الرئيسية / العلاقات الدولية / السياسة الخارجية / إستراتيجية الاتحاد الأوروبي لمكافحة تغير المناخ
إستراتيجية الاتحاد الأوروبي لتغير المناخ
إستراتيجية الاتحاد الأوروبي لتغير المناخ

إستراتيجية الاتحاد الأوروبي لمكافحة تغير المناخ

إستراتيجية الاتحاد الأوروبي لتغير المناخ

د: ليتيــم فتيحـة

قسم العلوم السياسية – جامعة باجي مختار عنابة (الجزائر)

أ: ليتيــم نـاديـة

قسم الحقوق جامعة سكيكدة (الجزائر)

 

 

الملخص:

تعد مكافحة تغير المناخ إحدى التحديات الجوهرية في السياسة البيئية للاتحاد الأوروبي، الداخلية والدولية على حد سواء، خاصة وانه يعد ثالث أكبر ملوث في العالم بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية، إذ تصدر عنه 12% من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولذا يسعى الاتحاد الأوروبي في استراتيجيته البيئية إلى تخفيض 30% من انبعاثاته بحلول العام 2020 والتحول من استخدام النفط إلى الغاز الطبيعي وتنفيذ كفاءة استخدام الطاقة، ولتحقيق هذه الغاية، تبنى الاتحاد الأوروبي إستراتيجية نوعية توصف بكونها عملية ومستقبلية تتضمن مايلبي:

1. بـرنامج مـكافحة تغـير المناخ:المناخProgramme de lutte contre le changement climatique (PECC)(2000).

2. إستراتيجية التغير المناخي لأفق 2020 وما بعده،Stratégie sur le changement climatique à l’horizon 2020 et au-delà (2005).

3. حـزمة المـناخ والطاقة: (2008) Le paquet «Climat et énergie»

4. برنامج الاتحاد الأوروبي لرصد كوكب الأرض: (22 سبتمبر 2010)

Programme européen de surveillance de la Terre (GMES), ووضعه حيز النفاذ خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2012.

5. برنامج رصد الانبعاثات الغازية (2012)

6.التحالف العالمي لمواجهة تغير المناخ بين الاتحاد الأوروبي والدول النامية الفقيرة والمتضررة من التغير المناخي(18 سبتمبر 2007):une alliance mondiale contre le changement climatique entre l’Union européenne et les pays en développement pauvres et les plus vulnérables au changement climatique

خامسا: إدماج مشكلة التغير المناخي في استراتيجيات وبرامج القضاء على الفقر

إضافة إلى كل ما سبق، لعب الاتحاد الأوروبي دورا قياديا في وضع صكين دوليين على درجة كبيرة من الأهمية وهما: اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغير المناخي لعام 1992 وبروتوكول كيوتو لعام 1997، الذي يعد الأداة التنفيذية لهذه الاتفاقية، واللذين صادق عليهما في 25 أفريل 2002.

نتيجة لكل تلك الجهود فقد نجح الاتحاد الأوروبي في خفض انبعاثاته من الكربون بنسبة 17% عما كانت عليه مقارنة بمستويات عام 1990، إلا أنه فشل – ورغم مساعيه الحثيثة- في إقناع الدول الصناعية الكبرى للمصادقة على بروتوكول كيوتو، وعلى رأسها الصين والو.م.أ، بل أن غالبية الدول النامية لم تصادق أيضا عليه.

 

Résumé

La lutte contre le changement climatique est un grand défis dans la stratégie Européenne de l’environnement au niveau interne et externe, notament que l’Union européenne et le troisième polluant dans le monde après la Chine et l’USA , il produit 12 % des taux des gazes causants l’échauffement climatique dans le monde . C’est pour ça la stratégie Européenne de l’environnement vise a diminuer 30% des ces gazesversl’horizon de l’an 2020 et la transformation de l’utilisation de pétrole vers le gaze naturel et les ressources renouvable. Pour achever ces buttes, l’UE a adopté une stratégie spécifique se caractérise d’êtrepratique et prospective incluant:

1. Programme de lutte contre le changement climatique (PECC)(2000). .

2. Stratégie sur le changement climatique à l’horizon 2020 et au-delà . (2005).

3. Le paquet «Climat et énergie»

4. Programme européen de surveillance de la Terre (GMES)(2011-2012) .L’alliance mondiale contre le changement climatique entre l’Union européenne et les pays en développement pauvres et les plus vulnérables au changement climatique (18 Septembre 2007) .

cette stratégie prend en considération les problèmes sociaux comme la pauvreté dans la lutte contre le changement climatique.

L’Union européenne a joué aussi un rôle primordiale dans l’élaboration de deux conventions très importantes sur l’échelon internationale qui sont: la convention cadre de l’ONU sur le changement climatique et le protocole de Kyoto

Grace à ce cette stratégie l’Union européenne a réussie de diminuer ces émussions de carbone de pourcentage de 17% par à port de ce lui de l’anneé 1990, mais malgré tous ces progrès elle a échouée de convaincre les grands pays industriels et la plus part des pays sous développement d’adhéré au protocole de Kyoto.

 

مقدمة:

ظلت مواجهة تحديات البيئة دوما إحدى الأولويات الرئيسية في علاقات الاتحاد الأوروبي، الذي يملك التزاما قانونيا وسياسيا ثابتا وقديما بمعالجة البعد البيئي في جميع سياساته الداخلية والدولية؛ إذ يقر أساسا بأهمية معالجة المشكلات البيئية وعلى رأسها تغير المناخ الذي يعتبره تحديا يستوجب التعامل معه بشكل خاص. ومن هذا المنطلق، لعب الاتحاد الأوروبي دورا قياديا في الحملة العالمية لمجابهة تغير المناخ، عبر مجموعة من المشاريع والمبادرات الرائدة، ومن هنا تتمحور الإشكالية الرئيسية لهذه الورقة البحثية في تسليط الضوء بالدراسة والتحليل على إستراتيجية الاتحاد الأوروبي بوجهيها الداخلي والدولي في مجابهة تغير المناخ.

بتعبير آخر، تتمثل الإشكالية الرئيسية في مايلي: إلى أي مدى نجحت إستراتيجية الاتحاد الأوروبي في مكافحة تغير المناخ؟

ويتفرع عن هذا الإشكالية الرئيسة جملة من التساؤلات الفـرعية، يذكر من بينها:

– ما هو مضمون إستراتيجية الاتحاد الأوروبي لتغير المناخ وما هي أهدافها؟

– كيف استطاع البرنامج الأوروبي للتغير المناخيPEEC أن يحدث فرقا في الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ؟

– ما هي التدابير والإجراءات التي استحدثها الاتحاد الأوروبي بموجب مبادرة آفاق 2020 وما بعدها Horizon 2020 et au-delà لمكافحة تغير المناخ، لاسيما في مجال كفاءة الطاقة والنقل والطاقة المتجددة؟

– ما مضمون خارطة الطريق الأوروبية لعام 2011 كأحدث مبادرة عالمية في مجال مكافحة تغير المناخ؟

– ما هي المساعي التي يبدلها الاتحاد الأوروبي في إطار إستراتيجيته المتبعة لإقناع الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها الصين والو.م.أ. للتقليل من إنتاج غازات الدفيئة؟

– ما هي التحديات التي تواجه تنفيذ إستراتيجية الاتحاد الأوروبي لتغير المناخ؟

وللإجابة على هذه الإشكالية الرئيسية وتسائلاتها الفرعية، يقتضي الأمر بداية التطرق إلى إستراتيجية الاتحاد الأوروبي لتغير المناخ بالدراسة والتحليل، مع التركيز على ما تتضمنه من قوانين وتشريعات وبرامج مختلفة، ومن تم تقييم مدى فعاليتها ونجاعتها في الحد من التغير المناخي.

أولا: إسـتراتيجية الاتحاد الأوروبي لتغير المناخ:

تعد مكافحة تغير المناخ إحدى التحديات الجوهرية في السياسة البيئية للاتحاد الأوروبي، الداخلية والدولية على حد سواء، خاصة وانه يعد ثالث أكبر ملوث في العالم بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية، إذ تصدر عنه 12% من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولذا يسعى الاتحاد الأوروبي إلى خفض غازات الدفيئة إلى حد أو مستوى معين لا يسبب اضطرابات وتغيرات جوية مصطنعة. وهو الأمر الذي يتطلب تحديد معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض بدرجتين، مما يستلزم خفض انبعاثات كوكب الأرض من الغازات إلى نصف المعدل أو أكثر بحلول عام 2050، مقارنة بالنسبة المسجلة في عام 1990. ولتحقيق هذه الغاية، تبنى الاتحاد الأوروبي إستراتيجية نوعية توصف بكونها عملية ومستقبلية، إذ تقوم أساسا على مايلي:

1. بـرنامج مكافحة تغير المناخ:

لقد لاحظت المفوضية الأوروبية أن التدابير الفردية التي تتخذها الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي غير كافية للوفاء بالتزامها الدولي بموجب بروتوكول كيوتو، المتمثل في تخفيض نسبة انبعاثات الاتحاد من غازات الدفيئة بنسبة ثمانية بالمائة بحلول عام 2010، ولهذا السبب أطلق برنامج الاتحاد الأوروبي لمكافحة تغير المناخ Programme de lutte contre le changement climatique (PECC)في عام 2000، والذي يقوم على مبدأين اثنين: أولهما اختيار التدابير الأكثر فعالية لمواجهة تغير المناخ، وثانيهما توسيع تطبيقها في جميع قطاعات الحياة المختلفة. ويرتكز هذا البرنامج على عدد من التوجيهات الأوروبية، يذكر من بينها:

– التوجيهة رقم 2001/77/ “CE/77/ 2001 Directiveالمتعلقة بتطوير إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة؛

– التوجيهة رقم 2003/30 “CE/30/2003Directive المتعلقة بتطوير استخدام الوقود في وسائل النقل المنتج من الطاقات المتجددة؛

– التوجيهة رقم 2002/ 91 “CE/91/2002Directiveالمتعلقة بتحسين استخدام الطاقة في البنايات….1

وقد عزز برنامج الاتحاد الأوروبي لمكافحة تغير المناخ بإصدار الكتاب الأبيض Livre Blanc في عام 2001، والمتضمن لسياسة الاتحاد الأوروبي في مجال النقل وعلاقته بتغير المناخ، حيث نص على ضرورة إنشاء مركزا لتبادل المعلومات حول مخاطر ظاهرة التغير المناخي والنتائج المترتبة عنه، وأفضل الممارسات الواجب إتباعها لمواجهة هذه الظاهرة.2

إلا أن برنامج الاتحاد الأوروبي لمكافحة تغير المناخ لم يكن كافيا لمواجهة التحديات البيئية التي يفرضها تغير المناخ؛ إذ لم يحقق الفعالية المرجوة منه، وهو ما أدى بالمفوضية الأوروبية إلى إعادة تفعيله في عام 2005 وذلك من خلال وضع أسس جديدة للإستراتيجية الأوروبية لتغير المناخ، والتي أطلق عليها إستراتيجية التغير المناخي لأفق 2020 وما بعده، Stratégie sur le changement climatique à l’horizon 2020et au-delà التي تركز خصوصا على إنتاج واستهلاك الطاقة، وقطاعات النقل والصناعة والزراعة وإدارة النفايات، وكذا مجال البحث وتمويل التنمية المحلية.3 وتشرح الورقة االخضراءLivre Vert التي أصدرتها المفوضية الأوروبية في 29أفريل 2007، مضمون هذه الإستراتيجية الجديدة، التي تهدف إلى تعزيز قدرة الاتحاد على مواجهة تغيرات المناخ، خاصة وان تقارير الخبراء تشير إلى تنامي التأثيرات الضارة والمشاكل البيئية الناجمة عن تغير المناخ، وتفاوتها واختلافها من بلد لآخر من بلدان الاتحاد، مما يستدعي اتخاذ تدابير عاجلة تكون متوائمة على الصعيد المحلي والإقليمي.4

2. حـزمة المناخ والطاقة

وضع الاتحاد الأوروبي في عام 2008 مجموعة من القوانين والتشريعات أطلق عليها تسمية حزمة المناخ والطاقة” Le paquet «Climat et énergie» التي تتضمن عددا من التدابير المختلفة في مجال الطاقة والتغير المناخي، كما ترسم جملة من الأهداف التي يسعى الاتحاد لتحقيقها بحلول عام 2020، وتسعى أيضا لوضع الاتحاد الأوروبي في مسار المستقبل المستدام، المبني على اقتصاد يستهلك كميات اقل من الكربون ويستهلك طاقة اقل.

وتهدف حزمة المناخ والطاقة التي وضعها الاتحاد الأوروبي بمناسبة قمة المناخ، التي انعقدت خلال الفترة بين 17 إلى 18 ديسمبر 2009 في كوبنهاغن بالدانمرك، إلى تحقيق الأهداف التالية:

– التقليل من انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 20 % وبنسبة 30 % في حالة وجود اتفاق دولي؛

– التقليل من استهلاك الطاقة بنسبة 20 %؛

– إنتاج 20 % من الطاقة المستهلكة بالاتحاد من الطاقات المتجددة؛5

– تطوير سياسة حماية البيئة في مجال التخزين الجيولوجي للكربون.

وتحظى حزمة الاتحاد الأوروبي للمناخ والطاقة بأهمية بالغة سواء على الصعيد الداخلي أو الدولي، ويمكن تلخيص هذه الأهمية في النقاط التالية:

– تعد حزمة الاتحاد الأوروبي للمناخ والطاقة مساهمة فعالة في مجال محاربة تغيرالمناخ، خاصة وأنها ستساهم في التقليل من تلوث الهواء، وبالتالي التقليل من مشاكل الصحة وتقليص نفقات مكافحة التلوث. كما تعد أيضا مثالا تحتدي به بقية دول العالم، خاصة وأنها لا تتعلق بدول الاتحاد الأوروبي فقط، بل أيضا بالدول الصناعية، والدول النامية على حد سواء، الأمر الذي قد يشجع هذه الدول على إبرام صك دولي ملزم بشان المناخ؛

– إن تطبيق التدابير التي تضمنتها حزمة المناخ والطاقة سيسمح للاتحاد الأوروبي سنويا والى غاية 2020 بتوفير مبلغ يقدر بــ50 مليار أورو، حجم استيراداته من البترول والغاز. كما سيسمح للقطاع الأوروبي للطاقات المتجددة، الذي تقدر مناصب العمل به بـ000 300 منصب،بخلق حوالي مليون منصب إضافي بحلول عام 2020، كما ستساهم في خلق مناصب شغل جديدة في بقية القطاعات الأخرى المرتبطة بالبيئة.6

وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي قد أصدر بتاريخ 27 نوفمبر 2009 تشريعا يتضمن النص لأول مرة على إنشاء منصب جديد وهو منصب مفوض العمل المناخيle commissaire à l’action climatiqueوهو منصب وزاري، كما تم إنشاء إدارة بيئية خاصة بالعمل المناخي في عام 2010.

وينبغي الإضافة في هذا المجال، إلى أن الاتحاد الأوروبي قد اصدر على ما يزيد عن ستين لائحة وقانونا حول تغير المناخ.

3. برنامج الاتحاد الأوروبي لرصد كوكب الأرض:

اصدر الاتحاد الأوروبي التنظيم رقم 911/2010 في 22 سبتمبر 2010 المتضمن إنشاء برنامج لرصد كوكب الأرضProgramme européen de surveillance de la Terre (GMES), ووضعه حيز النفاذ خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2012.

ويتكون هذا البرنامج من ثلاث مصالح رئيسية: الأولى هي مصلحة الخدمات وتؤمن النفاذ إلى المعلومات في ستة مجالات رئيسية وهي: رصد الهواء؛ رصد تغير المناخ؛ إدارة عمليات الطوارئ؛ رصد كوكب الأرض؛ الأمن؛ ورصد البيئة البحرية.

أما المصلحة الثانية فهي فضائية، وتعمل على الرصد الفضائي وتقديم كافة الملاحظات ذات الصلة في المجالات الست السابقة الذكر. أما الثالثة والأخيرة فهي المصلحة المؤسساتية والتي تتولى عمليات الرصد، اعتمادا على المعدات والهياكل الجوية والبحرية والأرضية في المجالات الست المذكورة.

ويهدف برنامج الاتحاد الأوروبي لرصد كوكب الأرض إلى تحقيق الأهداف التالية:

– تطوير نظام استخدام وتبادل المعطيات البيئية؛ وضمان دوام واستمرارية تدفق كافة المعلومات والبيانات بشان كوكب الأرض؛

– ضمان النفاذ الشامل والمباشر لكافة المعلومات التي تجمعها المصالح التابعة لبرنامج رصد كوكب الأرض، وفقا لما تنص عليه أحكام الاتفاقيات الدولية وقواعد الأمن وشروط تراخيص النفوذ؛

– تعزيز سوق العمل بالاتحاد الأوروبي بخلق مناصب عمل جديدة في مجال الرصد البيئي.7

4. برنامج رصد الانبعاثات الـغازية

لقد أقر الاتحاد الأوروبي برنامج مراقبة الانبعاثات الغازية، الذي يفرض ضريبة بيئية على الانبعاثات الغازية الصادرة عن الطائرات التي تسير رحلاتها من المطارات الأوروبية وإليها. ويشمل البرنامج الذي يبدأ نفاذه في عام 2012، كل شركات الطيران أوروبية كانت أو غير أوروبية.

ويفرض برنامج رصد الانبعاثات الغازية على شركات الطيران شراء رخص في إطار البرنامج، للمساهمة في تقليل التلوث الناتج عن محركات الطائرات التي تستعمل المطارات الأوروبية ذهابا أو إيابا.

هذا وقد ا أبرم الإتحاد الأوروبي في 9 مارس 2007 اتفاقا تاريخيا وملزما لجميع أعضاء الإتحاد آلـ 27 جعل من الطاقة النووية إحدى الوسائل المعترف بها أوروبيا لمحاربة أزمة الاحتباس الحراري وخفض الانبعاث الكربونية حيث تنص أهم بنود الاتفاق على:

– خفض نصيب القارة الأوروبية من الإنبعاثات الكربونية بنسبة 5٪؛

– زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة (الشمس، الرياح، أمواج البحر) لتوليد 20٪ من إجمالي الاحتياجات للطاقة الأوروبية بحلول العام ذاته، مع إمكانية زيادة النسبة إلى 30٪ في حالة انضمام أمريكا والصين والهند إلى الاتفاقية؛

– إدراج الطاقة النووية كأحد المصادر المنظمة لتوليد الطاقة وخفض الإنبعاثات الكربونية، مع تأكيد ضرورة مراعاة اعتبار “الأمن والسلامة” عند اتخاذ قرار الاستعانة بالطاقة النووية.8

5. التحالف العالمي لمواجهة تغير المناخ بين الاتحاد الأوروبي والدول النامية الفقيرة والمتضررة من التغير المناخي:

أطلق الاتحاد الأوروبي في 18 سبتمبر 2007 ما يسمى بالتحالف العالمي لمواجهة تغير المناخ بين الاتحاد الأوروبي والدول النامية الفقيرة والمتضررة من التغير المناخي

une alliance mondiale contre lechangement climatique entre l’Union européenne et les pays en développement pauvres et les plus vulnérables au changement climatique

ويشكل هذا التحالف إطارا للحوار ولتبادل الآراء والخبرات من أجل إدماج مشكلة التغير المناخي في جميع استراتيجيات التنمية الوطنية بهذه الدول، كما يوفر لها دعما تقنيا وماليا لاتحاد التدابير والإجراءات اللازمة لمواجهة تغير المناخ. وفكرة التحالف هذه ليست بالجديدة فقد سبق واقترحها الكتاب الأخضر في عام 2007.

وتنحصر مجالات العمل الرئيسية للتحالف العالمي لمواجهة تغير المناخ بين الاتحاد الأوروبي من جهة، والدول النامية الفقيرة والمتضررة من التغير المناخي من جهة أخرى في خمسة مجالات رئيسية:

أولا: وضع تدابير مواجهة التغير المناخي موضع التنفيذ: وذلك عبر أعداد وصياغة خطط عمل وطنية بهذه الدول النامية، وتمويل المشاريع التي تأخذ بعين الاعتبار مشكلة التغير المناخي، ودعم البحوث حول تأثير التغير المناخي بالدول النامية والحلول المبتكرة لمواجهته.

ثانيا: التقليل من الانبعاثات الناتجة عن استنزاف المجال الغابي بالدول النامية، وذلك عبر تعزيز قدرات هذه الدول ومساعدتها على إعداد استراتيجيات وطنية لمجابهة استنزاف المجال الغابي بها ووضع حد لمشكلة التصحر.

ثالثا: تقديم الدعم للدول النامية للمشاركة في ميكانيزم التنمية النظيفة: وذلك عبر تعزيز قدراتها وتوفير الدعم التقني اللازم من اجل القيام بمشاريع في مجالات الطاقات المتجددة.

رابعا: التقليل من مخاطر الكوارث الطبيعية بالدول النامية: وذلك عبر تحسين أنظمة التنبأ والاستعلام بشان المناخ، واستخدام هذه المعطيات لاتخاذ تدابير الاحتياط اللازمة لمواجهة الكوارث الطبيعية المتعلقة بتغير المناخ.

خامسا: إدماج مشكلة التغير المناخي في استراتيجيات وبرامج القضاء على الفقر: وذلك عبر تعزيز القدرات المؤسساتية للدول النامية لإدماج مشكلة التغير المناخي في سياساتها العامة وفي برامجها الوطنية واستراتيجياتها للتنمية، على أن لا يمول الاتحاد الأوروبي سوى تلك المشاريع التي تأخذ بعين الاعتبار الأثر البيئي.8

وتجدر الإشارة إلى أن سياسة الاتحاد الأوروبي لتغير المناخ تقوم أساسا على تطوير استخدام التقنيات والتكنولوجيات الجديدة، خاصة بتشجيع الدول على الاستثمار في إنشاء وتطوير مراكز تخزين ثاني أكسيد الكربون بطريقة سليمة وآمنة بيئيا تحت الأرض. وحاليا تعمل هذه المراكز على تخزين ما يعادل40 % من إجمالي انبعاثات الاتحاد الأوروبي من ثاني أكسيد الكربون.9

ثانيا: مدى فعالية إستراتيجية الاتحاد الأوروبي لتغير المناخ

إن الإستراتيجية التي اتبعها الاتحاد الأوروبي تثبت أن مشكلة تغير المناخ قد هيمنت منذ سنوات عدة على سياساته، إذ باتت من الأولويات التي تتربع على أجندته الداخلية منها والدولية على حد سواء، وذلك سعيا منه إلى تحقيق الأهداف التالية: الاستهلاك الفعال للطاقة دون الإضرار بالبيئة، ترشيد المؤسسات والشركات وإدماج البعد البيئي في سياساتها لإنتاج سلع صديقة للبيئة، امتلاك وسائل نقل خضراء، وتشجيع البحث والابتكار الذي يخدم البيئة ويقلل من تلوثها.

إلا أن هذه الإستراتيجية ليست بالكمال الذي توصف بها، وذلك لأسباب كثيرة من بينها: أن التشريعات العديدة السابقة الذكر، التي وضعها الاتحاد الأوروبي في إطار إستراتيجيته لمكافحة تغير المناخ، لا تملك في العموم أية قوة قانونية في مواجهة الدول الأعضاء؛ إذ تعد بمثابة توجيهات إرشادية لحث هذه الدول على الأخذ بمضمونها، وترجمتها إلى قوانين داخلية سارية المفعول بها. هذا ناهيك عن التفاوت الكبير الحاصل بين دول الاتحاد بخصوص التزاماتها بتشريعات الإستراتيجية الأوروبية لمكافحة تغير المناخ. فضلا عن التفاوت في مستوى التطور الاقتصادي، وبالتالي التفاوت في مستوى مساهمتها لحماية البيئة، لاسيما في ظل الأزمة المالية، ومدى تفضيل المصلحة الاقتصادية على ذلك. 10 هذا من جهة.

من جهة ثانية، وعلى الصعيد الدولي، لعب الاتحاد الأوروبي دورا قياديا في وضع صكين دوليين على درجة كبيرة من الأهمية وهما: اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغير المناخي لعام 1992 وبروتوكول كيوتو لعام 1997، الذي يعد الأداة التنفيذية لهذه الاتفاقية، واللذين صادق عليهما في 25 أفريل 2002 بموجب قرار المجلس رقم 2002/ 358 “2002/358/CE”. ويبن الجدول التالي التزامات دول الاتحاد الأوروبي بموجب بروتوكول كيوتو لخفض انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري وتغير المناخ:

نسبة خفض انبعاثات الغازات في عام 2012 مقارنة مع عام 1990

نسبة  خفض انبعاثات الغازات في عام 2012 مقارنة مع عام 1990 الدول
-21% المانيا
-13% النمسا
-7,5% بلجيكا
-8% بلغاريا
بدون  هدف قبرص
-21% الدانمرك
+15% اسبانيا
-8% استونيا
ثبات النسبة فنلندا
ثبات النسبة فرنسا
+25% اليونان
-6% هنغاريا
+13% ايرلندا
-6,5% ايطاليا
-8% ليتوانيا
-8% لاتفيا
-28% لوكسمبورغ
بدون هدف مالطا
-6% هولندا
-6% بولونيا
+27% البرتغال
-8% جمهورية التشيك
-8% رومانيا
-12,5% المملكة المتحدة
-8% سلوفاكيا
-8% سلوفانيا
+4% السويد

المصدر: الوكالة الأوروبية للبيئة.

وفي حين يلزم بروتوكول كيوتو، الذي دخل حيز النفاذ في عام 2005، الدول الصناعية بتخفيض انبعاثاتها بنسبة 5 %، تعهد الاتحاد الأوروبي بخفض انبعاثاته من غازات الدفيئة بنسبة 8 % مقارنة بالنسبة الإجمالية المسجلة في عام 1990، وذلك خلال الفترة الممتدة من 2008 إلى 2012. ورغم أن ذلك قد أثار حينها معركة سياسية داخلية مريرة، خاصة وان الدول الأعضاء بالاتحاد تكافح لحماية الصناعات الوطنية ضد ما يرون أنه تعهدات باهظة الكلفة، إلا أن الاتحاد الأوروبي أستطاع بالفعل، بفضل إستراتيجيته المتبعة في مجال تغير المناخ، أن يحقق هذا الهدف، وأن يوفي بالتالي بالتزاماته الدولية بموجب اتفاق كيوتو.

إلا أنه ولما كان اتفاق كيوتو تنتهي صلاحية العمل به في عام 2012، فإن الأمر يستدعي إبرام صك عالمي جديد لمواصلة الجهود المبذولة دوليا لتقليص انبعاثات غازات الدفيئة، في إطار الالتزام الثاني خلال الفترة 2012- 2020، ولهذا السبب اجتمعت 193 دولة بكوبنهاجن خلال الفترة الممتدة من 7 إلى 18 ديسمبر 2009 في إطار الاجتماع السنوي للدول المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ،11 وقد تعهد الاتحاد الأوروبي خلال المؤتمر بتقديم مساعدات للدول النامية تقدر ب 7،2 مليار اورو خلال الفترة الممتدة من 2010 إلى 2012 وذلك لمساعدتها على تعزيز قدراتها في مجال مكافحة تغير المناخ.12

لكن مؤتمر كوبنهاجن قد أسفر فحسب على إعلان من ثلاث صفحات، لا يتمتع بأية صبغة قانونية ملزمة، إذ اكتفى فحسب بالتأكيد على أن ارتفاع درجة حرارة الأرض ينبغي أن لا يتجاوز درجتين فقط بحلول عام 2050.13كما أن مؤتمر كان كون الذي انعقد في الفترة ما بين 29 نوفمبر إلى 10 ديسمبر 2010 في كانكون بالمكسيك، بحضور 190 دولة، كمحاولة لتدارك الفشل الذي طبع قمة كوبنهاغن واستكمال ما بدأ من مفاوضات بشأن التغيرات المناخية، لم ينجح هو الآخر في الوصول إلى اتفاق دولي ملزم في هذا الصدد. كذلك الحال بالنسبة لمؤتمر داربن باعتباره آخر مؤتمرات الأمم المتحدة حول تغير المناخ، والمنعقد خلال الفترة الممتدة من 28 نوفمبر إلى 9 ديسمبر 2011 بجنوب إفريقيا، رغم مساعي الاتحاد الأوروبي الحثيثة التي بدلها، فقد طرح خلال هذا المؤتمر “خارطة الطريق” التي تلزم الدول قانونا بحلول عام 2015 بخفض انبعاثات الغاز المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك عبر إبرام صك دولي ملزم بحلول عام 2015، يتم تطبيقه عام 2020، يفرض خفضا ملزما على أكبر الدول المسؤولة عن انبعاث الغازات التي ترفع من درجة حرارة كوكب الأرض.

إلا أن هذه الخطة الأوروبية لقيت معارضة شديدة من الصين والولايات المتحدة والهند والبرازيل، الذين يتحملون المسؤولية الكبرى في مشكلة ارتفاع درجة حرارة الأرض، وهي دول لم تلتزم بنظام خفض الانبعاثات الغازية الذي نصت عليه معاهدة كيوتو، رغم أن احدث الدراسات قد أشارت إلى أن هذه الأخيرة متضررة أيضا من تغير المناخ، لاسيما قطاع الزراعة بها، إذ من المتوقع أن يبلغ حجم الخسائر والتلف الذي سيصيب المنتوجات الزراعية بالولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، نسبة 10 %إلى 25% خلال الفترة الممتدة من 2020 إلى 2049 ونسبة من 27% إلى 69 %خلال الفترة من 2070 إلى 2099.14

خاتمة:

مما سبق، يمكن القول أن جهود الاتحاد الأوروبي وإستراتيجيته المتبعة الرامية لمكافحة تغير المناخ غير كافية لوحدها، لان مشكلة تغير المناخ مشكلة عالمية إذ ليس الاتحاد الأوروبي بالطرف الأحادي فيها ولا المسؤول الوحيد عنها، فالأطراف متعددة والمسؤولية مشتركة تتقاسمها جميع دول العالم، وبالتالي فإن الحلول لا ينبغي أن تكون أحادية الجانب بل حلولا عالمية تشارك فيها جميع الدول، وبالأخص الدول الصناعية التي تتحمل المسؤولية الرئيسية عن انبعاث غازات الدفيئة. وبالتالي، فإن إيجاد حل جدري لمشكلة التغير المناخي يتطلب تضامن دولي فعال، وإرادة جدية ورغبة صادقة من جانب هذه الدول، التي تترجم بإبرام صك عالمي ملزم لتخفيض الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض، يأخذ بعين الاعتبار مسالة التمويل المالي للدول النامية، العاجزة لوحدها على تحمل التكاليف الباهظة لمواجهة تحديات تغير المناخ، فهل يمكن أن يشهد العالم يوما ما ميلاد مثل هذا الصك العالمي؟

الهوامش:

[1] -Daniel Delalande, La Lutte Contre Le Changement Climatique, La Documentation Française, Paris, 2009, P .P.160-161.

2 -Adaptation au changement climatique: l’Union européenne doit se préparer aux conséquences, Notre Planète, 16 avril 2009, http://www.notre-planete.info/actualites/actu_1957_adaptation_changement_climaritique_Europe.php

3 -Stratégie sur le changement climatique à l’horizon 2020 et au-delà, Europa, 2011, http://europa.eu/legislation_summaries/energy/european_energy_policy/l28188_fr.htm

4 -Adaptation au changement climatique: l’Union européenne doit se préparer aux conséquences, Op. Cit.
-5Daniel Delalande, Op. Cit, P.161.

-6Les Mesures Prises Par L’Union Européenne en Matière de Climat et D’Energie, Europa, 2012, ec.europa.eu/climateaction/docs/climate-energy_summary_fr.pdf

-7 Programme européen de surveillance de la Terre (GMES), Europa, 2011, http://europa.eu/legislation_summaries/research_innovation/research_in_support_of_other_policies/ev0026_fr.htm

8-يسرا الشرقاوي، “الطاقة النووية والسياسات الخضراء”، السياسة الدولية، القاهرة، مركز الأهرام ، المجلد 42، العدد 168 (أفريل 2007)، ص 232.

9-Alliance mondiale contre le changement climatique, Europa, 2007, http://europa.eu/legislation_summaries/development/sectoral_development_policies/r13016_fr.htm

-10 La lutte contre le changement climatique, Toute l’Europe, 2011, http://www.touteleurope.eu/fr/actions/energie-environnement/l-europe-et-l-environnement/presentation/la-lutte-contre-le-changement-climatique.html

11 -CSÁTLOS Erszébet, L’action de l’UE pour le changement climatique, 2012, http://www.masterdroiteuropeen.eu/index.php/hirek/45-laction-de-lue-pour-le-changement-climatique-

-12La lutte contre le changement climatique, Op.cit.
-13 Les actions de l’UE contre le changement climatique, Commission Européenne, 2011, http://ec.europa.eu/climateaction/eu_action/index_fr.htm

14-La lutte contre le changement climatique, Op.cit.

15Enjeux du réchauffement climatique, Wikipédia, 2012, http://fr.wikipedia.org/wiki/Enjeux_du_r%C3%A9chauffement_climatique

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …