الرئيسية / العلاقات الدولية / التفاعلات الدولية / فيروس كورونا والتعاون الدولي: الفرصة الأخيرة للنجاة
فيروس كورونا والتعاون الدولي: الفرصة الأخيرة للنجاة
arabprf.com فيروس كورونا والتعاون الدولي الفرصة الأخيرة للنجاة

فيروس كورونا والتعاون الدولي: الفرصة الأخيرة للنجاة

فيروس كورونا والتعاون الدولي: الفرصة الأخيرة للنجاة

ريبيكا وولف، هيلاري ماتفيس:

COVID and Cooperation: The Latest Canary in the Coal Mine

Rebecca Wolfe, Hilary Matfess

العنوان الأصلي: فيروس كورونا والتعاون الدولي: آخر كناري* في منجم الفحم

*”إشارة إلى طيور الكناري (الطيور) التي يحملها عمال المناجم إلى أنفاق المنجم معهم. إذا تجمع غازات خطيرة مثل أول أكسيد الكربون في المنجم ، فإن الغازات تقتل الكناري قبل قتل عمال المناجم ، وبالتالي توفير تحذير للعمال للخروج من الأنفاق على الفور.”

 

ترجمة: تامر نادي

التعريف بالكاتبتين:

ريبيكا ج. وولف: خبيرة في العنف السياسي والصراع والتطرف العنيف. وهي محاضرة في كلية هاريس للسياسة العامة في جامعة شيكاغو، وزميلة في معهد بيرسون لدراسة وحل النزاعات العالمية. قادت البحوث وتطوير البرامج المتعلقة بالصراع والهشاشة في Mercy Corps ، وهي وكالة دولية للتنمية الإنسانية.

هيلاري ماتفيس: طالبة دكتوراه في جامعة ييل ومؤلفة كتاب “النساء والحرب على بوكو حرام”. يقع بحثها في تقاطع الأمن، والجنس، والحكم، مع التركيز على أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

 

مقدمة: أزمة COVID-19 هي أزمة عالمية، وعلى الرغم من جميع قصص الرعب من إيطاليا والولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى، من المرجح أن يتضرر العالم النامي بشكل كبير. ويعد احتواء المرض وتخفيفه وعلاجه تحديات عالمية حقيقياً، رغم أن الاستجابة العالمية لم تكن فعالة. تقدم هيلاري ماتفيس وريبيكا وولف ما نعنيه بالتعاون الدولي في وباء كورونا، وتجادل أن عزلة الولايات المتحدة وجهودها للتصرف بمفردها جعلت المشكلة اكثر صعوبة مما هي عليه.

 

في نهاية يناير 2020، كان هناك أقل من 10000 حالة مؤكدة من COVID-19 في 20 دولة. وبحلول 2 مايو 2020، كان هناك أكثر من 3.2 مليون حالة مؤكدة، مع ما يقرب من 230،000 حالة وفاة.

عندما كان التعاون الدولي مطلبا ضروريا لمواجهة التهديد المشترك للوباء، جاءت استجاب قادة العالم انعزالية وخوف ورهبة من الأجانب. إن الانتشار السريع لفيروس كورونا والاستجابة العالمية غير الفعالة ليس خطأ أي بلد بمفرده، بل هي علامة أخرى على مدى ما يعانيه نظام التعاون الدولي من الوهن والقصور. فالوباء هو الأكثر إلحاحاً في مجموعة من الأزمات – بعضها جديد والبعض الآخر تم تجاهلها لفترة طويلة – التي لم يستطيع المجتمع الدولي الاستجابة لها بشكل مناسب. ويبشر الفشل الدولي في التعاون ومواجهة فيروس كورونا الجديد بالضعف في الاستجابة الجماعية للتهديدات التي تلوح في الأفق مثل الركود الاقتصادي الناشئ وتغير المناخ.

 

المنهج المتروك:

كان من الممكن أن تتضمن الاستجابة العالمية الفعالة للوباء الاعتماد المبكر لقيود السفر المنسقة بين الصين والدول الأخرى التي تأثرت مبكرًا بالفيروس، مقترنة بتدابير الحجر الصحي المناسبة. من الناحية المثالية، كانت هذه القيود ستستند إلى البيانات الأكثر موثوقية ومصداقية وتنفيذها مع احترام حقوق الإنسان والشفافية.

في الأيام الأولى للوباء، كان هناك فرصة للدول لتبادل البيانات حول خصائص الفيروس لإعداد مجموعة مشتركة من بروتوكولات الإدارة وسياسات التباعد الاجتماعي، وتسهيل عملية تطوير الاختبارات والفحوصات، وتحقيق تقدم في التعرف العلاجات الأكثر فعالة. وكان من الممكن أن تمثل الاستجابة العالمية المختصة أولوية مشتركة لإزالة الحواجز التجارية والتدابير الحمائية التي تعرض سلاسل التوريد الحرجة للخطر، وتعوق الحصول على المعدات الطبية اللازمة. كانت الدول المتقدمة والمؤسسات الدولية متعددة الأطراف ستقوم بوضع بشكل استباقي خططًا وتخصص أموالًا لمساعدة البلدان النامية والبلدان ذات البنية التحتية الصحية الضعيفة لمواجهة اللأزمة.

في المقابل، كانت الاستجابة الفعلية للوباء منقسمة وفردية وتنافسية ومريبة. كانت منتديات التعاون الدولي بطيئة ومدمجة في استجابتها للوباء. وقد كافحت الأمم المتحدة، التي ينبغي أن تقود بشكل مثالي الاستجابة – المرغوبة والتي ذكرناها أعلاه – بدعم قوي من مجلس الأمن، لتمرير حتى قرار بشأن الأزمة بسبب عدم رغبة الصين والولايات المتحدة النموذجية الحالية في التوصل إلى توافق في الآراء. كانت هذه فرصة ضائعة واضحة للأمم المتحدة لتكون بمثابة هيئة تنسيق عالمية ومركز لتبادل المعلومات.

لم تتعامل الحكومات الوطنية مع الوباء بروح من التعاون. خلال المراحل الأولى من الأزمة، رفضت الولايات المتحدة إجراء اختبارات التي أقرتها منظمة الصحة العالمية، مما حد من قدرة نظام الصحة العامة على الاستعداد الفعال لتدفق المرضى وتنفيذ تدابير الاحتواء، بينما كان ذلك ممكنًا في كوريا الجنوبية.

فقد تمادي ترامب إلى أبعد من ذلك، فخلال إيجازه الصحفي في 7 أبريل، ألقى باللوم على منظمة الصحة العالمية في انتشار الوباء، واتهم المنظمة بالتحيز للصين وحجب المعلومات. بعد أسبوع، أعلن ترامب أنه يعلق التمويل الأمريكي لمنظمة الصحة العالمية – وهو تحول سيقوض الاستجابة العالمية لفيروس كوروناـ

وبالمثل، رفضت الصين في البداية المساعدة من المراكز الأمريكية لمكافحة الأوبئة، كما رفضت من غيرها، وحجبت مشاركة البيانات، والتي كان من الممكن أن تساعد الدول الأخرى على الاستعداد أو البدء مبكراً في البحث وتطوير العلاجات واللقاحات.

 

كشفت الأزمة انقسامات الحلفاء:

بعد أن اعترضت الولايات المتحدة شحنة من الأقنعة في طريقها إلى ألمانيا، انتقد وزير الداخلية في برلين عملية إعادة التوجيه الشحنة ووصفها بأنها “قرصنة حديثة”، وأكد أن “ليس الأمر هو كيف تتعامل مع الشركاء عبر الأطلسي. حتى في أوقات الأزمات العالمية، فلا يجب أن تسود أساليب (الغرب الأمريكي) المتوحش “.

 

ركزت العديد من الدول المانحة على مواجهة داخلية لأزماتها الخاصة لـ COVID-19. ولم يتم إعطاء أي اهتمام كاف لكيفية انتشار المرض حالياً إلى البلدان ذات أنظمة الصحة الضعيفة، مما يعوق استراتيجية الاحتواء العالمية. في حين أن بعض الدول الأفريقية، مثل رواندا وكينيا، قد اتخذت تدابير قوية لاحتواء إجراءات الانتشار ومجابهته والتخفيف من آثاره، إلا أنه قد يكون تنفيذ هذه التدابير أكثر صعوبة في البلدان التي تكون فيها ثقة المواطنين في الحكومة منخفضة، أو أن قدرة الحكومة على المواجهة ضعيفة بشكل عام.

علاوة على ذلك، كان المجتمع الدولي بطيئًا في الاستجابة لطلبات البلدان النامية للمساعدة في مكافحة الفيروس التاجي الجديد. في مارس / آذار، طلب رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد مساعدة بقيمة 150 مليار دولار وتخفيف عبء الديون عن البلدان الأفريقية التي تواجهة  COVID-19. وفي هذا السياق، واعتبارًا من أوائل أبريل، خصصت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 37 مليون دولار فقط لمكافحة الفيروس في الخارج، وتوفر خطة الأمم المتحدة COVID-19 للمواجهة 2 مليار دولار فقط من التمويل. ووافق البنك الدولي مؤخراً على 160 مليار دولار من تمويل الدعم الصحي الطارئ الذي يركز على البلدان النامية. على الرغم من أن هذا مبلغ كبير من المال، إلا أنه من المحتمل أن يكون غير كافٍ – وهو أمر اعترف به البنك الدولي في بيانه الصحفي حول تمويل الطوارئ، والذي حث “الآخرين [الدول بشكل فردي] على تقديم الدعم المالي للبلدان النامية لمواجهة COVID-19”.

الانعزالية وفشل التعددية:

نمت بذور الاستجابة العالمية الفاشلة قبل ظهور فيروس كورونا الجديد بوقت طويل. عرقلت الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على الواردات الطبية الصينية قدرة الولايات المتحدة على الاستجابة للوباء. وعلى الرغم من أن إدارة ترامب خفضت بعض الحواجز التجارية والتعريفات الجمركية على السلع الطبية من الصين، وهو ما ساهم بنسبة كبيرة في تعزيز استجابة أمريكا لـCOVID-19، إلا أن هذه القيود التجارية ألحقت أضرارًا بالغة بالقدرات الأمريكي لمجابهة المرض. تشير حقيقة “أن الإدارة الأمريكية لم رتبت للإغاثة العاجلة إلا حفنة من الخدمات القليلة” إلى أن التدابير الحمائية ستستمر إلى حد كبير على الرغم من العواقب الاقتصادية والصحية الوخيمة. ويحذر الخبراء من أن مجابهة الانكماش الاقتصادي العالمي من المرجح أن تنطوي على تدابير حمائية إضافية من شأنها أن تقوض جهود إنعاش الاقتصاد وتزيد من تدهور التعاون الدولي. لقد كشفت COVID-19 نقاط الضعف في نظام التجارة المترابط عالميا، ولكن بدلاً من زيادة التوترات وإقامة حواجز جديدة، يجب أن تركز الاستجابة السليمة على جهود إدارة عالمية الأكثر قوة – وليس التخلي عن النظام العالمي تماما.

في جميع أنحاء العالم، ترافق انتشار فيروس كورونا مع موجة من السياسات والخطابات المعادية للأجانب. على سبيل المثال في الولايات المتحدة، أشار الرئيس ترامب وغيره من السياسيين إلى المرض باسم “فيروس كورونا الصيني” أو “فيروس ووهان”. بالإضافة إلى ذلك، فإن اعتماد سياسات الحدود المغلقة بعد ظهور الفيروس بالفعل داخل الولايات المتحدة قد حد من فعالية جهود الاحتواء واعتبر في العديد من الدوائر أنها مسرحية سياسية وليست تدبيرًا للصحة العامة.

ضع في اعتبارك أن 40000 مسافر دخلوا الولايات المتحدة بعد أن تم وضع هذه القيود. وقد ساهم انعدام الثقة المنتشر، مدفوعا جزئيا بهذه السياسات والخطابات التي تروّج للترهيب والخوف من الأجانب، في الهجمات العنيفة ضد الجماعات العرقية (خاصة المنحدرين من أصل آسيوي) وحتى عمال الإغاثة الذين يحاولون تقديم الرعاية. تعكس هذه الاتجاهات سياسات ما قبل COVID-19 –  إنها ثمرة للأنماط والمواقف التي أدت إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والدفع من أجل “بناء الجدار العازل” على حدود الولايات المتحدة الجنوبية، واستجابة الاتحاد الأوروبي لأزمة اللاجئين والمهاجرين. تقوض روح “الاهتمام بشؤوننا” التعاون الدولي وتجعل أزمات مثل هذا الوباء أكثر احتمالا وأكثر صعوبة في المكافحة الفعالة.

 

إعادة الالتزام بالتعاون الدولي

لقد أظهر الوباء بوضوح ضعف النظام الحالي للتنسيق الدولي. ويجمع الخبراء على أهمية إحياء هذه النظم، سواء للاستجابة للتهديد الحالي الذي يشكله  COVID-19، أو للاستجابة للتهديدات المشتركة التي تلوح في الأفق التي يمثلها تغير المناخ والركود الاقتصادي والأوبئة المستقبلية.

إن الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة هي فرصة لربط القضايا المحلية بعمل النظام الدولي. يعتمد هذا في النهاية على اعتراف الناخبين بأن الأحداث في الخارج تؤثر على أصدقائهم وعائلاتهم وجيرانهم، وإدراكهم أن الانفصال عن النظام الدولي جعل هذه الأزمة أكثر حدة.

 

الأزمة الحالية تدفع المجتمع الدولي إلي التعاون بشكل كامل وعلى نطاق شامل، وهو أمر مطلوب الآن بشدة على غرار ما تم في الحرب العالمية الثانية، والتي أسفرت عن إنشاء الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ويلاحظ العديد من المراقبين أن الأزمة التي يواجهها العالم الآن تشبه الحرب. فربما تكون هذه المأساة بمثابة تذكير للعالم بأن المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، بنى هذه الأنظمة لسبب ما – ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تنشيط هذه المؤسسات لإدارة الاعتماد المتبادل لدينا.

عن تامر نادي

شاهد أيضاً

احتراف الإصلاح المجتمعي .. استراتيجية المصلح وادواته

احتراف الإصلاح المجتمعي .. استراتيجية المصلح وأدواته

نحو احتراف الإصلاح المجتمعي استراتيجية المصلح وأدواته تامر نادي الاحتراف هو التزام الشخص بنظام محدد …