التغير المناخي وأزمة السياسات المائية لدول الجوار العراقي
فواد الكنجي
يواجه العراق خطر جفاف نهري دجلة والفرات، الأمر الذي سيؤدي خلال السنوات القادمة إلى أن يصبح العراق – بلاد ما بين النهرين – أرضاً بلا أنهار، فشح المياه بدأت تزداد رويداً رويداً كل عام، وذلك بسبب تواجد أغلب فروع ومنابع نهري دجلة والفرات خارج الحدود الإقليمية لدولة العراق.
فدول المنبع – إيران وتركيا – تنشأ سدوداً وتقوم بتغيير مسارات مجاري الأنهار الفرعية إلى داخل أراضيهم بعيد عن مجرى الرئيسي الطبيعية لنهري دجلة والفرات، بما أثر تأثيراً بالغاً على منسوب النهرين؛ لتعاني دولة المصب الأخير لهما – العراق – مشكل انخفاض مناسيب المياه لهذين النهرين؛ بما أثر على الزراعة والثروة الحيوانية والتجمعات الريفية التي تتواجد حول النهرين وعلى طول امتدادهما داخل الأراضي العراقية؛ وهذا ما يثير الكثير من القضايا الخلافية بين العراق ودول المنبع تركيا، وسوريا، وإيران، نتيجة عدم توصل العراق إلى اتفاقيات ومعاهدات ملزمة بين هذه الدول في مجال إنشاء السدود والمشاريع المائية على المجرى المائي الدولي بما يحقق العدالة المائية في تقاسم المياه.
ووفق توقعات مؤشر (الإجهاد المائي) فإنه بحلول عام 2040 سيصل انخفاض المياه السطحية بحدود واحد وخمسين مليار متر مكعب سنوياً بعد انجاز أغلب السدود والمشاريع المائية خارج الحدود على مجرى نهري دجلة والفرات، فنقص الإيرادات المائية ستلحق أضراراً كبيرة لمستوطنات الريفية المحاذية لمجرى الأنهار؛ كما ستخلق لهم معاناة نتيجة ما سيلحقه هذا النقص على حصصهم المائية والزراعة والثروة السمكية، لأن نوعية المياه العراقية، وخاصة في الأجزاء السفلى لمجرى نهري دجلة والفرات، ستتلوث، مما يؤدي إلى عدم صلاحية المياه للاستخدام البشري والزراعي والحيواني؛ ويعود ذلك أيضاً إلى أن مياه الصرف عن مشاريع الري المقامة في دول منابع النهر ستؤدي إلى تركيز الملوحة في المياه الواردة، خاصة المياه القادمة من إيران على نهر دجلة، لتسبب أثار سلبية على مشاريع الري نتيجة الترسبات الملحية ونقص الوارد المائي في شط العرب، وهو ما أدي بالفعل حتى الآن إلى تغيير واضح للعلامات الحدودية بين البلدين لدرجة التي زاد من مساحة المياه الإقليمية لـ(إيران) على حساب العراق، ليترك هذا الأمر أضرار في عمل الموانئ ومراسي السفن العراقية، إضافة إلى تأثير قطاعات أخرى عديدة وأهمها منظومات الطاقة الكهرومائية، وهذا سينعكس سلباً على القطاعات الصناعية والإنتاجية (العراقية) التي تعتمد على هذه الطاقة.
فالأضرار التي تتعرض العراق نتيجة بناء سدود وتغير مجرى أنهار المنبع في تركيا، وإيران، وسوريا، هي أضرار جسيمة، إضافة إلى ذلك، فهناك أضرار أخرى يتعرض لها العراق لا تقل خطورة عما ذكرناه، ألا وهي: التغيرات المناخية البيئية، وزيادة العواصف الرملية بسبب جفاف مناطق مثل(هور الحويزة وأهوار ميسان)، وكذلك انخفاض منسوب بحيرة الحبانية، ووادي الثرثار، نتيجة تأثرهما بنقص الوارد المائي من تركيا وإيران وسوريا، بكون جغرافية العراق يقع في مصب جميع الأنهار الآتية من هذه الدول، ولهذا السبب تتناقص كميات المياه في الخزانات والبحيرات والأنهار العراقية إلى مستويات حرجة، الأمر الذي يؤثر سلباً في تغذية المياه الجوفية والأهوار والبحيرات.
ويتأثر العراق فوق كل هذه العوامل بعوامل أخرى يفرضها موقعه الجغرافي، فـ(التغير المناخي) لا يقل خطورة من بناء السدود وتغيير مجرى الأنهار من مناطق المنبع، فالعوامل المناخية تفعل فعلتها في نقص هطول الإمطار وإطالة فصل الصيف وتزايد موجات الحر الذي وسع من تصحر الأراضي العراقية، ما أثر على تعرض البلاد إلى عواصف غبارية ورملية على مدار السنة، الأمر الذي ساهم في زيادة نسبة تبخر المياه.
هذه العوامل من نقص هطول الإمطار وارتفاع درجات الحرارة وإطالة فصل الصيف وزيادة العواصف الغبارية والترابية التي باتت تضرب مدن وأرياف العراق خاصة الجنوبية وبشكل يومي تقريباً، بما أدى إلى انقراض الكثير من أنواع الأسماك، بكون أغلب الأهوار والمسطحات المائية الجنوبية تحولت إلى براري موحشة قاحلة بعد أن كانت من أكبر المحميات الطبيعية على وجه الأرض، ولكن للأسف أغلب هذه الأهوار اليوم تصحرت بعد أن توسعت مساحات التصحر الأراضي على حساب المساحات الخضراء التي تتناقص رويداً رويداً.
كل هذه العوامل تعطي مؤشرات خطيرة عن التغير المناخي الذي يتعرض العراق، وبما يؤدي إلى تدهور الأوضاع الصحة العامة للمجتمع، بارتفاع نسبة الأمراض التنفسية كالحساسية والربو والأزمات القلبية وأمراض سوء التغذية وانتشار الأمراض وتفاقم الأوبئة.
كما أن لتغير المناخ أخطار أخرى يهدد الأمن الغذائي للمجتمع بتراجع الموارد المائية الذي يؤثر على الإنتاج الزراعي والحيواني، كما أنه يتسبب في نقص مساحات الغطاء النباتي، وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي على الأراضي العراقية، وبالتالي فإن التغير المناخي له تداعيات يهدد الاستثمار الاقتصادي والزراعي والحيواني بما يعكس سلباً على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بشكل عام .
ولما كان العراق يعتمد على المياه العذبة الواردة من نهري دجلة والفرات، حيث تشكل الأمطار بحدود ثلاثين في المائة من موارد العراق المائية، بينما تشكل مياه الأنهار الممتدة من تركيا، وإيران، وسوريا، حولي سبعين في المائة، فهذه الدول التي تشرع بدون توقف في بناء سدود وتغيير مجرى الأنهار – كما تفعل (إيران)- وإن نقص في كمية سقوط الأمطار والثلوج بصورة عامة في مناطق المنبع وخاصة في المرتفعات، ومع زيادة معدل الاستهلاك في البلدان المجاورة والعراق أيضاً، كلها عوامل أدت إلى شح المياه العذبة في العراق.
ففي الوقت الذي تتفاقم هذه الأوضاع المائية، فإن العاملين في حقول الزراعة في العراق مازالوا يعتمدون الأساليب القديمة في إدارة الموارد المائية، وهم غير مطلعي أو مدركين ظروف التغيرات المناخية في منطقتنا، بقدر ما يشكون من خصوبة التربة وفقدان الأراضي الزراعية والتي جلها تعود إلى نقص الرطوبة في التربة وزيادة العواصف الغبارية والرملية والترابية، فالمؤثر المناخي يفعل فعلته في زيادة نسب التصحر والملوحة والتلوث التي ترتفع في عموم الأراضي العراقية، وخصوصاً في مناطق الأهوار الجنوبية.
إن انخفاض منسوب المياه في نهري دجلة والفرات سيؤدي إلى توقف العمل في منظومات توليد الطاقة الكهربائية المقامة على هذين النهرين، خصوصا في سد الموصل، وسد دوكان، وسد دربندخان، وسد سامراء، كما ستنخفض مناسيب الخزانات الطبيعية التي يعتمد العراق عليها في مواسم الجفاف، كبحيرتي الثرثار والحبانية، إضافة إلى ذلك فإن أغلب الفلاحين لا يستخدمون طرق الزراعة الحديثة بكونها لم تنتشر بعد بشكل كاف في العراق، مما يسبب في إهدار المياه؛ لإن منظومة الزراعية في العراق للأسف لم تشرع في استثمار وتكوين البحيرات وبناء مزيد من السدود أو بناء الحواجز لحجز المياه لتكون بمثابة خزانات مياه يستفاد منا أثناء الحاجة، طالما أن دول المنبع مستمرة في سياساتها المائية الذاتية بغض النظر بما يترتب على ذلك من أضرار كبيره تلحق بدولة المصب العراق، وذلك بإنشاء السدود من دون التشاور مع العراق ودون العمل بالأعراف والقوانين الدولية المتعلقة بالأنهر بين دول المنبع والمصب.
فتركيا تعتبر مياه دجلة والفرات ملكا لها، ولا تراعي احتياجات العراق التي هي دولة المصب لهذه الأنهر، فتقوم دون الاكتراث بإنشاء المزيد من السدود، فبعد أن قاموا ببناء سد أتاتورك العملاق، أنشئوا سد ثاني الذي يعتبر ثاني أكبر السدود التركية إلا وهو سد إليسو على نهر دجلة وخزانه المائي يعتبر الأكبر في العالم، الذي بلغ كامل طاقته التخزينية في كانون الأول 2020، مما أدى إلى ظهور ملامح نقص وارداته المائية على نهر دجلة، الذي تأثرت إمداداته بشكل واضح، وإضافة إلى ذلك فإن تركيا تعتزم تنفيذ مشروع سد الجزيرة على نهر دجلة أيضا، وهذا المشروع تأثيره على العراق سيكون أكبر من تأثير سد أليسو، لكون سد الجزيرة إروائي، والطبيعة الإروائية لسد الجزيرة هي حجز المياه من حصة العراق المائية التي هي أساسا قليلة، والذي تم تنفيذه دون الاتفاق بين الجانبين التركي والعراقي، وان المباحثات واتصالات (عراقية – تركية) بهذا السد مازالت في أولها والتي تشدد على وجوب الحفاظ على حصص العراق المائية، أما على نهر الفرات فإن تركيا قامت أيضا ببناء سدود أدى إلى نقص من كمية مياه النهر التي تصل إلى العراق إلى نحو نصف الكمية التي كانت تصل العراق قبل 2003، بعد أن أقامت تركيا خلال السنوات الأخيرة ببناء أكثر من عشرين سدا مائيا على نهري دجلة والفرات.
أما إيران فهي تقوم بتحويل مجاري الأنهار الفرعية التي تنبع من أراضيها وتصب في العراق، وذلك بشق الأنفاق وتحويل مجرى الأنهار مع بناء سدود، فهناك أكثر من أربعين نهراً ووادياً ينبع ويجري من الأراضي الإيرانية ويصب في أنهار العراقية، وعلى كل هذه الأنهر والوديان أقامت إيران سدودا وتحويرات، فعلى نهر الزاب الأسفل أقامت إيران مشروعين مائيين، الأول على نهر سيروان، والثاني على نهر ألوند، لتغيير مسارات الأنهار باتجاه عمق الأراضي الإيرانية، فنجد أن إيران قامت ببناء سد على نهر كارون بعد أن قاموا بحفر نفقين تحت جبليين ضخمين لنقل مياه نهر (سيروان) إلى الداخل (الإيراني)، وإقامة سد ضخم على نهر (الكارون – المسرقان، وقطع مياهه عن العراق؛ ما أدى إلى قلة واردات المياه إلى شط العرب، إضافة إلى تأثير نهر الكرخه، حيث قامت إيران بإنشاء سد عملاق علية وبسعة تخزينية هائلة مما أثر على إمداد نهر دجلة من مياه؛ فهذا النهر الذي يصب مياه في هور الحويزة جنوب شرق مدينة العمارة، والذي يغذي بدوره نهر دجلة شمال القرنة عن طريق نهر الكسارة وشط العرب جنوب القرنة عن طريق نهر السويب، ليسبب كل ذلك إلى انخفاض مياه شط العرب إلى أدنى مستوياتها مما يسهم في تفاقم أزمة مياه شط العرب، مما جعل مياه الخليج العربي المالحة تصعد شمالاً إلى محافظة البصرة، وتحديدا إلى شبكة جداول – أو غابات النخيل – فاجتاحتها بملوحتها لتذبل أغلب الأشجار وتموت.
وبالإضافة إلى ذلك فإن إيران جعلت من شط العرب مكباً لنفايات مصافيها النفطية ولمياه الصرف الصحي، كما أنها قامت بقطع مياه نهر كرخة، وبناء عدة سدود عليه، كما قامت بتحويل مياه نهري الوند، وجنكان جم، إلى الداخل الإيراني، وقطع مياه نهر قره تو؛ كما أقاموا سداً على نهر دويريج، وهو الذي كان يصب في هور المشرح، مما أدى إلى جفاف مناطق عراقية، وهجر أغلبية السكان من ذو التجمعات الريفية من محيط هذه المناطق، كما أقامت إيران سد على نهر الطيب، وهذه الإجراءات في بناء السدود وتحوير مجرى الأنهار وشق الأنفاق لتحوير مجرى الأنهار التي تقوم إيران بتنفيذها على قدم وساق دون الاكتراث ما تلحق هذه التصرفات من تأثيرات على العراق.
وفعلاً.. اليوم بدأ تأثيرها واضحاً داخل العراقي، وأخذ سكان قرى العراقية، يشعرون بتأثير نقص تدفقات المياه من إيران منذ عامين، مما تسبب هذا النقص تأثيرات واضحة ومؤلمة على المجتمعات المقيمة عند المصب النهر الواردة من إيران إلى العراق.
أما سوريا.. فإن من جانبها ومنذ عام 1966 وما بعدها أنشأت سدود عده منها سد الطبقه؛ وحين تم تشغيله تأثر مياه نهر الفرات بشكل واضح، ثم بعدها شرعت سوريا إلى إقامة وتطوير العديد من المشاريع المائية، منها مشروع سد البعث، وسد تشرين الكهرومائي، وأربعة سدود على نهر الخابور في منطقة الحسكة على نهر الفرات.
أما على نهر دجلة، فقد تم إنشاء محطة ضخ من النهر إلى قناة عين دوار، ومحطة الماليكة، وسد الباسل، ومشروع سحب مياه نهر دجلة إلى مدينة الحسكة ضمن مشاريع الري على نهر الخابور، وكل هذه المشاريع كان لها تأثيراً واضحاً وأضراراً سلبيةً على الواقع الاقتصادي والزراعي والبيئي العراقي.
وبصورة عامة فإن هذه المشاريع وبناء السدود وتحويرات الأنهر في كل من تركيا، وإيران، وسوريا، أغلبها تم تنفيذها بعيدًا عن الأعراف والقوانين الدولية ودون التشاور أو الاتفاق مع الجانب العراقي، رغم وجود عدة اتفاقيات ومعاهدات بين العراق وتركيا، وإيران، وسوريا، ولكن هذه الدول لا تلتزم بها وفقا لمصالحها في حماية الموارد المائية لبلدانهم بدون إن تراعي أية من هذه الدول الثلاث خصوصيات الواقع العراقي، المائي الحالي بما يضمن حصته واحتياجاته من المياه بشكل عادل، فإنشاء هذه السدود الاروائية والتي حجزت خلالها كميات كبيرة من المياه الواردة إلى العراق، وهو ما يتعارض مع مبادئ القانون الدولي في تقاسم مياه الأنهار المشتركة.
ومن هنا لابد للدولة العراقية) وضع استراتيجية إدارة الموارد المائية وتوسيع التنسيق والتشاور مع هذه الدول والضغط على دول المنبع والمجرى بضرورة التفاوض والتعاون بشكل بناء و وفقا لقواعد القانون الدولي للتوصل إلى اتفاقيات ومعاهدات تراعي الواقع المائي في العراق) بعد تأثره من نقص إمدادات المياه لنهري دجلة والفرات. وليتم إدارة ملف المياه بشكل أفضل بما يتم بشكل عادل تقاسم للمياه بين دول الثلاث، طالما أن المنطقة بصورة عامة تتأثر بالتغيرات المناخية، وما ترتب عليه من شح الأمطار ومن نقص المياه الذي يشكل مصدر قلقا لكل دول المنطقة، لأنه سيتسبب بانخفاض وجفاف الأنهر وتصحر الأراضي بصورة عامه والعراق بصورة خاصة،؛ وذلك بنحو سبعين في المائة من مياه نهري دجلة والفرات، لأن مياههما ستنخفض إلى أقل من النصف، الأمر الذي سيؤدي إلى إخراج ثلث الأراضي الزراعية من الاستخدام، لتتحول إلى صحارى، لأن نسبة التلوث بالملوثات والأملاح الناتجة عن الاستهلاك والزراعة والصناعة بما تصبح مياه غير صالحة للشرب نتيجة تلوثها، بعد أن تكون أغلب المياه الآتية من نهري دجلة والفرات ستمر في مولدات الطاقة الكهرومائية إضافة إلى تلوث المياه بمنظومة الصرف الصحي للمدن الواقعة على نهر دجلة والفرات.
وأمام هذه التحديات التي تواجهها منظوم المياه في العراق، فإن الدولة العراقية معنية بإيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة من خلال ملف التعاون والاتفاق الشامل مع كل من تركيا، وإيران، وسوريا، يضمن حقوق العراق المائية بين هذه الدول التي تؤثر على مصادر مياه دجلة والفرات، ولا خيار أمام الدولة العراقية إلا بالضغط على دول المنبع والمجرى من خلال الملف الاقتصادي، طالما أن تركيا وإيران وسوريا يؤكدن بأن الغرض من بناء السدود هو السيطرة على هدر المياه وليس تجفيف الأنهر وحماية مواردهم المائية قبل أن تصل حد النضوب واستخدامها بكفاءة وإدارتها بشكل صحيح، لأن أمر المياه لم يعد عند هذه الدول خيارا بل ضرورة لمواجهة أخطار الجفاف والتغير المناخي وتبعات نقص الغذاء، حيث يزداد الضغط على الموارد المائية مع ازدياد القحط وتغير المناخ و الزيادة المتصاعدة لعدد السكان.
ومن هذه الحقائق على (العراق) إن يفكر تفكيرا جادا في كيفية إدارة ملف المياه وعدم هدر المياه؛ لان وسائل الري التي تستخدمها مازالت متخلفة وقديمة؛ وهذا ما يسبب إلى هدر كبير في المياه إضافة إلى عدم وجود بنى تحتية جيدة لري الحديث، ومن هنا لابد لدولة (العراقية) إن تفكر في وضع الأراضي الزراعية للاستثمار وتشجيع المستثمرين لتقوم الشركات الاستثمارية بدورها الايجابي بتطوير واقع الريف (العراقي) بشكل حديث ومتطور وبما يجري العمل على مكافحة تلوث الأنهار وإنشاء مصانع لوسائل الري الحديثة؛ ومواجهة آثار الاحتباس الحراري لتقليص هدر المياه؛ بتشريع قوانين وإقرار سياسات ناجحة؛ لان من شان هذه القوانين والسياسات والآليات إن تفعل فعلها الإيجابي في تقوية الجانب (العراقي) لعدم خضوعه لإرادة وضغوط الدول؛ بما يمكنه من فرض وبتطبيق بدائل لإدارة الموارد المائية بأساليب حديثة وبما يؤدي إلى ترشيد استهلاك للمياه وتطوير وسائل الري واستثمار مياه الأمطار والمياه الجوفية ومياه الصرف الصناعي والزراعي وتحلية المياه المالحة وإنشاء سدود لتقليل هدر المياه، ليتم (للعراق) إعادة ضبط التوازن في العلاقات مع هذه الدول أي بين (تركيا) و(إيران) و(سوريا) طالما إن غياب الاستقرار السياسي يسود بينهما؛ وان كل الأطراف لها مخاوف أمنية منها، وهذا ما يجب إن تستثمره (العراق) لصالحها لتعزيز التعاون الإقليمي بما يعزز دور (العراق) السياسي مع هذه الدول لحاجته للمياه نتيجة الزيادة السكانية المتوقعة خلال السنوات القادمة، ولما كان (العراق) يتميز بإنتاج هائل من (النفط) فعليه إن يستثمر هذا الجانب الاقتصادي الحيوي في عملية تفاوض عن حصته المائية وضمن الاتفاقات الدولية والالتزام بها؛ إضافة إلى إغراء هذه الدول بمنح (تركيا) و(إيران) و(سوريا) امتيازات تفضيلية على أسعار (النفط) مقابل المياه من أجل الوصول إلى اتفاقيات عادلة تؤمن حاجة (العراق) من المياه؛ ليتم وفق هذه الأسس معالجة للاحتياجات (العراقية) من المياه لنهري (دجلة) و(الفرات) بشكل إيجابي وبما يخدم مصالح (العراق) الاقتصادية والاجتماعية.