الرئيسية / النظم السياسية / الأحزاب والجماعات / نظريات الفعل الجماعي والثورة تطبيقا على الثورة الرومانية ديسمبر 1989
نظريات الفعل الجماعي والثورة تطبيقا على الثورة الرومانية ديسمبر 1989
نظريات الفعل الجماعي والثورة تطبيقا على الثورة الرومانية ديسمبر 1989

نظريات الفعل الجماعي والثورة تطبيقا على الثورة الرومانية ديسمبر 1989

نظريات الفعل الجماعي والثورة تطبيقا على الثورة الرومانية ديسمبر 1989

 

عرض نقدى لمقالة:

نظريات الفعل الجماعي والثورة تطبيقا على الثورة الرومانية ديسمبر 1989

اعداد/أحمد الشورى أبوزيد

إشراف أ.د/على الدين هلال

كلية الاقتصاد والعلوم السياسية

قسم علوم سياسية

برنامج تمهيدى دكتوراه في العلوم السياسية

نبذة قصيرة عن الكاتب:

هو البروفسير ريتشارد هال، هو متخصص في الشأن الرومانى وقد حصل على درجة الدكتوراة من جامعة انديانا 1997  وكان موضوعه يتحدث عن الثورة الرومانية، ثم عين بعد ذلك في وكالة الاستخبارات الأمريكية، وقد نشرت تلك المقالة في دورية الدراسات الاوروبية-الأسيوية عام 2000.

التساؤال الرئيسي للمقالة:

تمثلت الإشكالية البحثية التى طرحها هال في ” أن إنهيار النظم الإستبدادية في أوروبا الشرقية  في أواخر الثامنيات جاء بسبب حركات جماهيرية ضخمة، هذه الثورات اتسمت بإفتقادها إلي العنف، سواء كان هذا من قبل النظام، أو من قبل الجماهير الذين قاموا بالعمل الثوري”، بينما الحالة الرومانية اتسمت بالعنف عن غير نظيراتها من الدول الأخريـ، وهذا ما دفعه لدراسة تلك الحالة محاولاً تفسيرا لهذه الظاهرة.

وللإجابة على هذا التساؤال لجأ الى عدد من الأدبيات التى تفسر الفعل الثورى، لكى يقوم بتطبيقها على الثورة الرومانية، وتمثلت تلك الأدبيات في في خمسة افتراضات نظرية:

 

أولاً: أن النظم المختلفة يمكن أن تحدد شكل المعارضة القائمة، وإلي مدى يساهم هذا في اتاحة الفرصة للتغيير.

ثانياً: أن المصالح المشتركة والهوية وأسلوب التنظيم يؤثر على قدرة الجماعات على الإستجابة في التغييرات في هيكل الفرص السياسية.

ثالثاً: إستجابة أو عدم إستجابة النظام للاحتجاجات الإجتماعية والتى تلعب دورا فاعلاً في العملية الثورية.

رابعاً: موقف الجيش من الثورة سواء في انجاح الثورة أو افشالها، فمن الممكن أن يقف على الحياد، أو أن يقمع الثورة، أو يؤيد الثورة.

خامساً: التوقعات خلال العمل الثورى بمعنى: هل هناك توقعات بالمشاركة أعداد كبيرة من الجماهير في الحركة الثورية.

وبعد أن استعرض تلك الادبيات والافتراضيات النظرية للثورة، قام بتقسيم الثورة الرومانية إلي خمس مراحل، ثم قام بتطبيق تلك الإفتراضات في كل مرحلة من مراحل الثورة الرومانية.

المرحلة الأولى: تحديد خصائص وسمات نظام تشاوسسكو.

المرحلة الثانية: إندلاع الاحتجاجات والحركات الجماهيرية ضد النظام

المرحلة الثالثة: نمو واتساع الحركات ضد النظام، حيث بدأت الاحتجاجات من من الأطراف حتى وصلت الي المركز.

المرحلة الرابعة: إنهيار النظام.

المرحلة الخامسة: الإستيلاء على السلطة عقب انهيار النظام.

ثم قام كما ذكرنا سابقا بتطبيق أدبيات الثورية والفعل الجماعي على الثورة الرومانية.

أ-النظام يحدد شكل المعارضة:

يشير هال إلي أن تلك الفكره تم تناولها من قبل على يد هوبز وتوكفيل.  ويشير إلي أن التحول في أوروبا الشرقية كان سلمى مثلما حدث في المجر وبولندة، وكان أقل استخداما للعنف، وعزى ذلك الى أن المعارضة كان لديها مساحة للتحرك والتعبير عن نفسها حتى وان لم يكن مسموح لها قانونا.

بينما النظام الرومانى كان يحدد شكل معارضته من خلال تحديد المجال السياسي والأيدولوجي للمعارضة، وأيضا تحديد القضايا التى يجب أن تأخذها المعارضة في الإعتبار، كما أن نمط العلاقات العدائية للنظام تشاوسسكو تجاه الاتحاد السوفيتى ، حيث كان بيلصق تهم العمالة للنظام السوفيتى لمعارضيه. هذا الخناق على المعارضة دفعها الي العمل السري والتركيز على الاطاحة بتشاوسسكو، كما أن هذا الخناق جعل تأثير المعارضة محدودة، حيث ساهم في عزل النخبة الحزبية عن المجتمع، مما أدى إلي وجود معارضة شعبية غير منظمة وبالتالي لم يكن تحركها سلميا.

ويؤكد هال إلي أن قدرة النظام على تضييق الخناق على المعارضة ضعفت في أواخر الثامنيات، فلم يتمكن من منع عدد من الكتاب والأكاديميين من كتابة وتوجيه الانتقاد لنظام تشاوسسكو، هذا الظهور أحدث تأثير في المجتمع الرومانى.

ب- قدرة الجماعات غير المنظمة في اندلاع المظاهرات والاحتجاجات المعادية للنظام:

سعى هال للاجابة عن تساؤال أخر وهو :كيف اندلعت المظاهرات المعارضة للنظام الرومانى فجأة في منتصف ديسمبر 1989؟. وأرجع ذلك إلي تغير في هيكل الفرص السياسية، مما سمح للمواطنين إلي أن يتحرروا من الزيف ومحاولة اخفاء أرائهم التى لا يتقبلها النظام.

وتمثل التغير في هيكل الفرص الي بعدين:

1-البعد الداخلى

2- البعد الخارجي

1-بالنسبة للبعد الداخلى ، ففى خريف 1989 كانت هناك فرصة للنخبة الحزبية في الحزب الشيوعى الرومانى الاطاحة بتشاوسسكو، من خلال اقامة حملة تطهير داخل الحزب، لكن لم تحظ النخبة التى انتوت على ذلك تأييد كبير داخل الحزب، حيث تم اعادة انتخاب تشاوسسكو مرة أخرى أمينا عاما للحزب الشيوعى الروماني.

2-البعد الخارجي، ارتبط بسقوط عدد من الأنظمة الشمولية المجاورة للدولة الرومانية مثل المانيا الشرقية وتشيكيا. وارتبط بذلك أيضا بالنظام الدولى، حيث لعب دورا هاما في احداث تغييرات داخل النظم السياسية الشمولية، حيث أن هذا التأثير كان محدوداً في الحالة الرومانية عن باقى دول شرق اروربا، حيث لم يكن للاتحاد السوفيتى قواعد عسكرية في رومانيا، كما أن الحزب الشيوعى الرومانى لم يكن يعتمد في استمراره على الدعم السوفيتى.

وبالتالى فإن نجاح الثورات في بعض الدول المحيطة برومانيا، رفعت سقف الطموح والامال لدى الشعب الرومانى، وامكانية احداث التغيير،  صحيح أن النظام الرومانى حاول التشويه والتعتيم على تلك الأحداث إلا أنها كانت عدد من التقارير التى تم تسريبها والتى أعطت للنخبة الأمل في احداث التغير.

 

وهناك بعض العوامل التى ساعدت تلك الحركات الجماهيرية على النجاح:

-الأيدلوجية، لها تأثير كبير على الجماعات غير المسيسة، حتى وان لم يكن منتمين الي تنظيم سياسي.

-تركيز السلطة في العاصمة، حيث أن هذا التركيز كان سببا في غضب المواطنيين وزيادة الاستياء لديهم مما دفعهم لاسقاط النظام.

ب-دور “المؤسسة الدينية” في تحقيق التلامح القومى على مستوى الجماعات المختلفة.

كان ينظر للكنيسة من قبل النخبة الشيوعية المعارضة، أنها صمام أمان لتحقيق السلم الاجتماعي، وأنها نجحت في الحد من الاعتداءات الاستبدادية من قبل النظام علاوة على معارضتها للنظام. وهذا ما قامت به الكنائس في بولندة والتى لعبت دورا  في الحد من تعديات النظام، وخلق بيئة حاضنة لتقوية المجتمع المدنى. وقد مثلت الكنيسة الكليفانية بالتوازى مع الكنيسة الكاثوليكية دورا هاما في احتضان اعداد كبيرة من الجماعات المختلفة وكذلك الاقليات والمهمشين، وبالتالي حدث نوع من التلاحم بين تلك الجماعات المختلفة، بالاضافة الي شعور تلك الجماعات بالاستياء، وقد تجلى ذلك الاستياء عند اعتقال رئيس الكنيسة الكليفانية 16 ديسمبر 1989، واغتياله، والتى مثلت الشرارة الأولى للثورة الرومانية.

ج-قدرة النظام أو عدم قدرته على الاستجابة لمطالب الجماهير مما ساعد على سقوطه(18-22 ديسمبر 1989)

انتقد هال النظرية البنوية في هذا السياق، لأنها فشلت في تفسير الثورات المتلاحقة للاحداث، كما أنها تجاهلت مخرجات الناتجة عن اتخاذ او عدم اتخاذ القرارات استجابة للثورات والمظاهرات.

ويري هال أنه حدث تطور فى موقف تشاوسسكو تجاه الثورات بداية بالتعتيم، ثم المواجهه، ففي البداية سعى الي التعتيم من خلال محو أى أثر من المظاهرات والاشتباكات، وعدم ترك أي أثر ملموس على أرض الواقع، حيث تم اعادة التشجير، واصلاح المبانى، وتنظيف الشوارع ، كما أنها منعت استقبال السياح تحت زريعة أن الجو غير مناسب، وأنه لا يوجد غرف خالية لاستقبالهم.

ومع تصاعدد الاشتباكات وقتل عدد كبير من المواطنين ، قام تشاوسسكو باستدعاء النعرة القومية، وأعلن ادانته للعمليات الارهابية، ودفعته النزعة القومية والشوفينية الي ارتكاب خطأ سياسي، وهو اعلانه عن تنظيم سباق في مدينة بوخارست لادانة التدخل الاجنبى في الشؤون الداخلية، وعلى الرغم من الاتنقادات التى وجهتله، الا أنه كان يرى أن ما حدث قد يتشابه مع ما فعل في اغسطس 1968 والذي اصبح على اثره زعيما قوميا.

في هذا السباق والذي أذيع  مباشرة على التلفاز، قام عدد من المتظاهرين بالتنديد بما حدث في تيموشورا ، فما كان الى ان حدث صدام وتمت اعمال عنف وقتل وقد نقل هذا عبر شاشات التلفاز.

الخطأ الأخرى، هو اعلان الأعلام الحكومى انتحار وزير الدفاع الرومانى، لم يصدق عدد كبير من الرومانيين تلك الرواية الرسمية واعتقدوا انه قتل من قبل رجال الامن الرومانى، وهذا كان مؤشر على أن مجال المعلومات الذي كان يتحكم فيه تشاوسسكو انهار، وانه اصبح غير قادر على التحكم في الاشاعات التى يتم ترويجهها.

د-مدى ولاء الجيش للنظام أو وقوفه للثورة:

في البداية اشتبك الجيش الرومانى مع المتظاهريين وقاموا باطلاق النار، حيث تم قتل نحو الف مواطن، وجرح الالاف، وعندما وجدة الوحدة العسكرية تماسك المواطنين في تيموشورا توقفوا عن التدخل في المظاهرات، وفي صباح 20 ديسمبر 1989، سمح الجيش بمرور المتظاهرين دون عوائق، بل أن عدد من هؤلاء الجنود رفضوا تنفيذ الأوامر والتحقوا بالمظاهرات ، وسرعان ما اختف قوات الجيش، مما ممكن من 100الف مواطن حوالي 1/3 سكان المدينة من الوصول الي وسط المدينة. وراي هال أن الجيش تكونت لديه قناعة أن مؤسسات الدولة في مرحلة انهيار، وأن أفضل طريقة لمنع تفكك الدولة ومؤسساتها سحب الجيش من الشارع، واعلانه الحياد وعودته لثكناته، كان هذا الموقف فاعلا فى تغيير المعادلة على أرض الواقع، وأدى إلي ادراك الرومانيين أن النظام سقط وادى الى ازدياد المظاهرات أكثر.

ه-مسار الثورة 22-25ديسمبر1989

يرى هال أن الرومانيين كان لديهم شعور بالاستياء تجاه نظام تشاوسسكو، ولكن على الرغم من أن هذا الشعور الا ان المظاهرات والحشود التى تمت في منتصف ديسمبر 1989 وبالتحديد 15ديسمبر كانت محدودة، مشيرا الي أن أهم العوامل التى ادت زيادة الحشود هى تغير ادراك الرومانيين فى لحظة معينة في أنهم من الممكن أن يضحوا بأرواحهم في سبيل ما يؤمنون به بغض النظر عن النتائج. في تلك الأثناء تم تشكيل جبهة منشقة عن الحزب الحاكم بزعامة ابليسكو،”جبهة الانقاذ”، وقروا اعدام تشاوسسكو حتى ينجحوا في السيطرة على الدولة وتحجيم البوليس السرى الذى كان يقوم بأعمال تخريبية.

الخاتمة:

أكد أن الثورة الرومانية كانت مثال لاختبار واضح لنظرية الفعل الجماعى والذي من الممكن ان يساهم في اسقاط الانظمة، مشيرا الي عدم وجود معارضة فاعلة ساهم في تعزيز التأثير الخارجي وهى المظاهرات، علاوة على أن هذا التحرك ضمن جماهير بينهم روابط مشتركة وكذلك احتوى على مهمشين وانصهروا في بوتقة واحدة، كما أن رد فعل النظام ساهم بشكل كبير في اشتعال تلك المظاهرات.

تقييم المقالة:

تمكن الكاتب من تطبيق الافتراضات النظرية للثورة على الحالة الرومانية، ويؤخذ عليه أنه لم يقم بمقارنة الثورة الرومانية بالثورة الإيرانية، حيث سبقت الأخيرة الرومانية بنحو عشرة أعوام، حيث أن النظام الأيرانى شكل معارضته فلم تكن هناك معارضة منظمة، مما أتاح إلي بروز حركات جماهيرية ضخمة، وهذا ما تم أيضا في الثورة الرومانية، كما أن كلتا الثورتين تميزتا بوجود حالات عنف، بل وأن الجيش قام في البداية بقمع المظاهرات.

يأخذ على الكاتب أيضا، أنه لم يوضح العوامل التى دفعت الجيش الرومانى بتغيير موقفه، واقتصر تحليله على تغيير موقفه بسبب تطور الأحداث. كما أنه أيضا لم يتطرق إلي مسار ونتائج الثورة الرومانية، هل حققت نجاحها في هدم وبناء نظام جديد؟.

 

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …