الرئيسية / العلاقات الدولية / التفاعلات الدولية / مناورة غير عادية..! أهداف التدريبات العسكرية الصينية الروسية الإيران أمام مدخل الخليج العربي
مناورة غير عادية..! أهداف التدريبات العسكرية الصينية الروسية الإيران أمام مدخل الخليج العربي
مناورة غير عادية..! أهداف التدريبات العسكرية الصينية الروسية الإيران أمام مدخل الخليج العربي

مناورة غير عادية..! أهداف التدريبات العسكرية الصينية الروسية الإيران أمام مدخل الخليج العربي

مناورة غير عادية..! أهداف التدريبات العسكرية الصينية الروسية الإيران أمام مدخل الخليج العربي

عملية “حزام الأمان البحري” تفرض نظاما إقليميا جديدا على المنطقة

روسيا والصين تريدان اقتسام السيطرة على الخليج وإقصاء أمريكا

تقرير: تامر نادي

في 27 ديسمبر 2019، بدأت كل من الصين وروسيا وإيران تدريبات بحرية مشتركة في المحيط الهندي وخليج عُمان. لم يسبق لمثل هذا التعاون العسكري أن حدث بين القوى الثلاث، والتي تصنفهم الولايات المتحدة جميعًا بأنهم أعداء لها.

وتعود خطورة مثل هذه التدريبات باعتبار أن خليج عُمان هو ممر مائي حساس للغاية لأنه يرتبط بمضيق هرمز، الذي يمر عبره حوالي خمس النفط العالمي، وبالتالي فإن التدريبات تمس استقرار وأمن منطقة الخليج العربي.

ووفقاً لـ”رويترز” بدأت إيران والصين وروسيا تدريبات بحرية مشتركة يوم الجمعة الماضية، في المحيط الهندي وخليج عمان فيما وصفته موسكو بأنه تمرين غير مسبوق في التعاون والتدريب البحري. وقال قائد الأسطول الإيراني غلام رضا تهاني في التلفزيون الحكومي “رسالة هذه العملية هي إظهار أنه لا يمكن عزل إيران.

 

إيران تقول إنها ليست معزولة في التفاعلات العالمية، بعد أن سحبت الولايات المتحدة نفسها من الصفقة النووية الإيرانية 5+1 نهاية 2017. ومنذ ذلك الحين، أصبحت مياه الخليج محورا للتوتر الإقليمي، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مبيعات النفط الخام الإيراني مع قطع العلاقات التجارية الأخرى.

 

أرسلت روسيا ثلاث سفن حربية من أسطولها البلطيقي للمشاركة في التدريبات، كما قررت الصين أيضًا الانضمام إلى اللعبة، حيث أرسلت مدمرة صواريخ موجهة إلى التدريبات البحرية المشتركة. وبذلك تتجاوز هذه التدريبات البحرية التعاون العسكري بشكله الطبيعي. فعلى الرغم من أن الصين تدعي أن التدريبات المشتركة لا علاقة لها بالوضع الإقليمي، إلا أنها تؤكد إرادة وقدرة القوى الثلاث على التدخل في شؤون السلام والأمن البحري للمنطقة بشكل مشترك.

وباعتبارهما قوتين كبيرتين، فإن مشاركة الصين وروسيا في التدريبات البحرية المشتركة تدل بالتأكيد على ظهور ما يسمى “التحالف المضاد” لمواجهة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. رغم أن بعض ردود الفعل في الغرب حاولت تصوير هذه التدريبات البحرية المشتركة وتعاونها العسكري المحتمل كتهديد للسلام وتوازن القوى في المنطقة.

يأتي ذلك تجسيداً لفشل واشنطن الكبير في خلق السلام والاستقرار في منطقة الخليج، وقدم قدرتها على التجاوب بشكل سليم مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ولأول مرة تعبر عظم الدول الأخرى “وخاصة الأوروبية” عن مخاوفها أو عن قلقها من أن مشاركتها في العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة ضد إيران ستزيد التوتر في هذه المنطقة الجغرافية الاستراتيجية، والحيوية للغاية، والتي تتحكم في جزء كبير من نفط العالم. وتأكيداً لذلك، لا نري رغبة من أي من الفاعلين في المجتمع الدولي يريد المجازفة بالتدخل في حرية تدفق النفط، وخاصة أن دول كثيرة تعتمد على مبيعات الموارد البترولية لتمويل نسبة كبيرة من ميزانياتها، سواء الخليجية أو الأوروبية أو الأسيوية.

 

أمن دول الخليج والتقارب الصيني الروسي الإيراني: –

لم تعد العلاقات العسكرية بين الصين وروسيا مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أمراً سرية، بل يمكن رصدها وتتبع ارتفاع وتيرتها، حيث فتحت الصين مصنعًا للطائرات بدون طيار في المملكة العربية السعودية، كما عقدت موسكو صفقة أسلحة مع الرياض خلال رحلة الملك سلمان إلى روسيا في عام 2015، وشاركت كل من الصين وروسيا في معارض الأسلحة الدولي في الإمارات العربية المتحدة 2017،2018. فهل يمكن أن تفسر التدريبات الثلاثية على أنها موجهة ضد الخليج أم تسعى الأطراف ثالث لتحقيق غايات دبلوماسية من خلال الوسائل العسكرية؟

 

الدوافع الصينية والروسية من التواجد أمام الخليج العربي: –

من الناحية الاستراتيجية، تحرص الصين وروسيا على إظهار مواقفهم بشكل عملي في المنطقة، الساعي إلى الاستفادة من مجريات الأحداث. حيث يعلنان عدم انحياز كل من بكين وموسكو إلى النزاع في الخليج العربي، كما تبيعان كل منهما الأسلحة في نفس الوقت إلى دول الخليج العربية، بينما تجريان تدريبات مشتركة مع إيران. يمكن أن يتم وصف سلوكهما بالسياسة “البراجماتية” في ظل نظرة واقعية “تسعي لمصلح” اقتصادية وسياسية للدولتين، حيث تدعوان جميع الأطراف إلي حل نزاعاتهم بالوسائل السياسية بدلاً من العسكرية.

رغم ذلك، فإن المخاطر المحتملة الجغرافية والسياسية بسبب تقاسم الأدوار بين القوتين الصينية والروسية في المنطقة يعد مؤشرا آخرا على عدم الاستقرار، حيث ترغب روسيا في أن تتولى المسؤولية الأمن في المنطقة، بينما تركز الصين على التنمية الاقتصادية.

 

عند هذه النقطة، نستطيع أن نكتشف المساعي الصينية والروسية الساعية إلي إبراز شراكتهما الاستراتيجية الرفيعة المستوى على نطاق أوسع في المنطقة. وهنا تظهر أهداف التدريبات البحرية الثلاثية التي يطلق عليها اسم “حزام الأمان البحري” إلى فرض النظام والتوازن الإقليميين.

وهما يجريان التدريبات رافعين شعار: الحد من تهديدات الإرهاب، وتنفيذ عمليات الإنقاذ، والدفاع ضد هجمات القراصنة. وبالتالي فالهدف الأساسي هو زيادة خبرة الدولتان فيما يتعلق بحماية أمن التجارة الدولية في المناطق الاستراتيجية وتبادل الخبرات في عمليات الإنقاذ البحري. والتي تريد كل من الصين وروسيا وإيران تحمل مسؤولية تأمين المناطق الاستراتيجية.

 

يجمعان على رفض الهيمنة الأمريكية: –

كما تفرض هذه التدريبات البحرية المشتركة “حزام الأمان البحري” تفرض نظاماً جديداً للتوازن الإقليمي، حيث ترفض الصين وروسيا وإيران فكرة “أحادية القطب” بأن الولايات المتحدة هي القوة البحرية المهيمنة في المنطقة الوحيدة. ويعملون معاً علي إتاحة حرية التنقل بما يسمح بأن السفن التي ترفع أعلام هذه الدول الثلاث لن تتعرض للتدخل من البحرية الأمريكية.

 

تقول وسائل الإعلام الروسية أن التدريبات تلتزم بالقانون البحري الدولي من خلال مساعدة روسيا وإيران والصين على تعزيز الأمن الجماعي. وتدعم القوى الثلاث فيما بينها التدريبات المشتركة باعتبارها ضرورية لأمنهم، تحت شعار استخدام القوات البحرية للحد من تهديدات الإرهاب.

 

المكاسب الإيرانية من الشراكة الروسية الصينية: –

تسعى طهران إلى مقاومة أسلوب الحصار الضاري الذي تتبعه واشنطن. وتخدم التدريبات البحرية “حزام الأمان البحري” قول إيران بأن الولايات المتحدة فشلت في عزل طهران دبلوماسيا وعسكريا. وتقول روسيا إن الأمن الإقليمي يجب أن توفره دول المنطقة. بينما تعتمد الصين على الموردين الإقليميين “دول الخليج العربي” لتلبية احتياجاتها من الطاقة. وبالتالي تسعي طهران باستخدام التدريبات ورقة ضغط على القوة الاقتصادية العظمى “أوروبا” بالتهديد بأن المنطقة قد تكون عرضة للتقلبات في أسعار النفط.

تستفيد الصين في رد محاولة الولايات المتحدة كبح التفوق الاقتصادي الصيني، ومواجهة العقوبات الاقتصادية على الصادرات الصينية، وتتخذ بكين إجراءاتها لمجابهة عقلية الحرب الباردة الأمريكية ومنطق الهيمنة اللذين تضعهما أمريكا في مقدمة سياساتها للدفاع الوطني.

في الواقع، فشلت الولايات المتحدة في تطبيق سياسة احتواء الثلاثي (الصين وروسيا وإيران). لا يمكن أن تعيق وجودهم وتأثير قواتهم البحرية في منطقة الخليج والمحيط الهندي. في المقابل، تبعث المناورات البحرية المشتركة الموجهة ضد الولايات المتحدة برسالة مفادها أنه في عام 2020 وما بعده، ستكون القوى الثلاث قادرة على الانخراط في مناورات عسكرية مشتركة مماثلة إذا لزم الأمر.

عن تامر نادي

شاهد أيضاً

احتراف الإصلاح المجتمعي .. استراتيجية المصلح وادواته

احتراف الإصلاح المجتمعي .. استراتيجية المصلح وأدواته

نحو احتراف الإصلاح المجتمعي استراتيجية المصلح وأدواته تامر نادي الاحتراف هو التزام الشخص بنظام محدد …