الرئيسية / العلاقات الدولية / السياسة الخارجية / السياسة الأمريكية في الخليج بعد الحرب الباردة: جدلية النفط والقوة
السياسة الأمريكية في الخليج بعد الحرب الباردة: جدلية النفط والقوة
arabprf.com usa in the gulf السياسة الأمريكية في الخليج بعد الحرب الباردة: جدلية النفط والقوة

السياسة الأمريكية في الخليج بعد الحرب الباردة: جدلية النفط والقوة

السياسة الأمريكية في الخليج بعد الحرب الباردة:

جدلية النفط والقوة

أ: عبد الكريم باسماعيل

جامعة قاصدي مرباح ورقلة.       

لتحميل الدراسة: السياسة الأمريكية في الخليج بعد الحرب الباردة: جدلية النفط والقوة

 

 

 الملخص:

نظرا للطابع الحيوي الذي تتميز به الطاقة الأحفورية، اعتمدت القوى الكبرى استراتيجيات مختلفة للسيطرة عليها، ومن بينها سياسة استعمال القوة الصلبة “العسكرية” كعامل مساعد في امتلاك هذه السلعة الإستراتيجية. تعتبر منطقة الخليج ونظرا لما تحتويه من احتياطات نفطية ضخمة أحد أهم المناطق الجغرافية التي اتضحت فيها سياسات القوى الكبرى ، وأدت إلى انعكاسات جيوسياسية مهمة.

Summary:

Because of petrol dynamic nature, Great power uses  deferent  strategies to obtain it, some of these policy we speak about the using of hard power “military power” as a tool to peak up this strategic product. That policy comes clear in the gulf region, and it produces geopolitical impact.

 مقدمة :

تعتبر الطاقة عصبا حيويا في الحياة اليومية، وذلك لما لها من منافع على البشر والحيوان والزرع. كما تلعب دورا أساسيا في تسيير قطاعات النشاط الاقتصادي والإنتاجي سواء كان ذلك في القطاعات العمومية أو في المؤسسات التجارية أو الصناعية أو القطاع الخدماتي. تنقسم الطاقة إلى نوعين الطاقة الشمسية، الرياح ، المياه يتم تحويلها إلى طاقة كهربائية في إطار ما يعرف بالطاقات المتجددة، وهناك نوع آخر من الطاقة يوجد في باطن الأرض ( الطاقة الأحفورية) كالفحم والغاز والنفط، هذا النوع الأخير –من الطاقة- رغم كزنه مصدر للتلوث والعديد من الأزمات البيئية إلا انه يبقى المصدر الرئيسي للطاقة في العديد من الميادين خصوصا النفط الذي يعتبر امتلاكه مهما لضمان استمرارية نشاط المؤسسات الإنتاجية والصناعية والخدماتية للدول وذلك بفضل مشتقاته العديدة.

إن حركية الدولة على الصعيد الخارجي هو انعكاس حتمي لنشاطها الداخلي وضمان استمرارية هذه الحركية يستلزم حسب رأي المختصين السيطرة على منابع الطاقة الأحفورية، فمنذ بروز النفط كأساس محرك للدولة اجتهدت الدول الكبرى على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية للحصول والسيطرة على هذه السلعة الإستراتيجية بمعنى آخر السيطرة على جغرافيا النفط. بذلك تكون الإشكالية المطروحة للدراسة على النحو التالي: إلى أي مدى يمكن اعتبار النفط هدفا استراتيجيا تسعى الولايات المتحدة الأمريكية  للسيطرة عليه؟ ومنه نصوغ الفرضية التالية: هناك علاقة قوية بين احتياطات النفط في الخليج وسلوك الولايات المتحدة في المنطقة.

الأهمية الإستراتيجية و الجيوسياسية لمنطقة الخليج:

إن دراسة الأهمية الإستراتيجية للخليج تمليها عوامل الجغرافيا السياسية الاقتصادية، حيث تتهتم الجغرافيا السياسية بدراسة الإطار الجغرافي للدول بكل أنواعه ومستوياته سواء أكان ذلك في المجال الجغرافي البحت كالأنهار والوديان والهضاب والجبال، أو في المجال الاقتصادي كامتلاك الثروات النفطية، وامتداد الأراضي وتوفر الإمكانات الزراعية و الصناعية الهائلة.

تتميز منطقة الخليج بتنوع جغرافي يجعل من مواردها مطمع للعديد من القوى، فتتميز بشاسعة الأراضي وامتداد الرؤيا، و تتحكم في أهم الممرات كباب المندب ومضيق هرمز الذي يربط الخليج العربي وخليج عمان وممرا مهما لناقلات النفط 1 التي لاغنا لها عن هذا المحور الاستراتيجي الذي يمتد اتساعه إلى حوالي 3 أميال بحرية ما يعني سهولة إغلاقه والسيطرة عليه في حالة نشوب أي نزاع. كما تحتوي المنطقة على اكبر الاحتياطات العالمية في النفط والغاز، حيث تبين الإحصائيات أن مدينة البصرة العراقية لوحدها ستعرف طفرة في إنتاج النفط الخام ما يفوق إنتاج السعودية  وروسيا الاتحادية مجتمعتين.2

بعد الاحتلال أبرمت الحكومة العراقية العديد من العقود مع كبريات الشركات العالمية للاستثمار في حقول النفط، منها شركة “أيكسون موبيل ” الأمريكية و” غاز بروم” الروسية. بذلك ستكون العراق اكبر منتج للنفط الخام خلال ستة سنوات المقبلة بمعدل 12 مليون برميل يوميا منها 10 مليون من البصرة لوحدها وهو ما سيدر عائدات تصل إلى 200 مليار دولار سنويا على العراق.

من جهة أخرى تشير بعض التقارير إلى أن العربية السعودية ستبقى في غضون 2010 و 2011 اكبر منتج للنفط على المستوى العالمي بمقدار 10.5 إلى 11 مليون برميل في اليوم3 وإذا اعتبرنا أن باقي مجلس التعاون الخليجي تمتلك هي الأخرى احتياطات ضخمة من النفط والغاز فان العائدات ستصل إلى 37.7 تريليون دولار باعتبار 100 دولار لبرميل النفط و15 دولار للغاز.4

إن الملاحظ لكل المعطيات السالفة الذكر تجعل من نفط الخليج رهان مهم بالنسبة للدول ذات النشاط الاقتصادي والإنتاجي الضخم، لكن ما لا ينبغي إغفاله هو أن نفط الخليج لم يصبح مهما في فترة ما بعد الحرب الباردة فقط، ولكن سبقت أهميته ذلك الزمن بعدة عقود ماضية. اجتهدت الو م أ من أجل توسيع نفوذها في المنطقة لضمان تدفق النفط بأرخص الأثمان لصالح القوى الغربية العالمية من جهة، ومن جهة أخرى العمل على تحديد دور الاتحاد السوفيتي المتعاظم في المنطقة.5 خصوصا العلاقات السوفيتية العراقية والسورية.

اعتمدت الو م أ التي تمتلك أكبر شركات إنتاج وصناعة النفط في العالم، على سياسة احتكار الطاقة وعائداتها في الخليج إبان الحرب الباردة، فبين عامي 1960 و 1973 لم تحصل دول الأوبك التي أسست في 1960 إلا على 95 مليار دولا نظير إنتاج النفط، أما الشركات العالمية المحتكرة للإنتاج فقد تحصلت على عائدات تصل إلى 700 مليار دولار6 بادرت الدول العربية وخصوصا الخليجية المنتجة للنفط بشن حضر على تصدير النفط أثناء حرب أكتوبر1973 * وهو ما دفع الولايات المتحدة للتفكير فعليا في كون نفط الخليج مصلحة إستراتيجية عليا.

يقدم ألكسندر دوفاي مفهومه للجيوسياسة في مؤلفه  la géopolitique بأنه: “دراسة تداخل الأفعال بين المجال الجغرافي والمنافسات على السلطة المترتبة على هذا المجال.”7 ويعرفها ستيفان روزييه بأنها: “تهتم بالفاعلين والرهانات المحركة لمطالبهم في اطر دينامكية الأقاليم.”8 ومن ثم فان الرهانات الجيوسياسية المتمثلة في الحفاظ على مصادر الطاقة بالنسبة لمصالح القوى، تؤدي بالضرورة إلى استعمال أساليب تنزع إلى القوة، حيث يؤكد الأستاذ السابق في جامعة هارفارد ص.هنتغتون: “عالم بدون سيادة الو م أ سيكون عالم أكثر عنفا وفوضى واقل ديمقراطية وأدنى في النمو الاقتصادي من العالم الذي يستمر تأثير الو م أ فيه أقوى من تأثير أي دولة أخرى صياغة الشؤون العالمية. إن السيادة الدولية المستدامة للو م أ ضرورية لرفاهية وامن الأمريكيين ولمستقبل الحرية، والديمقراطية والاقتصاد المنفتح والنظام الدولي في العالم.”9

إن طرح هنتغتون يدل على أن الو م أ ماضية في تحقيق أهدافها الجيوسياسية بما أنها توفر لها الرفاهية والسيطرة الإستراتيجية وان تحتم الأمر تحويلها إلى أهداف جيوإستراتيجية التي يمكن تحقيقها في غالب الحيان عن طريق القوة العسكرية، كما أخبر الرئيس كلينتون للأمم المتحدة في عام 1993 بأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تعمل بطريقة متعددة الأطراف كلما أمكن ذلك، ولكنها سوف تتصرف بصورة منفردة عندما يكون هذا ضروريا وصرح وزير الدفاع الأمريكي وليام كوهين عام 1999 من أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تستخدم القوة العسكرية بإرادتها المنفردة لحماية مصالحها الحيوية التي تتضمن الولوج الحر إلى الأسواق الرئيسية، وإلى مصادر الطاقة وغيرها من الموارد الإستراتيجية10 وهو ما قامت به الو م أ في الخليج غداة نهاية الحرب الباردة.

  1. النفط والسياسة الأمريكية في الخليج:

انتهت العمليات العسكرية في حرب الخليج الأولى بدون انتصار واضح لأحد الطرفين المتصارعين –إيران والعراق- ، بعد ذلك تتفكك الاتحاد السوفييتي وتراجع عن لعب دوره العالمي، فاسحا بذلك المجال للو م أ لقيادة العالم بواسطة أجندة كانت بدايتها من الخليج وبسبب أزمة نفطية. 

اعتبر العراق أن ضخ مزيد من النفط في السوق لا يخدم مصالحه بل أكثر من ذلك فهي حرب اقتصادية معلنة ضده لمنعه من النهوض الاقتصادي باعتبار أن هذا السلوك يؤدي إلى تراجع أسعار النفط الذي يعتبر المورد الرئيسي لمدا خيل العراق الإنتاجية حيث قال في حديثه للسفيرة الأمريكية “إبريل غلابسي”  بتاريخ 15 جويلية 1990: ” إن من يتعمدون خفض أسعار النفط  هم في الحقيقة يشنون حربا ضدنا . فالحرب تسيل الدماء، أما الحرب الاقتصادية فهي تهدف إلى تدمير إنسانية البشر، ونحن لا نقبل من أي أحد أن يجرح كبرياء العراق أو يتعدى في حقه أن يعيش في المستوى اللائق. فنحن لا نفهم لماذا تشجعون بعض دول الخليج للإضرار بنا”11.

اتضحت سياسة الكويت المتحالفة مع الو.م.أ في إخضاع العراق بواسطة الضغوط الاقتصادية، عن طريق تمسكها بحقل”الرميلة البترولي”الذي يطالب العراق باسترجاعه ودفع التعويضات عن الضخ الذي قامت به الكويت في فترة 1980 -1988. وقد طالب العراق مرارا وتكرارا بهذا خاصة أثناء مؤتمر الجزائر 1988 من خلال طلب ” طارق عزيز” لنظيره الكويتي” صباح الأحمد الصباح”، أو أثناء زيارة الأمير الكويتي للعراق في23 – 09 -1989 12كل هذه التطورات المتلاحقة أدت إلى قيام العراق بعمل انفرادي عسكري تمثل في غزو الكويت باسم عملية النداء ليحقق أطماعه التاريخية، وليقف بصفة فعلية في وجه المصالح الجيوسياسية الأمريكية. يعتبر عمل العراق إخلال واضح بموازين القوة الإقليمية، وقد يتيح له هذا السلوك ما يعرف بالهيمنة الإقليمية، وهو ما لا ترتضيه الو.م.ا .

إن لجوء الو م ا إلى الحرب لا يمكن تفسيره فقط في إطار التهديد العراقي لمصالحها في المنطقة ولكن كذلك إلى كونها القوة الوحيدة على المستوى العالمي التي تتمتع بضخامة الإمكانيات العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية. والتي يمكن توظيفها من اجل التوسع المؤدي إلى تحقيق الهيمنة، وبقائها قوة عظمى في العالم. رفضت الو م ا بوضوح الغزو العراقي للكويت وأدانته مباشرة وكل ما ترتب عليه من نتائج، وأظهرت مدى الحزم والتشدد الذي يميز موقفها مند البداية حيث أصدر الرئيس الأمريكي تعليماته مباشرة في نفس يوم الغزو لعدة سفن حربية أمريكية بالتوجه إلى منطقة الخليج لحماية الدول الصديقة من أي تهديد قد تتعرض له.13 كما ظهرت رغبه الو م ا في تجنب أي عمل منفرد من خلال جهودها المكثفة التي بدلتها داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن من خلال استصدار مجموعة من القرارات بهدف محاصرة العراق والضغط عليه من أجل الانسحاب.

لقد كانت نية الو.م.أ في ضرب العراق واضحة للعيان مند بداية الغزو في أوت 1990، حيث قامت في الثامن من الشهر نفسه بإنزال أولى طلائع القوات الأمريكية على الأرض السعودية،14 وحشدت مزيد من الدبابات المتطورة ودفعت رفقت قوات التحالف الدولي المشكل بأسراب كثيرة من الطائرات التي ستستعملها لتوفير الغطاء الجوي اللازم لردع القوات العراقية، معتمدة في ذلك على الأساطيل البحرية من حاملات الطائرات والسفن المدنية. لقد جاءت الأوامر من القيادة الأمريكية في واشنطن إلى قائد العمليات في الخليج الجنرال شواتزكوف في يوم 08 جانفي 1991 بأن يوم 17 جانفي 1991 هو يوم بدء الحملة الجوية و بالفعل تم الهجوم الجوي على الساعة 03:00 صباحا من اليوم لمحدد لها،1لكن سبق دلك بحوالي 20 دقيقة قيام مجموعة من الطائرات العمودية بتدمير بعض محطات الرادار العراقية استعدادا لبدء الحملة الجوية الضخمة، و انطلقت بعد ذلك مباشرة طائرات F-117 تدك العديد من المواقع في بغداد، تواصل الهجوم المكثف طوال الثماني و الأربعين الساعة الأولى من بداية العمليات العسكرية دون أي مقاومة فعلية من قوات الجيش العراقي. 16

استمرت العمليات العسكرية مدة 42 يوم شملت كل العمق العراقي بما فيه من مؤسسات إنتاجية أو حكومية أو تعليمة وجميع المرافق ذات الأهمية. انتهت الحرب و فرضت مناطق حظر الطيران على الطائرات العراقية شمالا وجنوبا و لجان التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل حسب القرار ألأممي رقم 687(1991) حيث أنشئت لجنة UNISCOMالتي باشرت عملها مباشرة بعد انتهاء العمليات العسكرية لنزع الصواريخ الباليستية لمدى أكثر من 150 كلم حيث عين السويدي (رالف إيكيوس) R. Ikios رئيسا تنفيذيا لهده اللجنة و بقي في منصبه إلى غاية جويلية 1997 حيث عين الأسترالي (ريتشارد باتلر)   R. Butlerرئيسا لها.

انتهت العمليات العسكرية في حرب الخليج الثانية لتبدأ حرب من نوع آخر وهي ذات طابع اقتصادي. حيث أعلن (مارتن أنديك) MartinIndikمدير عام شؤون الشرق الأدنى و جنوب آسيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي (سابقا) في خطاب له أمام معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن سياسة الرئيس بيل كلينتون في الخليج تقوم على مبدأ “الاحتواء المزدوج” للعراق و إيران. وذلك بواسطة سياسة العقوبات الدولية والحظر الاقتصادي الشامل انطلاقا من القرار الاممي رقم (661) سنة 1990 حيث يمنع استيراد أي من السلع والمنتجات التي يكون مصدرها العراق وأي أنشطة يكون من شأنها تعزيز التصدير والشحن لأي سلعة أو منتجات وأية معاملات تجارية وقد وجد في هدا القرار استثناء يخص الإمدادات المخصصة بالتحديد للأغراض الطبية والمواد الغذائية المقدمة لظروف إنسانية و إذا كانت الو.م.أ تخشى من هيمنة عربية ثورية على النفط العربي نظرا لما تتضمنه هذه الهيمنة من بوادر الحكم الشامل في الاقتصاد العربي17 فإن الو.م.أ بحضورها العسكري الواسع في الجزيرة العربية تكون قد ضمنت لمدة طويلة خروج هدا النفط ليس فقط من دائرة الهيمنة العربية بل من دائرة القرار العربي أساسا”.

تبين أن الحصار أثر على الشعب العراقي أكثر مما أثر على الحكومة العراقية ومن ثم قررت الأمم المتحدة تخفيف آثار الحصار عن طريق برنامج النفط مقابل الغداء بواسطة القرار الأممي  986 (1995) ثم بعد جاء مشروع العقوبات الذكية وهو مشروع أمريكي البريطاني الذي يقوم على تخفيف معاناة الشعب العراقي من خلال إزالة العراقيل التي تتعرض وصول البضائع المدنية و السلع الإنسانية و هذا ما أعتبر جانبا ذكيا لهذه العقوبات.18

جاءت أحداث 11 سبتمبر 2001 لتعيد منطق الأمن الواقعي كأسبقية على الأمن الإنساني في العلاقات الدولية، وهو ما كانت تحتاجه إدارة بوش لتطلق مشروعها الاستراتيجي القائم على تنفيذ أجندة السياسة الخارجية بواسطة الحرب ، مع عدم إهمال لدور المحافظين الجدد في هذه السياسة نجد أن العزم الأمريكي كان واضحا لإسقاط نظام صدام حسين في العراق. في إطار تحول فكري عميق في الفكر الاستراتيجي الأمريكي19 اعترف الرئيس والكر بوش بأنه سيتم محاربة الأنظمة والقوى المعادية، حتى لا تهاجم الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى. ومن بين الأسباب دفعت الوم أ للقيام بغزو العراق وإسقاط نظام الرئيس صدم هو:

– تأكيد السيطرة الأمريكية على منطقة الخليج، حيث أن العراق يمثل دولة مركزية في هذه المنطقة.

– امتلاك العراق لاحتياطي نفط معتبر.

بالرغم من كل الجهود الدبلوماسية لعدم إقدام الو.م.أ على الحرب العراق إلا أن الإدارة الأمريكية كانت قد عقدت العزم على إسقاط النظام و لو من دون أي قرار أممي فبعد عمليات نقل السلاح إلى الخليج من حاملات الطائرات إلى آلاف الجنود و المعدات و الوسائل العسكرية بدأت الحملة العسكرية ضد العراق يوم 20 مارس 2003 وانتهت يوم 09 أفريل 2003 بسقوط النظام تماما وتلاشي دور الوحدات القتالية العراقية. إن الرهانات الإقليمية في الخليج دفعت الولايات المتحدة الأمريكية لاستعمال القوة من أجل فرض سياسات وفق ما يخدم مصالحها وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن الانعكاسات الناجمة عن هذا السلوك؟

2.الانعكاسات الإقليمية والدولية للحروب الأمريكية في الخليج

إضافة إلى التداعيات الداخلية المتمثلة في انهيار الدولة والاقتصاد وازدياد الأدوار الخارجية سواء الإقليمية أو الدولية و زيادة عمل الحركات المسلحة سواء أكانت مقاومة للاحتلال أو غير ذلك من الحركات الإرهابية، نجد على المستوى الإقليمي بقاء إسرائيل اللاعب الرئيسي الأقوى في المنطقة – إذا اعتبرنا أن المصريين يتمنون عودة دورهم الارتيادي بعد سقوط نظام مبارك، وإيران وتركيا لاعبين مهمين ولكنهما ليسا الأقوى – الذي يمكنه تحقيق أهدافه الإستراتيجية بالقوة العسكرية ودون أن يتعرض لأي متابعة قانونية.

لقد استفادت إسرائيل من إمضاء معاهدة السلام بينها وبين مصر سنة 1978 للحصول إسرائيل على سلام دائم معها وبالتالي إخراجها من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي20 كما اتفقت إسرائيل مع الأردن في “وادي عربة”، وتم بذلك تقييد الضفة الشرقية وإخراجها من الصراع21 وكن ورغم الاتفاقيات الموقعة سابقا فان إسرائيل لم تضمن بقائها إقليميا إلا من خلال توقيع اتفاقيات أوسلو وإنهاء وتقزيم القوة العسكرية العراقية التي تعتبر القوة الوحيدة التي استطاعت إيصال صورايخ هجومية إلى تل أبيب منذ انتهاء الحرب العربية الإسرائيلية في 1973. والدليل على ما سقناه هو من أوقف إسرائيل في حرب لبنان 2006 وحرب غزة نهاية 2008 بل أكثر من ذلك هل تجرؤ إحدى الدول الإقليمية أن تؤسس لآليات المتابعة القانونية ضد إسرائيل؟

نجد كذلك أن الو م أ تستفيد من مجموعة من التسهيلات اللوجستيكية في المنطقة وذلك من خلال زيادة القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة واستثمار عائدات البترول للأنظمة الخليجية قدر الإمكان في صفقات الأسلحة.

قدمت الإمارات تسهيلات للقوات الأمريكية منذ غزو العراق للكويت عام 1990 وأجرت العديد من المناورات إلى غاية جويلية 1994 أين وقعت على اتفاقية تعاون دفاعي والتي أسست لتخزين عدد كبير من الأسلحة والعتاد في الفجيرة وفي جبل علي، كما وقعت البحرين على اتفاق التعاون الدفاعي بتاريخ 27 أكتوبر 1991، ومنذ جويلية 1995 استضافت البحرين الأسطول الأمريكي الخامس، واستغلت أمريكا بعد 11 سبتمبر 2001 مطار المحرق وميناء سليمان وقاعدتي الشيخ عيسى والجفير الجويتين، أما من جهة سلطنة عمان فقد كان تعاونها مع الو.م.أ منذ الثمانينات ولكنه ازداد بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بعد السماح باستغلال قاعدتي المثنى الجوية وقاعدة مصير العسكري22 .

يبدو أن الو.م.أ قد أبدعت أسلوبا جديدا في المداخل ونظام تعويض النفقات هو إنتاج وتصدير الأسلحة وخصوصا بمناسبة ما سمي الحرب العالمية للإرهاب، فرغم ما تقوم به الو.م.أ من جهود لمنع إيران والدول التي لا تساند سياساتها من امتلاك الأسلحة إستراتيجية إلا أنها لا تتورع عن بيع الأسلحة لدول معينة وفي نفس النطاق الإقليمي، فقد حصلت المملكة العربية السعودية على أسلحة قيمتها 50 مليار دولار من الو.م.أ، كما وقعت في أواخر سنة 2005 مذكرة تفاهم بقيمة 19 مليار دولار لاقتناء 72 طائرة قتالية وصواريخ أرض جو بعيدة المدى، وحصلت الإمارات على ما قيمته 5253 مليار دولار منذ 1997 إلى غاية 2006 كقيمة لأسلحة بحرية، جوية وبرية من الو.م.أ23

الخاتمة:

إن ما ينبغي الإشارة إليه هو أن اختيار الولايات المتحدة الأمريكية للحل العسكري لأكثر قضايا الخليج حساسية جلب لها مزيد من مشاعر الكره من طرف العرب و المسلمين، ولكن جلب لها مزيد من القوة والهيمنة الإستراتيجية على المستوى الإقليمي والعالمي، حيث تسلم الواقعية الهجومية بان البيئة الدولية فوضوية وذلك راجع لغياب سلطة عليا مهمتها فرض الأمن والنظام . وعند الواقعيين الهجوميين الدول فواعل عقلانية لا تنخرط في نزاعات إلا عندما تشعر بالتهديد، ولكنها ما تلبث أن تتبنى هذه سياسات التوسع وذلك لما تفرضه متطلبات البيئة الدولية لتكون أكثر قوة من باقي الدول وهو ما ينطبق على حالة الدراسة هذه.

يمكن تلخيص ما سبق في المعادلة السياسية التالية: ما إن تتميز منطقة بعوامل جغرافيا السياسية فإنها ستتحول إلى رهانات جيو سياسية يتم تحقيقها عن طريق القوة العسكرية إذا تحولت إلى أهداف جيو استراتيجية.  أو المعادلة الرياضية التالية: نفط + قوة = هيمنة.

 التهميش:

-[1]عبد الجليل زيد مرهون،امن الخليج بعد الحرب الباردة، ط.1 (بيروت: دهر النهار للنشر 1997 )، ص.44

2-  يمكن مراجعة الموقع الالكتروني: http://forum.illaftrain.co.uk/t9357/

3- يمكن مراجعة الموقع الالكتروني:

http://www.al-shorfa.com/cocoon/meii/xhtml/ar/features/meii/features/2008/09/24/feature-

4 راجع الموقع الالكتروني: http://www.alfanonline.com/show_news.aspx?nid=310336&pg=1

5- برادلي، تاير، السلام الأمريكي والشرق الأوسط المصالح الإستراتيجية الكبرى لأمريكا في المنطقة بعد 11 أيلول، تر: عماد فوزي الشعيبي، ط.1 (بيروت: الدار العربية للعلوم،2004)، ص.15.

-6 محمد نصر مهنا، مصادر التهديد الداخلية والخارجية للأمن القومي العربي، (الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث، 2004)، ص.109.

* أممت العديد من الدول إنتاجها النفطي قبل وبعد هذا التاريخ.

-7 ألكسندر دوفاي، “الجيوسياسة”، دراسات إستراتيجية، 04 (جويلية 2007)، ص.ص، 88. 91.

8-  Stéphane rosier, géographie politique et géopolitique une grammaire de l’espace politique, (paris : ellipses, 2003),p.21.

9- زيبغينو بريجنسكي، رقعة الشطرنج الكبر الأولية الأمريكية ومتطلباتها الجيوستراتيجية، تر: أمل الشرقي، ط.1 (عمان: الأهلية للنشر والتوزيع،1999)، ص.48.

[1]0 يمكن مراجعة الموقع الالكتروني التالي:

 http://www.aljazeera.net/NR/exeres/26A238B8-91D8-4637-A63D-276B934692B1.htm

-[1]1 يحي عقاب ، العراق في زمن الاستثناء، ط.1 (الجزائر : دار الكتاب العربي، 1999)، ص.19.

[1]2 سعد البزاز، حرب تلد أخرى: التاريخ ألسري الحرب الخليج،ط.3 (عمان: الأهلية للنشر والتوزيع، 1993)، ص،43.

-13راجية إبراهيم صدقي، “التوجهات العامة لردود الفعل الدولية” السياسة الدولية  102 (اكتوبر1990 ) ص. 101.

-14سامي عصاصة، هل انتهت حرب الخليج؟ دراسة جدلية في تناقضات الأزمة ،ط.1 (بيروت مكتبة بيسان، 1994) ص،427.

-15 حسام الدين كساب متولي، شواتزكوف في الخليج –النص الكامل لمذكرات نورمان شواتزكوف ،ط.1 (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1993)، ص.207

-16 نفس المرجع، ص.211.

-17  أسامة عكنان، إعصار الخليج : رياح الشرق تهب على مستقبل العالم (الجزائر دار الشهاب.1991) ص.168

 18– أبوبكر الدسوقي، ”العراق و العقوبات الذكية،” السياسة الدولية 145 (جويلية 2001)، ص.152.

19-أحمد إبراهيم محمد، ”حرب العراق و تحولات الفكر الإستراتيجي الأمريكي،” السياسة الدولية 153 (جويلية2003)، ص.ص ، 112.117.

20- ليون هارد، عاصفة الصحراء فشل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، ط.1(بيروت: الدار العربية للعلوم، 2005)،ص.127.

21- يمكن مراجعة الموقع الالكتروني:www.caus.org.lb/pdf-emagazine.articles/19-04.pdf

22- يمكن مراجعة الموقع الالكتروني:

    25B72F66ED4B,frameless.htm:  http://www.aljazeera.net/NR/exeres/18405C9C-35B5-493F-99F0-23- سايمون ت ويزمان، “عمليات نقل الأسلحة على الصعيد الدولي،” في  التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي ،ط.1 (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2007)، ص 590.

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …