حل الصراع العربي – الإسرائيلي وإهمال الأجندةالديموقراطية في المنطقة بالكامل. فحرب الخليج الثانية التي كان من أهدافها إخراجالقوات العراقية من الكويت، ترافقت مع تفكك متلاحق لدول المنظومة الاشتراكيةالسابقة في الضفة الأوروبية، لكنها في ضفة جنوب المتوسط عنت شكلاً جديداً منالهيمنة الدولية على القرار الوطني المستقل عبر ما يسمى” النظام العالمي الجديد”،هذا يعني عبر ترجمته الرسمية تجديد القبضة على المجتمعات ومنعها من التأثر بارتدادالموجة الديموقراطية.

و اخيرا فان هذه التجارب المنتقاة من ظاهرة التحول الديمقراطي في دول أوروبا الشرقية، والتي شهدت ميلاد حركات سياسية قادت هذا التحول، سواء في تشيكوسلوفاكيا عام 1998، وكرواتيا عام 2000، أو صربيا عام 2000، وجورجيا عام 2003، وأخيرا أوكرانيا عام 2004 فيما عرف بالثورة البرتقالية. حيث تصب هذه التجارب الديمقراطية في سياق ما يعرف باسم “الموجة الرابعة للتحول الديمقراطي في العالم”، والتي نالت اهتماما بالغا من قبل عدد كبير من الباحثين56 المهمين في حقل العلوم السياسية الذين انكبوا على دراستها، وتحليل أسبابها وتطورها. 57

توصيات عامة بشأن التحول الديمقراطي

 في محاولة منا للوقوف على صياغة لأليات لترشيد التغيير الديمقراطي و من خلال استعراض نجاح حركات التغيير السياسي في أوربا الشرقية بإحداثها قفزة نوعية ، ومن خلال استجلاء ملامح خبرة عربية خاضتها حركات التغيير الديمقراطي في العالم العربي، يمكن التوقف أمام عدد من الدروس المستفادة من خبرة التحول الديمقراطي في بعض دول أوربا الشرقية ويمكن إجمالها علي النحو التالي:

üتراكمية العمل لتحقيق التغيير من خلال التخلص من وهم “التغيير السياسي” السريع ذلك أن التحول ليس مجرد اقتراع سياسي، ولكنه سعي حثيث و دؤوب نحو بناء وعي الفرد بذاته واحتياجاته فمع أن هناك ظرفا موضوعيا يدفع في اتجاه التحول الديمقراطي، إلا أنه يحتاج إلي عمل تراكمي متواصل، فضلا عن إرساء توازن في العلاقة بين القوى المختلفة، وإنشاء بنية ثقافية له في الواقع إذ يحتاج إلي قاعدة شعبية مؤمنة بأهمية الديمقراطية، وقوى اجتماعية قادرة على حمايتها، وتحالف أوسع على الصعيد الرأسي في المجتمع يضم شرائح وفئات كثيرة بهدف دعم التحول الديمقراطي. مما يستغرق وقتا طويلا، وترشيدا لمطالب التغيير السياسي.

üعدم الاعتماد و الاعتقاد بوجود ضمانات مسبقة و بالتالي التخلص من وهم أن التغيير سيحمل حتما “الديمقراطية”. فليس ثمة ضمان أن يؤدي التغيير السياسي حتما إلى تحقيق الديمقراطية، وخبرة إيران في السبعينات خير شاهد على ذلك. وحتى يمكن للتغيير السياسي أن يؤدي إلي بديل ديمقراطي لابد أن يكون “المزاج الشعبي العام” في الأساس ديمقراطيا، وهو أمر تنفي  شواهد عديدة وجوده في الوقت الراهن.

üضرورة تطوير وسائل مهنية للتواصل مع الجمهور. في هذا الصدد يمكن أن يستعين خبراء إعداد حملات المناصرة المدنية بالوسائل والتقنيات المستخدمة في ترويج المنتجات التجارية في السوق أي تطوير اساليب الدعاية .

üالتأكيد على أن التجارب السياسية المماثلة، وعلى الرغم من إمكانية الإفادة منها، إلا أنها لا تُقتبس حرفيا ما دامت المجتمعات متباينة في شروط تطورها السياسي والاقتصادي الاجتماعي، ويصعب أن تستورد تطبيقات سياسية من خارجها، وإنما ينبغي أن ينبع التطور الحقيقي والناجز، وبالدرجة الأولى، من داخلها. وبناء على ذلك، يساهم استعراض التجارب المقارنة في عملية التحول الديمقراطي في:

–     وضع الأطر التحليلية.

–     تفعيل الأبنية السياسية.

–      تطوير الحركة السياسية.

–   بناء أشكال أكثر نضجا للعلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين المواطن والدولة، وبين مختلف القوى السياسية والحزبية المكونة للجسد السياسي.

ü ضرورة ترشيد التغيير السياسي، من خلال تهيئة المجتمع العربي وإنضاج العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على النحو الذي يسمح بترجمة الشوق للديمقراطية

üمحدودية منتجات التغيير السياسي. في السوق التجارية المنتجات – مهما أصابت من شهرة – محدودة التأثير، وهو الأمر الذي ينعكس بالكيفية ذاتها في المجتمع السياسي. من هنا يجب اختيار المنتج السياسي المراد ترويجه بهدف إحداث تغييرات معينة. ومن الضروري التعرف علي حدود التأثير التي يحدثها”المنتج السياسي” في الجمهور المستهدف. إذا لم يكن له تأثير، فمن الأفضل البحث عن منتج جديد.

üالتوقيت المناسب للحملات السياسية. في مجال التغيير السياسي الحملات المتأخرة تماما مثل الحملات المبكرة تؤدي إلي إشكاليات عديدة. يجب إطلاق الحملات السياسية في موعدها، خاصة إذا لاحت فرصة للتغيير في الأفق. إذا لم توجد فرصة سانحة للتغيير، فإن حملات المناصرة المدنية قد تصيب الجمهور المستهدف بالإحباط.

üالتعبئة و اختيار نشطاء حملات المساندة من المواطنين العاديين، وعدم الاكتفاء بالنشطاء السياسيين. تعبئة النشطاء من المواطنين العاديين علي مستوي القاعدة الشعبية، يفتح مجالا واسعا لنجاح هذه الحملات.

üالمواطنون المشاركون في حملات المساندة المدنية يحتاجون إلي تدريب علي العمل الجماعي، والتنسيق، وأساليب الاتصال بين المجموعات المتنوعة.

üتحديد الرسائل التي تصل إلي الجمهور العريض بدقة، وعدم الاكتفاء فقط بالحشد والتعبئة في أوساط الدوائر التقليدية للنشطاء الديمقراطيين أو الحقوقيين.

ü   هناك عدوان أساسيان يجب علي أي حركة سياسية الاحتراز منهما، والعمل علي مواجهتهما. العدو الأول هو”التضخيم المفرط للذات”، والعدو الثاني هو قوات الأمن. بالنسبة للعدو الأول فإنه كفيل بان يفسد تنظيم الحركة السياسية بأكمله، أما العدو الثاني فهو لا يقوض من النشاط، ولا يفرق الشمل الا اذا سادت الفوضى و في هذا المقام فإن تدريب الجماهير علي التعامل مع الثقافة الأمنية السائدة ضرورة، حتى يتمكنوا من الانخراط في حركات سلمية ديمقراطية، ويتعلموا سبل التعاطي مع العامل الأمني بأساليب مدنية حضارية و سلمية.

üيجب الحصول علي خبرة الحملات المدنية السلمية في دول أخري، التعرف علي أساليب النجاح، وبخاصة خلال المراحل التأسيسية الأولي للحركات المدنية التي لا تسترعي غالبا انتباه وسائل الإعلام. في كل الأحوال فإن نجاح أساليب بعينها في تعبئة الجماهير في مجتمع من المجتمعات، لا يعني بالضرورة نجاحا ميكانيكيا أو تلقائيا للأساليب ذاتها في مجتمع آخر. الأمر يتوقف علي طبيعة الأوضاع السائدة، ومستوي الثقافة السياسية، وأنماط التفاعلات بين المواطن والدولة، والهامش المتاح للحركة السياسية، وهكذا. من هنا فإن أساليب التعبئة يجب أن تكون وليدة مجتمعها.

üالحصول علي دعم مادي بشكل استراتيجي. فمن ناحية أولي يجب التعرف علي خبرات الحركات المدنية الأخرى في تأمين موارد مالية للإنفاق علي الحملات المدنية التي أطلقوها، ومن ناحية أخري يجب علي الحركة أن تكون لديها استراتيجية للحصول علي دعم مالي من عدد محدد من الجمهور الذي تستهدفه. وفي كل الأحوال يجب أن تتأكد الحركة من أن الممول لا يجلب إليها استراتيجية يريد تطبيقها لمجرد أنه ثبت نجاحها في مكان آخر. تحتاج الحركة للتعامل مع الموقف أن يكون لديها عناصر قادرة علي الحوار والنقاش والتفاوض وشرح وجهة النظر.

üالرؤية المستقبلية 58:فلا يمكن القيام بتعبئة جماهير دون وجود رؤية للمستقبل. تدركها وتؤمن بها الجماهير العريضة، والنشطاء الديمقراطيون. ويلاحظ دائما أن الشعارات السياسية، والتحالفات التي تطالب برحيل حاكم عن الحكم تجد قبولا من قطاعات واسعة من المواطنين، رغم اختلاف مواقفهم السياسية. ولكن من الصعب علي هذا الهدف أن يوحد بينهم بعد أن يتغير النظام، وتصبح هناك ضرورة لتعزيز الديمقراطية. من الأهمية القول إنه ليس كل رؤية للمستقبل تصلح لتعبئة الجماهير، فقط الرؤية التي تستند إلي مبادئ حقوق الإنسان، هي التي تمتلك الحضور المؤثر علي المستوي الشعبي، وتحفظ للمجموعة الصغيرة التي تدير الحركة تماسكها واستدامتها، خاصة إذا كان التغيير يسير بخطي بطيئة.

üوختاما، يمكن القول إن عملية التحول الديمقراطي في أمس الحاجة إلى توافر مجموعة من العوامل المهيأة لنجاحها وعلى رأسها: التوعية السياسية المكثفة، والعمل الجماعي السياسي، وعقد تحالفات أوسع نطاقا، والبحث عن وسائل سلمية أجدى في التعبئة والاحتجاج والمعارضة، وتحييد الدعم الدولي. حيث تشكل هذه العوامل مداخل استراتيجية لا غنى عنها في إطار إحداث التحول الديمقراطي المنشود في عالمنا العربي. ويبقي القول إن التعرض لتجارب أو نماذج مختلفة لا يعني استنساخها أو نقلها بشكل آلي‏.‏ فلكل تجربة خصوصيتها وبيئتها بالصورة التي تكون عليها في النهاية‏,‏ وإن كانت لها دلالات قد يستفاد منها أو بعض الأفكار التي يمكن استلهامها‏.‏

خــاتـمـة

إن تناول أوجه الشبه ومدي تأثر العالم العربي بتجارب أوروبا الشرقية في المرحلة الشمولية‏,‏ خاصة إبان الخمسينيات والسبعينيات‏,‏ لا يعني تلقائيا أن العالم العربي بصدد نفس التحول الديمقراطي الذي شهدته أوروبا الشرقية علي مدي العقود الأخيرة ‏.‏ صحيح أن هناك بعض أوجه الشبه من كون وجود بعض مكونات لمجتمع مدني نشط‏,‏ وإعلام خاص حر نسبيا‏,‏ أو حركات احتجاج ذات طابع شبه جماهيري وانتخابات شبه تنافسية أو دورية‏,‏ ومعارضة شبه حزبية أو منظمة وغيرها من عوامل مشابهة‏.‏ ولكن ذلك لا يعني أن العالم العربي بصدد تجربة مماثلة لتلك 59التي شهدتها دول أوروبا الشرقية أو إعادة إنتاج لها‏.‏ إذ إن الفوارق لاتزال كبيرة وتحتاج إلي التوقف عندها كثيرا‏.‏ صحيح أن تسعينيات القرن الماضي‏,‏ ومع انهيار حائط برلين في نوفمبر‏1989‏ الذي كان رمزا لسقوط الفاصل بين الديمقراطية والشمولية بدأت‏,‏ مرحلة جديدة في العالم من حيث التأثر بانتشار ثقافة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان‏.‏ ولم يكن العالم العربي استثناء فقد تأثر‏-‏ مثله مثل مناطق أخري‏-‏ بفعل‏’‏ العولمة‏’‏ وثورة الاتصالات بالتحولات الجديدة‏. ولكن تبقي عوامل أخري كثيرة مختلفة‏,‏ منها الثقافة العامة‏.‏ فأوروبا الشرقية في النهاية هي جزء لأوروبا الغربية تقاسمها أصولها الثقافية‏.‏ أما العالم العربي‏-‏ الإسلامي‏,‏ فتظل له ثقافته الخاصة الممتدة عبر تراثه الطويل‏.‏

كذلك الحال بالنسبة لتجارب الحكم السياسية عبر التاريخ وأيضا بالنسبة لمفهوم المعارضة‏.‏ فالخبرة الإسلامية تأرجحت دوما بين التقليد الثوري‏’‏ الخروج على الحاكم‏’‏ والتقليد المؤسسي المهادن المستوجب‏’‏ طاعة ولي الأمر‏’,‏ دون أن يصل ذلك إلي شكل ديمقراطي حديث تكون له الغلبة في العملية السياسية‏.‏ والواقع أن ذلك ليس فقط تاريخا ولكنه يتحكم في شكل وأسلوب المعارضة في كثير من التجارب العربية ذلك أن المعارضة في الحالة العربية ضعيفة وغير قادرة على قيادة مثل هذا التحول ولم تنجح أغلبها في أن تتحول إلي أحزاب جماهيرية من ناحية‏,‏ ولا أن تتوحد علي هدف واحد يفيد عملية التغيير من ناحية أخرى‏ فقد ظل لكل فصيل منها أجندته الخاصة‏,‏ سواء كانت خلفيته ليبرالية أو يسارية أو إسلامية أو عروبية‏..‏ وهكذا بعكس حركة المعارضة في أوروبا الشرقية التي توحدت حول هدف واحد‏.‏

وأخيرا‏,‏ فمن الصعب أيضا المطابقة بين العامل الخارجي أو دور البيئة الدولية في الحالتين‏.‏ ففي الحالة الأولي‏(‏ أوروبا الشرقية‏),‏ كان للولايات المتحدة مصالح تجعلها تضع دعم التحول الديمقراطي في أوروبا الشرقية من الأهداف الرئيسية لاستراتيجيتها العالمية وأن تنفذ ذلك فعليا‏,‏ وأن تستقبل الأخيرة هذا الدور من دون الدخول في جدلية‏’‏ الداخل والخارج‏’.‏ وهي ليست الحالة العربية ولاشك بحكم الحساسية السياسية والتاريخية الشديدة من أي عنصر أو دور خارجي‏,‏ فضلا عن أن هذا الهدف تحديدا‏-‏ أي دعم التحول الديمقراطي‏-‏ ليس جزءا أصيلا من الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط أو بالتحديد في العالم العربي‏-‏ الإسلامي‏,‏ مثلما كان حالها مع أوروبا الشرقية‏,‏ مهما تكن الاستثناءات التي قد تعطي مؤشرات وقتية مختلفة في بعض المراحل السياسية‏.‏

ولذا‏,‏ فقد يري البعض أن هناك الكثير من أوجه التشابه بين أوروبا الشرقية والعالم العربي‏,‏ ولكن يرى آخرون أن الفروقات بينهما كبيرة أيضا‏.‏

الهوامش:

[1]- المضرب( عبد الرزاق) , “الدولة والتحول الديمقراطي”. جريدة البيان, العدد  30/3 .مارس 2005.

2- Piero Fassino. « L’UE et les Balkans occidentaux ». DOCUMENT A/2066 16 juin 2010. Rapport présenté au nom de la Commission politique. Conseil de l’UEO .CINQUANTE-HUITIÈME SESSION .p.45 .

3 –  برز اسم الثورة المخملية في مطلع التسعينيات، عندما استطاع المجتمع المدني في أوروبا الشرقية والوسطى من تنظيم إعتصامات سلمية للإطاحة الأنظمة الشمولية. وسميت الثورة المخملية أو الثورة الناعمة؛ وذلك لعدم تلوثها بالدم واستخدام العنف. مما دعمت هذه التحركات مفهوم المجتمع المدني ووضحت أهميته في رسم السياسات الخارجية والداخلية لهذه الشعوب، دون حصرها في إطار حكومي، حتى أصبح دور المجتمع المدني كبيرا في مقاومة الأستبداد من خلال الفعاليات السلمية. ونجد أن الثورات المخملية حدثت في كثير من البلدان، ففي جورجيا وصربيا و أوكرانيا

4 – مصطفى (هالة ),”التحول الديمقراطي بين أوربا الشرقية و العالم العربي” .الأهرام, العدد 45086 ,السنة 134 ,16 ماي 2010.ص:5.

5 – عبد الرحمان القاضي (باسل),”الديمقراطية من اليونان الى ديمقراطية الانترنت“.القاهرة :دار النشر و التوزيع, 2007.ص:25.

6 – Piero Fassino .op-cit ,p : 81.

7 – عبد الرحمان (حمدي)،” أوربا الشرقية والقرن الواحد والعشرون – رؤية مستقبلية” (القاهرة, مركز لبحوث والدراسات بكلية الاقتصاد  والعلوم السياسية  بجامعة القاهرة يونيو 1997 ) ص:9.

8 – احمد نصر الدين (إبراهيم)،” التحولات الديمقراطية في أفريقيا:  السودان نموذجاً “, ندوة أمانة الشباب والطلاب بالحزب الاتحادي الديمقراطي فرع مصر، جريدة الاتحادي الدولية، (15 ديسمبر 2001)، ص:5.

9- يقول ماكس فيبر بإقراره أن النظام الحاكم يكتسب شرعيته من شعور المحكومين بأحقيته وجدارته في الحكم ، وأنه دون الشرعية يصعب علي أي نظام حاكم أن يملك القدرة الضرورية علي إدارة الصراع بالدرجة اللازمة في المدى البعيد، ومن ثم يبقي جوهر الشرعية متمثلاً في ضرورة رضا وقبول المحكومين وليس إذعانهم لفرد أو نخبة في أن يمارسوا السلطة عليهم

10-حامد ( محمد بشير),” الشرعية السياسية وممارسة السلطة : دراسة في التجربة السودانية المعاصرة” .المستقبل العربي , بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 94 ديسمبر 1986 , ص:36.

11- Piero Fassino .op-cit ,p 82..

12 – احمد نصر الدين (إبراهيم)،نفس المرجع , ص:5.

13- عبد الرحمان (حمدي)،نفس المرجع , ص:23.

14 – RUPNIK (Jacques), «  DE SARAJEVO A SARAJEVO: l’échec yougoslave  » . EditionCOMPLEXE, BRUXELLES.1992. p : 95..

15- Sous la Direction de Philippe LEMARCHAND, « L’EUROPE CENTRALE ET BALKANIQUE », ATLAS D’HISTOIRE POLITIQUE .Edition COMPLEXE. Bruxelles, 1995, p : 222.

16- LUKIC(Reneo) , «  L AGONIE YOUGOSLAVIE (1986-2003) :LES ETATS UNIS ET L EUROPE FACE AUX GUERRES BALKANIQUES ».QUEBEC. Presses De L Universite LAVAL 2003. pp. 613.

17-  عبد الخالق (رمزي ) ,”حرب الانقراض“, مجلة الشاهد.العدد:102.السنة 9.فبراير 1994.ص:55

 18- الزغبي (الأرقم), قضية البوسنةوالهرسك:دراسة تاريخية وانسانية. بيروت:دارالنفائس للطباعةوالنشر والتوزيع,1993. الطبعة الأولى.ص:18.

19- كتب ” موريس لومبارد” أستاذ الجغرافيا التاريخية في دار المعلمين العليا في باريس , يقول ” كان الإغريق, ومن بعدهم الرومان يعتبرون كل الشعوب التي ظلت بمنأى عن حضارتهم برابرة, وكان القسم الأعظم من هؤلاء البرابرة ينتسبون للعروق الجرمانية او السلافية…”,وأضاف لومبارد يقول “بلاد “يلليريا ” هي المنطقة الواقعة شرقي البحر الادرياتيكي او يوغوسلافية و ألبانيا حاليا…وكانت تشكل المصدر الثاني للرقيق في العالم بعد البلغار…”

  20- في أصل الشعوب السلافية, كتب د. سعيد عبد الفتاح عاشور ما يلي:”السلاف عبيد للعناصر الآسيوية التي جاورتهم من الجنوب والشرق وللعناصر الجرمانية التي جاورتهم من الشمال ” , أما فيجغرافيا بلاد الصقالبة أي السلاف كتب ياقوت الحمري يقول:” الصقلاب الرجل الأبيض:الصقالبة جيل حمر الألوان صهب الشعور يتاخمون بلاد بين البلغار والقسطنطينية”.

21- أصل سكان اقيلم كوسوفو من الألبان و هم لا ينتمون الى الشعوب السلافية و سكنوا المنطقة قبل مجيء السلاف اليها أنظر:

– Emeric (Rogier), « SOUS LE SIGNE DE SISYPHE : la prévention multilatérale des conflits armes dans les Balkans (Kosovo, sandjak, voïvodine, macédoine 1991-2001  »,Thèse de Doctorat en relations internationales(No HEI 626) a l Institut Universitaire des Hautes Etudes Internationales -universié de Genève.Soutenu le 10/10/2001.p :325..

22- KRULIC (Joseph), op.-cit, P. 36.

23- هنا تجدر الإشارة الى صلة هذه العائلة الوثيقة بالنفوذ اليهودي الذي ساند المشروع الصربي لاقامة يوغسلافيا و دعم الأسرة الحاكمة في العقود الأولى من القرن العشرين.

24-الأوستاشOustache : تنظيم إرهابي  متمرد نشأ في 1930في روما في عهد ايطاليا موسيليني من طرف ANTE PAVELIC (1889-1959) وهو كرواتي متطرف كان يهدف إلى قلب الوضع في يوغسلافيا و مقتل ملك يوغسلافيا “الكسندر الاول” الملك ألكسندر الأول الذي قتل من طرف أحد أتباعه في مرسيليا في أكتوبر 1934 و طيلة الحرب اصبح انت بافليتش على رأس الدولة الكرواتية الفاشية POGLAVNIK و قد قامت المليشيات الأستاشية في فترة الحرب العالمية الثانية تحت لواء النازية بالقضاء … على الصرب القاطنين في كرواتيا ودخلت في حرب ابادة مع مليشيات التشيتنيك الصربية حيث نسجل ما بين 200.000 الى 700.000 قتيل .

25- التشـنـيك Tchetniks: قد اقترن هذا اللفظ بالمقاتلين-القوميين- الصرب المنضوين تحت لواء المقاومة في عهد الجنرالDRAZA MIHAILOVIC  (1893-1946) عقيد ثم لواء في الجيش الملكي الصربي و هي عبارة  عن مليشيات تكونت لمقاومة العثمانيين منذ 1868 و بقيت الى غاية 1941 في شكل جمعيات للدفاع الذاتي الشبه عسكري و قد تصارعت هذه الميليشيات في البداية ضد الألمان و لكن ايضا ضد الأوستاش و برتيزان تيتو و لم تكن أساليبهم الوحشية بعيدة عن أساليب الأوستاش تميزت بالوحشية و الغطرسة و تم احياؤها مع الحرب البوسنية.

*جوزيف بروز تيتو TITOJosep Broz: (1892-1980)و هو كرواتي ولد في القسم الشمالي لكرواتيا في منطقة kumrovecفي العاصمة السلوفينية “ليبليانا” ماريشال و رجل سياسة يوغسلافي من عائلة فقيرة و ابن لحطاب ,بدأ جنديا في الإمبراطورية النمساوي- المجرية ثم انتقل الى الجيش الأحمر 1917-1923 , ليؤسس  بعد ذلك الحزب الشيوعي اليوغسلافي ثم يعين أمينا عاما للحزب سنة 1937 , قام بتنظيم – على رأس حكومة ثورية مؤقتة-  المقاومة المسلحة ضد الاحتلال النازي 1941-1945 ,و  بعد اعلان الجمهورية أصبح رئيسا للحكومة 1945-1953 ثم رئيسا للجمهورية مدى الحياة بعد انتخابه سنة 1974 .وفي سنة 1948 رفض تيتو الانصياع الى السياسة والتوجيهات السوفياتية و اقام في بلاده اشتراكية قائمة على التسيير الذاتي وعدم الانحياز , توفي عام 1980.

26- قامت الرئاسة الجماعية بتعديلين لدستور 1974, الأول سنة 1981 و الثاني سنة 1988,و للإشارة  فان أول تعديل دستوري في عهد تيتو قبل اعتماد دستور 1974 كان مع تعديل دستور 1963 سنة 1971 .

27- FOURNIER (Julie),« LA CRISE YOUGOSLAVE :la genèse du conflit et ses perspectives de paix dans l’après-Dayton », ETUDES internationale, No 3 sept 1997. pp. 469.

28 – تقعجمهوريةصربياعلىالحدودالبلغاريةوالرومانيةوتجاورالبوسنةوالهرسكومقدونياوالجبلالأسود, مساحتها 88.360 كم 2

 (% 17.2 ) 65.8 %) – ألبان 1.690.000 ) عددسكانها  يفوق 9.9 مليوننسمةموزعينكالآتي : صرب 6.430.000-(% 4..1) 2.4 %)- مونتينغریين 140.000 ) 3.2 %)- مسلمين 238.000 ) 3.5 %) – یوغسلاف 318.000 ) مجر 345.300.(% 1.1 ) 1.4 %)- آروات 109.000 ) غجر 137.000 هذهالمساحةتدلعلىمساحةصربياوالإقليمينكوسوفووفويفودينا , كماأنهبالنسبةلألبانكوسوفوفيحتملأنيصلعددهم الى 2 مليوننسمةمقارنةمعالأرقامالرسميةالمقدمةمنطرفحكومةبلغراد , ذلكانالألبانقاطعوااحصاء 1991

29- توجد في كرواتيا أقلية صربية قوامها 600 ألف نسمة تمثل 12% من أصل سكان الجمهورية كما تشكل المناطق الصربية فيها و معظمها ريفية قرابة 30% من مساحة كرواتيا.

30-GRMEK.D,(Mirko), «ASYMETRIES  SERBO-CROATES »,POLITIQUE  INTERNATIONALE, No 55. Printemps 1992. p :75.

31- ZAMETICA (John),”THE YUGOSLAV CONFLICT “, ADELPHI PAPER 270, Summer, I.I.S.S. LONDON, 1992,p.10.

32- تقع سلوفينيا بالتحديدشمالغربيوغسلافياوتجاوركلمن المجر , ايطالياوالنمسامساحتها 20.250 كم 2عاصمتهاليوبليانا وهيأغنىالجمهورياتوأكثرهاتجانسامنحيثالتركيبةالسكانيةعددسكانها  1.937 مليوننسمةموزعين LJUBJANA(% 01.4 ) 02.4 %) -مسلمين 26.700 ) 02.7 %) صرب 47.100 )ا87 %) – كروات 53.700 ) كالآتيسلوفين 1.718.300(% 0.6) – يوغسلاف 12.300

33- تقعكرواتياشماليوغسلافياوهيثانيأغنىجمهوريةتقدرمساحتها 56.540 كم 2 ويبلغعددسكانها  4.760 مليون (% 02.2) 12.2 %) – یوغسلاف 104.800 ) 77.9 %) – صرب 580.760 ) نسمةموزعونكالآتي: آروات 3.708.300(% 01 ) – مسلمين 47.600

34 – ZAMETICA (John),op-cit p:43

35-الاتحادالمسيحي،الاتحادالديمقراطي،تحالفالفلاحين،التحالفالديمقراطي،الخضر،تحالفرجالالأعمال

36-تقعهذهالجمهوريةفيوسطيوغسلافياوتتربععلىمساحةتقدرب 51.129 كم 2 , فيمايبلغعددسكانها 4.450 نسمةو.تتميزهذهالجمهوريةبالإنقساموالترشدمالعرقيوالإثنيحيثتتوزعفيماالقومياتكالآتي : مسلمين . 905.000 أي 43.7% صرب 1.370.000 أي 31.4 % – آروات 755.000 أي 17.3 % – یوغسلاف 240.000 أي 5.5و علىنقيضمنسلوفينيا, تعدجمهوريةالبوسنةوالهرسك  أكثرالجمهورياتاليوغسلافية انقساماوتوزعافيولاءاتهاالقوميةحيثتعكسالثلاثيةالإجتماعيةوالدينيةالأساسيةتوزعهذه الجمهوريةمابينمسلميالبوسنة(المسلمين) الذينيشكلونحوالي 44 % منمجملسكانالجمهوريةو

الصرب(المسيحيينالارتذكس) حوالي 31 % والكروات (المسيحيينالكاثوليك) 17 %, إضافةإلى أقلياتأخرىكالألبانوالأتراكوالرومالغجر)…

37 – بداية الطريق نحو التحول الديمقراطي في مقدونيا كانت معانتخابات 11 و 25 نوفمبر 1990 , تاريخمجيءفريقسياسيجديد  DPMNU /IMPRO علىرأسالسلطةالمشكلةمنطرفمجموعةمنالقوميينفقدحصلتالتشكيلتين  على 37 مقعدمنأصل 120 , متبوعينبالشيوعيين-الإصلاحيين(PDT) الذي تحول الى الربطة الاشتراكية الديمقراطية SDLM و شكلهذاالتاريخبدايةللمشاكلبالنسبةلسكانهذهالجمهوريةفقدكانعلىمقدونيامواجهةأربعتحدياتهيبذلك:

– أزمةاقتصاديةفيظلاقتصادمتخلفهيكليومزمن.

– إشكاليةالتعايشمعالأقلياتالقوميةالأخرىخاصة الصربيةوالألبانية

– انعكاساتعدمالاعترافالدوليباستقلالهامنطرف المجتمع  الدوليوذلكالىغايةربيع 1993

– الجوارالجيوسياسيالمعادي.

38- KADARE (ismail),simic (Pedrag), « LE SUD DES BALKANS: vues de la région » ,Cahier de Chaillot 46 Avril 2001, Institut D’études de Sécurité de l’UEO, imprimé à Alençon (france) ,p: 56.

39- RUPNIK (Jacques), op.-cit ,p : 80.

40- عوض (عثمان),نفس المرجع ,ص:82.

41- GLENNY (Misha),THE FALL OF YUGOSLAVIA:the third Balkan war.PENGUIN,LONDON,1992.p:37.

42– للإشارة أن دستور 1974 حاول التخفيف من حدة هذه الخلافات و إرضاء جميع الإطراف, فعمل على تحويل جوهري للصلاحيات نحو الجمهورياتالست واقليمي الحكم الذاتي

 43-حسب مطالب السلوفين والكروات , و في نفس الوقت عمل على استمرار سلطة سياسية قوية في بلغراد (رابطة الشيوعيين اليوغسلاف) في ظل التفوق العددي للقادة الصرب في مختلف أجهزة الدولة الفيدرالية خاصة في المؤسسة العسكرية و في جهاز الشرطة و الجهاز الدبلوماسي .

44- الدستور اليوغسلافي الأول تم اعتماده في 31 جانفي 1946 من طرف المجلس الدستوري الذي أقرته الانتخابات التشريعية التي جرت في 11نوفمبر 1945 و التي اقرت بتساوي الشعوب المشكلة للفيدرالية دون التمييز بين القوميات والديانات بقيادة الماريشال تيتو, الدستور الثاني تم اعتماده في 7 افريل 1963و الذي اقر صلاحيات اكثر لصالح الجمهوريات وإقليما الحكم الذاتي ,الدستور الثالث جاء عام 1974 لتعميق اللامركزية و الشكل الفيدرالي ليوغسلافيا و اعتماد الماريشال تيتو رئيسا مدى الحياة على أن تحل محله بعد وفاته قيادة جماعية .

45- سلوبودان ميلوزوفيتش (MILOSEVIC  SLOBODAN):ولد في 20 أوت 1941 من جنسية صربية متحصل على ليسانس في القانون بدأ حياته المهنية في مجال التسيير البنكي حيث أصبح مديرا لأكبر بنك في يوغسلافيا من 1978 الى 1983 .في 1984 وصل الى رئاسة رابطة الشيوعيين اليوغسلاف لمدينة بلغراد في 1986 انتخب رئيسا لرابطة الشيوعيين اليوغسلاف لصربيا قبل أن تصبح في 1990 الحزب الاشتراكي الصربيSPS في 1989 أصبح رئيسا لصربيا ليبقى في هذا المنصب الى غاية 1997 التاريخ الذي أصبح فيه رئيسا للجمهورية الفيدرالية اليوغسلافية

(RFY)-46 . في عام 2000 يخرج ميلوزوفيتش من سدة الحكم بعد انهزامه في الإنتخابات الرئاسية .

و طيلة حكمه اعتمد ميلوزيفيتش على سياسة قومية تسعى الى انشاء صربيا الكبرى و كان طبعا كل من الكروات و البوسنيين و البان كوسوفو هم ضحايا هذه السياسة التي امتدت اكثر من 10 سنوات و خلفت مئات القتلى .

و في عام 2001 قد احيل الى محكمة لاهاي ليحاكم على مسؤوليته في الصراع في كرواتيا 1991-1995 في البوسنة 1992-1995 و في كوسوفو 1998-1999 و تعددت التهم المنسوبة اليه من مجرم ضد انسانية و مجرم حرب في كل من الصراع في كرواتيا وكوسوفو من خلال مسؤوليته في طرد مئات الآلاف من الكروات و البان كوسوفو و المدنيين غير الصرب و قتل و اعتقال آلاف المدنيين في ظروف لاانسانية و لكن التهمة الأخطر تتعلق بمسؤوليته عن سياسة التطهير العرقي في الصراع في البوسنة و الهرسك و هي أعلى التهم الموجهة له من محكمة الجنائية الدوليةTPI (tribunal pénal international)  الذي أنشىء من طرف مجلس الأمن الدولي عام 1993 لمحاكمة حالات التعدي على حقوق الإنسان في يوغسلافيا سابقا مقره في لاهاي بهولندا و يتكون من 11 قاض نائبه العام يعين من طرف مجلس الأمن و لغات العمل به هي الفرنسية والإنجليزية.

47- بينيومي 26 و 30 سبتمبر 1991 قامألبانكوسوفوبتنظيماستفتاءسريبخصوصسيادةو استقلالكوسوفوصوتلهالألبانبنسبة 99.7 %, ليتمالإعلانعنميلاد”جمهوريةكوسوفو اليوغسلافيةو تم انتخاب ابراهيم روغوفا  IBRAIM RUGOVAعلى رأس القيادة  .

48- إن حرب السلاف الجنوبيين بدأت في هذا الإقليم المتنازع عليه مند قرون بين الصرب والألبان في معركة كوسوفو عام 1389

49- يجبالتفريقبين “سلوفينيا-Slovénie “الجمهوريةو “سلافونيا “Slavonie -وهيمنطقةكرواتيةتقطنهاأقليةصربية.

50- vsevolod(sammocvalov).  “Relation In The Russia Ukraine Eu Triangle.Zero Sume Game Or Not”.occasional paper .iss .no 68.2007.p18.

49- Taras Kuzio.” OrangeRevolution. The Opposition’s Road to Success”, Journal of Democracy, vol.16, no.2(April 2005) , pp.11 – 30

51- اول من ترأس السلطة التنفيذية  ليونيد دانيلوفيتش كوتشما (انتخب لدورة ثانية في 14 نوفمبر 1999م) فيما تولى رئاسة الحكومة فيكتور يوشينكو في ديسمبر 1999م …و تتشكل الحكومة بعد قيام الرئيس باختيار رئيس الحكومة والوزراء وتتم الموافقة عليهم من قبل البرلمان الأوكراني المكون من غرفة واحدة تضم 450 نائبا ينص قانون الانتخابات على تخصيص نصف مقاعد البرلمان للقوائم الحزبية التي تحصل على ما لا يقل عن 4% من أصوات الناخبين .. وبقية المقاعد للنواب المنتخبين في الدوائر الانتخابية … تستمر دورة البرلمان المنتخب لمدة 4 سنوات و اهم الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان : الحزب الشيوعي الأوكراني , الروخ القومي الأوكراني, الحزبالوطني الديمقراطي, غرامادا, الحزب الاشتراكي التقدمي , الحزب الاشتراكي, الخضر , الحزب الاشتراكي الديمقراطي الموحد.

52- bruce(Valerie J). Sharon( L. Wolchik),”International Diffusion and Postcommunist Electoral Revolutions“, Communist and Post communist Studies,. Vol. 39, no. 3 . london 2006 .p.25.

53- مقارنة بالثورات الانتخابية في دول أخري تعد الثورة البرتقالية هي الأولي التي كثفت استخدام الهاتف المحمول، والانترنت علي نطاق واسع إلي الحد الذي دفع بعض المراقبين إلي وصفها بالثورة الرقمية الأولي.

54 – و عن الانتخابات على المستوى الوطني سواء انتخاب الرئيس أو المجلس التشريعي لحقبة حكم أمدها خمس سنوات. يتكون البرلمان الأوكراني المسمى فيركوفنا رادا من 450 عضواَ، وقد كانت هذه المدة تستمر لأربع سنوات فقط قبل التعديل الدستوري الذي جرى في العام 2004 . وقبل العام 1998 كان جميع أعضاء المجلس التشريعي ينتخبون بواسطة نظام الاختيار للمقعد الواحد، لكن الحقبة الفاصلة بين عامي 1998 و2002 شهدت انتخاب نصف الأعضاء بواسطة نظام التمثيل التناسبي ليصبح جميع أعضاء المجلس منتخبين بواسطة هذا النظام الأخير بعد العام 2006 . وتمتلك أوكرانيا نظاماً سياسياً متعدد الأحزاب يوجد فيه عدد كبير من الأحزاب والحركات والتيارات لذلك لم يتمكن أي حزب لحد الآن من الحصول على السلطة لوحده وصارت الأحزاب تعمل مع بعضها لتشكيل الحكومات الائتلافية. ويجري في الانتخابات الأوكرانية أيضاً انتخاب الهيئات التمثيلية ورؤساء الحكومات المحلية ويتوجب على الانتخابات أن تشهد إقبالاً يتجاوز 50 بالمئة لاعلانها انتخابات رسمية . وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات الخاصة بالمجلس التشريعي منذ العام 1994 هي 68.13 بالمئة، فيما كانت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية هي 73 بالمئة.ووصلت العملية الانتخابية في أوكرانيا مرحلة من النضج جعلت هيئة مصوتي أوكرانيا تقول إنها تعتقد أن استخدام الموارد الإدارية للدولة من القوى السياسية في حملاتها الانتخابية على المستوى المحلي أو الوطني لم يعد أمراً حاسماً في تقرير نتائج الانتخابات.

55- Taras Kuzio.op-cit .P 12.

56- زيادة (رضوان).”التحول الديمقراطي في أوربا الشرقية …هل من دروس للعالم العربي“. مجلة الحياة اللندنية .عدد 1578-2007.ص.23

57 -ومن أشهر هؤلاء الباحثين لاري دايموند Larry Diamond- أستاذ العلوم السياسية والزميل بمعهد هوفر Hoover بجامعة ستانفورد، ومايكل ماكفول Michael McFaul- مدير معهد دراسات التنمية والديمقراطية وحكم القانون CDDRL بالولايات المتحدة الأمريكية

58- فوزي( سامح)،ألوانالحريةالموجةالرابعةللتحولالديمقراطيفيالعالمرؤيةلمصر.القاهرة: الشروق الدولية،2007, ص:14 .

اهاب الزلاقي و اخرون .حركات التغير الديقراطي بين الواقع و الطموح .خبرات من اوربا الشرقية و العالم العربي .القاهرة مركز القاهرة للنشر و التوزيع .2007

59 – bruce(Valerie J). Sharon( L. Wolchik),op-cit.p 35

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …