الرئيسية / النظرية السياسية / النظريات السياسية / المرتكزات الفكرية لليبرالية “دراسة نقدية”
المرتكزات الفكرية لليبرالية "دراسة نقدية"
المرتكزات الفكرية لليبرالية "دراسة نقدية"

المرتكزات الفكرية لليبرالية “دراسة نقدية”

المرتكزات الفكرية لليبرالية

أ.م.د/ طلال حامد خليل

جامعة ديالى (العراق)

ملخص :

اتخذت الليبرالية ومنذ ظهورها مرتكزات وأسس فكرية تمثلت في الحرية والفردية والعقلانية ، وقد كان لهذه الأسس النظرية  العامل الهام في نشر الليبرالية كمنتظم فكري يحاول النهوض بالفرد وحقوقه ويسهم في تعزيز مكانته على حساب المجتمع ، إذ زعمت الليبرالية بان الإنسان خير قاض بمصلحته وينبغي عدم تقييد حريته وعلى الدولة أن تضمن للفرد مما لا يستطيع ضمانه لنفسه منفرداً وهو الأمن والحماية وان لا تتدخل في الحد من الحرية الفردية لان في تدخلها هدر لإمكانات الفرد وتقويض للنظام الاقتصادي الحر القائم على المنافسة العقلانية والسوق ، إلا أن هذه الأسس وان حظيت ببريق تنظيري فأنها وفي جانبها العملي منحت أفراد الحرية والحقوق وحرمت الأغلبية منها، ولم تكن عقلانية بالجانب الذي يضمن المساواة، فضلاً عن تحول هذه الأسس من سياسة وطنية إلى سياسة دولية دعائية وغطاء للتدخلات في شؤون الدول مما نتج عن هذه السياسات غياب الحوار كأساس في العلاقات الدولية وحلت الحروب محله، إن البحث يمثل دراسة نقدية على الصعيدين النظري والتطبيقي لليبرالية وإفرازاتها المعاصرة.

Abstract:

Since its emergence, Liberalism has taken ideological foundations and basispresented by the freedom, individualism and rationality. These theoretical basis had an important factor in spreading liberalism as an intellectual regulation trying to raise the individual and promote its right and position in the community. Liberalism has claimed that man is the best judge-interest that its freedom  should not be restricted. The State should guarantee the individual’s safety and security  that this individual cannot be guaranteed byitself but it should not limit its liberty, because such intervention may waste the potential of individuals and undermine the free economic system based on rational competition and market. However, these basishave great deal of theorization,they, from practical point of view, have given freedom and rights for certain members but have deprived the majority of the other. Such basis  were not rational in the aspect ensuring equality. Moreover, these basis have been transferred from a national policy into advertising international policy and have been as a cover for the interventions in the affairs of countries as well. As a reflection, these policies lack dialogue as a basis of international relations, to be replaced with wars.

The research is a critical study, in both theoretical  and practical levels, onliberalism and its contemporary indications.

المقدمـــة :

أن المنتظم الفكري الليبرالي من الاتجاهات الفكرية التي نجحت في اعتماد مرتكزات وأسس تمثلت في الحرية الفردية  والعقلانية ،وليس غريب ما لهذه المرتكزات من جاذبية لان المجتمع الإنساني في مراحله كافة قد انقسم إلى فئتين ( فئة حاكمة وأخرى محكومة) فئة امتلكت كل الحقوق والحريات وفئة حرمت منها، والأخيرين اخذوا على عاتقهم السعي للحصول عليها على مستويين ، المستوىالتنظيري والمستوىالعملي، والذي يحسب للمنتظم الفكري الليبرالي بأنه مهد للإجراءات العملية بتنظير استطاع من خلاله بث فكرة الحرية الفردية وجاذبيتها ليكون السـباق في مقارعة الانظمة الاستبدادية  الملكية المطلقة .

أهمية البحث :تحظىالمنتظمات الفكرية التي شكلت الفكر السياسي الغربي الحديث والمعاصربقبولواسعلدى الكثير من مثقفي المجتمعات العربية المعاصرة، وهذه المنتظمات ومنها الليبرالية وفق سياقاتها الزمانية والمكانية قامت بأهم مشروع نهضوي في أوروبا ولا تزال مكمن إلهام لمؤسسات الدولة والمجتمع، واليوم ونحن في مرحلة تغيرات كبرى قيمية وفلسفية باتت هذه المنتظمات تخضع للنقد ، اذ ان الفكر الليبرالي قدم حججا للمرتكزات التي تأسس في ضوئها ، وهذه الحجج أخذت وجوه عديدة منها الحجة الأخلاقية التي تقضي (ان المصلحة الذاتية مبدأ عام في الطبيعة البشرية وان كل فرد يعرف مصلحته على اكمل وجه لذلك ينبغي تركه لتحقيق مصالحه ) ، والبيولوجية والتي مفادها ( ان النظام الاجتماعي نظاما قائما على غريزة التفوق ، وان المجتمع المتقدم هو المجتمع الذي يسود فيه القوي واستبعاد الضعيف وان اي تدخل لتعديل صيغة الصراع هو محاولة لتغيير الطبيعة )، والاقتصادية التي تقر ( ان التجارة والصناعة ستزدهر اذا ما تركت للمشروع الخاص القائم على المنافسة الحرة ، اذ ان حرية كل فرد هي مسخرة للصالح العام وان اي تقييد اقتصادي سيؤدي الى الخلل وانهيار التطور والنمو الاقتصاديين )،من هنا تأتي اهمية البحث في دراسة هذه الحجج وتطورها وبيان مواطن الخلل فيها عبر دراسة نقدية علمية ، اذ ان كثير من الكتاب بات يرى في الليبرالية العلاج الوحيد لأمراض المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما يستدعي ان يقوم البحث العلمي بتحليل الفكر الليبرالي من خلال البحث في المرتكزات والاسس التي اعتمدها والنتيجة التي وصل اليها .

فرضية البحث :تتحدد فرضية البحث بالاتي:-( ان المنتظم الفكري الليبرالي الذي اتخذ من الحرية وحقوق الإنسان مرتكزا تنظيريا لأغلب أطروحاته الفكرية، الا ان الواقـع العملي اثبت عـدم التطابق بين الواقـع النظري والواقع العملي ).

إشكالية البحث :تتحدد أهم الإشكاليات في البحث وخاصة وهو يناقش مسائل تتعلق بمفاهيم غاية في الأهمية هي مفهومي الحرية وحقوق الإنسان بأسئلة مفادها :-

$11-      ما هي الظروف التي أسهمت في ظهور الفكر الليبرالي ودعوته للحرية الفردية وحقوق الإنسان كحقوق طبيعية ؟

$12-      ما هي الاسس التي اعتمدها الفكر الليبرالي كمرتكزات عقدية ؟ وكيف يتم التوفيق بينها ؟ وما هو المعيار للالتزام بها؟

$13-   هل استطاع الفكر الليبرالي ان يؤسس لمجتمع العدل والفضيلة الذي نادى به طيلة الحقب التاريخية التي نشأ وتطور بها ؟ واين يمكن تحديد مواطن الخلل ؟.

$14-       هل تم التوفيق بين المستويين النظري والتطبيقي العملي في الدول الليبرالية ؟ وما هي مواقع الاختلاف بينهما ؟

منهجية البحث :ان التنوع الفكري زمانا ومكانا والذي كان عامل مهما في تطور الفكر الليبرالي والجدل الحاصل على اتجاهاته وانواعها ( الليبرالية السياسية ، الليبرالية الاقتصادية ، الليبرالية الاجتماعية ) تجعل من الصعب الركون الى منهج واحد للإحاطة بمحاور البحث ، اذ تم اعتماد اكثر من منهج ، كالمنهج التاريخي ، ، والمنهج الوصفي التحليلي .

هيكلية البحث :تم تقسيم البحث الى ثلاث مباحث ، في المبحث الاول تناولنا التأصيل التاريخي وتعريف دلالات مفهوم الليبرالية ، وفي المبحث الثاني فقد خصص للأسس الفكرية ومعيار الالتزام بها، اما المبحث الثالث فقد تم تكريسه لنقد الفكر الليبرالي نظريا وعمليا ، وفي خاتمة البحث تم التركيز على اهم الاستنتاجات التي توصل اليها البحث .

المبحث الاول

في مفهوم الليبرالية وتاريخهاان الليبرالية هي مذهب فلسفي/سياسي ، ونسق مجتمعي له شرط صيرورة وتطور ، اذ لا بد من التعرف عليها من اجل فهم هذا الفكر وابصار دلالته الواقعية ، وان القراءة في تاريخ الليبرالية لا بد ان تبتغي الشمول في الطرح ، لكي نتمكن من ممارسة النقد لاحقا ، وهذه القراءة ينبغي ان تأخذ بعين الاعتبار استحضار المكونات الاولى للفكر وصيرورته من حاجة واقعية وفكرة عقلية الى نظام مجتمعي ، وهذه الرؤيا لا يمكن الاحاطة بها في بحث محدود ، ولكن هذا لا يعفينا من بيان دلالات المفهوم والبذرات الاولى للفكر وتطورها وهو ما سنعمد عليه في هذا المبحث من الدراسة.

المطلب الاول

تعريف الليبراليةيشير مفهوم الليبرالي عند الرجوع اليه لغويا الى الحرية ، اذ جذوره تعود الى المفهوم الانكليزي (Liberalism) ويعني ( التحررية ) من اشتقاق (Liberty) الحرية ، وقد وصفت بالحرية المطلقة ، لذلك لم يكن هناك اتفاق على تعريف واحد للمفهوم ، اذ يرى دونالد سترومبرج ( ان اللــيبرالية مصطلح عريض يلفه الكثير من الغموض والابهام )(1)

وجاء في المعجم الفلسفي ان الليبرالية (مذهب يقوم على احترام حرية الفرد واستقلاله ومنحه اكبر قدر ممكن من الضمانات ضد اي تعسف )(2) ، وجاء في موسوعة لالند الفلسفية : الليبرالية هي (الاستقلال عن المؤثرات الخارجية وهي انواع ليبرالية مادية ،ليبرالية سياسية ، ليبرالية مدنية ، ليبرالية دينية ، ليبرالية اقتصادية )(3) ، وقد عرفها جان جاك روسو (هي الحرية الحقيقية ان نطبق القوانين التي اشترعناها لأنفسنا )(4)،ويعرفها توماس هوبز بانها (غياب العوائق الخارجية التي تحد من قدرة الانسان على ان يفعل ما يشاء )( 5)، وهي بالنسبة لجون ستيوارت ميل الذي يعد الاب الروحي للفكر الليبرالي (اطلاق العنان للناس ليحققوا خيرهم بالطريقة التي يرونها طالما لا يحرمون الغير من مصالحهم او لا يعوقون جهودهم لتحقيق تلك المصالح ،فكل فرد يعد اصلح رقيب على ثروته الخاصة سواء كانت هذه الثروة جسمانية ام روحية ام فكرية )(6)

ولكي لا نثقل على القارئ بكثرة التعاريف وتشعبها نقول ان الليبرالية ( مذهب فكري يركز على الحرية الفردية ، ويرى وجوب احترام استقلال الافراد ويعتقد ان الوظيفة الاساسية للدولة هي حماية حريات المواطنين مثل حرية التعبير والتفكير ، والملكية الخاصة ، والحريات الشخصية وغيرها ، ولهذا فانه يضع القيود على السلطة وتقليل دورها ، وابعادها عن السوق وتوسيع الحريات المدنية ).

 وهذه الحقيقة تضع الفرد بدلا من الاله فالناس بعقولهم المفكرة يمكنهم ان يفهموا كل شيء ويمكنهم ان يطوروا انفسهم ومجتمعاتهم عبر فعل نظام عقلاني ، اذ ان الفردية مذهب سياسي فلسفي يقر ان الدين ليس ضـروري للمجتمع وان القانون يجب ان يكفل حــرية الراي والاعتقاد(7)

ان كل التعاريف تجمع على امور مفادها الاتي :-

$11-  حرية الفرد غير المحدودة هي قطب الرحى في الفكر الليبرالي .

$12-  الليبرالية منظومة فكرية شاملة تعطي تصورا عن الانسان وغاية وجوده واسباب سعادته كدين وضعي يضاهي الأديان السماوية .

$13-  العقل المجرد هو ميزان معرفة الحقيقة دون حاجة لمصادر اخرى .

$14-  اي مؤثرات خارجية عن النفس والعقل هي عقبات لا بـد من ازاحتها عن طريق النفس والعقل .

المطلب الثاني

التأصيل التاريخي لليبراليةاختلف الباحثون في تاريخ الليبرالية كمنتظم فكري ، وذلك نابع من تنوع المفهوم وكثرة الاتجاهات الفكرية التي حسبت عليه ، اذ يجري الحديث عن ليبرالية سياسية واخرى اقتصادية واخرى اجتماعية الا انها جميعا تؤكد على حرية الفرد تبعا لتنوعها ، فمن الباحثين من يرجع الليبرالية الى العصور القديمة (اليونان) وبالتحديــد الـى فكر السفسطائيين(8) ويسميها الليبرالية القديمة ، ولاحظ عدد اخر من الكتاب انه وفي بداية القرن الثاني عشر تكونت في ايطاليا انظمة سياسية مبتعدة عن النظام الامبراطوري او الملكي ونظم اقتصادية بعيدة عن الاقطاع ، وتم تقسيم اراضي الدولة الايطالية بين المدن وبات الاعتراف بسلطة المدينة امر واقع لا يستطيع احد مهما كانت منزلته من الاعتراض عليه ، والملفت للنظر ان هذه المدن اعتمدت شكلا جديدا للحكم فحولت نفسها الى جمهوريات مستقلة وقد كانت تواقة للحرية ، اذ اصبحت كل جمهورية تحكم بواسطة ما عرف بـ ( القناصل) يتغيرون كل عام بهدف تامين شهوة السلطة المنضبطة وصيانة حرية الشعب ، وخلال النصف الثاني من القرن حدث تحول كبير في شكل الحكم اذ ابطل العمل بنظام القناصل واوكلت ادارة المدينة او الجمهورية الى ما عرف بـ (البو دستا) وهو موظف من مدينة اخرى لضمان حياديته في امر الرعايا ، وكان يتمتع بسلطات شاملة وكانت سلطته محددة زمنيا بستة اشهر يظل مسؤولا امام المواطنين وليس ملزم بإصدار قرارات سياسية بل انه ملزم في نهاية ولايته للخضوع الى  تدقيق لأحكامه واعماله قبل ان يجوز له الرحيل من المدينة(9) ، وقد تم تبني ذات النظام في كل الجمهوريات الايطالية ، من اجل تكريس مبدأ الحرية الذي لم يكن بمستوى من الوعي المدني غير ان مروجي فكرة ( الحرية الفردية )  كانت لديهم فكرتان متميزتان واضحتان)10):-

الاولى : تمثلت في حقهم في ان يكونوا احرارا متحررين من اي سيطرة خارجية على حياتهم السياسية – وهذا تأكيد على سيادتهم -.

الثانية : تمثلت في حقهم بحكم انفسهم كما يرون ذلك مناسبا – وهذا دفاع عن دساتير جمهورياتهم القائمة -.

الا ان ما يعنينا هنا هو الليبرالية المحدثة التي تميزت عن جميع اشكال الليبرالية سواء قديمها ام ليبرالية ايطاليا من خلال تركيزها على الفرد وعلى الحياة السياسية ، فذهبت الى ان السياسة صنعة ابتدعها الفرد وان الحكومات ليست امرا طبيعيا وان كانت ضرورية ، لان الطبيعة هي حرية الانسان التي توصف بانها ليست مكتسبة وليست منحة من احد وان البشر متساوون جميعا،

كان لظهور المدارس الفكرية الاقتصادية  دور في تعزيز الليبرالية وظهورها كنظام ولعل من ابرز هذه المدارس الاتي :-

المدرسة الميركنتالية : التي بدأت مع بدايات عصر النهضة في القرن السابع عشر ، وتعتمد هذه المدرسة على ان اساس الاقتصاد هو الثروة المعدنية من معادن نفيسة وان مكانة الفرد لا تنبع من خلال الطبقة التي ينتمي اليها بقدر ما يمتلك من اموال ، اذ على الدولة ان تؤمن كل ما يحتاجه الفرد لتسهيل حصوله على المعادن(11).

المدرسة الفيزيوقراطية :نشأة في فرنسا ،في القرن الثامن عشر ، وعرفت بالمدرسة الطبيعية ،واطلق على مؤيديها الطبيعيون ،لاعتقادهم بسيادة قوانين الطبيعة وان النظام يستمد قواعده من العناية الالهية التي ليست من صنع البشر وان هذه القوانين او القواعد يمكنها ان تسري من تلقاء نفسها دون تدخل من البشر ، وان الاساس لهذا النظام هو الملكية الفردية والحرية الاقتصادية وشعار الفيزيوقراط ( دعه يعمل دعه يمر ) وكان من آرائهم ان تكون السلطة مطلقة للملك تكون مهمته توجيه الافراد نحو النظام الطبيعي(12).

المدرسة الكلاسيكية :انبثقت هذه المدرسة على الاساس الذي وضعه الفيزيوقراطيين وتطورت في انكلترا نتيجة للتوسع الاقتصادي الذي شهده القرن الثامن عشر ،وجاءت ردا على المدرسة الميركنتالية بعد ان تطورت الرأسمالية التجارية الى رأسمالية صناعية ،

فاذا كان علماء الاجتماع والسياسة يرون في جون لو كحجر الزاوية للفكر الليبرالي الغربي والذي رسخ للحريات السياسية للفرد ،فإن الوجه الآخر للفكر الليبرالي مقترن بفكر مؤسس علم الاقتصاد والرأسمالية الحديثة (آدمسميث1723-1790)  في مؤلفه الشهير ( ثروة الامم ) الصادر عام 1776 ، اذارتكز آدم سميث في نظريته على خلفية كون الثراء يأتي من خلال القضاء على الانغلاق الاقتصادي وتوسيع رقعة التجارة الدولية،وكان رأيه( أن الأمم تتطور نحو مزيد من الثراء بشكل تلقائي،اذا ما استطاعت ان تبني السلام الداخلي ،ثم يأتي بعد ذلك أهمية إيجاد نظام ضريب يغير خانق حتى يمكن للأفراد والمؤسسات أن تطور نفسها بما يسمح بتراكم رأس مالي مناسب ،،أما العنصر الثالث، بالنسبة له فكان الإدارة المتوازنة للعدالة ،ومن خلال هذه العناصر الثلاثة تستطيع السوق أن تنظم آلياتها بشكل طبيعي إذا ما تخلت الدولة عن سياساتها الحمائية وتركت آليات السوق لمصيره االحر المتوقع )(13). تطورت هذه المدرسة على يد ( ديفيد ريكاردو1772-1823 ) تطورا جذريا ، اذ اكد على ضرورة عدم تدخل الدولة بالتخطيط الاقتصادي وان تترك الاعمال للأفراد ، وضرورة الاهتمام بالفرد بدلا من المجتمع في تحليل السلوك ، فضلا عن تأكيده على ان اللعبة الاقتصادية هي لعبة منافسة قوامها السوق الحر وميكانيكية الاسعار(14).

المدرسة الكينزية : ارتبطت باسم مؤسسها كينز 1883-1946 وكتابه الشهير ( النظرية العامة في التوظيف والفائدة والنقود ) الذي يؤكد فيه على ان النظام الاقتصادي يكون دائما عند مستوى التوظيف الكامل وذلك من خلال آليات السوق وحرية السعر التي من ضمنها الحرية الاقتصادية وعدم تدخل الدولة(15) .

فضلا عن الدور الذي قدمته هذه المدارس في تطور الليبرالية كان الاسهام الفكري لجون لوك عامل مهم في صياغة الكثير من المنطلقات للمنتظم الفكري ، اذ عملت مبادئ لوك ومن خلال كتابه ( في الحكم المدني )(16)على تحديد المثل السياسية التي عرفت في غرب اوربا باسم الفلسفة الليبرالية وهي المثل التي نادت بضرورة  حماية الحريات والحقوق الفردية ( حرية الفكر ،والدين والاجتماع والرقابة على السلطة وحق الملكية وغيرها ) ، اذ يؤكد لوك (لما كان البشر احرارا ومتساوين ومستقلين بالطبع ، استحال تحويل اي انسان عن هذا الوضع واكراهه للخضوع لسلطة انسان اخر دون موافقته )(17) ويرسم لوك حدود السلطة بحيث لا تتعدى على حريات الاشخاص وممتلكاتهم ( لا يحق للسلطة العليا ان تنتزع شيئا من املاك احد دون موافقته …لذا تحتم ضرورة ان يكون لأفراد الشعب حق الملكية )(18) ،وقد استلهم اعلان الاستقلال الامريكي 1776مقولة لوك عندما اكد (ان الناس قد خلقوا سواسية وانه لا ينبغي للسلطة ان تسلبهم حقوقهم الطبيعية في الحياة والحرية والسعادة ، وانه من اجل ذلك اقيمت الحكومات التي تستمد سلطاتها من رضى المحكومين ، وانه من حق الشعب ان يغير هذه الحكومات اذا ما انقلبت هادمة لتلك الحريات )(19)

ورغم الثورات التي دعمت فلسفة لوك الليبرالية الا انه من الملاحظ ان الفلسفة التي سادت القرن التاسع عشر كانت في جوهرها فلسفة تجريبية نفعية اكثر منها ثورية وقد سادت غرب اوربا والولايات المتحدة ولكنها جعلت من انكلترا مركزا لها ،اذ اصبحت انكلترا اعظم بلد اخذ بالتصنيع فاضحت الليبرالية فيه فلسفة وطنية من خلال الدعاية السياسية التي اكدت على تبني مبادئ اصلاح تحقق حرية التجارة ، بل اتسعت لتكون حلقة وصل بين الدعوى الفردية المميزة لعصر الثورة الفرنسية وبين الفلسفات الداعية لفائدة المجموع ، والموائمة بين الحريات الفردية السياسـية والمدنية وبين التغيرات اللازمة لتقدم سياسة التصنيع(20).

وخلاصة القول ان التسلسل التاريخي لظهور الفكر الليبرالي وانتشاره يوصف بانه حلقات متشابكة لا يمكن فصل احداها عن الاخرى ،اذ ان قيام حركة التنوير الاوربية وتسلسلها المرحلي بدءا من العلمنة التي تعني تحرر العقل العلمي من سلطان الكنيسة ، ومناداتها بإطلاق حرية العقل في التجريب والملاحظة بعيدا عن المسلمات الاولية المتناقضة مع النصوص الدينية ومن ثم عزل الايمان الغيبي ( الميتافيزيقيا ) عن الواقع التجريبي المحسوس وتخليص العلم من سلطان الكهنوت الى التأكيد على الحرية الفردية وبناء نظام الحكم في ضوء ذلك ، تمثل مسارات الفكر الليبرالي وتطوراته .

المبحث الثاني

الاسس الفكرية لليبراليةومعيار الحرية فيها:ان كل فكر بحاجة الى اسس ومرتكزات ينطلق منها للتنظير من جهة ، ولخلق القاعدة الجماهيرية من جهة اخرى ، وكذا هو الحال مع الفكر الليبرالي الذي اتخذ من الحرية والفردية والعقلانية والمساواة اسس فكرية ، وقد وضع لهذه الاسس عناصر الالزام التي تتفق مع المنطلقات الفكرية له ، وفـي هذا المبحث سنعرض اهم اسس الليبرالية ومعيار الالتزام بها .

المطلب الاول

الاسس الفكرية: تقوم الليبرالية على اسس فكرية هي القدر المشترك بين سائر اتجاهاتها وتياراتها(21) ولا يمكن عد اي فرد ليبراليا لا يقر بهذه الاسس ولا يعترف بها لأنها الاجزاء المكونة للفكر الليبرالي والمميزة لـه عن غيره واهم الاسس هي ( الحرية والفردية والعقلانية).

$11-الحرية : جاء في اعلان حقوق الانسان والمواطن الفرنسي عام 1789تعريف الحرية بانها (حق الفرد بان يفعل كل مالا يضر بالآخرين ولا يمكن اخضاع الحقوق الطبيعية لقيود الا من اجل تمكين اعضاء الجماعـة الاخـرين من التمـتع بحقوقهم ،وهذه القيود لا يجوز فرضها الا بقانون )(22) ،فالفرد حر في افعاله ومستقل في تصـرفاته دون اي تدخل سـواء مـن الدولة او اي مؤسسة اخرى ،اذ ان الليبرالية من الناحية الفكرية تعني ( حرية التفكير والاعتقاد والتعبير )، ومن الناحية الاقتصادية ( حرية الملكية الشخصية وحرية الفعل الاقتصادي المنتظم وفقا لقوانين السوق ، وعلى المستوى السياسي تعني ( حرية التجمع وتأسيس الاحزاب واختيار السلطة ) وهكذا فان الحرية لا تمثل مبدأ من جملة مبادئ ، بل هي مرتكز لتأسيس غيرها من المبادئ ،الا ان هذه الحرية مقيدة بقانون الذي يوصف بانه ضرورة من ضرورات الاجتماع البشري شريطة ان تكون هذه القوانين لا تمثل استبدادا مفروضا من خارج الفرد تقيد حريته .التي تتمثل في حقوقه وحرياته المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية وغيرها .

$12-الفردية : عرفت الفردية كملمح اساس لعصر النهضة الذي جاء كردة فعل لفكر القرون الوسطى ويحرر الفرد من الانضباط الكاثوليكي الطويل ، اذ ارتبطت الحرية بالفردية ارتباطا وثيقا فأصبحت الحرية تعني استقلال الفرد وحريته ،وجاءت الفردية بمفهومين مختلفين :-

الاول :الفردية بمعنى الانانية وحب الذات وهذا المعنى هو الذي كان سائدا على الفكر الغربي منذ عصر النهضة الى القرن العشرين وكان الاتجاه التقليدي للأدبيات الليبرالية .

الثاني : بمعنى استقلال الفرد من خلال العمل المتواصل والاعتماد على النفس ، وهذا الذي ساد في الاتجاهات المعاصرة لليبرالية وما عرف بالبراغماتية .

ان الليبرالية تدفع بالفرد الى المقدمة وتمجده الى ان يصبح هو الحقيقة ، وتقدم الحجة بان الافراد هم الذين يصنعون المجتمع ، وان سعادة الفرد هي رفاهية المجتمع ،وهو مركز الحياة الاجتماعية ، لذا ينبغي على الدولة ان تترك الفرد حرا لان يعمل في تنمية مصالحه وشخصيته ، وعلى الدولة ان تقف بعيدا ويكون واجبها الاوحد هو ان تحمي الفرد ومصالحه ، اذ يقول هربرت سبنسر ( ان الفرد ليس له سوى حق واحد هو جق الحرية المتساوية مع كل فرد اخر ، وليس للدولة سوى واجب واحد وهو واجب حماية ذلك الحق ضد العنف والغش )(23)

ان الحجة الاخلاقـية في الدفـاع عـن الفردية قـد وضحها ( كانتKant  وفخــته FischteوهمبولدتHumboldt وجون ستيوارت ميل G.S.Mill) فان همبولدت يقول (ان هدف الدولة يجب ان يقوم على تنمية قدرات جميع الافراد من المواطنين في فردانيتهم الكاملة حتى انه يجب عليها لذلك الا تسعى لتحقيق اي هدف اخر سوى ما لا يستطيعون تحقيقه بأنفسهم اي ( الامن ) فتدخل الدولة في حرية الفرد يدمر اقدامه على الشروع في الاعمال واعتماده على نفسه مما يضعف احساسه بالمسئولية ويمتص انشطته ويشل شخصيته )(24)

$13-العقلانية :وتعني استقلال العقل البشري بادراك المصالح والمنافع دون الحاجة الى قوى خارجية وقد تم استقلاله نتيجة تحرره من السلطة الدينية اللاهوتية ، ويتضح مرتكز العقلانية في الفكر الليبرالي من خلال الاتي :-

$1أ‌-    ما دامت الحقوق التي يسعى الفرد لتأكيدها لذاته هي بالأساس حقوقا طبيعية ، فان طريقة معرفتها هو العقل وادواته كالحس والتجربة .

$1ب‌- ان العقل في الفكر الليبرالي هو عقل مادي لا يؤمن الا بالمحسوسات ، لذا فان كل شيء مبني بناءا غير علمي لا يصح جعله مصدرا للمعرفة .

ج- ان القانون الذي يضبط الحرية من الانفلات عند كل الاتجاهات الليبرالية هو قانون وضعي يعتمد العقل المجرد في التشريع فالمصدر الوثيق في القانون وفي المجال الخاص بالفرد هو العقلانية .

المطلب الثاني

معيار الالتزام في الفكر الليبرالي: الالتزام في معناه  القانوني واجب ،اذ أنهارتباط بسلوك معين في القيام بعملا وامتناع عن عمل لمصلحة الدائن  (المالك للحق )  ،كما أن وجوب هي فرض على الملتزم فيظل الجزاء اتوالتييض منبها القانون احترام المراكز التيتنشأ للأفراد بقواعده، فالالتزام واجب خاص حيث ينشئ على عاتق الملتزم عبئا محدد او يثقل  ذمتهل سبب خاص يقوم بالنسبة لهل اعتبار همدين الشخص دائنله ،وبالتالي فلابد من حدوث واقعة معينة تعتبر مصدر الالتزامه سواء كان تهذه الواقعة عملا ماديا أوتصرف اقانونيا أوفعلا ضارايترتب عليها لتزام بتعويض الغير المضرور ،أوغيرهامنمصادرالالتزامالأخرى، فالالتزام ( رابطة بين شخصين ، انما القانون ينظم الروابط بين الاشخاص ، لان في الحق العيني لا يمكن القول رابطة بين شخص وشيء ،لان الرابطة انما تكون بين الشخص والشخص ، وفي هذا يتفق الحق العيني مع الحق الشخصي )(25)

يعتمد المذهب الليبرالي في هذا المضمار على معيار ( حون ستيوارت ميل ) متخذا اياه ضابطا للتجريم والاباحة في الكثير من القضايا وهذا المعيار يتمثل في ( عدم الاضرار بالغير ) فانت حر ما لم تضر بالغير ، ويشترط ميل لتجريم التصرف ان يكون الضرر عاما، فان كان الاثر شخصي أو اصاب اشخاص لا يمكن تحديدهم فلا تجريم حينئذ وان دخل التصرف في الدائرة اللاأخلاقية )(26)، الا ان السؤال المطروح هل هناك تصرف شخصي الاثر ؟ بحيث لا تتعدى آثاره ومضاره الى افراد المجتمع ؟ ، ان اغلب تصرفات الشخص وان بدت للوهلة الاولى بانها شخصية فان لها اثارا على المجتمع عند الفحص المعمق لهذا التصرف .

لقد توقع ميل مثل هذا النقد فرأى ضرورة وزن القيم وتفضيل بعضها على بعض فالسلوك الفردي المعيب طالما انه لا يمس اي واجب خاص قبل المجموع ولا يلحق اي اذى بالأفراد الاخرين ، فانه يجدر بالمجتمع تحمله من اجل مصلحة عامة اكبر مما يحققه عدم تركه لسلوكه المعيب ، وتلك المصلحة هي الحرية ، اذ ان قيمة الحرية وان تعارضت مع بعض القيم الاجتماعية وجب تفضيلها وان ترتب على ممارستها ضررا طفيفا بالمجتمع ، وعلى هذا الاساس يجب على الشرع الا يضيق من مكنة الفرد في الاختيار ،بالإفراط في فرض القواعد الملزمة له ، بل يجب ان تقوم سياسة التشريع على مبدأ : دع كل فرد يعمل ما يتراءى له ما دام لا يؤذي الغير بفعله(27) ، ويعد هذا المعيار هو المعتمد الى يومنا هذا ، اذ ان التصرفات اللاأخلاقية الشخصية تعد مباحة وتخرج عن دائرة التصرفات الممنوعة ولا شان للقانون بها .

كما ان ميل يرى ان الظلم هو حرمان شخص من حريته الشخصية ومن ممتلكاته وحقوقه الاخرى يكون تابعا له بالقانون ، وان ما يجب احترامه ( كعادل ) او ( ظالم ) في حالة الاعتداء عليه هي الحقوق القانونية لأي شخص ، وان اي قانون يفرض بعض القيود على حرية الجنس البشري يمكن عصيانه دون لوم(28)  ، اي ان ميل يجعل من مبدأ العصيان على القانون دعوة للمشرع ان يراعي عدم تشريع اي قانون يؤدي الى حرمان شخص من حريته او حق من حقوقه ، شريطة ان يكون فعله المعاقب عليه مشخصنا وليس له اثار اجتماعية ، فضلا عن ان ميل يرى ان معاقبة شخص لكي يعتبر الاخرون نوع من انواع الظلم ، اذ ان العقاب يجب ان يأخذ بنظر الاعتبار مصلحة الفرد المعاقب ، فيكون عادلا اذا كان القصد منه تطبيقه لتحقيق الخير للمتألم ذاته … وان من الظلم ان نعاقب بالمطلق ، لان المجرم لم يصنع طبعه الخاص فالظروف المعيشية والتربية التي تلقاها والبيئة حوله هي المسؤولة عن جعله مجرما(29).

المبحث الثالث

نقد الفكر الليبرالي نظريا وعمليا:ان عملية النقد العلمي لليبرالية ليس نقدا للحرية كما اكد الكاتب المغربي الطيب بوعزة في كتابه ( نقد الليبرالية ) ، ولا دعوة للاستبداد وترجيحه على التحرر، اذ ان حرية الانسان وحقوقه خصيصة ميزه بها الله عز وجل ، وجعله بها حقيقا بمهمة استخلاف الارض تلك المهمة التي تستلزم الحرية وتستوجب المسؤولية الاخلاقية ، فقد انتهى التأمل الفلسفي الى ان الانسان كائن يمتاز بالخروج من مجال الضرورة الطبيعية الى مجال الحرية بكل ما تعنيه من اقتدار على الاختيار ، وبانتقال هذا الاقتدار من مستوى القوة والامكان الى مستوى الفعل والانجاز ، ليصبح الانسان موضوعا لمعيار الحكم الاخلاقي(30).

المطلب الاول

نقد الليبرالية على المستوى النظري:ان النظرية وفقا للفكر الليبرالي تنطلق من عدة اسس وان محاكاتها النقدية تستوجب منهجا تفكيكيا نحاول من خلاله الوقوف على اهم هذه الاسس وهي :-

$11-الفردية:-

ان الطابع الفردي لليبرالية استلهم من النظريات الفيزيائية وخاصة اطروحة ( روبير بايل ) في الرؤية الذرية للكون ، الامر الذي استخدمه جون لوك في تماثل البناء الذري للكون مع البناء المجتمعي ، اذ المجتمع في نظره جمع افراد تماما كما الكون جمع ذرات ،( وهي رؤية موجهة لا ينحصر اثرها في منظور منهجي اجرائي فقط بل يتعداه الى بلورة فكرة فلسفية عامة تنهض عليها الرؤية الليبرالية للمجتمع ، فتتصوره حصيلة تركيم الافراد ، فتجعل من الفرد القيمة الاساسية والمركزية في الوجود المجتمعي ، ومن ثم تلغي من حسابها قيمة الجماعية وما يرتبط منها من مصلحة عامة )(31)وما دامت الذرة اساس الكون فان الفرد اساس المجتمع ، وليس على هذه المقولة من غبار ، اذ ان المجتمع حاصل الجمع للذوات الفردية ، غير ان اعلاء مكانة الفرد لتحل محل الاله كما دعت لذلك الليبرالية ، وتسخير المجتمع للفرد وعدم اعاقته ، نرى فيه امر معاكس للمجتمع المتماسك والمترابط ، فضلا عن ان الفردية في الفلسفة الليبرالية ترى (ان الانسان خير قاض في مصالحه الخاصة ) وهذا ايضا لا يمكن الاعتراض عليه ولكن فقط الى حد محدود جدا ،اذ ان المصلحة الذاتية هي الدافع لدى كل انسان لكن مصالحه ودوافعه لا يمكن فصلها عن المجتمع ، لان من غير المعقول ان الفرد يتمكن من الاهتمام بذاتيته الى الحد الذي ينسى نسيانا كاملا التزاماته الاجتماعية ، وان الدولة بحكم كونها ( حارس ) للجميع لها الحق ان تنظم جوانب النشاط الفردي ، فضلا عن كون الدولة تقدم الظروف التي تساعد الفرد على تحقيق خير ما في نفسه وتحافظ عليها خدمة للمجتمع وبذلك نرى مصلحة المجتمع فوق مصلحة الفرد الذاتية ،وفي ذلك دحض لدعاة الليبرالية الذي يرى ان تدخل الدولة لصالح الخير العام يتضمن دائما نقصا للحرية الفردية او الحد منها ، كما ينبغي التنبيه الى ان مصلحة الفرد التي تقرها الليبرالية هي مصلحة الفرد المالك دون غيره من الافراد اي الانسان بماديته لا بإنسانيته ، والتي بسببها اصبحت شريحة قليلة من المجتمع تملك كل شيء وعامة الشعب محرومة من اي شيء . اذ لا مناص من القول بان الليبرالية اختزلت جميع الحقوق في حق الملكية ،فالحرية هي حرية التملك ، والمساواة هي المساواة بين الافراد في سعيهم للتملك ، والامن هو المناخ الذي يضمن للفرد حمايته لملكيته والحصول على المزيد منها

،كما أدى تجمد المبادئ الليبرالية في صيغ قانونية شكلية وتحولها إلى أيديولوجيات بريرية أن أصبح تفكرة الحق الطبيعي في التملك الخاص مبرر اللنظام الرأسمالي والاستغلال الذي يمارسه.

إن مبدأ الملكية الذي تكلم عنه لوكفي القرن السابع عشر يختلف تماماعن مفهوم الملكية في القرنين التاسع عشر والعشرين. لقد كان لو كيقصد المكية الصغيرة التي تمكن المرء من تلبية احتياجاته،وتختلف هذه تماما عن مفهوم الملكية الاحتكارية لعمل الغير ولوسائل الإنتاج في الاقتصادالمعاصر، والتي دفعت الى ظهور مفهوم العولمة ونهاية التاريخ وصدام الحضارات

$12-الحرية :-فضلا عن عدم إمكانية حصر المثل العليا كالحرية في قولبة فلسفية كما فعلت الليبرالية فإن فهم الحق والحرية الطبيعيين يجعل نظريات الحق الطبيعي شكلية وصورية ومجرد ةوبدون مضمون عيني حقيقي،لأنهاتركزعلى الفرد فقط. ولايتحقق المضمون العيني للحق والحرية الطبيعيين إلا عندما يفهم على أنهما حقااجتماعيا، وتجريد الحرية عن القانون كما اسس لذلك ( جون ستيوارت ميل )وما وضعه من معيار للالتزام – كما سبق وذكرنا – يجعل من غير الممكن فهم حدود الحرية الفردية ، فكيف يمكن لفعل فردي ضار بذات الفرد لا يكون له ضرر اجتماعي ، وكيف يمكن حصر هذا السلوك ومدى سلبيته على المجتمع ، اذ ان ذلك يعني بمخالفة اهم شرط من شروط القاعدة القانونية التي تتسم بالعمومية والتجريد ، فقد يحكم على سلوك بانه شخصي ولا يعود بالضرر على المجتمع ، وذات الواقعة يمكن عدها ضارة بالمجتمع ويعاقب مرتكبها ، اذ ان الحرية من دون ضبط او تقييد هي فوضى وحرية اباحية ، واذا لم تكن هناك فرصة للجميع لان يحققوا حرياتهم فانه لا تقوم حرية ، فالحرية تتضمن ضوابط معينة ، وفي هذا المعنى يكون القانون شرطا للحرية على الرغم من اتفاقنا بان على القوانين الا تكون تحكمية وغير عادلة ، لذلك فان قول ( ميل ) بان كل زيادة في سلطة الدولة هو نقص مقابل في الحرية الفردية راي مبالغ فيه .

$13-العقلانية :ان افتراض العقلانية في الفعل الفردي وتنزيه الفرد من الذاتية والانانية كلام مبالغ فيه ومنافي للنزعة الشخصية للأفراد ، وافتراض كون الفرد عقلانيا دائما لا ينسجم مع النوازع الشخصية ايضا ، والانكى من ذلك بان فكرة العقلانية التي اسست عليها الليبرالية قادتالى مفهوم المنفعة ، والنفعية انتجت ما يعرف اليوم بالليبرالية البراغماتية ( العملية ) التي يؤخذ عليها عدة مآخذ منها :-

$1أ‌-  ان جعل المنفعة معيارا للصدق والحقيقة يجعل المجتمع غابة من الوحوش الضارية التي يأكل بعضها بعضا لتحقيق التفوق والغلبة والنجاح بصرف النظر عن الوسيلة ، فضلا عن جعل المنفعة معيار للصدق يجعل إرادة الانسان لا تتفق على تحقيق القيم الفاضلة كالحق والعدل والايثار ، الأمر الذي جعل من الفلسفة البراغماتية ملهمة للنظام الرأسمالي القائم على مبدأ المنافسة الحـرة التي استفحلـت اخطارها عند التطبيق .

ب-  اللاأخلاقية : وهي تفيد الليبرالي في تعامله مع الغير فالحق لذاته والباطل لذاته بصرف النظر عما يترتب عليهما من وجوه النفع والضرر .

ج– الارتباط الوثيق بالحرب عندما تكون نتائجها لصالحهم بغض النظر عن الممارسات اللاإنسانية والاذى والضرر الذي يقع جراء الحرب.

د- الانحرافات السلوكية كسلوك الاجرام والقتل وغسيل الاموال وتجارة المخدرات وفتح الباب للمنافسات والصراعات .

$14-الليبرالية والقانون الطبيعي :- اذ ان الحرية وحقوق الانسان تنطلق في الفكر اللـيبرالي بوصفها حقوقا وحريات طبيعية ينبغي عدم المساس بها ،ومما يؤخذ على القائلين بالقانون والحق الطبيعي الاتي :-

$1أ‌-  تقوم نظريةا لقانون الطبيعي بوجود قواعد ثابتة خالدة لاتتغير بتغير الزمان أوالمكان وتلك مقولة لمتثبت من الناحية التاريخية اذأن القانون هوتعبيرعن روح كل شعب وانعكاس لعبقريته الخاصة ولايجوز بالتالي أن نقيد قواعد القانون الوضع يفي دولة معينة بمبادئ ثابتة خالدة بحجة أن تلك المبادئ تنتمي الى القانون الطبيعي.

$1ب‌-ان مبادئ القانون الطبيعي لا جدوى منها من الناحية العملية فالتسليم بجدواها يقتضي ترتيب بعض النتائج التيتكف للتلكالمبادئ قدرا من الفعالية فقد كان يتعين منناحية أن نفرض على الدولة واجب احترام القانون الطبيعي كما يجب من ناحية أخرى أن نعترف للأفراد بقدرة مخالفة القاعدة القانونية الوضعية انخالفت قواعد القانون الطبيعي ونلاحظ أن التاريخي ثبت لناأن أيمجتمع لميتوصلالى اقرار هاتين النتيجتين بطريقة محددة(32).

$15-   ايمان الليبرالية بنظرية العقد الاجتماعي :- مثلت نظرية العقد الاجتماعي لرواد الفكر الليبرالي ملمحا هاما في تكوين المجتمع المدني ومما يؤخذ على هذه النظرية الاتي 🙁33)

$1أ‌-        أنها نظرية فلسفية تستند إلى الافتراض وهيف كرة خيالية وليستحقيقية علمية فالتاريخ لايبره نعلى صوابه اإذ لم يبينلنا متى اجتمع الناس وتعاقد واعلى إقامة الدولة ثم أنفكرة العقد بعيدة عن خيال الإنسان البدائي.

$1ب‌- من غير المتصور الحصول على رضا الناس جميعا في حين أن رضاهم  شيء أساسي خصوصا وانه سيصبح قانونهم الذي يحكم علاقاتهم وتصرفاتهم لذا فان إجماعهم عليهم ستحيل والنتيجة هي إجماع واتفاق الأغلبية ورضاها ولاشك أن هذا تبرير لاستبداد الأغلبية بالأقلية.

ج- إذا افترضنا قيام عقد وسلمنا بوجوده فمن يضمن لنا استمرار هو دوامهم نتج الآثاره، ذلك لان الجيل الذي أبرم العقد يمكن أن يلتزم به ولكنه لا يستطيع أن يحمل الأجيال المقبلة عبأ هذا الالتزام في قيد من حريتها وينالمناستقلالها.

د- أن النظرية من أسسها خاطئة إذا أنها تفرض أن الإنسان كان يعيش منفردا من عزل اقبل قيام الجماعة في حين أن الإنسان ما عاش إلا بالجماعة وفي الجماعة وهو اجتماع يبطبعه.

المطلب الثاني

نقد الليبرالية على المستوى العملي

تعد المرتكزات الفكرية التي قام عليها الفكر الليبرالي من السعة إذ أخذت مجالها للتطبيق ، ذلك لان هذه المرتكزات القائمة على الحرية الفردية والعدالة الطبيعية والقانون الطبيعي والعقلانية  ، هي غايات مثلى ومطلب ضروري لحاجات الانسان ، ومن هنا اندفع الناس الى وضع هذه الأفكار موضع التطبيق الفعلي وفي مجالات عدة ، ومن اجل عدم التوسع سنركز على استعراض الانتقادات في المجالين السياسي والاقتصادي 0

أولا – على الصعيد السياسي :

1- تؤمن الليبرالية بان الدولة ينبغي ان تكون دولة ديمقراطية  ، وقد تعرضت الديمقراطية الليبرالية الى انتقادات عديدة ، اذ ان التأكيد على ان الشعب يمتلك السيادة مقولة نظرية فقط ، فالسلطة أداة بيد القلة لتحقيق مصالحها على حساب الكثرة ، وأنها ليست حكم الأغلبية بل هي تكريس للأقلية ، وتأييد الأحزاب الى مصالحها على حساب مصالح الشعب ، فحكم الشعب بالشعب تزييف ، فليس للشعب إمكانية في اتخاذ القرارات (34).

2-الديمقراطية الليبرالية الغربية ليست ديمقراطية كاملة ، ذلك لأنها ديمقراطية سياسية فحسب ، ومن اجل أن تكون ديمقراطية كاملة يجب أن تكون ديمقراطية اقتصادية واجتماعية

3-إن المفاهيم التي طرحت السلوك الحضاري للديمقراطية قد حاولت هضم المفاهيم المسيحية وتوظيفها لحسابها من دون البعد الروحي وإنما لضبط السلوك المطلوب للديمقراطية ، الأمر الذي بات تحريفا للتعاليم المسيحية وأسس التسامح الذي بنيت عليه ، والذي أنتج بدوره ما عرف بالمسيحية الجديدة المبنية على هوس المؤامرة وافتعال الأزمات (35).

ثانيا : على الصعيد الاقتصادي :

وجهت مجموعة من الانتقادات على الصعيد الاقتصادي لعل أبرزها الآتي :-

$11-بدلا من تحقيق المصلحة العامة ، أحدثت الممارسات الحرة لقوى السوق افلاسات هائلة لعدد ضخم من المشروعات وانعداما صارخا للمساواة ، فالمشروعات الصغيرة والمتوسطة قاعدة نظام المشروع الحر التي وضعت عليها الليبرالية الاقتصادية آمالها تضائلوزنها ، وفقدت استقلالها وأصبحت تابعة للاحتكارات العملاقة 0

2-أصبحت الليبرالية الاقتصادية ليبرالية جزئية لا تستوعب المجتمع ككل ، وإنما تقتصر فقط على القلة الاقتصادية الحاكمة ، وتطورت لتصبح فيما بعد الأقلية الاحتكارية العالمية التي لعبت دورا رئيسا في ظهور وتطور النظام الرأسمالي الاحتكاري ، وما أثبتته نظريات النخبة التكنوقراطية والتكنوبيروقراطية خير دليل على ذلك 0

3-تقسيم العمل الدولي المجحف وسيطرة الليبرالية المالية العالمية من خلال السيطرة على مؤسسات النقد العالمية والتي راحت تفرض سياسات الليبرالية وضرورة مراعاتها في الدول المقترضة وتنفيذ الشروط الاقتصادية والتحكم في موارد الدول بما يخدم الرأسمالية العالمية 0

4-أثبتت الليبرالية فشلها الذريع في تحقيق مصالح المجتمع ، فالأزمات الطاحنة والبطالة والفقر الذي يعاني منه الكثير من أبناء المجتمعات الليبرالية تؤكد أن مصلحة المجتمع ككل لم تتحقق بل هي مصلحة فئة قليلة باتت تمسك بجميع مناحي الحياة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا 0

5- ارتدت المبادئ الليبرالية هذه طابع فتوح دائمة للبشرية، رست في أساس المجتمعات الحديثة (حتى إذا تجاوزت الليبرالية ),إلا أن حرية المشروع الاقتصادي التي بدت في ظل المجتمع التقليدي، بمنزلة مبدأ عقلاني، يحرر ولا يضطهد، و يطلق قوى الإنتاج ، أصبحت فيما بعد تظاهرة لا عقلانية، و أداة للاستغلال و لمزيد من التفاوت الاجتماعي .

أما الليبرالية الجديدة، فقد جاءت بمنهاج جديد لإدارة الرأسمالية في زمن العولمة. و قد كشفت عن عدد من الحقائق أهمها :-

أ- تتسم العولمة الرأسمالية المتوحشة الحالية باستقطاب الرساميل والتدفقات الاستثمارية، و بالتالي بتركيز الثروة و الرأسمال في البلدان الرأسمالية الصناعية المتقدمة، خاصة في الولايات المتحدة .

ب-تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دورا رئيسا في صياغة هياكل القوة الاقتصادية من خلال قوتها السياسية و العسكرية ، ومنذ فرضت الولايات المتحدة الأمريكية هيمنتها المطلقة على النظام الدولي الجديد في ظل القطبية الأحادية، حاولت أن تصبغ العالم على شاكلتها و مثالها, ونشر سلطتها في العالم الفوضوي الذي وصفه هوبس. و الولايات المتحدة لا تثق بالقانون الدولي ولا بالمواثيق الدولية, و هي تنظر الى تحقيق الأمن, كما الدفاع عن الليبرالية الجديدة, عبر حيازة القوة العسكرية واستخدامها ، وهي تزداد ميلا الى العمل العسكري في شكل أحادي الجانب, وترفض المبادرات أو القرارات التي تتخذ تحت راية مؤسسات دولية على غرار الأمم المتحدة مثلا, وتشك في القانون الدولي وتؤثر العمل خارج نطاقه حين ترى ذلك ضروريا (36)

الخاتمـــة :

ان جاهزية المقدمات العملية الفلسفية لليبرالية والسعي لتعميم قيمها على العالم هو قمة ما بلغته السياسة الامريكية التي مرت ضمن سيرورة تاريخية ساهمت الإيديولوجيا شيئاً فشيئاً في تكوينها ، فقد قامت في عالم اليوم – هذه الفلسفة- وانطلاقاً من نواة إيديولوجية ذات محورين : الأول، الاعتقاد بأن أميركا مكلفة برسالة. والثاني، اليقين بأن أداء هذه الرسالة يستلزم استخدام كل الوسائل بلا تحريم، ومما يميز السياسة الأميركية منذ مولدها: الثبات في العمل على قدر الديمومة في متابعة الهدف، وكذلك مواصلة الجوهر الإيديولوجي المولد للعمل. ولا شك في أن هذه السياسة بلغت ذروة تحققها في فجر القرن الثامن عشر مولد الليبرالية ، وزادت أيضاً في مطلع القرن التاسع عشر، ومن خلال استعراضنا لمحاور البحث نستطيع ربط موضوع المرتكزات الاساسية لليبرالية مع ما تحاول الولايات المتحدة اثباته اليوم ، اذ يمكن التوصل ان الليبرالية في صورتها المعاصرة تسعى الى الاتي :-

$11-سعي المنظرين الى الاستفراد الامريكي لصياغة مقدمات نظرية جاهزة وتعميمها على العالم من خلال دعاية الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ، وبالوسائل المتاحة كافة .

$12-انطلاق دعاة الديمقراطية الليبرالية من مقولة ان التاريخ لا تعمره البراءة ، وعلى الولايات المتحدة ان تنأى بنفسها عن هذه البراءة وان تمضي السجية الميكافيللية القائلة ان تخيف الاخر خير من ان تكسب حبه .

$13-سعت الليبرالية الأمريكية من خلال خيمة الحرية ( الأساس والمرتكز ) أبعد في الغرب، وأبعد في الجنوب، مدعية إن الحرية تليق فقط بالشعوب التي تستطيع حكم نفسها، وأما الشعوب التي لا تستطيع، فإن من واجب امريكا ( المقدس أمام الله ) قيادتها إلى النموذج الأميركي في الحياة،لأنه النموذج الحق مع الشرف .

$14-ادى التصدير النظري إلى استيلاد أنساق من أساليب السيطرة لا يكون فيها للقوانين والقيم العالمية المشتركة فعالية تذكر، بل على العكس فإن مثل هذه القيم ستتحول إلى أساليب مجدية للسيطرة، مثل ما حدث في جملة من عمليات غزو  السيادات الوطنية بذريعة إحلال السلام وحقوق الإنسان وتعميم الديمقراطية.

$15-  غياب منطق الاقناع والتحاور في العلاقات الدولية، اذ عملت امريكا على هذا المنوال بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، والمثل العراقي عزز هذا المنطق.

$16- لقد استترت المصالح الإمبريالية والرغبة بالقوة، للحكومات الأمريكية المتعاقبة خلف قناع من الحجج الأخلاقية شبه الروحية ببراعة منذ عهد الرئيس ويلسون، بشكل يجبر بقية العالم على الخضوع للطريقة الأمريكية في الحياة، تحت طائلة أن تصبح من يخالف ذلك مقصى في معسكر الأشرار (أو “البرابرة)، ولم يتوقف زعماء الولايات المتحدة مطلقاً, عن الاعتقاد بأنفسهم, أنه محماة الحق الطبيعي والحرية والعقلانية.

$17-سوف لن يضمن التفوق الجيوسياسي، وممارسة دور القـوة الفائقة في عصر الليبرالية الجديدة، سوف لن يضمن مطلقاً مستوى تنمية إنسانية مرضية لجميع المواطنين. فعلى سبيل المثال، ففي الولايات المتحدة الأمريكية، هناك “32” مليون شخص، منبين السكان، يصل العمر المتوسط، إلى أدنى من الـ “60” عاماً،كما يوجد “40” مليون مواطن، ليس لهم تغطية صحية، ويعيش “45” مليون دون مستوى عتبة الفقر، وهناك “52” مليون أمياً… وبالطريقة نفسها، في نطاق الاتحاد الأوربي الغني، هناك اليوم “50” مليون فقير، و”18″ مليون عاطل عن العمل.

وهنا يجب أن نتساءل: هل كانت الليبرالية التي اتخذت من الحرية مرتكزا لها وبمعناها المطلق الانساني وفقا لادعاء مفكريها هي من أسهم في سلب الحرية ؟ وهل إن القيم الفردية وحقوق الانسان الهمت القادة الليبراليون لتحقيق فرديتهم على حساب المجتمع الدولي ؟ وهل ان المساواة التي يتبجح بها القادة السياسيون الليبراليون وقيم الديمقراطية اصبحت تشرعن غزو الدول ؟ اليس في كل ما تقدم اثبات بان المرتكزات الفكرية في جانبها النظري لليبرالية قد انحرفت في الجانب العملي التطبيقي واصبحت مضادة لدلالاتها ؟

الهوامش :

$11)   عبدالعزيز مصطفى كامل ، الثوابت بين الاسلام والليبرالية ، القاهرة ، دار الكتب 1996ص23

$12)    المعجم الفلسفي ،مجمع اللغة العربية ، القاهرة ، دار الوثائق 1983ص43

$13)   اندريه لالند ، موسوعة لالند الفلسفية ،نقلا عن محمود الصاوي ، الفكر الليبرالي تحت المجهر ،سلسلة تيارات فكرية معاصرة ، جامعة الازهر ، القاهرة 2011ص21

$14)    المصدر نفسه ، ص 22

$15)    المصدر نفسه

$16)    المصدر نفسه

$17)    سليمان الخراشي ، حقيقة الليبرالية ،الرياض ، مكتبة العبيكان 2006 ص 13

$18)   مجموعة من الفلاسفة ظهروا في اثينا (450ق.م) ووجهوا نقدا شديدا لكل العادات والتقاليد والقيم القديمة التي كانت اثينا تمجدها ، فضلا عن تمجيدها للفردية ، اذ ان الانسان ورغباته وحاجاته هي مقياس جميع الاشياء ووضعوها بديلا للقانون ، ومهدت لديمقراطية اثينا الحقيقية ، وكانت افكارهم موضع نقد وتشكيك من قبل افلاطون ، ويظهر ذلك من خلال محاورته مع زعيم السفسطائيين بروتاجوراس ، وقد اكد السفسطائيون على اعتبار الفضيلة هي لذة الفرد وسعادته : للمزيد ينظر :

مها عيسى فتاح ، نقد افلاطون للسفسطائية ، مجلة الآداب ،جامعة البصرة ، العدد41لسنة 2006ص ص224-228

$19)  كوينتين سكنر ،الفكر السياسي الحديث ( عصر النهضة ) ، الجزء الاول ، ترجمة حيدر حاج اسماعيل ، بيروت . المنظمة العربية للترجمة 2012ص 40

$110)     المصدر نفسه ، ص 45

$111)     للمزيد ينظر :عمرو هشام محمد ،مدخل في مدارس الفكر الاقتصادي ،دمشق ، دار طلاس 2009 ،ص ص 65-74

$112)    المصدر نفسه ،ص ص75-84

$113)  للمزيد ينظر : آدم سميث ، ثروة الامم –بحث في اسباب وثروة الامم -، ترجمة حسني زينة ، بغداد ، معهد الدراسات الاستراتيجية ، الطبعة الاولى 2007

$114)    عمرو هشام محمد ، مصدر سبق ذكره ص ص 85-92

$115)    المصدر نفسه ، ص ص 111-122

$116)  هناك من يؤسس الى ان عنوان الكتاب الاصلي هو (مقالتان في الحكم المدني) وقد فصل في الرسالة الاولى نقدا لأطروحة معاصره المفكر الانكليزي (روبير فيلمر 1589-1653)الذي كان يدعو الى نظام الابوة او السلطة الطبيعية للملوك ) ، وفي المقالة الثانية حدد نظريته السياسية القائمة على مفهوم الحق الطبيعي ، هذا المفهوم الذي يعد اساسا ارتكازيا للأطروحات الليبرالية عامة .

$117)    جون لوك ، في الحكم المدني ، ترجمة ماجد فخري ،بيروت ، اللجنة الدولية لترجمة الروائع 1959ص 165

$118)    المصدر نفسه ، ص 222

$119)    أميرة حلمي مطر ، الفلسفة السياسية من افلاطون الى ماركس ،القاهرة ، دار المعارف ، الطبعة الخامسة  1995ص76

$120)    المصدر نفسه ، ص 77

$121)  تنوعت الاتجاهات الليبرالية منذ ظهرها الى يومنا هذا ، فقد عرفت اتجاهات شتى من الليبرالية التقليدية الى الليبرالية الخالصة ثم الليبرالية التقدمية ، والراديكالية ، والوجودية ، والبراغماتية ، والليبرالية المعاصرة : للمزيد حول هذه الاتجاهات ينظر :

عبد الرضا الطعان ، الفكر السياسي الغربي الحديث والمعاصر ، بغداد مكتبة السنهوري 2012

$122)  جاء في  الدستور الفرنسي لعام 1791 حيث جاء فيه ( لا يجوز للسلطة التشريعية ان ضع قوانين من شانها ان تضر او تعرقل ممارسة الحقوق المدنية الطبيعية ) للمزيد ينظر :

محمد كامل ،النظم السياسية ، الدول والحكومات ،بيروت ، دار النهضة العربية 1969ص17

$123)    محمد عبدالمعز تصر ،في النظريات والنظم السياسية ،بيروت .دار النهضة العربية ،(د.ت) ص 227

$124)    المصدر نفسه ، ص 228

$125)  عبدالرزاق احمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد –نظرية الالتزام ، مصادر الالتزام ،بيروت ، دار احياء التراث العربي (د.ت) ص 104

$126)    نعيم عطية ، في النظرية العامة للحريات الفردية ، القاهرة ، الدار القومية للطباعة والنشر 1987 ص 98

$127)    للمزيد ينظر :جون ستيوارت ميل ، النفعية ،ترجمة سعاد شاهرلي حرار ،بيروت . اللجنة العربية للترجمة ،2012ص85

$128)    المصدر نفسه ، ص 89

$129)    المصدر نفسه ، ص 108

$130)    الطيب بوعزة ، نقد الليبرالية ، الرياض . مكتبة الملك فهد للنشر 2009 ص6

$131)    المصدر نفسه ،ص 74

$132)   للمزيد بما يتصل بهذا الموضوع ينظر : محمد تقي المدرسي ،نقد القانون الطبيعي ، شبكة المعلومات الدولية الانترنت :http://www.almodarresi.com/books

$133)    ينظر : شبكة المعلومات الدولية ( الانترنت ):http://www.habous.gov.ma/daouat-alhaq/item/

$134)    إبراهيم فتحي ، أزمة التقليد الإيديولوجي الليبرالي ، مجلة المستقبل العربي  العدد  أيلول 2003ص 65

$135)    عبد الله هداية،الليبرالية السياسية في ظل العولمة، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية ، 2001ص74

$136)    أمير اسكندر ، تناقضات في الفكر المعاصر ، الكويت ، سلسلة عالم المعرفة ،1994ص 43

مصادر البحث:

$11-  إبراهيم فتحي، أزمة التقليد الإيديولوجي الليبرالي ، مجلة المستقبل العربي  العدد  أيلول 2003

$12-  الطيب بوعزة ، نقد الليبرالية ، الرياض . مكتبة الملك فهد للنشر 2009

$13-  المعجم الفلسفي ،مجمع اللغة العربية ، القاهرة ، دار الوثائق 1983

$14-  آدم سميث ، ثروة الامم – بحث في اسباب وثروة الامم -، ترجمة حسني زينة ، بغداد ، معهد الدراسات الاستراتيجية ، الطبعة الاولى 2007

$15-  أميرة حلمي مطر ، الفلسفة السياسية من افلاطون الى ماركس ،القاهرة ، دار المعارف ، الطبعة الخامسة  1995

$16-  أمير اسكندر ، تناقضات في الفكر المعاصر ، الكويت ، سلسلة عالم المعرفة ،1994

$17-اندريه لالند ، موسوعة لالند الفلسفية ،نقلا عن محمود الصاوي ، الفكر الليبرالي تحت المجهر ،سلسلة تيارات فكرية معاصرة ، جامعة الازهر ، القاهرة 2011

$18-  ثروت بدوي ، النظم السياسية ، القاهرة ، دار النهضة العربية 1975

$19-  جون لوك ، في الحكم المدني ،ترجمة ماجد فخري ،بيروت ، اللجنة الدولية لترجمة الروائع 1959

10-جون ستيوارت ميل ، النفعية ،ترجمة سعاد شاهرلي حرار ،بيروت . اللجنة العربية للترجمة ،2012

$111-   سليمان الخراشي ، حقيقة الليبرالية ،الرياض ، مكتبة العبيكان 2006

$112-  عبدالرزاق احمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد – نظرية الالتزام ، مصادر الالتزام ، بيروت ، دار احياء التراث العربي (د.ت)

$113-  عبدالعزيز مصطفى كامل ، الثوابت بين الاسلام والليبرالية ، القاهرة ، دار الكتب 1996

$114-  عبدالرضا الطعان ، الفكر السياسي الغربي الحديث والمعاصر ، بغداد مكتبة السنهوري 2012

$115-  عبدالله هداية، الليبرالية السياسية في ظل العولمة، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية ، 2001

16- عمرو هشام محمد ،مدخل في مدارس الفكر الاقتصادي ،دمشق ، دار طلاس 2009

17- كوينتين سكنر ،الفكر السياسي الحديث ( عصر النهضة ) ، الجزء الاول ، ترجمة حيدر حاج اسماعيل ، المنظمة العربية للترجمة 2012

18- محمد كامل ،النظم السياسية ، الدول والحكومات ،بيروت ، دار النهضة العربية 1969

19- محمد عبد المعز تصر ،في النظريات والنظم السياسية ،بيروت .دار النهضة العربية ،(د.ت)

20- مها عيسى فتاح ، نقد افلاطون للسفسطائية ، مجلة الآداب ،جامعة البصرة ، العدد41لسنة 2006

21- نعيم عطية ، في النظرية العامة للحريات الفردية ، القاهرة ، الدار القومية للطباعة والنشر 1987

 

 

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …