الرئيسية / النظرية السياسية / فكر وفلسفة سياسية / الجهل بالدين وأثره في ظاهرة الخروج في تاريخ المسلمين
الجهل بالدين وأثره في ظاهرة الخروج في تاريخ المسلمين
الجهل بالدين وأثره في ظاهرة الخروج في تاريخ المسلمين

الجهل بالدين وأثره في ظاهرة الخروج في تاريخ المسلمين

الجهل بالدين وأثره في ظاهرة الخروج في تاريخ المسلمين

د/ أنس ابراهيم حمد عبد الباقي

أستاذ العقيدة والفِرق المشارك

عميد كلية تنمية المجتمع – جامعة الإمام المهدي – السودان –

ملخص :

هدف هذا البحث إلى بيان أثر الجهل بالدين في ظهور الفرق والبدع في تاريخ المسلمين . وقد أوضح البحث معني الجهل بالدين ، الذي يتمثل في الأخذ بظواهر النصوص دون اعتبار للنصوص الأخرى ، وفي الاقتصار على القرآن الكريم دون الرجوع إلى السنة المطهرة.

ثم أوضح البحث أيضا معني لفظ ( الخوارج ) و( الخروج) والأسباب التاريخية له المتمثلة في : الخلافة ، التأويل ، والعصبية .

ثم أشار البحث إلي منهج الخوارج في فهم النصوص ، وأنهم يأخذون الأحكام من القرآن الكريم دون الرجوع إلي سنة النبي صلي الله عليه وسلم ، مما أوقعهم في أخطاء شنيعة . ثم خَتم البحث بتأثير هذا المنهج الخارجي على الحياة المعاصرة في ظهور بعض الجماعات التي تبنت منهج الخوارج مثل : جماعة التكفير والهجرة وجماعة عبد الرحمن الخليفي ثم أخيرا تنظيم (داعش).

ومن النتائج التي توصل إليها البحث أن الخروج ظاهرة عامة وُجِدِت في عهد النبي صلي الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده وفي كل العصور.

وأن هذه الظاهرة قديمة متجددة ، تظهر متي ما توفرت ظروف معينة تتعلق بالمجتمعات المسلمة ،وظروف أخرى تتعلق بتلك الجماعات المتطرفة من الأخذ بظواهر النصوص ودون التفقه في سنة النبي صلي الله عليه وسلم .

ومن ثم توصي الدراسة العلماء والدعاة والمؤسسات والجامعات بنشر العلم الشرعي من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم.

Abstract:

This study aims to investigating the impacts of the ignorance of people in the religion . This matter has resulted in producing innovations in it and emergence of different groups, namely the mooing  group for their superficial interpretation of revealed Islamic text  in isolation of each other’s Quran and Sunnah particularly. The study further , elaborated the meaning of mooing and reasoning of its existence and their stands from Caliphate, interpretation and fanaticism . The paper confirmed that this mooing groups was in place since era of the prophet ( p b u h) and extended to dated like Abd arrahman Al khulaifi and Daesh group who abandoned prophet tradition to relate it to Quran.

Major finding stressed that:  this  phenomenon was since early Islam and its renewable when it permits , and the role should rely on providing awareness and spreading of Islam teachings against their concepts of intolerant groups.

المقدمة

لقد ظهرت فرق وبدع في تاريخ المسلمين ، ومن أوائل الفرق التي ظهرت فرقة الخوارج ثم  فرقة الشيعة ، وعلى الرغم من أن ظهور فرقة الخوارج قد ارتبط بحادثة التحكيم  المشهورة بين علــي بن أبي طالب ر ومعاوية بن أبي سفيان رض، إلاّ أن هنالك أفراد مثلوا ظاهرة الخروج في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم )  مثل : عبد الله بن ذي الخويصرة ، الذي يعتبر أول خارجي في الإسلام عندما اعترض على قسمة النبي (صلى الله عليه وسلم )  للغنائم ، ولذلك نجد أن بعض كُتاب الفرق والمقالات كالإمـام الشهرستاني أعتبــر الخروج ظاهرة عامة وأن لفظ الخوارج يطلق على كل من خرج على الإمام الذي ارتضته الجماعة سواءاً أكان هذا الخروج على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم ) أو علي عهد الخلفاء الراشدين أو على الأئمة في كل زمان .

ولخطورة هذه الظاهرة ،ظاهرة الخروج كتبتُ هذا البحث بعنوان :

الجهل بالدين وأثره في ظاهرة الخروج في تاريخ المسلمين . ولقد قسمت البحث إلي مبحثين أثنين على النحو الآتي:-

المبحث الأول : الجهل بالدين  وأثره  في ظهور الفرق والبدع  .

المبحث الثاني: أثر منهج وعقائد الخوارج على الأمة في هذا العصر .

المبحث الأولالجهل بالدين وأثره في ظهور الفَرق والبدع :

إن الجهل وضعف البصيرة بحقيقة الدين من الأسباب التي أدت وتؤدى إلي ظهــور بعض الفرق والبدع في هذا العصر ، صحيح أن فرق الخوارج المختلفة قد انقرضت ، وأصبحت مقـالاتها جزءاً من كتب الفرق والمقالات ، ولم يبق من الخوارج سوى الاباضية ، الذين لا تزال لهم بقايا حتى الأن ، ولكن الذي لم ينقرض  هو الغـلو ، والغلو الخارجي بالذات ذلك الذي يتصاعد به أصحابه حتى ليستبدلوا الكفر بالخطأ ، فلقد اختلف الزمان ، وتغيرت الملابسات، وتبدلت الأسماء والرايات ،لكن هذا الغلو الخارجي  ما يزال حياً ، تبرزه الأزمات والمحن التي تمر بها الأمـة1؛ لذلك فإن بدعة الخوارج من البدع البارزة والمشهورة ، والتي لازالت أثارها تتردد بين أنحاء العالم الإسلامي إلي الآن ، وقد أخبر الرسـول (صلى الله عليه وسلم ) عن شرها ، وحذر من الأخذ بها ، وطالب بالقضاء عليها ومحاربتها2 .

ومن الجهل بالدين الأخذ بظواهر النُّصوص من غير اعتبار للنُّصوص  الأخرى ، فلقد تجرِّأ البعض علي إصدار الأحكام في الأمور الاعتقادية وذلك من ظواهر بعض الآيات أو الأحاديث  دون  علم بباقي النصوص ولا بحكم الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين ، بل تجاوزوا وزعموا أن كتب الفقه لا تصلح لهذا العصر الذي نعيش فيه؛ لذلك لم يأخذوا بأقوال الصحابة وأقوال الفقهاء وعدوا كل من يأخذ بهذه الأقوال غير مسلم أي كافر، وقالوا: ( نحن جماعة الحق ، ومن عدانا فليس بمسلم)4.

ونتيجة لما سبق فقد وقع هؤلاء الناس في أخطاءٍ شنيعة وجسيمة ،ومن ذلك قولهم : إن المسلم إذا ارتكب معصية صغيرة أو كبيره فيلزمه التوبة فوراً و إلاَّ صار كافراً . واستدلـوا بقوله تعالى :  {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً } 5 . ولو كان ما لدينا من القرآن  هذا النص فقط لكان الحكم كما يقولون ولكن الله تعالى في الآية التي تليها يقول: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }6 فإذا جمعنا الآيتين يكون معنى ( قريب ) هو حضور الموت7.

ومن الجهل بالدين أيضا أن بعض الناس أعلنوا  أنه ينبغي الأخذ من القرآن مباشرة 0 وهذا الأمـر صعبُ‘ في زماننا هذا ،خصوصاً علي أولئك الذين  قلَّ زادهم من اللغة والسنة ،ومعرفتهم بأسباب النزول8؛ لذلك لا معنى لقولهم : ((إن العربي إنما كان يسمع الآية من آيات القران الكريم ليعمل بمقتضاها ببساطة، ويقوم بتنفيذها على الفور وإن علينا أن نفعل مثله 0 وقال البعض : إن الأحكام الشرعية التي قال بها الفقهاء إما أنهم قالوا بها لتكون مناسبة في الظروف التي أحاطت بها 0 وإن منهم خضع لتوجيهات الساسة أصحاب السلطان ممن كانوا في عصرهم ، وأن الظروف التي تمر بها دعوة الإسلام في الوقت الحاضر لم يسبق أن مرَّت بها ،وانه لذلك يجب علينا أن نطرح ذلك الفقه القديم جانباً وأن نتعامل مباشرة مع القرآن الكريم  ونستمد منه أحكاماً تلائم الظروف  التي نعيش فيها ، والملابسات التي تمر بها دعـوة الإسلام في عصرنا هذا9

إن الدعوة إلي التعاملمباشرة مع القرآن الكريم و الاقتصار عليه10 ،وطرح أحكام السنة النبوية قد كان سبباً أدي إلي ظهور فرق الخوارج وأهل البدع قديماً ، وقد قال فيهم الإمام الشاطبي :(( إن الاقتصار على الكتاب – أي القرآن الكريم – رأي قوم لا خلاق لهم ، خارجين عن السنة إذ عولوا على أن الكتاب فيه بيان كل شيء ، فأطــر حوا أحكام  السنة ، فأداهم ذلك إلى الانخلاع عن الجماعة ،وتأويل القران على غير ما أنزل الله 000 فضلوا وأضلوا “11 0 ولقد ذكر الإمام السيوطي ” أن من غالية الرافضة من ذهبوا إلى إنكار الاحتجاج بالسنة ، والاقتصار بالقرآن ،لأنهم يعتقدون أن النبوة لعلى وأن جبريل أخطأ في نزوله إلي سيد المرسلين (صلى الله عليه وسلم ) “ 12.

وفي القديم جاء رجل إلى الإمام الشافعي وأثار قضية الاقتصار على القران ،مبينا للشافعي أنه عربي وأن القرآن نزل بلغة العرب، وقد قال الله عز وجل في القران (تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ)13 ، إذن ليس هنالك حاجة إلى الاحتجاج بالسنة ، ويقتصر على الـقرآن فقط 0 فأجاب الإمام الشافعي على هذا الرجل مفندا دعواه هذه فقال :قال الله عز وجل : {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } 14 0قال الرجل

فقد علمنا أن الكتاب كتاب الله، فما  الحكمة ؟ قال الإمام الشافعي : ( سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ثم ذكر الإمام الشافعي أن الله تعالى فرض أتباع رسوله (صلى الله عليه وسلم ) وهو كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم )15.

هكذا رأيت أن هنالك من أنكر حجية السنة  في القديم ، وفي عصورنا هذه تصدى بعض الذين لا علم لهم بهذا الفن إلي إنكار حجية السنة، وقد نشرت مجلة (( المنار )) للمرحوم رشيد رضا في العدد السـابع  والثاني من السنة التاسعة مقالين للدكتور توفيق صدقي يعلن فيهما هذا الرأي تحت عنوان (( الإسلام هو القرآن وحده )) ، مستدلاً بنفس الآيات التي أستدل بها منكرو وحجية السنة قديماً ، ثم أثار عدة شبهات منها:

أولاً : قول الله تعالى : (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ)16 ، وقوله : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ) 17 ، يدل على أن الكتاب قد حوي كل شيء من أمور الدين ، وكل حكم من أحكامه ، وأنه بينَّه وفصله بحيث لا يحتاج إلي شيء آخر كالسنة ، و الا كان الكتاب مفرطاً فيه ، ولما كان تبياناً لكل شيء ، فيلزم الخلق في خبره تعالى وهو محال .

ثانياً: قول الله تعالى : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } 18 يدل على أن الله تكفل بحفظ القرآن دون السنة ، ولو كانت السنة دليلاً وحجة كالقرآن لتكفل بحفظها .

تلك هي خلاصة ما أورده الدكتور توفيق صدقي من بعض الشُبه التي أثارها حول حجية السنة ، ولا يتردد طالب العلم عن الجزم بتهافتها وضعفها ، ولكنا سنورد ما يتبيَّن به ذلك إن شاء الله تعالى19

الجواب عن الشبهة الأولي :

إن القرآن الكريم قد حوي أصول الدين وقواعد الأحكام العامة ، ونص على بعضها بصراحة ،وترك بيان الأحكام الأخرى لرسول (صلى الله عليه وسلم ) ، مادام الله قد أرسل رسوله ليبين للناس أحكام الدين، وأوجب عليهم إتباعه ،كان بيانه للأحكام بياناً للقران ، ومن هنا كانت أحكام الشريعة من كتابٍ وسنةٍ وما يتفرع عنهما من إجماعٍ وقياس ،أحكام من كتاب الله عز وجل 0إما نصا ً وإما دلالة ، فلا منافاة بين حجية السنة وبين أن القران جاء تبياناً لكل شيء 20

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى :”فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازله إلا وفى كتاب الله الدليل علي سبيل الهدي فيها 0قال الله تبارك وتعالى : {الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } 22 .وقال : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }21. وقال : ) وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ)23 0والبيان اسـم جامع لمعاني مجتمعة الأصول متشبعة الفروع ،فجماع ما أبان الله لخلقه فـي كتابه مما تعبدهم به لما مضى من حكمه جل ثناؤه من وجوه :فمنها ما أبان لخلقه نصا ً مثل جمل فرائضه في أن عليهم صلاةً وزكاةً وصوماً وحجًا ، وأنه حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ونص الزنا والخمر وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير ، وبين لهم كيف فرض الوضوء ، مع غير ذلك مما بين نصاً 0 ومنه ما احكم فرضه بكتابه ، وبين كيف هو على لسان نبَّيه (صلى الله عليه وسلم ) . مثل عدد الصلاة والزكاة ووقتها ، وغير ذلك من فرائضه التي أنزل من كتابه . ومنه ما سنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) والانتهاء إلي حكمه. فمن قبل عن رسول الله فبفرض الله قبل .

ومنه ما فرض الله على خلقه الاجتهاد في طلبه ، وابتلي طاعتهم في الاجتهاد  في طلبه ، كما أبتلى طاعتهم في غيره مما فرض عليهم . فأنه يقول تبارك وتعالى : ( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم )24 25

ثم قال الإمام الشافعـي : ” فكل من قبل عن الله فرائضه في كتابه قبل عن رسول الله سننه ، بفرض الله طاعة رسوله على خلقه ، وان ينتهوا إلي حكمه .  ومن قبل عن رسول الله فعن الله قبل ، لما افترض الله من طاعته . فيجمع القبول لما في كتاب الله ولسنة رسول الله   : القبول لكل واحد منهما عن الله ، وإن تفرَّقت فروع الأسباب التي قُبل بها عنهما ، كما أحلَّ وحرَّم، وفرض وحدَّ بأسباب متفرقة كما شاء ، جلَّ ثناؤه ، {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } 26  27.

الجواب عن الشبهة الثانية :

إنَّ الله قد تكفَّل بحفظ الشريعة كلها كتابها وسنتها، وإنَّ ما وعد الله من حفظ الذكر لا يقتصر على القرآن وحده، بل المراد به شرع الله ودينه الذي بعث به رسوله ، وهو أعم من أن يكون قرآنا أو سنة ، يدل علي ذلك قول الله تعالي : (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)28 . أي أهل العلم بدين الله وشريعته ، ولاشكَّ أن الله كما حفظ كتابه حفظ سنته ، بما هيأ لها من أئمة وعلماء يحفظونها و يتناقلونها ويتدارسونها ، ويميزون صحيحها من سقيمها ، وقد أفنوا في ذلك أعمارهم ، وبذلوا جهوداً مشكورة في حفظ السنة ، مما يجعلنا نقول إنَّه لم يضع من سنة رسول الله في الصلاة والزكاة والحج والصوم والمعاملات والفرائض شيء قطعاً . وإنَّ كل ما كان عليه رسول الله أو قـاله مجموع مدوَّن وإن اختلفت طرقه وتباينت مراتبه 29 .

وبناءً على ما سبق فقد ذهب العلماء والمحققون – دون اعتبار لقول من شذَّ من المرجفين في دين الله تعالى ، العاملين على هدم السنة إلي أنه يتحتم شرعاً وعقلاً الرجوع إلي السنة  لتفصيل ما ورد مجملاً  في القرآن وبيان كيفية أدائه لوضع الصورة العلمية والتطبيقية لتوجيهاته30 .

ومما يُستعان به في تأييد ذلك ما يلي :

رُوى أن رجلاً قال لعمران بن حصين31 : لا تحدثونا الإَّ بالقرآن  ، فقال له عمران : ” إنَّك إمرؤ أحمق ، أتجد في كتاب الله الظهر أربعاً لا تجهر فيها بالقراءة ؟ ثم عدَّد عليه الصلاة والزكاة . ونحو هذا ثم قال : أتجد هذا في كتاب الله مفسراً ؟ إن كتاب الله أبْهم هذا ، وإن السنة تفسِّر ذلك)32.

وفي هذا المعنى قال الأوزاعي : ” الكتاب أحوج إلي السنة من السنة إلي الكتاب “33.

وهكذا نجد أن أسلاف الخوارج كما يقول أبن حزم :” كانوا أعراباً قرأوا القرآن قبل أن يتفقَّهوا في السنن الثابتة عن رسول (صلى الله عليه وسلم )  ولم يكن فيهم أحد من الفقهاء ، لا من أصحاب ابن مسعود ولا أصحاب عمر…ولهذا نجدهم يكفر بعضهم بعضاً عند أقل نازلة تنزل بهم من دقائق الفتيا وصغارها“34

و لاشك أن هذا المنهج الذي سلكه الخوارج في فهم القرآن الكريم قد أدي بهم إلي الوقوع في أخطاء شنيعة ، فكفروا المجتمع ، وأسقطوا بعض الحدود كحد الزاني المحصن وحد الخمر ، وكفروا أرباب الذنوب وأخرجوهم من الملَّة، وحكموا بتخليدهم في النار . وغير ذلك من الشنائع والأخطاء التي وقع فيها هؤلاء .

ولا شك أيضاً أن كل من يسلك منهج الخوارج في إطراح السنة وعدم الاعتماد عليها في أي زمان ؛ سوف ينتهي إلي نفس النتائج التي انتهى إليها الخوارج ويقول بنفس الأحكام التي قالوا بها من تكفير للمجتمع ولمرتكب الكبيرة وغيرها .

لقد انقرضت فرق الخوارج وذابت في لجة التاريخ ، ولكن الذي بقى هو التطرف والغلو ومنهج الخوارج في فهم القرآن الكريم ، هذا المنهج الذي سوف يؤدى إلي ظهور فرق وبدع جديدة متى ما تم الاعتماد عليه و اتخاذه سبيلاً لفهم القرآن الكريم من قبل أولئك الجهال الذين جهلوا مقاصد الشريعة الإسلامية ، وقل فقهم في الدين .

إن الجهل وقلة الفقه في الدين هو الذي أوقع جماعة التكفير والهجرة – أتباع شكري مصطفي – في أخطاء شنيعة  حيث ذهبت هذه الجماعة ، كما ذهب الخوارج من قبل إلي إن ارتكاب الكبائر يخرج من الملة ، ويحكم علي فاعلها بالكفر ، وقالوا إن كلمة كفر في الشريعة استخدمت للدلالة علي نقيض الإيمان ، وهي تشتمل علي كلمات الفسق والظلم والعصيان ، وأن هذه الكلمات الثلاث تدل علي معني واحد وهو الكفر الملي ، والاختلاف بينهما يعود إلي الاختلاف في مداخل الكفر لا في حقيقته.

وساوي جماعة التكفير والهجرة – كما فعل الخوارج –بين الخطأ في الاعتقاد والخطأ في  العمل ، وأنكروا التفرقة بينهما . وقالوا : لم يحدث أن فرقت الشريعة بين الكفر العملي والكفر القلبي ، ولا أن جاء نص واحد يدل أو يشير أدني إشارة إلي أن الذين كفروا بسلوكهم غير الذين كفروا بقلوبهم واعتقادهم ، بل كل النصوص تدل  على إن عصيان الله عملاً والكفر به سلوكاً وواقعاً هو بمفرده سبب العذاب في النار والحرمان من الجنة35 .

ولعل الذي أوقع هذه الجماعة في مثل هذه الأخطاء في الفهم والاستنتاج وفي العمل والممارسات خطؤهم المنهجي الذي اتبعوه في معالجة النصوص وفهمها واستنباط الأحكام منها ، حيث زعمت هذه الجماعة أن القرآن لا يحتاج إلي تفسير ، ومن ثم يمكن أن تؤخذ الأحكام منه ومن السنة مباشرة . وقالوا في ذلك : من اعتقد أن كلام الله ورسوله يحتاج إلي شرح فقد كفر ، لأنه اعتقد  بأن كلام البشر أبين  و أوضح من كلام الله ” واستدلوا على رأيهم هذا بقوله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } 36 . كما احتجوا أيضاً بقولهم :” هل كلام الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم )  أبْين أم كلام غيرهما ؟ فإن قالوا كلام الله أبين وجب عليهم إتباعه وكفونا مؤونة الرد عليهم ، وإن قالوا العكس فقد كفروا وصادموا النصوص)37 .

أما جماعة محمد عبد الرحمن الخليفي الصغيرة التي فجرت أحدث مسجد الثورة في عام 1994م بالسودان ، فقد أوقعهم الجهل في أخطاء وممارسات فادحة ، حيث أنهم أنكروا الإجماع والقياس والاجتهاد، وكفروا أهل السودان جميعاً – كما فعل الخوارج من قبل – وقالوا بأن السودان دار حرب وهم لا يؤدون صلاة الجماعة مع المسلمين ، ومرتكب الكبيرة عندهم كافر والمذاهب الإسلامية سبب تمزق المسلمين وخلافهم . وهم يقتلون المسلمين . وقد قتلوا ستة عشر مصلياً في مسجد الثورة . وهذا قليل  من بدعهم من واقع محضر المحاكمة38 .

هكذا رأينا عاقبة ومصير كل من لم يهتدِ بهدى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة . فكـل آفة جاءت في الإسلام ، وكل بلاء شمل المسلمين فإنما هو من ترك الاعتصام بهما، فصار أهل الملَّة الإسـلامية  اليوم يضلَّل بعضهم بعضاً،  ويبدع أحدهم الآخر ويكفِّر بعضهم بعضاً من غير دليل وبرهان من قرآنٍ أو سنة39 .

المبحث الثانيأثر منهج و عقائد الخوارج على الأمة في هذا العصر :

لقد كانت لعقائد الخوارج آثار واضحة علي الأمة ، تمثل ذلك في الخروج علي الإمام الشرعي ، وتكفير المجتمع واستباحة دماء أفراده ، وهذه الظاهرة تطل من جديد من فترة إلي فترة عندما تتوفر بعض الظروف . لذلك سوف نتحدث عن ظاهرة الخروج في هذا العصر باعتبارها أثر من آثار عقائد الخوارج ومنهجهم في فهم النصوص .

وقبل أن نتحدث عن ظاهرة الخروج في هذا العصر لابد أن نتحدث عن الأسباب التي أدت إلي بروز ظاهرة الخروج بشي من الإيجاز . أو بمعني آخر الأسباب العامة أو التاريخية لظاهرة الخروج ، وبذلك يمكن أن نقارن بين الأسباب العامة للخروج والأسباب الحالية للخروج في هذا العصر ، وقطعاً سوف نجد أن هنالك قدراً مشتركاً بين هذه وتلك في الأسباب والدوافع والغايات ، ونجد اختلافاً أيضا اقتضته الظروف والأحوال الخاصة بكل جماعة وعصر . وسوف نتحدث أيضاً عن مصطلح أو لفظ “خارجي” ، “وخوارج” ونبين معني ودلالة هذين اللفظين ، وعلي من يطلق لفظ “خارجي”، “وخوارج ” وبهذا نبدأ الحديث.

لفظ “الخوارج ” بهذا  المعني الذي يشير إلي الانشقاق ومفارقة الجماعة ، قد وُجِدَ أفـرادٌ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ) مثلوا هذه الظاهرة ، أي ظاهرة الخروج علي الإمام الشرعي الذي ارتضته الجماعة40 وينطبق هذا المعني علي كل من خرج علي الإمام الشرعي من لدن سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم )   والصحابة والتابعين ،  وأتباع التابعين إلي عصرنا هذا ، وفي كل زمان41

ولقد وردت العديد من الأحاديث الصحيحة التي تتحدث عن هؤلاء الخــوارج وأوصافهم وذمهم والأمر بقتالهم .منهــا ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري أنه قال  : ” بعث علي بن أبي طالب إلي رسول الله  صلى الله عليه وسلم ) من اليمن بذهبة في أديم مقروظ لم تُحصل من ترابها، قال: فقسمهـا بين أربعة نفر : بين عيينة بن حصن ، والأقرع بن حـابس، وزيد الخيل ، والرابع إما علقمة بن علاثة وإما عامر بن الطفيـل .  فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء . فبلغ ذلك النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : ” ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء قال : فقام رجل غائر العينين ، مشرف الوجنتين ، نـاشز الجبهة ، كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار . فقال يا رسول الله أتق الله . فقـال : ويلك ، أو لست أحق أهـل الأرض أن يتقى الله قال : ثم ولى الرجل فقال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب  عنقه . فقال : لا لعلَّه أن يكون يصلى قـال خالد : وكم من مُصل ًّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : أني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم قال : ثم نظر إليه وهو مُقف قال : إنه يخرج من ضئضئ42 هذا قوم يتلون كتاب الله  رطباً لا يجاوز حناجرهم  يمرقـون من الدين كما يمرق السهم من الرمية . قال : أظنه قال : لئن أدركتهم لأقتلنَّهم قتل ثمود“43 .

وذلك الرجل الذي خاطب النبي (صلى الله عليه وسلم ) هو عبد الله بن ذي الخويصرة

وذو الخويصرة هذا هو حرقوص بن زهير السعدي الذي كان مع علىٍّ في حروبه ثم صار مع الخوارج فقتل معهم44.

وبذلك يُعتبر ذو الخويصرة أول من مثل ظاهرة الخروج والاتجاه الخارجي ، ولكن اسم الخوارج لم يطلق على جماعة ما الا بعد فترة من الزمن ، فأطلق على أولئك النفر الذين خرجوا على الإمام على بن أبي طالب ر عندما قبل التحكيم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان ( رضي الله عنه) . إذ اعتبر هؤلاء أن التحكيم ذنب تجب التوبة منه . وإنه لا حكم إلا الله . ثم انحازوا إلي قرية ” حروراء ” وعيَّنوا شبث  بن ربعي التميمي أميراً للقتال . وعبد الله بن الكواء اليشكري إماماً للصلاة45 .

وإذا تتبعنا سيرة هؤلاء الخوارج نجد أن هنالك أسباباً دفعتهم إلي الخروج هي:

أولاً : الخلافة :

كان للفرق التي نشأت خلال القرن الأول الهجري نصيب كبير من موضوع الخلافة أو الإمامة ، ولعل بعضها لم ينشأ إلا لأنه كان ذا نظرة خاصة في موضوع الإمامة أو بعبارة أخرى أن نشأتها كانت نتيجة لعوامل سياسية محضة ، وهنالك ما يشبه الإجمــاع بين المؤرخين قديماً وحديثاً على أن الدوافع التي دفعت بالخوارج إلي الظهور في تـاريخ المسلمين كـانت في أول أمرها وجهة نظر سـياسية ، ثم تطوَّرت فتحولت من الجانب السياسي إلي الجانب الفكري العقائدي . ومن هنا يذهب معظم كُتاب الفرق إلي أن مسألة الخلافة أول مسألة اشتد فيهـا الخـلاف بين المسلمين وتشعَّبت حولها آراؤهم ، وتكون حولها أهم الفرق في العصر الإسلامي الأول الخوارج والشيعة 46 .

لذلك لابدّ من الاعتصام بالكتاب والسنة  لتجنب الزيغ والضلال و الاختلاف  والفرقة و لابدَّ من التفقه في الدين ومعرفة الأحكام الشرعية التي وردت في كتاب الله تعالى ، والتفقه في السنن المروية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فإن القرآن الكريم  والسنة النبوية هما مصدرا التشريع الإسلامي ، وإن الإجماع والقياس يبنى عليهما . وإن السنة النبوية ترد من القرآن الكريم موارد عدة فهي التي تفصل ما جاء مجملاً في القرآن ، وتقيد مطلقه وتخصص عامه وتنسخ بعض أحكامه . فأن الله تعالى أعطى رسوله (صلى الله عليه وسلم) حق التشريع لهذه الأمة والنبي (صلى الله عليه وسلم ) عندما يشرع فبوحي من الله تعالى .

ومن الجهل وضعف البصيرة بالدين إطراح وإهمال أحكام السنة والاكتفاء  بالقرآن الكريم فقط ، فإن ذلك سبب للهلاك والخسران والبوار . نسأل الله تعالى الهداية والنجاة .

ثانياً : التأويل:

لا يرتاب عاقل أن جميع المصائب التي جرت في صدر الإسلام ووقوع الفتن وظهور الفرق كلها متفرعة عن التأويل الـباطل ، الذي لا ينتج إلا شراً، وأما التأويل الذي يراد به تفسير مراد الله ومراد رسـوله بالطـرق الموصـلة إلى ذلك فهذه طريقة الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، وهي التي أمر الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم ) بها ومدح أهلهـا 0

إذن فالتأويل الصحيح يعود إلي فهم مراد الله ورسوله والي العمل بالخير ، وأن التأويل الباطل يراد به ضد ذلك ، أي الخروج بالنصوص عن معناها الذي أراده الله ورسـوله إلي البدع والضلال47

وهذا التأويل الباطل هو ما فعلته الرافضة في أحاديث فضائل الخلفــاء الراشدين وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ، وكذلك فعلت المعتزلة في تأويل أحاديث الرؤية ، والشفاعة ، وكذلك والقدرية في نصوص القدر ، وكذلك الحرورية وغيرهم من الخوارج  في النصوص التي تخالف مذاهبهم”48 0

ثالثـا : العصبية :

يقسم المؤرخون العرب قسمين عظيمين : قسم عدناني مضـري وهم عرب الشمال المنحدرون من عدنان ونزار ومضر، وقسم قحطاني ينحدر من قحطان ، وموطنهم بلاد اليمن من أشهر قبائلهم : جُرْهُم ويَعرِب وغيرهما”049

لقد كانت القبائل العربية في تناحرٍ شديد فيما بينهـا وتقاتل مستمر 0فلما جاء الإسلام حرم النداء بالعصبية ؛ لأنه قام علي أساس المساواة بين المسلمين كافة والمساواة بين الأجناس والأعراق ، لا فرق في ذلك بين عربي وأعجمي فالإسلام يخاطب الإنسان بما هو إنسان لا بما هو عضو في قبيلة أو أمة 0

يؤيد ذلك ما ورد في القـرآن الكريم من الآيـات البينات ، فلقد قـال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }. وقال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)50 . وما أثر عن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) حيث قال : ” إن الله قد أذهب عنكم عصيبة الجاهلية وفخرها بالآباء ، إنما هو مؤمن تقي أو فاجـر شقي، الناس بنو آدم وآدم خُلق من تراب و لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى”51 . وبالتالي اختفت العصبية تماماً ، ولكنها سرعان ما أطلَّت برأسها إبان حروب الردة. فُيروى أن مسيلمة الكذاب حينما تنبأ في بني حنيفة أتبعه الناس على العصبية . وكان منهم من يقول :” إنا لنعلم أن محمداً صادق ومسيلمة كاذب ولكن كاذب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر”52 .

ولقد كانت العصبية من الأسباب المباشرة في ظهور الخوارج وكثرتهم53 ، وهنالك أيضاً سبب ساعد في زيادة عدد الخوارج ، وهو أن الدولة الأموية وقد كانت عربية ، كانت شديدة التعصب للعرب ولم تعط الموالي حقهم الكامل في الإسلام وأرادت الإسلام عربياً ، ولم تفهم أنه دين الكافة لأن الله بعث محمداً بشيراً ونذيراً للكافة ؛ لا لقوم دون قوم ، وأن الإسلام سوَّى بين الناس في الشرف، ولا تفاضل فيه بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى كما صرح القرآن الكريم وكما قرر النبي الأمين (صلى الله عليه وسلم ) 54.

هذه الأسباب التي سقناها وتحدثنا عنها هي الأسباب العامة أو الأسباب التاريخية  والتي أدت إلي أدت إلي ظهور الخوارج قديماً، وهذه الظاهرة مازالت مستمرة ، فأن ظاهرة الخروج بما تحمله من مبادئ ومنهج لم تنته بنهاية الخوارج الذين ظهروا في تلك الفترة المتقدمة من تاريخ الإسلام فإلي جانب الإباضية الذين يعيشون في مرحلة الكتمان ويعتبرون أنفسهم امتداداً لمن عُرفوا بالمحكِّمة ، ظهرت في هذا العصر جماعات وأفراد تبنوا منهج الخوارج وأسلوبهم واعتنقوا كثيراً من أفكارهم ومبادئهم ، ومن أشهر هذه الجماعات كما أسلفنا جماعة المسلمين أو ” جماعة التكفير والهجرة ” كما أطلقت عليهم أجهزة الإعلام والتي لاحظ معظم من كتبوا عنها الارتباط  الوثيق بين أفرادها وبين الخوارج رغم اختلاف الدوافع والغايات بين الفريقين55.

كما أنه قد ظهر أفراد قلائل في السودان في العـ1994م ـام تبنوا منهج الخوارج في تكفير أفراد المجتمع واستباحة قتلهم ، وكان على رأسهم محمد عبد الله عبد الرحمن الخليفي ، الذي قدم من السعودية ، ولقد وصفت المحكمة التي نظرت في قضية هؤلاء الأفراد بأنهم خوارج وأزارقه هذا العصر56  .

والجدير بالذكر أن العلماء قد ذكروا أسباباً تؤدى إلي استيقاظ تلك الظاهرة القديمة المتجددة ، أي ظاهرة الخروج وتكفير المسلمين ويمكن إجمالها فيما يلي :

$11.انتشار الفساد والفسق والإلحاد في المجتمعات الإسلامية دونما محاسبة من أحد ، ولا من قبل الحكام ، ولا من قبل المجتمعات الإسلامية . فأثر ذلك على بعض الشباب ، فكان لابدَّ أن تتعقّد أحاسيسه ومشاعره فينْقم على كل ما حوله من أوضاع متردية57.

$12.  ضعف البصيرة  بحقيقة الدين وضعف المعرفة بالتاريخ والواقع وسنن الكون والحيــاة ، ومنهج أهل السنة والجماعة

$13.      محاربة الحركات الإسلامية الإصلاحية من قبل حكام المسلمين وامتلاء السجون بدعاة الإسلام 58؛ مما أدي إلي ظهور بعض الجماعات الإسلامية المتشددة في منهجها وفكرها بسب مـا أصابهم من التعذيب والإرهاق في  تلك السجون59

ولا شك أن هذه الأسباب تدفع بتلك الجماعات والأفراد إلي اتخاذ ذلك الموقف المتطرف والغلو وتكفير المجتمع واستباحة دماء أفراده وفي تقديري إذا استثنينا الظرف التاريخي الذي أدي إلي ظهور الخوارج الأول وأفكارهم ومعتقداتهم – وهو الفتنة الكبرى وقضية الإمامة – فإنَّ الأسباب التي تؤدي إلي الخروج في هذا العصر وتبني آراء الخوارج وأفكارهم ، والتي يمكن إضافتها لما سبق ، هو التأويل ، الذي يخرج بالنصوص الشرعية عن المعاني المرادة التي قصدها الشارع إلي معانٍ أخرى يكون أساسها الابتداع والهوىوالسبب الثاني هو الأخذ بظواهر النصوص وعدم الاعتماد علي السنة النبوية وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم في تفسير القران الكريم ، ولقد عُلمِ من الدين بالضرورة أن السنة النبوية هي مصدر التشريع الثاني ، وان السنة هي التي فصلت ما ورد  مجملاً في القران ، وخصصت فيه ما ورد عاماً ،وقيدت مطلقه ،وغبر ذلك من الموارد التي تردها السنة من القران الكريم

والسبب الثالث يعود إلي البيئة والمجتمع الذي يعيش فيه أولئك الأفراد والأوضاع الدينية والاجتماعية والتربوية و الاقتصادية والسياسية لذلك المجتمع

تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش) :

يسمي هذا التنظيم بـ (تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام ) الذي يعرف اختصارا بـ ( تنظيم داعش ) . وكلمة ( داعش) هي الحروف الأولى من عبارة ( الدولة الاسلامية في العراق والشام ) , فالدال  الحرف الأول من كلمة ( الدولة ) والألف من كلمة (الاسلامية ) والعين من كلمة ( العراق ) والشين من كلمة (الشام) . , ثم جمعت هذه الحروف فصارت كلمة (داعش) . وينسب إلي هذه الكلمة فيقال ( داعشي ) والجمع فيقال لهم (الدواعش). وأتباع هذا التنظيم يرفضون هذه التسمية , ويعاقبون بالجلد كل من يستخدم هذا الاسم في المناطق التي يسيطرون عليها .

وتنظيم داعش هو تنظيم مسلح يهدف أتباعه – حسب اعتقادهم – إلي إعادة الخلافة الاسلامية , وتطبيق الشريعة , وينتشر نفوذه بشكل رئيس في العراق وسوريا , ومع وجوده في مناطق أخرى مثل : جنوب اليمن , وليبيا , وسيناء , والصومال , وشمال شرق نيجيريا , وباكستان . وزعيم هذا  التنظيم هو ابو بكر البغدادي .

أعلنت داعش بتاريخ 29/6/2014م  عن الخلافة الاسلامية , ومبايعة أبي بكر البغدادي خليفة للمسلمين , وقال الناطق الرسمي باسم الدولة أبو محمد العدناني , انه تم إلغاء أسمي العراق والشام من مسمي الدولة , وأن مقاتليها أزالوا الحدود التي وصفها بالصنم , وأن الاسم الحالي سيلغى ليحل بدلا عنه اسم الدولة الاسلامية فقط.

تأسيس التنظيم وأفكاره :

لقد انبثق تنظيم داعش من تنظيم القاعدة في العراق , الذي أسسه أبو مصعب الزرقاوي في عام 2004م , عندما كان مشاركا في العمليات العسكرية ضد القوات التي كانت تقودها الولايات المتحدة والحكومات العراقية المتعاقبة بعد غزو العراق.

وفي اكتوبر من العام 2004م أعلن الزرقاوي البيعة لزعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن , وقام بتغيير اسم جماعته إلي ( تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين ), وعرفت باسم تنظيم القاعدة في العراق , رغم أن التنظيم لم يستخدم هذا الاسم , إلا أن هذا الاسم ظل متداولا بين الناس.

وفي العام 2006م اندمج التنظيم مع مجموعة من التنظيمات الأخرى وشكلوا مجلس شورى المجاهدين في العراق . وفي العام 2014م أعلن التنظيم عن تغيير اسمه إلي الدولة الإسلامية فقط . معلنا عن نيته إقامة (خلافة عالمية ).

انتقدت العديد من المؤسسات والمجموعات الإسلامية اختيار هذا الاسم , ورفضت استخدامه , ويشاع الآن اطلاق اسم ( داعش) على التنظيم , كما يطلق على المنتمين له اسم ( دواعش).

كان لتنظيم داعش صلات وثيقة مع تنظيم القاعدة حتي فبراير 2014م , إلا أن تنظيم القاعدة قطع كل العلاقات مع تنظيم داعش . حيث تعتبر القاعدة داعش تنظيما وحشيا يقوم بقتل الأبرياء المدنيين .

والحق أن تنظيم داعش يحارب كل من يخالف آراءه وتفسيراته الشاذة من المدنيين والعسكريين , ويصفهم بالردة والشرك والنفاق , ويستحل دماءهم , ففي عام 2015م قام التنظيم بخمس عمليات انتحارية في مناطق متفرقة من الكويت والطائف والدمام والعراق, وقد نتج عن هذه العمليات مقتل ما يزيد عن 190  مدنيا.

كما قامت حركة أنصار الشريعة الموالية لداعش بتفجير 6 مساجد في اليمن اثناء أداء صلاة الجمعة شهري مارس وابريل 2015م , ونتج عنها مقتل ما يزيد عن 170  مصليا.

وهكذا رأيتَ أن تنظيم داعش يتبع تفسيرا متشددا للإسلام , ويشجع على القتل والعنف باسم الدين – على الرغم من زعم التنظيم أنه يتبع التيار السلفي وكما يعتبر التنظيم الذين يخالفونه في معتقداته وتفسيراته للإسلام كفارا ومرتدين.

كما يعتبر التنظيم أيضا الشيعة مرتدين لابد من قتلهم . ويقوم مقاتلو داعش بالتفريق بين اتباع المذاهب المختلفة بسؤال عدة أسئلة منها : الاسم ومحل السكن , وكيفية الصلاة , ونوع الاناشيد التي يستمع إليها . وهذه العملية أشبه بعملية الاستعراض التي كان يمارسها الخوارج القدامى مع الذين يخالفونهم في المعتقدات . ولذلك فإن العديد من الشيوخ أمثال مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ وعدنان العرعور وصفوا المنتمين لداعش ( بالخوارج).

معاملة تنظيم داعش للمدنيين:

خلال الصراع العراقي في عام 2014م أصدرت داعش عشرات من أشرطة الفيديو تظهر سوء معاملة المدنيين , وكثير منهم قد استهدفوا على أساس ديني أو عرقي وحذرت نافي بيلاي المفوضة السامية لحقوق الانسان في الأمم المتحدة من جرائم الحرب  التي ارتكبت وأفادت الأمم المتحدة انه في الأيام من 17 أيار ولغاية 22 حزيران , قتل داعش أكثر من 1000 مدنيا عراقيا وأصابة أكثر من 1000.

يوم 29 مايو 2014م داهمت داعش قرية في سوريا  وقتلت 15 مدنيا على الأقل ووفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش فإن من بينهم ستة أطفال على الأقل. واكد مستشفى في المنطقة أنها تلقت 15 جثة في نفس اليوم , ووفقا لوكالة رويترز فإن داعش قتلت 1878 شخصا في سوريا خلال الأشهر الستة الأخيرة من عام 2015م معظمهم من المدنيين .

وفي مدينة الموصل , قامت داعش بتطبيق مناهج دراسية في المدارس تحظر تدريس الفن والموسيقي والتاريخ الوطني والأدب والمسيحية , وقد اعلنت أن الأغاني الوطنية كفر وأعطت الأوامر لإزالة بعض الصور من الكتب المدرسية.

وبعد الاستيلاء على مدن عراقية أصدرت داعش مبادئ توجيهية وتعليمات في كيفية ارتداء الملابس والحجاب وحذرت النساء في مدينة الموصل من مغبة مخالفتها وخيرهم بين ارتداء النقاب أو مواجهة عقوبات صارمة . وقال رجل دين لوكالة رويترز في الموصل ان مسلحي داعش أمرته أن يتلو التحذير في مسجده عند تجمع المصلين .وفي مدينة الرقة تم استخدام كتيبتين من النساء في المدينة لفرض تطبيق الأوامر من قبل النساء.

واصدر داعش وثيقة تحوي على مجموعة من القواعد التي تستهدف المدنيين في محافظة نينوى  ومن بين قواعدها أن المرأة يجب أن تبقي في المنزل ولا تخرج في الشارع ما لم يكن ضروريا . وقال بند آخر أن عقوبة السرقة تكون قطع اليد وبالإضافة إلي العرف الإسلامي الذي يحظر بيع وتعاطي الخمر والكحول فإن داعش حظرت بيع واستخدام السجائر والشيشه وحظرت أيضا الموسيقي والأغاني في السيارات والمحلات التجارية , وامام الملأ , وكذلك صور الأشخاص في واجهات المحال التجارية.

ووفقا لمجلة الإيكونوميست فإن داعش عين في الرقة 12 من القضاة وهم  سعوديون وتشمل مهامهم إنشاء الشرطة الدينية وفرض الحضور في الصلاة واستخدام واسع لعقوبة الاعدام , وتدمير الكنائس والمساجد غير السنية أو تحويلها إلي استخدامات أخرى.

ولقد قامت داعش بتنفيذ عمليات إعدام على كل من الرجال والنساء الذين كانوا متهمين بأعمال مختلفة , وأدين بارتكاب جرائم ضد الإسلام مثل الشذوذ الجنسي , والزنا , ومشاهدة المواد الاباحية , واستخدام وحيازة الممنوعات والاغتصاب والتجديف ونبذ الاسلام والقتل. وقبل ان يتم تنفيذ العقوبات بحق للمتهمين تتم قراءة التهم الموجهة إليهم وبحضور مجموعة من المشاهدين , وأما عقوبة الإعدام فتتخذ أشكالا مختلفة بما في ذلك الرجم حتي الموت , والصلب وقطع الرؤوس , وحرق الناس أحياء , ورمي الناس من البنايات الشاهقة.60

الخاتمة

وقد تناولت في هذا البحث أثر الجهل بالدين وعدم معرفة السنة المطهرة في ظهور الفرق والبدع قديماً وحديثاً، كبدعة الخروج على الإمام الشرعي الذي ارتضته الجماعة

ثم تحدثت عن الأسباب العامة  للخروج مثل : الخلافة – والتأويل – والعصيبة . تم ختمت البحث بالحديث عن أثر منهج الخوارج  وعقائدهم على الأمة في هذا العصر .

ومن خلال معالجة هذا الموضوع توصلت إلي النتائج الآتية :

$11.إن ظاهرة الخروج هي ظاهرة عامة حدثت  في زمن النبي (صلى الله عليه وسلم ) وفي عهد الخلفاء الراشدين من بعده ، وتظهر في كل زمان متى ما توفرت أسباب كالجهل بالدين والتأويل ونحوه .

$12.إن الأخذ بظواهر النصوص من غير اعتبار للنصوص الأخرى ومن غير معرفة بالسنن الراتبة عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) هو الذي أوقع الخوارج الأُولَ في أخطاء شنيعة في العمل والممارسات ، وأن هذا الأمر – أي عدم الاعتماد على السنة – إذا كان منهجاً لأي فرقة أو جماعة فأنها سوف تقع في نفس الأخطاء التي وقع فيها الخوارج ، كما حدث لجماعة التكفير والهجرة وغيرها.

التوصيات :

$11.أوصي العلماء والمؤسسات التعليمية كالجامعات والمعاهد بنشر العلم الشرعـي من مصدريه القرآن الكريم والسنة النبوية

$12.كما أوصى الجميع حكاماً ومحكومين بتطبيق شرع الله تعالى في مجالات الحياة كلها السياسية و الاقتصادية  والاجتماعية وغيرها .

المراجع :

إرشاد الفحول إلي تحقيق علم الأصول ، الإمام الشوكاني محمد بن علي بن محمد ، تحقيق أبي مصعب محمد سعيد البدري ، دار الفكر – بيروت ، طبعة أولي 1412ه 0

$11.           إعلام الموقعين عن رب العالمين ابن قيم الجوزية ،  تحقيق طه عبد الرؤوف سعد ، دار الجيل – بيروت

$12.           أسد الغابة في معرفة الصحابة ، ابن الأثير الجزري ، دار الفكر – بيروت ،1404 -1989م0

$13.           الأساليب الحديثة في مواجهة الإسلام، د- سعد الدين السيد صالح ، دار الأرقـم ، الزقازيق طبعة ثانية (1413هـ  -1993م )  .

$14.           التكفير جذوره وأسـبابه ومبرراته ، د. نعمان السـامرائي ، المنـارة للطباعة والنشر – طبعة أولى ( 1404هـ – 1984) .

$15.           الحد الفاصل بين الكفر والإيمان – جمعة أمين عبد العزيز – دار الدعوة – الإسكندرية – طبعة أولى  (1413هـ) .

$16.           الحكم وقضية تكفير المسلم ، سالم البهنساوي ، دار البحوث العلمية – الكويت – طبعة ثالثة  ( 1405 – 1985م) .

$17.           الخوارج د. عبد القادر البحراوي دار المعرفة الجامعية – القاهرة طبعة عاشرة (1997م ) .

$18.             الخوارج والأصول التاريخية لمسألة تكفير المسلم د. مصطفى حلمي  دار الأنصار – القاهرة – طبعة أولي (1397هـ  – 1977م ) .

$19.                 الدين الخالص ، السيد محمد صديق حسن – دار الكتب العلمية – بيروت طبعة أولي ( 1415هـ – 1995م) .

$110.             الرسالة ،الإمام الشافعي ، تحقيق أحمد محمد شاكر ، دار الفكر  – بيروت – بدون تاريخ طبع .

$111.              السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي –  د. مصطفى السباعي – المكتب الإسلامي – بيروت طبعة ثالثة ( 1402هــ – 1982م ) .

$112.      السيرة النبوية المعروفة بسيرة أبن هشام – أبو محمد عبد الملك بن هشام ، تحقيق جمال ثابت ومحمد محمود  – دار الحديث – القاهرة – بدون تاريخ طبع .

$113.             الشريعة ، أبوبكر الآجرى تحقيق محمد حامد الفقى ، مطبعة السنة المحمدية – القاهرة ( 1369هــ).

$114.             الفصل في الملل والأهواء والنحل ، أبن حزم الظاهري دار الجيل – بيروت – طبعة ( 1405هــ – 1985م).

$115.             الموافقات في أصول الشريعة ، الإمام الشاطبي ، تحقيق محمد عبد الله دراز – دار المعرفة – بيروت.

$116.             الملل والنحل ، الإمام الشهرستاني ، تحقيق عبد العزيز الوكيل ، مكتبة الرياض الحديثة – الرياض .

$117.             الوحدة الإسلامية – الإمام محمد أبو زهرة – دار الرائد العربي – بيروت (1978م) .

$118.      تاج اللغة وصحاح العربية ، إسماعيل بن حماد الجوهري – تحقيق أحمد عبد الغفور عطار – دار العلم للملايين- بيروت – طبعة ثالثة (1404هــ – 1984م ) .

$119.             تيارات الفكر الإسلامي د. محمد عمارة ، مكتبة النهضة المصرية – القاهرة .

$120.             جامع بيان العلم وفضله – أبن عبد البر النمري – دار الفكر – بيروت .

$121.             حجية السنة ، عبد الغني عبد الخالق ، الدار العلمية للكتاب الإسلامي – الرياض (1415هــ) .

$122.      دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين ، د. أحمد محمد أحمد جلي ، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية– الرياض– طبعة ثانية ( 1408هــ – 1988) .

$123.             دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين ، محمد الغزالي ، دار الشروق – القاهرة طبعة إلى ( 1418هــ – 1997م ) .

$124.             دعاة لا قضاة ، الأستاذ الهضيبي ، دار التوزيع للنشر– القاهرة بدون تاريخ طبع.

$125.             صحيح الإمـام البخاري ، مركز الدراسـات والإعلام – الرياض .

$126.             صحيح الإمام مسلم ، دار حياء التراث العرب – بيروت .

$127.             صفة الصفوة ، عبد الرحمن بن الجوزي ، دار الجبل – بيروت – طبعة ( 1410هــ – 1990م ) .

$128.             كتاب الأم ، الإمام الشافعي ، دار الفكر – بيروت – طبعة ( 104هــ – 1989م ) .

$129.             مروج الذهب ومعادن الجوهر ، المسعودي ، دار الفكر – بيروت  طبعة ( 1409هـ – 1989م ) .

$130.             مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة ، الإمام السيوطي ، مصر – بدون تاريخ طبع .

$131.             مسند الإمام أحمد بن حنبل .

$132.             منزلة السنة من الكتاب وأثرها في الفروع الفقهية ، محمد سعيد منصور ، مكتبة وهبة  – القاهرة – طبعة أولى ( 1413هـ – 1993م ) .

$133.         مواعظ في قضية مجزرة الثورة ، عبد الرحمن شرفي ، دار جامعة أفريقيا العالمية – الخرطوم – طبعة أولى ( 1994م ) .

الهوامش :

$11.   تيارات الفكر الإسلامي د. محمد عمارة مكتبة النهضة المصرية – القاهرة (ص45-46) .

$12.   الحد الفاضل بين الكفر والإيمان ، جمعة أمين عبد العزيز ، دار الإسكندرية ، طبعه أولي 1413هــ – 1992م  ، (ص 36-37 ) .

$13.   الحكم وقضية تكفير المسلم ، سالم البهنساوي ، دار البحوث العلمية – الكويت ، طبعة ثالثة 1405هـ – 1985م ( ص 80-81) .

$14.   دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين ، محمد الغزالي ،دار الشروق – القاهرة ، طبعة أولى (1418هــ – 1997) ( ص177).

$15.   سورة النساء ( آية 17) .

$16.   سورة النساء الآية 18

$17.   التكفير جذوره وأسبابه ومبرراته ، د. نعمان عبد الرازق السامرائي ، المنارة للطباعة والنشر طبعة أولى 1404هــ  – 1984م (ص58) .

$18.   المرجع نفسه (ص57) .

$19.     دعاة لا قضاة ، الأستاذ / حسن الهضيبي ، دار التوزيع للنشر – القاهرة – بدون تاريخ طبع (ص219) .

$110.       هنالك بعض الجماعات اليوم في باكستان والنيجر ونيجريا  أطلق عليهم اسم ( القرآنيين ) وجماعة بوكوحرام  وهم ينادون بالتعامل  مباشرة مع القرآن دون الرجوع إلي السنة

$111.             الموافقات ، الإمام الشاطبي (ج4) ( ص17-18) .

$112.             مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة ، الأمام السيوطي ، طبعة مصر ، بدون تاريخ طبع (ص3) .

$113.             سورة  النحل آية (89) .

$114.             سورة الجمعة الآية (2) .

$115.              كتاب الأم ، الأمام الشافعي ، دار الفكر – بيروت ، طبعة 1410هــ- 1990م  (ج6)  (ص219).

$116.             سورة النعام الآية (38) .

$117.             سورة النحل الآية (89) .

$118.             سورة الحجر الآية (9) .

$119.             السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ، د. مصطفي السباعي ، المكتب الإسلامي – بيروت طبعة ثالثة (1402- 1982م ) (ص153-154) .

$120.               المرجع نفسه (ص154).

$121.             سورة إبراهيم الآية (1) .

$122.             سورة النحل الآية (44) .

$123.             سورة النحل الآية ( 89) .

$124.             سورة محمد الآية (31) .

$125.             الرسالة ، الإمام الشافعي  ، تحقيق أحمد محمد شاكر ، دار الفكر – بيروت – بدون تاريخ طبع (ص20- 22)

$126.             سورة الأنبياء الآية (23) .

$127.             الرسالة ، الإمام الشافعي (ص33) .

$128.             سورة النحل الآية ( 43) .

$129.             حجية السنة ، عبد الغني عبد الخالق ، الدار العالمية للكتاب الإسلامي – الرياض ، طبعة (1415هــ – 1995م ) ( ص390) .

$130.      منزلة السنة من الكتاب وأثرها في الفروع الفقهية  ، محمد سعيد منصور  ، مكتبة وهبة – القاهرة ، طبعة أولى   (1413هـ – 1993م ) (ص119) .

$131.      عمران بن حصين : أبو نجيد عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي ، من علماء الصحابة – أسلم عام خيبر السنة السابعة للهجرة ، بعثه عمر إلي أهل البصرة ليفقه أهلها ، و ولاه زياد قضـاءها ، وكان مجاب الدعوة . له في كتب الحديث ثلاثة  عشر حديثاً ، وتوفى سنة (52هـ)  بالبصرة . انظر أُسد الغابة في معرفة الصحـــابة ، ابن الأثير علـــى بن محمد الجزري دار الفكــر – بيروت  طبعة (1409هــ – 1989م )  (ج3)  ( ص 778 – 779 ) وأنظر أيضــاً صفة الصفـــــوة ، ابن الجزري(ج1)   (ص681) .

$132.             أخرجه ابن عبد البر في ” جامع بيان العلم وفضله” باب موضع السنة من الكتاب وبيانها له ( ص 495 – 496) .

$133.      إرشاد الفحول إلي تحقيق علم الأصول ، الإمام الشوكاني محمد بن علي بن محمد ، تحقيق أبي مصعب محمد سعيد البدري ، دار الفكر – بيروت – طبعة  أولي (1412هـ – ص96) .

$134.             أنظر دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين ، د. أحمد محمد أحمد جلي (ص65)

$135.             انظر دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين (ص122) .

$136.             سورة إبراهيم الآية (4) .

$137.             الحكم بغير ما أنزل الله ( ص128)  نقلاً عن دراسة عن الفرق في تاريخ (ص139) .

$138.             انظر مواعظ من قضية مجزرة مسجد الثورة ، عبد الرحمن شرقي طبعة أولى عام 1994م  (ص167)

$139.             الدين الخالص  ،السيد محمد صديق حسن القنوجي البخاري ، صححه محمد سالم هاشم ، دار الكتب العلمية – بيروت طبعة أولى (1415هـــ  – 1995 م ) (ج3) (ص4) .

$140.             الملل والنحل , الشهرستاني  (ص114)

$141.             الشريعة ، الآجري (ص22) .

$142.             الضئضئ : هو الأصل . قال الكميت وجدتك في الضنءِ من ضئضئٍ أحل الأكابر منه الصغـــــارا

أنظر : تاج اللغة وصحاح العربية ، إسماعيل بن حماد الجوهري ، تحقيق أحمد عبد الغفور عطَّار ، دار العلم للملايين  – بيروت – طبعة ثالثة (1404هــ 1984 م) (ج1) ( ص60) .

$143.      صحيح مسلم بشرح النووي كتاب الزكاة ، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (ج4) ( ص174) وانظر صحيح البخاري كتاب الأنبياء ، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (ج4) (ص174) وانظر صحيح البخاري ، كتاب الأنبياء باب قوله تعالــى ” وإلي عادٍ أخاهم هودا” (ج4) (ص108) وانظر الشريعة الآجرى (ص22) .

$144.             صحيح مسلم بشرح النووي (ج4) (ص174).

$145.             دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين د. أحمد محمد أحمد جلي (ص55) .

$146.             الخوارج د. عبد القادر البحراوي (ص55).

$147.             الخوارج  د. عبد القادر البحراوي  (ص80- 81 ).

$148.             أعلام الموقعين – أبن قيم الجوزية (ج4)  (ص250) .

$149.      السيرة النبوية المعروفة بسيرة أبن هشام – أبو محمد عبد الملك بن هشام تحقيق جمال ثابت  ومحمد محمود – دار الحديث – القاهرة – بدون رقم طبعة وتاريخ (ج1) ( ص26- 27) .

$150.             سورة الحجرات الآية (10)

$151.             أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في المسند(ج3) (ص386) مسند أبي هريرة .

$152.             تاريخ الطبري (ج2) (ص 277).

$153.             الخوارج د. عبد القادر البحراوي ( ص88) .

$154.             الوحدة الإسلامية الإمام محمد أبو زهرة – دار الرائد العربي –بيروت – طبعة 1978م (ص164) .

$155.             الحكم وقضية تكفير المسلم ، سالم البهنساوي – دار البحوث  العلمية – الكويت – طبعة ثالثة (1405هــ – 1985 م ) (ص16 – 17) .

$156.             مواعظ من قضية مجزرة مسجد الثورة ، عبد الرحمن شرفي – دار جامعة أفريقيا العالمية – الخرطوم – طبعة أولى (1994) (ص124) .

$157.             الخوارج  والأصول التاريخية لمسألة تكفير المسلم د. مصطفى حلمي – دار الأنصار – القاهرة – طبعة أولى (1397هــ -1977م) – المقدمة ( ص ط) .

$158.             الموسوعة الميسرة (ج1) ( ص 340 – 310) .

$159.      الأساليب الحديثة في مواجهة الإسلام د. سعد الدين السيد صالح – دار الأرقم للطباعة والنشر – الزقازيق – طبعة ثانية ( 1413هـــ –  1993م ) ( ص301) .

$160.             الموسوعة الحرة .

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …