الرئيسية / النظم السياسية / السياسة المقارنة / الدولة الريعية: لعنة الموارد والنتائج السياسية والاقتصادية
الدولة الريعية: لعنة الموارد والنتائج السياسية والاقتصادية
الدولة الريعية: لعنة الموارد والنتائج السياسية والاقتصادية

الدولة الريعية: لعنة الموارد والنتائج السياسية والاقتصادية

الدولة الريعية وتحولات الدول

“Rentier States and State Transformations”[1]

 

عرض: أسماء ماهر محمدين أبو الحسن

 

المحتويات

مقدمة

أولاً: نبذه عن المؤلفين

ثانياً: هدف المقال

ثالثاً: المنهج المستخدم والتساؤلات المطروحة

رابعاً: العناصر الرئيسية التي تناولها المؤلفين

النتائج والخلافات

 

مقــدمة:

يتحدث هذا المقال عن “الدولة الريعية وتحولات الدول” وهو يمثل الفصل الخامس من كتاب بعنوان تحولات الدولة؛ حيث يتناول هذا الفصل تحولات الدول والقضايا المركزية المرتبطة بها في الدول غير الأعضاء بمنظمة OECD[2]، وخاصة مناطق الجنوب التي تستمد إيرادتها بشكل رئيسي من مواردها الطبيعية، وبالتالي فهي تعد أكثر عرضه لتقلبات الأسعار وما يتبعها من آثار علي الاقتصاد.

 

أولاً: نبذة عن المؤلفين:

اشترك كل من ديفيد ولدنر وبنيامين إسميث في هذا العمل البحثي، حيث ويعد ديفيد ولدنر أستاذ مساعد قسم الحكومة والشؤون الخارجية جامعة فرجينيا، حاصل علي دكتوراه من جامعة كاليفورنيا- قسم العلوم السياسية، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة فرجينيا، اهتم بالبحث حول الأشكال المختلفة للدول ومسارات التغييرات والتنمية الاقتصادية والديمقراطية ونظريات السياسات المقارنة وفلسفة العلم، أما بنيامين إسميث فهو بروفوسير بمؤسسة بحوث جامعة فلوريدا، وأستاذ مساعد بقسم العلوم السياسية بجامعة فلوريدا، حاصل علي دكتوراه من جامعة واشطنن بقسم العلوم السياسية 2002، وله عدد من المنشورات تتمثل في: كتاب بعنوان “الأوقات الصعبة في أرض الوفرة: دراسات البترول في إيران وإندونيسيا” نشر عام 2007، وقد نشرت عده أبحاث في عالم السياسية والمجلة الإمريكية للعلوم السياسية وغيرها، وقد تركزت أبحاثه حول النزاعات الإنفصالية – وتغيير النظام والتحول الديمقراطي- سياسات ثروة الموارد.

 

ثانياً: هدف المقال:

تمثل الهدف الرئيسي من المقال في إيضاح العلاقة السببية بين وفرة الموارد والنتائج السياسية والاقتصادية الهامة. حيث تنص نظرية الدولة الريعية علي أن وفره الموارد هي سبب ضعف ونهب مؤسسات الدولة. وتنص نظرية لعنه الموارد أن الريع النفطي أدي إلي وجود ركود اقتصادي وتسلطية واستبداد وفي بعض الأحيان حروب أهلية. لذا فالنظريتين مرتبطين ارتباطاً وثيقاً؛ فنظرية لعنه الموارد تؤدي في نهاية الأمر إلي ضعف المؤسسات.

 

ثالثاً: المنهج المستخدم والتساؤلات التى طرحها المؤلفين

لم يشر المؤلفين إلى المنهج البحثى المستخدم ولكن طرحت المقالة عدد من التساؤلات البحثية في ضوء تحديد العلاقة بين وفرة الموارد وما يبعها من نظام سياسي واقتصادي، وهى كما يلي:

1-  هل وفرة الموارد تؤدي إلي انخفاض النمو الاقتصادي؟

2-  وإذ كانت وفرة الموارد تمثل لعنة، فلماذا لم تمتنع الدول علي استغلال تلك الموارد ومواجهتها أو التخلص منها للتخلص من تلك اللعنه؟

3-  هل هناك علاقة بين وفرة الموارد والنظم السياسية المتبعه؟

4-  هل هناك علاقة بين وفرة الموارد والحروب الأهلية في الدول؟

 

رابعاً: العناصر الرئيسية التي تناولها المؤلفين

ومن ثم تم تقسيم العناصر الرئيسية التي تناولها المؤلفين إلي :-

أولاً: استعراض الأدبيات والدراسات المختلفة التي حللت آثار وفرة الموارد وتزايد اعتماد الدولة على الموارد الريعية على ثلاثة متغيرات تابعة أساسية وهي : انخفاض مستوى النمو الاقتصادي، انخفاض مستوى الديموقراطية وفرص التحول الديموقراطية، ارتفاع احتمالات الحرب الأهلية.

وداخل كل من هذه العلاقات، تم استعراض ثلاثة اتجاهات أساسية:

أكد علي تنوع النتائج التجريبية، وتنظيمها في ثلاث مجموعات:

1-   الاتجاه التقليدي: يؤكد علي وجود علاقة مباشرة دون تأثير متغيرات وسيطة بين وفرة الموارد/أو الاعتماد على الريع من جهة  والنواتج السلبية اقتصاديا (بطء أو انخفاض النمو الاقتصادي) وسياسياً (إعاقة الديموقراطية او إدامة السلطوية، والحرب الأهلية) من جهة ثانية.

2-   اتجاه يؤيد وجود علاقة مشروطة أو غير مباشرة بين وفره الموارد/ الاعتماد على الموارد الريعية والنواتج الاقتصادية والسياسية، فقد تكون آثاره إيجابية أو سلبية في حالة توافر متغييرات وسيطة معينه.

3-   أما الاتجاه الثالث المعارض: يري عدم وجود علاقة بين وفرة الموارد/الاعتماد على الريع والنتائج السياسية والاقتصادية.

 

ثانياً:- تعرض الدراسة رؤية نقدية للدراسات السابقة وتثير عدة إشكاليات:

1-أولها مشكلة المقاييس والمؤشرات التي تستخدمها الدراسات لتحديد الدول الريعية وقياس مدى اعتماد الدولة على الريع: إذ تعاني هذه المقاييس من الخلط أحيانا بين وفرة الموارد والاعتماد على الريع، أو تتجاهل أبعاد ومتغيرات أخرى مثل حصة كل فرد من الريع (وهو ما يرتبط بمتغير عدد السكان).

2- مناقشة دلالات الوقائع المضادة counter factuals التي حول سببية العلاقة بين وفرة الموارد ومؤسسات الدولة والنتائج السياسية والاقتصادية.

3-استعراض النماذج والتفسيرات والعلاقات السببية حيث تميل الدراسة إلى تبني النماذج السببية التي تشكك في وجود علاقة ارتباط مباشر بين الموارد/الريع والآثار السياسية والاقتصادية وتميل كذلك إلى النماذج التي تفترض بعض العلاقات المشروطة بينهما.  وقد توصل الكاتب لذلك نظراً لمعتقداته النظرية السابقة أن مؤسسات الدولة هي متغير خارجي (وليس جزءا من) اعتماد اقتصاد الدولة على ريع الموارد الطبيعية.

ثالثاً:- يتناول الجزء الثالث من المقال خاتمة حول الأطر النظرية لتشكيل الدولة والتحول في إطار دراسة الدولة الريعية ولعنة الموارد.

 

أولاً:- النتائج والخلافات:-

في هذا الإطار اثبتت الأدبيات أن وفرة الموارد تؤدي إلي ثلاث نتائج اقتصادية وسياسية وهي:

‌أ- بطئ النمو.

‌ب  التسلطية.

‌ج   الحرب الأهلية.

وداخل كل نقطة من النقاط السابقة سيتم دراسة ما إذ كانت هناك علاقة مباشرة أم علاقة مشروطة أم علاقة غير منظمة. وسيتم كل هذا وذاك في إطار الاتجاه التقليدي ثم المؤيد ثم المعارض علي التوالي.

1-   هل وفرة الموارد تؤدي إلي انخفاض النمو الاقتصادي؟

تشير الكثير من الأبحاث إلي أن اقتصادات الدول الغنية بالبترول في أمريكا اللاتينية وأفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط تنمو بشكل بطئ للغاية. وبدأت تبحث دراسة (Gelb 1988) في الآثار السلبية لنمو وفرة الموارد، ثم ظهرت موجه من الدراسات اللاحقة التي أكدت تلك النتيجة.

ومع ذلك إلا أن الكثير من اقتصادات الدول المتقدمة كان لديها وفرة موارد في أواخر القرن التاسع عشر. لذا ظهرت موجه مواتية انحرفت عن الاتجاه التقليدي حيث افترضت أن احتمالية تغيير تاثير وفرة الموارد علي النمو من السلبية إلي الإيجابية، ومن تلك الدراسات دراسة ( Frankel 2010 ) التي أثبتت أن الثروة النفطية لا تؤدي بالضرورة إلي تنمية سياسية أو فشل اقتصادي. لذا تعد الثروة النفطية سلاح ذو حدين. كما أكد كل من (Bravo-Ortega and de Gregorio  2007) علي أن تأثير وفرة الموارد علي النمو يعد مشروط بمستوي رأس المال البشري، وتم الاتجاه بشكل نسبي إلي أن الموارد الطبيعية تروج النمو الاقتصادي. أما (Aslaksen Andersen and 2008 ) حصروا تحليلهم علي الأنظمة الديمقراطية، ولم يجدوا دليل للعنه الموارد في ظل الديمقراطية البرلمانية ولكن يوجد حالة واحدة في النظام الرئاسي. وفي هذه الحالة تعد جودة المؤسسات هي المتغيير الأكثر أهمية. فالدول ذات المؤسسات التي تعمل علي تعزيز المساءلة والكفاءة تتجه نحو الاستفادة من ازدهار مواردها لأن تلك المؤسسات تحسن السياسة المنحرفة التي تخلق مثل هذه الطفرات. ومن ثم فالدول التي لاتتوافر فيها مثل هذه المؤسسات ربما لا تعاني من لعنة الموارد.

كما يجادل كل من (Mehlum, Moene and Torvik 2006) أن الموارد الطبيعية تعزز التنمية عندما تكون تلك المؤسسات ” صديقة أو مشجعة للإنتاج والمنتجين Producer Friendly”، وتقل قيمتها عندما تضعف سيادة القانون و ينتشر الفساد والبيروقراطية بما يؤدي إلي خلق مؤسسات ” صديقة أو مشجعة للإنتهاك والنهب Grabber Friendly”. وفي عام 2009 أثبتوا أن الدول ذو وفرة في الموارد وجودة مؤسساتها كل ذلك يقود إلي إيجاد قدرة علي التصنيع وبالتالي التقدم، ولكن مع مرور الوقت تضعف تلك المؤسسات. فعلي مدي 40 سنه ماضية كان هناك ارتباط سلبي قوي بين ثروة الموارد ونمو الاقتصاد. وأخيراً يري (Acemoglu  Johnson ,Robinson and2003) إنه بخلاف معظم أفريقيا جنوب الصحراء، تتمتع بوتسوانا بمؤسسات تعزز بسياسة رشيده وحماية الملكية الخاصة وخلق مناخ آمن للاستثمار.

كما يوجد ثمة مجموعة من الدراسات التي عارضت وجود أدلة للعلاقة بين وفرة الموارد والنتائج الاقتصادية والسياسية. حيث أكدت دراسة (Brunschweiler 2007 )  أن هناك اختلاف بين وفرة الموارد من ناحية والاعتماد علي الموارد من ناحية أخري. وتم استخدام مؤشر جديد يعكس ذلك وهو أن وفرة الموارد لها تأثير إيجابي علي النمو. ومن الدراسة الأكثر شمولية للمعارضة هي دراسة (Lederman and Maloney 2007 ) التي اكتشفت متانة العلاقة الأساسية باستخدام اساليب تقديرية ومتغيرات مختلفة من أجل أن تثبت عدم وجود أدلة للعنه الموارد، وتم الاستنتاج إلي أنه يجب التخلي عن الحقيقية المجردة التي تنظر إلي وفرة الموارد الطبيعية يكون لها تأثير سلبي، ويتم البحث حول التأثير الإيجابي ربما من خلال تحفيز نمو الإنتاجية. وأكد أيضاً (Michael Ross 2012) نفس النتيجة حيث أثبت أن معدلات النمو في البلدان الغنية بالنفط تختلف بشكل ضئيل عن نظائرها الفقيرة نفطياً. فالتساؤل هنا لماذا الدول الغنية نفطياً تحقق معدلات نمو طبيعية؟

 

2-   التسلطية:

أكدت دراسة (Ross 2001) أن هناك علاقة بين الثروة النفطية والديمقراطية، فالأولي أدي إلي وجود أنظمة سياسية أقل ديمقراطية، خاصة إنه يري أن الخصائص المعادية للديمقراطية في النفط والثروة المعدنية تتمثل بشكل جوهري في اعتبارها واحده من عناصر ارتفاع الانحراف المعياري في الانتاج المتغيير النفط. فالدول التي تعتمد بشكل كبير علي صادرات البترول في عام 1995 مثل أنجولا ونيجيريا والكويت تشهد إنخفاضاً في ترتيبتها وأدائها علي مقاييس الديمقراطية مع زيادة اعتمادها علي الثروة النفطية.

عليه سيتم مناقشة آليات Ross المقترحة وتفسير هذه العلاقة. حيث نلاحظ بعض الغموض في تفسير تلك النموذج.  فليست من الواضح أن البترول سبب تحويل الديمقراطية إلي ديكتاتورية، لذا لابد من المناقشة الموضوعية لتلك النموذج لتفسير ما إذ كان انخفاض انتاج النفط يؤثر علي الديمقراطية أو ما إذ كان النفط يساعد علي قدرة الديكتاتورية لمقاومة ضغوط الديمقراطية. بما يشير ذلك إلي أن أصول التسلطية ليست في الثروة النفطية بحد ذاتها، فالتأثير الرئيسي للبترول يتمثل في تأمين أصحاب المصالح الاستبدادية في السلطة، لذا قد يقوض البترول آليات ومؤسسات الديمقراطية من خلال المسؤلين المنتخبين أقل عرضة للمساءلة وربما أكثر استعداداً للبقاء في السلطة. وأصبح ذلك واضحاً منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين إلي أواخر تسعينيات القرن العشرين.

رغم أن الأبحاث اللاحقة أكدت علي فرضية ارتباط البترول بالتسلطية. إلان أن الباحث (Jensen and Wantchekon 2004) لاحظ أن عملية التحول الديمقراطي في أفريقيا لم تنجح الإ في دول فقيرة ولديها ندرة موارد.  لذا اختلفت الدراسات من حين لأخر ومن فترة زمنية لأخري.

في ظل هذا الإطار تمثلت الإشكالية في التمييز بين البترول كسبب في نشأه أصول النظم التسلطية من ناحية، وكسبب لصمود تلك الأنظمة من ناحية أخري. وقد فحص (Ulfelder 2007) هذا اللغز باستخدام نموذج الحدث التاريخي التي عمل علي تقدير خطر الديكتاتورية التي تمر بمرحلة التحول الديمقراطي في أي سنة. وقد دعمت نتيجته بشكل قوي الاتجاه التقليدي في الدول الريعية: كلما مثلت إيرادات الموارد نصيب كبير من الدخل القومي أدي إلي انخفاض احتمالية التحول الديمقراطي. فالدول المتوسطة رغم انخفاض اعتمادها علي الثروات المعدينة التي يشكل حوالي أقل من 2% من الدخل القومي إلا أن فرصتها تجاه التحول الديمقراطي تعد ضئلية. كما أن احتمالية زيادة الاعتماد علي الموارد تعد مؤشر ضعيف لاحتمالية ضعف التحول الديمقراطي.

قد استخدم (Tsui 2011) اكتشافات البترول كأداه للثروة النفطية لتقدير آثار البترول علي بقاء النظم التسلطية. بالنسبة للدول غير الديمقراطية، الاكتشاف الضخم للبترول -فيما يفوق 100 مليار برميل- كما هو الحال في العراق، يعد تأثيره ضئيل للغاية علي الديمقراطية خلال الثلاث عقود بعد اكتشافه. ورغم ذلك إلا أن البترول لا يعد سبب للاستبداد ولكنه يعمل علي تعزيز بقاء الديكتاتورية. ولتحليل آثار البترول علي النظم السياسية يتطلب ذلك وجود أدوات أكثر دقة للتحليل ومنها: عدد الآبار الاستكشافية التي يتم حفرها، ارتفاع جود البترول، حجم تكاليف الاستخراج والاستكشاف. ويشير كل هذا وذاك إلي أن الطغاه يتوقعوا حجم الثروة النفطية المستقبلية وبناء عليه يقوموا بتعزيز جهودهم نحو ضمان حيازتهم علي السلطة.

هناك بعض الدراسات التي تري أن ثروة الموارد يمكن أن تعزز الديكتاتورية أو الديمقراطية. ويتوقف ذلك علي مدي العدالة في توزيع الموارد، فكلما زادت قدرة الدولة علي التوزيع العادل للثروة يؤدي ذلك إلي تعزيز الديمقراطية لأن ثروة الموراد في هذه الحالة لاتمثل تهديد للنخب. وعلي العكس، في حالة عدم قدرة الدولة علي التوزيع الأمثل للموارد يؤدي إلي تعزيز النظم غير الديمقراطية.

بدراسة حالة فنزويلا يتضح إنه ليست هناك علاقة بين الثروة النفطية والنظم السياسية، ولكن مع إدراج مصطلح التفاعل يؤدي إلي وجود نتائج تدعم نظريته المشروطة. عندما تكون الدولة قادرة علي تحقيق التوزيع الأمثل للأيرادات يؤدي إلي اتجاه الدولة نحو الديمقراطية، أما في حالة عدم قدرة الدولة علي توزيع الأمثل للموارد يؤدي ذلك إلي تعزيز التسلطية داخل النظام السياسي.

يري Herb) 2005) أن جميع النماذج استخدمت الدخل القومي كمتغير رئيسي لتوضيح مدي تأثير ريع الموارد علي اتجاه الدولة نحو النظم الديمقراطية أو النظم غير الديمقراطية. وتكمن المشكلة هنا أن الدخل القومي يشمل مجموعة من ثروة الموارد، ويعد الإيراد الريعي جزء من تلك الثروة وليست كل ايرادات الثروة. فعلي سبيل المثال: إذ تخيلنا الكويت بدون بترول، هل يعني ذلك أن الدخل القومي لها يساوي صفر؟، كما إنه ليست من المتخيل وجود ثروة بدون منتج البترول ولكن ممكن أن يوجد فقر بدون منتج البترول، فهل من الممكن أن تكون بذلك الكويت دولة غير ديمقراطية؟. وبالتالي الأفضل أن يتم استخدام مؤشر الناتج المحلي الإجمالي للتحديد الدقيق ما إذ كانت الدولة ريعية أم لا، ومن ثم يتم اعتبار الكويت دولة فقيرة ديكتاتورية إذ كانت بدون بترول نظراً لاعتمادها بنسبة 90% علي البترول لذا فهي دولة ريعية.

من ثم تم إعادة النظر في نظرية لعنة الموارد باستخدام مجموعة من البيانات تغطي 168 دولة تعود إلي عام 1800، لضمان أن التحليل والتفسير يغطي الفترة التي سبقت الاعتماد علي الموراد الطبيعية، حيث يلاحظ في تلك الفترة أن وفرة الموارد لم تكن لعنه نظراً لإنه كلما زاد دخل الموارد الطبيعية كلما زاد الاتجاه نحو الديمقراطية.  فقد أكدت ذلك “ولدنر” علي أن اندماج الريف يدعم كل من النظم الديمقراطية والتسلطية علي حدا سواء مع الدعم اللازم من أجل بقاء الأزمات التي تزعزع الاستقرار. حيث يفترض أن التحالف بين النخب الحضرية وطبقة الفلاحين الوسطي تقلل بشكل حاد من احتمالات فشل النظام، وأن الموارد النفطية – من ناحية أخري- لايكون لها تأثير جوهري في أي من النماذج.

3-   الحرب الأهلية:

أكد بعض الدراسات علي الاتجاه التقليدي للعلاقة بين وفرة الموارد والصراع الداخلي. وقد قامت   دراسة (Fearon and Laitin 2003 – and Collier and Hoeffler 2004 ) علي التمييز بين الجشع والظلم الذي يعد أساس الحرب الأهلية. فالنظرية القائمة علي الجشع تنظر إلي الحرب الأهلية علي إنها فرصة انتهازية، فهي توفر البيئة المناسبة للتمرد. ونظرية الظلم تستند بشكل أكثر جدية إلي ايدلوجية عدم المساواة، فالتمرد يهدف إلي إعادة تصحيح الإقصاء والقهر. ويتم تعزيز فرص التمرد بواسطة التمويل الخارجي من مجتمعات شتي و قوي أجنبية أو بواسطة استغلال الموارد الطبيعية. واتضح لهذه الدراسة أن صادرات السلع الأولية تعمل علي تكريس خطر الصراع، بما يؤدي إلي زيادة فرص تمويل التمرد.

فقد قدم كل من Fearon and Laitin وجهة نظر بديلة، من خلال استخدام مؤشر صادرات السلع البترولية. حيث يروا أن الدول الضعيفة تتبع استراتيجيات وسياسات غير كفء لمكافحة التمرد، فإذ كانت 1/3 ايرادات الصادرات -علي الأقل- من الوقود ذلك يشير إلي أن الدولة تواجه احتمال كبير لتعرضها للتمرد. ولاتعد الإيرادات النفطية سبباً  لتوفير إمكانيات تمويل التمرد ولكن أيضاً سبباً  لضعف مؤسسات الدولة.

أما وجهة نظر Collier’s and Hoeffler’s استندت بالأساس علي عده انتقادات. واحد من تلك الانتقادات يتمثل في اختيار المقياس، حيث إنهم استخدموا صادرات السلع الأولية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. حيث عرض Fearon 2005 أن استخدام نتائج هذا المقياس أدت إلي فشل النتائج، بالإضافة إلي أن Ross أيضاً أثبت أن استخدام متغير داخلي يؤدي إلي التعارض. وذلك باعتبار صادرات السلع الأولية قد ترتفع بشكل افتراضي. فالدول الضعيفة لديها ركود اقتصادي وضعف حماية حقوق الملكية بما يؤدي ذلك إلي تعرضها بشكل كبير إلي وجود تمرد. ومن ثم توصل Ross إلي إنها ليست بالضروة أن البترول يؤدي إلي حرب أهلية، وعرض أدلة جديدة تشير إلي أن ثروة الموارد قد تكون متغير خارجي لتوقع حرب أهلية. ويستخدم Ross مقياس أن الدولة تعد غنية في الموارد إذ كان نصيب الفرد من إيراد الوقود أكثر من 100 دولار، وبناء علي ذلك يوجد علاقة قوية بين هذا المقياس وبين بداية الصراع. فالدولة التي يصل فيها ريع الوقود إلي صفر فإن خطر الصراع يمثل حوالي 0.92%، والدولة التي يصل فيها ريع الوقود إلي 100 دولار فإن خطر الصراع يمثل حوالي 0.99%. وبالتالي في هذه الحالة يعد تأثير الموراد علي العنف يعد ضئيل للغاية، أما إذ وصل ريع الوقود إلي أكثر من 1000 دولار يؤدي إلي فعالية تأثيره علي الصراع مثل: فنزويلا والعراق والجابون حيث يرتفع هنا خطر الصراع بسبب الوقود من 1% إلي 2% . ومع ذلك هناك دراسات أثبت أن وفرة الموارد لم تؤثر علي عنف الحرب الأهلية.

 

ثانياً:- النماذج السببية:

يفترض في ظل هذا الإطار أن وفرة الموارد لاتؤثر علي النمو وأن الموارد تم توزيعها بشكل عشوائي، مع احترام تلك الحقيقية الإ أن نمو الموارد غير ملحوظ. مع مرور الوقت، تسقط اقتصادات النمو السريع من العينة. حيث تتراجع نسبة مشاركة صادرات الموارد الطبيعية، وبالتالي تصبح الدول غير ريعية. وعلي الجانب الأخر، في الدول بطئية النمو، تظل الموارد الطبيعية محتفظة بنسبة كبيرة من الداخل القومي، لذا فأننا نلاحظ مجموعة من اعتماد الموارد وبطئ اقتصادات النمو. وثمة قصص ممثاثلة يمكن أن تقال حول الترابط بين الموارد والتسلطية والحرب الأهلية. فقد أكد كل من Wright and Czelusta ) 2004-2007) إن وفرة الموراد ليست متغير خارجي. ويعد الاعتماد علي ريع الموارد الطبيعية ربما يعتمد علي الاستثمارات المتوقعة في البنية التحتية والمعرفة الجولوجية وتقنية الاستخراج والتكرير وهكذا. وعلاوة علي ذلك، فإن وتيرة الاستغلال قد تعتمد بالمثل علي عوامل طارئة، علي سبيل المثال أن كثير من القادة يتجاهلوا المستقبل. وأخيراً، أوجد( Collier 2010) أن تنقيب الموارد تعد إلي حداً كبير سبباً في الثراء والاستقرار داخل الدولة، أما بالنسبة للدول الفقيرة والأقل استقراراً قد تكون أقل احتمالاً للتمتع بشكل كامل بمواردها.

هذا الجزء تناول ثلاثة تحديات التي تواجه إدعاء أن الموراد الطبيعية سبب بطئ نمو الاقتصاد والتسلطية والحرب الأهلية. وينقسم هذا الجزء إلي: –

1-   مقاييس اعتماد الموارد.

2-   وقائع (حقائق مضادة)

3-    آليات السبيبية التي تم اقتراحها كروابط بين الموارد الممنوحة والنتائج الاقتصادية والسياسية.

 

1- المقاييس:-(تحديات استخدام المقاييس)

يعد العمل الأولي المؤثر بواسطة الباحثين “كولير وهوفلر وروس” باستخدام عائدات تصدير الموارد كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي لقياس مدي ثروة الموارد. وبناءً علي ذلك، اتجاه العلماء نحو التوظيف المتزايد لمقياس أفضل: ريع الوقود بالنسبة للفرد الواحد ( ورس 2006). حيث يركز هذا المقياس علي استهلاك الوقود محلياً وحساب الريع الفعال لكل مواطن، وإنه أقل ارتباطاً بالدخل القومي. ومع ذلك الإ إنه لم يعد أداه مثالية للقياس؛ نظراً لضعف فرص التنقيب في الدول الفقيرة، وعدم استقرار الدول يشير إلي ضعف الريع بالنسبة لكل فرد لكن دون أن يأخذ في الحسبان الأهمية النسبية للريع في متوسط دخل المواطن. فتوظيف ريع الوقود كنسبة من متوسط الدخل لكل مواطن ربما تمثل أفضل أداه سياسية لثروة الموارد في مختلف البلدان، وقد يوصلنا لقياس مدي التأثير السياسي للريع في الدول.

لكن قام الكاتب بتطوير تلك المقياس في 2013، حيث ووصف “نفوذ الريعRent Leverage”، واضهر أن هذا المقياس سنوياً لايؤثر بشكل كبير علي بداية الحرب الأهلية ولكن مع التغييرات السنوية: قد تجعل زيادة الحرب الأهلية أقل احتمالاً.

قد كانت الجهود المبذولة لتطوير المؤشرات الخارجية نالت الكثير من الإعجاب ولكن لم تنجح جميعها. واحد من تلك المؤشرات، ومن تلك الجهود:-

أ‌- (Humphresy 2005) يري أن الاحتياطات المؤكده للدول تعد مسيسة بشكل كبير. فحصص منظمة الأوبك[3] تعتمد بشكل رئيسي علي الاحتياطات المؤكده، وتوفير حوافز قوية للأعضاء لتضخم تلك الأرقام.

ب‌- (Ramsey 2011) استخدم الكوارث الطبيعية في الدول المنتجه.

ومع ذلك فقد لاحظ كل من “هابر ومينالدو 2011″ قدرة السعودية لزيادة الطاقة الإنتاجية لتعويض انخفاض الدعوي حول أن هذا المقياس يمثل وحدة واحدة داخل هذه المسألة. باختصار، تمثل تلك المقاييس مؤشرات داخلية بالنسبة للسياسة.

 

2- وقائع (حقائق مضادة):

بالنظر إلي التعامل مع ثروة الموارد من خلال التجربة العشوائية. فيفترض الكاتب أن كل الدول لديها النتائج المحتملة بموجب التعامل والنتائج المحتملة بموجب السيطرة، وأن النتائج الملاحظة هي ببساطة الفرق فيما بينهم. ونظراً لعدم القدرة في ملاحظة الوحدات الفردية لكل دولة، سيتم أخذ القيمة المتوقعة لهذه الفروق للحصول علي متوسط تأثير الوقائع.

الادعاء بأن ” غالباً ماتكون الدول فقيرة للغاية بسبب أن لديها غني في مورد البترول”، يدعي كل من( Birdsall and Subramanian 2004) إنه في حالة غياب تلك الثروة النفطية –في المتوسط- الدول المحرومة من الموارد سوف تكون أكثر غني. فهناك طريقتين لتبرير تلك الوقائع:-

أ‌- مجموعة النمور الآسيوية ، وهو النموذج المخالف لمضمون السيطرة، فهي لا تمتلك ثروة بترولية.

ب‌- وجود حجة نظرية تربط مصادر إيرادات الدولة بمؤسسات وسلوك الدولة. ويؤيد ذلك الأتجاه (Bates 2001) حيث يري أن الدول ذو اقتصادات غنية بالموارد تميل نحو تأمين تلك الإيرادات من خلال استخرجها. أما في ظل الدول الفقيرة بالموارد تميل نحو خلق الثروة. وبالتالي فإن الاختلافات في الثروة الطبيعية الممنوحة تنعكس في تشكيل سلوك الحكومات.

كما يري البعض أن ريع الموارد قد يتيح فرص للدول المفترسة، في حين أن ندرة الموارد تؤدي إلي خلق نوع من العلاقات بين الدولة والمجتمع لتنمية الدول.

بالنظر إلي اقتصادات شرق آسيا يتضح إنها غير مقنعة، فنهاك فجوة واسعة بين أدعاء أن نمو اقتصادات شرق آسيا يرجع إلي افتقارهم للموارد وأدعاء أن غياب الموارد لم يثبت بأن يكون ذلك عائقاً مصيري لنجاح الاقتصاد. فهذه الفجوة بين النمو السريع بسبب ندرة الموارد والنمو السريع رغم ذلك. فهل لنا أن نتوقع نيجيريا بدون ثروة بترولية لتكون النظير الأفريقي لكوريا، فهذا التوقع يشير إلي أن ندرة الموراد يعد سبب مخالف للواقع، وبالتالي لايمكن اعتبار ندرة الموارد متغير يتخذ في الحسبان لتفسير نجاح شرق آسيا. ومن ثم فهذا الاتجاه لم يدعم الحقائق التي تنص علي أنه بدون وفرة موارد سوف يصبح اقتصاد الدول الريعية ناجح والدليل علي ذلك نيجيريا وغانا. وتوازن الأدلة يدعم نجاح شرق آسيا رغم افتقارها للموارد.

وفي الواقع، ترجع كثير من الأدبيات إلي أن نجاح التجربة الآسيوية يعتمد علي العديد من العوامل الأخري منها:

أ‌- نجاح اقتصاد شرق آسيا للاحتلال الياباني، مقارنة بالاحتلال البريطاني في نيجيريا، والاحتلال الياباني في كوريا التي عمل علي تحويل البيروقراطية الزراعية الفاسدة إلي تنظيم سياسي فعال، وإنشاء علاقات وثيقة بين الطبقات المسيطرة لإبقائها تابعة، وسيطرت علي الطقبات الدنيا. في حين خلق قوة عمل منضبطة، فقد فسر “ولدنر 1999” التحالفات التي جعلت من الممكن تنمية جنوب شرق آسيا.

ب‌- بينما أكد كل من (Doner, Ritchie and Slater 2005) أن ندرة الموارد والتهديدات الأمنية المكثفة تميز دول شرق آسيا عن دول جنوب آسيا.

ت‌- والبعض يؤكد أن إنخفاض قيمة الأيدي العاملة والتساهل البيئة الدولية المتساهلة حكمت علي أفريقيا بالإعدام وأضعفتهم بما أدي إلي إعاقة عملية التنمية الاقتصادية بها.

ث‌- وهناك من يري أن الاستعمار البريطاني في بوتسوانا أدي إلي خلق إطار لنجاح التنمية رغم وفرة مواردها.

استناداً إلي كل هذا وذاك يتضح إنه من الصعب قبول الحقائق المضادة، وأن غياب النفط نيجيريا سوف تشبه كوريا وليست غانا.

وفي ذات الوقت يوجد العديد من المخاوف حول وقائع أن غياب البترول يعني أن وفرة الموارد تؤدي إلي نظم ديمقراطية. فالاعتماد بشكل كبير علي وفرة الموارد الطبيعية سيؤدي إلي انخفاض متوسط درجة الديمقراطية إلي 1.59 نقطة من 20 نقطة كما هو الحال في أفريقيا. ولكن خلال الفترة الزمنية للدراسة، معظم الدول الأفريقية كانوا غير ديمقراطية. لهذا فنيجيريا بدون بترول من الأرجح أن تكون غير ديمقراطية أيضاً. كما أكد (Yates 1996) علي إنه بالرغم من أن أنجولا ونيجيريا والكاميرون والكونغو لديهم وفرة بترولية إلا إنهم دول غير ديمقراطية، كما أن تلك الدول تصنف كدول ريعية.

يمكن للمرء الأعتراض في أن المقارنة ذات صلة بالوقائع المضادة من خلال التجربة لم تكن معاصرة للواقع الحالي ولكن دولة وفرة الموارد تعد فقط قبل اكتشاف واستغلال مواردها. كما أن نظرية لعنة الموارد أيضاً لاتجدي هنا أي شئ. النظر إلي آثار ضعف الدول البترولية كما نقشت في حالة فنزويلا. ومن ثم يثار تساؤل فإذ كانت وفرة الموارد تخلق دول ضعيفة، فهل ندرة الموارد تخلق دول قوية؟، يشير تاريخ فنزويلا إلي عكس ذلك، فقبل اكتشاف البترول كانت فنزويلا دولة ضعيفة حتي تسعينيات القرن العشرين وأوائل القرن العشرين نظراً للصراعات المتعصبه والنظم المطلقة، وبالتالي كانت فنزويلا دولة ضعيفة سواء قبل أو عقب استغلال البترول. ومن ثم اكتشف Karl 1997 إن اكتشاف البترول يعد ذو تأثير قوي ومفيد في حالة إذ كانت المؤسسات قوية قبل اكتشاف واستخراج الموارد، كما هو الحال في النرويج. بما يشير ذلك إلي أن قوة الدولة يعد مؤشر خارجي لريع الموارد الطبيعية. وسيتم تناول هذه النقطة فيما بعد.

يتضح ذلك في حالة الأكوادور. تم انتاج البترول بكميات صغير في أوائل عام 1911، ولكن تم اكتشاف الحقول الرئيسية للنفط في أواخر ستينيات القرن العشرين، وبدأ الانتاج علي نطاق واسع في أوائل سبعينيات القرن العشرين. ومع ذلك، فقد كانت أكوادور في أسفل التسلسل الهرمي للدخل الأمريكي قبل عام 1972، حيث تميزت بالتفاوت الهائل بين النخبة والعامة، حيث سيطرت النخبة علي قطاع التصدير الاقتصادي في حين ظلت العامة متسمكة بالفقر الناتج عن زراعة الكفاف. وقد كانت السياسيات في أكوادور غير مستقرة –بشكل كبير- قبل وبعد اكتشاف البترول، حيث تولي زمام الأمور السياسية نظام عسكري مطلق. استمرت هذه الأنماط الاقتصادية والسياسية حتي في عصر البترول. وأبرزها عدم الاستقرار السياسي، كما أن تقصير آفاق صناع القرار السياسي يؤثر علي مدي استخدام البترول كمنفعه لهم. كما أن النموذج الإحصائي مثل ساكس وانر Sachs and Warner والتي بدأ في أوائل سبعينيات القرن العشرين سيعزز من المشاكل النفطية للأكوادور. ومن ثم بات من الواضح أن اكتشاف النفط لم يغير بشكل جذري أنماط النظم المتبعة سواء في النواحي السياسية أو الاقتصادية.

ومن منظور الحقائق المضادة، يوجد هنا علي مايبدو رسالة ضمنية تتمثل في:  إذ كانت وفرة الموراد تمثل لعنة، فلماذا إذاً لاتمتنع عن استغلال تلك الموارد؟، وقد طرح “فرانك 2013” التحدي بشكل صريح: إنه ليست بالضرورة أن الدول التي لديها وفرة في الموارد تحقق أداء أسوأ من الدول دون ذلك. فهناك القليل الذي يعتقد بأن الدول التي لديها وفرة في البترول وغيره من الموارد الطبيعية ستكون أكثر عرضه للتدمير أو عدم التنمية. ومن ثم يري (Likewise, Stevens 2003) إنه من الأفضل ترك النفط في باطن الأرض، ولكنه ينتهي سريعاً بالقول بأن ذلك لم يعد خياراً صحيحاً. ولكن إذ اختلف المدافعين عن أطروحة أن فقر نيجيريا بالموارد سيجعلها أكثر ثراء كيف يمكنا أن نكون واثقين في أن تلك المطالبات تتعلق بآثار وفرة الموارد علي الثروة؟

 

3- الآليات:-

لدينا أسباب محددة للتشكيك حول الإدعاءات التي تشير إلي أن –في المتوسط- الدول المحرومة من وفرة الموارد الطبيعية سوف يرتفع أدائها الاقتصادي أو سستتجه نحو الديمقراطية. وبديل ذلك هو التحديد من خلال النظرية والأدلة والآليات التي تربط بين وفرة الموارد والمخرجات. فأدلة تلك الآليات سوف تدعم الاستدلالات السببية للعنة الموارد، ومن ناحية أخري، فإن غياب تلك الآليات سوف تحط من قدره. وفيما يلي سيتم عرض تلك الجهود المبذولة من أجل إحداث التوازن، فلم يوجد هناك دعم قوي للآليات يؤكد صحة نظرية لعنة الموارد.

ثمة مجموعتين من النظريات تفسر سبب نمو اقتصاد لعنة الموارد، ترتكز إحداها علي الاقتصاد الكلي والأخري علي عوامل الاقتصاد السياسي:-

أ- تعتمد النظرية الاقتصادية علي نظرية “المرض الهولندي” والتي تشير إلي أن تصدير الموارد يزيد من انتاج قيمة للعلمة، بالإضافة إلي زيادة الطلب علي الواردات المصنعة، وإعادة تخصيص راس المال والعمالة من قطاعات الصناعات التحويلية المتداولة إلي قطاع غير متداول.

ومع ذلك هناك مشكلتين أساسيتين ترتبط ببطئ وفقا لنظرية “المرض الهولندي” وهي كما يلي:-

الأولي: توضح أن ارتفاع سعر البترول يؤدي إلي رفع الأسعار العالمية للسلع المصنعة، وبالتالي توفير فرص سوقية جديدة للمصنعين المحليين لبيعها محلياً. وأثبت Fardmanesh   أن “التأثير العالمي” يفسر التوسع في قطاعات التصنيع في العديد من البلدان النامية الغنية بالنفط في سبعينيات القرن العشرين.

الثانية: حتي لو كان المرض الهولندي يصيب قطاع التصنيع المحلي، ليست من الواضح أن ارتفاع القطاع غير المتداول سيؤدي إلي انخفاض معدلات النمو. فزيادة الاستثمار والعمل في قطاع التصنيع من أجل التعايش وازدهار القطاعات المتدنية، لايمثل تباطئ معدلات النمو، مالم يلحق به حجه حول ارتفاع معدلات نمو الانتاجية في التصنيع، وهي حجه بعض الاقتصاديين لتبغض التقدم.

ب-المجموعة الثانية من الآليات ربط وفرة الموارد وبطئ النمو يعتمد علي المؤسسات والريعية. أثبت بعض الباحثين أن الاعتماد علي الموارد يضعف المؤسسات ويولد دول مفترسة ويضعف أيضاً الأداء الاقصادي. وقد اعتبر أن هناك ثلاثة مسارات تؤدي من خلالها وفرة الموارد إلي ضعف المؤسسات:

–       الآثار الريعية.

–       تأخر التحديث.

–       التركيز علي عدم المساواه.

وتصلوا إلي لاتوجد آثار مباشرة للموارد علي النمو، ولكن توجد آثار غير مباشرة من خلال قيامهم بإضعاف المؤسسات وبالتبعية إنخفاض النمو. ومع ذلك، فإنه من الممكن أيضاً أن الوجود المسبق لضعف المؤسسات يؤثر علي الآثار السياسية للريع النفطي. علي سبيل المثال، أثبت كل من Tornell and Lane في عام 1999 أن ” تأثير النهب” والنظر إلي مكاسب الموارد يؤدي إلي تعزيز نظام الوصايا، مما يعوق النمو وبالتالي تعاني الاقتصادات من ضعف المؤسسات السياسية. وفي هذا الصد لاحظ بعض العلماء الأداء المتفوق لاقتصادات وفرة الموارد في القرن التاسع عشر، فأثبت بعض الباحثين أن الطفرة النفطية في سبعينيات القرن التاسع عشر تزامنت مع نهاية الاستعمار عندما شُكلت دول جديدة مع  مؤسسات ضعيفة، من ثم فقد سبق ضعف الدول استغلال النفط في كثير من الحالات. وقد أثبت Similarly, Torvik 2009 أن الدول ذو مؤسسات قوية تستغل الموارد الطبيعية من أجل التنمية. المطورين اللاحقين لايستطيعوا تكرار هذه التجربة. تشير كل هذه النتائج إلي أن مؤسسات الدولة تعد –إلي حد كبير- مؤشر خارجي بالنسبة لوفرة الموارد، أو إنه ليست من الممكن أن نلاحظ التباين بين العصور في اقتصادات وفرة الموارد.

أما في ظل آليات ربط ثروة الموارد بالاستبداد. استخدم “روس 2001” قيم مختلفة للعديد من المتغيرات المتداخله لجعلها تدور حول ثلاث آليات:-

أ‌-     “تأثير الريع” بواسطة الدول التي تمول نفسها عن طريق وسائل أخري غير الضرائب المباشرة.

ب‌- “تأثير القمع” من خلال استخدام عائدات النفط في تمويل الأجهزة قمعية.

ت‌- “تأثير الحداثة” من خلال أن نمو الاعتماد علي البترول يعيق التنوع الاقتصادي.

حيث لاحظ “روس” أن الثلاث آليات السابقة تعيق الديمقراطية بواسطة جعل الأنظمة أقل عرضة لضغوط الديمقراطية. بعبارة أخري، يعمل النفط علي أمتداد عمر الأنظمة الاستبدادية بدلاً من تحفيز خلق نظم جديدة.

كما قدم “روس” في عام 2012 نموذج جديد للعلاقة السببية يؤكد فيه تأثير الريع. حيث تستطيع الدول الغنية بالبترول ذو أنظمة ديكتاتورية أن تزيد الفجوة بين الفوائد التي تقدمها وبين الضرائب التي يجمعونها. فمن خلال الحفاظ علي الدعم وتجنب الثورات المؤيدة للديمقراطية، ستحافظ النظم الديكتاتورية علي حكمها في السلطة لمدة أطول. وعلاوة علي ذلك، تستطيع ديكتاتوريات الدول الغنية بالبترول استغلال تباين المعلومات وإخفاء عائدات البترول، وبالتالي زيادة نسبة الإنفاق مقارنة بالإيرادات دون أن يشعر المواطن بذلك.

أخيراً، في إطار ربط آليات وفرة الموارد ببداية حالة الحرب الأهلية. هناك آليتين ذات أهمية خاصة:

أ‌- أن وفرة الموارد الطبيعية تجعل النهب أكثر جدوي ويوفر بيئة تحفزية للمتمردين الأنتهازيين.

ب‌- أن منتجي البترول يعانون من ضعف هياكل الدولة.

فقد أكد “روس” من خلال دراسته لثلاثة عشر حالة لاختبار تلك الفرضيات إنه لايوجد دليل لدعم فرضية النهب، ففي أي من الحالات التي تم دراستها كانت الجماعات المتمردة أما تنهب الموارد الطبيعية أو تنزع التمويل من أولئك الذين يستغلون الموارد. وعلاوة علي ذلك، لم يعد “روس” قادراً علي التحقق من فرضية أن الموارد الطبيعية قد تزيد من احتمال الحروب الأهلية بواسطة ضعف قدرة الدولة.

من الصعب التعرف علي ماإذ كانت الملاحظة تدعم هذه الفرضيات علي مستوي الدراسة. الآليات التي ربما تربط النفط بالضعف البيروقراطي وزيادة التعقيد وبين إضعاف البيروقراطية للصراع اللاحق ربما يكون منتشر وخفي. فدعاه هذه الآلية يجب أن يحددوا منطقهم قبل تحديد حالات الدراسة.

ربما تؤثر الموارد الطبيعية علي بداية الحرب الأهلية بواسطة آليات أخري، مثل: إثارة مطالب إنفصالية، وقد تؤثر علي أبعاد أخري للصراع مثل: مد فتره الصراع والتوزيع الجغرافي وكثافته.

قد ركزت بعض الدراسات علي “عوائق الآليات” في حين ركز البعض الأخر علي “تفريغ اختبار تلك الآليات”. ويوجد القليل من أدلة الآليات التي تربط بين وفرة الموارد الطبيعية كسبب في بداية ظهور الحروب الأهلية كما أن هناك ربط بينها وبين تخلف الاقتصاد أو التحول إلي التسلطية. وقد أثبت كل من (Cotet and Tsui 2013) عدم وجود تأثير للثروة النفطية علي احتمال بداية الحرب الأهلية وذلك بعد الأخذ في الحسبان الآثار الثابتة للدولة.

 

ثالثاً:- الخلاصة: تشكيل الدول ووفرة الموارد

تتمثل الفكرة الرئيسية في هذا الإطار حول مدي حجية أن وفرة الموارد تشكل مؤسسات الدول، فقد قدمت “كارل 1997” المعيار الذهبي للحجج في خاصية المؤسسات في إطار وفرة الموارد. فأن الاعتماد علي الصادرات السلعية يقيد أساس الدولة، ويتجه الحكام نحو تقليل عبء الضرائب من علي المواطن والفاعلين المحليين الاقتصاديين. فهذا الاعتماد علي مصادر “خارجية” لعائدات الضرائب قد يشكل بدوره سياسات ومؤسسات الحوافز. حيث تعد إيرادات الدولة ونموذج تحصيل تلك الإيرادات يحدد طبيعة الدولة. وبالتالي توسع الدولة في اختصاصتها علي نحو قاسي بما يؤدي مع مرور الوقت بتآكل سلطتها.

كما أن هناك العديد من الدولة النامية التي تعتمد بالأساس علي مصادر خارجية في الإيرادات. وبهذا المعني، فنزويلا لاتختلف عن بقية دول أمريكا اللاتينية، حيث تتمركز سلطة التنفيذيين وتتسع حدود السلطة القضائية للدولة بما يؤدي إلي إنعدام قدرة التغلب علي الهياكل الإدارية الضعيفة.  “ومع ذلك تعد فنزويلا فريدة من نوعها”. وقد أتضح فيما سبق أن دولة فنزويلا كانت ضعيفة قبل اكتشاف البترول، وعلاوة علي ذلك، فهناك اختلاف جوهري فيما بين الدول البترولية. فإندونسيا والنرويج لم يعدوا سوي أثنين من الأستثناءات الرئيسية “لكارل” وغيرهم لايمكن تفسيرهم في إطار الدولة الريعية.

بما يشير كل هذا إلي التفاوت الكبير بين أطر نظرية الدولة الريعية وضعف الدعم العلمي والنظري لها. فبدون نظرية الدول الريعية، يوجد العديد من الإدعاءات حول انعدام الأسس النظرية للعنة الموارد، التي تتطلب أن تكون مؤسسات الدولة مؤشرات داخلية لوفرة الموارد. ولكن النظرية والأدلة أظهرت ودعمت أن تكون مؤشرات خارجية لتشكيل الدولة والتحول.

كما يؤكد الكاتب علي ضرورة ترسيخ الدول الغنية بالموارد الطبيعية في نطاق منهجي أوسع لبناء الدولة. وأن أسباب ضعف مؤسسات الدولة في دول العالم النامي هي –للأسف- غير محددة بدقة، فسمات ضعف الدول في أمريكا اللاتينية وأفريقيا تتمثل –علي التوالي- في غياب الحرب والاعتماد علي التمويل الخارجي، كما يري البعض أن ضعف الدول يرجع إلي الإرث الاستعماري.

بالإضافة إلي وجود العديد من الأقترابات الأخري التي تمنح أساس نظري قوي لضعف الدول باعتبارها مؤشر خارجي بالنسبة لوفرة الموارد. كما إنه سيتم بذل المزيد من الجهد حول مسألة النمو الاقتصادي والديمقراطية والتسلطية والحرب الأهلية ليست من خلال التركيز علي مجموعة من الدول التي لديها وفرة موارد، ولكن من خلال توسيع وتطوير نظريات تشكيل الدول.

عرض “ولدنر 1999” التباين فيما بين الدول التنموية وغير التنموية في شرق آسيا ويري أن المستويات العليا من النخب تتصراع من أجل حث القادة السياسية لبناء ائتلافات طبقية تعتمد علي المستويات العليا من جانب المدفوعات. وهذ الهيكل الإئتلافي ينتج الدول الكنزية.  فيحتمل أن يعمل الريع البترولي علي مد عمر تلك المؤسسات الضعيفة ولكنها ليست سبباً في تأصيلها. كما يري “سميث” أن هناك علاقة وثيقية بين التحالفات وبين مؤسسات الدولة. يري الكلاسكين أن الريع النفطي له آثار موحدة علي المؤسسات. يؤكد “سميث” أنه فعندما كانت قوة حركات المعارضة موجودة من قبل ظهور الإيرادات البترولية بشكل كبير، كان الحكام يتجهون نحو بناء تحالفات قوية ومؤسسات الدولة التي يمكن من خلالها أن تجمع الإيرادات بشكل فعال إمكانية ممارسة الرقابة الاجتماعية. كما إنه يعتقد أن تصنيف نظرية الدول الريعية داخل الإطار النظري للتحالف المركزي لتشكيل الدول سيمنح وعود بالكثير من التقدم والاستمرارية للاعتماد علي الإدعاءات الغير مبررة التي تري أن مؤسسات الدولة مؤشر داخلي بالنسبة لوفرة الموارد.

ركز الكاتب علي تحليل شكل الدول المصدرة للبترول بعد الاستعمار ومدي تأثير ذلك علي سياساتها.

 

رابعاً: أهم النتائج التي توصل لها المؤلفين:

توصل الباحثين إلي أن مؤسسات الدولة تعد مؤشر خارجي يؤثر في متغيير وفرة الموارد، وأن نظريات وفرة الموارد يجب إدراجها داخل إطار نظري أوسع وأكثر شمولاً من إطار تشكيل الدول وعواقبها، كما أكد الباحثين علي العلاقة الوثيقة بين تحالفات قوي المجتمع وبين الدولة. كما أكد الباحثين أيضاً علي إنه ليست بالضرورة أن تؤدي وفرة الموارد إلي اتباع النظام السياسي التسلطي كما يحدث في كثير من الدول الريعية، ويرجع ذلك إلي أن أصول التسلطية ليست في الثروة النفطية أو ثروة الموارد في حد ذاتها ولكن ينحصر دور تلك الثروة علي تعزيز تأمين أصحاب المصالح الاستبدادية في السلطة، لذا قد تقوض الثروة آليات التحول الديمقراطي.

 

خامساً: تقيم المقال:

اتسم المقال بتوضيح نظرية “الدولة الريعية” ونظرية “لعنة الموارد” ونظرية “المرض الهولندي”، والسمات الأساسية التي تتصف بها الدولة الريعية، وتبني عدد من النماذج المختلفة للممارسات التي تبنتها بعض الدول الريعية وبالتعبية تنوع النتائج التي تم التوصل إليها، ولكن هناك عده نقاط أغفل عنها:-

1-  لم يوضح المقال علاقة الدولة بالمجتمع ( بالمعني الشامل بما يشمله من أفراد ومؤسسات) بالشكل الذي يكفي، فهل من الممكن أن تقوم الدولة بتقديم خدمات إلي الشعب مقابل رضائهم عن النظام السياسي القائم دون تعديل، وبالتالي ترتبط هنا الريعية بشرعية النظام ومدي قبول المواطنين بها؟ من ثم فإن عنصر علاقة الدولة بالمجتمع -والتي تعد عنصر فعال- يوضح رد فعل المجتمع عن السياسات التي تتبعها الدولة سواء بالقبول أو بالرفض.

2-  الطرق والبدائل التي يمكن من خلالها أن تتحول الدولة من دولة ريعية إلي غير ريعية، والعوامل التي تؤدي بالتبعية إلي تلك الظاهرة.

3-   أختزل المقال مفهوم الدول الريعية في بعض الدول المصدرة للنفط الخام في حين أنه قد يكون هناك دول أخري لاتساهم نسبه عائدات النفط لديها نسبه كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي، فقد يشاركها عدد من القطاعات الأخري مثل الحالة المصرية فهي لم تمتلك نسبه كبيرة من البترول ولكن لديها قطاعات أخري كالسياحة وقناه السويس، وفي هذه الحالة تسمي الدول شبه الريعية.

 

[1] David Waldner & Benjamin Smith, “Rentier States and State Transformations”, In: Stephen Leibfried et al.(eds), The Oxford Handbook of Transformations of the State, (New York: Oxford University Press, 2015), Pp:1-35.

[2]  منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية Organization for Economic Co-operation and Development، وهي منظمة دولية مكونة من مجموعة من البلدان المتقدمة التي تقبل مبادئ الديمقراطية التمثيلية واقتصاد السوق الحر. نشأت في سنة 1948 تحت اسم  منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي العملية (OEEC)،وفي عام 1960 تم إصلاحها لكي تكون منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. ويهدف بالأساس إلي تحديد الممارسات الجيدة للتوجه نحو التغيير وتعزيز الديمقراطية والأمن ومنع نشوب النزاعات.

[3]  الأوبك Organization of the Petroleum Exporting Countries هي منظمة الدول المصدرة للبترول هي منظّمة عالمية تضم إثناعشرة دولة تعتمد على صادراتها النفطية اعتمادا كبيرا لتحقيق مدخولها. ويعمل أعضاء الأوبك لزيادة العائدات من بيع النّفط في السّوق العالمية. تملك الدّول الأعضاء في هذه المنظّمة 40% من الناتج العالمي و 70% من الاحتياطي العالمي للنّفط. تأسّست في بغداد عام 1960، من طرف السعودية، إيران، العراق، الكويت وفنزويلا، ومقرّها في فيينا.

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …