الرئيسية / النظم السياسية / السياسة المقارنة / ريتشارد هيجوت: نحو تجاوز علم التخلف .. “نظرية التبعية”
ريتشارد هيجوت: نحو تجاوز علم التخلف .. "نظرية التبعية"
ريتشارد هيجوت: نحو تجاوز علم التخلف .. "نظرية التبعية"

ريتشارد هيجوت: نحو تجاوز علم التخلف .. “نظرية التبعية”

ريتشارد هيجوت: نحو تجاوز علم التخلف السياسي .. “نظرية التبعية”
قراءة للفصل الثالث من كتاب نظرية التنمية السياسية ريتشارد هيجوت

تحتوي نظرية التبعية (الراديكالية) على مفاهيم الفائض والطبقة والامبريالية وانماط الإنتاج، وهي تختلف عن تلك المفاهيم المستخدمة في نظرية التحديث مثل بناء الدولة وتكامل النسق والوظيفة. كما تحتوي النظرية الراديكالية على تراث جوهري ينطلق من أساس فكري مختلف عن نظرية التحديث حيث بدا تأثير علم الاجتماع ذو النزعة السلوكية يتراجع لحساب تزايد التأثر بالعلاقة الجدلية بين التنمية والتخلف وبين التقليدية والحداثة.
لكن هذه المفاهيم والعلاقة الجدلية لا تكفي للقول إن النظرية الراديكالية تمثل نموذجا معرفيا فهي تحتوي على الكثير من جوانب التشوش فهي أقرب توصيفيا إلى برنامج بحث. وتحتوي النظرية الراديكالية على اتجاهات متنوعة تنطلق فرضيتها الاساسية من ان مشكلات التخلف تعد جزء لا يتجزأ من الاندماج في النظام الرأسمالي. وسوف ينصب الاهتمام بتأريخ واعادة البناء النظري عبر تناول ثلاثة قضايا.
1- التطور الفكري لنظرية التنمية الراديكالية.
2 – الجدل الذي نشأ كرد فعل للشعبية المتزايدة لتنظير جندر فرانك حول التنمية والتخلف ” رؤية من اليمين”.
3 – تطور الجدل خلال السبعينات حول التكوين الطبقي ودول الدولة فيما بعد الاستعمار.

أولا – التطور الفكري لنظرية التنمية الراديكالية:
نبع الدافع الأساسي لتطور نظرية التبعية من عدم الاقتناع بالدور الذي قامت به اللجنة الاقتصادية لدول امريكا اللاتينية (اكلا) بعد فشلها في فهم الوضع البنائي للتنمية الاقتصادية خلال العقد الاول للتنمية، ولم تتبلور هذه الرؤية البنائية إلا في منتصف الستينات على يد جندر فرانك الذي رأي أن دراسات التنمية خلال الخمسينات والستينات كانت تدافع عن شكل الاستعمار الجديد من خلال تأكيدها على أن التخلف نابعا من طبيعة الأبنية التي تتسم بها بلدان العالم الثالث، وليس للاستعمار دخل في هذا التخلف.
وحاولت الدراسات التاريخية التي قدمها فرانك عن أمريكا اللاتينية وسمير أمين عن إفريقيا توضيح كيف أن الاختراق الرأسمالي هو المسؤول عن تخلف بلدان العالم الثالث.
وساهم التركيز على التاريخ في الدراسات البنائية في امريكا اللاتينية على توجيه انتقادات لنظرية التبعية، كما ان اسلوبها الثوري كان سببا في تسمية النظرية بالماركسية أو الماركسية الجديدة . وانتقد فرانك اشكال التجارة الدولية ونقل التكنولوجيا ورأس المال من الدول المتقدمة الى الدول النامية وصاغ اطروحته ” تنمية التخلف” بناء على ذلك.
أوضح فرانك أن دول أمريكا اللاتينية كانت متخلفة قبل الاختراق الرأسمالي الغربي لكنها اصبحت اكثر تخلفا بعد هذا الاختراق. وأصبح الارتباط بين التنمية والتخلف ارتباطا سببيا، فالتنمية داخل بلدان الغرب الصناعي كانت تتم على حساب تخلف بلدان العالم الثالث.
ويري بعض المنظرين ان التنمية التي تتم داخل بلدان العالم الثالث تعد تنمية تابعة نظرا لإخضاع اقتصاديات المستعمرات لحاجات الدول الاستعمارية. وهذه العلاقة بين التابع والمتبوع أو بين المركز والأطراف من وجهة نظر فرانك تعني استنزاف الفائض من الأطراف لصالح المركز، وهذا الوصف ليس قاصرا فقط على فرانك بل يقع في القلب من نظرية التبعية.
ونستطيع القول أن فرانك وغيره من الباحثين من أمثاله خلصوا في نهاية الستينات إلي وهم التصور الذي ساد داخل نظرية التنمية الذي لايري ربطا بين التنمية والتخلف.
وفي إطار تطور نظرية التبعية كان الجدل الاساسي خلال فترة الستينات ينصب حول ما إذا كان ماركس كان على وعي بطبيعة العلاقة بين التنمية والتخلف أم لا؟
ويري فوستر كارتر: أن ماركس كان ينظر إلى المجتمعات المتأخرة بوصفها مجتمعات غير نامية وليست مجتمعات متخلفة، بينما بعض الآراء الحديثة تري أن ماركس كان على وعي بفكرة تنمية التخلف، عندما أكد على الدور الذي لعبته الرأسمالية البريطانية داخل الهند.
في حين يري آخرون أن رؤية ماركس كانت تبسيطية، ويتوجب التفرقة بين مرحلتين أساسيتين في أعمال ماركس: وهما مرحلة 1840 – 1850، ومرحلة ما بعد 1860. وتعد المرحلة الثانية أكثر وضوحا لإدراك ماركس لتنمية التخلف خصوصا كتاباته عن ايرلندا.
ومع ذلك لم يرس ماركس دعائم أطروحة تنمية التخلف بشكل واضح، ومن الجدير بالملاحظة أن عمل ماركس لم يكن ذا تأثير فاعل في تطور نظرية التبعية خلال الستينات، بينما ساهمت أعمال مفكرين آخرين من المهتمين بظاهرة الامبريالية من أمثال لوكسمبرج ولينين في تطور نظرية الامبريالية.
لكن ظلت هذه الأعمال تتسم بالتمركز حول الذات الأوروبية. وعلى سبيل المثال لم يهتم لينين بأهمية حل مشكلات البلدان النامية، حيث تمحورت فكرته الأساسية حول أن الإمبريالية تؤدي إلى صراع سياسي – عسكري بين القوي الرأسمالية الاستعمارية.
ويمكننا القول إن هناك تشوش وغموض في كتابات الماركسيين عن الامبريالية، فهل يهتمون بالنظام الرأسمالي في عمومه أم يهتمون فقط بالتخلف. والحقيقة إن هناك توظيفا للنظرية الماركسية داخل المناقشات المتعلقة بظاهرة الامبريالية.
ويبقي السؤال الواجب طرحه في إطار العرض التاريخي هل تعتبر نظرية التبعية والتي كانت مهيمنة في مطلع السبعينات مدينة فكريا للكتابات الماركسية الأولي؟
لقد ركزت كتابات فرانك بشكل أساسي على العلاقة بين المجتمعات الرأسمالية وبلدان العالم الثالث بينما اهتم المنظرون الماركسيون الأوائل بهذه القضية بشكل عام.
فالامبريالية كانت تعني عند لينين رأسمال يسعي إلى الربح داخل البلدان المستعمرة، أما لوكسمبرج فتنظر إلى المستعمرات بوصفها أسواقا لتصريف منتجات الدول الرأسمالية، وتري لوكسمبرج أن ذلك يؤدي إلى التصنيع والتطور الرأسمالي داخل دول العالم الثالث (المستعمرة) بغض النظر عن كونه تطورا غير متساو.
ولا شك إن أطروحة فرانك الخاصة بتنمية التخلف: والتي تري أن الاختراق الاستعماري الرأسمالي هو المسئول عن التخلف لا تتسق مع رؤية لوكسمبرج، وعند هذه النقطة يتضح الخلاف الجذري بين النظرية الماركسية ونظرية التبعية.
كما أن اطروحة تنمية التخلف لا تتسق أيضا مع تصور ماركس الذي يري إن البلد الأكثر تقدما يقدم صورة مستقبلية لما ينبغي أن يكون عليه البلد الأقل تقدما، كما أن النظام الرأسمالي وفقا لتصور ماركس رغم إشكال اللامساواة المتولدة عنه يمثل قوة تقدمية، كما أن نمط الانتاج الرأسمالي أكثر تقدما من أنماط الانتاج ما قبل الرأسمالية.
ونخلص إلى أن أطروحة فرانك الخاصة بتنمية التخلف تنطلق من رؤية مناقضة للماركسية، وأن الشعبية التي اكتسبتها نظرية التبعية خلال الستينات تدين بالفضل إلى علماء اقتصاديات التنمية الذين اهتموا بالجوانب العالمية للاستغلال الاقتصادي. ولا تدين بهذا الفضل إلى ماركس أو إلي الكتاب الماركسيين الذين اهتموا بظاهرة الامبريالية، ويري البعض أن نظرية التبعية تعد نوعا من الاقتصاد النيوكلاسيكي المعدل.

ثانيا – نظرية التبعية – رؤية من اليمين:
ثمة تداخل وتشابه بين أشكال النقد الراديكالي والنقد اليميني لنظرية التبعية، لكن هذه الانتقادات تنبع من توجهين مختلفين:
1- فيما يتعلق بالنقد اليميني المتزمت: نجد أنه تركز حول الغموض والتعميم الذي حكم أطروحة تنمية التخلف ويري هذا النقد أن جوانب القوة في أطروحة فرانك الخاصة بثنائية المركز والأطراف تعد في الوقت نفسه أحد جوانب ضعفها، لأن هذه الثنائية لا تختلف كثيرا عن ثنائية نظرية التحديث الخاصة بالتقليدية والحداثة، ومن ثم فنظرية التبعية تشبه نظرية التحديث فكلاهما يصعب تنفيذه على المستوي الكلي كما يصعب تطبيقه على المستوي الجزئي.
2- ويذهب هذا النقد اليميني إلى صعوبة التفرقة بين التبعية وبين الاعتماد المتبادل، فلا توجد دولة وفق هذا النقد تستطيع أن تعيش بمفردها، فكل الدول المتقدمة والمتخلفة على السواء تعتمد على التجارة الخارجية وعلى الاستثمار والتكنولوجيا، لذا يجب أن ننظر إلى التبعية بوصفها مقياساً متدرجا تحتل الدول الرأسمالية قمته بينما تقع الدول المتخلفة في القاع. كما أن النمو التابع يعد ملمحا للنمو الرأسمالي في عمومه.
وسعي المنظرون اليمينيون إلى برهنة أفضلية الاهتمام بفكرة الاعتماد المتبادل وليس التبعية عن طريق الدراسات الاحصائية من أجل تقويض دعائم أطروحة تنمية التخلف الرامية إلى تسبب الرأسمالية في التخلف، كما اتجه الاقتصاد السياسي الدولي إلى التركيز على النزعة الكوكبية متعددة الجنسيات. ولا شك أن هذه الدراسات تدل على أن علم السياسة التقليدي بدأ يهتم منذ منتصف السبعينات بنظرية التبعية بعد أن تم تجاهلها خلال أواخر الستينات، بل إن بعض الدراسات الاحصائية التي اهتمت بنقد نظرية التبعية تجاوزت اطروحة تنمية التخلف وحاولت التأكيد على أن الدول التي لديها استعداد أكبر للاندماج داخل الاقتصاد العالمي شهدت معدلات نمو اقتصادي أعلي.
كما يجب التنبيه على أنه لا يجب النظر إلى نظرية التبعية بوصفها ظاهرة عامة بين كل الدول التابعة، فثمة اختلافات كيفية بينها. ويلفت البعض الاهتمام إلى ضرورة التفرقة بين الاعتماد المتبادل أي التعويل على عوامل خارجية وبين التبعية أي ادماج الدول الاقل تقدما في النظام الرأسمالي العالمي، كما أن التبعية ليست قضية كمية فهي قضية غير متجانسة الأغراض.

ثالثا – نحو تجاوز علم اجتماع التخلف – رؤية من اليسار:
رغم أننا لا نستطيع أن نؤيد رؤية فوستر كارتر التي تري نظرية التبعية بمثابة نموذجا معرفيا جديدا، فإننا لا نستطيع أن نقلل من الدور الذي لعبته هذه النظرية حيث إنها مثلت نقطة انطلاق في نظرية التنمية الراديكالية. لقد سعت التطورات الحديثة داخل هذه النظرية إلى تجاوز نظرية التبعية، ويمكننا أن نميز داخل هذه التطورات بين تيارين أساسيين:
التيار الأول: ويمثله الكتاب الذين حاولوا أن يطوروا من تركيز نظرية التبعية على أشكال التبادل غير المتكافئ بين العالم المتقدم والعالم الثالث ويطلق عليهم أصحاب نظرية التبادل.
التيار الثاني: ويمثله الكتاب الماركسيين الذين ركزوا على أهمية المادية التاريخية وأنماط الانتاج ويطلق عليهم أصحاب نظرية أنماط الإنتاج.
والرابط الأساسي بين التيارين هو أنهما سعيا إلى تطوير نظريتهم بناء على سلسلة الانتقادات التي وجهها كل منهما إلى نظرية التبعية.
فقد وجهت انتقادات لـ فرانك بسبب:
1- عدم تفرقته بين أنماط الانتاج المختلفة داخل النظام الرأسمالي. كما أنه لم يترك أي فرصة لتفسير تعايش أنماط الانتاج سواء داخل العالم الرأسمالي أو داخل العالم اللارأسمالي على المستوي الدولي أو المحلي.
2- وجهت لنظرية التبعية نقد لتفسيرها الدائري المغلق لأسباب التخلف، فهناك صعوبة للتدليل على أن التنمية التي حدثت داخل العالم الرأسمالي ما كان لها أن تحدث لولا الاستغلال الذي مارسه العالم الرأسمالي على دول الأطراف.
3- هذا الاختراق الرأسمالي ساعد بعض دول الأطراف على التثوير الرأسمالي لأبنية ما قبل الرأسمالية.
4- كما أن وجود دول نامية تحتل منطقة وسطي بين العالم المتقدم ودول العالم الثالث يهدم أساس التصور الثنائي لفكرة المركز والأطراف.
5- أضف إلى ذلك أن بعض دول الأطراف مثل بعض دول جنوب شرق آسيا استطاعت أن تحقق نموا ومن ثم تحسين وضعها البنائي داخل الاقتصاد الدولي.
6- تركيز نظرية التبعية على الاستعمار بوصفه المصدر الرئيسي للتغيير أدي إلى تجاهل أهمية العوامل الثقافية والاجتماعية التي تعوق أو تساعد على التغيير.
7- أن نظرية التبعية أنها تنظر للرأسمالية بوصفها سببا للتخلف، ويؤدي هذا التصور إلى تجاهل التنمية التي حدثت في بلدان العالم الثالث في سياق النظام الرأسمالي.
8- فالتفاعل الاقتصادي بين الدول المتقدمة وبلدان العالم الثالث يمكن أن يشجع التنمية الاقتصادية وهو ما حدث بالفعل، فالتصنيع الذي يعد مؤشرا على النمو الاقتصادي قد حدث بمعدل أعلي داخل العديد من بلدان العالم الثالث على عكس ما يدعي منظرو التبعية.
9- تركز النقد الراديكالي لنظرية التبعية في منتصف السبعينات حول دور الرأسمالية في خلق نمو رأسمالي داخل دول الأطراف في مقابل تركيز منظري التبعية على الركود الاقتصادي داخل هذه الدول وانتزاع الفائض منها، وطبيعة الاليات التي حكمت توليد هذا الفائض ومنها التجارة والمساعدات الاقتصادية ونقل الارباح وخدمة الدين.
10- نظرية التبعية التي نبعت من داخل أمريكا اللاتينية وتركيزها على استغلال دول الأطراف لا تعبر إلا عن رؤية جزئية لبلدان العالم الثالث، ولا تصلح لفهم العديد من الأقطار الأخري خاصة دول جنوب شرق اسيا وبعض الدول الإفريقية.
11- تجاهلت نظرية التبعية في صياغتها الأولي العوامل الداخلية المرتبطة بطبيعة العوامل الجيوسياسية، وتأثيرها على درجة الاختراق الرأسمالي لبلدان بعينها.
وهذه الرؤية غير الدقيقة لنظرية التبعية تعرضت لتعديلات مهمة حاولت أن تأخذ في اعتبارها هذه الانتقادات، لكن من دون أن يؤدي ذلك إلى التحول من نظرية التبعية إلى موقف ماركسي متزمت وسعي البعض ومن ضمنهم سمير أمين إلى تأسيس نظرية في التبادل تتجاوز اسهامات جندر فرانك.
مقابلة بين أصحاب نظرية التبادل وأصحاب نظرية أنماط الإنتاج:
– أصحاب نظرية التبادل:
انطلقت من ذات الرؤية التي انطلقت منها نظرية التبعية، حيث نظرت إلى التنمية الرأسمالية بوصفها عملية تؤدي إلى إعادة انتاج أشكال اللامساواة بين دول العالم، كما تشترك نظرية التبادل مع نظرية التبعية في رفض الرؤي التي طورها الماركسيون فيما يتعلق بظاهرة الامبريالية، حيث تم النظر إلى عملية تدفق رأس المال من الأطراف إلى المركز بوصفها عملية من التبادل اللامتكافئ، وتختلف هذه الرؤية مع الرؤية اللينينية التي تنظر إلى التوسع الامبريالي بوصفه عملية لازمة لتحقيق فائض القيمة داخل المركز، ومن ثم ينشأ التوسع الامبريالي عند لينين وروزا لوكسمبرج نتيجة العجز في تحقيق فائض القيمة داخل المركز الامر الذي يفضي إلى التوسع بهدف إيجاد أسواق للتصدير، ومن ثم فنظرية التبادل تركز على علاقات التبادل اللامتكافئ بين المركز والأطراف التي ترتبط بتفاوت الأجور، حيث يسهل معدل الأجور المنخفض داخل دول الأطراف من عملية استنزاف الفائض الذي يعاد توظيفه داخل دول المركز.
ويعتبر سمير أمين من أهم المفكرين الذين يركزون على علاقات التبادل خاصة كتابيه التراكم على “الصعيد العالمي والتطور اللامتكافئ” وقد تجاوز رؤي فرانك على مستويات متعددة:
1 – إنه استطاع كسر حدة الطابع الشمولي لنظرية النسق الرأسمالي العالمي.
2 – توسيع مجال المعرفة بالاتجاهات التي انطلقت منها نظرية التبادل أو نظرية أنماط الانتاج خاصة في تفسيراته للطبقة الاجتماعية.
وتعد فكرة التراكم على الصعيد العالمي فكرة محورية داخل أعماله وتعني تحويل الفائض من أنماط الانتاج قبل الرأسمالية إلى أنماط الانتاج الرأسمالية. ويبدو هنا تأثره بفكرة التبادل اللامتكافئ بين المركز والاطراف.
ويري أن نمط التراكم العالمي يشهد نمطين مختلقين من أنماط التنمية داخل المركز وداخل الأطراف، حيث تتسم التنمية الاقتصادية داخل المركز بتلبية احتياجات المستهلكين بينما النشاط الاقتصادي داخل الاطراف يتسم بإنتاج أو استيراد السلع الترفهية لصفوة محدودة العدد، وبإنتاج المواد الاولية بغرض التصدير وهنا يتفق مع فرانك في أن فهم ظاهرة التخلف (فرانك) أو الرأسمالية التابعة (والرشتاين) يحتاج إلى الاعتراف بالهيمنة الرأسمالية بوصفها نظاما عالميا يحتوي على علاقات تبادل تفضي الى التراكم، كما يتفق سمير أمين مع فرانك ووالرشتاين حول فكرة التنمية المحجوزة، لكنه يختلف معهما في قضيتين هامتين:
الأولي – أنه يرفض الاهمية المركزية لعملية انتزاع الفائض من الاطراف إلى المركز.
ثانيا – أنه يرفض أفكارهما الخاصة بوجود نمط انتاج واحد هو نمط الانتاج الرأسمالي، حيث يري سمير أمين أن نمط الانتاج الرأسمالي في دول المركز يحتوي على عدة أنماط للإنتاج، كما أن أنماط الانتاج اللارأسمالية في دول الأطراف تفضي إلى وجود تكوينات اجتماعية مختلفة.
وحاول سمير أمين من خلال فكرته عن التكوينات الاجتماعية تجسير الفجوة بين أصحاب نظرية التبادل، وتركيزهم على النظام الرأسمالي العالمي واصحاب نظرية أنماط الانتاج وتركيزهم على العديد من أنماط الانتاج داخل دول الأطراف.
أصحاب نظرية أنماط الإنتاج:
هناك غموض يحيط بالأفكار الخاصة بنمط الانتاج والتكوين الاجتماعي، ماركس قد حلل نمط الانتاج الرأسمالي لكنه لم يهتم بتحليل أنماط الانتاج اللارأسمالية، وتولي هذه المهمة الماركسيون المعاصرون في مرحلة ما بعد الاستعمار. والفكرة الأساسية للنظرية تقوم على التفرقة بين أنماط الانتاج والتكوينات الاجتماعية.

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …