الرئيسية / النظم السياسية / الرأي العام والإعلام / الرأى العام الدولي والظاهرة السياسية
الرأى العام الدولي والظاهرة السياسية
الرأى العام الدولي والظاهرة السياسية

الرأى العام الدولي والظاهرة السياسية

ملخص الفصل السادس من كتاب/ مقدمة فى نظريات الراى العام والإعلام، للدكتور / حامد ربيع

 

عناصر الفصل:

  • ماهية الرأى العام الدولي:

( تعريفه – مكوناته – علاقته بالرأى العام الوطني – مراحل تكونه)

  • الرأى العام بين خبير الرأى والمتخصص فى دراسات العلاقات الدولية
  • التطورات المعاصرة لنظرية الرأى العام
  • الحرب العالمية الثانية ونتائجها وظاهرة الحرب النفسية.

 

** ماهية الرأى العام الدولي:

درس علماء الرأى العام ظاهرة الرأى العام الدولي باعتباره تعبير عن التطورات التى تواجه الجماعة المعاصرة، بينما لم يوجهوا لها اهتماماً كبيراً، أما علماء العلاقات الدولية فلم يدرسوها إلا مؤخراً ومنهم (دى براديل) كما ذكرتها الموسوعة الفرنسية فى دراسات مبكرة حول العلاقات العابرة للحدود.

** تعريف الرأى العام الدولي:

(كل تعبير تلقائي عن وجهة نظر معينة لا تقتصر علي إثبات وجودها علي مجتمع معين، وإنما تتعدي الحدود بين الجامعات السياسية لتعبر عن نوع معين من التوافق بين بعض الطبقات أو الفئات التي تنتمي إلي أكثر من دولة واحدة، سواء كانت تلك الدول فى مجموعها تكون مجتمعاً إقليمياً دولياً أو كانت تنتمي إلى أكثر من مجتمع إقليمي دولي.)

** مكونات الراى العام: 1- رأى عام   2 – دولي .

ومن ثم نحدد علاقة الرأى العام الدولي والوطني: فهي نفس العلاقة بين الرأى العام المحلى والرأى العام الوطنى، حيث قد تختلف التوجهات الوطنية لدولة ما عما هو عليه الرأى العام العالمي.

** مراحل تكون الرأى العام:

يتطور الرأى العام الدولي مروراً بستة مراحل بحسب درجة عمق وتكامل الظاهرة.

  • المرحلة الأولي: الإداراك: معرفة المشكلة، أو هي مشكلة اتصال ونقل لرسالة معينة تحددت علي ضوئها علامات ذاتية لمفهوم تلك الرسالة.
  • المرحلة الثانية: الصراع: أى الخلاف فى رد الفعل بين القبول الرفض حول فهم الرسالة، نتيجة الخلاف فى وجهات النظر والتعبير عن المصالح ونابع من الثقافة، فهو يأخذ شكل فردي فى مراحلة الأولي.
  • المرحلة الثالثة: التركيز: تشكل أقطاب أو أبعاد محددة حول مختلف تعبيرات الرأى العام.
  • المرحلة الرابعة: الرضي والاتفاق: تركز الأراء المتعددة حول رأى واحد أكثر قوة ووسطية واعتدال، ويعبر عن الاتفاق التضامني ولو مؤقتاً.
  • المرحلة الخامسة: الاندماج: تحول الاتفاق الضمنى إلى موقف له أثرين (اجتماعي ونفسي) بحيث يظهر في ملامح شخصيته السياسية وفق صورة التعبير التى ينتهجها للتعبير عن الرأى العام تجاه المسألة الدولية.
  • المرحلة السادسة: مرحلة استقرار الرأي العام.

تتطابق المراحل فى الرأى العام المحلي والرأى العام الدولي، ويعود الاختلاف – سواء كان كمياً أو كيفياً – إلي  عوامل مثل اللغة والمكان والتباين الثقافي وفق الحقيقة الديناميكية للرأى العام، وإن كانت الثورة المعلوماتية وما تلاها من عصر السماوات المفتوحة والتقية والاتصالات والعوملة تؤكد وجود ظاهرة الرأى العام المعولم. ومع التأكيد على أن الرأى العام ليكون دولياً يجب أن يعبر عن اتجاه تلقائي من أكثر من مجتمع فى محيط الأسرة الدولية.

فهو تلقائي وليس تعبئة سياسية لنظام ما، وهو ما نفرق فيه بين الرأى العام والرأى المصطنع الذي هو نتيجة تعبئة للرأى داخل الدولة أو عدد من الدول، ولكن استمرار عملية التعبئية فى أكثر من دولة قد تؤدي إلي اتصاف الرأى المصطنع بأنه رأى عام دولي. وأن تتم التعبئة فى أكثر من مجتمع سياسي (دولة مستقلة)، فطالما وجد الرأآ العام فى أكثر من دولة وصف بأنه رأى عام دولي.

عدة أسئلة: هل يكفي العدد بغض انظر عن الكم؟ وما مدي شمولية الرأى العام الوطني ليكون أساس لرأى عام دولي؟ وهي يكون شامل لجميع قطاعات المجتمع أم نوعي؟ فهل التوافق “الفئوي” فى أكثر من دولة يعتبر رأى عام دولي؟

ونميز بين الرأى العام الحقيقي بمعنى التوافق الشامل العميق المستقر ولو جزئياً، وبين التضامن الطبقي أو المهني، من خلال: 1)  وجود اتجاهات للرأى العام الوطني مخالفة لهذا التعبير موضوع المناقشة. 2) مدي استقرار ذلك التعبير زمنياً وانتشاره داخل المجتمع.

** الرأى العام بين اهتمامات خبير الرأى ومتخصص العلاقات الدولية:

يهتم الخبير الرأى بـ”القضية” التى تعد تعبيراً عن ديناميكيه الظاهرة السياسية. فالرأى العام الدولي تأكيداً لاستقرار وقوة وثبات الرأى المحلي. وقد يكون مصدرا لخلق رأى عام محلي فى مرحلة التبلور فى المجتمع الدولي. وهو مصدر لتأكيد نظم سياسية معينة، ووسيلة للكشف عن مبادئ سياسية جديدة. أما خبير العلاقات الدولية فلا يري ظاهرة الرأى العام الدولي إلا بعد تكاملها وقد أصبحت مصدر جديد للعلاقات الدولية، أى حيث تنتهي مهمه خبير الرأى العام تبدأ وظيفة متخصص العلاقات الدولية، فالأول يواجه الظاهرة فى تكوينها والثاني يتابعها فى نتائجها.

ويشكل الرأى العام الدولي قوة ضاغطة علي المجال السياسي المحلي، كما حدث فى 1965 العدوان الثلاثي، ومن ثم يجب دراسة ظاهرة الرأى العام الدولي من ثلاث نواحي:

1) من حيث كونها مظهراً من مظاهر التعبير عن نظرية الرأى العام.

2) من حيث كونها جزءاً أساسياً من نظرية العلاقات الدولية.

3) من حيث كونها أحد مظاهر التعبير عن نظرية القوة الضاغطة كجزء هام من النظرية السياسية.

** ظاهرة الرأى العام الدولي وتطورها عقب الحرب العالمية الثانية: 

برزت ظاهرة الرأي العام نتيجة أربع تطور أربع مجالات علمية:-

1) الدراسات العلمية لنفسية الشعوب.

2) التطورات المعاصرة لنظرية الرأى العام.

3) الحرب العالمية الثانية ونتائجها، وبروز فكرة الحرب النفسية.

3) طبيعة المجتمعات الحديثة باعتبارها (مجتمعات جماهيرية) تكتسب صفات مشتركة.

كما ساعد أيضاً وجود مقومات منهاجية محددة: أدت لتكامل نظرية الرأى العام ومنها استنادها على البحث التجريبي، ومناخ من الاهتمام: دور الحرب العالمية الثانية فى اكتمال خصائص المجتمع الذي نعيش فيه.

أولا: الدراسات العلمية لنفسية الشعوب:

بدأت في القرن التاسع عشر، مع الاهتمام بالظاهرة النفسية كمصدر لتحديد خصائص عامة لمجتمع سياسي ما، أو الخصائص النفسية المشتركة بين أفراد مجتمع ما، حيث ظهرت ثلاث تيارات:-

التيار الأول: العلاقة المميزة لشعب ما من الناحية النفسية، (مدرسة نفسية الشعوب) اى وجود أسس نظرية للتمييز بين الشعوب بناء على خصائص محددة (روح الجماعة)، وأهم روادها (هردر) الألماني، الذي إدعى سمو اللاوحي للشعب الألماني، والألماني (فنوندت) قام بابحاث ميدانية لمدة 20 عام وقدم كتاب (علم نفس الشعوب) والذي يقدم (نفسية الشعوب) باعتبارها خليط من التاريخ والحضارة والسلوك الفردي.

التيار الثاني: حاولوا تحديد معالم للمقارنة بين نفسيات الشعوب، أو المقارنة المنهجية بين المجتمعات وفق الخصائص المعبرة عن كل جماعة مقابل الأخري، أو الخصائص التى تميز مجتمع أكثر عمومية وشمولاً (مجتمع متناسق) ، وقد يتحدثون عن نفسية المجتمع باعتبارها الأصل المشترك الذي كون مجتمع ما لم يصل بعد لحد التكامل السياسي، وحاولوا إبراز الجانب اللاشعوي كمصدر للسلوك الجماهيري، “جوستفان لوبون” نظريات روح الجماعة.

التيار الثالث: الطابع القانوني، فنفسية الشعوب مصدر غير مباشر للقانون الدولي الإقليمي، يحاول تحديد الخصائص المشتركة لشعوب إقليم واحد وليس موضوعات التعارض، وهي مدرسة أميكا اللاتينية (الفاريس) علم النفس الإقليمي.

وتعتبر هذه المداسي مراحل متتابعة لتطور دراسات الراى العام وخصائص الشعوب، ومع ذلك فيعيبها أولا: أنها غائية، بمعني تدافع عن وجهة نظر مسبقة، ليست علمية بالمعنى الحقيقي، وثانياً: لاتتتبع ظاهرة محددة بالتحليل الكمي والكيفي، بل تفرض نتائج معينة.

 

** التطورات المعاصرة لنظرية الرأى العام:

أهم خصائص التطور:

1) تجعل من نظرية البحث التجريبي أساس وحيد لاستنتاجاتها.

2) تسعى لخلق نظرية عامة تربط بين مختلف أجزائها وتحدد بنيان التفسير السلوكي للمواطن.

3) تنشأ حقل جديد (علم الرأى العام) كحقوق فردية بين الكرامة الإنسانية والقانون الوضعي.

النموذج الأول: تحطيم الحواجز بين المجتمعات السياسية، وتستخدم الاساسي التجريبي القائم على الملاحظة والمشاهدة، برصد تكرار الظاهرة فى أكثر من مكان وزمان، ومن خلال المقارنة بين حالات التكرار تبرز العلاقة بين خصائص الظاهرة. مثل دراسة مجالات الذعر فى أمريكا وأوروبا فى أوائل الحرب العالمية الثصانية.

النموذج الثاني:  تبحث فى تشكيل البناء السلوكي للمواطنين وما هي النواة التى تستند عليها أجزاء هذا البناء، (نظرية الشخصية المسيطرة) لـ”إدورنو”، والانجيزي “إيستك”.

النموذج الثالث: وهو خاص بالنظم الإعلامية، حيث أثبت الواقع تقارب بين الأوضاع التى تعبر عنها النظم، باعتبار العلاقة بين السلطة السياسية والوظيفة الإعلامية، مثال النظام الأمريكي يري أن وسائل الإعلام أحد صور استغلال رأس المال، بينما الاتحاد السوفيتي يقوم على إعداد كامل للمواطن (النميط السياسي)، وهما متشابهان فى أن كلا الإعلامين يرتبطان بالمصالح الإقليمية واذاتية. فمثل هذه الدراسات المقارنة تركز على الحقائق المشتركة بين الأنظمة.

** ظاهرة الرأى العام تشمل ثلاث أقسام تعبر عن طبيعتها:-

1) ظاهرة السلوك السياسي. العلاقة بين الفرد والسلطة، وتغلب دراسة الناحية النفسية للأفراد.

2) النظرية الإعلامية: أى وسائل الاتصال الجماهيري، وهي ذات طابع قانوني.

3) نظرية الدعاية السياسية: كيف يمكن تحليل القوي المعارضة لارجاعها إلي أصولها الحقيقية وإلي المقومات الاجتماعية، وسلبها قوتها، وتمهد لخلق انماط من السلوك الاجتماعي والمواقف السياسية، ويغلب عليها دراسة الطابع النفسي من خلال تحليل للفئات التى تتراكم عليها القوة الشعورية واللاشعورية المعبرة عن المواقف السياسية.

.. (حق المواطن فى حرية الرأى والإعلام) والحماية الدولية لحق الإعلام، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي ينص على حق مظاهر التعبير عن الرأى العام الدولي.

 

** الحرب العالمية الثانية ونتائجها وظهور الحرب النفسية:

الحرب النفسية أحد جوانب القتال بين الشعوب، مثل إطلاق الشائعات لإضعاف الروح المعنوية، أو لإحداث الإرباك فى الخصم. عملت فترة الصراع المسلح قبل الحرب العالمية الثانية مدلولا جديداً بفضل الصراع الأيديولوجي.

أ) مدلول (الحرب النفسية):

تشمل ( الحركة النفسية) تحطيم النواحي المعنوية فى الخصم بجميع الوسائل للقضاء علي أى صورة من الثقة فى النفس وتضعف روح المقومة وتدعم الأذعان والاستسلام. وتشمل (الحرب الثورية): اى استخدام العنف المادي – القتال المسلح- كوسيلة لتأكيد الصراع الأيديولوجي، وتتضمن عنصر القتال المسلح والقتال المعنوي. وهي إحدي تطبيقات الحرب انفسية. وهى على خلاف الدعاية السياسية القائمة على الاقناع.

 

ونميز بين خمسة مفاهيم (الاقناع – التثقيف – التعليم – الدعاية – غسيل المخ) واختلافها عن الحرب النفسية.

1) الاقناع: المناقشة الصريحة ونقل وجهات النظر، وتقوم عملية الاتصال على نقل القناعات عن طريق التوافق فى كل أو بعض المبررات.

2) التثقيف: نقل المعلومة.

3) التعليم: نقل المعلومة عن طريق المتخصصين التربويين.

4) الدعاية: الاستخدام المنظم لوسائل الاتصال لتغيير الرأى وتعديله، باستخدام الحجج أو اتمويه أو التضليل. وتتضمن الكذب والاختلاق أو إخفاء الحقائق، أو تشويهها، للتأثير على المتلقي.

والدعاية تتضمن أمرين:

  • تسعي للاقناع بأى وسيلة.
  • تتجه إلى الفرد ذاته، من حيث انتمائه أو فئته.

أما (الحرب النفسية) فتتضمن أمرين يجعلها أسوأ أنواع الدعاية السياسية:

1) لا تسعي للإقناع، وإنما تحطيم القوي المعنوية للخصم.

2) توجة إلى الخصم فقط، سواء كان محليا او أجنبياً.

3) موضعها من العلاقات الدولية. (سلاح تابع) استخدم فى الحرب العالمية والحرب الباردة وما تلاها.

 

** نتائج استخدام الحرب النفسية وبناء الرأى العام الدولي فى الصراعات الأيديولوجية الدولية:

1) زيادة التماسك من جانب القوي، الخصوم، دون أن يكون تعبير عن حقيقة الرأى العام الوطنى أو المحلي.

2) اتحاد المصالح فى موقف معين، والاستفزاز من قبل الخصوم يجعل الصراع يأخذ شكل الدعاية العكسية.

** غايات الحرب النفسية:

1) تحطيم إيمان الخصم بمثاليته وقضيته السياسية.

2) تحطيم الوحدة النفسية للخصم العقائدي.

3) استخدام النجاحات فى مقابل عدم تحقيق الخصم لانتصارات كوسيلة لاضعاف الثقة فى عقيدته.

4) رفض دعاية أو حملة مختلفة، وخلق نوع من التضامن الإيجابي نتيجة التحدي (غريزة البقاء).

ساعد دراسة عامل “الشعور بالتضامن” والايمان بالطبيعة الجماهيرية للمجتمعات المعاصرة فى تكامل نظريات الرأى العام الدولي، وأكسبها صبغة خاصة.

عن تامر نادي

شاهد أيضاً

احتراف الإصلاح المجتمعي .. استراتيجية المصلح وادواته

احتراف الإصلاح المجتمعي .. استراتيجية المصلح وأدواته

نحو احتراف الإصلاح المجتمعي استراتيجية المصلح وأدواته تامر نادي الاحتراف هو التزام الشخص بنظام محدد …