الرئيسية / النظرية السياسية / فكر وفلسفة سياسية / معوقات الحوار بين الشرق والغرب
معوقات الحوار بين الشرق والغرب
معوقات الحوار بين الشرق والغرب

معوقات الحوار بين الشرق والغرب

معوقات الحوار بين الشرق والغرب

د.أحمد عارف أرحيل الكفارنة

أستاذ العلوم السياسية المساعد

جامعة البلقاء التطبيقية

المملكة الأردنية الهاشمية

الملخص :

تشكل العلاقة بين الشرق والغرب احد الإشكالات التي أخذت الكثير من جهد المؤسسات الرسمية السياسية وغير الرسمية في الشرق- والوطن العربي على وجه الخصوص من جهة والغرب من جهة أخرى .

إن العالم اليوم مدعو أكثر من اى وقت مضى إلى الدخول في حوار بصورة هادفة على كافة المستويات ليثبت جدارته وأهليته ومساهمته في صياغة الحضارة الإنسانية الراقية بالرغم من اختلاف التفافات وتعدد الألوان واللغات , ولا يمكن تصور طي المسافة الشاسعة بين الشرق والغرب بسهولة رغم التقدم التكنولجى المعاصر لان كلا الطرفين لم يتخلصا بعد من عقدة الماضي التي تحمل فى ثناياها صوراً من صور الصراع الحضاري والديني والاقتصادي . وهنا تأتى أهمية الحوار والوقوف على المعوقات التى تقف حجر عثرة فى طريقة من اجل التعرف على الأخر والتواصل معه والاتفاق على القواسم المشتركة لعيش حضارة واحدة واسعة متعددة الروافد والملامح وعيش ثقافة جديدة تسودها لغة التسامح والسلام والعدل والإنسانية بدل تجرع مرارة الحرب والهيمنة وإقصاء الآخر.

الكلمات المفتاحية: مفهوم الحوار ، الحوار مع الآخر، معوقات الحوار

Abstract :

Since the beginning of history, there have been clashes between civilizations rather than dialogues to dominate the other civilizations or to impose their cultures on them. As for the idea of dialogue between civilizations, it was an imaginative one, an attempt to live in the Utopian world, and was considered an attempt for self defense. Despite the fact that the UN adopted in 2001 the idea of dialogue between the different civilizations, and considered this date as the turn point in the history of mankind to start dialogue between the different civilizations worldwide, creating suitable conditions for this kind of dialogue is very difficult, if not impossible, but indispensable nonetheless. Approaching the different historical eras confirms the fact that there was an elite of leaders, scholars and opinion leaders working in the government and non- government institutions seeking a common ground to put the pillars for specific targets to come out with fair common grounds, to rejects wars, to reach a conciliation and coexistence between the different nations. But, the historical events are still present in the minds of all parties, regardless of the civilization they belong to. There are several difficulties hindering changing this picture, a typical and negative one as there was many theories promoting for the ideas of the need to fear the influence of other civilizations, while other theories were very illusive in their promotion for the idea that some civilizations must follow others- for what reasons they think appropriate.

Despite a minority of proponents arguing the importance and the possibility of reaching the idea of successful dialogue between the different civilizations, the researcher believes that this idea is still hard to achieve in the current situations for several reasons.

Key Words:Dialogue Concept , DialogueObstacles, Dialogue with the Other

المقدمة:

لم يشهد التاريخ منذ أمده الطويل حواراً بين الحضارات بل إن ما كان يرقبه هو صراع حاد بين الحضارات ولأجل ذلك سعت كل حضارة إلى أن تفرض حضورها على الآخر وهكذا كانت الدعوات إلى الحوار بين الحضارات ضرباً من ألاماني ومحاولة للدفاع عن الوجود ومن هنا جاءت هذه الدراسة محاولة سد ثغرة صغيره فى جدار كبير واسع, ولأجل إتمام الفرص راحت الدراسة تستقصى مصادر الحوار فى حقول متعددة , ومما فاجأ الباحث ان المصادر التي عثر عليها كانت بمثابة مقالات تناولت قواعد الحوار وشروطه ومقالات أخرى تناولت أمثلة على الحوار مثل الحوار العربي – الاوربى والحوار المسيحي -الاسلامى ,غير أن هذه الدراسة تهدف إلى رسم صورة شاملة للقضية وذلك من خلال رفد البحث بمصادر أجنبية اهتمت بأهمية الحوار بين الطرفين دون تلك المصادر التي ما تهتم عادة بالرؤى الغربية على الأرجح . ولقد انقسمت الدراسة لتحقيق هدفها إلى فصلين رئيسين تناولت في الفصل الأول بشكل تفصيلي وقدتم التركيز على الموروث الفكري والذاكرة التاريخية اللذان يعدان من أهم المعوقات في عملية الحوار , إضافة إلى ذلك فقد وقف الباحث عند تفنيد لمقولات صدام الحضارات بالرغم من الاضطرابات التي تسود العلاقات الدولية هذه الأيام. أما الفصل الثاني سعى الباحث إلى رصد العوامل التي أدت إلى وجود مثل هذه العوائق التي أفرزت القوى الراديكالية ( في الفضائين) ذات الخطاب المتشنج و المتشدد من خلال ضرب الأمثلة الحية له.

فى نهاية البحث قدم الباحث جملة من التوصيات من اجل الإشعاع على الآخر والإضاءة منه لتحقيق التفاعل الايجابي الناجح . وذلك من خلال تجاوز هذه المعيقات فى سبيل إرساء حضارة يسودها العدل والمساواة والتسامح في إطار احترام الخصوصيات الثقافية والحضارية والعقدية لكل امة والتي يمكن بالفعل أن تكون انتصاراً لقضية الحوار.وبالرغم من أن الأمم المتحدة عام 2001 قامت بتبنى فكرة الحوار الحضاري واعتبرت هذا التاريخ هو عام الحوار, غير أن خلق شروط حقيقية للحوار هو كان أمراً شاقاً لكنه شرط أساسي لا يمكن الاستغناء عنه.

إن مقاربة متأنية للمراحل التاريخية تؤكد أن هنالك نخبة من القادة والمفكرين وقادة الرأي ممن يعملون في المؤسسات السياسية الرسمية أو غير الرسمية كانوا دائماً يبحثون عن أرضية مشتركة للوصول إلى أهداف محددة مشتركة من اجل إقامة العدل ونبذ الحروب وحقن الدماء والتعايش والمصالحة. غير أن جذور الصور التاريخية القديمة واللاحقة مازالت ماثلة في الأذهان عند كلا الطرفين, فهنالك صعوبات تواجه تغيير هذه الصورة النمطية, بسب وجود العديد من النظريات التي روجّت للتخويف الشديد بين الحضارات وأوهمت الآخر أنه لا بد أن تخضع حضارته له أو تلحق به. على الرغم من خفوت صوت المنافحين عن أهمية الحوار وإمكانية نجاحه وعلى الرغم من فرص تحقيق أهدافه على المدى القريب غير متأتية إلا إن هذه الدراسة تؤمن بضرورة ايلاء موضوع الحوار مزيداً من الضوء والاهتمام ربما ذلك لضرورته, وربما لأننا جميعاً ليس لنا خيار آخر.

مشكلة الدراسة:

أن الحوار هو قيمة إنسانية عليا وضرورة من ضرورات التواصل الناجح غير أن دراسة هذا الموضوع يجب أن تأخذ بالحسبان الدوافع العميقة والمتشابكة للظاهرة من جانب الطرف المحاور. فالأمر لا يقتصر على إشكالات حضارية ومفاهيم خاصة بين الشرق والغرب فقط, لأن الدراسة ترى إن مخاطر الخلل ما زالت قائمة وخصوصاً تفاقم أشكال العدوان، والحروب الغير مشروعة والتمييز والعنصرية وإغراق الدول الصغيرة بالديون ووضعها في ضائقات مالية مما يصغ العديد من دول الشرق أمام مأزق وأزمات ليس من السهل القفز فوقها وحلها وبالتالي تؤدي هذه التصرفات من فبل الغرب إلى التباعد والتناقض وسوء الفهم للآخر ولذلك تحاول هذه الدراسة إلقاء الضوء الحقيقي على معوقات الحوار بالرغم من عقد مؤتمرات وحوارات وما زالت تنعقد حتى الآن عاجزة عن رؤية دقيقة أو تبديل النظرة للآخر او عقلنة الحركات المتطرفة أو لجم الاتجاهات السلبية ضد الآخر. ومن هنا تبرز مشكلة البحث من خلال الإجابة على هذه الأسئلة

1- ما أصل العلاقة بين الحضارات اهو الصراع أم الحوار؟ وهل الاختلاف بين الحضارات فى حد ذاته سبب فى الصراع ام هو دعوة للتعارف على الآخر؟

2- إلى أى مدى يمكن أن يكون الحوار مخرجا من أزمة فوضى المصالح العالمية للامم والشعوب؟

3-إلى أى مستوى يستطيع حوار الحضارات تجاوز أزمة الثقة وسوء الفهم المتبادل بين الطرفين

أهمية الدراسة:

تتضح أهمية هذه الدراسة من كون الحوار ضرورياً لاحتواء المشاكل التي يواجهها العالم وضرورياً لإحلال السلام العادل والدائم بين الشعوب بدل منطق الحرب والهيمنة والسيطرة، غير أنه لا يمكن الحديث عن حوار بدون إرساء أسس إستراتيجية واضحة المعالم وتفكيك المعوقات والصعوبات التي تواجه الحوار. فمن هنا جاءت هذه الدراسة لتسليط الضوءعلى معوقات الحوار بين الطرفين من أجل دعم حوار الحضارات وتيسيرمهمة الحوار بصفته خياراً إستراتيجياً ومفهوماً حضارياً, ومنهجاً يمكن من خلاله مناقشة كافة القضايا الخلافية من أجل تعزيز الأمن والاستقرار والتطور لما فية خير للانسانية جمعاء.

اهداف الدراسة:

تهدفهذة الدراسة الى تحقيق جملة من الاهداف اهمها:

$11-تقديم تصور نظرى لنمط العلاقات التى يجب ان تسود بين الحضارات كنمط من انماط العلاقات الدولية التى تقوم علىفكرة اخوة الجنس البشرى وتبادل المصالح والتعايش.

2-رصد ابرز المعوقات التى عرقلت مشاريع الحوار بين الحضارات ومنها الصراعات بين المنظومات الدينية والخلل فى ميزان القوى الاقتصادية والعسكرية والتقنية.

3- الخروج بمقترحات وتوصيات التى يؤمل لها ان تسهم فى تغليب محفزات الحوار بين الطرفين.

المنهج العلمي للدراسة:

اعتمد الباحث على المنهج الوصفي التحليلي الذي يهتم بوصف وفهم الظاهرة موضوع الدراسة ومحاولة تفسير العلاقات بين هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر وتحليلها إلى الأسباب المشتركة المصاحبة لحدوث الظاهرة. وفى سبيل ذلك تمت الاستعانة بالعديد من المراجع العربيةوالاجنبية المتوفرة في المكتبات, ومن ثم تم استخدام المنهج الاستنتاجي للوصول إلى نتائج صحيحة تساعدنا على تفسير ما يحدث حولنا وتقديم مقترحات تساعد ولو بجزء يسير في حل هذه المشكلة.

الإطار النظري للبحث:

جاء الإطار النظري للبحث في فصلين, الفصل الأول تناول مفهوم الحوار و أهميته وأهدافه ومؤسسات الحوار وأما الفصل الثاني تناول بشكل تفصيلي معوقات الحوار بين الشرق والغرب.

الفصل الأول

مفهوم حوار الحضارات ودوافعه، وابرز المؤسسات المهتمة به

المبحث الأول

مفهوم حوار الحضارات

أ. مفهوم الحوار:

تتعدد تعريفات الحوار غير أن هناك اتفاقاً عاماً لدى أغلب المفكرين أن الحوار يعني اجراء علاقة مباشرة بين طرفين أو أكثر يقوم على التعبير والتحليل وتبادل الأفكار والمعلومات والحجج والبراهين لغايات الإقناع والتأثير.

وعلى ذلك يبدوا مفهوم الحوار مفهوماً مركباً ولعل المفهوم الأساسي هو الحوار النبادل السلمي للأفكار والآراء والمعلومات من حيث الشكل يتم هذا التبادل من خلال التفاعل الكلامي أو غير الكلامي, ومما جاء فى معنى الحوار فى لسان العرب ” الرجوع ,التحاور هو التجاوب. والحوار هو هو الرجوع عن الشيء وإلى الشيء والمحاورة مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة وكلمة الأحور تعني في اللغة من أسماء العقل1

الحوار في معناه العام – خطاب أو تخاطب – يطلب به الإقناع بقضية أو فعل، أو يسعى إلى تقوية إقناع سابق وترسيخه. كما انه يتوخى تجاوب متفق معين، ويأخذ رده بعين الاعتبار من أجل تكوين موقف من نقطة غيرمعّينة سلفاً بين المتحاورين, قريبة من هذا الطرف أوذاك أو من منتصف الطريق2 . ويعرف معجم Webster الحوار dialogue بأنه تبادل الأفكار والآراء3 ويعرفه قاموس ماكميلان Macmillan الإنجليزي بأنه شخصين أو مجموعة من الأشخاص من أجل حل مشكل أو خلاف4 ويعرفه المفكر الفرنسي لاكروس Lacrosse بأنه التكلم مع الآخر حول موضوع معين أو التفاوض معه5

ومما يذكر أن مفهوم الحوار في الفكر السياسي والثقافي المعاصر من المفاهيم الجديدة حديثة العهد بالتداول, ولعل مما يدل على جدة هذا المفهوم وحداثته أن جميع المواثيق و العهود الدولية التي صدرت بعد إنشاء منظمة الأمم المتحدة تخلو من لفظ الحوار بينما تعتمد معاني إنسانية أخرى مثل التسامح، والتعاون والتعايش وإنماء العلاقات الودية بين الامم وتحقيق التعاون الدولي6.

وعلى ما سبق يمكن القول أن الحوار مفهوم سياسي أيدلوجي ثقافي حضاري وليس مفهوماً قانونياً.

ب – الحضارة،

الحضارة كثيراً ما تعرف بكونها التجسيد العملى لتلك الاستجابات والمواقف ,وهي بالتالي تنزع للعمومية خلافاً للثقافة التي تنزع للخصوصية كما نعني بها أي الحضارة ذلك الطور الأرقى في سلم تقدم الإنسان7.

كما تعرف الحضارة أيضاً بأنها “مجموعة من المفاهيم الموجودة عند مجموعة من البشر وما ينبثق عن هذه المفاهيم من مثل ,تقاليد , أفكار ,نظم وقوانين ومؤسسات تعالج المشكلات المتعلقة بأفراد هذه المجموعة البشرية ا تلك وما يتصل بها من مصالح مشتركة”, وفى عبارة أخرى جميع مظاهرة النشاط البشري الصادر عن تدبير عقلي8.

ويمكن الاشارة الى تعريف دقيق شامل لمعنى الحضارة فى ( أن الحضارة تعنى الحصيلة الشاملة للمدينة و الثقافية فهي مجموع الحياة في صورها وأنماطها المادية والمعنوية)9.

لقد اقترن ظهور مصطلح الحوار في دلالاته الجديدة. بتزايد حدة ما كان يعرف بالحرب الباردة بين المعسكرين السابقين بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق ,وتزامن هذا الظهور مع تصاعد الصراع الأيدلوجي والسياسي بين القوتين العظميين, فكان الحوار والذي طرح الغرب الرأسمالي فكرته، مقابل التعايش الذي رفع المعسكر الشرقى (الشيوعي) وتبني فلسفته.

ومن خلال تتبعنا لمسألة الحوار وجهت الكنيسة الغربية الدعوة إلى الحوار في أعقاب نشوء أزمة حضارية جديدة نتيجة تصادم الإرادة الغربية والإسلامية وبلوغ حدة الصراع بين الجانبين مبلغاً بات يهدد مصالح الغرب، فكانت الدعوة إلى الحوار في المجال الديني، الحوار الإسلامي – المسيحي، ثم في المجال السياسي، الحوار الأوروبي – العربي وفي مرحلة لاحقة الحوار بين الشمال والجنوب والذي تبلور بشكل واضح في السبعينات وخاصة بعد الأزمة النفطية10.

وقبل الخوض في البحث يحسن التنويه إلى أن المقصود في الحوار في هذه الدراسة . هو يشكل الغرب طرفه الآخر دون إهمال الأطراف ألاخرى”, حيث الغرب بمنظومتة الدولية الراهنة هي التي تمثل المراكز الأساسية للعولمة, والشرق بحضارتة الشرقية الحضارة الاسلامية وتمثلها الدول الاسلامية فى الشرق والحضارة البوذية والهندوسية وتمثلها الصين وشعوب شرق اسيا كذلك الحوار الذي يقصده الباحث هو” الحوار متعدد الأوجه والمجالات وأطرافه هم القادة والمنظمات والشعوب والنخب الفكرية سواء كانت دينية ,سياسية و اقتصادية وما تمثله من مؤسسات مدنية أو مراكز بحث”. وبهذا المعنى فهو حوار حضارات بالمعنى الشامل.

المبحث الثاني / أهمية الحوار ودوافعه.

أ. أهمية الحوار

إن أهمية الحوار تكمن في تواصل الحضارات لما للحوار من أثر فى السلم الاجتماعى والتعايش في مواجهة دعوات الصراع ونهاية التاريخ التي تؤسس لعهد جديد من العلاقات الدولية حاليا , فأهمية الحوار تكمن في تأسيس لغة التسامح على مستوى الأفراد والجماعات ومحاولة إيجاد القاسم المشترك الذي يُعبر عن المصالح التى لاتتعارض مع فكر الآخر, وهي أحد الشروط الضرورية للسلام الاجتماعي والتقدم والتطور.ليس هنالك بديل لتجنب الانزلاق الى الصراع الحضارى وما ينطوى علية من خطر مادى يهدد بالفناء الشامل للبشرية, وخطر معنوى يهدد بالقضاء على التعددية الثقافية والتنوع الحضارى الا الحوار الذى من خلاله يمكن الحد من تقليل الصراعات والمنازعات الدولية والمشاركة فى مواجهة الاخطار المشتركة التى تحدق فى العالم.

من خلال الحوار يتم التغلب على لغة التعصب والتميز والكراهية, لذلك تثبيت قواعد الحرية في المحيط المجتمعي مهم جداً من أجل تأسيس علاقات اكثر واقعية من اجل كسر الحاجز النفسي ونوازع الأنا الضيقة وممارسات الغاء الاخر والتكفير ويؤسّس لحسن الاستماع وقبول الآخر, واحترام وجوده وقناعاته, فالكلمة السواء لا تتجزأ إلا بعقل حواري يثرى مضمون الحرية على المستوى الإنساني والحضاري مع تاكيد إن الاختلاف مظهر طبيعي في المجتمع الإنساني, وهو الوجه الآخر والنتيجة الحتمية لواقع التعدد, الذي لا بد أن يستدعي الاختلاف ويقتضيه..وكما تكون هذه الظاهرة بين الأفراد تكون كذلك بين الجماعات، وما ينسحب على الجماعات يكون بين الحضارات، ووفق هذا المنظور تبرز أهمية الحوار فهو يعكس الواقع الحضاري والثقافي للأمم والشعوب، حيث تعلو مرتبته وقيمته وفقاً للقيمة الإنسانية لهذه الحضارة أو تلك.

ب. دوافع الحوار.

يرى الباحث أن هنالك مجموعة من الدوافع والعوامل التي تقف وراء ظاهرة الحوار وتناميها وهى تشمل ما يلى : –

$11. ازدياد عدد المسلمين والجاليات الشرقية في الغرب

لقد بدأ عدد من مراكز الدراسات والابحاث الإستراتيجية في الغرب بإجراء دراسات معمقة تتعلق بإعداد العرب والمسلمين والجاليات الشرقية في أوروبا والغرب إجمالاً, فقد أشارت العديد من التقديرات غير الرسمية بأن عدد الجاليات الإسلامية القاطنة في أوروبا قد وصل إلى خمسين مليون مسلم، ويبدو أن الكثير من الدوائر الغربية تخشى من تقديم رقم حقيقي للمهاجرين الأجانب وخصوصاً من الشرق خوفاً من تحفيز” اليمين المتطرف” ليتحرك بالاتجاه المعاكس للسياسات الغربية الرسمية11. وقد شهدت السنوات العشر الماضية زيادة مضطردة في عدد المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا حيث بلغ عددهم إلى ما يزيد على (8) ملايين مهاجر, وهذا مما ولد مأزقاً اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً عند الغرب ولدى الأوروبيين على وجه الخصوص خشية من أن يؤدي إلى خلل في التركيبة السكانية الأوربية, فالأوربيون لا يتكاثرون والشرقيون يزدادون بأطراد12. يمكن القول ان أسباب ازدياد الأعداد المهاجرة من المجتمعات الشرقية هي ما يلي

$11.تفكك الاتحاد السوفياتى الى عدة دويلات أدى الى فتح باب الهجرة من الشرق للغرب. ونظراً إلى مخططات توسيع الاتحاد الأوروبي لم تجد هذه الهجرة إجراءات مضادة مشابهة لإجراءات ” تحصين أوروبا” اتجاه الجنوب حاليا.

$12.موجة الهجرات بعد الحروب الداخلية مثل موجة الهجرة بسبب حرب البلقان13 وفتح الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي.

$13.حاجة دول الغرب ابان الستينيات من القرن الماضي إلى الأيدي العاملة الأجنبية وخصوصاً غير الماهرة من أجل العمل في المناجم أو مصانع تجميع السيارات أو النظافة العامة, وسماح دول الغرب بشكل عام للعمالة الوافدة لتفى بحاجاتها الضرورية وخصوصا من مناطق الشرق حيث الايدى العاملة الرخيصة.

$14.مناطق الشرق تشكل بيئة طاردة بسبب الصراعات والحروب التي شهدتها على مدى نصف قرن تقريباً, وعلى وجه الخصوص منطقة الشرق الأوسط منذ تأسيس إسرائيل عام 1948م، وقيام الحرب الإيرانية- العراقية ثم الحصار الاقتصادي للعراق في أعقاب الغزو العراقي للكويت وانتهاءً بالغزو الأمريكي للعراق عام 2003وأفغانستان في عام 2001 في إطار ما سمته الولايات المتحدة الأمريكية “الحرب على الإرهاب” وهذه أدت إلى هجرة مجموعات لا بأس فيها.

$15.الغرب يشّكل بيئة إغراء جاذبة للمهاجرين بسبب التقدم الاقتصادي وتوفر الحريات المدينة والدينية وخصوصاً أن الغرب يسهل الهجرة لفئات الشباب كي يسهموا في نموه ويعّوض العجز في عنصر الشباب الذي يعاني منه.

$12. الخلافات السياسية :

على ضوء ما تقدم يمكن القول إن هناك قاسم مشترك في تسويق حالة الخوف من الآخر في إطار الذاكرة التاريخية و لذلك تدرك دول الشرق عامة والعرب بصفة خاصة الصعوبات الناجمة عن عدم توصل الغرب بشكل عام وأوروبا بشكل خاص إلى سياسة خارجية وأمنية واحدة أو متناسقة تجاه كثير من القضايا العالقة في دول الشرق إذ يمكن القول أنه لا تخلو أي بلد من بلدان العالم من وجود مشاكل وإختلالات.

يبقى الحوار الوسيلة المثلى للاتفاق على كافة القضايا الخلافية وخصوصاً السياسية فالكثير من الويلات والمآسي والصراعات والمعاناة سادت بسبب غياب الحوار وتسّيد عقلية عدم الاعتراف بالآخر, فبات الحوار المعاصر بين الحضارات وما يتميز به من الوعي المتزايد بالأخطار المشتركة التي تهدد مستقبل جميع الشعوب لهذا بدأت الحاجة لأنماط سلوكية تحتكم إليها الشعوب عند الاختلاف وهذا يتطلب جهداً كبيراً للبحث عن قواسم مشتركة, ومصالح مشتركة ,ووضع برنامج موحد للاعتماد المتبادل والمشاركة المتساوية لابناء الحضارات14. ومن هنا يأتي الحوار على أنه ضرورة ملّحة لحل كافة الإشكاليات السياسية بين الدول والحضارات كمايسهم فى تقليل الفجوة في المواقف السياسية وخاصة التي تتعلق بقضايا الأمن والاستقرار والمهجر.

3. تنامي الحركات الجهادية واشتدادها:

أسهمت التحولات الاجتماعية والسياسية في ظهور فريق إسلامي يرفض الحوار مع الغرب ويعلن الحرب عليه ويرى أن الحل في تدمير هذا النظام العالمي الذي يقوم على منظومة ظالمة للمنطقة ولمصالح شعوبها, وعبّر هذا الفريق عن نفسه في أحداث متعاقبة ضد مصالح غربية داخل دول الغرب أو فى الخارج.فالحوار الدينى مثلا يعتبر نوعاً من التنصير او لصرف الناس عن دينهم , والحوار السياسى يعتبر بالنسبة للعرب التطبيع مع “اسرائيل” ودول الشرق تعتبر التطبيع نوع من الاملااءت الأمريكية أو الاوروبية, والحوار الثقافى نوع من استبدال الثقافة بأخرى والحوار الاجتماعي أو الحديث عن حقوق المرأه هو نوع من تفكيك الاسرة, و الحوار الاقتصادى هو نوع من التبعية.. الخ .

وبالتالي يمكن القول أن “دعوة الغرب للحوار هي تحقيق مصالح سياسية وليس تحيزاً إستراتيجياً من باب الأخلاقيات والمبادئ السياسية”15.

ولابد من الاعتراف أن التيار الديني أصبح اكثر رواجاً وأكثر تمادياً في مواجهة المد العولمي وأن الصدام أصبح مباشراً بين الغرب والإسلام السياسي، صدام اتسم بالعنف والإقصاء في مباراة صفرية .

ويرى الباحث أن ابتعادنا عن الإسلام وجهلنا بوسطيته جعل من بعض الحركات تختزل الإسلام في حركات مؤدلجة مضللة هي ما يطلق عليها الحركات الأصولية ما يقصد بها الحرفية المتزمتة, المتسربلة بظاهرة العنف والجهاد والعداء للأديان الأخرى وعدم قبول دينهم , وبالتالي انتفاء الاعتراف بالاخر مما ساهم في تقديم خطاب سياسي ,إرهابي ,عدائي للحداثة والحضارة الغربية على وجه العموم وهذا أدى إلى إيجاد أزمة حقيقية في العالم وتساؤلات من الغرب هل هذا هو حقاً الإسلام الذي تروجّون له، و أرى انه قد يكون الحوار في هذه الحالة مجدياً للكشف عن رأي الإسلام الوسطي والمعتدل من هذه القضايا التي يواجهها العالم.

المبحث الثالث: أطراف ومؤسسات الحوار:

الحوار بين الحضارات عبر مساحة شاسعة بحجم الكرة الارضيةيستلزم وجود ترتيب تنظيمى يتولى الاشراف على مهام التحضير والتمويل والتنظيم ووضع السياسات والخطط والبرامج واقتراح الوسائل والاساليب المناسبة وايضا ايجاد ترتيبات تنظيمية مناسبة للحوار الداخلى , اى الحوار بين الانساق الفرعية للحضارة الواحدة ثم اجراء الاتصالات الرسمية بكافة المستويات القطرية والاقليمية أو اجراء أتصالات غير رسمية من خلال الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى من خلال مقاربات متعددة فى كافة المجالات لمعرفة كيفية توظيفها فى الحوار,بالاضافة الى انشاء مواقع على الشبكات الدولية للمعلومات باللغات الاجنبية كى تساهم فى الحوار,فمسؤلية تفعيل الحوار بين الحضارات مسؤلية جميع الاطراف بالتساوى والتوازى لذا يمكن تصنيف ألاطراف ألمشاركة فى الحوار وفق المعايير التالية :

المعيار المؤسسى: ان نجاح أى حوار بين الحضارات يجب ان يكون المساهمة فيه واضحة للدوائر والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية التى تنظمه, كذلك يمكن ألقول ان هنالك مؤسسات يجب أن تكون طرفاً أساسيا مثل:

$11-التنظيمات ألدولية وتشمل هيئة الامم المتحدة والأجهزه التابعه لها وفى مقدمتها اليونيسكو والأيسكيوا.

$12-التجمعات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية,ومنظمة المؤتمر الاسلامى , ومنظمة الدول الأمريكية, المنظمة الدولية الفرانكفونية,والمؤسسة الاورومتوسطية اّناليد للحوار ..وغيرها

$13-الجامعات ومراكز البحث العلمي ومؤسسات المجتمع المدني الإقليمية والدولية.

$14- المؤسسات الاقتصادية الكبرى مثل الشركات العابرة للقارات.

المعيار الانمائى : هنالك اختلافات في مسالة التمنية والتطور الانمائى بين الدول وغير أن هذه الدول تتساوى في حقها ومسؤولياتها في الحوار الحضاري وطبقاً لهذا المعيار فان الشمال مطلوب منه نظرة اشمل للجنوب ولا يعنى تقديم اى مساعدة هو هيمنة لهذه الدول على الجنوب

المعيار التخصصي: ويقصد به الأفراد المتخصصون والمؤثرين في عملية الحوار الحضارى العالمي مثل علماء الدين البارزين والمفكرين السياسيين ورجال الثقافة والفنون والمال والعلماء والإعلاميين والرموز المجتمعية

الفصل الثاني

العوامل المعيقة للحوار

يهدف الحوار عادة الى الإسهام في بناء منظومة العلاقات الآمنة التي يمكن أن تقوم في ظلها مسائل كالتوازن والانصاف وتوفير التعايش بين الشعوب، ومن المؤكد أن الحوار يلعب دوراً رئيسياً في ذلك إذا ما تم تجاوز المعوقات التي تحول دونه,و يمكن إجمال أهم العوامل التي تشكل عائقا أمام الحوار بالاتي:

المبحث الاول: الموروث والذاكرة التاريخية:

إن أهم معوقات الحوار بين الشرق والغرب كانت الحروب التي شكلت صورة واضحة المعالم في العلاقات بين الشرق والغرب، ولهذا تستدعي الذاكرة دائما حالة الخوف من الآخر في إطار لم يستطع الطرفان التخلص منه, لأنه رسخ في الذاكرة وتناقلته الأجيال في صورة تعكس ما في الباطن من كراهية للآخر وحقد عليه .

لقد بدأت المواجهة بين الشرق والغرب مبكرة كما هو معروف على أراضي الرافدين وشواطئ المتوسط وسهول فارس والهند، في صورة حروب طاحنة و مغامرات عسكرية، و حيث استمرت هذه الحروب والمغامرات بين كرّ وفر, ولم تسجل مواجهة حقيقة للسيطرة على الاخر الا فى بدايات القرن الرابع قبل الميلاد.

كانت بدايةً المواجهة أثناء قيام الإسكندر الأكبر باحتياج آسيا الصغرى وبلاد الشام إلى سهول فارس محطماً أمجاد الفرس والدولة الساسانية برمتها, ثم تحول شرقاً إلى نهر جيجون وإلى الهند حتى وصل مشارف الصين . ثم انتفضت جيوش الشرق مرة أخرى وبرز قادة لم يكونوا أقل صلابة من الاسكندر طرقوا أبواب أوروبا, ثم عادت الإمبراطورية الرومانية مرة اخرى أكثر قوة وصلابة وأعادت احتلال البلاد الشاطئية على البحر المتوسط في القرن الأول قبل الميلاد واجتاحت بلاد الشام، ثم عادت الى جولات من الصراع مع الحضارة الفارسية التي تقهقرت من جديد، إلى أن جاء الفتح الإسلامي بنصرة وانتصاراته العظيمة , ونشأت بعد مواجهات أخرى بين الشرق والغرب واستمرت لأكثر من مائتي عام وهي الحروب الصليبية والتي امتدت من عام 1097 – 1291.حيث انتفض الشرق من جديد ، فرحلت جيوش الغرب بعد صراع مرير وقتال طويل . واستمر الشرق في صراعه مع الغرب عندما فتح محمد الفاتح ، بفتح القسطنطينية عام 1453 واستمر الزحف إلى حدود النمسا. الا انه مع بدايات الثورة الصناعية في نهاية القرن الثامن عشر هبطت على الشرق بحركتها الاستعمارية للعالم التى أعادت الغرب إلى المشرق الآمن في نظرته ورؤيته من جديد وكانت القيادة فى ذلك الوقت لفرنسا السباقة في هذا المضمار, وتسابقت بعد ذلك كافة الدول الأوروبية الى احتلال دول الشرق ماليزيا ,الهند ,العراق, بلاد الشام , فيتنام…, وغيرها غير ان هذا الاحتلال المزين جوهرة كان من أبشع أنواع الاستعمار, , مع نهاية الحرب العالمية الأولى كان الشرق كله تقريبا محتلا , ومع نهاية الحرب العالمية الاولى جاءت عصبة الامم المتحدة والتي طالعتنا بشعارات براقة وتحت شعارات انسانية بمسميات ومسوغات قانونية مثل الحمايةو الوصاية وتقرير المصير فكان مؤتمر سايكس- بيكو وكان الاحتلال والانتداب وتقسيم المنطقة إلى دويلات ولم تخرج هذه الدول المستعمرة إلا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث نالت أغلب دول الشرق استقلالها بعد صراع مسلح ومرير قدم فيه الشرق تمناً غالباً من أجل الحصول على استقلاله وحريته .

ذلك هو الموروث التاريخي والذاكره الذي تختزنه ذاكرة الأجيال من حروب وكراهية ووحشية ودمار وتعصب وتطرف.

إن مخلفات القرون الوسطى الأوروبية والصراعات المسلحة على امتداد التاريخ والتي ترسخت في ذهنية الشرقي بدءاً من البعثات التبشيرية إلى محاكم التفتيش في إسبانيا التي رئسها القس” توماس دىتركيمانيا”، حين قام” االقس جراند انكوسيتر بإعدام الآلاف من المسلمين وقام بتعميدهم عنوة وتسليمهم الى دواوين التفتيش, ولم تنته هذه المحاكم إلا في 15 حزيران 1832, بعد أن قتل وتشرد اكثرمن ثلاثة ملايين عربي مسلم , وقد مثّلت هذه المحاكم أسواء الفصول دموية في أوروبا ضد الشرق والمسلمين على وجة الخصوص , وربما زادت عن الحروب الصليبية”16. وحتى عندما انتهت الحروب الصليبية لم ينته موروثها البغيض ولم تتوقف ذاكرتها السابقة ، فعندما عادت القوات الفرنسية واحتلت سوريا ابان الحكم الفيصلي وضع الجنرال غورو قائد القوات الفرنسية المحتلة قدمه على قبر صلاح الدين وقال ها قد عدنا يا صلاح الدين. 17 وحين دخل الجنرال اللنبى القدس قال الآن انتهت الحروب الصليبية 18. اضافة إلى إعادة الهيمنة والإحتلال فى الوقت الراهن من خلال احتلال العراق وافغانستان وتفكيك الصومال ودعم الحركات الانفصالية كما يحدث فى جنوب السودان فهى لا زالت حاضرة حتى هذه اللحظة. كيف يكون حوار في ضل هذه الذهنية التي تنضخ بروح القوة و الغطرسة والاستعلائية ؟ ومن خلالها تم تصنيف العالم إلى محور شر ودول مارقة ويتم من خلال هذه المفاهيم الأعداد لما يسمى بالحروب الوقائية والضربات الاستباقية.

إن الشرق تصدى للكثير من التحديات التي واجهته على فترات مختلفة وعلى مدى العصور ولا بد من الاعتراف أن إرهاصات أفول نجم حضارة الشرق قد بدأ مع الحروب الصليبية واتسع بشكل يصعب التعامل معه بعد الثورة الصناعية, وهو المفصل التاريخي للانهيارالحقيقي لحضارة الشرق وصعود نجم الحضارة الغربية , ومن هنا يبقى التحدي سافراً وتبقى الذاكرة جاهزة للاستدعاء في أية لحظة حوار.

المبحث الثانى : الخطاب الأيدلوجي المؤسس للممارسات:

ا-الخطاب الغربى:

لكل جماعة دينية أو سياسية منظومتها الفكرية والعقدية الخاصة بها وتاخذ بعض القضايا الدينية قدسية بشكل دائم .وقد تثير بعض الأمور حفيظة معظم هذه المؤسسات أو ألاحزاب
(المؤدلجة) التي تلتزم بإطلاق الأحكام والتي قد نصل إلى درجة إلغاء الآخر وإخراجه من دائرة المجتمع. حيث يلاحظ أن الخطابات المنتجة في السياق الحضاري والتاريخي اعتمدت على منحى أقصائي سواء من الغرب و الشرق، لقد بدأت ملامح بوادر هذه المسألة الخطيرة تتشّكل في ضمير قوى مؤسسات المجتمع المدني وخصوصاً في الغرب, بعد المقال الذي كتبه المفكر الأمريكي صموئيل هنتجتون بعد انهيار الاتحاد السوفياتى والذي نشرفي المجلة الأمريكية Foreign Affairsثم اتبعها بكتاب مفصّل شرح فيه نظريته عن صراع الحضارات وفيه أنذر الغرب من صدام محتمل بين حضارة الغرب والذي تمثله الولايات المتحدة وأوروبا والحضارات الشرقية والذي يمثله العالم الإسلامي والحضارة البوذية والكونفشسية ودعا إلى الاستعداد لهذا الصراع لضمان بقاء العالم الغربى و سيطرته والحفاظ على هيمنته السياسية والعسكرية والاقتصادية19.

لقد تنبه الغرب لذلك على ضوء أحداث الحادي عشر من أيلول 2002 وتبنى هذه الأفكار الخطيرة بالرغم من أن هذه الأفكار كانت موجودة في الفكر الغربي قبل كتاب صموئيل هنتجنتون , فقد صدرت في عام 1989 نظرية نهاية التاريخ في أعقاب سقوط الاتحاد السوفياتي (سابقاً) وإنتهاء الحرب الباردة حين أعلن فرنسيس فوكاياما. “إن الديمقراطية الليبرالية تشكل فعلاً منتهى التطورالأيدلوجي للإنسانية والشكل النهائى وسوف لن يبقى في نهاية التاريخ أي منافس حقيقي للديمقراطية الليبرالية20.

لذا تعد أحداث الحادي عشر من سبتمر فى الولايات المتحدة ألارضية لانطلاق الانفجار الحاد الحالي, مما استدعى الصورة السلبية والمشوشة السابقة للمسلم بخاصة والشرقي بشكل عام. ولم تكن الشعوب الشرقية الاخرى بمنأى عن هذة النظرة السلبية , فقد اعلن مفكرو الغرب بروز فكرة الخطر الأصفر فى عالم الشرق, وقد تجلى ذلك من خلال الصورة الساخرة والمهينة التي رسمها الأدب الغربي لشعوب شبه القارة الصينية واليابانية حيث تم وصفهم بأنهم ” قصيري القامة ذي وجوه صفراء يكتفها الغموض والخداع21. ناهيك عن توصيف الأوضاع التي تعيشها المجتمعات الشرقية من التخلف والفقر وازدراء لمكانة المرأة . ان رغبة الغرب في الثروات الطبيعية والبترول, والخوف من تكرار بزوغ نماذج مماثلة للأسلامين في إيران و افغانستان, هذه العوامل أدت إلى صعود اليمين المتطرف إلى مواقع الحكم في أغلب دول أوروبا ورافقه صعود موجه عارمة من العنصرية ومعاداة الأجانب الذين أغلبهم من البلدان الشرقية. وقد يكون النيوكنز (المحافظين الجدد) مثال آخر في الولايات المتحدة ,ويمثل هذا الفكر تزاوج غير مقدس بين اليهود المنشقين من الحزب الديمقراطى وبين المحافظين المتطرفين حاملي أفكار (جولدووتر) ومدرسة فتيات شيكاغو في الحزب اليهودي 22.

وقد يكون” مايكل لادبن” أحد أقطاب هذا الفكر الراديكالى الذي يوُضح فيه هذا الفكر في كتابه” الفاشية العالمية” حيث يقول” التدمير الخلاق غايتنا في بلادنا وبلاد العالم, علينا أن نهدم النظام القديم كل يوم وفي الميادين كلها من التجارة إلى العلوم فالأدب والسينما والسياسة والقانون, لقد كان عداؤنا على مدى التاريخ يكرهوننا , فهم لايشعرون بالامن لمجرد وجودنا , سياستنا تهدد شرعتهم، لذلك يهاجمونا كي يستمروا على ما هم عليه لذا علينا أن ندمرهم كي ندفع إلى الأمام مهمتنا التاريخية23.

كما ان القرار الأمريكي وتحركه ايضا مثّل هذه الأفكار فعلى سبيل المثال إطلاق (مركز دراسات المشروع الأمريكي) تعبير (الدول المارقة) على بعض دول المشرق ,فمن قيادي هذا المركز (دونالد رامسفيلد) وزير الدفاع الأمريكي الأسبق و(كونداليزا رايس) وزيرة الخارجية الامريكية السابقة. و”ريتشارد بيرل ” الذى يعتبر أكبر داعية لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط, وقد كانت هذه المراكز تمثل حكومة الظل, فهي التي تصوغ القرارات السياسية الأمريكية24. ولم تخجل هذه القوى اليمينية الأمريكية من طرح أرائها في التدخل في أي شأن عالمي وخصوصاً في الشرق، ففي مقال نشر في الأول من كانون الثاني عام 2001 قال: ” إن الأزمات هي الفرص التي ننتظرها لاطلاق مخططاتنا25.

وعلى ضوء هذه المعطيات فإن هذا الفريق لا يجد ثمة خطأ في احتلال العراق وافغانستان وما نجم عنه من دمار وقتل وخراب. ويرى الباحث ان هذا الفكر يقترب من العقيدة الفاشستية في عهد موسولني , والذي كان يرى ان الجماهير ينبغي أن تستخدم كوقود لإعادة مجد روما القديم, ومن أجل هذا تضحى الولايات المتحدة بأرواح الأمريكيين لتحقيق أجنده كهذة في الشرق, بدءاً من الفلبين والباكستان والعراق ومما يعزز هذه الأفكار أن أحد أهم أقطاب زعماء المحافظين الرئيس الأمريكي السابق (جورج بوش الإبن) ضّمن كلماته نصوصاً من الإنجيل واشارات إلى الحروب الصليبية مثل قوى الشر، الحرب التي يؤيدها الرب، الفاشية الإسلامية. ناهيك عن الصحافة الغربية, ففى مجلة التايم الأمريكية الصادرة بتاريخ 30/ 6/2003 نقتبس مايلى ” أن الإسلام هو الإرهابي والمسلمون ضحاياه وأن المبشرين يّصلون من أجل أن يقتل الرب بسلاح الدمار الشامل الذي هو الإسلام” .. كما أن الصور الرمزية العسكرية والإعلامية التي انتهجها الإعلام الغربي وعموم قوى التحالف الغربي في العراق وافغانستان مثل الاعتداءات الوحشية والجنسية على المعتقلين والاغتصاب للفتيات المسلمات أو الشرقيات عموماً كما حصل من قبل الجيش الأمريكي في اليابان اضافة الى الحرب الفيتنامية سابقا ستبقي محفورة فى الذاكرة ,أ ضف الى ذلك هدم المعالم والرموز المقدسة وإحياء الدولة الطائفية والعرقية فى محاولة مستميتة لفرض الحداثة والتطور فى الشرق ..

وتبدو الصورة أكثر قتامة لى كباحث في المجتمعات الأوروبية التي امتدت مستعمراتها لتشمل العام بأكمله وليس الشرق فقط حيث تعمل على مزيد من الحشد والتعبئة في إطار سياسة الكراهية وخاصة في الصحافة والمسلسلات التلفزيونية وتصوير الشرقي والعربي المسلم بالوحشية والغدر والهمجية والمعاملة السيئة للمرأة من خلال احداث تنوعت صورها من تهديدات واعتداءات عامة حصلت فى الغرب.

إن زعماء اليمين المتطرف في أوروبا حاليا يكثروا من استخدام مصطلح” معركة أوروبا” للإشارة لوقوفهم في مواجهة تزايد أعداد المسلمين ومساجدهم. ويكفي أن نلقى نظرة على أدبياتهم ” أوقفوا الاسلمة “التي برزت ووجدت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمر في العديد من البلدان الأوروبية وهذا المصطلح قد أخد طريقة في التطبيقيات العملية26. ويكفي القول أن”جيل كبيل “منظر معركة أوروبا افرد فى كتابة “معركة أوروبا” بحدود “70” صفحة ينبه إلى أخطار المواجهة والتي محورها السيطرة على أوروبا ليس فقط من قبل المتشددين ولكن من المسلمين الأكثر اعتدالاً 27.

فمع زيادة صعود اليمين المتطرف في أوروبا كما لوحظ مؤخراً. في القوانين الاستثنائية مظاهر الاضطهاد تحت ذريعة محاربة الإرهاب ومنع الحجاب، فقد أعلنت وزيرة تكافؤ الفرص الإيطالية “ماراكار رفاينا” أنها تنوي استصدار قانون لفرض حضر ارتداء الحجاب في المدارس28. كما صدرت قوانين عديدة في أوروبا تحضر الحجاب. وطالب اليمين المتشدد بترحيل كافة الأجانب من أوروبا وخصوصاً الذين هم من الشرق الأوسط دفاعاً عن التجانس الأوروبي وتمسكاً بالعقيدة المسيحية وحماية للحضارة الأوروبية. ناهيك عن بروز فكرة الإنجيلية المحافظة ( المسيحية – الهيودية) في أمريكا , والتي تدعوا إلى الإيمان بأن اسرائيل هي محققة النبوءات وهي طريق عودة الملكوت واعتبار أمريكا الإمبراطورية المسيحية الجديدة29. بالإضافة إلى مؤتمرات بعض المؤسسات المسيحية في كولورادو في الولايات المتحدة , التى رفضت حتى مجرد فكرة الحوار الاسلامى -المسيحى ورفضت كل مقررات الفاتيكان .وقد تكون الجريمة المروعة التي وقعت في محكمة “درسدن” الألمانية ,من قبل الألماني ذو الأصل الروسي “الكسندر فينز” حين قتل السيدة مروة الشربيني فى قاعة المحكمةهي شهادة حّيه على العنصرية اتجاه عالم الشرق والعالم الإسلامي بالذات30. كما ان قانون الإرهاب أصاب خصوصيات الفرد الشرقى, وحريته الشخصية, وذاك من خلال القوانين التى تسمح للدولة التنصت على هاتفه وحجزه.

إن اليمين أو أنصار اليمين المتشدد أكثر عرضة للتعبئة الغوغائية فالنسبة الأعظم منهم لا تتوفر لها مستويات عالية أو حتى كافية من الثقافة والفكر والتأهيل العلمي فتستهويهم الشعارت البسيطة ويصدقون المعلومات المغلوطة, وهذه مشكلة تعتبر في نظري من أشد المصادر خطراً حيث تصلح كفرضية لنظرية صدام الحضارات ونهاية التاريخ

ب- الخطاب الشرقى:

أن تيار التطرف والغلو والتشدد الذي أخذ ينتشر في العديد من دول الشرق يعبر عن أزمة حقيقية ناجمة عن إحباط وخيبات أمل ومسار عدمي ينخرط فيه الآف الشباب فيتحولون من مصدر طاقات إبداعية كامنة إلى مصدر تهديد مجتمعاتهم , وعبء ثقيل على هذه المجتمعات. فاالخطاب الإسلامي ما يزال يعيش أزمة النرجسية, ولا زال يصور الغرب على أنه نظام مهزوز سياسياً واجتماعياً وثقافياً. وأنه معرض للزوال وأنه ينتظر الحل من الشرق. ويطرح شعارات فضفاضة عريضة مثل “الإسلام هو الحل” دون البحث في المحتوى او التطبيقات العملية للشعار . ان المتمعن فى خطابات بعض الحركات الإسلامية مثل القاعدة، والجهاد، وحزب الله وحماس، وطالبان وعصبة الأنصار السلفية وغيرهم من الحركات المتشددة 31, يرى ان خطاب هذة الحركات ما زال متشنجاً تكفيرياً غير متسامح ولا يساهم في البناء ولا يتفاعل مع الاستحقاقات السياسية , فما زالت الحاكمية وحديث الفسطاطين والمنازلة بين الكفر والإسلام شعارات يتم اقتطاعها من سياقها الشرعي والتاريخي ومن ثم يتم تأويلها بصورة غير منطقية خدمة لمشروع هذه الحركات وأهدافها السياسية، فلا زالت هذة الحركات تكفر الحضارة الغربية وتحّملها وزر ما حدث لها من متناقضات وأزمات وانتشار المخدرات والجريمة والجنس مما يعطبنا التأكيد والقتاعة أن حوار الحضارات حتى الان يفتقد الثقة من الطرفين. إن الغرب يدرك هذه الحقائق وعليه يبحث أحيانا عن الأسباب التي يصل إليها ولكنه يتجاهلها.فعلى سبيل المثال حدد “فرانسوا بيرغان ” أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تفشت في ظهور ظاهرة الإرهاب الإسلامي أو اشتداد الأصولية الإسلامية. وهي1- النزعة الأحادية ,الهيمنة الأمريكية في العالم،2- اختلالات النظم السياسية في العالم العربي،3- طبيعة التحولات التي جرت في مسار التيار الإسلامي ,ولهذا العوامل الثلاث ساعدت بشدة على تنامبها وتصاعدها وجعلها تخرج بهذا الوجه الغاضب من أفغانستان شمالاً إلى الصومال جنوباً32.

ويبدو للباحث أن المنهج المتشدد لهذة الحركات يوحى أنه لا يوجد مناطق رمادية في منهجها, مما يدل على أن “الخطاب الإسلامي الأصولي المتشدد كان ولا يزال غامضاً إذا استمر بهذه الحدة الأيدلوجية” كما يؤكد ذلك المفكر محمد أركون33. غير أن الحضارة الكونفوشسية والبوذية تسيران بشكل متسارع اتجاه الحوار والتعايش والتنافس الودي مع الغرب يحقق انجازات اقتصادية وسياسية عامة, في حين تتجة القوى والحركات الإسلامية نحو مزيد من الانطواء فى مواجهة الحضارة الغربية وتحديها بالشكل الذي يمكن القول فيه أن الصدام بين الإسلام والغرب حتمى الحدوث.

خلاصة القول أن هناك حاجة لتجديد الخطاب الإسلامي وهذه مسؤولية الجميع إذا كنا فعلاً نريد الإقناع والحوار مع الآخر. لذلك يمكن القول أن مصادر التطرف قائمة في الشرق والغرب لكنها في الشرق لا زالت في أطوارها الأولى ,لا زالت سلبية ولا تخرج عن إطار الدين، غير أن المعوق التأويلي والذي يكون بيد الحركات(الاسلامية) المتشددة سيفاً مشهوراً في وجه الآخرين هو عدم اعتراف الديانات الأخرى المسيحية واليهودية بالديانة الإسلامية كديانة سماوية ناهيك عن الاعتداء على رموز الإسلام كما حصل في الدانمارك والسويد واّخرها وربما لن يكون اخرها محاولة القس الامريكى حرق القران الكريم فى ذكرى اعتداءات 11 سبتمبر.

ثالثاً: الاستشراق:

تعد ظاهرة المستشرق أحد المعوقات الرئيسة في عملية الحوار بين الشرق والغرب وبالرغم من رفض العديد من المستشرقين تصنيفهم تحت هذا المسمى .غير أن ذلك لا يعفيهم من تبعات تاريخية أدت إلى سلب حضارة الشرق وهذا ما يفسر نشاط الترجمة في القرنين الثاني والثالث عشر34.

فعلى سبيل المثال لا الحصر المستشرق الأمريكي ” جون اسبوزيتو” والمستشرقون الفرنسيون” دومانيك شوفالية”و مكسيم رودنسون وجاك توبي، والمستشرقة الرومانية نادية انجيليسكو يعتقدون أنهم مؤرخين للشرق وليسوا مستشرقين. إن هذا التيار من المستشرقين قدموا الحضارات الشرقية سواء الفارسية أو الهندية أو الصينية بالإضافة إلى الإسلامية،35 غير أن هذا التقديم شابهه كثير من الغموض والتحريف حيث وصلت بعض دعواته إلى التخلي عن الدين والتراث لدى الشرقيين بشكل عام أو فهم الدين بالفهم الغربي بوصم الثقافة الحضارية الشرقية في إطار ما يسمى ” الاستبداد الشرقي” وتعميم وصفها بالتشدد والقسوة والتعصب والإرهاب و غير العقلانية. ويتظاهر هذا الفهم المنحرف للثقافة الشرقية على انه نوع من الوصول إلى حقيقة هذه الحضارة . فقد كتب” برنارد لويس ” وهو من أبرز المستشرقين عن الفرق الإسلامية مثل الحشاشين ,الإسماعيلية ,الفاطمية و القرمطية ولم تكن هذه الكتابات علمية ومنهجية بل سرد تاريخي بإضافات فكرية ومغالطات مقصودة للباحثين أنفسهم. “غير أن هذا لا ينفى ما لبعض المستشرقين المنصفين والجادين من مجهود في حفظ التراث العربي والإسلامي ودراسته ونشره وترجمته”36.

أما المستشرق الفرنسي دومينيك شفالية فقد دعا العرب إلى التخلي عن التراث والدين في سبيل تبنى حضارة قائمة على العلوم والثقافة. لقد اتهم المستشرقون الحضارة الشرقية بأنها غير متصالحة مع الآخر في منظورها ولقد أضاعت دورها في ترجمة التحولات الحضارية, لذلك أصبحت غير مؤهلة للاستمرار. وأرى أنه ما زال للمستشرقين دور في الدس والتحريض على الحضارة الشرقية وخصوصا الاسلامية منها فعندما يرشح برنارد لويس المستشرق المعاصر في جامعة برنستون في الولايات المتحدة” تركيا الحديثة” بانها القوة القادمة في الشرق الأوسط وهي المرشحة للعب الدور الأول بالتعاون مع اسرائيل فهو يعّول عليها أن تكون البديل للمنطلقات الفكرية والعقائدية في المنطقة لأنها تتطبق الاتتوركية الحديثة37 و بتاريخ 29 آذار 1983 ألقى المستشرق المفكر والمؤرخ الفرنسي” أرنست رينان” فى مدرج جامعة السوريون محاضرة بعنوان ” الإسلام والعلم” نشرت في دوريات” المناظرة الجامعية”. أشار إلى أن مجتمعاً يحكمه الإسلام هو مجتمع منغلق وقد ركز في محاضرته على حقبة القرن السادس الميلادي وأعتبرها فترة اضمحلال الحضارات وبّين أنه تمت ولادة العبقرية الأوروبية في القرن الثاني والثالث عشر وأن هذه الفترة التي اضمحلت فيها الحضارة الأوروبية كان الاضمحلال بسبب الفتوحات الإسلامية , ولقد كان الإسلام في صراع دائم مع العلم والفلسفة وأنه قد دّمر الحركة العلمية. أن الإسلام برغم ما لديه نواحي جميله لكنه أضّر في العقل البشري38 .

إن هذه النظرة الاستعلائية للمستشرقين تثير حفيظة كثير من مفكري الشرق مما يجعلهم يرون أن الغرب لم يحسن قراءة تاريخ الشرق والإسلام بالذات، فهذا المفكر الأنثربولوجي ليفي بريل يقول. أن الغرب هو الذي توصل إلى الفكر العقلاني والمنطقي وأما بقية الشعوب فلا تزال تعيش في مرحلة العقلية غير المنطقية وبالتالي عليها أن تمر بنفس المراحل التطورية كى تلحق بالغرب39. وبما أنها لا تستيطع أن تفعل ذلك لوحدها فإنه ينبغي على الغرب أن يساعدها, أي يستعمرها. أما “باتريك بوكان فى كتابة (موت الغرب) يصرخ باعلى صوتة بأن توجه أوروبا للشرق الإسلامي قادم لا محاله رغم حملات التطهير العرقى فى يوغسلافية”السابقة”, ويؤكد أن أوروبا تعيش لحظات الخطر أمام تكاثر الجاليات الشرقية في أوروبا40.وربما تكون الكاتبة الإيطالية المستشرقة أوريانا فالاتشى في كتابها (الغضب والاعتزاز) والذي بيع منه في إيطاليا وحدها أكثر من مائة ألف نسخة أبلغ مثال عن المستشرقين الذين يقطرون حقداً على حضارة الشرق والإسلام، فقد وصفت الجاليات الشرقية والإسلامية تحديدا بأنهم قوم يلوثون القارة الأوروبية فهم نفايات مغتصبون، عهرة, يحملون مرض الإيدز، يقومون بالتكاثر كالجرذان . كما أهانت الإسلام إهانة مباشرة وترى انه سبب هذا الوضع في القارة الأوروبية41. هذة النظرة تنسحب على كافة المجتمعات الشرقية وليست مقتصرة على المسلمين فعلى سبيل المثال يقول” أرنست رينان” , إن الأوروبي خلق للقيادة كما خلق الصيني للعمل في ورشة العبيد وكل ميسر له لما خلق له”

أن سوقنا لهذه النصوص حقيقة لا يستوفي كل الإشارات والمضامين التي وردت في فكر المستشرقين على وجه الخصوص المفكرون الأوروبيون بشكل عام اتجاه الشرق, غير أنى أردت أن أصل إلى تأكيد فرضية الدراسة وهى أن العداء للشرق ووصفة بالبربرية والتحريض عليه هو من سياقات الجدل الأوروبي الماضى والحاضر الذى لايغيب, ناهيك عن دور الإعلام الإسرائيلي لاستنهاض قوى الغرب للوقوف فى وجه الإسلام الذي يمثل الشرق بشكل عام . وربما نتذكر كلمة حاييم هرتسوغ رئيس دولة إسرائيل في مؤتمر مدريد للسلام في إسبانيا موجهاً حديثة للولايات المتحدة أن الأصولية الإسلامية أخطر من الشيوعية”

وقد يكون المستشرق الإسباني” فرناندوا دى اغاريد” الذي كشف عن النوايا الحقيقية لهؤلا المستشرقين حين أشار إلى” أن دراسة الأوضاع العربية من قبل المستشرقين كانت تتم في الكثير من الأحيان بهدف تشويهها”42

إن المنطق ألاستشراقي ركز على إبراز ما بين الشرق والغرب من تناقضات في سياق من التفكير العنصري والمتعصب والحاقد ضد كل ما هو ليس غربياً.

رابعاً: القضبة الفلسطينية(السلام المفقود)

إن من ضمن المعوقات الهامة للحوار هو انعدام الاستقرار في الشرق الأوسط وعلى رأس هذه القضايا (القضية الفلسطينية) , والمتمثل في رفض إسرائيل السلام والالتزام بقرارات هيئة الأمم المتحدة، وعدم الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني كحق العودة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

فإسرائيل تمثل القوة والهيمنة والغطرسة وهي امتداد للغرب في نظر الشرق. لقد انطلق قطار التسوية رسمياً منذ مؤتمر مدريد 1991 بين الدول العربية وإسرائيل ووصل ذروته في اتفاقيات أوسلوا الموقعة بين إسرائيل وبين منظمة التحريرالفلسطينية (السلطة الفلسطينية فيما بعد) عام 1993 ,وشكلت هذه الاتفاقيات مرحلة جديدة ومتقدمة في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني, وكان أبرزها الاعتراف المتبادل بالطرفين والأقرار بوجود دولتين إسرائيل والأراضي المحتلة عام 1967. غير أن إسرائيل منذ ذلك التاريخ وحتى الآن تماطل في الاعتراف بالحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني كى يضمن له دولته المستقلة.

إن إسرائيل أثبتت فعاليتها في المنطقة كحليف إستراتيجي للغرب وفي مقاومة أعدائه التقليدين، الاتحاد السوفيتي سابقاً، والدول ذات النظم والروابط ذات التوجه القومي أو الإسلامي ويمكن أن نذّكر بالدور الإسرائيلي مؤخرا في الحرب على العراق حيث قامت بتزويد الولايات المتحدة الأمريكية بالسلاح ومساعدة رجال المارينز على التدرب على حرب المدن وعمليات التجسس43. ومن هنا يمكن معرفة ليس فقط محافظة الغرب على إسرائيل وأمنها وإنمامّدها بكل أسباب التفوق على الدول العربية والاسلامية المجاورة منذ نشأة الدولة العبرية عام 1948 حتى الآن.

ولذلك بقيت إسرائيل حتى الآن تصّدر خطاباً سياسياً ينطوي على رغبة كاذبة بتحقيق السلام مع جيرانها العرب وتقدم إسرائيل نفسها للعالم على أنها الدولة الصغيرة المهددة من قبل جيرانها العرب الراغبين في إلقائها في البحر44. وأن سياستها تقوم على الدفاع المشروع عن مصالحها وان السياسة الإسرائيلية ترتكز على الثوابت التالية:

$11. رفض قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة

$12. رفض فكرة تقسيم القدس والتأكيد على اعتبارها العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل.

$13. رفض تفكيك المستوطنات في الضفة الغربية وحتى رفض فكرة تجميد الاستيطان.

$14. رفض فكرة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين من حيث المبدأ.

$15. تبديل أولويات إسرائيل الأمنية والسياسية فيما يسعى بالخطر الأمني الإيراني بأن تحتل اهتمام الحكومية الإسرائيلية بينما تم ترحيل القضية الفلسطينية إلى مرتبة ثانوية وربما هامشية في الاهتمامات الإسرائيلية.

ومن هنا انطلقت في الشرق الحركات المسلحة المقاتلة و ما تبعها من حركات جهادية وأصولية. إن علاقة إسرائيل بالغرب في مختلف الميادين تقف عائقاً أمام أي حوار بين الشرق والغرب، فالقدرة الأوروبية مثلاً مرهونة بالولايات المتحدة وخصوصاً عندما يكون هناك تحرك سياسي في إدارة الصراع في الشرق الأوسط فالمحور الأمريكي – الإسرائيلي هو الذي إيقاع حركة الدول الأوروبية على الارجح , فإسرائيل ترتبط باتفاقيات تعاون اقتصادي مع أوروبا قائمة على مبدأ التكامل المتكافئ مما يعني توصل إسرائيل إلى فرض نفسها وإثبات وجودها- بينما على سبيل المثال- لم تتوصل الجامعة العربية إلى اتفاقيات عادية وبصورة منفردة فيما بينها مثل الدول الغربية 45.

ناهيك عما تقوم به إسرائيل من تشويه صورة العرب والمسلمين لدى الغرب وتضحيم متواصل للخطر الإسلامى , وعلى وجه الخصوص بعد انحسار الخطر الشيوعي، بالإضافة إلى شن حروب متواصلة ضد لبنان وسوريا (المفاعل النووي السلمي السوري)، وتهديد إيران بضرب مواقعها النووية . ويحار المرء حقا كيف غرب علماني ويساهم ويدعم بكل الطاقات والإمكانات غير المحدودة دولة تعتمد على حضّها في الوجود على نص توارتي قديم، مما يثير حفيظه الكثير من الحركات الاصولية والمسلحة التي قامت في الشرق نتيجة انعدام هذه العدالة التي تكيل بمكيالين.

ففي تقرير صدر مؤخراً أكدت جماعة الأزمات العالمية ( ICG) أنه ما لم تكرسّ الولايات المتحدة نفسها لدفع عجلة عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية المتوازية نحو الإمام , فإن المد الشرق الأوسطي المرتفع للعنف والعداء لأمريكا سيرتفع 46.

إن امتناع إسرائيل في قضية السلام والدعم اللامحدود من الغرب لإسرائيل يجعل من الإحباط واليأس عوامل لدفع الحركات الدينية إلى محاولة الوصول إلى السلطة وقد تصل بسهولة عبر صناديق الانتخابات أو القيام بعمليات إرهابية ضد المصالح الغربية وهذا ما يؤكد فرضيات البحث القائلة من أن إسرائيل فى عدم رضوخها لقرارات المجتمع الدولى هو عامل معيق للحوار بين الشرق والغرب .

خامساً: رفض التعددية وعدم احترام خصوصيات الاّخر:

أن من أهم العوائق التي تحول دون التفاهم ذلك المنظور الغربي الأحادي الذي يرفض التعددية ولا يعترف بخصوصيات الآخر.

أن الغرب كان وما زال ينظر إلى ذاته على أنه مركز العالم وأعلى حضارة إنسانية فيه ومن ثم ينظر نظرة استعلاء إلى ما سواه من الأمم والشعوب والحضارات، ومن ذلك أن الحضارة الغربية لا تدرك أنها مشترك تراكمي بنائي ساهمت فيه كل الحضارات وبالذات حضارة الشرق. فالباحثة الفرنسية “صوفي بسيس” في كتابها “الغرب والآخرين” ترى أن الحضارة الغربية تشكلت فقط من مرجعية يونانية – ورومانية, مستبعدة المصادر الشرقية أو غير المسيحية مثل ” المصرية القديمة، الهندية،او الصينية، وتبعاً لهذه النظرية فان أوروبا وريثة الإغريق وروما حصراً , ولا يوجد أي نفوذ آخر يلوثها47. فهذا الشعور الذي يتأسس على الاستعلاء سواء المعرفي أم العرقي يّولد شعور داخلي بالتفوق والتميز.

إن ” الأنا” الغربية هي نقطة البداية وزاوية الرؤية للفهم الغربي وتقييمه للآخرين لقد تناسى الغرب أنه هو الذي أباد الهنود الحمر وشن الحروب الصليبية واستعمر العالم “ما لا زالت حتى الآن هذه الذات المبهورة بما حققته من تقدم في شتى مناحي الحياة تريد أن تجعل نفسها فلكاً يدور من حوله الآخرون دون أي اعتبارات للآخر”48. كذلك يمكن النظر في المناهج الغربية والتي تركز على ظاهرة الاستعلاء من إخلال إهمال ألف سنة من تاريخ أوروبا حيث يسمونها بالعصور المظلمة. وهذه الفجوة في المناهج الغربية لها أبعاد خطيرة ضد الآخر49. وأي نظرة اكثر من هذة النظرة استعلاء على الشرقى وعلى وجه الخصوص العربى , في الأدب الغربي : “شعب غني وبنفس الوقت, بدائي غير متحضر، لباسه غريب، يسيء المعاملة للمرأة، مولع بالحروب، متعطش للدماء، غّدار، ماكر، بربري، قاسي ” . وليست هذه النظرة فقط للعرب بل وللحضارات الشرقية بشكل عام وبشكل يفتقد لأبسط قواعد الإنسانية، حيث يصفون الشعوب الشرق اسيوية “هؤلاء اليابانيون والصينيون والشعب الأصغر قصير القامة ذو الوجوه الصفراء يكتنفها الغموض والخداع50. ومن هنا يأتي الاختزال الغربي للعرق الأوروبي في رفض هوية الآخر التي تحاول تشويه صورته. لذا يمكن القول: انه لا توجد حضارة مهما بلغت من قوة وعظمة استغنائها عن ” الآخرين” في مسيرتها نحو المستقبل، والواقع يقول ان الحضارة هي وقوع تفاعل وتبادل في الأخذ والعطاء بين الحضارات الإنسانية التي تعاصرت على امتداد التاريخ، إذ إن الاستعلاء هو أحد محددات التباعد والصراع، فالحضارات الغربية هي التي أنتجت المآسي والويلات للمجتمعات العالمية من حروب عالمية إلى استعمار الى أزمات اقتصادية إلى الحركات العنصرية والفاشستية التي دمرت الكثير من الانجازات البشرية إلى الاستعمار والاحتلال. ومن هنا يحاول الغرب تغليف استعلائه على الآخر وعنصريته بغلاف التفوق العلمي والصناعى.

الخاتمة :

إن بقاء مصادر التطرف قائمة في الشرق والغرب معاً لم تؤد إلى بناء علاقة إيجابية بينهما، بل ضّلت الصورة السلبية والأفكار المسبقة من الآخر هي التي تٍستدعى في كل لحظة . وقد كان سقوط الاتحاد الحافز للغرب ومفكريه للبحث عن عدو جديد يتناسب مع مقاييسه ومواصفاته. ومن هنا جاء بحث الحركات الإسلامية المتنامية في الشرق عن بديل , نتيجة يأسها من الأنظمة القائمة في تحقيق الحد الأدنى من العدالة والديمقراطية. وتاسيسا على ما سبق كان خطابها المتشدد أن جعلت من الإسلام المرشح الأول لوضعه في الإطار الذي وضعه له الغرب، ومما زاد هذه الحركات من منهجية عنيفة وتصادمية هو أحياء الغرب لبعض المفاهيم العقائدية ضد الشرق في صراعه مع الحضارات، حيث تبنى سياسة القوة وخلق مفهوم الحرب على الارهاب والحروب الاستباقية.

إن التحدي الذي تجابهه الحضارات الشرقية، الإسلامية والهندوسية والبوذية هو تحد وجود ؛ فاما أن تقرر الاندماج في الحضارة الغربية الراهنة، أو تستخرج حضارة إنسانية جديدة لتجعل منها إضافة حضارية متعددة معاصرة، أو أن تختزل حضارتها فى حدود الفولكور فقط على يد حضارة عالمية غازية شاملة تمتلك كل امكانيات التفوق.

إن دول الشرق بشكل عام والتي تمثل حضارة الشرق, الجزء الأكبر منها تعيش مجتمعاتها محرومة من المشاركة السياسية الحقيقية ,وهذا يدفع قطاعات واسعة لتفسير الإسلام بالذات بمزيد من التشدد والقطيعة مع الغرب, وهذا ما يفسر نظرة الغرب إلى ّاليات الحوار الشرقي الداخلي وخصوصاً فى العالم العربي والإسلامي، والتي يغلب عليها طابع العنف بأنه يعود إلى بيئته العقلية العربية البدوية التي يغلب عليها طابع الغنف ,و الذى يعتقد أن التعبير عن الأفكار والمواقف بهدوء يعتبر ضعفاً غير مقبول، وان من أفضل الطرق للوصول إلى النتائج هو استخدام القوة.

و أرى كباحث إن مستقبل العلاقة في الحوار بين الحضارتين لن يشهد انفراجاً ملحوظاً في المدى القريب مالم تزول العوائق الحقيقية، والتى تقف عائقا فى وجه اى حوار، لذلك لا بد من الوقوف على الأمور التالية:

$11. أن تكف كل حضارة عن محاولة إلحاق الحضارة الأخرى لركبها.

$12. الاعتراف بأوجه التشابه والتماثل التى تطغى على ما بينهما من خلافات وصراعات .

$13.أن يلعب الإعلام ومراكز الابحاث والجامعات ومؤسسات المجتمع المدنى دوراً مشتركاً في تقريب وجهات النظر وعدم بث الهواجس والمخاوف في كلا الفضائين وعدم تضخيم الأحداث لمصلحة الفئات المتطرفة في كلا الجانبين.

$14.احترام خصوصية الحضارات الأخرى وهويتها الثقافية وأن لا تسعى الحضارة الغربية للتحكم في الاخر وإبقائه في حالة تبعية و النظر إلى الدول الساعية لامتلاك القوة بأنها متمردة ..

$15. التحرر من الروؤى المتحيزة ضد العرب والشرق كمجتمعات تميل إلى العنف والعزلة والجمود والإنغلاق على نفسها.

$16.أن يعترف كلا الطرفين أن الحوار أقل كلفة من الصدام أو القوة أو التطرف وأن الحل ممكن في حال تقديم تنازلات من كلا الطرفين, وعدم التركيز على حوار الاديان فقط لان حوار الاديان ارى انه حوار هامشى اذ ان كل طرف متمسك بموقفة على ضوء ديانتة.

$17.عدم التكافؤ بين المتحاورين. الغرب يمتلك القوة وتحديات العولمة وإفرازات الإنترنت والشرق يستجدى الحوار ويدين ويشجب الفئة المتطرفة التي قامت بأعمال إرهابية ضد الغرب وحضارته, ومن هنا يظهر أن الشرق هو الطرف الضعيف والعاجز في الحوار أمام الغرب الذي تحكمه عقلية القوة والمصلحة المادية . لذا على الشرق اكتساب عناصر القوة التكنولوجية والعلمية المعرفية وتسويغ العولمة وهذه من أساسيات بناء قواعد حوار متكافئ بين الطرفين.

$18. التركيز على الجاليات الشرقية في الغرب، فهي المؤهلة في الأسهام في تقليص الفجوة بين الحضارتين.

اذا يمكن القول انه بالرغم من عبء الماضي و حاجة المجتمعات الشرقية بالذات الى وقت طويل للخروج من هذة المقيدات والذكريات الاليمة، وثقل الحاضر وظلمة المستقبل يمكن القول أن التحدي التي تواجهه البشرية يحتم علينا أن نُسهم بشكل فعّال في حوار الحضارات، وأن نبحث عن نقاط الإلتقاء، وعدم الاستسلام للصياغات التقليدية المتشنجة. فأمام العالم اليوم مشاكل مشتركة على الجميع وضع الحلول لها مثل المخدرات, الجريمة المنظمة، التطرف الديني، الايدز، البيئة وتلوثها و الإرهاب والامراض التى بدأت تجتاح العالم وما خفي من مشاكل أعظم.

فنحن بحاجة إلى الغرب ولسنا بحاجة إلى تنظيمات وأفكار التخويف من الشرق البربري، وبث الكراهية القائمة على العنف والقوة والاحتلال.

والغرب بحاجة إلى الشرق وليس إلى تنظيمات قائمة على تكريس الدين الواحد وأسلمة العالم وتوتره وإرهابه، لذلك وجب التفكير في المدى المنظور في حوار يجمع ولا يفرق بين الحضارات.

التوصيات :

1-المشاركة في دعم مشروع تحالف الحضارات ودعم المبادرة التي أطلقها رئيس وزراء اسبانيا السابق (خوسى لويس ثباتيرو) ورئيس وزراء تركيا الأسبق( رجب طيب اردوغان) التي تبنتها الأمم المتحدة في أخر مؤتمر لها في البرازيل حزيران 2010م حيث تسعى هذه المبادرة إلى تفعيل الجهود الدولية لمواجهة التطرف بتنظيم حوارات بين الأديان وحوارات ثقافية عالمية كضرورة ملحة بين الحضارات في العلاقات الدولية لإذابة التوترات وإشاعة قيم التسامح والسلم العالمي

2-بلورة قيم كونية مقبولة من جميع شعوب الأرض وليست فقط من الغرب ,حيث إن فلسفة الغرب المتمثلة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وقوانين السوق لم تعد قادرة على فرض نفسها كفلسفة كونية شاملة .

3- التركيز على مشكلات الفقر والجهل والمرض والكوارث المختلفة والبيئة وعدم توظيف الدين لإغراض سياسية لاتمت لسماحة الدين وعمقه ألانسانى ومساعدة الشعوب المحتاجة والتعاون في مجالات التنمية التي تهم البشرية . حيث تبين أن حركات الغلو الاحتجاجية التي عبرت عن نفسها بالعنف العشوائي تارة والمنظم تارة أحيانا هو دليل على إخفاق الحوكمة الدولية.

4-إشراك دوائر ذات نفوذ على الصعيد الدولي , مثل: البرلمان الاوروبى والكونغرس الامريكى والمنظمات الدولية والإقليمية وأساتذة الجامعات من الفئات التي تتبنى الحوار الهادف

5- تفعيل وسائل الإعلام في كلا الفضائيين من خلال المحاضرات للمفكرين البارزين والسياسيين ورجال الدين للرد على التيارات المتطرفة وتغليب تيار العقلانية.

6- التطبيق النزيه لقواعد القانون الدولي من قبل الغرب وتجاوز كل إشكال التوظيف غير الموضوعي واستبعاد التعامل المعياري مع المنظومة الدولية من قبل الغرب في النزاعات والقضايا الدولية التى تخص الشرق من اجل تعزيز الأمن العالمي والاقليمى .

7-ضرورة التخلى عن ترويج أوهام الخوف وحملات التخويف من وجود أعداء وهميين من دول وديانات ونظريات وتنظيمات إرهابية والكف عن تهيئة الراى العام لمثل هذه الآراء

8-تغيير الصورة الخاطئة عن الإسلام بتأصيل فكرة التفاعل والتدافع الحضاري وليس فكرة صدام الحضارات مع التركيز على الجاليات الشرقية(جمعيات ومنظمات مهاجرين ) في الغرب فهي المؤهلة في الإسهام فى تقليص الفجوة بين الحضارتين لما تمتلكه من مخزون وخبرات فى التعامل نظرا لمايشتها الواقع فى الغرب .

9- الاستمرار في نهج الاقتصاد المعولم من اجل تقليص الفجوة الحضارية – العلمية في ضوء المعطيات الراهنة.

10- السعي والطلب من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بشكل عام المساعدة في محاربة الفقر والبطالة وان تتمكن دول الشرق من تأهيل الشباب لديها ووضع صيغة جديدة من اجل التفهم الاوروبى على وجه الخصوص لقضايا الشرق بشكل عام والعالم الاسلامى بشكل عام من اجل إحداث تغيير ملموس في المواقف الغربية المحددة سلفاً اتجاه قضايا المنطقة.

الهوامش :

$11. ابن منظور ,محمد بن مكرم(ت711هـ) : لسان العرب, حققه عامر حيدر.ط1 دار الكتب العلمية – بيروت, 2005 م. مادة حور. انظر كذلك ,محمد العمري، الحوار ومزالق العنف، سلسلة محاضرات في اشراقات( كتاب الموسم الثقافي الثالث )2003 – 2004، المنامة: المؤسسة العربية للطباعة والنشر ص 10.

$12. أنظر ميثاق الامم المتحدة الديباجة،

$13. Webster( Ninth the Collegiate Dictionary, Massac unsettles us. A 1911.

$14. Macmillan English Dictionary for advanced cleaners. Learners Education oxford – 2004.

$15. Lacrosse,Francois . 1977 .dialogue Francoise. library, lacrosse, press, .

$16. مختصر تفسير ابن كثير، اختصار وتحقيق محمد علي الصابوني ,بيروت : دار القران الكريم,ط1، ص 419.

$17. محمد عمارة، التراث والمستقبل، القاهرة: دار الرشاد، ط 3 , 1997 ,ص 215

$18. أحمد عبد الرزاق أحمد: الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى، القاهرة، دار الفكر العربي، 1990.ص11

$19. توفيق محمد سبع، قيم حضارية في القرآن الكريم عالم ما قبل القرآن, القاهرة: دار المنار، ج1، دن، ص 31.

$110. أنظر: د. هادي حسن، حوار الشمال والجنوب، وجهة نظر عربية، معهد الإنماء العربي، ط1، بيروت، 1983.

$111. أنظر: د. أحمد الراوي” ملحق الأقليات المسلمة في أوروبا” الواقع والمستقبل” مجلة العالمية” تصدرها الهيئة الخيرية الإسلامية، الكويت: العدد رقم (2006) يونيو 2007م.

$112. د. محمد مسلم الحسين، أوروبا تننوى التخلص من ثمانية ملايين مقيم غير شرعي، موقع صوت الجيل، أسبوعية ( إلكترونية). د. ت

$113. أنظر، نبيل شبيب، اليمين المتطرف ومستقبل المسلمين في أوروبا، مجلة المعرفة ( مجلة الكترونية, 3/ 10/ 2004.

$114. أنظر: مجلة السياسية الدولية، حوار سوسن حسين مع جون زيجلر، القاهرة: مؤسسة الأهرام، العدد رقم 144 إبرايل 2001، ص 127 وما بعدها.

$115. أنظر: مركز الجزيرة للدراسات، حوار الحركات الإسلامية مع الغرب، 10/ 8/ 2009 ( موقع إلكتروني) www. Aljazeara. Net .

$116. أنظر: غوستاف لوبون، حضارة العرب، تحقيق عادل زعيتر، القاهرة: الهينة المصرية العامة للكتاب والنشر, 1969.

$117. جلال العالم , قادة الغرب يقولون ، دمرّو الإسلام أبيدو أهله، القاهرة: دار السلام، 1979 ط9، ص 33.

$118. صالح مسعود أبو نصير، جهاد شعب فلسطين خلال نصف قرن , بيروت: دار الفتح، د ت .ص 65.

$119. Samuel Huntington. The Third wave Democratization In The Late Twentieth Century ( Norman Unit . of Oklahoma Press. 1992.

$120.Francis Facade. The End of History and the lost Non( New York. Free press, 1992. PP 20- 34. .

$121.جورج قرم، شرق وغرب، الشرخ الأسطوري، بيروت: دار الساقي، 2003، ص 43

$122.شوقي أبو شعيرة” إدارة بوش قصة المحافظين الجدد، جريدة االخليج الامارتية، تاريخ، 14 / 2/ 2002م.

$123.قيصر عفيف، ( أولئك المحافظون الجدد) الأمريكيون المحافظين ليسوا جدداً موقع معابر الإلكتروني – شبكة الإنترنت الدولية.

$124.شوقي أبو شعيرة، المرجع السابق.

$125.باسم يموت، الوضع الغربي في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية جريدة المستقبل (اللبنانية) العدد 133، 30 حزيران 2003، ص 17.

$126. Stop_Islamisation_of_Europe Wikipedia, the free encyclopedia

$127. Kepel, Gilles.2004. Fitna Guerre au France de Islam.2004. essay, Paris . p 389

$128.الحقيقة مجلة إلكترونية – 28/ 11/ 2009 رقم الأمور 192 لعام 2009.

$129.كهريال حبيب الحوار بين الحضارات الأديان والثقافات –، مركز دمشق الدراسات النظرية والحقوق المدنية( موقع اليكترونى) 5/ 4/ 2008.

$130.صحيفة الأخبار (مصرية) بدء محكمة قاتل مروة الشربيني، الإثنين 26/ 10/ 2009.

$131.للمزيد حول هذا الموضوع أنظر: مجموعة من الباحثين ” الحركات الإسلامية وأثرها في الاستقرار السياسي في العالم” ، أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، ط1، 2003.

$132.أنظر: مصطفى زهران تأملات في واقع ومستقبل القاعدة والحركات الإسلامية الراديكالية, الشهاب ( موقع إلتكتروني ) , 26- 10-1430 هـ

$133.د. محمد اركون – تاريخية الفكر العربي والإسلامي – ترجمة هاشم صالح، النسخة العربية- بيروت: مركز الإنماء العربي ,1986، ص 135 وما بعدها.

$134.محمد ياسين عربي، الاستشراق وتغريب العقل العربي , الرباط: المجلس القومي الثقافة العربية، 1999، ص 142.

$135.بيرنارد لويس، مسألة الاستشراق، ترجمة هاشم صالح، الاستشراق بين دعاتة ومعارضية، بيروت: دار الساقي 2000م.

$136.محمد القاضي الاستشراق بين الأنصاف والأجحاف , مجلة التاريخ العربي عدد، 2003، ص 179 – 208.

$137.برنارد لويس، مستقبل الشرق الأوسط. تنبؤات، بيروت: رياض الريس للكتب والنشر، ط 1، 2000م، ص 140.

$138.أنظر: أكرم أنطاكي، حوار حضاري بناء / معابر ( موقع إلكتروني), حزيران 2008.

$139.أنظر: كامل الدلفي – نحن وتطور الحضارات في حسابات المفهوم، الحوار المتمدن ( مجلة إلكترونية ) العدد 1834، تاريخ 23 / 3/ 2007.

$140.باتريك ج بوكانن، موت الغرب أثر شيخوخة السكان وموتهم وغزوات المهاجرين على الغرب، ترجمة محمد محمود التوبة، الرياض: مكتبة العبيكان، 2005، ص 529، ص 529 وما بعدها بتصرف.

$141.أنظر: جورج قرم، شرق وغرب، الشرخ الأسطوري، بيروت، دار الساقي، 2003، ص 1143 وما بعدها.

$142.أنظر: إبراهيم محمد جواد، الإسلام والغرب وإمكانية الحوار , مجلة البنا,- بيروت: مؤسسة المستقبل للثقافة والإعلام، العدد رقم 40039 , 2009 م.

$143.حسن نافعة، وجهة نظر في تطور الرؤية الأمريكية اتجاه العرب- القاهرة: مجلة السياسة الدولية، يوليو 153 – 2003.

$144.مركز دراسات فلسطين والعالم ” الصراع العربي الإسرائيلي في ظل المستجدات الدولية, سوريا – ريف دمشق. د.ت. د. ن، ص 3.

$145.أنظر:

عبد المنعم سعيد، الحوار العربي الأوربي، القاهرة : مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ,1997. (بتصرف)

عبد المنعم زمابيلي، الحوار العربي – الأوربي، منشورات وزارة الثقافة دمشق 1992. (بتصرف)

$146. The international Cries Group The Bar Broader Middle East and North Africa an native imperiled it Birth, June 2004.

$147.أنظر: صوفي بسيمس، الغرب والآخرون قصة تفوق، باريس، دار لاديكوفيرن 2001م.

$148.حازم محفوظ ” الفكر الغربي والواقع الدولي المعاصرة القاهرة ” صحيفة الأهرام، العدد رقم 44897، 9 نوفمبر 2009.

$149.د. سليم حسون، “حلب وحوار الحضارات”، سوريا: ندوة جامعة حلب 25 – 27 / 4/ 2005، موقع أرض الحضارات ( إلكترونية)

$150.جورج قرم , شرق وغرب , مرجع سابق ,ص43

المراجع:

أبو شعيرة، شوقي.2000. ادارة بوش وقصة المحافظين الجديد , جريدة الخليج، تاريخ 14/ 2/ 2000م.

أبو نصر، صالح مسعود.د.ت. جهاد شعب فلسطين خلال نصف قرن ,بيروت: دار الفتح.

أحمد، أحمد عبد الرزاق.1990. الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى، القاهرة: دار الفكر العربي.

اركون، محمد.1986. تاريخية الفكر العربي والإسلامي، ترجمة هاشم صالح , النسخة العربية، بيروت: مركز الاتحاد العربي .

باتريك، ج، بوكانن.2005.موت الغرب أثر شيخوخة السكان وموتهم وغزوات المهاجرين على الغرب، ترجمة محمد محمود التوبة، الرياض: مكتبة العبيكان.

بسيس، صوفي ، العرب والآخرون.2001. ” باريس , دار لاديكوفيرت .

حسن، هادي.1983. حوار الشمال والجنوب، وجهة نظر عربية، بيروت: معها الإنماء العربي، ط1.

حسين، سوسن.2001. حوار جون زيجلر، مجلة السياسية الدولية، القاهرة: مؤسسة الأهرام العدد 144 إبريل .

الراوي، أحمد.2007. ملف الأقليات المسلمة في أوروبا الواقع والمستقبل، الكويت، مجلة العالمية العدد رقم 206.

زمابيلي، عبد المنعم.1992. الحوار العربي – الأوروبي، دمشق: منشورات وزارة الثقافة.

سبع، توفيق محمد.د.ت. قيم حضارية في القرآن الكريم، القاهرة: دار المنار.

سعيد، عبد المنعم.1997. الحوار العربي- الأوروبي، القاهرة: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية.

سلوم، سعد.2005. المحافظون الجدد وترسيخ بيئة العنف في العلاقات الدولية مجلة النبأ، بيروت: العدد 78 , آب .

الصابوني، محمد.د.ت. مختصر تفسير ابن كثير، بيروت : دار القران الكريم,ط1.

صالح، هاشم.2000. الاستشراق بين دعامة ومعارضية، بيروت: دار الساقي.

صحيفة الأخبار .2009. بدء محاكمة قاتل مروة وشربيني، القاهرة: دار الأخبار. تشرين اول.

العالم، جلال.1979. قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدو أهله، القاهرة: دار السلام.

عربي، محمد ياسين.1999. الاستشراق وتغريب العقل العربي، الرباط: المجلس القومي للثقافة العربية.

عمارة، محمد.1997.التراث والمستقبل، القاهرة: دار الرشاد . ط 3.

العمري، محمد.2003.الحوار ومزالق العنف، سلسلة محاضرات في إشراقات المنامة: المؤسسة العربية للطباعة والنشر .

القاضي، محمد .2003. الاستشراق بين الأنصاف والأجحاف، مجلة التاريخ العربي الرباط: جمعية المؤرخين المغاربة، المجلة العدد رقم 26 .

قرم، جورج.2003. شرق وغرب، الشرخ الأسطوري، بيروت: دار الساقي.

لديون، غوستاف.1969.حضارة العرب، تحقيق عادل زعيتر، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب والنشر .

لويس، برنارد.2000. مستقبل الشرق الأوسط، تنبؤات , بيروت: رياض الريس للكتب والنشر.

مجموعة من الباحثين.2003.الحركات الإسلامية وأثرها في الاستقرار السياسي في العالم أبو ظبي: مركز الإمارات الدراسات والبحوث الإستراتيجية.

مركز دراسات فلسطين والعالم .د ت. والصراع العربي الإسرائيلي في ظل المستجدات الدولية”، دمشق.

نافعة، حسن.2003. و جهة نظر في تطور الرؤوية الأمريكية اتجاه العرب، القاهرة: مجلة السياسية الدولية , العدد رقم 153 .

يموت، باسم.2003.الوضع العربي في ضوء المتغيرات الإقليمية والعربية جريدة المستقبل ، العدد 133، 30 حزيران.

المراجع الأجنبية :

Kepel, Gilles.2004. Fitna Guerre au France de Islam.2004. essay, Paris .

Lacrosse,Francois . 1977 .dialogue Francoise. library, lacrosse, press, .

Macmillan.2006. English Dictionary for advanced learners. Education oxford.

Samuel Huntington .1992. The Third wave Democratization in the late twentieth century (Norman unit, of Oklahoma,) press.

The Internal Crises Group.2004. The Broader Middle East and North Africa Initiative. June 2004; http://www.crisisgroup.org/~/media/Files/Middle East North Africa

Webster .1999. Ninth the collegiate dictionary, Masochist.

Wikipedia, the free encyclopedia,Stop_Islamisation_of_Europe;

www.wikipedia.org/wiki/Stop_Islamisation_of_Europe.

المواقع الالكترونية

أنطاكي، أكرم.2008. حوار حضاري بناء، معابر، حزيران.

حبيب، كبريال.2008. الحوار بين الحضارات والإديان والثقافات، دمشق: مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية.

الحسيني، محمد مسلم.2008. أوروبا تنوي التخلص من ثمانية ملايين مقيم غير شرعي , صوت الجيل، موقع إلكتروني – صحيفة أسبوعية، د.ت.

الدلفي، كامل.2007. نحن وحوار الحضارات في حسابات المفهوم، الحوار المتمدن، العدد 1834.

شبيب، نبيل.2004. اليمين المتطرف ومستقبل المسلمين في أوروبا, مجلة المعرفة الأحد 3/ 10.

مصطفى، زهران.2009. تاملات في واقع ومستقبل القاعدة والحركات الإسلامية الراديكالية،

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …