الرئيسية / العلاقات الدولية / السياسة الخارجية / الدبلوماسية غير الحكومية بين حداثة المفهوم وفعالية التأثير
الدبلوماسية غير الحكومية بين حداثة المفهوم وفعالية التأثير
الدبلوماسية غير الحكومية بين حداثة المفهوم وفعالية التأثير

الدبلوماسية غير الحكومية بين حداثة المفهوم وفعالية التأثير

الدبلوماسية غير الحكومية بين حداثة المفهوم وفعالية التأثير

د. كرام محمد الأخـضر

أستـاذ محاضر “ب”

كلية الحقوق جامعة قاصدي مرباح ورقلة

الملخص :

يحاول هذا المقال بحث موضوع الدبلوماسية غير الحكومية كآلية للتمثيل والاتصال والتفاوض بين الدول وباقي الفاعلين الدوليين بما فيهم غير الحكوميين حول كل ما يخص الشؤون الدولية ،هذا المفهوم الناتج عن تحول الدبلوماسية اليوم من مفهومها الكلاسيكي المرتبط بالوظائف الأساسية للبعثات الدبلوماسية التقليدية والاشخاص القائمين عليها، إلى مفهوم جديد يأخذ بعين الاعتبار جميع المؤثرين على الساحة الدولية بما في ذلك الفاعلين غير الحكوميين. وكغيره من المفاهيم الجديدة لاقى هذا المفهوم العديد من الانتقادات التي لم تحل دون تحقيق هذا الشكل الجديد لإنجازات ونجاحات كثيرة على الصعيد الدولي لاسيما في مجال تبني وتكريس عدة نصوص قانونية تحكم وتنظم جوانب هامة في الحياة الدولية.

الكلمات المفتاحية: دبلوماسية، قانون دولي العام، منظمات غير حكومية، معاهدات دولية، فاعلون دوليون جدد.

Résumé:

Cet article est un essai de recherche qui a pour objet la diplomatie non-gouvernementale comme un mécanisme de représentation, de communication et de négociation entre l’État et le reste des acteurs internationaux, gouvernementaux et les non-gouvernementaux à propos de tout ce qui concerne les affaires internationales surtout, ce nouveau concept résultant de la transformation du concept classique de la diplomatie qui est lié dans son sens à la fonction principale des missions diplomatique vers un nouveau concept qui prend en compte tous les acteurs qui ont de l’influence sur la scène internationale, y compris les acteurs non gouvernementaux . Et comme chaque nouveau concept il a rencontré plusieurs critiques mais qui ne peuvent nier l’efficacité de la diplomatie avec ce nouveau concept après ces nombreuses réalisations et ces succès sur le plan international, en particulier l’adoption et la consécration de plusieurs dispositions juridiques qui a pour but le contrôle et la réglementation les aspects importants de la vie internationale.

Mots clés: la diplomatie, le droit public international, les organisations non-gouvernementales,

les traités internationaux, les nouveaux acteurs internationaux

Abstract:

This article attempts to discuss the non-governmental diplomacy as a mechanism of representation, communication and negotiation between the State and the rest of the international actors, including the non-governmental actors about the international affairs, This new concept resulting from diplomacy shift today from the classic concept associated with the basic functions of traditional diplomatic missions and persons engaged in it, a new concept that takes into account all influential in the international arena, including non-state actors. And Like other new concepts met this concept many of the criticisms that did not prevent the achievement of this new form of the many achievements and successes on the international level, especially in the field of adoption and to devote several legal provisions to control and regulate important aspects of international life.

Keywords: diplomacy, public international law, non-governmental organizations, international treaties, new international actors.

مقدمة:

أدت التحولات التي شهدها المجتمع الدولي في السنوات الأخيرة إلى ظهور العديد من الفاعلين غير الحكوميين. الذين صار لهم تأثير بالغ في رسم وتسيير الشؤون الدولية، وتزايد هذا التأثير إلى حد أنه بات يشكل مسار ثانيا يسير جنبا إلى جنب مع الدبلوماسية التقليدية، بشكليها الثنائي ومتعدد الأطراف وذلك ما حذا بعدد من الكتاب إلى إطلاق لفظ الدبلوماسية غير الحكومية على هذا النشاط.

وتعتبر المنظمات الدولية غير الحكومية الفاعل الرئيسي في هذه الدبلوماسية، ودليل ذلك اقتران كل انجازات الدبلوماسية غير الحكومية باسم واحدة أو مجموعة من تلك المنظمات، كما هو الحال بالنسبة لاتفاقية حظر الألغام الأرضية المضادة للأفراد التي ارتبط وجودها باسم الحملة الدولية لحظر الألغام الراضية التي ضمت ثلة من المنظمات غير الحكومية. وتوضيح مدى تأثير الدبلوماسية غير الحكومية على العلاقات الدولية يحتاج منا أولا الإحاطة بمفهومها ثم التعريف بالفاعلين الرئيسيين فيها ووسائل عملها وإعطاء نماذج عنها تبرز ذلك التأثير.

المطلب الأول: الإطار المفاهيمي للدبلوماسية غير الحكومية

إن التأثير المتزايد للمنظمات غير الحكومية أحدث زخما كبيرا لدى الأوساط الأكاديمية حول مفهوم الدبلوماسية غير الحكومية الذي لا يزال مفهوما ذا طبيعة فضفاضة، لاسيما في ظل بروز العديد من المسميات والتعابير الدالة عليه، مثل دبلوماسية المسار الثاني، أو دبلوماسية المنظمات غير الحكومية، أو السياسة غير الحكومية…، وغيرها من الاصطلاحات التي تعبر عن تأثير النشاطات غير الحكومية في العلاقات الدولية. وتقتضي الضرورة العلمية منا القيام بإماطة اللثام عن حقيقة هذا النوع من الدبلوماسية وطبيعتها ومدى امتلاكها لمقومات العمل الدبلوماسي، ذلك ما لا يتسنى إلا باستعراض المفاهيم والآراء التي قدمها المختصون في هذا المجال.

الفرع الأول: مدلول الدبلوماسية غير الحكومية في مجال البحث الأكاديمي:

يستخدم مصطلح الدبلوماسية غير الحكومية للتعبير عن الدور المتزايد والفاعل للمنظمات غير الحـكومية التي باتت تشكل مساهما فعّالا في تسيير العلاقات الدولية1. لكن حدث جدل كبير بشأن مدلولها ومدى تطابقه مع تلك التسمية، إذ ظهر اختلافٌ بَيّنُ الوضوح في أوساط الباحثين بشأنها وتراوح الأمر بين مؤيد ومعارض غير أن الجميع متفقون على الفعالية التي بات يلقاها نشاط المنظمات غير الحكومية دوليا.

وترى الباحثة ماري كلود سموت بأن مصطلح الدبلوماسية غير حكومية لا يزال لم يستخدم بعد في مجال البحث الأكاديمي، بسبب أن مصطلح الدبلوماسية في الوسط الأكاديمي لم يزل مقتصرا فقط على المعنى التقليدي المنحصر في علاقات الدول فيما بينها من أجل الحفاظ على مصالحها. وينتج هذا التلازم من أن مصطلح دبلوماسية غير حكومية يقصد منه توسيع ذلك المعنى التقليدي بإدخال عمل المنظمات غير الحكومية على قدم المساواة مع الدول والمنظمات الدولية. وبالرغم من أن هذا اللفظ حديث وغير معهود بالنسبة للباحثين لكن استخدامها في تزايد مستمر2.

فقد أكد وجهة النظر السابقة العديد من الباحثين كمارك ديكزناف وسامي كوهين وبرتراند باديي الذين يرون بأن غموض هذه التركيبة كان السبب وراء عزوف الباحثين عن استخدامها، وأنه من الضروري ضبط مفهوم دقيق لها حتى يتم تداولها في الأوساط العلمية. إذ يقول سامي كوهين :”إذا كانت الدبلوماسية تعبر فقط عن العلاقات بين الدول وظهر هناك فاعلون جدد يؤثرون في العلاقات الدولية، وجب إعادة النظر في مصطلح الدبلوماسية”3، فإعادة النظر في تعريف الدبلوماسية بوجه عام هي مفتاح بدء العمل بمصطلح الدبلوماسية غير الحكومية.

ويتجنب الباحثون استخدام لفظ الدبلوماسية غير الحكومية لأنها تجمع-وفقا للمفهوم التقليدي للدبلوماسية-بين معنيين متناقضين، فالدبلوماسية لفظ لصيق بالدولة والحكومة التي تدير شؤونها بل أن السلك الدبلوماسي جهاز تابع الدولة، فمن غير المعقول إذا ربطه بالصفة غير الحكومية. لكن الواقع يثبت أن المنظمات غير الحكومية صار بإمكانها المساهمة في تسيير الشؤون الدولية والتأثير في قرارات الدول وتوجيهها خصوصا بعد مشاركتها مع الأمم المتحدة في العمل من أجل تحقيق مستقبل أفضل للإنسانية 4.

فالعلاقة القوية التي تربط المنظمات غير الحكومية بالفاعلين التقليديين هي ما يعبر بحق عن معنى الدبلوماسية بوصفها التسيير السلمي للعلاقات الدولية. وهو المعنى التقليدي الذي كان يطلق عليه لفظ التفاوض حتى القرن السابع عشر حين حل محله لفظ الدبلوماسية5. لكن باعتبار أن المنظمات غير الحكومية ليست دولا أو أشخاصا دولية، وليست حتى موضوعا من موضوعات القانون الدولي، فنادى البعض بعدم جدوى استخدام هذه التسمية.

ولا يستسيغ الدكتور روني برومان مصطلح الدبلوماسية غير الحكومية ويحبذ استعمال عبارة سياسة غير حكومية، والذي يقصد من خلاله مجموعة الإجراءات الرامية للنهوض بالمصلحة العامة التي تشرف على القيام عليها وتنفيذها مؤسسات غير حكومية.

وأما الدكتور روني برومان فيرى أيضا أن الدبلوماسية ليست مجرد مفاوضات وحسب، ويرفض بذلك استخدام مصطلح الدبلوماسية الإنسانية الذي يراد به في مدلول هذه التركيبة التفاوض فقط دون غيره من المهام والمعاني، فمن غير المعقول – في نظره – استخدام هذه التركيبة أيضا. ولا يصح من جهة ثانية استخدام لفظ دبلوماسية في العلاقة التي تربط بين المنظمة غير الحكومية والدولة التي تتبع لها قانونيا، لأن مصطلح دبلوماسية يفترض استباقا علاقات دولية أو شكلا من أشكال التعامل بين كيانات من جنسيات مختلفة 6. وبرغم ما سبق فان برومان لم ينكر دور وانجازات هذه الدبلوماسية على الساحة الدولية، لاسيما عند مناقشة مسألة الضغط والتعبئة الدولية التي تقوم بها المنظمات الدولية غير الحكومية وآتت أكلها في مناسبات عديدة 7.

فالدبلوماسية اليوم قد تحولت من المفهوم التقليدي المرتبط بالوظائف الأساسية للبعثات الدبلوماسية التقليدية إلى مفهوم جديد يأخذ بعين الاعتبار الفاعلين غير الحكوميين في تفاعلهم مع الممثلين والمبعوثين الدبلوماسيين الذين يمثلون حكوماتهم على مختلف مستويات العلاقات الدولية 8. ولعل اقرب تعريف لها اليوم في ظل هذه التغيرات هو التعريف الذي قدمه جاك ميلينسون بأنها “ميكانيزم )آلية( التمثيل والاتصال والتفاوض بين مختلف الدول وباقي الفاعلين الدوليين حول كل ما يخصهم من شؤون” 9. وهو تعريف يعبّر عن معنى واسع يشمل جميع أنواع المساهمة في التسيير السلمي للعلاقات الدولية، ويسمح بإطلاق لفظ الدبلوماسية في الوقت نفسه على عمل المنظمات غير الحكومية لاسيما الدولية منها.

الفرع الثاني: الدبلوماسية غير الحكومية في الواقع الدولي

صارت المنظمات الدولية غير الحكومية اليوم واحد من أبرز الفاعلين الدوليين، بتأثير من تطور وسائل الاتصال الحديثة. فعلى الصعيد الإنساني أصبح العالم يشهد تضامنا كبيرا من مختلف الشعوب بغض النظر عن الجنسيات وكل عوامل الفرقة التقليدية المبنية على الأسس العرقية أو الدينية أو اللغوية. وقد أدى هذا التأثير إلى اتساع نشاط هذه المنظمات في جميع الدول رغم أن جذوره غالبا ما تكون أمريكية أو أوروبية 10، وزيادة على الانتشار الواسع فإن تلك المنظمات اليوم شملت بنشاطاتها كافة مجالات الحياة الإنسانية حتى تضاعف عددها أربع مرات من سنة 1960 إلى سنة 1998 حيث تم إحصاء 15965 منظمة غير حكومية 12، ولم يكن هذا الازدياد اعتباطا وإنما هو تزايد يرافقه قوة في التأثير، حيث صارت لها اليد الطولى في العديد من المؤتمرات الدولية.

فقد عملت المنظمات الدولية غير الحكومية جنبا إلى جنب مع مثيلاتها الحكومية في الكثير من المؤتمرات الدولية الهامة كمؤتمر ريو دي جانيرو سنة 1992، ومؤتمر المرأة في بكين، ومؤتمر حقوق الإنسان في فيينا. وعملها ذاك هو ما يصطلح عليه بالدبلوماسية غير الحكومية. إذ تهدف هذه الدبلوماسية إلى إيجاد مجتمع مدني عالمي مهمته مراقبة نشاطات وسياسات الدول في مجال البيئة وكل القضايا الاجتماعية والإنسانية للتخفيف من استبداد الدولة وتسلطها على شعوبها، ويفضي إلى تحرر هذه الأخيرة، وتحقيقها حياة أفضل بعد تجاوزها للعقبات والمشكلات البيئية والاجتماعية والإنسانية.

وتدويل تلك المشكلات يؤدي إلى اقتناع المجتمع الدولي كدول بأهميتها ما يفسح المجال لعمل الدبلوماسية متعددة الأطراف بعقد المؤتمرات والاجتماعات الدولية لتدارس إمكانيات حلها، وبذلك فقد أضحت اليوم المنظمات الدولية غير الحكومية رأس حربة يوجه اهتمام الدبلوماسية إلى الموضوعات التي تهم الشعوب متضامنة فيما بينها، ولا أدل على ذلك من تجربة المنظمات الإنسانية غير الحكومية في حملتها ضد الألغام البرية المضادة للأفراد، وما كان لها من دور بارز في الفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية في جويلية 1996 بشأن مشروعية التهديد بالأسلحة النووية أو استخدامها، ولأن تلك المنظمات لا تمتلك صلاحية رفع دعاوى أمام محكمة العدل الدولية أقنعت بعضها الدول بالقيام بذلك بدلا عنها.

وتعد الدبلوماسية غير الحكومية دبلوماسية تحويلية تحاول وضع تصور جديد للعالم، تتحول وفقا له كل الأولويات العالمية من الشكل الحالي إلى شكل جديد، يسوده التكافل والتعاون بين الدول في مجال استخدام القوة بتحديد ما يمكن استخدامه من أسلحة من جهة، وفي طريقة وظروف استخدامها من جهة ثانية، مما يجعل الأولويات الإنسانية مقدمة على المصالح الاستراتيجية للدول، فتصبح بذلك العلاقات الدولية، علاقات بين الشعوب لا بين الدول13.

ويمكن القول بأن مـدلول الدبلوماسية غير الحكومية يتلخص في الجهود التي يقوم بها الأشخاص غير الرسميون من منظمات الدولية غير حكومية ومنظمات المجتمع المدني وحتى الأفراد العاديون في مختلف مجالات الحياة الدولية لاسيما ترقية حقوق الإنسان والحفاظ على كرامته، وضمان حياة لائقة له من خلال دعم جهود السلام وحل النزاعات الدولية سلميا، والحد من استخدام القوة في العلاقات الدولية، ومواجهة الكوارث والمشكلات ذات الطابع العالمي14.

الفرع الثالث: شرعية عمل المنظمات الدولية غير الحكومية

تقوم المنظمات الدولية غير الحكومية بدور بارز ومؤثر في الحياة الدولية، جعلها تتبوأ مكانة هامة بين أشخاص المجتمع الدولي الأخرى، ولعل ما ساعدها في بلوغ تلك المكانة، علاقتها بمنظمة الأمم المتحدة ومختلف الأجهزة والوكالات المتخصصة التابعة لها وكذا علاقاتها بباقي المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى. وارتبط تاريخيا ظهور المنظمات غير الحكومية بالأمم المتحدة وميثاقها، ومرت تلك العلاقة بالعديد من المحطات التاريخية التي ارتبطت بنصوص قانونية ومؤتمرات دولية تبلورت فيه العلاقة بينها حتى وصلت إلى الشكل الذي هي عليه اليوم.

فقد نصت المادة 71 من ميثاق الأمم المتحدة على أن:” للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يجري الترتيبات المناسبة للتشاور مع الهيئات الغير حكومية التي تعني بالمسائل الداخلة في اختصاصه وهذه الترتيبات قد يجريها المجلس مع هيئات دولية كما قد يجريها إذا رأى ذلك ملائما مع هيئات محلية وبعد التشاور مع عضو الأمم المتحدة ذي الشأن”. وقد شكلت هذه المادة الأساس القانوني لعمل المنظمات غير الحكومية، لأن الميثاق منح لهذه الأخيرة صفة أو مركزا استشاريا حيث يمكن أن يستعين بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي في المجالات التي تدخل ضمن اختصاصه 15. ولكن دور المنظمات لم يقتصر على عملها الاستشاري مع المجلس بل أنها كونت شبكة علاقات مع كل مكونات المنظومة الأممية وحتى المنظمات الإقليمية.

أولاً: علاقة المنظمات غير الحكومية بمنظمة الأمم المتحدة

ويستند المركز الاستشاري الذي يمنحه المجلس الاقتصادي والاجتماعي للمنظمات غير الحكومية، إلى المادة 71 من الميثاق سالفة الذكر، وكان أول استخدام له سنة 1948. ثم تم وضع مجموعة من النصوص القانونية المنظمة لهذا المركز سنة 1950، ثم عدلت سنة 1968 هذا النص الذي ظل العمل به إلى غاية مؤتمر ريو دي جانيرو سنة 1992 حيث نوقشت إمكانية تعديل النص المعمول به بعد الفعالية غير المسبوقة للمنظمات غير الحكومية المشاركة فيه 16، وبالفعل تم اعتماد نص قرار المجلس رقم 31/1996.

ويشكل القرار رقم 31/1996 الأساس القانوني لتنظيم علاقة المنظمات غير الحكومية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وقد جاء هذا القرار لتحسين تلك العلاقة وتطويرها. ومما جاء في ذلك القرار أنه عرّف المنظمة غير الحكومية بأنها “تلك المنظمات التي لا تنشأ من قبل السلطات العمومية أو السلطات التابعة للمنظمات الدولية، لكن لا يمنع ذلك من إشراك بعض من يمثلون تلك السلطات بشرط ألا يكون لهم دخل في توجيه قرارات تلك المنظمة أو يحد من حريتها، وان تكون الدعم المالي لمشروعاتها مقتصرا فقط على ما يدعه أعضاؤها من اشتراكات أو تبرعات وان تعلم الأمم المتحدة بحركة تلك الأموال. “17

ولا تملك جميع المنظمات غير الحكومية نفس المركز الاستشاري بل أن هناك ثلاثة أنواع منه: المركز الاستشاري العام، والمركز الاستشاري الخاص، والتسجيل ضمن قائمة المنظمات التي يمكن التشاور معها من قبل المجلس. ويتحدد مركز المنظمة من خلال طبيعة وحجم الأنشطة الميدانية التي تقوم بها 18، فيمنح المركز الاستشاري العام )الدرجة الأولى(للمنظمات ذات النشاطات المتنوعة والتي تتكون من أعضاء يمثلون جميع دول العالم، أما المنظمات ذات النشاطات والاختصاصات المحدودة بمجالات معينة فيمنح لها مركز استشاري خاص )الدرجة الثانية(أي مقترن بمجال اختصاصها فحسب، في حين يجعل التسجيل ضمن قائمة المنظمات التي يمكن الاستعانة بها من قبل المجلس في مجال معين )الدرجة الثالثة( واحدة من المنظمات التي يمكن للمجلس الاستعانة في القضايا والمجالات التي تخص بالعمل فيها.

ويمنح المركزين الاستشاريين الأول والثاني امتيازات عديدة للمنظمة غير الحكومية، لاسيما في ما يتعلق بالحصول على المعلومات المتعلقة بالأمم المتحدة “باستثناء بعض محاضر اجتماعات مجلس الأمن”19.

وبرغم تمكنها من الاطلاع على الوثائق الأممية، لكنها لا تملك سلطة القرار التي تعود للدول بالأساس، ورغم ذلك هي تمارس نوعا من التأثير على عملية صنع القرار من خلال تقديم مقترحاتها أمام جلسات المناقشات العامة بشأن قضايا محددة، وكذا الضغط لإقناع الدول ببعض أحكام النص قيد التفاوض، وتقديم المساعدة الفنية والتقنية في المجالات العلمية والتقنية.

ثانياً: علاقة المنظمات غير الحكومية مع اللجان الخاصة التابعة للأمم المتحدة:

أدت التغيرات التي حصلت على الساحة الدولية منذ انتهاء الحرب الباردة وتصدع الاتحاد السوفياتي من تنامي المشاكل ذات الطابع العالمي وبداية السير نحو الديمقراطية في البلدان الفقيرة، وكذا التطور التكنولوجي والمشكلات البيئية، والنزاعات الإقليمية…،كلها عوامل شكلت مناخا خصبا لتفعيل دور المنظمات غير الحكومية وتنوعه عبر مختلف تلك المجالات 20، ذلك ما أهّلها لتصبح شريكا هاما بالنسبة للّجان التابعة للأمم المتحدة.

وتظهر الرابطة بين تلك اللجان والمنظمات من خلال نقطتين رئيسيتين: أولاهما أن المنظمات غير الحكومية تقدم للجان كل المعلومات الواقعية في الشؤون التي تخصها لاسيما في مجال الانتهاكات وما يتعلق بوضعية المشروعات والاتفاقيات على أرض الواقع. ومن جهة ثانية تسمح اللجان للمنظمات غير الحكومية بحضور مناقشاتها العامة والمشاركة في كل نشاطاتها 21. ومن أهم تلك اللجان: لجنة حقوق الإنسان ولجنتها الفرعية لمكافحة التمييز وحماية الأقليات، ولجنة وضع المرأة، واللجان والهيئات الاتفاقية، ولجنة التنمية الاجتماعية، ولجنة التنمية المستدامة22.

ولم يتوقف دور المنظمة عند هاته اللجان فحسب بل تعداه ليشمل جميع الوكالات المتخصصة والبرامج التابعة لأمم المتحدة، مثل منظمة العمل الدولية، وبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الايدز، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وصندوق الأمم المتحدة للطفل والعائلة “اليونيسيف”، وصندوق الأمم المتحدة للسكان.

ثالثاً: علاقة المنظمات غير الحكومية بالبنك الدولي

تعد علاقة المنظمات غير الحكومية علاقة جد استراتيجية لأنها تضفي قدرا كبيرا من الشرعية والفعالية على عملها. فهي تمنحها قدرة كبرى في الضغط على النظم والحكومات لاسيما الفقيرة منها وبالذات الإفريقية التي تعاني التخلف والفقر وهي في أمس الحاجة إلى المساعدات الإنسانية. وترجع تلك القدرة إلى أن الأساس الأول لعمل البنك الدولي ينطلق من تقارير تلك المنظمات غير الحكومية. ولذلك تسعى تلك الدول جاهدة للعمل على إرضاء تلك المنظمات والنزول عند رغباتها مخافة نقلها تقارير سلبية للبنك تجعله يحجب عنها المعونة التي تعتمد عليها ميزانياتها بشكل كبير، فالبنك له وصفان: فهو من جهة يقوم بدور بارز ومؤثر في الدول المانحة، ومن جهة ثانية له دور جد أساسي في توزيع المساعدات الإنسانية 23.

رابعاً: علاقة المنظمات غير الحكومية بالمنظمات الإقليمية

تعمل العولمة شيئا فشيئا على إدماج المجتمع المدني في المنظمات الدولية 24. فالاتحاد الأوروبي كمنظمة إقليمية فرض عليه الواقع التعاون مع المنظمات غير الحكومية وإعطائها مركزا استشاريا كالمركز السالف الذكر لدى الأمم المتحدة، فقد اعتمدت العديد من تلك المنظمات من قبل مجلس أوروبا الذي منحها مركزا استشاريا لديه. ومن بين أهم تلك المنظمات نجد: الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان، والحركة العالمية للنساء 25. وقد سار الاتحاد الإفريقي على خطى سابقه إذ نصت المادة الرابعة من الميثاق التأسيسي للاتحاد على أن “تؤكد الدول الأطراف على ضرورة مشاركة الشعوب الإفريقية في نشاط المنظمة”، وبناء على هذه المادة تم إنشاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الافريقي الذي يعمل على تأكيد وتوطيد العلاقة بين الاتحاد والمنظمات غير الحكومية26.

ويمكن القول أن تلك الأسس القانونية هي ما جعل المنظمات غير الحكومية تثبت وجودها القانوني على المستوى الدولي. لكنها إلى غاية اليوم تبقى خاضعة للقوانين الوطنية الخاصة التابعة للدولة التي أنشئت فيها، أو التي يوجد مقرها الاجتماعي بها وليس للقانون الدولي، وذلك ما يدعوها لاستخدام طرق غير مباشرة في التأثير على الشؤون الدولية، كالضغط من أجل إبرام اتفاقيات دولية تنظم مسألة معينة، أو مجرد المساهمة في أعمال ميدانية تهدف إلى تحقيق نتائج محدودة 27.

المطلب الثاني: مسببات الفعالية في عمل الدبلوماسية غير الحكومية:

باتت الدبلوماسية غير الحكومية تمتلك مكانة مرموقة ودورا جد فاعل في توجيه مسار العلاقات الدولية، وتجلى دورها الواضح في تبني الدول العديد من الاتفاقيات الدولية التي يرجع الفضل في التصديق عليها ودخولها حيز التنفيذ لعمل الدبلوماسية غير الحكومية، نظرا لتمتعها بخصائص لا تمتلكها الدبلوماسية الرسمية.

الفرع الأول: الخصائص العامة للدبلوماسية غير الحكومية

تتمتع المنظمات الدولية غير الحكومية بوصفها أحد أهم الفاعلين الدوليين بالعديد من الخصائص، مثل الصفة الدولية، الصفة غير الحكومية والصفة الدولية، والصفة الطوعية، وصفة الدوام، وصفة التخصص، وصفة ذاتية التمويل، كما تتميز أيضا بشخصيتها الاعتبارية وهيكلها التنظيمي، والإطار المنشئ، والمبادرة الفردية لأعضائها… 28 ، هذه الخصائص وغيرها تتشابه وتتشابك مع خصائص دبلوماسية تلك المنظمات التي يمكن حصرها في النقاط التالية:

أولاً: عالمية النشاط(الطابع الدولي)

يتجاوز نشاط دبلوماسية المنظمات الدولية غير الحكومية نطاق إقليم الدولة الواحدة، وتتعدى بنشاطها نطاق دولة المقر إلى دول أخرى غيرها، بحيث تتصل علاقاتها بمنظمات ومؤسسات مماثلة لخدمة غاياتها، وهي بذلك تتجاوز النطاق الوطني وتكتسي الصفة الدولية. فهذا النشاط الذي يسمو على نطاق الدولة الواحدة هو الدافع إلى تسميتها الدولية تميزا لها عن مثيلاتها المنظمات الوطنية غير الحكومية 29.

ونشاط دبلوماسية المنظمات الدولية غير الحكومية يعكس أيضا ارتباطها بالقانون الدولي الذي تستمد أساسها من قواعده ومبادئه، التي يأتي في مقدمتها حق الأفراد في تكوين المنظمات والمشاركة في تسييرها دونما تمييز أو قيود، وهو ما أفرغ في العديد من نصوص القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو عين ما تم تأكيده في المادة71 التي تجعل من هذه المنظمات واحدة من أدوات التعاون الدولي 30.

ثانياً: الاستقلالية “ذاتية الإرادة”

تتميز دبلوماسية المنظمات الدولية غير الحكومية بأنها ترتكز على إرادة ذاتية تستقل بها المنظمة عن إرادات الأعضاء المنتمين إليها، مما يجعلها تصدر قراراتها باسم المنظمة كوحدة قائمة بذاتها، ويحدد قانونها الأساسي الطريقة التي تتخذ بها تلك القرارات، والأجهزة المناط بها اتخاذ وتنفيذ هذه القرارات، وهذا ما يجعل من عملها ذا طابع مستقل عن إرادات أعضائها فرادى، وأهم محدد لاتخاذ قراراتها وممارسة نشاطاتها يعود إلى أهدافها ونظامها الأساسي الذي يشكل السند القانوني لعملها31.

إن مرد هذه الإرادة الذاتية المستقلة يعود إلى تمتع المنظمات الدولية غير الحكومية بشخصية اعتبارية قانونية ، تكتسبها بمجرد تأسيسها لتمكنها من التمتع بالحقوق وتحمل الالتزامات، وتعطيها الحق في التقاضي والتعاقد واقتناء الأملاك العقارية والمنقولة، كما تعطيها هذه الشخصية سمات هامة أخرى مثل: استقلال ذمتها المالية عن مؤسسيها، وقدرتها على منح الصفة القانونية لتصرفات المنضوين تحت لوائها عند ممارستهم حقوقهم المتعلقة بحرية التجمع والتعبير عن رأيهم 32، ولعل ذلك ما يبرز تميز هذا النوع من الدبلوماسية عن الدبلوماسية الحكومية التي يلتزم فيها المبعوث بتوجيهات بلاده وتعليماته ولا يمكن البت في أي أمر هام إلا بالعودة إلى وزارة خارجيته.

ثالثاً: الاستمرارية والدوام

إن المنظمات الدولية غير الحكومية شأنها شأن المنظمات الدولية الحكومية من حيث كونها مؤسسات أنشئت من أجل أن تستمر في العمل ولا يقترن وجودها لفترة زمنية محددة نظرا لأن المصالح أو القضايا التي قامت من أجلها مستمرة وهذا يفرض بالضرورة أن لا يقترن إنشاء هذه المنظمات بأية مدة محددة 33، وبمفهوم المخالفة لا تدخل ضمن عمل دبلوماسية المنظمات الدولية غير الحكومية الجهود التي تبذل من طرف تكتلات أو جماعات غير رسمية تنشأ لظروف طارئة أو مؤقتة، بغض النظر عن ما تلعبه من دور بارز في مجال العلاقات الدولية 34.

رابعاً: وضوح الغاية والأهداف:

تتخصص كل منظمة من المنظمات الدولية غير الحكومية بشأن ومجال محدد، فمنها من تتخصص في مجال حقوق الإنسان فتجعل هدفها وغايتها الأسمى حماية وترقية حقوق الإنسان، ومنها ما يتخصص في العمل الإنساني أثناء الحروب فتكون أهدافها مسطرة بشكل واضح في تسهيل وتوفير المساعدة الإنسانية والرعاية الصحية لمحتاجيها 35، ومنها ما يتخصص في حماية البيئة فتكون غاياتها وأهدافها مسلطة على الحد من التلوث ومكافحة أسبابه، ونشر الوعي لدى الشعوب بالأخطار المحدقة بالبيئة

خامساً: التطوّعية “اللاربحية”

تجعل هذه الميزة المنظمات الدولية غير الحكومية متميزة عن كيانات كثيرة أخرى تتقاسم معها العمل في الساحة الدولية كالشركات المتعددة الجنسية، وملخص هذه الصفة أن إقامة هذه الكيانات لا يهدف أبدا إلى تحقيق الربح وإنما تكون هذه الكيانات مقامة لأهداف دينية وإنسانية أو مهنية والأمثلة على ذلك كثيرة فالدينية مثل رابطة شباب العالم الإسلامي والإنسانية مثل منظمة العفو الدولية والمهنية مثل الاتحاد الدولي لنقابات العمال 36.

والجدير بالذكر أن هناك نوعا من الكيانات يمكن تسميتها مجازا منظمات دولية غير حكومية يهدف إلى تحقيق الربح وتعطى هذا الوصف لتوافر جملة من الخصائص التي تشترك فيها مع المنظمات الدولية غير الحكومية مثل التحالف التعاوني الدولي ويضم المنظمات والحركات التعاونية على مستوى دولي وهذه التنظيمات التعاونية هي منظمات أهلية تجمع بين أفراد يسعون إلى إقامة مشروعات إنتاجية أو خدمية بهدف تحسين أوضاعهم المعيشية 37.

سادساً: غير مباشرة

تمارس الدبلوماسية غير الحكومية تأثيرا غير مباشر فهي ليست دبلوماسية موازية للدبلوماسية الحكومية، وإنما هي موجهة لها فحسب، لأن الدول في الأخير هي التي توقع على الاتفاقيات الدولية وتلتزم بها، وبالتالي فالدبلوماسية غير الحكومية تقتضي مرحلتين أساسيتين: الأولى غير حكومية محضة، والثانية تتفاعل فيها المنظمات غير الحكومية مع الجهات الفاعلة الحكومية؛ فالانطلاق يكون من قيام هذه المنظمة غير الحكومية بتعبئة الرأي العام الوطني والدولي بالقضايا المثارة، للحصول على قوة ووزن تستخدمهما في مرحلة ثانية خلال تفاوضها مع الجهات الفاعلة الحكومية، التي تأخذ بعين الاعتبار مقترحات وآراء هذه المنظمات 38.

الفرع الثاني: خصوصية الفاعلين غير الحكوميين:

يختلف القائمون على الدبلوماسية غير الحكومية عن الدبلوماسيين الرسميين، وذلك راجع لمساحة الحرية التي يمتلكونها في تعاملهم مع الجهات المعنية بمشكلاتهم على العكس من الدبلوماسي الرسمي المكبل بالعديد من الالتزامات الملقاة على عاتقه تجاه دولته من جهة، وتجاه الدولة المعتمد لديها من جهة ثانية. ولا تأخذ الأطراف الفاعلة غير الحكومية شكلا واحدا بل تبرز في العديد من الأشكال والأنواع يمكن تقسيمها إلى ثلاث أشكال رئيسية يضاف إليها نوعان ثانويان 39:

أولاً: الأشكال الرئيسية للقائمين على الدبلوماسية غير الحكومية:

إن اعتماد مصطلح دبلوماسية المنظمات غير الحكومية بدل الدبلوماسية غير الحكومية يؤكده الواقع العملي لهذه الدبلوماسية. فالفاعل الرئيسي فيها هي المنظمات غير الحكومية التي يتعدى نشاطها حدود الدولة الواحدة، وتأخذ تلك المنظمات أثناء عملها شكلا من الأشكال الثلاثة التالية 40:

1.المنظمات الدولية غير الحكومية:

لا يكاد يخرج نشاط المنظمات الدولية غير الحكومية عن أحد المجالات الأربعة الأساسية “للتضامن الدولي”: من دفاع عن حقوق الإنسان، وأشهر المنظمات العاملة في هذا المجال منظمة العفو الدولية في سعيها الدائم لمناهضة التعذيب والحد من استخدام عقوبة الإعدام 41، وذلك شأن منظمة هيومن رايتس ووتش أيضا. وتقديم المساعدة الإنسانية في حالة الطوارئ ونماذج المنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال كثيرة أهمها، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة أطباء بلا حدود…42.

ويضاف إلى المجالات السابقة مجال حماية البيئة التي زاد الاهتمام اليوم بها وبمشكلاتها المختلفة كالحفاظ عليها البيئة من التلوث وحماية طبقة الأوزون وحماية الأنواع المعرضة للانقراض…،وهذه المجالات وغيرها كثير، صارت ميادين عمل للمنظمات غير الحكومية. وتأتي منظمة السلام الأخضر في مقدمة تلك المنظمات نظرا لنشاطاتها المشرفة في مجال حماية البيئة 43.و الشأن نفسه بالنسبة لمجال دعم التنمية إذ أن هنالك العديد من المنظمات التي تعمل في مجالات مكافحة الفقر وتقديم قروض صغيرة لمواطني الدول الأكثر فقرا من أجل تحسين مستوى معيشتهم، ولعل أشهر تلك المنظمات منظمـة أوكسفام OXFAM44.

2.نشاط اتحادات المنظمات غير الحكومية ذات الاهتمامات المشتركة:

بغرض تنسيق الجهود بينها تقوم المنظمات غير الحكومية العاملة في نفس المجال، بتشكيل اتحادات تسهل عملها وتسهم في تحقيق التكافل فيما بينها بهدف الوصول إلى الغايات المشتركة للجميع. فنجد اتحاد المنظمات غير الحكومية في العالم الإسلامي 45الذي يهدف إلى تعزيز التنسيق بين المنظمات غير الحكومية في العالم الإسلامي، والعمل على ضمان استمرار عمليات التنمية المستدامة، والمساهمة في إقامة سلام عادل ودائم وبيئات مستقرة في جميع أنحاء العالم. وتكريس مبدأ توفير وحماية حريات وحقوق الأفراد والمجتمعات، كذا القيام بدراسات اجتماعية وتقنية تعتمد أساسا على مبادئ المشاركة والتعددية، في سبيل تطوير المجتمع المدني بشكل تعاوني. والقيام بالأنشطة التي تساهم في عرض الثقافة والقيم الإسلامية، والمساهمة في إيجاد حلول للمشاكل المتعلقة بالعالم الإسلامي بشكل شامل وجماعي، والاجتهاد في متابعة التطورات ومناطق الأزمات ذات الصلة، واتخاذ موقف مشترك فيما يتعلق بالأحداث والمتغيرات الدولية الجارية 46. والشأن ذاته بالنسبة لمنظمة كاريتاس “Caritas” التي تجمع كل المنظمات الكاثوليكية غير الحكومية، وتوجد العديد من هذه الاتحادات والائتلافات في المجالات الثقافية العلمية الاجتماعية. . . الخ 47.

3.الاتحادات الوطنية للمنظمات غير الحكومية

تسمح هذه الاتحادات لجميع المنظمات غير الحكومية الوطنية والمحلية بالمشاركة في المناقشات العامة وعمليات التفاوض الدولية، فهي بذلك تشكل جسرا ينقل نشاط تلك الجمعيات الوطنية إلى النطاق الدولي، يكون الهدف الرئيسي من خلاله خلق برامج وطنية وتحالفات إقليمية ودولية لتنفيذ تلك البرامج 48.

ثانياً: الفعاليات والتشكيلات غير الحكومية المختلطة:

والمقصود منها تلك النشاطات التي تتوحد للقيام بها جهود فاعلين دوليين من فئات متنوعة غالبا ما يكون عملها من خلال حملات دولية تنادي بتحقيق أهداف وغايات محددة أو تكتلات لشخصيات بارزة توحد جهودها لتحقيق هدف موحد.

1.الحملات الدولية:

هي تلك النشاطات التي تقوم بها مجموعات تضم تركيبة مختلطة من الفاعلين المتخصصين في مجالات معينة، كما هو الحال بالنسبة لإلغاء الديون ومكافحة الفقر، وعادة ما تشارك في هذه الحملات الدولية كل الجهات الفاعلة في المجتمع المدني من منظمات غير حكومية وعدد من الجمعيات والنقابات وحتى بعض السلطات المحلية 49.

2.شبكات الشخصيات البارزة:

وهي مجموعات مكونة بالأساس من الشخصيات البارزة ذات التأثير الكبير على المستوى الدولي. كالسياسيين السابقين والموظفين الدوليين السابقين والفنانين والمفكرين والرياضيين الذين يقومون بعمليات التبرع والتوعية لتحقيق أهداف تخدم الإنسانية 50.

إن استعراضنا لمختلف أشكال الفاعلين الدوليين غير الحكوميين يؤكد الدور البارز الذي تطلع به المنظمات الدولية غير الحكومية. مما يحتم علينا تسليط الضوء عليها في المطالب التالية للإحاطة بمفهومها وأنواعها وسبل تأثيرها في العلاقات الدولية، ذلك التأثير الذي كنا قد اصطلحنا عليه دبلوماسية المنظمات غير الحكومية.

الفرع الثالث: وسائل عمل دبلوماسية المنظمات الدولية غير الحكومية

تأخذ الوظائف الرئيسية للمنظمات غير الحكومية شكلين رئيسيين، شكل علني مباشر يتمثل في قيامها بالمهام الميدانية التي أنشئت من أجلها كتقديم المساعدة الإنسانية في الأحوال الطارئة، أو نشر العلم والمعرفة في الأوساط الفقيرة التي تعاني الفقر والجهل أو تقديم الغذاء والرعاية الصحية في المناطق التي تجتاحها المجاعة والأوبئة 51. ويعد هذا الشكل ذا طبيعة اجتماعية بحته، تجعلنا نستبعده من دائرة التأثير في القانون الدولي. وشكل آخر غير مباشر يرتكز بالأساس في الضغط على صانعي القرار بمختلف الوسائل هو عماد تأثير هذه المنظمات على العلاقات الدولية 52، ما يجعلنا نفرد له هذا المطلب، وعموما فان المنظمات غير الحكومية تمتلك العديد من وسائل التأثير في العلاقات الدولية كما أن اغلبها يمزج في عمله بين الشكلين.

أولاً: التقارير

تصدر المنظمات الدولية غير الحكومية تقارير دورية تجمع فيها كل النشاطات التي تقوم بها خلال السنة، على أقاليم الدول التي تنشط عليها وتضم هذه التقارير بالأساس كل المعلومات المتعلقة بتخصصها، وما يمسه من انتهاكات أو أوضاع واقعية وإحصاءات، هذه التقارير الدورية تحتوي معلومات تحرص الأنظمة في الغالب على إخفائها وتزييفها بهدف الحفاظ على سمعتها وشكلها أمام العالم، لاسيما إذا ما تعلقت هذه المعلومات بانتهاكات حقوق الإنسان أو انخفاض نسبة النمو أو انتشار الأمراض أو نسب الأمية والجوع والفقر والتمييز العرقي والتمييز ضد المرأة 53.

وتشكل التقارير وسيلة ضغط قوية تستخدمها المنظمات الدولية غير الحكومية من أجل إقناع الدول المعنية بضرورة القيام بإصلاحات وتشريع قوانين تسير وفق رؤاها التي تهدف دائما إلى دعم احترام حقوق الإنسان ودعم التنمية وتحسين مستوى التعليم. والدول المعنية ترضخ إلى هذا الضغط لأنها تخشى من تأثير هذه التقارير على المعونات والمساعدات التي تمنح لها من قبل الجهات المانحة.

كما أن التغيّر في مفهوم السيادة جعل الدول تخشى التدخل فيها بحجة حماية حقوق الإنسان والأقليات، فليس من مصلحتها أن تشهر تقارير بأنها دول منتهكة لحقوق الإنسان، أو أنها نظم دكتاتورية غير ديمقراطية أو نظم تمييزية ما يجعلها عرضة للتدخل. فتقارير منظمة العفو الدولية تضم سنويا أسماء بلدان العالم مع شرح مبسط عن مدى انتهاك كل منها لحقوق الإنسان ومدى تجاوزها للاتفاقيات الدولية المعنية بها.

ثانياً: الاتصال المباشر

تقوم المنظمة بالاتصال المباشر مع رئيس أو ملك الدولة التي يمارس فيها نوع من الانتهاكات التي تتعلق بمجال عمل المنظمة أو لأجل توضيح ضرورة اتخاذ إجراءات جديدة لمعالجة مشكلات معينة تتعلق بجوهر عمل المنظمة، فقد قامت مثلا منظمة العفو الدولية بالاتصال المباشر بالرئاسة المصرية لحثها على الكف عن إحالة المدنيين على المحاكم العسكرية، لأنها تحرم هؤلاء المتهمين من حقوقهم في محاكمة عادلة وحرة وكذا حقهم في تقديم استئناف إلى محكمة أعلى. منبهة إلى أن ممارسة التعذيب والمعاملة القاسية على نطاق واسع كانت بسبب تقاعس الدولة عن متابعة رجال الأمن المتورطين فيها، لذا دعت المنظمة إلى السماح للمعتقلين بمقابلة أهاليهم ومحامييهم منوهة القرار الذي اتخذه الرئيس المصري سنة 2000 الذي يحظر فيه الجلد والضرب بالعصي في السجون 54.

وقد قامت ذات المنظمة بالاتصال المباشر مع السلطات المغربية لمناقشة الوضع في الصحراء الغربية من إجراءات تهدف إلى تعويض أهالي ضحايا الاعتقال السري، وكذا المطالبة بالإفراج عن سجناء الرأي العام وإلغاء كل المواد القانونية التي تسمح بسجنهم، كما تدعو إلى وضع حد للتعذيب وإجراء تحقيقات وافية في جميع هذه الحوادث ووضع حد لإفلات المسؤولين عن الانتهاكات من العقاب 55.

ثالثاً: التنسيق مع جهات أخرى

تقوم المنظمات الدولية غير الحكومية بوظائفها بالتعاون مع كيانات دولية أخرى لاسيما منظمة الأمم المتحدة التي تزودها بكل المعلومات التي تحتاج إليها لرسم سياساتها تجاه الدول المعنية، وقد يكون تعاونها مع منظمات أخرى حكومية منها وغير حكومية مثل الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان، ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان، الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، لجنة المحامين لحقوق الإنسان، مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب…هذه المنظمات التي يهدف التنسيق معها إلى إحكام قدرة هذه المنظمات على التحكم في المعلومات الموجودة لها واستخدامها في سبيل الوصول إلى مبتغاها الإنساني 56.

ولا يتوقف التنسيق مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية الأخرى بل يتعداه إلى التنسيق والتعاون مع السلطات والأنظمة والوزارات، كما هو الحال بالنسبة للعمل على التحقق من الشكاوى التي يرفعها المتضررون ودراسة مدى جدواها وصحتها، ومدى تلقي مرتكبيها للعقاب وعدم إفلاتهم منه. لأن ذلك يهم الدولة والمنظمة معا فالسلطات الحكومية يهمها تنفيذ العقوبة على الجناة من جهة، ومن جهة ثانية تساعدها هذه التحقيقات على تحسين صورتها من كل ما يلحقها من تلفيق وادعاءات مغرضة هدفها التشويش وإثارة البلبلة في الأوساط العامة محليا ودوليا، أما المنظمات غير الحكومية يكون ذلك من دواعي سرورها وابتهاجها عند التوصل إلى الحقائق الموضوعية التي تساعدها في تحديد مدى قدرتها على نشر أهدافها وحرص الدول على الالتزام بها.

المطلب الثالث: نماذج من المنظمات الدولية غير الحكومية المؤثرة على الساحة الدولية

صارت المنظمات الدولية غير الحكومية واحد من أهم الفاعلين الدوليين في العصر الحالي وفاعلية هذه المؤسسات تولدت من المجالات التي تعمل بها، تلك المجالات التي تتوافق مع المسار العام للعلاقات الدولية الذي تطغى عليه صفة العالمية والإنسانية ونبذ كل ما يهدد سلم العالم وأمنه. وفي سبيل تحقيق أهدافها تستخدم العديد من الوسائل والأدوات يأتي في مقدمتها الضغط على الدول من اجل الالتزام باحترام قواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان.

الفرع الأول: القانون الدولي الإنساني وتألق اللجنة الدولية للصليب الأحمر

يعد مجال القانون الدولي الإنساني أهم مجالات عمل دبلوماسية المنظمات غير الحكومية، بوصفه المجال الذي يتم السعي فيه إلى حماية إنسانية الإنسان وقت الحروب، وفقا للبنود التي جاءت في اتفاقيات جنيف الأربعة وبرتوكوليها الإضافيين لرعاية وحماية ضحايا النزاعات المسلحة، التي تضع العديد من القواعد الواجب احترامها وقت النزاعات المسلحة. ولما كان مجال القانون الدولي الإنساني لصيقا بالمبادئ، والمثل العليا النابعة من حماية الإنسان من المعاناة في زمن كثرت فيه الحروب والنزاعات المسلحة، فقد ظهرت العديد من المنظمات الدولية غير الحكومية التي كان لها نشاط كبير ومميز في تحقيق تلك المبادئ، ومن ابرز هذه المنظمات اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وتعود فكرة إنشاء لجنة الصليب الأحمر الدولي إلى المواطن هنري دونان الذي تأثر بمنظر معاناة والجرحى وكثرة القتلى بسبب قلة الخدمات الطبية عقب أحد المعارك التي وقعت بمدينة سولفرينو شمال ايطاليا سنة 1959. فقام دونان حينها بتوجيه نداء إغاثة للأهالي من اجل رعاية الجرحى. وعقب عودته إلى سويسرا انكب دونان على تأليف كتاب يعبر فيه عن تلك الحادثة والمعاناة التي رآها داعيا فيه الشعوب المتمدنة إلى ضرورة إنشاء جمعية دولية تهدف لجمع التبرعات لمساعدة الجرحى وإغاثتهم من خلال تكوين جمعيات إغاثة تطوعية مكونه من ممرضين وممرضات يكون هدفها رعاية الجرحى في أوقات الحروب، على أن تضمن سلامة هؤلاء المتطوعين بموجب اتفاق دولي 57.

وتقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالعديد من المهام التي تهدف في مجملها إلى توفير الحماية والرعاية للمتضررين من الحروب والنزاعات المسلحة إذا أنها تهدف إلى الحفاظ على قدر كبير من الإنسانية خلال الحروب. ولا يتوقف عمل اللجنة خلال الحروب فقط بل أنها تنشر بعثاتها في أوقات السلم أيضا لتعمل كآليات انذار مبكر تكشف عن إمكانية اندلاع النزاعات المسلحة في مختلف دول العالم مما يعطي فعالية لدورها في تقديم المساعدة 58.

ولا يقتصر دور اللجنة على النشاطات الميدانية من زيارة الأسرى وتفقد أحوالهم والبحث عن المفقودين ونقل الرسائل بين العائلات التي شتتها الحروب وتوفير الغذاء والمياه والمساعدات الطبية، وإنما تقوم إضافة إلى ذلك بنشر المعرفة بالقانون الدولي الإنساني ومراقبة مدى الالتزام به التنبيه إلى انتهاكاته والمساهمة في تطوير قواعده 59، ولقد حازت اللجنة على ثقة العالم نتيجة لالتزامها بالحياد وعدم التمييز في عملها، تجلت تلك الثقة بوضوح في المركز القانوني الممنوح لها بموجب العديد من النصوص والقانونية الدولية كان أهمها اتفاقيات جنيف الأربعة 1949 والبروتوكولين الإضافيين لسنة 1977.

وعلى الرغم من أن المقر الرئيسي للجنة الدولية يقع في جنيف إلا أنها تمارس نشاطاتها في اغلب دول العالم من خلال مراكزها المنتشرة في أكثر من ثمانين بلدا؛ وتنسيقها مع الجمعيات (الأهلية) الوطنية للصليب والهلال الأحمر، فاللجنة إذا ذات منشأ خاص كونها محكومة بقواعد القانون المدني السويسري غير أن نشاطها وفعاليتها الدولية جعلتها تحوز على مكانة دولية هامة اعترفت لها بها الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة الخامس والأربعين المنعقدة بتاريخ 16 أكتوبر 1990 حيث منحتها صفة العضو المراقب 60. وهي صفة لم تسبقها إليها أية منظمة غير حكومية.

وقد مكنت الطبيعة الخاصة للجنة الدولية للصليب الأحمر والمكانة المرموقة التي منحها إياها اعتراف الجمعية العامة بها من الحصول على المعاملة متميزة تشبه إلى حد كبير تلك التي تحظى بها المنظمات الدولية الحكومية كمنظمة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة التابعة لها وكذا المنظمات الدولية الأخرى سواء ذات الطابع العالمي أو الإقليمي. ويرى بعض كتاب القانون الدولي بأن هذه اللجنة نتيجة حيادها واستقلالها صارت تمتلك شخصية قانونية دولية هي التي مكنتها من الحصول على الحصانات والامتيازات والتسهيلات التي متعلقة أساسا بالإعفاءات الضريبية والرسوم الجمركية وحرمة مبانيها ووثائقها وحصانات قضائية. كما مكنتها أيضا من إبرام اتفاقيات مقر مع الدول التي تمارس نشاطات عليها مما جعلها تخضع خلال الاتفاقيات لأحكام القانون الدولي العام 61.

الفرع الثاني: منظمة العفو الدولية ومجال حقوق الإنسان

إن مجال حقوق الإنسان هو أخصب المجالات وأكثرها غنى بعمل المنظمات غير الحكومية، لان هذه الأخيرة تعتبر في الأساس نتاج للرأي العام العالمي والمتنفس الوحيد لتعبير الشعوب عن ذاتها ووسيلة هامة في تعبيرها عن مدى احترام الأنظمة لحقوق الإنسان ولذلك ظهرت العديد من المنظمات التي تدافع عن حرية التعبير وحماية الأقليات وحرية المعتقد وسلامة الإنسان وحرية التجمع ومن ابرز تلك المنظمات تبدو منطقة العفو الدولية من أهم المنظمات التي تعمل في هذا المجال وكان لها دورا بارزا في تحقيق العديد من المكاسب لشعوب العالم.

ومنظمة العفو الدولية منظمة عالمية تهدف إلى احترام حقوق الإنسان وحمايتها من الانتهاكات، يقع مقرها الرئيسي بمدينة لندن بريطانيا ولها مكاتب فرعية في حوالي 80 بلدا، وتمارس نشاطاتها في أكثر من160 بلدا. وتمول المنظمة حملاتها من التبرعات التي يقدمها أشخاص بعيدون عن كل الانتماءات والإيديولوجيات السياسية أو المصالح الاقتصادية أو الأديان 62. حيث لا تقبل المنظمة أي دعم من أي جهة دون أن تجري تحريات واسعة حول هوية المتبرعين قبل قبول تبرعاتهم خشية أن يكون لهم تأثير في أعمالها بسبب تلك التبرعات.

وأنشأت هذه المنظمة سنة 1961 من اجل الدفاع عن القضايا الإنسانية المتعلقة بسجناء الرأي والضمير ومناهضة حكم الاعدام والتعذيب في السجون. وكانت أول حملة لها في 28 ماي 1961 استمرت سنة كاملة تحت عنوان مناشدة من أجل العفو دعت فيها المنظمة كل الناس إلى الاحتجاج على حبس الرجال والنساء بسبب أراءهم السياسية ومعتقداتهم الدينية 63. وسرعان ما وسعت من نشاطاتها لتضم وتشمل جميع مجالات حقوق الإنسان وصارت المنظمة أكثر المنظمات الدولية غير الحكومية إزعاجا للسلطات والأنظمة التي تنتهك حقوق الإنسان 64.

وتعتبر منظمة العفو الدولية بعملها الدؤوب أحد أهم المنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في حقل حقوق الإنسان، إذ كان لها دور فعال وبارز في تحقيق العديد من الانجازات التي مست حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، فكان لها دور فعال في إنشاء المحكمة الدولية الجنائية عام 1998 حيث انطلقت جهود المنظمة في هذا منذ سنة 1993 حينما شاركت في التحضير لصياغة النظام الأساسي للمحكمة الذي اعتمد لاحقا سنة 1998، ناهيك عن عدد من الوثائق المكملة لنظام المحكمة بما في ذلك قواعد الإجراءات والأدلة وعناصر الجريمة. تلك الوثائق التي أعدتها اللجنة التحضيرية المعنية بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية خلال الفترة الممتدة من عام 1998 إلى 2002. وتابعت مجهوداتها بحضور كل المناقشات التي أثيرت سنة 2003 بخصوص تطوير المحكمة 65.

ولم يتوقف عمل المنظمة عند المساهمة والمشاركة في إعداد النصوص والوثائق فحسب بل واصلت جهودها إلى محور ثاني هو إقناع الدول بضرورة التوقيع على النظام الأساسي للمحكمة من اجل توسيع نطاق المحكمة، بأن تسن تلك الدول قوانين فعالة تمكن من معاقبة مرتكبي الجرائم على الصعيد الوطني. وان تنص القوانين المحلية على ضرورة التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية في الحالات التي يعجز النظام القضائي الوطني عن النظر في تلك الجرائم 66.

وتقوم المنظمة في إطار عملها السامي إلى احترام حقوق الإنسان والحيلولة دون انتهاكها بالعديد من المهام تتمثل في الأساس في عمليات الرقابة والتوعية والتواصل مع الجماهير، كل هذه العمليات تمكنها من الحصول على معلومات محددة وغير متحيزة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في بلد معين، مما يتيح لها الضغط عليه حتى يرجع عن انتهاكاته من خلال تواصلها المباشر مع المسؤولين أو من خلال تحريض الجماهير والتجمع من أجل إجبار الأنظمة على الانصياع وتلافي انتهاك حقوق الإنسان. إلا أن أهم وسائل المنظمة في الضغط على الدول للعدول عن انتهاك حقوق الإنسان هي التقارير التي تنشرها المنظمة بصفة دورية لترصد فيها أوضاع حقوق الإنسان وتكشفها للعالم، مما جعل تلك الدول عرضة للمتابعات الدولية 67.

الفرع الثالث: البيئة ومنظمة السلام الأخضر

صارت البيئة اليوم احد أهم القضايا العالمية لاسيما بعد التغيرات المناخية المتسارعة التي صارت تهدد حياة الإنسان على هذا الكوكب. مما دفع بالكثير من المنظمات غير الحكومية إلى التجنّد نحو حماية البيئة من كل ما قد يسئ إليها في مختلف ميادينها البرية والبحرية والجوية. إذ تقوم تلك المنظمات بمحاولة تشكيل وعي بيئي والعمل على التوعية والتحسيس فيما يتعلق بالمشاكل البيئية، وتعد منظمة السلام الأخضر أحد أهم المنظمات نظرا للدور الريادي الذي تتطلع به في حماية البيئة 68.

ومنظمة السلام الأخضر منظمة بيئية دولية تعمل على حماية لبيئة الإنسان وحياته على الأرض 69. أنشأت هذه المنظمة في كندا سنة 1971 ولها اليوم فروع في 44 دولة، وينخرط في عضويتها اليوم ما يزيد عن 3000 عضوا موزعين على مختلف أرجاء العالم. ويعود السبب الرئيسي لإنشاء هذه المنظمة إلى قيام الو.م.أ برمي نفايات لمواد مشعة بجزيرة ماخيتا في ألاسكا، تسببت تلك النفايات في إحداث خلل في الحياة البشرية والبحرية بالمنطقة، كشفت تلك المنظمة التغيرات وأعلنتها للعالم. وتنشط منظمة السلام الأخضر في العديد من المجالات كالدفاع عن البحار والمحيطات وحماية الغابات ومعارضة التكنولوجيا النووية، وإيقاف التغير المناخي، ومعارضة استعمال الملوثات. وتعمل على تشجيع التجارة المستدامة. وتعارض بشدة استخدام أو امتلاك الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل 70.

وفي سبيل تحقيق أهدافها تقوم المنظمة بالعمل على تغيير السياسات الحكومية في المجالات الاقتصادية سواء الزراعية أو الصناعية التي تهدد العالم الطبيعي، إذ تقوم المنظمة بالاحتجاج غير العنيف عبر نشر أفكارها وتوعية الجماهير بمدى خطورة تلك السياسات، وحشد المؤيدين لها في أماكن التهديد للمطالبة بالكف عن تدمير البيئة بطريقة سلمية غير عنيفة 71. وتضطلع المنظمة بمراقبة ومتابعة المصادر التي تشكل خطرا على البيئة، ثم تقوم بإبلاغ السلطات والجهات المعنية بشكل رسمي وقانوني، وتهتم المنظمة بإجراء أبحاث علمية تتعلق بالبيئة وسبل المحافظة عليها، والحد من تأثير التلوث. بالتنسيق مع الجامعات والمؤسسات العلمية كالمختبرات العلمية ومخابر البحث. ويساعدها في تحقيق أهدافها أولئك المتطوعين المنضوين تحت لوائها بمختلف تخصصاتهم وجنسياتهم، وقد بلغ عدد المتطوعين فيها ما يفوق 60 ألف متطوع 72.

الفرع الرابع: الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية المضادة للأفراد:

تعد اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد من أعظم الانجازات التي حققتها المنظمات غير الحكومية والتي جعلت منها طرفا فاعلا في الحياة الدولية، لذلك ارتأينا إدراج هذه الحملة كنموذج فريد من نوعه يعبر عن قوة تأثير الدبلوماسية المنظمات غير الحكومية. وكانت الانطلاقة الأولى لحملة مكافحة الألغام البرية في سبتمبر 1991عندما وجهت كل من منظمة مراقبة حقوق الإنسان ومنظمة الأطباء لحقوق الإنسان دعوة مشتركة لحظر الألغام، وأصدرتا تقريرا بعنوان “جبناء الحرب…الألغام في كمبوديا”، لتلي هذه الخطوة خطى أخرى متسارعة من قبل مجموعة من المنظمات الدولية غير الحكومية على نحو منسق بهدف إقامة حملة تدعوا إلى حظر الألغام البرية المضادة للأفراد سنة 1992، ومن بين تلك المنظمات: المنظمة الفرنسية Handicap International،والمنظمةالألمانية Medico International،ومنظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية، والمنظمة البريطانية Mines Adviso، والمنظمة الأمريكية Vietnam Veterans of America Foundation.وشكلت هذه المجموعة اللجنة المشرفة على الحملة الدولية لحظر الألغام البرية التي تشرف على التنسيق فيما بينها المنظمة الخيرة وبرئاسة السيدة جودي ويليامز التي تحصلت نتيجة حملتها هذه على جائزة نوبل للسلام في 10 أكتوبر 1997 73.

وقد ضمت هذه الحملة العديد من المنظمات الأخرى التي سارعت بالانضمام إليها وان كان اختصاصها لا يتعلق مباشرة بالموضوع مثل منظمات اللاجئين والصحة والبيئة والتنمية إضافة إلى منظمات منع التسلح وحقوق الإنسان، والمنظمة الدولية للمعاقين وجمعية مراقبة حقوق الإنسان والمجموعة الاستشارية حول الألغام وجمعية أطباء من اجل حقوق الإنسان، واسع نطاق الحملة حتى انخراط فيها ما يربو عن 350 منظمة دولية غير حكومية منتشرة عبر أكثر من 20 دولة. اثر ذلك أنشأت الحملة فروعا لها في كل من اسبانيا واستراليا وألمانيا وايرلندا وايطاليا وفرنسا وكندا وموزنبيق والنرويج وهولندا والو.م.أ 74.

وكان لحملة المطالبة بفرض حظر على إنتاج الألغام المضادة للأفراد وحظر استعمالها وتخزينها وتصديرها صدى كبير على الصعيد الدولي لاسيما بعد المؤتمرين اللذين عقدا في 1993و1994 بحضور عدد كبير من المنظمات الدولية غير الحكومية بهدف وضع استراتيجية لحظر الألغام التي تعتبر أسلحة فاتكة تهلك المئات وتشوه الآلاف سنويا. صاحب هذين المؤتمرين غليان لدى المجتمع المدني الدولي بعد تأثير تلك المنظمات على مناضليها الذين ثاروا بشدة وسخط على هذه الألغام.

ولم يتوقف العمل عند هذا الحد بل قامت كلا من منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة Physicians for Human، بنشر تقرير معنون “تركة فتاكة” يعالج معظم نواحي المشكلة، وقامت منظمة Vietnam Veterans of America Foundation، بنشر تقرير عن الآثار المترتبة عن الألغام البرية تناولت فيه أوضاع الألغام في بلدان أفغانستان كمبوديا. . . وغيرها من بلدان العالم المهددة بهذه الألغام. وبفضل خبرتها في مجال الألغام صارت المنظمات الدولية غير الحكومية تمتلك الحق في المشاركة في المؤتمرات الدولية التي تناقش هذه المسائل، وكذلك الجلسات التي تعقدها البرلمانات أيضا، ففي مارس 1995 شاركت بعض المنظمات الدولية غير الحكومية في جلسات البرلمان الأوروبي مشاركة فاعلة جعلت البرلمان يعتمد قرارا يدعو لحظر الألغام البرية المضادة للأفراد.

ويعد ذلك اعترافا جديرا بالتقدير ودليلا قاطعا على المكانة التي صار يحظى بها هذا النوع من الدبلوماسية، ولقد سبقت هذا الاعتراف عديد الاعترافات التي تؤكد على أهمية دور المنظمات الدولية غير الحكومية لاسيما في المجال الإنساني فقد اعترف المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان المنعقد في الفترة الممتدة ما بين 14و25 جوان 1993 بالأهمية المتزايدة للمهام التي تؤديها المنظمات الدولية غير الحكومية في مختلف الأنشطة الإنسانية 75.وبعد كل هذه الجهود وبناء عليها تم الحصول على موافقة شبه عالمية على ضرورة حظر الألغام المضادة للأفراد وتخزينها واستعمالها والدعوة إلى تدميرها، ما توجه في الأخير توقيع على اتفاقية حظر الألغام البرية المضادة للأفراد في ديسمبر 1997 التي كانت نتيجة طيبة لعمل الدبلوماسية غير الحكومية 76.

وفي خاتمة هذا البحث يمكن القول بأن خدمة الإنسانية وتحقيق ما يصون حرمة الإنسان وكرامته غدت اليوم أهم انشغالات أشخاص المجتمع الدولي، بتأثير كبير من المنظمات الدولية غير الحكومية التي باتت الفاعل الرئيسي في المجال الإنساني بلا منازع، فقد كانت لها صولات وجولات مكنتها من انتزاع العديد من المكاسب القانونية، تمثلت أساسا في إقناع دول العالم بتبني وتوقيع العديد من الاتفاقيات الدولية في المجال الإنساني، ويرجع ذلك كله الى كونها لا تهدف إلى الربح والمصلحة الخاصة وإنما هدفها الأسمى تحقيق المصالح الإنسانية العليا.

ورغم أن الدبلوماسية غير الحكومية لا تزال في طور النشأة إلا أنها قد ساهمت في تحقيق تقدم دبلوماسي كبير اعترف به كلا من الأمين العام كوفي عنان وخلفه بان كي مون إذ جعلت قوة هذه المنظمات الأمم المتحدة في حاجة ماسة لنشاطاتها بحيث صارت لا تستطيع الاستغناء عنها نظرا للإنجازات العديدة التي حققتها بفضلها سواء في مجال السلم والأمن الدوليين 77، والاعتراف بالحقوق الإنسانية، وحظر الألغام الأرضية، والذخائر العنقودية. أوفي مجال تطوير القانون الدولي الجنائي ومساهمتها في إنشاء المحكمة الجنائية الدولية. وفي مجال البيئة ومساعدتها في انجاز برنامج أعمال القرن الواحد والعشرين، كذا اتفاقيتا التنوع البيولوجي وتغير المناخ وبروتوكول كيوتو. زيادة على دورها في مجال التجارة الدولية من خلال جهودها التي أفضت إلى تنظيم الأسواق الزراعية، وقبول تصنيع الأدوية الجنيسة، وشرط المحافظة على الصحة العامة 78.

ويبدو ظاهريا نجاح الدبلوماسية غير الحكومية ونجاعة عملها، لكن واقع الحال غالبا ما يكون عكس ذلك فيجعل من انجازاتها الكثيرة عديمة الأثر أو قليلة الجدوى، ويرجع ذلك لأسباب عديدة. فالتقدم الدبلوماسي الذي تترجمه زيادة عدد النصوص القانونية الدولية مع افتقارها لفعالية التنفيذ هو أمر مخيب للآمال التي ناضلت من أجل تحقيقها تلك المنظمات، ولذلك ينبغي أن تكلف هذه المنظمات بمراقبة مدى احترام الدول للالتزامات المترتبة عليها جراء تلك الاتفاقيات. كما أن ما يبقيدور المنظمات غير الحكومية محدودا وغير مجد كونها لا تملك أية سلطة في التفاوض أو إبرام اتفاقيات بشكل مباشر، بسبب عدم امتلاكها الصفة القانونية أو ما يعبر عنه اصطلاحا بالشخصية القانونية الدولية، وأما أصعب ما يعيق عملها فيأتي من منافسة العديد من الأطراف الأخرى “أصحاب المصالح” الذين يتقاسمون معها قوة الضغط على الدول، وفي الغالب ما يكون تأثيرهم أقوى لاستخدامهم العديد من الأساليب غير السوية كرشوة المسؤولين وشراء ذممهم.

الهوامش :

$11. Valentin Quam sodji, diplomatie non gouvernementales au servies de l’intégration régionale en Afrique de l`ouest, voir le cite: www. fongto. net.

$12. Robin Kurth, Maya Ollek,Héléne Tchelnokova,L’union fait la force: la diplomatie non gouvernementale objectif deCoordination SUD,Rapport présenté à la Atelier International 2005-2006. p05

$13. Op cit,p7.

$14. Op cit p6.

$15. صالح يحي الشاعري، تسوية النزاعات الدولية سلميا، مطبعة مدبولي، القاهرة، 2006، ص 28.

$16. Robin Kurt ,et Maya Ollek et Héléne Tchelnokova op cit p16.

$17. Op cit,p7.

$18. Henri RouilléD’orfeuil, Diplomatie non gouvernementale: l’influence croissante de la société civilesur la scène mondiale,Les Chroniques de la gouvernance Éditions Charles Léopold Mayer,Paris. 2009-2010. p172.

$19. Marie Tornquistm-chesnier, Les transformations de la diplomatie: le rôle des ONG; Revue Géostratégiques,n° 16 Mai, 2007,p 49.

$110. Philippe Ryfman, L’action humanitaire non gouvernementale une diplomatie alternative? Politique étrangère I.F.R.I. 2010/3pp 565 -578.

$111. عبد الفتاح الرشدان ومحمد خليل الموسى، أصول العلاقات الدبلوماسية والقنصلية ، المركز العلمي للدراسات السياسية، ط1، عمان، 2005، ص227.

$112. محمد أحمد عبد الغفار، فض النزاعات في الفكر والممارسة الغربية، ج2، دار هومة، ط1، الجزائر، 2004، ص292.

$113. المرجع نفسه ، ص292.

$114. Michel doucin,Les ONG ”acteurs-agis” des relations internationals, Thèse de doctorat L`institut des etudes politiques de bordeaux,2005, p 119.

$115. Michel doucin, op cit p 120.

$116. Ibid.

$117. op cit.p 123.

$118. op cit.p 121.

$119. Mathieu Amouroux, la société civile globale: une chimère insaisissable a l’épreuve de la reconnaissance juridique, L’Electronica, vol 12 n° 02; automne 2007, p 14.

$120. Michel doucin, op cit p 126.

$121. op cit. p 123.

$122. op cit. p 161.

$123. Roger Tebib, Quelle réforme de l`ONU et des organisation inter nationales; R.G, n°14 Novembre, 2006.p 67.

$124. Michel doucin, op cit,p 163.

$125. op cit. pp 175-177.

$126. Isolda Agazzi, Les ONG dans le système onusien-vers un partenariat multi-acteurs? Revue de géostratégique n°16. mais 2007,p136.

$127. عمر سعد الله، المنظمات الدولية غير الحكومية في القانون الدولي النظرية والتطور، دار هومة، الجزائر، 2009، ص ص 23-30.

$128. محمد مصالحة، المنظمات غير الحكومية، رسالة دكتوراه في فلسفة العلوم السياسية، غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان 1993 ص 6.

$129. عمر سعد الله، المرجع السابق، ص ص 28- 29.

$130. محمد مصالحة، المرجع السابق، ص 6.

$131. عمر سعـد الله، المرجع السابق، ص ص 24-25.

$132. محمد مصالحة، المرجع السابق، ص ص 06-07.

$133. عمر سعد الله، المرجع السابق، ص ص 27-28.

$134. المرجع نفسه، ص 30.

$135. محمد مصالحة، المرجع السابق، ص 15.

$136. المرجع نفسه، ص16.

$137. Henri RouilléD’orfeuil, op.cit. ,p173.

$138. Henri RouilléD’orfeuil , actrices de la diplomatie non gouvernementales, les ONG, diplomatie non gouvernementales, l’intervention des ONG dans système international en crise, séminaire en 4 et5 décembre 2006, Sao Paulo ,pp 77-78

$139. Op cit,p77.

$140. Ibid.

$141. Ibid.

$142. عمر سعد الله، المرجع السابق، ص ص 116-117.

$143. Henri RouilléD’orfeuil , Op.cit. p77.

$144. تم تأسيس مؤسسة اتحاد المنظمات غير الحكومية في العالم الإسلامي بموجب أحكام ومواد المرسوم الذي أصدره مجلس الوزراء التركي بتاريخ 31 ديسمبر من العام 2005 و بموجب أحكام القانون رقم 3335 والخاص بتأسيس المؤسسات والمنظمات التي لها صفة الدولية. ويبلغ عدد أعضاء الاتحاد 152 عضوا في الوقت الحاضر.

$145. انظر موقع الاتحاد على النت:www. idsb. orgوراجع أيضا مجلة الوعي، وزارة الشؤون الدينية والأوقاف عدد 532. الكويت 2010.

$146. Henri Rouillé D’orfeuil, Op.cit. p 78

$147. Ibid.

$148. Ibid.

$149. Ibid.

$150. Isolda Agazzi, op.cit. ,p139.

$151. Op cit. p140.

$152. مادلين معدي مشهور معدي، أثر المنظمات غير الحكومية على الحقوق السياسية في الوطن العربي، بحث مقدم لنيل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية، غير منشور جامعة عمان التطبيقية الأردن 2005 ص80.

$153. مادلين معدي مشهور معدي، المرجعالسابق، ص 80.

$154. المرجع نفسه.

$155. مادلين معدي مشهور معدي، المرجع السابق ، ص ص 89-90.

$156. عمر سعد الله، المرجع السابق، ص 88.

$157. عمر سعد الله، المرجع السابق، ص 91.

$158. المرجع نفسه.

$159. عمر سعد الله، المرجع السابق، ص 91.

$160. عمر سعد الله، المرجع السابق، ص 95.

$161. Jacques Fontanel, Les Organisations non gouvernementales,OPU,Alger,2005. p71.

$162. Ann Marie Clark, Diplomacy of conscience: Amnesty International and changinghumanrightsnorms, Princeton University Press,USA,2001. pp 03-06

$163. عمر سعد الله، المرجع السابق، ص 108.

$164. Nidal Nabil Jurdi ,The International Criminal Court and National Courts, Ashgate Publishing Limited,U.K, 2011. pp 86-92.

$165. عمر سعد الله، المرجع السابق، ص 110.

$166. أنظر موقع المنظمة على النت: http://www. amnesty. org

$167. عمر سعد الله، المرجع السابق، ص ص 116-117.

$168. Melanie Ostopowich, Greenpeace, Weigl Publishers Inc ,USA. 2003. p04.

$169. Melanie Ostopowich ,Op Cit. p09.

$170. Paul Kevin Wapner, Environmental activism and world civic politics, State University Press,USA. pp48-57.

$171. أنظر موقع المنظمة على النت:. www. greenpeace. org

$172. آن فلوريني وآخرون، القوة الثالثة، ترجمة تانيا بشارة، ط1، دار الساقي، لبنان، 2005، ص 18.

$173. آن فلوريني وآخرون، المرجع السابق، ص 102.

$174. المرجع نفسه.

$175. آن فلوريني وآخرون، المرجع السابق، ص 109

$176. Mathieu Amouroux, op cit. p 21.

$177. Henri Rouillé D’orfeuil, Diplomatie non gouvernementale: l’influence croissante de la société civilesur la scène mondiale, op cit,p176.

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …