الرئيسية / علوم بينية / الاقتصاد السياسي / السياسة المالية للدولة فى عصر الرسالة “زمن النبي”
السياسة المالية للدولة  فى عصر الرسالة
السياسة المالية للدولة  فى عصر الرسالة

السياسة المالية للدولة فى عصر الرسالة “زمن النبي”

السياسة المالية للدولة  فى عصر الرسالة

د.حسن محمد ماشا عربان

المقدمة :-

إن الحاجة لدراسة النظام المالى فى الاسلام  اصبحت ملحة الآن لأثراء تجربة التأصيل فى الداخل ولمحاولة ايجاد نموذج مالى بديل للنموزج الراسمالى المنهار فى الخارج  . فلقد اهتمت الشريعة الاسلامية بالنظام المالى ، ووضعت القواعد والنظم الرقابية الكفيلة لضبطه . والضرورة تقتضى عند البحث فى قضايا التاصيل المالى ، أن تكون البداية بعصر الرسالة . باعتباره بداية نزول القرآن وتمامه . كما فصلت فيه السنة النبوية الاحكام . فضلا عن انه يعتبر بداية التطبيق العملى للمنهج الاسلامى فى كافة مناحى الحياة . ولذلك ستتم دراسة نظام الموارد وصرفها فى هذا العصر .[1]

أهمية البحث : تظهر أهمية البحث من خلال التحديات التى تواجه تجربة السودان فى مجال التاصيل المالى .. والتى تتمثل فى : طرح الفكر الاسلامى بصورة علمية ومنهجية للمسلمين المبتعدين عن جوهر الدين وعن تطبيقه فى حياتهم العامة ، ولغير المسلمين الذين يبحثون عن بديل للنظام المالى الرأسمالى المتعدد الأزمات .

مشكلة البحث :- تتلخص مشكلة البحث فى الحاجة إلى دراسة علمية تحليلية لتطور نظام أداء الموارد المالية وصرفها فى عصر الرسالة التى بدأت فيه الأصول التشريعية للنظام  المالى وتطبيقاته . ومحاولة الاجابة على هل ماوضعه ذلك العصر من أسس وضوابط  لأداء الموارد المالية للدولة ، يصلح للتطبيق من حيث الزمان والمكان ؟

الفرضيات :-  تناولت الدراسة إختبار فرضية أن نظام أداء الموارد المالية وصرفها فى عصر الرسالة قد عالج كل المتغيرات التى لازمت هذا العصر . وأن ماوضعته هذه الفترة من أسس وضوابط  فى مجال الموارد المالية سيظل صالح لكل المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية القادمة ، من حيث الزمان والمكان .

هدف البحث :  يهدف البحث إلى  محاولة استنباط مبادىء وقيم التأصيل المالى فى جانب نظام الموارد المالية للدولة وصرفها ، وإبراز النظم والضوابط الرقابية لجباية المال ومصارفه ، ومدى تحقيقها لأهداف الدولة فى تلك الفترة . والوقوف على الكيفية التى تصدى بها النظام المالى فى ذلك العصر للتحديات التى واجهته . ومدى مرونته وملائمته للمتغيرات الاقتصادية من حيث الزمان والمكان .

المنهج العلمى :-  يستخدم الباحث المنهج التاريخى لاستقراء الافكار المالية فى عصر الرسالة  وربطها بأصولها التشريعية وبالمتغيرات التى تزامنت معها من أجل الوصول لطبيعة العلاقة بينها . ومن أهم المصادر العلمية التى يركز عليها الباحث : كتب تفسير القرآن الكريم والأحاديث القدسية والنبوية المطهرة وكتب فقهاء وعلماء المسلمين التى تناولت الفكر المالى فى عصر الرسالة المحمدية .

هيكل البحث :يتكون البحث من أربعة مباحث . فى المبحث الأول يتم تناول الموارد المالية الدورية . وفى المبحث الثانى الموارد المالية غير الدورية . وفى المبحث الثالث الموارد المالية الاختيارية . والبحث الاخير تناول الرقابة على جباية الموارد المالية .

 

 

 

المبحث الأول : الموارد المالية للدولة  

   وتنقسم موارد الدولة المالية فى عصر الرسالة إلى موارد دورية وغير دورية

   المطلب الاول :- الموارد المالية الدورية

وهى موارد يجبى ايرادها فى اوقات معينة من السنة مثل : زكاة المال والزكاة الفطر والجزية

  1. زكاة المال :-

              قامت الدولة بتحصيل زكاة المال في عصر الرسالة طبقاً لما جاء فى كتاب الله وما وضعته السنة من قواعد وأحكام, لمعظم خصائص فروع الزكاة سواء بالنسبة للخاضعين لها, وشروط الخضوع ووعائها وفئاتها, أو بالنسبة لكيفية جبايتها ومراقبتها .  والزكاة فى اللغة من  مصدر زكا الشئ إذا نما وزاد . فالزكاة هي البركة والنماء والطهارة والصلاح . [2] لأنها تزيد في المال الذي أخرجت منه وتقيه الآفات ،  كما أن النماء والطهارة ليسا مقصورين على المال بل يتجاوزانه إلى النفس البشرية .[3] قال الله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) . [4]  والزكاة عند اطلاقها فى لسان الفقهاء تنصرف إلى  ” المال المخصوص المخرج فى مصارفه ” . [5]أما الزكاة فى الشرع فتطلق على الحصة المقدرة من المال التي فرضها الله للمستحقين . والزكاة الشرعية قد تسمى في لغة القرآن والسنة صدقه كما جاء فى الآيات الدالة على وجوبها . ولقد فرضت الزكاة في السنة الثانية من الهجرة في شهر شوال. ) .[6]

   المال الخاضع للزكاة : لقد دلت القواعد التطبيقية في عصر الرسالة, على ضرورة توفر شروط للمال الخاضع للزكاة . وتشمل شروط وجوب و شروط  صحة. وشروط الوجوب هي : الحرية، الإسلام، النما،  الملك التام، النصاب، الحول، أن يكون المال مما تجب فيه الزكاة . أماشروط الصحة هى : النية والتملك . اماوشروط الوجوب هى :-

الحرية : لا تجب الزكاة على العبد لأنه لا ملك له، فالسيد مالك لما في يد عبده .

النماء :  وهو المال الذى من شانه, أن يدر على مالكه غلة أوإيراداً جديداً. ولقد خضعت الأموال النامية فى عصر الرسالة للزكاة , دون الأموال غير النامية.. [7] وفرض الزكاة على الأموال النامية , هو حث على الاستثمار والانتاج وعدم الاكتناز .

المال الواجب فيه الزكاة : حددة الشريعة الاموال التى تجب فيها الزكاة وهى : النقدين والمعادن والركائز وعروض التجارة والأنعام . [8]

النصاب : هو ما اوجب الشارع إخراجه من الوعاء الزكوي المعين . والحكمة وراء اشتراط النصاب هي أن الزكاة فريضة مالية تؤخذ من الأغنياء, فترد إلي الفقراء . [9]

حولان الحول: يكون باكتمال حول قمري . [10] وحكمة الشارع من حولان الحول هو قرينة للاستثمار . فالأنعام مرصدة للدر والنسل , وعروض التجارة مرصدة للربح, وكذلك النقود .

الإسلام: لا زكاة على كافر، لان الزكاة عبادة مطهرة وهو ليس من أهل الطهر

الملك التام: وهو القدرة على التصرف فيما يملك ، فلا زكاة على المرتهن، ولا زكاة في مال مباح لعموم الناس كالزرع النابت وحده في أرض غير مملوكة لأحد، لعدم الملك.

أما شرو ط صحة الزكاة فشرطان هما :-

النية: ذلك لقوله صلي الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)[11]

التمليك: ويشترط لصحة أداء الزكاة إعطائها للمستحقين .[12]

وعاء الزكاة : ويطلق على الأموال التي تجب فيها الزكاة . وشمل الوعاء العام للزكاة في عصر الرسالة عدداً أصناف الثروات الاقتصادية: الحيوانية والمعدنية والزراعية والتجارية, تلك الأصناف التي كانت, أكثر أموال المسلمين إنتاجاً ونفعاً, والتي تعد في نفس الوقت أصولاً يقاس عليها ما يجد من ثروات نظيرة في الدولة الإسلامية التالية لعصر الرسالة .[13] وقد دلت الاحاديث النبوية  على ثلاثة أصناف من الأنعام: الإبل والبقر والغنم. وومن النقدين الذهب والفضة , وصنفان من الحبوب: الحنطة والشعير, وصنفان من الثمار: التمر والعنب, فضلاً عن عروض التجارة.

و حددة أوعية زكاة النعام  فى الأصناف سائمة , وألا تكون الإبل والبقر عاملة والحكمة من ذلك أن الزكاة إنما وجبت فيما يسهل على النفوس إخراجه, وهو العفو .. وذلك فيما كثر نماؤه وقلت مؤنته (زيادة العائد وقلة التكلفة) وهذا يتحقق في السائمة دون المعلوفه. كذلك ألا تكون الانعام عاملة : وهي التي يستخدمها صاحبها في حرث الأرض وسقي الزرع, وحمل الأثقال, وما شابه ذلك من الأشغال . والحكمة وراء هذا الشرط أن الأنعام (العاملة ) أشبه ما تكون بالآلات التي تستعمل لخدمة الأرض والزروع والثمار الخاضعة للزكاة (مثل القمح) فلو أنها خضعت للزكاة أيضاً, لأضحي هناك ما يشبه “الازدواج الضريبي” وفي الحديث: “لا ثني في الصدقة” وقد علل أبو عبيد منع هذا “الازدواج” بقوله: “إنما القمح في بالبقر . [14]

أما زكاة النقدين فلقد أوجب الشارع زكاة الذهب والفضة . وهما معدنان نفيسان وهما أصل التنمية في الأشياء ، وجوب الزكاة فيها ثابت لقوله تعالى : (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم) .[15] والحديث قوله (ص) : (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح فأحمى عليها في نار جهنم، فيكون بها جنبه وجبينه وظهره) [16] والحكمة من ذلك دفعهما إلي مجري الاستثمار, دون الاكتناز , لما يترتب على حبس النقود من ركود الأعمال والأسواق وإنتشار البطالة وإنكماش الحركة الاقتصادية .[17] .

ولقد شمل وعاء زكاة الزروع والثمار- في عصر الرسالة- صنفين من الحبوب: الحنطة والشعير, وصنفين من الثمار التمر والعنب . [18]

اما زكاة عروض التجارة فتطلق على الثروة التجارية , وهي ما يعد للبيع والشراء بقصد الربح . ولقد أباحت الشريعة للمسلمين أن يشتغلوا بالتجارة ويكسبوا منها. وفرضت على المال المكتسب من التجارة الزكاة . [19] والعروض جمع عرض وهوكل ماعدا الدراهم والدنانير ويشمل الامتعة والآلات والجواهر  والحيوانات والدور ، وغيرها من العقارات والمنقولات .[20] وقد دل على وجوب زكاة عروض التجارة الكتاب والسنة قال تعالى : (ياأيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الارض) .[21] وجاء فى التفسير أن قوله تعالى (ماكسبتم ) يعنى التجارة . [22] وفى الحديث عن أبى زر رضى الله عنه أن النبى (ص) قال : ” فى الابل صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البز صدقته ) والبز مايبيعه البزازون من ثياب . وهذا المقصود منه التجارة .[23]

ويكون ميقات زكاة عروض التجار والأموال المستخدمة هو حولان الحول .

فئات الزكاة :  لقد دلت الأحاديث النبوية على فئات خاصة لكل وعاء نوعى من الاوعية الزكوية السابقة كما يلى :-

أ/ فئات الانعام :- لقد فصلت السنة فى زكاة كل من الابل والبقر والغنم .كما يلى : [24]

  1. زكاة الانعام :- زكاة الإبل: لقد بين عصر الرسالة زكاة الابل كما فى الحديث عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال : ” أقرأني سالم كتابا كتبه رسول الله  صلى الله عليه وسلم  في الصدقات قبل أن يتوفاه الله فوجدت فيه في خمس من الإبل شاة وفي عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين بنت مخاض إلى خمس وثلاثين فإن لم توجد بنت مخاض فابن لبون ذكر فإن زادت على خمس وثلاثين واحدة ففيها بنت لبون إلى خمسة وأربعين فإن زادت على خمس وأربعين واحدة ففيها حقة إلى ستين فإن زادت على ستين واحدة ففيها جذعة إلى خمس وسبعين فإن زادت على خمس وسبعين واحدة ففيها ابنتا لبون إلى تسعين فإن زادت على تسعين واحدة ففيها حقتان إلى عشرين ومائة فإذا كثرت ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون” [25]
  2. زكاة البقر: لقد بينت السنة ايضا زكاة البقر كما جاء فى الحديث عن أبي عبيدة عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال في ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة وفي أربعين مسنة . [26]
  3. زكاة الغنم: أما عن زكاة الغنم فلا تجب الزكاة فيما دون الأربعين من الغنم وتكون على الوجه التى بينتها السنة فى الحديث عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” أقرأني سالم كتابا كتبه رسول الله  صلى الله عليه وسلم  في الصدقات قبل أن يتوفاه الله فوجدت فيه في أربعين شاة شاة إلى عشرين ومائة فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة فإذا كثرت ففي كل مائة شاة ووجدت فيه لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع ووجدت فيه لا يؤخذ في الصدقة تيس ولا هرمة ولا ذات عوار. [27]

 ب/ فئات النقدين : لقد بينت الاحاديث النبوية أن زكاة النقدين الذهب والفضة لا تكون فى أقل من عشرين مثقالاً من الذهب ولا في أقل من مائتي درهم وتؤخذ الزكاة من النصاب ربع العشر . [28] وقد ترجع حكمة الشارع أيضاً في تخفيف فئة زكاة “النقدين” بالنسبة لفئة زكاة الركاز, إلي أن تلك النقود قد حازها مالكها على أساس العمل فى الأنشطة الاقتصادية المشروعة, أو حازها نتيجة لعمل الآخرين, عن طريق وصية أو هبة أو ميراث, أو غير ذلك من الطرق المشروعة لحيازة النقود.. فجاء التخفيف في مقدار زكاة النقدين (2.5%) على حافز العمل.. والآخر: محاربة الاكتناز وحبس النقود عن التداول.

ج. فئات زكاة الزروع والثمار: حددت السنة المطهرة, فئات زكاة الزروع والثمار, فبلغت (نصف العشر) من إنتاج زروع وثمار الأرض التي تروي بالآلات, و(العشر) من إنتاج الأرض التي تروي بغير الاستعانة بآلات الري. [29] ولقد حدد رسول الله (ص) ما تجب فيه الزكاة من الزروع وهو التمر والحنطة والحبوب أما الفواكه والخضروات فلا زكاة فيها . [30]

د. فئات عروض التجارة :

ويقدر نصاب أموال التجارة منسوباً إلى الذهب ويكون مقدار زكاة عروض التجارة ربع العشر وكان النقدان الأساسيان هما الدينار الذهبي والدرهم الفضي فى عصر الرسالة ، فأقرهما رسول الله (ص) وظلا كذلك مقياساً للقيمة , ومقبولين من جميع أفراد المجتمع.

  1. زكاة الفطر:-

       زكاة الفطر هى ما يخرجه المسلم من ماله لحاجة أخيه الفقير بقصد التقرب الى الله تعالى . والحكمة من مشروعيتها جاءت مبينة فى الحديث عن ابن عباس رضى الله عنهما قال :  ” فرض رسول الله (ص) زكاة الفطرطهرا للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للساكين ” . [31]

زكاة الفطر يؤديها المسلمون عيناً في عصر الرسالة, سواء من الأصناف التي وردت في متن تشريعها (التمر- الشعير) أو من أصناف أخرى نظيرة من الطعام, كأداء عيني بديل, تيسيراً على المسلمين في أداء المقدار الواجب (صاع) من غالب أقوات المتداولة بين الناس .[32] ولقد خضع لزكاة الفطر جميع المسلمين, بلا استثناء لبعض الفئات مما يعنى تزايد حصيلتها طردياً مع تزايد عدد المسلمين . ومن حكمة الشارع أيضاً, أن حدد فئتها بصاع  من غالب طعام بلد المزكي, وهو مقدار على المسلم أداؤه , كما أن فرضها على كل مسلم , غني أو فقير, يحقق هدفاً أخلاقياً تربوياً- بجانب الهدف المالي  وهو تدريب المسلم على الإنفاق في السراء والضراء. وأن تكون يده هي العليا, ليشعر بسعادة الإنفاق إلي غيره, ولو في يوم من العام . بالإضافة إلي هدف تطهير ما عسي أن يكون قد شاب صوم الصائم, من لغو القول ورفث الكلام.

  1. الجزية :-

أصل كلمة الجزية بالكسر هى خراج الأرض ومايؤخذ من الذمى . وهى المال الذى يعقد عليه الكتابى الذمة . [33] وقال ابن قدامة الجزية هى : الوظيفة الماخوزة من الكفار لاقامته بدار الاسلام فى كل عام . [34] ومشروعية الجزية جاءت فى قوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولايحرمون ماحرم الله ورسوله ولايدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطو الجزية عن يدوهم صاغرون ) .[35] ولقد خضع للجزية في عصر الرسالة أهل الكتاب- اليهود والنصاري- والمجوس . [36]  أما من حيث شروط الخضوع للجزية فلقد أخضع الرسول (ص) “كل حالم” وقد ترجع الحكمة في فرضها على من هم في “سن العمر المنتج” إلي دفعهم لسوق العمل , لإمكان أداء ما هو مفروض على رؤوسهم من الجزية, الأمر الذي يترتب عليه تزايد عرض القوة العاملة في السوق, ومحاربة البطالة الاختيارية. أما بالنسبة لفئات الجزية فلقد أمر الرسول(ص)  (بعدم تكليف الذميين فوق “طاقتهم المالية” . وكان مقدار الجزية ديناراً واحداً في عصر الرسالة غالباً . ولقد قامت الدولة في عصر الرسالة بتحصيل الجزية التي كانت تؤدي سنوياً “يد بيد” ومن الخاضعين لها إلي الوالي أو من ينوب عنه, في الولايات التي فتحت صلحاً (كاليمن) أو التي فتحت عنوة (كالطائف) طبقاً لسعر ضريبة الجزية الذي قدرته الدولة (دينار على كل حالم) . [37] وقد كانت الجزية تؤدي بصفة إجمالية من أهل الولايات التي فتحت صلحاً, طبقاً لشروط عقد الصلح بين المسلمين وأهلها ومنها: تبوك والجرباء  وإيلة وأزرح ومقنا ونجران والبحرين . [38]

  1. أملاك الدولة الدورية :-

في عصر الرسالة كان مصدر إيرادات الدولة من أملاكها ونشاطها الاقتصادي عن طريق الاستثمار المباشر وغير المباشر .

 أ.الاستثمار المباشر: الاستثمار المباشر أى أن يقوم القطاع العام بالاستثمار لحساب الدولة , فقد كان الرسول (ص): “يزرع تحت النخل في أرض بني النضير” وكان ذلك نواة لنشأة القطاع العام الزراعي في الدولة الإسلامية. [39]

ب.استثمار غير مباشر : وهو أن يقوم القطاع الخاص بالاستثمار نيابة عن الدولة . ولما كان القطاع الزراعى هو الجازب فى عصر الرسالة فلقد كانت المزارعة تمثل الاستثمار غير المباشر . فلقد زارع الرسول (ص) يهود خيبر على النصف من إنتاج الأرض التي آلت ملكيتها إلي الدولة, لخبرتهم في مجال النشاط الزراعي, ولأن الرسول (ص) وأصحابه, كانوا مشغولين بالشئون العامة للدولة ، ولم يكن لديهم من العمال ما يكفي لزراعة تلك الأرض. وقد بلغ إنتاجها من التمر فقط (أربعين ألف وسق) وكان عامل الدولة المشرف على “خرص” نخل أرض خيبر هو الصحابي “عبد الله بن رواحة” وكذلك زارع الرسول (ص) أهل وادي القرى وأهل فدك, بنفس الشروط .[40] وهذه سياسة مالية راعى فيها الرسول (ص) مزارعة اصحاب الاراضى التى دخلت ملكية الدولة عنوة او صلحا على النصف من أنتاجها لخبرتهم فى مجال الزراعة وبالتالى ضمان وجود أيراد اضافى لموارد الدولة من ناحية ولامتصاص بطالتهم من ناحية أخرى بصفتهم من رعاية الدولة . [41]

المطلب الثانى : الموارد المالية غير الدورية

         وهى ليس لجبايتها وقت محدد بل هى مرهونة باسبابها : مثل الغنيمة والفىء والركاز وأملاك الدولة غير الدورية .

  1. الغنيمة :-

          والغنيمة فى اللغة هى : الفوز بالشىء والظفر به . وهى ما أخذ من الكفار قهرا بالقتال واشتقاقها من الغنم وهو الفائدة. [42] ولقد أحل الله تعالى الغنيمة إكراما لنبيه (ص) قال تعالى (كلوا مما غنمتم حلالا طيباً). [43]وقال (ص) ” أعطيت خمسا لم يعطهن احد قبلى … وذكر منها: وأحلت لى الغنائم ” .[44] و تؤخذ الغنيمة من الأرض التى فتحت عنوة . [45]  وأول غنيمة كانت لسرية أرسلها الرسول (ص) بقيادة عبدالله بن جحش لعير قريش فقتلوا وغنموا منها فقسمها ، تاركا خمس الغنيمة لرسول الله فكانت أول غنيمة غنمها المسلمون وأول خمس فى الاسلام قبل نزول الآية .[46] وفى غنائم بدر حين تنازع المسلمون فى الغنائم  نزلت الآية (ويسالونك عن الانفال قل الانفال لله ورسوله ).[47] فنزع الله الغنائم منهم ورده للرسوله (ص) فقسمه بينهم على سواء . [48]وفى تفسير ابن كثير الأنفال هى الغنائم .[49]  واجمع جمهور العلماء أن فرض الخمس كان بقوله تعالى : (واعلما أنما غنمتم من شىء فان لله خمسه ).[50]  وأول غنيمة

“خُمست” في الإسلام, كانت غنيمة “بني قينقاع” وكانت كلها ذهبا لأنهم كانوا صاغة وليست لهم أراضى . وتلتها غنيمة أهل خيبر وبها غنائم منقولة وعقارية- وهي ستة حصون بما في من أراضى وأنعام وأموال . [51]

  1. الفىء :-

الفيء فى اللغة مأخوز من فاء الرجل يفىء إذا رجع .  وفى الشرع فهو: كل مال وصل المسلمون من غير حرب ولا إيجاف خيل ولاركاب ، ويشمل خراج الأرضين وجزية الرؤوس والغنائم . [52] وهو : “ما اجتبى من أموال أهل الذمة مما صولحوا عليه من جزية رءوسهم التي بها حقنت دماؤهم وحرمت أموالهم ومنه خراج الأرضين التي افتتحت عنوة ثم أقرها الإمام في أيدي أهل الذمة على طسق يؤدونه ومنه وظيفة أرض الصلح التي منع منها أهلها حتى صولحوا منها على خراج مسمى ” ومنه ما يأخذه العاشر من أموال أهل الذمة التي يمرون بها عليه لتجارتهم . ومنه ما يؤخذ من أهل الحرب إذا دخلوا بلاد الإسلام للتجارات ” . فكل هذا من الفيء . وقد أصبحت جميع تلك الأراضي, التي فتحت صلحاً- خالصة لرسول الله (ص) (الدولة)- أي دخلت في نطاق

الملكية العامة لجميع المسلمين, بحكم تشريعها المالي. [53]

3.المعدن والركاز :-

وهى من الموارد غير الدرية للدولة الاسلامية . والمال المستخرج من الارض فى اللغة له ثلاث اسماء معدن وركاز وكنز . أما المعدن فهو منبت الجوهر من ذهب ونحوه ، اما الركاز هو ما ركز فى الارض .أما الكنز هو المال المدفون . [54]ولقد بين الحديث زكاة الركاز . قال (ص) : “في الركاز الخمس” قيل ما الركاز يا رسول الله؟ قال: الذهب والفضة الذي خلقه الله في الأرض يوم خلقت” . [55]

فالمعدن والركاز صنف واحد وفيهما الخمس . وحكمة المشرع الإسلامي في عدم تحديد فئة المعادن أو جهة إنفاقها, ليترك الحرية لولي الأمر بإخضاعها للزكاة , وبالتالي تتفق على مصارف الزكاة الثمانية, أو الخمس , كما أنها تستخرج من باطن الأرض سواء كانت من الفلزات ، كالذهب والفضة والنحاس والحديد ونحوها) أم من السوائل (كالبترول). فالأصل في الثروات الطبيعية, إنها ملكية عامة . لذلك جاءت فئتها مرتفعة (الخمس) لتحقق هدفين الأول : حق المجتمع في الاستفادة من ثروات الطبيعة , والآخر: محاربة الإحتكار لكى لايكون دولة بين الاغنياء.[56]

  1. املاك الدولة غير الدورية :-

أ. القروض : – عند التحضير لغزوة “حنين” , أقترض الرسول (ص) قرضا حسنا من غير ربا أو فائدة من الصحابي “ربيعه المخزومي” (أربعين درعاً) وقد توهم “صفوان” أن ذلك غصب , فسأل الرسول (فقال لصفوان: “بل عارية مضمونة”- والمعني إن الإسلام لا يبيح الغصب أو المصادرة . [57] والدولة في عصر الرسالة لم تتوسع في عقد القروض العامة للمساهمة في تغطية الإنفاق العام المطرد , اعتماداً على الإنفاق الفردي الاختياري من المسلمين, فقد كانت الدولة آنذاك تترك حيزاً مهماً في ماليتها ليتم تمويله عن طريق تبرعات المسلمين . وبما أن عصر الرسالة كان يمر بمرحلة حرب وفتوحات ، فلقد وضعت الدولة إحتمال الحاجة إلى قروض طارئة ولذلك تعاقدت مع أهل اليمن فى حالة الحرب او التمرد دفع ثلاثين درعاً وثلاثون فرساً وثلاثون بعيراً, وأن ما يهلك من تلك العارية فالمسلمون ضامنون لها حتى يردوها.. وجعل لهم ذمة وعهده .[58] وكذلك نص عقد الصلح مع أهل “مقنا” على أداء (ربع كراعهم وحلقتهم) كما نص عقد الصلح مع أهل “نجران” على تقديم “عارية مضمونة” من الدروع والخيل والبعير في حالة حدوث اضطرابات داخلية في اليمن, وهو ما يشبه- القرض الداخلي الاجباري (غير المؤبد) عند الحاجة. وكذلك نص صلح “بني النضير” على أن لهم ما حلمت إبلهم من الأموال المنقولة , ما عدا الحلقة (الدروع) وسائر السلاح. فالحاجة إلى أدوات القتال هى التى تحدد نوعية القرض . [59]

ب. الاقطاع : ثبت أن النبى (ص) أقطع جماعة من الصحابة ممن يقون على الاستثمار بعض الأراضى فلقد اقطع (ص) الزبير ابن العوام أرضا فيها نخيل لحديث اسماء بنت أبى بكر رضى الله عنها قالت  ” كنت أنق النوى من أرض الزبير التى أقطعها له رسول الله (ص)”. وكذلك اقطع وائل بن حجر وعبدر الحمن بن عوف وعكرمة وثعلبة الخشنى . ولأناس من مزينة وجهينة .[60]

ج. اللقيطة :-  وكل ما لا يعرف مالك فاساسه الغرم بالغنم ، وأن كل مال لايستحق مالك خاص فالمصلحة العامة أحق به .

د. التركة ما لاوارث له وما فى حكمها :- تعتبر من الموارد غير الدورية للدولة تركة ما لا وارث له من اصحاب الفروض واو العصبة أو ذوى الأرحام ، أو لايرثه إلا أحد الزوجين . ففى الحالة الأولى توضع التركة كلها فى بيت مال المسلمين . وفى الثانية يوضع الباقى بعد نصيب أحد الزوجين .[61]

هـ. الحمى : – فى الحديث ” لا حمى إلا لله ورسوله ” ولقد حمى رسول الله (ص) أرض النقيع وهو مكان معروف بالمدينة لرعى خيل المسلمين .[62]

و الكلأ :- الحديث “الناس شركاء فى الماء والكلاء والنار ” [63] والأرض الكلاء هى أرض المراعى غير المملوكة لاحد فتدخل فى ملكبة الدولة قياس على أملاك من لا وارث له .

المطلب الثانى : الموارد المالية الاختيارية  

وسميت أموال اختيارية أو تطوعية لأن الدولة لاتأخزها عنوة من الأفراد ولكن تحثهم على أدئها . وهى الصدقات والنفقات التى يدفعها الفرد من تلقاء نفسه ، أما بدافع التقرب إلي الله والرغبة في مرضاته ونيل ثوابه مثل الانفاق والصدقة والهدى . واما تجنبا للعقاب من الله تعالى مثل الكفارات والنزور والقتل الخطأ . ويمكن تقسيمها إلى موارد تطوعية مباشرة و غير مباشرة .

  1. موارد مالية اختيارية مباشرة

   ويقصد بها موارد التى يدفعها الافراد  للدولة مباشرة . وقد تكون هذه الموارد اختيارية بنية التقرب إلى الله ومرضاته مثل تبرع الافراد نقداً أوعينًا أو وقفًا للدولة . وقد تكون ايرادات تدفع للدولة كفداء . ويمكن تفصيل ذلك فيما يلى :

أ. تبرع الفرد للدولة :-

لقد كانت هنالك تبرعات فردية سخية للدولة الاسلامية فى عصر الرسالة  . ففى غزوة تبوك أنفق سيدنا عثمان رض الله عنه في ذلك نفقة عظيمة لم ينفق احد مثلها ، قال ابن هشام حدثني من أثق به أن عثمان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك الفي دينارفقال صلى الله عليه وسلم : ” اللهم ارض عن عثمان فإني راض عنه ” قال البرهان الحلبي في نور النبراس وجهزهم بسبعمائة وخمسين بعيرا وبخمسين فرسا . [64]

ب. الوقف :

اوقف رسول الله (ص) أول أرض امتلكها وهى سبع حدائق أوص له بها “مخيرق” فجعل انتاجها فى سبيل الصدقة . كما أصاب عمربن الخطاب أرضاً بخيبر من فاستشار رسول الله (ص) بشأنها فقال له (إن شئت حبست أصلاً وتصدقت بها) فاوقفها فى سيبل الله . واشترى عثمان بئر رومة بماله الخاص من يهودى وجعلها في سبيل الله) [65] وكذلك أبوطلحة اوقف نخله ببرحاء . [66] فالوقف فى عصر الرسالة أصبح مؤسسة اجتماعية تسهم فى اشباع الحاجات العامة .

ج.  الفداء :-

في الاستيعاب كان نوفل بن الحرث بن عبد المطلب يتجر في الرماح وبها فدى نفسه لما أسر في غزوة بدر وكانت الف رمح . وفي طبقات ابن سعد لما اسر نوفل بن الحارث ببدر قال له النبي  صلى الله عليه وسلم : ” أفد نسفك برماحك التي بجده قال اشهد انك رسول الله ففدى نفسه بها وكانت ألف رمح وفيها أنه أعان النبي  (ص) يوم حنين بثلاثة آلاف رمح فقال رسول الله  (ص) : “كأني انظر الى رماحك يا أبا الحارث تقصف في أصلاب المشركين “. [67]

  1. موارد مالية اختيارية غير مباشرة

   ويقصد بها الموارد التى يدفعها الافراد للمساكين وذوى القربى وذوى الحاجات تقربا لله وتجنبا لعقابه . وهى لاتصل مباشرة للدولة ولكن تسهم بصورة غير مباشرة فى الايرادات العامة الموجهة لتغطية حاجات المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية . ولذلك اهتمت الشريعة بها اهتمام كبير لانها تجنب الدولة موارد طائلة كانت ستنفقها فى حالة ضعف الايرادات الطوعية غير المباشرة . ويمكن حصرها فيما يلى :

  • الصدقات من غير الزكاة :-

                    وهى الصدقات التى يقدمها المسلم لاخيه تقربا لله . ولقد حثت الشريعة على الانفاق الفردى وكانت عصر الرسالة فى فترة ما قبل الهجرة يعتمد على موارد التطوع فلم يكن للمسمين دولة بالفهوم السياسى قبل الهجرة ولم ترد ايات الاحكام للمال فى السور المكية وانما ورد من ايات فى الاموال جاء مطلقا غير محدد وغير ملزم مثل قوله تعالى (والذين فى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) [68]. وهذا الحق المعلوم ماهو إلا جزء من أموال المسلمين فرضوه على أفسهم وعينوه للسائل والمحروم ، وهو بخلاف حق الزكاة التى فرضته بعد الهجرة . [69] ولم تكن هنالك ادارة للمال عامة من حيث كيفية الحصول عليها أو صرفها ، وانما يعرض أهل الفضل والقناعة من أموالهم على أهل الحاجة كالفقراء والمساكين وتخليص العبيد من تعزيب المشركين . فكان الصحابة هم الأسوة الحسنة فى البزل والعطاء منهم اليدة “خديجة” التى انفقت اموال طائلة على المسلمين وابوبكر الذى تبرع بكل ماله وعمر الذى تبرع بنصف ماله ز والارقم الذى تبرع بداره . ففى فترة ماقبل الهجرة أى قبل وجود التشريع المالى كانت القيم العقائدية التى استقرت فى النفوس ومنها الاخوة فى الله والايثار هى التى توفر الموارد المالية الازمة لتسيير النفقات . [70] ولقد استمر الانفاق الفردى حتى الفترة الأولى من الهجرة حيث تجسدت معانى الايثار بين المهاجرين والانصار . وكان لهذه النفقات والصدقات دور كبير فى تثبيت أركان دولة الاسلام فى بدايتها . ولذلك أهتم عصر الرسالة لانفاق الطوعى . فهنالك العديد من الآيات التى دلت على الانفاق وثوابه وعقابه وكذلك الاحاديث النبوية . قال تعالى  : ( يأيها الذين أمنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل أن ياتى يوم لا بيع فيه ولاخلة ولاشفاعة والكافرون هم الظالمون) [71] ، وقال تعالى  (ليس البر أن تولو وجوهكم قبل المشرق والمقرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الاخر والملاكة والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وفى الرقاب ..) [72] (أما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى وكذب بالحصنى فسنيسره للعسرى )[73] (سيتجنبها الاتقى الذى يؤتى ماله يتزكى ) أما الاحاديث : عن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال ” اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول وخير الصدقة عن ظهر غنى ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ” . [74] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله  (ص) ” من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل ” .[75] وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال كان رسول الله  (ص) ” إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق فتحامل فيصيب المد وإن لبعضهم اليوم لمائة ألف “[76]

عن عائشة رضي الله عنها قالت : ” دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي  (ص) علينا فأخبرته فقال من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار”[77]

وعن أبو هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي  (ص) فقال يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجرا قال : ” أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم ” [78] . ونهى النبي  صلى الله عليه وسلم  عن إضاعة المال  بعلة الصدقة .[79] ولقد حدد الرسول (ص) لمن تحل الصدقة حيث لاصدقة لغنى .[80] فلقد ساهم الانفاق الفردى الاختيارى من المسلمين سواء قبل الهجرة أو بعدها فى اشباع الحاجات العامة آنذاك وهى فترة كانت تجسد العلاقة الحميمة بين الفرد والدولة .

ب.الكفارات :- الأصل فى معنى الكفارة هى : الستر والغطى . وكفارة الزنب أى تستره وتغطيه. وجعلها الإسلام لمحو الذنوب التى ليست لها حق شخص لأحد : كالحنث باليمين والإفطار في رمضان والظهار وكفارة الحج . وهي التصدق بالمال مساعد للمعسرين وتحرير الأرقاء. فكفارة اليمين طعام عشرة مساكين أو كسوتهم او تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام .[81].. وكفارة الإخلال ببعض الموجبات كالحج في غير أركانه الأساسية توزع على الفقراء ، وما يساق في الحج من الهدي وهو صدقة وليس كفارة . وهنالك كفارة الظهار وهي صيام شهرين متتاليين أو إطعام ستين مسكين [82]. وكفارة الصيام عتق رقبة مؤمنة أو صيام شهرين متتاليين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكين . [83] وهذه الكفارة في مجال الذنوب المتعلقة بحقوق الله تعالى ومخالفة أوامره فهي ليس فيها حق لأحد.

ج.النذور :-  وهي ما يقدم الإنسان لنفسه  من أعمال البر من صدقة وتبرع فيجب عليه الوفاء بما إلتزام به لله (ويوفون بالنذور). [84]

د. الوصية :- وهي صدقة تنفذ بعد الوفاة ومثال لها الحدائق السبع التى أوصى بها الحبر اليهودى “مخيرق” إلى رسوا الله (ص) قبل استشهاده ببدر .[85]

المبحث الثانى : مصارف الموارد المالية

اهتم الفكر المالى فى عصر الرسالة بسياسة الانفاق العام ، فلم يكتفى بالأسس والقواعد التى وضعها للموارد المالية للدولة للاسلامية بل اهتم ببيان مصارف هذه الموارد حتى لايذهب المال إلى من لا يستحقه . وقسم الشارع مصارف الموارد المالية الاسلامية إلى مصارف لها مورد مخصص كزكاة المال والفطر والغنائم والفىء والتى خصصت لبنود معينة لايمكن الحياد عنها .  ومصارف غير مخصصة تصرف في كل الشئون العامة للمسلمين مثل رواتب الولاة والقضاء والدواوين والمشروعات .

المطلب الأول :  مصارف مخصصة

وهي: الزكاة المال وزكاة الفطر- وأموال الغنيمة والفىء

  1. مصارف زكاة الفطر

تشمل زكاة الفطر, و زكاة المال.  بالنسبة لزكاة الفطر فقد خصصت إيراداتها  لفئة واحدة, هي فئة المساكين فى المجتمع الإسلامي وكان الصحابة ينفقون زكاة الفطر في عصر الرسالة “ويعطونها لمن يطلبها” . [86]

  1. مصارف زكاة المال:

اشتملت آية مصارف زكاة المال على ثمانية كما ورد قوله تعلى ( انما الصدقات للفقراء والمساكين والعملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الل والله عليم حكيم ) [87] أوجة . وقد أنفقت إيراداتها على تلك الأوجه الثمانية. [88] من الاية يلاحظ ان فريضة الزكاة روعى فيها تغطية الحاجات ملحة فى المجتمع وذلك يظهر بوضوح من خلال تتبع هذه المصارف :[89]

أ.مصرف الفقير : فلقد اتفق الفقها على ان الفقير من لا يملك نصاب الزكاة . وقال ابن قدامة الفقراء الذي لا حرف له ولا يمتلك خمسين درهما ولا قيمتها من الذهب .  ي.مصرف المسكين : والمسكين فهو من له حرفة ولايمتلك خمسين درهم ولا قيمتها من الذهب والفقير اشد حاجة من المسكين .[90]  ويؤيد ذلك الآية فى قوله تعالى :(أما السفينة فكانت لمساكين يعملون فى البحر ) . [91]

ج. مصرف العاملون عليها : وهم السعاة الذين يجمعون الزكوات سوى والى الامة او الخليفة والقاضى . ويدخل فيه العريف والكاتب والمستوفى والحافظ والنقال . ولا يزيد واحد منهم عن أجر المثل . فالعاملون يعطيهم الولاى ما يكفيهم من غير صرف ولا تقطير . والعاملون صنفان : القائمون بأخذها وجبايتها والمقيمون بقسمتهاوصرفها . [92]

د. مصرف المؤلفة قلوبهم : وهم الاشراف الذين أسلموا وهم مطاعون فى قومهم ويتم تأليفهم أما لمعونة المسلمين أوللكف عنهم أولرغبتهم فى الاسلام أو لترغيب قومهم وعشائرهم فى الاسلام . [93] ولقد اعطى رسول الله (ص) بعد فتح مكة اعطى سقيان بن حرب وصفوان بن امية وعيينة بن حصن والاقرع بن حابس وعباس بن مرداس كل منهم مائة من الإبل . وروى انه اعطى علقمة بنعلائية مائة ثم قال للانصار لما عاتبو عليه : الا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والابل وتذهبون برسول الله (ص9 إلى رحالكم . وقال لما بلغه انهم قالوا يعطى صناديد نجد ويدعنا انما فعلت ذلك لتالفهم.[94] هـ. مصرف فى الرقاب : وهم المكاتبون والمكاتبة هى شراء العبد نفسه من سيده ولقد وجد الاسلام الرق واقع موجود وكان هنالك صعوبة فى القاء الرق دفعة واحدة فى ظل الحرب الدائرة بين المسلمين والكفار . فأوجد الاسلام عدة قنوات لانهاء العبودية اهمها تخصيص سهم من الزكاة لمساعدة المكاتبين من الرقيق كما نكن دافع الزكاة من انفاقها فى شراء العبيد وتحريرهم كما كان يفعل الصحابة والتابعين .[95]

و. مصرف الغارمون : هم العجزون عن سداد ديونهم شرط ان لاتكون فى معصية . فالغارم من عليه دين ولايملك نصابا لدينه وقد يكون استدان لمصلحته او لمصلحة المسلمين .[96]

ز. مصرف فى سبيل الله : وهم المجاهدون (الغزاه) ومايحتاجون من تموين وسلاح ونقل ، ودفع نفقة زهابهم وعودهم .

ح. ابن السبيل : وهو المسافر المنقطع عن ماله واهله على أن يكون سفره طاعة فى الله

الصرف المحلى والمركزى للزكاة : تصرف الزكاة فى عصر الرسالة محليا ومركزيا ويترتب على إنفاق زكاة المال محلياً رفع مستوي معيشة الطبقات الدنيا في المجتمع الإسلامي بصفة عامة , وتدريب كل إقليم على كفاية حاجاته , الأمر الذي يؤدي إلي الاستقرار الاجتماعي اللازم للتنمية الاقتصادية فى كل الاقاليم . فضلا عن الاقتصاد في نفقات النقل والتخزين والحراسة, فيما لو أنفقت جميعها مركزياً, وينعكس أثر ذلك على تزايد أنصبة المستحقين لإيرادات الزكاة من أهل الحاجة . ولقد دلت بعض الوقائع التاريخية, أن أعمال الزكاة في عصر الرسالة, كانوا يرسلون إلي العاصمة (المدينة) فائض إيرادات الزكاة بعد إشباع حاجات مستحقيها المحليين, لينفقها الرسول (ص) على مستحقيها في العاصمة أو المقاطعات الأخرى التي لا تفي زكاتها المحلية بحاجات مستحقيها وذلك لاعتبارات التكافل العام بين أقاليم الدولة ومقاطعاتها. ودليل ذلك, ما قاله “معاذ بن جبل” مصدق رسول الله (ص) لأهل اليمن: “إئتوني بخميس (درع) أو لبيس (ملابس) آخذه منكم مكان الصدقة, فهو أهون عليكم, وخير لأهل المدينة (العاصمة)”  [97]. وكان رسول الله (ص) ينفق تلك الفوائض الزكوية على مستحقيها مركزياً, ومنهم “المؤلفة قلوبهم”  والغارمين وغيرهم منن مستحقيها. ومن الذين أنفق عليهم الرسول (ص) من سهم “المؤلفة قلوبهم”. “عينة بن حصين, الأقرع بن حابس” [98]. ومن الغارمين كما ورد الحديث عن الصحابي “قبيصه بن المخارق” “قال: أتيت رسول الله (ص) في حمالة . [99]قال: “أقم حتى تأتينا الصدقة, فإما أن نعينك عليها وإما أن نحملها عنك” [100].

تعجيل الزكاة : لسد الحاجات حصل الرسول (ص) على زكاة أموال عمه العباس لمدة عامين قادمين  (بما يشبه طريقة الأقساط المقدمة في الفكر الضريبي المعاصر) [101]. والواضح من ذلك  أن الفوائض الزكوية التي تصل العاصمة, لتنفق مركزياً  كانت لا تغطي احياناً مستحقيها, وذلك من الحديث ان رسول الله (ص) كان يأمر كبير كتبته وحامل خاتمه, أن يذكره كل ثلاثة أيام , بجملة ما وصل إلي العاصمة من أموال كي يأمر بإنفاقها لاعتبارات السرعة في الاشباع النسبي للحاجات العامة المضطردة . [102]

والمرجح أن يكون قد حدث ذلك قبل عام الوفود. فبعد توالي الوفود إلي المدينة ممثلة لقبائلها ومعلنة إسلامها, تزايدت تلك الفوائض الزكوية. حيث أمر الرسول (ص) أن يصاحب تلك الوفود عند عودتها إلي قبائلها رسل معلمون, مهمتهم تعليم هذه القبائل الإسلام, وفي نفس الوقت تحصيل زكاة أموالهم [103]. ومع تزايد وصول الفوائض الزكوية, لتنفق مركزياً, كان المستحقون لها يذهبون إلي العاصمة لاستلام حقوقهم, ودليل ذلك, ما رواه أبو عبيد عن رجلين قالا: “جئنا رسول الله (ص) في حجة الوداع والناس يسألونه الصدق, فسألناه من الصدقة فرفع البصر فينا وخفضه, فرآنا جلدين (قادرين على الكسب) فقال: “إن شئتما فعلت, ولاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب” . [104]

  1. مصارف الغنيمة والفىء : يختص بين مال المسلمين بخمس الغنائم وما يلحق بها من اموال الفىء . ولقد حددالله تعلى صرف الغنائم فى قوله تعالى :(وأعلموا أنما غنمتم من شىء فان لله خمسه ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) [105] وحدد صرف الفىء فى قوله تعالى : (ماأفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ..)[106] وبالنسبة لحق الدولة في أموال الغنيمة (خمس الخمس) كان الرسول (ص) ينفقه في المصالح العامة , فكان “يحمل منه, ويعطي منه ويضعه حيث شاء, ويصنع به ما شاء” [107] . ولقد قسم الرسول (ص) لأموال المنقولة من الفىء بين المهاجرين دون الأنصار إلا “سهل بن حنيف و”أبا دجانه” ذكرا فقرا فأعطاهما. [108]

المطلب لثانى :- المصارف غير المخصصة

تتكون المصارف غير المخصصة من : إيرادات الدولة من أملاكها وأموال والجزية

أنفق الرسول (ص) من إيرادات الدولة من هذه المصارف على أهله نفقة سنة (نفقات ضرورية للحاكم) وما بقي من تلك الإيرادات , أنفقه الرسول (ص) في شراء الخيل والسلاح عدة في سبيل الله (نفقات الجهاد) . ولقد احتلت نفقات الدفاع المركز الأول ، فقد كان الرسول (ص) ينفق من إيرادات الدولة وأملاكها ونشاطها الاقتصادي على شراء أدوات وآلات الدفاع . والواضح في عصر الرسالة , أن مهمة حفظ الأمن الداخلي , كانت ضمن اختصاص مرفق الدفاع , كما تولي الرسول (ص) أمر القضاء في بداية عصر الرسالة, ثم جعل القضاء ضمن اختصاصات من يرسلهم من الولاة إلي الأقاليم بالجزيرة العربية, ومنهم “معاذ بن جبل” الذي تولي أمر الجند والزكاة والقضاء حين بعث إلي اليمن . كذلك تولي الرسول (ص) أمر “الحسبة” بنفسه كما قلدها غيره, ومنهم: “سعيد بن سعيد بن العاص” الذي ولاه سوق مكة. ولقد ندر الإنفاق العام في عصر الرسالة على أنشطة الاقتصادية: الزراعية والصناعية والتجارية, وتركت الدولة تلك الأنشطة للنشاط الفردي الخاص, في إطار سوق المنافسة الإسلامية الحرة.

ولم يكن هنالك احتياطى مالى قبل عام الوفود (عام 9هـ)  وبالتالي عدم وجود إحتياطي مالي, وبالرغم من ذلك لم تحدث أزمات مالية لأنه لم يكن للدولة الإسلامية حينذاك موظفون دائمون تصرف لهم رواتب وأجور منتظمة, بل كان لكل عمل أجره, فعامل الزكاة له أجر فيها, وكان الغالب في أجر من يرسل إلي عمل ما مقداراً معيناً من طعام الجهة التي أرسل إليها. وكان أول أجر نقدي يومي في الإسلام “لعتاب بن أسيد” الذي بعثه الرسول(ص) على ولاية مكة وكان أجره درهماً كل يوم كما  كان المجاهدون ينفقون على أنفسهم, ولهم أنصبتهم من أموال الغنيمة, متي تحققت.[109] كما ان الرسول (ص) وأصحابة ممن عاونوه في نشر الدعوة, كانوا بعيدين عن الدنيا وزخرفها, فأستوي عندهم الجوع والشبع والغني والفقر مرضاه لوجه الله , ومن ثم تزايدت نسبة الإنفاق الفردي الاختياري مساهمة منهم في إشباع الحاجات العامة سواء قبل الهجرة أو بعدها .

 

 

المبحث الثالث : – الرقابة المالية على موارد الدولة وصرفها .

المطلب الاول : السمات العامة للرقابة على مالية الدولة  

حماية للملكية العامة والخاصة فان الدولة فى عصر الرسالة تقوم بمراقبة الأنشطة الاقتصادية والمالية منعا لتعرض المصالح العامة والخاصة لخطر الاستغلال أو الاضرار أو الاعتداء . وكانت ولاية الحسبة هى السلطة الرقابية التى اعتمدت عليها الدولة الاسلامية للقيام بالمراقبة . وهنالك مستويات للمراقبة منها :

أ/ مراقبة الله للانسان فى كل أعماله العقدية والمالية . قال تعالى :(ولتسألن عماكنتم تعملون ) [110]

ب/ وهنالك مراقبة القيادة ممثلة فى الرسول (ص) وأولياء الأمر من بعده . وتؤكد أدلة للقرآن الكريم وشواهد السنة على مسئولية الدولة الإسلامية عن جباية الموارد المالية بأخذها ممن تجب عليهم وإنفاقها على من تجب لهم. وقوله تعالى ( خذ من أموالهم صدقة ..)  هو أمر للرسول (ص) وهو يدل على أنه ولاية المطالبة . وفى قوله تعالى (والعاملين عليها ) مايؤكد ذلك . فأساس جمع الموارد الاسلامية هو تكوين مال للدولة تستعين به على القيام بواجباتها والوفاء بالتزاماتها . ولا يمكن ان تعتمد الدولة على الافراد وحدهم فى دفع الموارد دون تنظيم تقوم به وتشرف عليه وتراقيه وتضع له من الضوابط الكفيلة التى تجعله يجمع الموارد المطلوبة لسداد إلتزاماتها . ولقد أهتم الرسول (ص) بأمر جباية وصرفها ، وأرسل العديد من العمال إلى جميع بلاد العالم يجمع الموارد بكافة اوعيتها زكاة أنعام كانت أو نقدين أوعروض تجارة أوزروع أو جزية . ويصرفونها فى أوجهها الشرعية . كما أشرف بنفسه على أستلام الغنائم والفىء وحصرها وصرفها على مستحقيها . وحث المجتمع على القروض الحسنة والأوقاف والفداء . وقام برقابة موارد الدولة فى جبايتها بنفسه كما حدث مع أحد عماله ويدعى اللتيبة [111]. وذلك كله من أجل توفير الموارد الازمة للدولة . ولقد بحث الرسول (ص) بعدد كبير من المبعوثين لجمع الصدقات والجزية والغنائم . كما كلف ولاتة بجمعاوصرفها . [112]

ج/ رقابة المجتمع بكافة مستوياته (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) [113]

د/ الرقابة الزاتية المنبتقة من تقوى الله طمعا فى ثوابه ومخافة عقابه .

ويمكن تقسم الرقابة بصورة عامة إلى :

أ/ الرقابة المالية : وهدفها المحافظة على المال العام عن طريق التاكد من اصوله الشرعية وسلامة الاعمال ومركزها المالى .

ب/ رقبة على الأداء : للتاكد من الأهداف الموضوعة وعدم الانحراف عن معدلات الاداء المخطط .

ج/ رقابة على الكفاية  وذلك للتعرف على امكانية تحسين معدلات الأداء وأمكانية ادخال تحسينات لرفع المعدل بقدر الامكان .

المطلب الثانى : الرقابة على جباية الموارد وصرفها

إن الاسس والضوابط التى وضعت فى عصر الرسالة لضبط جباية الموارد المالية للدولة الاسلامية وصرفها ساهمة فى أداء الجباية من جانب العاملين عليها أو أرباب الأموال المكلفين على الوجه المطلوب . دون ترك أى ثغرة يظهر منها فساد مالى  أو تهرب من الدفع أو تعسف عند الجباية عدم عدالة فى التوزيع .

فلقد إهتم الاسلام بالعاملين علي الصدقات وجعل لهم سهماً في أموال الصدقات  تأميناً لمعاشهم وضماناً لحسن قيامهم بعملهم . وحثهم بقيمة مايقومون به عند الله تعالى.[114] وقد نصح الرسول (ص) المصدقين بتحري العدل مع أرباب الأموال . [115] وعدم اختيار كرائم أو خيار أموالهم في جباية الزكاة , حتى تطيب أنفسهم بما يؤدون وأن يخففوا عنهم في “خرص” الثمار, لتعرضها للإصابة بالآفات, وقد يأكل منها أبناء السبيل وذوي القرابة. [116] ووضع الرسول (ص) بعض القواعد, للمصدقين, للتيسر بها على أرباب الأموال, منها: أن يكون تحصيل الزكاة من أربابها في مقار إقامتهم وإمكان الأداء البديل لمقدار الواجب عليهم سواء من جنس الوعاء أو غيره . [117]       وكذلك حذر (ص) عمال الدولة فى الصدقات من قبول الهدايا من الذين يتعاملون معهم, لأنها في حكم خيانة الأمانة. [118] وقد راقب رسول الله (ص) بعض المصدقين وحاسبهم. [119]

كذلك اهتمت الدولة بالذين يؤدون الزكاة من ناحية أخرى . فحثهم على دفعها مبينا عظمة ثوابها عند الله تعالى . [120]ووضع العقوبات لمن يمتنع عن أدائها .[121]  وانذر الله تعالى مانعي الزكاة بالعذاب الغليظ . [122] قال تعالى : (ولا يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم من فضله هو خيراً لهم، بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة..). [123]وقال تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، فبشرهم بعذاب اليم، يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوي بها جباههم وجنوبهم وطهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) . [124] وكانت هنالك مرونة فى الجباية دون الاعتماد على صنف واحد حتى يستطيع الكل تقديم ماعنده من مورد دون رهق .[125]

النتائج والتوصيات :

أولاً : النتائج

1/ إن النظام المالى الذى طبق فى عصر الرسالة أكد الحكمة من إيجاد تشريع ملزم وقرار آمر يقوى ولاية الدولة وسلطانها على المال العام . لأن المال يتعلق بهوى النفس  فكانت العدالة تقضي ألا يترك حق الفقير لهوى الغني . فعلى الغني أن يعطي الفقير حقاً واجباً ومفروضاً لا طوعاً منه .

2/ ارتباط أداء الفرائض المالية فى عصر الرسالة بالتيسر والملاءمة , كالتحصيل في مقر إقامة الممولين, وجواز الأداء العيني أو النقدي بنوع الطعام السائد في بلد المزكي. وتوزيع الزكاة محليا ومركزيا . ومزارعة أهل الخبرة . كان له ابعاده العقدية والتربوية والأخلاقية فضلا عن الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية . وهذا يؤكد أن نظام أداء الموارد المالية وصرفها فى عصر الرسالة قد عالج كل المتغيرات التى لازمته .

3/ الأهمية الاقتصادية للزكاة كمورد مالى محدد المصارف قد استوعب جميع جوانب النشاط الاقتصادي . فالزكاة تدفع الاقنياء للاستثمار لكي لا تتآكل رؤوس أموالهم . وتدفع القادرين على الكسب الذين لامجال لهم فى الزكاة إلى العمل فيزيد الانتاج وتقل البطالة . كما تعمل الزكاة على تفعيل الطلب الاستهلاكى لدى المستحقين لها . فيزيد من الدخل القومى والذى يشكل الوعاء العام للموارد المالية للدولة ويحقق الكفاية .

4/ الصدقات الطوعية  لها دور كبير فى استقرار الاقتصادى . ويكفى انها كانت تمول الفترة الاولى من عصر الرسالة فترة ماقبل الهجرة وهى اثنى عشر عاماً .

5/ ماتم فى عصر الرسالة من أسس وضوابط شرعية مرنة فى مجال جباية وصرف الموارد المالية يؤكد أن هذا النظام المالى يصلح للتعامل مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية وسياسية ، من حيث زمانها ومكانها .

 

ثانياً: التوصيات

يوصى الباحث بمايلى :

1/ الاهتمام بتطوير مؤسسات الزكاة والوقف على هدى التاصيل فى عصر الرسالة

2/إنشاء المراكز البحثية التى تهتم بالبحث فى مجال الفكر المالى فى صدر الاسلام

3/ الاهتمام بجانب النفقات والصدقات الاختيارية التى يقوم بها الافراد

4/ الاستفادة من مرونة النظام المالى فى عصر الرسالة وقدرته على مجابهة المتغيرات خاصة اقتصاد الحرب واقتصاد السلام .

5/ ضبط أملاك الدولة من حيث زيادة ايراداتها وصرفها .

6/  الاستفادة من ضوابط الصرف العام فى عصر الرسالة لعلاج ظاهرة الخلل فى قسمة الثروة .

[1] عصر الرسالة هو العصر الذى استمر منذ نزول الوحى سنة 610 م  وحتى وفاة الرسول (ص) عام 632 م

[2] أنظر مادة زكاة فى (لسان العرب ) لابن منظور .

[3] الحديث قال (ص) مانقص مال من صدقة  ج3 حاشية العدة شرح عمدة الاحكام للصنعانى ص269ط1 .

[4] سورة التوبة الآية 103

[5] احمد على الازرق – السياسة المالية فى صدر الاسلام –الدارالسودانية للكتب الخرطوم ط1ص31 ، وتطلق على الجزء المخصوص المخرج من المال المخصوص إذا بلغ نصابا المدفوع لمستحقه إن تم الملك وحول غير المعدن . حاشية الدسوقي ج1/ص430 .

[6] قال تعالى (وأقيم الصلاة وآتو الزكاة ) سورة النور الآية 56 والحديث عن أبي هريرة قال قال رسول الله  (ص) : ” أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ثم حرمت علي دماؤهم وأموالهم وحسابهم على الله عز وجل” المستدرك على الصحيحين ج1/ص544

[7]  الحديث : ” ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه ” ج3 شرح ابن عربى  لصحح الترمزى ص102.

[8] لا زكاة في الجواهر (وهي الأحجار الكريمة كاللؤلؤ والياقوت والزمرد- غير الذهب والفضة). ولا في المتعة وأصول الأملاك والعقارات ، ولا في الخيل والبقال والحمير والفهود والكلاب المعلمة والعسل والألبان وآلات الصناعة وكتب العلم إلا أن تكون للتجارة . والمغنى لابى قدامة ج2 ص 491 .

[9] تعالى: (مخاطباً رسوله): “وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ” قال رسول الله (ص): “لا صدقه إلا عن ظهر غني”

[10] قال (ص) :(لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) أخرجه أبو داود (1573) .  أما زكاة الزروع والثمار, فلم يشترط التشريع المالي لها الحول- وهو ما يمكن أن يدخل تحت اسم زكاة الدخل لقوله تعالى: (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ). ابن رشد ” بداية المجتهد ونهاية المقتصد” مطبعة الاستقامة, القاهرة, 1371هـ, جـ2, ص261

[11]  سنن النسائى الكبرى ج1ص 79 .

[12]   وفي الحديث الشريف حين بعث إلي اليمن: “أن الله فرض عليهم في أموالهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم وترد إلى فقرائهم ” وظاهر إضافة الأموال إلي أربابها تقتضي الملكية التامة . ويعني إنفاق الزكاة تمليك للمستحقين لها, ومن الطبيعي أن لا يملك الإنسان لغيره شيئاً لا يملكه هو أصل .

[13] عن أبي ذر أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال ” في الإبل صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البر صدقته ومن رفع دنانيرا ودراهم أو تبرا وفضة لا يعدها لغريم ولا ينفقها في سبيل الله فهو كنز يكوى به يوم القيامة ” المستدرك على الصحيحين ج1/ص545

[14] في الحديث : “وفي صدقة الغنم, في سائمتها إذا كانت أربعين منها شاةط . وفي  إبل سائمة كل أربعني منها إبنة لبون”. أبو عبيد: “الأموال” , ص488 في الحديث الشريف: “ليس في الثور المثيرة صدقة” أي تقلب الأرض. فالأنعام السائمة: هي المكتفية بالرعي المباح في أكثر العام , لقصد الدر والنسل والزيادة والسمن.. ويقابلها المعلوفة وهي التي يتكلف صاحبها علفه. يوسف القرضاوي: “فقه الزكاة” مرجع سابق, جـ1, ص170

[15] سورة التوبة الآية 34

[16] رواه مسلم فى كتاب الزكاة .

[17] في الحديث الشريف (عن زكاة النقدين): “ليس في أقل من عشرين مثقالاً من الذهب ولا في أقل من مائتي درهم صدقة”. أبو عبيد: “الأموال” مرجع سابق, ص543 .

[18] أمر الرسول صلى الله عليه وسلم, معاذ بن جبل- حين بعثه إلي اليمن- “أن ياخذ الصدقة من الحنطة والشعير والنخل والعنب”. اخرجه: الدارقطني وأبن شيبه والبيهقي . أنظر يحي بن آدم: “كتاب الخراج”, مرجع سابق, ص110

[19] عن الصحابي سمرة بن جندب  قال: “كان الرسول صلى الله عليه وسلم, يأمرنا أن نخرج الصدقة مما تعد للبيع”.

د. يوسف القرضاوي: “فقه الزكاة”: مرجع سابق, جـ1, ص350 في الحديث الشريف: “إلا من ولي يتيماً له مال, فليتجر له فيه ولا يتركه فتأكله الصدقة” رواه الترمذي والبيهقي. أبو عبيد: “الأموال” مرجع سابق, ص547

[20] أنظر مادة عرض فى لسان العرب لابن منظور

[21] سورة البقرة الآية 267

[22] أحكام القرآن لابن عربى ج1ص99ط1 – والخراج ليحيى بن آدم ص129 .

[23] المستدرك على الصحيحين ج1/ص545

 

[24] أنظر المستدرك على الصحيحين ج1/ص549 د. يوسف القرضاوي: “فقه الزكاة” باب زكاة الانعام .

[25] سنن ابن ماجه ج1/ص573 وصحيح البخاري ج2/ص527

[26] سنن ابن ماجه ج1/ص576

[27] سنن ابن ماجه 577 صحيح البخاري ج2/ص527

[28] الحديث أن النبى (ص)ة قال ” ليس فى أقل من عشرين دينار شىء ، وفى عشرين نصف دينار ” رواه ابوداؤود أنظر المجموع للنووى ص4

[29] وذلك لقوله تعالى: (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)  سورة الأنعام- آية 141  وتطبيقاً لتلك الآية الكريمة, لم يشترط الرسول (ص) الحول لها, فحدد فئاتها فقط حين كتب إلي معاذ بن جبل- وهو باليمن ” .. فيما سقت السماء (المطر) أو سقي غيلا (من ماء جار على وجه الأرض) العشر, وفيما سقي بالغرب (الدلو.. والمعني الآلات) نصف العشر” يحي بن آدم: “كتاب الخراج” مرجع سابق ص 112  . فى المستدرك على الصحيحين ج1/ص553

ما سقت السماء ففيه العشر إذا بلغت خمسة أوسق وما سقي بالرشاء والدالية ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة

[30] عن معاذ بن جبل أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال فيما سقت السماء والبعل والسيل العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر وإنما يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب وأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب فقد عفا عنه (ص) بإسناد صحيح المستدرك على الصحيحين ج1/ص558

[31] رواه ابو داؤود وابن ماجه والدار قطنى  . انظر ج2 من فتح القدير للكمال بن همام طبولاق ص 30

[32] عن عياض  أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب صحيح البخاري ج2/ص 548 – عن بن عمر قال فرض رسول الله  صلى الله عليه وسلم  زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين رواه الجماعة نيل الأوطار ج4/ص249 .

[33] انظر مادة “جزى” فى لسان العرب لابن منظور وفى القاموس المحيط للفيروزى آبادى .

[34] المغنى لابن قدامى ج9 ص328

[35] سورة التوبة الآية 29 .

[36] خضع للجزية في عصر الرسالة أهل اليمن وهم كانوا أهل كتاب , وقبلها الرسول (ص)  من أهل نجران وكانوا نصاري . كما فرضها (ص) على “مجوس هجر” بالبحرين .  أبو عبيد: “الأموال” مرجع سابق, ص40-44

[37] والمراد “بالحلم” هو سن الشباب للرجال, وما فوق ذلك, والمعني العام, همالقادرون على الكسب, وبالتالي قد أعفي منها الصبيان والنساء وغير القادرين من الرجال على الكسب .

[38] صالح الرسول (ص) صاحب “إيلة” أن يجعل على كل “حالم” بأرضه في السنة “دينار” .  وكذلك أهل “ازرح” على (مائة) دينار كل رجب . و أهل “مقنا” على ربع عروكهم (نوع من الخشب) وغزولهم وربع كراعهم وحلقتهم (أدوات الحرب) وعلى ربع ثمارهم , وكانوا يهوداً . وأهل نجران اليمن على : “ألفي حلة (نوع من الملابس التي أشتهر بصناعتها أهل نجران)” يؤدون منها ألفاً درهماً, فإن أدوا حلة بما فوق الأوقية حسب لهم فضل ذلك وإن أدوها بما دون الأوقية أخذ منهم النقصان (أي هناك مقاصة في حالة الزيادة أو النقص), على أن يؤخذ منهم ما أعطوا من سلاح أو خيل أو ركاب أو عرض من العروض بقيمة قصاصاً من الحلل, وعليهم ثلاثون درعاً وثلاثون فرساً وثلاثون بعيراً, إن كان باليمن كيد (تمرد) وأن ما هلك من تلك العارية فالمسلمون ضامنون لها حتى يردوها.. وجعل لهم ذمة وعهده , وقد بلغت جزية البحرين عصر الرسالة (ثمانين ألف درهم) البلاذري: “فتوح البلدان” مرجع سابق, ص71- 75, 91-92

[39] البلاذري: “فتوح البلدان” مرجع سابق, ص31

 

[40] الأموال ج1 ص69

[41] ابن الأثير الكامل فى التاريخ ج2ص222 .

[42] انظر ج4من البحر المحيط لابى حيان ص497طالرياض

[43] سورة الأنفال الآية  69

[44] انظر ج1من صحيح البخارى فتح البارى لابن حجر ص299ط1

[45] أبوعبيدة  – الأموال ج1/ص69

[46] البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص248 وج2 الكامل فى التاريخ لابن الأثير ص43 .

[47]  سورة الانفال الاية 1

[48] الكامل لابن الأثير ج2ص49 والبداية والنهاية لابن الاثير ص301

[49] تفسير ابن كثير ج2ص282

[50] سورة الانفال الآية 41

[51] الحصون الستة التي فتحت عنوة هي: ناعم- القموص- شق- النطأة- سلالم- وحصن “الصعب بن معاذ” (وهو أعظم حصون خيبر وأكثرها مالاً وطعاماً وحيواناً). الأموال ج1/ص69

[52] تفسير القرطبى ج8 ص1 واحكام القرآن لابن عربى ص1758 والسياسة الشرعية لابن تيمية ص36

[53]  صالح الرسول (ص) “بني النضير” على أن يخرجوا من المدينة ولهم ما حملت إبلهم (من الأموال المنقولة) ولرسول الله (ص) أرضهم ونخيلهم وسلاحهم (4هـ) وقد فتح المسلمون حصنين من حصون خيبر الثمانية بغير قتال وهما: “الوطيح والسلالم” (7هـ) . وبعد موقعة خيبر, بعث الرسول (ص) الصحابي “محيطة بن مسعود الأنصاري”, إلي أهل “فدك” يدعوهم إلي الإسلام, فطلب رئيسهم “يوشع بن نون اليهودي” الصلح, فصالحوا رسول الله (ص) على “نصف أرضهم بتربتها” . (أي بما عليها من زروع ومنشآت) البلاذري: “فتوح البلدان” , ص31- 42 – أبو عبيد: “الأموال” مرجع سابق, ص14 .

[54] انظر مادة ((عدن )) فى القاموس المحيط للفيروزى آباد .

[55] أخرجه مالك وأحمد البخاري ومسلم والترمزي. أبو يوسف: “الخراج” مرجع سابق, ص65

[56] د. يوسف القرضاوي: “فقه الزكاة” مرجع سابق, جـ1, ص442

[57] جامع الأصول لابن الأثير, الناشر: حلواني وصلاح, دمشق, 1392هـ, ونسبت فيه رواية الحديث إلي أبي داود.”

[58] فتوح البلدان” مرجع سابق, ص71- 75, 91-92

[59] البلاذري: “فتوح البلدان” مرجع سابق, ص31

[60]  نيل الوطار للشوكانى ص350

[61] احمد على الازرق – السياسة المالية فى صدر الاسلام – مصدر سابق ص77

[62] الحديث رواه البخارى  وابودؤود – ابوعبيدة . الاموال ص372

[63] رواه وابودؤود – ابوعبيدة . الاموال ص373

[64] الحديث “حمل عثمان في جيش العسرة على الف بعير وسبعين فرسا ” في جامع الترمذي والحاكم وأخرجه احمد والطبراني وابو نعيم في الحلية عن عبد الله بن حباب السلمي الصحابي قال شهدت النبي  صلى الله عليه وسلم  وهو يحث على جيش العسرة قال عثمان علي مائة بعير باحلاسها واقتابها في سبيل الله التراتيب الإدارية ( نظام الحكومة النبوية ) ج2/ص397

[65] الأولى رواه الجماعة . والثاني رواه النسائي والترمذي.

[66] الحديث أنس بن مالك رضي ” عندما أراد أبو طلحة الانصارى أن يوقف أمواله بيرحاء  وجهه الرسول (ص) أن يقسمها فى أقاربه وبنى عمه ففعل  . صحيح البخاري ج2/ص530

[67] التراتيب الإدارية ( نظام الحكومة النبوية ) ج2/ص38

[68] سورة المعارج مكية الآيتان 24،24

[69] تغسير ابن كثير ج4ص244

[70] عشرى الساجد , النظام المالى فى عصرالخلفاء الراشدين ، دار الجامعة للطباعة والنشر الاسكندرية 2006م ص22

[71] سورة البقرة الآية 254

[72] سورة البقرة الآية 176

[73] سورة الليل الآيات 5- 10

[74] اليد السفلى فاليد العليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة صحيح البخاري ج2/ص518

[75]  سنن ابن ماجه ج1/ص590

[76]  صحيح البخاري ج2/ص514

[77] صحيح البخاري ج2/ص514

[78] صحيح البخاري ج2/ص515

[79] الحديث قال كعب رضي الله عنه قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله  صلى الله عليه وسلم  قال أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك قلت فإني أمسك سهمي الذي بخيبر . صحيح البخاري ج2/ص518

[80] الحديث ” لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لعامل عليها أو لغاز في سبيل الله أو لغني اشتراها بماله أو فقير تصدق عليه فأهداها لغني أو غارم “. سنن ابن ماجه ج1/ص590

[81] قال تعالى ( لايؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم .. ) سورة المائدة الآية 89

[82] سورة المجادلة الآيات 3-4 في الظهار مختصر خليل ج1/ص148  وجاشية عابدين ج2ص439

[83] كفارة من أفسد صوم رمضان بالجماع – نيل الأوطار ج4/ص293 . – صحيح البخاري ج2/ص646

[84] عن بن عمر عن عمر بن الخطاب قال نذرت نذرا في الجاهلية فسألت النبي  صلى الله عليه وسلم  بعد ما أسلمت فأمرني أن أوفي بنذري – سنن ابن ماجه ج1/ص687

[85] ابن الأثير الكامل فى التاريخ ج2ص118

[86] أنظر  الماوردى ” الأحكام السلطانية” مرجع سابق, ص126 و أبو عبيد: “الأموال” مرجع سابق, ص729

[87] سورة التوبة الآية 60

[88] د. يوسف القرضاوي: “فقه الزكاة” مرجع سابق, ص612

[89] الغزالى احياء علوم الدين ج1ص222

[90] ابن قدامة المغنى ج9ص106

[91] سورة الكهف الآية 79

[92] الماوردى الاحكام السلطانية ص123 وابن قدامة ج9ص112

[93] الماوردى الاحكام السلطانية ص123

[94] اخرجه مسلم – أبو عبيدة الأموال ص721

[95] ابن قدامة المغنى ج9ص121

[96] نفس المصدر ص121

[97] نفس المرجع السابق ج2 803

[98] أبو عبيدة الأموال ص721

[99] الحمالة ما يحمله المسلم من الديات والمغارم للصلح بين الناس

[100]  أبو عبيدة الأموال ص721

[101] فى الحديث الشريف ” انا احتجنا فتعجلنا صدقة ماله  سنتين ” والضمير راجع لابى العباس والحديث موجه لعمر بن الخطاب من (عمال الزكاة ) فى بعض فترات عصر الرسالة . ابوعبيدة الاموال  ص702

[102] عشرى الساجد النظام المالى فى عصر الخلفاء الراشدين . مصدر سابق ص91

[103] عشرى الساجد مصدر سابق ص88 وعبد العزيز سالم تاريخ الدولة العربية ص140

[104] ابوعبيدة ” الاموال ص658

[105] سورة الانفال 41

[106] سورة الحشر الآيات 7 .

[107] ابو عبيدة الاموال ص15

[108] الأيات التالية من صورة الحشر حددت مستقبل قسمة الفىء خاصة بعد الفتوحات فى خلافة عمر بن الخطاب حيث ذادت الموارد فتم التوزيع وفق ماجاء فى الآية 7 والآيات التالية فى قوله تعالى :(للفقراء المهاجرين الذين اخرجو من ديارهم وامواله يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله اولائك هم الصادقون ) (والذين تبوءو الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولايجدون فى صدورهم حاجة مما اوتوا ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ..) ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا الذين سبقونا بالايمان ولاتجعل فى قلوبنا غلا للذين امنوا .. ). والذين جاؤو من بعدهم هم الأجيال من التابعين البلاذرى  فتوح البلدان ص33 .

[109] عشرى الساجد مرحع سابق ص 95

[110] سورة التوبة الآية 105

[111] صحيح البخارى ، كتاب الاحكام 13/164 ومسلم كتاب الامارة 12/219

[112] خروج الأمراء والعمال على الصدقات : قال ابن اسحاق وكان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قد بعث أمراءه وعماله على الصدقات الى كل ما أوطأ الإسلام .  السيرة النبوية ج5/ص لابن هشام 302

[113] الحديث رواه البخارى كتاب الجمعة 2/ 381 . ومسلم كتاب الأمارة . وفيه شواهد الاشارة إلى مستويات الرقابة .

[114] الحديث : “العامل على الصدقة بالحق, كالغازي في سبيل الله حتى يرجع”- رواه: أحمد ابوعبيد: “الأموال” ص492

[115] لما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم, “عبادة بن الصامت” على الصدقة قال له: “إتق الله يا اأبا الوليد, لا تجيء يوم القيامة ببعير تحمله على رقبتك له هرغاء, أو بقرة لها خوار أو شاة لها ثواج”. والرغاء والخوار والثواج, أصوات الأنعام التي قرنت بها. أبو يوسف: “الخراج” مرجع سابق, ص178

[116] في الحديث : “خففوا الخرص, فإن في المال الوصية والعربة والواطئة والنائبة”. فالوصية: ما يوصي بها أربابها بعد الوفاة, والعربة: ما يقوي الروابط بين الناس في الحياة, والواطئة: ما يأكله أبناء السبيل, والنائبة: ما يصيب الثمار من الجوانح (الآفات وغيرها). الماوردي: “الأحكام السلطانية” مرجع سابق, ص121

[117] ومن أمثلة تلك التخفيفات العامة في تحصيل الزكاة, ما طبقه “معاذ بن جبل- في عصر الرسالة- حين قال لأهل اليمن: “أئتوني بخميس أو لبيس أخذه منكم مكان الصدقة, فهو أهون عليكم, وأخير للمهاجرين بالمدينة”وقد أجتهد معاذ بن جبل برأيه, لصالح أرباب الأموال والمستحقين للزكاة” . يحى بن آدم “كتاب الخراج ” 68

[118] الحديث : “هدايا العمال غلول” لقوله تعالى: (وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ..َ) (آل عمران/ 161) والغلول: الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة, وكل من خان فقد غل. الماوردي: “الأحكام السلطانية” ص128

[119] استعمل النبي (ص) ” ابن اللتيبة ” على صدقات بني سليم, فلما قدم, قال: هذا لكم, وهذا أهدي إلي, فصعد النبي (ص) على المنبر, فحمد وأثني عليه, ثم قال: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي إلي, أفلا قعد في بيت أبيه وبيت أمه, حتى ينظر أيهدي إليه أم لا؟. أبو يوسف: “الخراج”مرجع سابق, ص178-179

[120] الحديث : “إن الله يقبل الصدقات, ولا يقبل منها إلا الطيب, ويقبلها بيمينه, ثم يربيها لصاحبها, كما يربي أحدكم مهره, أو فصيلة, حتى أن اللقمه لتصير مثل جبل أحد” . رواه الترمذي وابن ماجة. أبو عبيد: “الأموال” ص437

[121]  قال (ص) (من أتاه الله مال، فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً اقرع ، له زبيبتان، يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزيمته- يعني شدقيه أبو عبيد: “الأموال” مرجع سابق, ص443

[122] عن أبي ذر رضي الله عنه قال انتهيت إلى النبي  (ص) قال : “والذي نفسي بيده أو والذي لا إله غيره أو كما حلف ما من رجل تكون له إبل أو بقر أو غنم لا يؤدي حقها إلا أتي بها يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه تطؤه بأخفافها وتنطحه بقرونها كلما جازت أخراها ردت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس” . صحيح البخاري ج2/ص530

[123] سورة آل عمران الآية 180

[124] سورة  التوبة 34- 35

[125]   قال معاذ بن جبل, بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي اليمن, وأمرني أن أخذ من كل حالم ديناراً أو عدلة من المعافر (نوع من الملابس). صحيح البخاري ج1/ص332 .

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …