إمكانية محاكمة فرنسا عن جرائمها الاستعمارية في الجزائر
وفق أحكام القانون الدولي الجنائي
أ: ساسي محمد فيصل
جامعة الدكتور طاهر مولاي،سعيدة، ) الجزائر(
الملخص:
إن سنوات الاحتلال الفرنسي في الجزائر جلبت للجزائريين المهانة والتأخر، وتركت فيهم آثارا مادية ومعنوية بالغة لازال منها ما هو موجود، وحتى لا تبقى تلك الأفعال لا إنسانية ولا أخلاقية مؤجلة المساءلة فيها، يجب البحث على طرق قانونية للمساءلة،الأمر الذي لا يمكن الوصول له إلا بالرجوع إلى مبادئ القانون الدولي الجنائي، الذي يعتبر مفتاح هذا الإشكال، لذلك سيتم في هذا المقال المرور بثلاث مراحل:
– استعراض عينات عن الانتهاكات الاستعمارية الفرنسية في الجزائر.
-تجريم تلك العينات.
– ذكر سبل إمكانية المحاكمة عن الجرائم الفرنسية الاستعمارية في الجزائر.
Résumé:
Les années d’occupation française en Algérieont portées l’humiliation et trop de retards aux Algériens, et ont laissés des effets physiques et morales, et pour que ces actes inhumaines et immorales ne reste pas sans jugement ,il faut recherchée les moyens juridiques pour aboutir a une solution , cela n’est pas accessible que par référence aux principes du droit pénal international, qui est la clé de cette confusion, donc dans cet article en doit traiter trois étapes:
– Examen des échantillons de violations française coloniale en Algérie.
– La criminalisation de ces échantillons.
– Des procès juste pour les crimes commis par la colonisation française en Algérie.
الكلمات المفتاحية : إمكانية المحاكمة ، فرنسا ، الجرائم ، الجزائر ، القانون الدولي الجنائي .
مقدمة:
يمر الزمن تاركا وراءه آثارا على الصخر و البشر و جاعلا التاريخ شاهدا على ما مضى من الأحداث، والتي قد يخفيها الفاعلين فيها في وقتها لتعود بعد ذلك للظهور من جديد، فالتاريخ لا يدفن و إن اعتقد البعض أنه كذلك، فسيخرج لهم من تحت الأرض كاشفا لهم و للعالم بأسره أن الحقيقة لا تقتل و لا تمحى مادام أصحابها بها مطالبين.
و لعل ما اقترفته فرنسا الاستعمارية في الجزائر طيلة 132 سنة من أيام النزول في سيدي فرج إلى يوم الرحيل شاهدا على ذلك و مثال صارخ على أن التاريخ مهما حاول مغالطيه خلطه سينقلب عليهم ذات يوم بعد صفاء الحال و زوال الأهوال، و مما لا شك فيه أن ما أقترف في الجزائر من رجال فرنسا الاستعمارية يعد من قبيل الأفعال غير الإنسانية وغير الأخلاقية التي لا يبررها تبرير، فقد مارست فرنسا الاستعمارية جرائم لا تعكس بتاتا الوجه الحضاري لبلاد حقوق الإنسان و الحريات الأساسية، بل إنها تشوه حتى تلك الثورة الفرنسية لعام 1789 التي نادت بمبادئ لم تجد لها تجسيدا في أرض الجزائر المستعمرة.
والواضح أن فرنسا الاستعمارية لا تقتصر جرائمها في الجزائر على ما تم فيما يعرف بحرب الجزائر بل يتعداه إلى سياستها المنتهجة بالأرض المحروقة وأحداث الثامن ماي 1945، بل حتى قمعها لتلك الانتفاضات والثورات التي اشتعلت غداة السنوات الأولى من الاستعمار الفرنسي للجزائر، كما ذهب الاستعمار الفرنسي في الجزائر إلى استعمال ما أفرزته الحضارة الحديثة من تكنولوجيا في تجاربه وأبحاثه التي كانت على أبناء الجزائر، وهو بذلك أنزل الشعب الجزائري إلى منزلة غير منزلة الإنسان، فصار يجرب و يبحث عليه دون احترام ولا رأفة، و كأنه يجرب على فئران لا يهم حياتها من موتها-التجارب النووية-،بالإضافة إلى سياسة الحصار المنتهجة على الحدود الشرقية والغربية –الألغام والأسلاك المكهربة-.
و رغم كل هذا فإن فرنسا لم تعتبر أن ما قامت به في الجزائر من قبيل الجرائم واعتبرته من أمجادها، فيا عار على مجد لطخ بدماء الأبرياء، و كي لا تكون الحقيقة مغيبة يقع الالتزام بكشفها نظرا لانتماء الوطني الجزائري و كذا العلمي كحاملين للواء النخبة في الجزائر.
حتى لا تكون مسؤولية فرنسا الاستعمارية عن جرائمها في الجزائر مسؤولية شكلية، وحتى تصبح واقعية، ماهي سبل تجسيد هذا الفكر بالمحاكمة العادلة المرتكزة على القانون الدولي الجنائي؟
للإجابة على هذا التساؤل، سيتم معالجة الموضوع في ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى سيتم فيها استعراض عينات عن الانتهاكات الفرنسية في الجزائر مع التركيز على أحداث 8ماي1945 و انتهاكات خطي شال وموريس وانتهاكات التجارب النووية الفرنسية في الجزائر .
أما المرحلة الثانية فسيتم فيها بحث إثبات مسؤولية فرنسا بخصوص جرائمها في الجزائر-لا محاكمة دون مسؤولية-، أو بمعنى واضح تجريم ما اقترفته من أفعال بالاستناد للنصوص القانونية في المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
ليتم بعدها الخوض في المرحلة الثالثة المتمثلة في سبل إمكانية محاكمة فرنسا، فبعد إثبات المسؤولية بتجريم هاته الأخيرة وكنتيجة لذلك يأتي جانب محاكمة المجرم، هذه المحاكمة التي يجب ضبط عناصرها، من المبادر بها، و طبيعتها و القانون الحاكم لها، أي بتأسيس قانوني لها، يجعل من محاكمة فرنسا أمرا ممكنا و مشروعا، مع الارتكاز دائما على القانون الدولي الجنائي.
المبحث الأول :عينات عن انتهاكات فرنسا الاستعمارية في الجزائر
إن الفترة التي عاشتها الجزائر تحث مظلة الاحتلال الفرنسي (1830-1962) تباينت من نواحي عدة سياسية واقتصادية وفكرية وغيرها، وكان الأمر كذلك بالنسبة لأفعال هذا الاحتلال التي اختلفت من فترة لفترة،فيلاحظ مثلا أن معظم(1) انتهاكات فرنسا الاستعمارية كان في بداية الاحتلال ونهايته مع توسط مرحلة تميزت بعمل سياسي كانت فيه المواجهات بين الجزائريين والفرنسيين أقل من ما كانت عليه في مرحلة المقاومات الشعبية والثورة التحريرية.
ورغم تعدد انتهاكات فرنسا الاستعمارية في الجزائر منذ مقاومات الأمير عبد القادر والشيخ بوعمامة والشيخ المقراني وباقي المواقف الشريفة لقبائل تلك الفترة ومرورا بأحداث 8ماي 1945ووصولا إلى الثورة التحريرية، فإنه يبقى من الضروري بحث طريقة مثلى لتجريم ومحاكمة فرنسا عن جرائمها في الجزائر،الأمر الذي لا يتسنى إلا بمنهجية مضبوطة يمكن بها تحصيل نتائج ملموسة .
مما سبق وأمام الكم الهائل لما اقترفته فرنسا الاستعمارية في الجزائر، يظهر أنه من الضروري القيام بتصنيف للانتهاكات الفرنسيةالتي تعتبر عينات فقط، وسيكون التصنيف على أساس تقسيم الانتهاكات إلى درجتين :
-الدرجة الأولى: وهي الانتهاكات التي لا تزال الأدلة متوفرة بشأنها بشكل كبير،وأضرارها لا زالت موجودة ليومنا هذا كالتجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية.
-الدرجة الثانية:انتهاكات توجد ضدها أدلة أقل من سابقتها، وأضرارها كانت وقتية في زمنها كانتهاكات التي مورست ضد المقاومات الشعبية، مع العلم أن هذا التقسيم لا ينقص من فضاعة الجرم الفرنسي شيئا.
واستنادا إلى التقسيم السابق، يظهر أنه من المنهجي تركيز الدراسة على انتهاكات الفئة الأولى، لسببين:
-وجود أدلة مختلفة من : وثائق وتقارير تثبت هذه الانتهاكات على فرنسا .
-وجود أضرار لا زالت باقية على ضحايا هذه الانتهاكات .
وفي هذا الجانب من الدراسة سيتم التركيز على ثلاث انتهاكات رئيسية والمتمثلة في :
-انتهاكات أحداث 8ماي1945. -انتهاكات خطي شال وموريس.
-انتهاكات التجارب النووية في الجزائر .
المطلب الأول : انتهاكات أحداث 8ماي 1945
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وانتصار فرنسا مع حلفائها،خرج الجزائريين معبرين عن أفراحهم بقرب استقلالهم ،ففرنسا قد وعدتهم بذلك كنتيجة لمساهمتهم إلى جانبها في الحرب، لكن فرنسا لم تفي بوعدها وقابلت حشود المتظاهرين السلميين بالقمع في مناطق عديدة من الجزائر، وكل هذا كان تحث غطاء استتباب الأمن والنظام، ومن هذه الانتهاكات لجوء الجيش الفرنسي إلى عمليات توقيف ضخمة، فقد تم اعتقال حوالي عشرة آلاف شخص من سطيف وإقليمها، وكان يقحم كل 500 معتقل في زنزانة غير صحية (2) .
كما كان كل عربي لا يحمل الساعدة المثلثة الألوان –تسلمها السلطات- يقتل دون سابق إنذار، وكان يتم إطلاق النار على كل تجمعات السكان الأصليين بالإضافة إلى الاغتصاب والحرق، كما استعملت الأسلحة باختلافها بشكل متزامن الخفيفة منها والثقيلة، حيث أطلقت الطائرات نيران رشاشاتها على ارتفاع منخفض ورمت الصواريخ على المتظاهرين والقرى كحال منطقة القل (3) .
والجدير بالذكر أن أحداث 8ماي1945 لم تكن من فعل الجيش الفرنسي لوحده، بل كان إلى جانبه مليشيات مكونة من الأوروبيين الذين قاموا بأعمال قتل علنية وأخرى خفية متزامنة مع أعمال القمع التي مارستها الشرطة والجيش، وغالبا ما كانت تنفذ مع الجيش نفسه كما حدث في هليوبوليس، إضافة إلى الجيش والشرطة والمليشيات أقحمت السلطات الفرنسية في هذه الانتهاكات الفرق الأجنبية من الأفارقة(4).
ومع كل هذا القمع العسكري مورس على الجزائريين في أحداث 8ماي1945 كذلك قمع قضائي لم يكن أقل شدة أو قسوة من سابقه، فالقضاء الفرنسي كان يتغاضى عن أعمال المليشيات رغم فضاعتها، في حين كان يتم إيجاد مذنبين بشكل سريع لإدانتهم إذا كان الضحية أوروبي(5)، وقد بلغت عمليات القمع التي قامت بها المحاكم حصيلة 4560 موقوف(6)،3696 منهم كانوا في مقاطعة قسنطينة و505 من مقاطعة وهران و359 من مقاطعة الجزائر العاصمة، مع99 حكم بالإعدام نفذ منها22، وأربعة أحكام بالأشغال المؤبدة و329 بالأشغال الشاقة لفترة محدودة ، وهذا حسب إعلان عرض على الجمعية الوطنية(7) .
وعن ضحايا هذه الأحداث من القتلى صرح حزب أنصار الحريات الديمقراطية بأن العدد وصل إلى 45000 ضحية، وهو الرقم الذي يتردد إلى اليوم (8)، في حين أن التقارير الفرنسية اختلفت بين مصغر للرقم ومعتدل، ووسط هذه الأرقام المتضاربة تظل كل محاولات التعرف على العدد الحقيقي للضحايا الجزائريين أمر غير ممكن إلا إذا تم كشف وثائق خاصة، أما عن الوثائق الفرنسية فهي ترتكز أكثر على ما أقدم عليه الجزائريين من اعتداءات وما أصاب الأوروبيين في أشخاصهم وممتلكاتهم (9).
المطلب الثاني : انتهاكات خطي شال وموريس
تعود فكرة إنشاء الخطوط المكهربة إلى الجنرال فانكسام vanuxem قائد منطقة الشرق القسنطيني الذي أراد تطبيقه في الفيتنام أثناء الحرب الهند الصينية، غير أن ذلك لم يتم لضيق الوقت، فطبقت هذه الفكرة الجهنمية في الجزائر على يد أندري موريس وزير الدفاع في حكومة بورجنس مونوري(10)،الذي اقترح انجاز خط مكهرب يفصل الجزائر عن الحدود التونسية في نهاية 1956 وبداية 1957، وبعد تقديمه للبرلمان الفرنسي الذي صادق عليه أصبح هذا المشروع يحمل اسم صاحبه خط موريس، كما عرف بسد الموت أو السد القاتل (11).
وانطلقت الأشغال في أوت1956 في عدة مناطق لتمديد الخطوط المكهربة بالأسلاك الشائكة على مسافة يتراوح طولها حوالي750 كلم شرقا من عنابة إلى تقرين، أما غربا من الغزوات إلى إيقلي جنوب بشار ولمسافة 700 كلم (12)،وزودت هذه العملية بأحدث الوسائل التكنولوجية المتوفرة آنذاك ما يعكس جدية النوايا الاستعمارية الخبيثة، ورغبة السلطات الفرنسية الحفاظ على الجزائر بحصار الثورة والشعب من جميع النواحي، وقد ضم خطي شال وموريس بالإضافة إلى الأسلاك الشائكة والمكهربة(13)حقول من الألغام مقسمة عادة إلى أقسام:(ألغام مضادة للأفراد:عند انفجارها تبتر القدم أوالساق،وتنفجر إلى400 قطعة في مساحة 60م2/ألغام مضادة للمجموعات:أخطر من الأولى وتمس مجموعة بكاملها /ألغام مضيئة: تقوم بإصدار أضواء كاشفة)(14) .
وقد سبب خطي شال وموريس اضطرابا اقتصاديا واجتماعيا على حياة سكان المناطق الحدودية الشرقية والغربية، فأصبحت هذه المناطق عسكرية ومحرمة مما أدى إلى فرار السكان إلى المناطق الداخلية والقرى والمدن التونسية والمغربية، أما بقية السكان فجمعوا في معتقلات ومحتشدات أين مورست أبشع أساليب القمع والحصار والتفتيش والتعذيب عليهم.
والأخطر في كل هذا هو أن أضرار خطي شال وموريس لازالت موجودة إلى يومنا، فرغم استقلال الجزائر إلا أن فرنسا قد تركت ورائها آلاف الألغام الخطيرة على الحدود الشرقية والغربية والتي زرعت بأعداد جد كبيرة، حيث بلغت حوالي 35000 لغم في 11 كلم2 أي ما يقارب 3 إلى4 ألغام في كل متر مربع، كما كانت للعوامل الطبيعية (الرياح،الثلج،المطر،الإنجرافات…) أثر في تغيير موقعها وجاعلا بذلك عملية البحث عنها صعبة للغاية، وهكذا تزايد خطر الألغام وكثر عدد الضحايا والمعطوبين بسبب هذه المخلفات الاستعمارية(15) .
المطلب الثالث : انتهاكات التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية
إضافة إلى القائمة الطويلة للانتهاكات الفرنسية في الجزائر، فقد استعملت فرنسا أحد أهم الاكتشافات البشرية والمتمثل في الطاقة النووية، ففترة الخمسينيات شهدت تسابق على استعمالات الطاقة النووية واكتشاف انعكاساتها التي لا تعرف إلا بالتجريب، وبالفعل قامت فرنسا بالتجريب على أقاليمها المحتلة ومنها الجزائر.
وتنقسم التجارب النووية الفرنسية (17 تجربة) (16) في الصحراء الجزائرية بحسب نوعها إلى:
-التجارب النووية السطحية في رقان(17) بين 13/02/1960 و 25/04/1961 وهي 4 تجارب.
-التجارب النووية الباطنية(18) في إين إيكر بين 07/11/1961 و 16/02/1966 وهي 13 تجربة.
وقد احتاجت هذه التجارب إلى إمكانيات مادية وبشرية اقتضت من السلطات الفرنسية تسخير ما يقارب آنذاك مليار و60 مليون فرنك جديد آنذاك (19)، كما تم التحضير لهذه التجارب مسبقا بمجيء الفرقة الثانية للجيش الفرنسي إلى رقان ثم الحمودية، وبالإضافة إلى الجيش استقر في المنطقة أكثر من 6500 عالم وتقني فرنسي، و 3500 جزائري كعمال (20)، وبالطبع كانت أشق الأعمال وأحقرها من نصيبهم – العمال الجزائريين -.
وفي خضم هذا قامت السلطات الفرنسية بعدة تجارب أولية، تبحث فيها مدى تأثير الإشعاعات النووية على الأسلحة من دبابات وقطع بحرية وكذا على المواد الغذائية والمياه والحيوان والنبات، لكن الأمر لم يتوقف هنا بل أقحم الأهالي العزل في التجارب عمداً(21)وتم استعمالهم كمواضيع لمعاينة مدى تأثير الإشعاعات على الإنسان، والأفظع من ذلك هو ما اقترحه الكولونيل بيكاردا على حكومة الجمهورية الخامسة باستعمال 200 مجاهد وتعريضهم للإشعاعات بقصد(22)ويوم التفجير (13/02/1960-اليربوع الأزرق-) وزع الجزائريين بشكل متباين عن النقطة الصفر(23) لمعرفة الدرجات المختلفة لتأثير الإشعاع النووي عليهم .
أمام هذه الانتهاكات التي لا تمثل سوى عينة بسيطة عن مجموع الخروقات الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، يتضح أن فرنسا مارست أبشع الأفعال ضد الجزائريين ودليل ذلك العينات السابقة-أحداث 8ماي1945 وانتهاكات خطي شال وموريس و التجارب النووية- والتي لم يذكر منها سوى الجزء الهين.
وحتى لا تبقى الانتهاكات السابقة موصوفة فقط بوصف أنها لا أخلاقية ولا إنسانية، يجب أن توصف بالإجرامية، الوصف الذي لا يمكن الوصول له إلا بالبحث عن تنظيم قانوني مجرم لمثل هذه الأفعال وسط الاتفاقيات و المعاهدات الدولية .
المبحث الثاني :موقع الانتهاكات الفرنسية الاستعمارية في الجزائر كجرائم دولية (التجريم لأجل المحاكمة)
في الجزء السابق من الدراسة تم استعراض عينات عن الانتهاكات الفرنسية في الجزائر المحتلة، تلك العينات والتي كما سبق التنويه له لا تمثل سوى قطرة في بحر الخروقات الاستعمارية في الجزائر، وحتى لا تبقى هذه الانتهاكات مقابلة بمجرد تنديدات واستنكارات لاتصل لدرجة فضاعتها- الانتهاكات -، يظهر أنه من الضروري بحث مسألة المحاسبة و المحاكمة والتي لا يمكن الوصول لها إلا بإثبات المسؤولية الدولية على فرنسا، والتي سينتج عنها فيما بعد إمكانية المحاكمة، لدى يجب إعطاء وصف الجرائم الدولية على هذه الانتهاكات، الوصف الذي لا يتسنى إل بمطابقتها – الانتهاكات –بالاتفاقيات الدولية التي عنت بحظر مثل هذه الأفعال.
واستنادا لمبدأ الشرعية ومبدأ عدم الرجعية المستمد منه، والذي يقضي بأن:” لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”، وحتى يكون تجريم الأفعال الفرنسية في الجزائر غير قابلا للرد ولا للنقد(24) يجب الرجوع إلى مجموع الاتفاقيات التي سبقت الانتهاكات الاستعمارية، وبذلك يتم احترام أحد أهم مبادئ القانون الدولي الجنائي(25)-مبدأ الشرعية ومبدأ عدم الرجعية المستمد منه-.
بالإضافة إلى البحث عن تجريم الانتهاكات الاستعمارية في الاتفاقيات الدولية السابقة لهذه الأفعال، يجب أن تكون فرنسا مصادقة عليها، وهذا لإقامة الحجة قانونية عليها وإلزامها بمضمون الاتفاقيات المجرمة للأفعال المرتكبة في الجزائر في الفترة الاستعمارية.
ونظرا إلى أن هذه الدراسة تقتصر على عينات من الانتهاكات الاستعمارية في الجزائر(أحداث 8ماي1945 وخطي شال وموريس و التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية ) فإن عملية التجريم لن تتعدى هذه العينات .
المطلب الأول : تجريم انتهاكات أحداث 8ماي 1945
إن ما ارتكبته فرنسا في أحداث8ماي1945 ضد الجزائريين يعتبر من الأفعال لا إنسانية ولا أخلاقية ، وهي كذلك خروقات لاتفاقيات دولية، ومن هذه الاتفاقيات مثلا ما جاءت به اللائحة الملحقة بالاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية (اتفاقية لاهاي1907) المؤرخة في 18/10/1907(26)والتي ستكون السند القانوني لتجريم بعض ما لارتكب في أحداث 8ماي1945.
في ما سبق من هذه الدراسة تم التحدث عن القمع الذي مارسته فرنسا على الجزائريين في أحداث 8ماي1945، والذي اتضح أنه لم يكن من طرف السلطات الفرنسية فقط بل شارك في ذلك مليشيات مكونة من أفراد، الأمر الذي حظرته اتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية في المادة الرابعة منها الفقرة الأولى، حينما نصت على أنه:”يقع أسرى الحرب تحث سلطة حكومة العدو لا تحث سلطة الأفراد والوحدات التي أسرتهم …يجب معاملة الأسرى معاملة إنسانية” (27).
بالإضافة إلى تعدد أطراف هذا القمع فإنه تنوع كذلك حين لقي الجزائريين القتل والجرح والآلام بأشكالها،جراء التعذيب وإعطاء الضوء الأخضر لقتل أي جزائري سواء قاوم أولا، هذه الأفعال التي اعتبرتها اتفاقية لاهاي السابقة من المحظورات حينما نصت على حظرها في المادة 23 الفقرات ب/د/ه منها:”علاوة على المحظورات المنصوص عليها في اتفاقيات خاصة يمنع بالخصوص:…
ب/قتل أو جرح أفراد من الدولة المعادية أو الجيش المعادي باللجوء إلى الغدر.
…د/الإعلان عن عدم الإبقاء على الحياة . ه/ استخدام الأسلحة والقذائف والموارد التي من شانها إحداث إصابات وآلام لا مبرر لها…” (28)
كما أن السلطات الفرنسية لم تكتفي في عملية قمعها استعمال الأسلحة الخفيفة، بل استعملت كذلك الثقيل منها كالدبابات والمدفعيات الثقيلة وسلاح الطيران ضد المدنيين العزل، الأمر الذي تحظره كذلك اتفاقية لاهاي السابقة في المادة 25 منها حين نصت أنه:” تحظر مهاجمة أو قصف المدن أوالقرى والمساكن والمباني غير المحمية أيا كانت الوسيلة المستعملة “(29)
المطلب الثاني : تجريمإقامة خطي شال وموريس
إن إقامة خطي شال وموريس على الحدود الغربية والشرقية تسبب في ثلاث أنواع من الأضرار:
أ-أضرار ما قبل الإنشاء: وتمثلت فيما تسببت فيه السلطات الفرنسية من أضرار لأهالي المناطق الحدودية، جراء الاستيلاء على ممتلكاتهم من أراضي وحيوانات، وترحيلهم وإبعادهم عنها ليتم حشدهم في معتقلات.
ب-أضرار أثناء الإنشاء: فعملية الإنشاء احتاجت ليد عاملة تمثلت في العمال الجزائريين الذين استجلبوا غصبا للقيام بهذه المهمة الخطيرة، ففي إنشاء خطي شال وموريس تم استعمال مواد خطيرة كالأسلاك الشائكة والمكهربة، وزرع الألغام القابلة للانفجار في أي وقت، خصوصا أن العمال الجزائريين آنذاك لم يكونوا يملكون خبرة التعامل مع مثل هذه المواد ذات الطبيعة العسكرية.
ج-أضرار بعد الإنشاء: بعد الانتهاء من خطوط الحصار (شال وموريس)تسببت هذه الأخيرة في خسائر بشرية أغلبها في صفوف جيش التحرير الوطني والأهالي البسطاء، لكن الخسائر لم تقتصر على الفترة الاستعمارية بل تعداها إلى ما بعد الاستقلال، أين ظلت هذه الخطوط تحصد أرواح الجزائريين.
وبتقصي الاتفاقيات الدولية المجرمة لمثل هذه الأفعال يتضح أن اتفاقيتي جنيف الأولى والرابعة 1949 (30) قد حظرت وجرمت بعضها، ففي المادة 50 مثلا من اتفاقية جنيف الأولى لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلح في الميدان إشارة للتدمير الذي مارسته السلطات الفرنسية على أهالي المناطق الحدودية، واعتباره مخالفة جسيمة:”المخالفات الجسيمة التي تشير إليها المادة السابقة والتي تتضمن أحد الأفعال التالية:…تدمير الممتلكات أو الاستيلاء عليها على نطاق واسع لا تبرره الضرورات الحربية، وبطريقة غير مشروعة وتعسفية”(31) .
ويتضح كذلك أن السلطات الفرنسية في عملية ترحيل أهالي المناطق الحدودية لإقامة خطي شال وموريس لم تقم بالالتزامات الواجبة عليها في المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب:” …يجب إعادة السكان المنقولين غلى مواطنهم بمجرد توقف الأعمال العدائية في هذا القطاع…على دولة الاحتلال التي تقوم بعمليات النقل والإخلاء أن تحقق إلى أقصى حد ممكن من توفير أماكن الإقامة المناسبة للأشخاص المحميين(المدنيين)، ومن أن الانتقالات تجري في ظروف مرضية من وجهة السلامة والشروط الصحية والأمن والتعذيب…”(32) .
إن جرائم السلطات الفرنسية أثناء إنشاء خطي شال وموريس لم تقتصر على فئة المدنيين من أهالي تلك المناطق، بل شمل كذلك العمال الذين جلبوا لإقامة خطوط الموت، والذين لم تحترم أبسط حقوقهم، الأمر الذي حظرته اتفاقية جنيف الرابعة في المادة 51 فقرة 3 منه:”…يطبق على الأشخاص المحميين المكلفين بالأعمال التشريع الجاري في الدولة …وفيما يتعلق بالشروط العمل والتدابير الوقائية، وما يتصل بالراتب و ساعات العمل وتجهيزات الوقاية ،والتدريب المسبق والتعويض عن حوادث العمل والأمراض المهنية.” (33)
كما تحظر نفس المادة السابقة-51- في الفقرة الرابعة منها استغلال العمال لأعمال عسكرية أو شبه عسكرية:”لا يجوز بأي حال أي يؤدي حشد القوة العاملة إلى تعبئة العمال في تنظيم ذي صبغة عسكرية أو شبه عسكرية” (34) مع العلم أن المشرف على خطي شال وموريس هو الجيش الذي جمع العمال.
المطلب الثالث : تجريم التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية
إن التجارب النووية الفرنسية عموما وفي الصحراء الجزائرية بالأخص كانت ولازالت من أفظع الاستخدامات الطائشة للطاقة النووية على مر الزمن، التجارب التي وجهت على أهالي منطقتي رقان وإين إيكر وما جاورهما، بالإضافة لمجموعة الأسرى الذي عرضوا وأوثقوا في أعمدة بالقرب من النقطة الصفر للتفجير، هذه الأفعال التي تعد من قبيل الجرائم الدولية لأنها تدخل ضمن محظورات الاتفاقيات الدولية(اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها و اتفاقيات جنيف الأربع).
فالمادة الثانية مثلا من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها(1948) (35) نصت على أفعال تدخل من ضمنها التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، و تنص هذه المادة – المادة الثانية – على أنه :”… تعني الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه:
(أ) قتل أعضاء من الجماعة.
(ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
(ج) إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا…” (36)
وبالفعل مارست السلطات الفرنسية في تجاربها النووية على الصحراء الجزائرية الانتهاكات المذكورة في المادة الثانية السابقة الذكر، فقتل جزء من الأهالي والأسرى جراء التفجير (لدى تعريضهم للانفجار)، وعرضت الباقي لظروف معيشية غير عادية -ملوثة- بالإضافة إلى الأضرار الجسدية والنفسية الكبيرة.
بالإضافة إلى خروقات التجارب النووية الفرنسية في الجزائر لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليه، فقد تجاوزت السلطات الفرنسية في هذه التجارب كذلك المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف الأربع، ومن ذلك ماتنص عليه المادة 50 من اتفاقية جنيف الأولى من اعتبارها من المخالفات الجسيمة القيام بالقتل العمد والتعذيب أو معاملة لا إنسانية بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة أوالإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو الصحة، هذه الأفعال التي تطابق وتشابه بعض ما تم القيام به من تجارب نووية فرنسية في الصحراء الجزائرية.
غير أن السلطات الفرنسية كما سبق التنويه له سابقا لم تكتفي بالتجريب على الأهالي العزل بل استجلبت مجموعات من المساجين الذين اعتقلوا بأسباب نضالية والذين يدخلون في حكم الأسرى، ومارست عليهم هذه التجارب بتعريضهم لخطر الإشعاعات، ما يعتبر مخالفا للمادتين 19 و22 من اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بمعاملة أسرى الحرب، والتي تقضي بإبعاد الأسير عن الخطر،
حيث تنص المادة 19:
” يتم إجلاء أسرى الحرب بأسرع ما يمكن بعد أسرهم…لا يجوز أن يستبقى في منطقة خطرة…يجب ألا يعرض أسرى الحرب للخطر دون مبرر…” (37) والإشعاعات النووية يعتبر خطرا كبيرا.
كما أكدت على ذلك المادة 87 فقرة 3 من نفس الاتفاقية السابقة حين نصت:
“…تحظر العقوبات الجماعية عن أفعال فردية، والعقوبات البدنية، والحبس في مبان لا يدخلها ضوء النهار، وبوجه عام أي نوع من التعذيب أو القسوة …” (38) .
بناءاً على مجمل النصوص السابقة الذكر والتي جرمت تلك العينات من الانتهاكات الفرنسية في الجزائر-محل الدراسة- ومع ثبوت المسؤولية الدولية على فرنسا والتي تسمح بالمحاكمة، تأتي المرحلة النهائية المتعلقة ببحث سبل المحاكمة ومطالبة بالتعويض عن هذه الجرائم الاستعمارية، الأمر الذي سيتم توضيحه في الجزء الموالي من الدراسة .
المبحث الثالث :سبل محاكمة فرنسا عن جرائمها الاستعمارية في الجزائر
كنتيجة حتمية عن القيام بالفعل الإجرامي تأتي مرحلة المحاكمة والمحاسبة القانونية، الموجهة للمسؤول عن إتيان الأفعال المجرمة سواء داخليا على مستوى الدول أو خارجيا على المستوى الدولي، والأمر كذلك بالنسبة للجرائم الفرنسية في الجزائر، لذلك سيتم في هذا الجانب من الدراسة التطرق إلى المتاح من الطرق القانونية لمحاكمة فرنسا عن جرائمها الاستعمارية في الجزائر هذه المحاكمة التي ترتكز على أسانيد وحجج قانونية.
ويمكن أن تتجسد فرص المحاكمة فرنسا عن جرائمها الاستعمارية في الجزائر عن طريق نهجين وهما:
-المحاكمة بواسطة المحاكم الوطنية ذات الاختصاص العالمي (القضاء البلجيكي) .
-المحاكمة بواسطة محاكم دولية جنائية خاصة.
المطلب الأول : المحاكمة بواسطة المحاكم الوطنية ذات الاختصاص العالمي (القضاء البلجيكي) .
جاءت المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة لتفرض على الدول الأطراف فيها بأن يتخذوا من الإجراءات التشريعية ما ولازم لفرض عقوبات جزائية فعالة على الأشخاص الذين يقترفون أويأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة، كما واصلت المادة كذلك بإلزام أطراف الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف أو الأمر بالمخالفات الجسيمة، وبتقديمهم للمحاكمة أيا كانت جنسيتهم.
والإجراءات التشريعية التي أشارت لها المادة السابقة -146- تتمثل في المواءمات التي تدخلها الدولة الطرف في الاتفاقية إلى مختلف قوانينها (الدستور-التشريع-تنظيم) قصد جعل محاكمها الوطنية مختصة في مثل الانتهاكات الجسيمة الدولية المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف الأربع، وهذا ما ذهبت له بلجيكا بالفعل حينما أوجدت القانون المؤرخ في 16/06/1993 و المتعلق بالمسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة للاتفاقيات الدولية لجنيف 1949 وبروتوكولاتها الأول والثاني.
هذا القانون الذي أعطى للقضاء البلجيكي صلاحية النظر في الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية في أي مكان وزمان على أساس أن المبدأ لا يختلف باختلاف الجماعات البشرية ودينها أو ثقافتها أو اتجاهها السياسي أو الفكري أو غيره (39)
وتعتبر المادة السابعة من قانون 16/06/1993 السابق الذكر النص الصريح عن اختصاص القضاء البلجيكي اختصاصا عالميا في نظر الجرائم الدولية الداخلة في اتفاقيات جنيف الأربع لعام1949، حيث نصت على أنه:
” القضاء البلجيكي مختص في نظر الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 المذكورة في هذا القانون- القانون المؤرخ في 16/06/1993 و المتعلق بالمسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة للاتفاقيات الدولية لجنيف 1949 وبروتوكولاتها الأول والثاني – وهذا بغض النظر عن مكان وزمان ارتكابها”(40)
ومادام القانون 16/06/1993 البلجيكي يمنح قضاءه اختصاصا عالميا في نظر انتهاكات اتفاقيات جنيف الأربع 1949، وباعتبار أن جل الجرائم الفرنسية الاستعمارية في الجزائر تدخل ضمن انتهاكات اتفاقيات جنيف الأربع 1949، فإن القضاء البلجيكي مختص بالنظر في هذه الجرائم- الجرائم الفرنسية الاستعمارية في الجزائر- .
وبخصوص عينات الجرائم الفرنسية في الجزائر والتي تم التركيز عليها في هذه الدراسة(التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية-خطي شال وموريس-أحداث8ماي1945)، فإن القضاء البلجيكي يختص باثنين من هذه العينات، والأمر يتعلق بجرائم التجارب النووية في الصحراء الجزائرية و جرائم خطي شال وموريس، مع استبعاد جرائم خطي أحداث 8ماي1945، ذلك أن الجرمين الأوليين حدثا بعد اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبالتالي هما يدخلان زمنيا ضمن مضمون هذه الاتفاقيات ومن تم ضمن اختصاص القضاء البلجيكي، أما جرائم أحداث 8ماي1945 فقد ارتكبت قبل وجود اتفاقيات جنيف الأربع، والقاعدة القانونية العامة تقضي أنه لا يمكن تجريم أفعال بقانون جاء بعد إتيانها-الأفعال-، وهذا ما يمكن أن تثيره المحاكم البلجيكية كدفع تخرج به هذه الجرائم-أحداث 8ماي1945- من اختصاصها، وحتى وإن لم تثره هذه الأخيرة فإن فرنسا لن تتغاضى عنه.
أما عن عرض القضية على القضاء البلجيكي فهناك حلول عديدة، إما بدمج نوعي وكمي أوباستقلال نوعي وكمي، فالحل الأول “الدمج النوعي والكمي” يقصد به أن يجتمع ضحايا التجارب النووية وضحايا خطي شال وموريس معا لطرح قضيتهم أمام القضاء البلجيكي، وهنا سيكون قد اجتمع الضحايا كما(من حيث العدد) ونوعا (من حيث تعدد الجرائم)، كما يمكن للضحايا أن يطرحوا قضاياهم على مستوى فردي لا جماعي مع تفريق كل قضية عن الأخرى، وهذا هو الحل الثاني” الاستقلال النوعي والكمي “.
غير أنه يظهر أن الحل الأول أفضل من الثاني ذلك أن القضاء البلجيكي وفي مواجهة عدد منظم ومعتبر من الضحايا سيُكون فكرة واضحة عن صدق وجدية المتضررين من هذه الجرائم، هذا بالإضافة إلى أن الضحايا باجتماعهم سيكون عملهم ونشاطهم أكثر عملية فعالية، الأمر الذي يؤثر كذلك على جانب التمثيل القانوني أين
يمكن للضحايا وكنتيجة لتنظيمهم الاتصال بمحامين متمرسين سواء جزائريين أو أجانب وعلى دراية معتبرة بالقانون عموما والدولي خصوصا، وهذا لتمثيلهم أمام القضاء البلجيكي.
المطلبالثاني : المحاكمة بواسطة محاكم دولية جنائية خاصة
إن الجرائم الفرنسية في الجزائر لا تختلف عن ما اقترف فيما بعد في يوغوسلافيا ورواندا من حيث كونها جرائم دولية، فالأوضاع في هاتين المنطقتين-يوغوسلافيا ورواندا-كيفتا على أنهما قضايا مست السلم والأمن الدوليين، ما انجر عنه تدخل مجلس الأمن حسب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بإنشاء محاكم دولية جنائية خاصة، وباعتبار أنه من مبادئ القانون الدولي الجنائي عدم تقادم الجرائم الدولية فإن الجرائم الفرنسية الاستعمارية في الجزائر وبكونها جرائم دولية ينطبق عليها هذا المبدأ الذي أكدته ودعمته اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية 1968(41)، وبذلك فإنه من الممكن إنشاء محكمة أو محاكم دولية جنائية خاصة لما وقع في الجزائر من جرائم فرنسية.
غير أن إمكانية إنشاء محاكم دولية جنائية خاصة في حالة الجرائم الفرنسية في الجزائر صعبة نوعا ما، ذلك أن قرار إنشاء مثل هذه المحاكم مرتبط بصدوره عن مجلس الأمن، هذا المجلس الذي يتكون من أعضاء دائمين وغير دائمين، وللدائمين فيه – فرنسا من الأعضاء الدائمين- حق الاعتراض(الفيتو) (42) في القرارات الموضوعية، والتي منها إنشاء محاكم دولية جنائية خاصة لذلك فإن احتمال اعتراض فرنسا عن إنشاء محكمة دولية جنائية خاصة بجرائمها في الجزائر أمر وارد بنسبة كبيرة.
رغم هذه الاعتبارات السياسية التي تعيق عمل مجلس الأمن وتعطل مسائل أخرى مرتبطة به كإنشاء المحاكم الدولية الجنائية الخاصة، إلا أن فرضية إنشاء مثل هذه المحاكم فكرة قانونية قائمة، ذلك أن قرار فرنسا بشأن وجودها ممكن أن يكون إيجابيا بالموافقة إذا واجهت -فرنسا- ضغط دولي وداخلي، دولي عن طريق الدول وبالأخص الدولة الجزائرية التي لها أن تتباحث مع الطرف الفرنسي بهذا الشأن-التحاكم-، ولما لا الوصول إلى قانون فرنسي يجرم الأفعال الفرنسية في الجزائر عوض تمجيدها، أما على المستوى الداخلي فيكون الضغط بواسطة مختلف أطياف المجتمع الفرنسي من سياسيين وحقوقيين وباحثين وغيرهم من المعتدلين، بالإضافة إلى الدور المهم للمجتمع المدني بهذا الخصوص(43).
وخير دليل على إمكانية تغيير التوجهات السياسية هو القانون الفرنسي02/2010 المتعلق بالاعتراف وبتعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية المؤرخ في 05/01/2010، التجارب التي تهربت فرنسا لسنوات من نتائجها الوخيمة لتعترف في النهاية بضحاياها، وهذا القانون يفتح الباب لضحايا التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية للمطالبة بحقوقهم وتعويضهم عن الأمراض الدائمة(44) التي يعانون منها، وهذا بالاستناد إلى المادة الأولى والثانية من القانون02/2010 التي نصت صراحة على المواقع الجغرافية والفترات الزمنية للتجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية.
وبالعودة إلى المحاكم الدولية الجنائية الخاصة وإمكانية إنشائها في وضع الجرائم الفرنسية في الجزائر، فإن مجلس الأمن له أن ينشأ محكمة دولية جنائية خاصة شاملة لكل الجرائم الفرنسية في الجزائر، أو إنشاء مجموعة من المحاكم الدولية الجنائية الخاصة تختص كل واحدة بجريمة من الجرائم الفرنسية في الجزائر.
وفي ختام هذا الجزء من الدراسة لابد من التنويه والتأكيد إلى أنه وكما سبق ذكره سابقا تبقى إمكانية إنشاء محاكم دولية جنائية خاصة عن الجرائم الفرنسية في الجزائر فكرة قانونية قائمة رغم صعوبتها، عكس حال عرض هذه الجرائم على المحكمة الجنائية الدولية الذي يعتبر أمر مستحيلا كون أن الجرائم الفرنسية قد ارتكبت قبل إنشاء هذه المحكمة(حسب المادة 11فقرة1 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية).
الخاتمة:
في ختام هذه الدراسة البسيطة عن جزء ضئيل من الجرائم الفرنسية في الجزائر، وبعد المرور بمراحل منهجية مضبوطة باستعراض عينات عن الانتهاكات الفرنسية الاستعمارية في الجزائر، فتجريمها ثم البحث سبل المحاكمة عنها، يجب الخروج بنتائج وإقتراح توصيات حول موضوع هذه الدراسة:”إمكانية محاكمة فرنسا عن جرائمها الاستعمارية في الجزائر وفق أحكام القانون الدولي الجنائي.”
1/النتائج والاستنتاجات:
-إن الانتهاكات الفرنسية الاستعمارية في الجزائر امتدت منذ دخولها ميناء سيدي فرج عام1830إلى ما بعد الاستقلال-أضرار التجارب النووية وخطي شال وموريس-،كما أنها لم تمس منطقة واحدة بل شملت كامل التراب الجزائري.
-انتهاكات 8ماي1945مارست فيها فرنسا أنواع مختلفة من القمع العسكري والقضائي، مع إعانة واشتراك من مليشيات المعمرين، والذي راح ضحيته الآلاف.
-لحصار الشعب الجزائري وثورته أحاطت فرنسا جزء مهم من الحدود الشرقية والغربية بخطي شال وموريس، والذي كلفها الكثير وكانت عواقبه على أهالي الحدود وعلى الثورة ظاهرة، وبالأخص تلك الألغام الموجودة فيه والتي مثلت ولازالت تمثل تهديدا على الأرواح .
-بالإضافة إلى القائمة الطويلة للجرائم الفرنسية في الجزائر مارست فرنسا تجارب نووية والتي يصلح أن يطلق عليها اسم الإرهاب النووي، حيث بالفعل أرهبت به-فرنسا-أهالي منطقتي رقان وإين إيكر-مناطق التجارب- والتي راح ضحيتها ضحايا تباينوا بين قتيل وجريح ومصاب بالإشعاع النووي.
-إن استعراض الانتهاكات التي قامت بها فرنسا الاستعمارية في الجزائر لوحده لا يكفي للمحاكمة، لذلك ووفقا للقانون الدولي الجنائي يجب أن تجرم هذه الأفعال وتوصف بالجريمة، الأمر الذي لا يتسنى إلا بالرجوع إلى مطابقة بين الانتهاكات الفرنسية في الجزائر والاتفاقيات الدولية ذات الشأن بذلك.
-في عملية المطابقة سابقة الذكر يجب مراعاة مبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي الجنائي، والمتمثل في مبدأ الشرعية الذي يعني سبق القانون أو القاعدة القانونية المجرمة على الفعل المراد تجريمه، بالإضافة إلى مراعاة تصديق فرنسا على الاتفاقيات الدولية التي سيتم الاستناد بها.
-إن ما قامت به فرنسا في أحداث8ماي1945 يعتبر من الجرائم الدولية وهذا بالاستناد إلى إتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية(لاهاي18/10/1907) في موادها:4-23-25 والتي ركزت على تجريم سوء معاملة الأسرى والاغتيالات والتعذيب والقوة العسكرية غير المبررة.
-ما صاحب إنشاء خطي شال وموريس وما نتج عن من أضرار يصل إلى درجة الجرائم الدولية، ذلك أن اتفاقيات جنيف الأولى والرابعة جرمت أفعال عديدة مرتبطة بهاذين الخطين، كالترحيل الذي عانى منه أهالي المناطق الحدودية والحشد والاعتقال والاستيلاء على الممتلكات(المادة 50 اتفاقية جنيف الأولى)، وانتهاكات أبسط حقوق العمال الذين ساهموا في بناء الخطين (المادة51 اتفاقية جنيف الرابعة).
-تعتبر التجارب النووية الفرنسية في الجزائر جرائم دولية، ودليل ذلك التجريم الذي تنص عليه أكثر من اتفاقية(المادة 2 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، المادة 50 اتفاقية جنيف الأولى، المادة19و من22 إلى 25 اتفاقية جنيف الثالثة).
-إن تجريم الانتهاكات الفرنسية في الجزائر وفق الأسانيد القانونية(المواد الموجودة في الاتفاقيات الدولية السابقة) يعتبر إثباتا للمسؤولية الدولية على فرنسا، وكنتيجة على ذلك تصبح مسألة المحاكمة متاحة قانونيا.
-السبل المتاحة لمحاكمة فرنسا عن جرائمها في الجزائر تتمثل في :
1/المحاكمة بواسطة المحاكم الوطنية ذات الاختصاص العالمي (القضاء البلجيكي) .
2/المحاكمة بواسطة محاكم دولية جنائية خاصة.
-القضاء البلجيكي يعتبر النموذج الفعلي للمحاكم الوطنية ذات الاختصاص العالمي في مجال الجرائم الدولية، الاختصاص الذي يستمده من القانون البلجيكي المتعلق بالمسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة للاتفاقيات الدولية لجنيف 1949(16جوان1993)، المستند في وجوده إلى المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تطالب الدول المصادقة على إيجاد مواءمات تشريعية في قوانينها مع اتفاقيات جنيف.
-اختصاص القضاء البلجيكي بانتهاكات اتفاقيات جنيف الأربع في أي مكان أو زمان يدخل الجرائم الفرنسية في الجزائر ضمن دائرة اختصاصه.
-محاكمة فرنسا بمحاكم دولية جنائية خاصة سبيل ممكن قانونيا لكنه صعب في الواقع، لارتباط وجود هذه المحاكم بمجلس الأمن، فهذا الأخير هو المنشأ لها وهو يضم في تشكيلته أعضاء غير دائمين وأعضاء دائمين ومنهم فرنسا التي ستكون حجر في طريق وجود محاكم دولية جنائية خاصة بالجرائم الفرنسية في الجزائر.
-تستبعد المحكمة الجنائية الدولية من طرق محاكمة فرنسا عن جرائمها في الجزائر كونها-المحكمة الجنائية الدولية- وجدت بعد هذه الجرائم.
2/الاقتراحات والتوصيات:
-تدعيم الجمع بين الجانبين التاريخي والقانوني، واللذان يشكلان ركائز متابعة فرنسا عن جرائمها في الجزائر.
-إدخال تعديلات جوهرية في التشريعات الجزائرية (الدستور-القانون-التنظيم) مما يسمح بالمواكبة والموائمة مع اتفاقيات جنيف الأربع التي تعتبر أساس القانون الدولي الإنساني وسند المحاكمات الدولية الجنائية، ومن تم منح القضاء الجزائري اختصاص عالمي للجرائم الدولية كما هو الحال بالنسبة للقضاء البلجيكي.
-الإسراع بإخراج قانون يجرم ما قام به الاستعمار الفرنسي في الجزائر مع التـأكيد فيه على تلك الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف لعام 1949.
-الالتزام بجمع ضحايا الجرائم الفرنسية في الجزائر وفق تنظيمات قانونية وبالأخص ضحايا التجارب النووية، فبعد صدور القانون الفرنسي2/2010 المتعلق بالاعتراف وبتعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية بات من الممكن أن يطالب الضحايا الجزائريين بحقوقهم.
-فتح الحل الدبلوماسي في مسألة الجرائم الفرنسية في الجزائر بالسعي إلى إيجاد مشاورات ومباحثات جزائرية فرنسية جادة لتسوية فعلية وملموسة لضحايا الاستعمار الفرنسي في الجزائر، ولأجل الوصول إلى اتفاقيات بين البلدين ترد اعتبار الضحايا.
– السعي إلى رفع الاهتمام السياسي الجزائري بشأن الجرائم الفرنسية في الجزائر، وإدخاله إلى منابر الحوار والنقاش بصورة جادة (البرلمان والأحزاب وممثلي الفئة السياسية)، فالاهتمام التاريخي والقانوني لوحده لا يكفي من دون الإرادة السياسية التي هي العصب في مثل هذه المسائل.
الهوامش:
(1) إن الفترة التي توسطت المقاومات الشعبية والثورة التحريرية وإن لم تكن تحوي نشاطات عسكرية جزائرية تذكر ضد فرنسا ،إلا أنه وجدت فيها أحداث 8ماي 1945التي خلفت ضحايا بعدد كبير وجعلت منها – أحداث 8 ماي1945- توصف بالمجازر والمذابح.
(2) (3) (4) (5) رضوان عيناد تابت، 8أيار/ماي45-الإبادة الجماعية-،ط1،منشورات آنيب،الجزائر،2005،ص92،86،83.
(6) تتفق المراجع على رقم 4560 موقوف الذي يعتبر الأصح الأرقام، عكس تقرير الجنرال دوفال الموجه إلى وزير الداخلية بتاريخ 27/06/1945والذي وصف القمع الفرنسي بعمليات سريعة ومتزنة، مع تدخل الطيران لثلاث مرات فقط، واعتقال639حالة فقط؟؟؟
عن:علي تابليت، 8ماي1945(أيام لها تاريخ)،ط2،منشورات تالة، الجزائر،2009، ص16.
(7) رضوان عيناد تابت،المرجع السابق،ص93
(8) (9) علي تابليت، المرجع السابق،ص16.
(10) استفاد أندري موريس شخصيا من إقامة خطوط شال وموريس باعتباره شريكا في مصنع الأسلاك الشائكة التي تزود الخط المكهرب بالمواد الأولية. عن: ورقة عمل مقدمة من طرف المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية والثورة أول نوفمبر1954،الملتقى الوطني الأول حول الأسلاك الشائكة والألغام، سلسلة الملتقيات، المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية والثورة أول نوفمبر1954، دار القصبة، الجزائر، ص 279و280
(11)(12)(14) ورقة عمل مقدمة من طرف المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية والثورة أول نوفمبر1954،المرجع السابق، ص و284 و280و286
(13) تتراوح قوة هذه الخطوط من 7000 إلى 30ألف فولط. عن : ورقة عمل مقدمة من طرف المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية والثورة أول نوفمبر1954،المرجع السابق،ص285.
(15) حسب تصريح مسؤول مستشفى ولاية سوق أهراس فإنه تم استقبال 1163حالة بين ميت وجريح على إثر انفجار قنابل سنة1963، في حين بلغ عدد المعطوبين بين1962 و1990 حوالي 755معطوب، وبنسبة 50 عملية بتر أعضاء في السنة الواحدة . عن:ورقة عمل مقدمة من طرف المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية والثورة أول نوفمبر1954،المرجع السابق،ص296.
(16) التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر وآثارها الباقية،إعداد المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية والثورة أول نوفمبر1954،التجارب النووية الفرنسية في الجزائر،دراسات وبحوث وشهادات(سلسلة ندوات)، دار هومه،الجزائر،2010، ص38.
و: صباح مريوة،جرائم الحرب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية(التجربة النووية الفرنسية13/02/1960) مداخلة في الملتقى الدولي الخامس حول:الحرب التحرير الجزائرية والقانون الدولي الإنساني، جامعة الشلف،كلية العلوم القانونية والإدارية،9-10/11/2010،ص2.
(17) تعتبر تجارب رقان الأكثر شهرة لأنها أول التجارب في الجزائر،وتسمى كذلك باليرابيع(اليربوع الأزرق و الأبيض و الأحمر و الأخضر)
(18) والفرق بين التجارب السطحية والباطنية هو أن الأولى كانت تتم بوضع القنبلة النووية في أعلى برج معدني يرتفع على الأرض بعشرات الأمتار، أما الثانية فتفجر القنبلة في أنفاق تحفر في باطن الأرض .
(19) رقان استباحة الإنسان والأرض،وثائقي تلفزيوني،إعداد: فايزة مقران، التلفزيون الجزائري، القناة الأرضية،تاريخ البث:13/02/2009
(20) « il y’avait 6500 français et 3500 algériens venus de différentes régions…la discrimination était évidente dés le début, les taches les plus dures était pour nous …nous étions mal payés et travaillions prés de quinze heures par jour » Déclaration de Mr cheikh el haje Abdala.
D’après : enquête a reggan, la vie s’est arrêtée le 13/02/1960,rumdhan jaafari, asharq al ausat,11/06/2009,courrier international/hebdo n°971/mardi04/08/2009.
www. courrier international.com
(21) قام النقيب ميكلو رئيس المركز الإداري الصحراوي casبتوزيع قلادات على الأهالي وألزمهم بوضعها،لأنها تحوي رواسم clichés لقياس شدة الإشعاعات التي تعرضوا لها . عن : التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر وآثارها الباقية،المرجع السابق،ص22.
(22) التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر وآثارها الباقية،المرجع السابق،ص22.
(23) يقصد بالنقطة الصفر المكان الذي تسقط فيه القنبلة النووية أي موقع التفجير .
(24) يعتبر عدم احترام محكمتي نورمبورغ وطوكيو الخاصتين بمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية من الألمان واليابانيين لمبدأ الشرعية من أهم الانتقادات التي وجهت لها ، فقد أوجدت محكمتي نورمبورغ وطوكيو الخاصتين جرائم لم تكن معروفة ، والتجريم جاء لاحقا للجرم، فلائحة نورمبورغ مثلا صدرت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لمحاكمة متهمين عن أفعال ارتكبت قبل وأثناء تلك الحرب، وهذا ما يخالف مبدأ عدم جواز رجعية القوانين الجنائية كقاعدة عامة . عن: ساسي محمد فيصل،تجسيد العدالة الدولية الجنائية (الأساس والآليات) ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق، تخصص قانون دولي وعلاقات دولية،كلية الحقوق والعلوم السياسية،جامعة الدكتور الطاهر مولاي ،سعيدة ،الجزائر،2008/2009،ص 105.
(25)يرتكز القانون الدولي الجنائي على عدة مبادئ تحدد طريقة العمل به، شأنه في ذلك شأن سائر القوانين سواء كانت داخلية أو دولية ومهما كان سياقها ومواضيعها ، والتي تتمثل أهمها –المبادئ- في :
-مبدأ الشرعية .–مبدأ عدم الرجعية (وهو نتيجة عن مبدأ الشرعية). –مبدأ عدم التقادم .
عن: ساسي محمد فيصل، المرجع السابق، ص35
(26) وقعت فرنسا على الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية في 18/10/1907 وصادقت عليها في 07/10/1910.
عن: موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني (النصوص الرسمية للاتفاقيات والدول المصدقة والموقعة) ، إعداد: شريف علتم و محمد ماهر عبد الواحد ، الطبعة السادسة، إصدار بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالقاهرة، تاريخ المراجعة 01/02/2005، ص 21
(27) موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص08
(28) (29) موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص12
(30) وقعت فرنسا على اتفاقيات جنيف الأربع في 08/12/1949 وصادقت عليها في 28/06/1951. عن: موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص260.
(31) موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص86.
(32) موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص208.
(33) موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص209.
(34) موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص210.
(35) وقعت فرنسا على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في 11/12/1948 وصادقت عليها في 14/10/1950. عن: موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص61.
(36) موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص54.
(37) موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص125.
(38) موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص153.
(39) علي محمد جعفر، الاتجاهات الحديثة في القانون الدولي الجزائي، ط1، دار مجد، بيروت،2007،ص193
(40 (Article 7 : « les juridictions belges sont compétentes pour connaitre des infractions prévues à la présente loi, indépendamment du lieu ou celle-ci auront été commises. »
Loi du 16 juin 1993 relative à la répression des infractions graves aux conventions internationales de Genève du 12 aout 1949 et aux protocoles 1et 2 du 8 juin1977.
(41) اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية اعتمدت وعرضت للتوقيع وللتصديق و الانضمام بقرار الجمعية العامة 1391(د-23) المؤرخ في 26/11/1968، وتاريخ بدء النفاذ: 11/11/1970 طبقا للمادة الثامنة.
عن:موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص153.
(42) الفيتو لا يستعمل في كل القرارات مجلس الأمن ولكن في البعض منها، ما هو هذا البعض؟ إن المادة 27 من ميثاق الأمم المتحدة فرق بين القرارات المتعلقة بالمسائل الإجرائية، والقرارات المتعلقة بالمسائل الموضوعية:
– فالمسائل الإجرائية هي التي ورد ذكرها في المواد 28-32 من الميثاق كوجوب عقد اجتماعات دورية للمجلس وإنشاء فروع ثانوية، وفي هذه المسائل الإجرائية فإن القرارات تصدر بموافقة 9 أعضاء على الأقل دون تفرقة في ذلك بين أصوات الأعضاء الدائمين وغير الدائمين.
– بينما المسائل الموضوعية أو الجوهرية فتصدر فيها القرارات بموافقة 9 أعضاء على الأقل، بشرط أن يكون بين الأصوات الخمس الكبار متفقة(الدائمين)، وهذا يعني أن كل عضو دائم يملك حق الاعتراض(الفيتو)على إصدار القرارات الموضوعية، والاعتراض يمنع صدور القرار.
عن: غضبان مبروك، المجتمع الدولي:الأصول والتطور والأشخاص، القسم الثاني، د ط، ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر، 1994، ص552.
(43) من أمثال السياسيين الفرنسيين المعتدلين، رئيس الحكومة الفرنسي السابق”ليونال جوسبان” الذي اعترف بوجود التعذيب في الجزائر خلال سنوات الحرب، وقال أنه كان مناهضا لهذه الحرب وللتعذيب، وطلب الاعتذار من الشعب الجزائري فيما لحقه من جرائم من طرف الجيش والقادة السياسيين الفرنسيين، هذا بالإضافة إلى لجنة 12 التي طالبت من الحكومة الفرنسية الاعتراف رسميا بجرائمها في الجزائر حين كان جاك شيراك رئيسا للجمهورية و ليونال جوسبان رئيسا للحكومة، وكانت مكونة من شخصيات سياسية وفكرية ونضالية:1/هنري علاق-2/جوزيت أودان-3/نيكول دريفوس-4/جيزال حليمي-5/سيمون دولابورديير-6/بيير فيدال ناكي-7/غابلان بيشت-8/مادلين روبيريو-9/لوران شفارتر-10/جان بيير فيرنو-11/نوال فافيرليي-12/جيرمان تيون. عن: سعدي بزيان، جرائم فرنسا في الجزائر من الجنرال بوجو إلى الجنرال أوساريس، د ط ،دار هومه، الجزائر، 2009، ص95 ومن 125إلى 127.
(44) حدد القرار المطبق للقانون02/2010 قائمة للأمراض التي يعوض المصابين بها جراء الإشعاعات الناتجة عن التجارب النووية الفرنسية، وهي في أغلبها سرطانات( الثدي، الغدة الدرقية،الرئة،القولون،الكبد،المتانة…)