الرئيسية / النظم السياسية / الحكومات الإقليمية والمحلية / علاقة المواطن بالإدارة الحكومية بين الأزمة ومحاولات الإصلاح
علاقة المواطن بالإدارة الحكومية بين الأزمة ومحاولات الإصلاح: الجزائر نموذجاً
علاقة المواطن بالإدارة الحكومية بين الأزمة ومحاولات الإصلاح: الجزائر نموذجاً

علاقة المواطن بالإدارة الحكومية بين الأزمة ومحاولات الإصلاح

علاقة المواطن بالإدارة الحكومية بين الأزمة ومحاولات الإصلاح

: الجزائر نموذجاً

 د: قاسـم ميلـود 

)جامعة قاصدي مرباح ورقلةالجزائر)

الملخص:

نتعرض في هذه الورقة البحثية الى التركيز على أهم الأسباب التي جعلت العلاقة بين المواطن وإدارته تكون متأزمة ، ولعل أهمها يعود إلى أسباب تاريخية ترجع إلى البناء الهيكلي الأول للجهاز الإداري الجزائري وكذا الخيارات الإستراتيجية التنموية في مجال التنمية المادية والبشرية التي ألقي تنفيذها على جهاز إداري غير كفئ.وبالرغم من ذلك فقد كانت هناك محاولات جادة للتخفيف من شدة أزمة العلاقة سوف نحاول التطرق إليها في هذا المقال.

Abstract:

In this article we are going to focus on the mean causes that  make relationship between citizen and administration be in conflicts  that is due to historic. structural and human causes .we are going to explain those causes and include the different governmental attempts   to resolve the problem.

الكلمات المفتاحية.  

المواطن ، الإدارة ،الإصلاحات الاقتصادية، البيروقراطية، الأزمة وإعادة الهيكلة.

مقدمة:

أود في البداية أن أشير إلى أن الدراسة التحليلية لمعرفة علاقة الإدارة بالمواطن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنحصر في مجالها الإداري، بمعزل عن مجموعة المؤثرات الساسية والاقتصادية والتاريخية التي عاشتها الجزائر, فالعلاقة بين الإدارة والمواطن لا تقتصر على تأدية خدمة عمومية معينة،بقدر ما يتعلق بكمية السلطة لكلا الطرفين بإعتبار أن صاحب السيادة هو الشعب.والجزائر في حقب عديدة من تاريخها المعاصر إلى حد الساعة,بقي مفهوم المواطنة وسيادة الشعب تستلهم إلا من خلال النصوص والتشريعات الرسمية، دون اللجوء إلى تفعيلهاوتوثيقها على أرض الواقع، ونظرا للاختلال في التركيبة الإجتماعية والإقتصادية وكذا على مستوى السلطة، فإن أزمة اليوم ماهي إلا تعبير على تناقض التصور لدى أصحاب السلطة في مدى صياغة برامج ومشاريع تتأقلم والمحيط البيئي الإجتماعي الجزائري.وبصرف النظر عن التكلفة الإجتماعية والإقتصادية لميكانزمات التحول من نمط إلى آخر, فإن الأزمة باتت تتهيكل وتنمو في كنف طبقة معينة،أصبحت السلطة تتداول فيما بينها برغم من إيمانها الشديد بطرح مفهوم التغير الجذري كأسلوب للتنمية الشاملة دون مراعاة الانعكاسات الخطيرة على الجانب الإجتماعي.

ومن هذا المنطلق سوف أحاول أن أجيب على التساؤل التالي: ما هي الأسباب والعوامل المختلفة التي أثرت على علاقة الإدارة مع المواطن في الجزائر ؟ وكذا أي إستراتيجية إصلاحية انتهجتها الجزائر لمعالجة هذه الأزمة ؟

1-دور العامل التاريخي والسياسي:

 1) فترة الحكم العثماني:

عند تحليلنا لتطور الدولة الإسلامية خلال حقب تارخية متتالية،تستوقفنا مرحلة بارزة إتسمت بالإنطلاقة المبدئية لإختلال موازين الحكم وتقلبات الأفكار السياسية، مما جعل الكثير من المؤرخين يصفونها يالمنعرج الخطير الذي مالت إليه أنظمة الحكم في الدولة الإسلامية وقد تحددت هذه المرحل بفترة حكم الأمويين بقيادة معاوية بن أبي سفيان الذي تقلد منصب الخلافة دون اللجوء إلى مرتكزات الخلافة المتعارف عنها آنذاك، فأضحى الملك عضودا بصرف النظر عن المؤهلات الشرعية والشخصية في تولي زمام الخلافة،ومن ثم نشأت وترعرعت فرق إسلامية متباينة الإتجاه بين التيارات المتطرفة وأخرى معتدلة كان لها دورا أساسيا في خلق حراكا سياسيا غير مسبوق في تاريخ الأمة الإسلامية.وبالرغم من أن التاريخ الإسلامي قد أنصف في حكمه لما أشار إلى التطورات العمودية والأفقية التي انجزت على مستوى تنظيماتها الإدارية,وتوسعاتها الجغرافية, إلا أن التحليل الخلدوني قد أصاب عندما أرجع تقهقر هذه الدول بسب إضمحلال وازعها الديني و نظامها الأخلاقي، فأصبحت تتركز في حكمها على عصبيتها المتشددة وجبروت حكامها بحجة نشر العدالة الإجتماعية والحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية، وأرجح أن تكون أهم الأسباب في توالي سقوط الدولة الإسلامية وتفككها راجع إلى تهميش الثلة المثقفة والمفكرة في إعادة تأطير مافككته الظروف،وانزواء ثلة قليلة على نفسها بالإستحواذ على جميع منافذ السلطة بالقوة.

ولئن استهلت بهذه المقدمة حتى أضع الحكم العثماني موضع الميزان :

  •  التنظيم الإداري في الإدارة التركية:

لم تلجأالسلطة العثمانية إلى تغيير جذري في التنظيمات التي وجدتها قائمة على أرض الجزائر.” حيث احتفظت الجزائر إلى حد ما في عهد الأتراك بالتقسيم الإجتماعي الذي حدث خلال الحقالتاريخية التي سبقت العهد التركي”1

إلا أنهم اكتفوا بوضع فوق ذلك التقسم الإجتماعي تقسيما إداريا مرنا،يتميز بمحاولة التكيف حسب ماتفرضه الأحول المختلفة، فالنظام التركي يفضل الأسلوب الإداري المباشر عندما يكون ذلك ممكنا”2

وكان التنظيم الإدالري والسياسي على المنوال التالي:

تعتبر السلطة التشريعة كأعلى هيئة تقوم بين يدي مجلس يدعى:”الديوان” ويضم أكابر الدولة والرؤساء والعسكرسن , و تتكون السلطة التنفيذية من الداي الذي ينتخبه الديوان, ومجلس وزراء مؤلف من ستة اشخاص: (1)ـ خوجة الخيل للحرب(2)ـوكيل الحرج للجر(3) ـ الخزناجي لحساب المالية والدول(4) ـ الأغا، قائد الجند العام(5)ـ القبودان, رايس أمير الأسطول (6)ـ الباشكاتب, وزير الداخلية. وكانت الجزائر مقسمة إلى ثلاث عمولات: قسنطينة شرقا،تيطري وسطا، وهران غربا، وكان على رأس كل عمالة والي يدعى الباي, أما مدينة الجزائر وضواحيها فكانت موضوعة مباشرة تحت سلطة”الأغا” وزير الحرب و كانت العمالات مقسمة إلى أوطان, يدير كل وطن “قائد” يعمل بمساعدة شيوخ القبائل التابعة لوطنه. وما يلاحظ على التركيبة السلطوية في النظام العثماني أن أعضاءها كلهم عسكريون فكيف نتصور العلاقة بين إدارة عسكرية ومجتمع غريب عن الإدارة التركية.

  • علاقة المواطن الجزائري بالإدارة التركية:

لن يكون من الغريب أن نقيم هذه المرحلة من زاوية علاقة الإدارة التركية بالمواطن الجزائري التي كانت تتسم بالتسلط والتعسف خاصة فترة حكم الجيش الإنكشاري, أين كانت العلاقة ذات طابع مقايضة تمثلت في التحصيل الضريبي المستمر مقابل الحماية وحفظ السلام من الأعداء الأجانب  وفي الوقت الذي رفض الجيش الإنكشاري ضم الأهالي الأصليين إلى جيوشهم, فقد سمح هذا الأخير للأعالج (الأفراد الأجانب الفارين من ظلم الكنيسة)بالانضمام والحصول على حصتهم من الغنائم كبقية الأتراك, ويفسر ذلك أن الأتراك كانت لهم نظرة سيئة للمواطنيين الأصليين, ذلك أنهم كانوا لا يصلوحون للجندية وغير قادرين حتى للدفاع على مصالحهم الخاصةوأيضا استثناء الكراغلة من هذا الإمتياز, وقد وصف أحد المؤرخين فترة حكم الجيش الإنكشاري العثمانيين فروي أنهم أناس غلاض متعصبون، قليلو العلم والمعرفة، لا يرون خيارا آخر غير الحرب والقرصنة،متعطشين للسلطة والحكم،وكانت مجالسهم تعم بالفوضى وكثرة الكلام في آن واحد. أما نظامهم الإداري، لم يكن للباشات والأغاوات أي سلطة فعلية في كنف الجيش الإنكشاري بالرغم من أن هؤلاء الحكام هم عسكريون, فحكمهم إتسم بالمركزية المتشددة والتركيز البيروقراطي المنغلق, ولم يسمح للأهالي المحليين في تقلد وظيفة إدارية4 .لذلك كان المواطن بعيد كل البعد عن إدارته من حيث مشاركته, وما يمكن إستخلاصه من هذه المرحلة أن تقلد المناصب الإدارية و العسكرية في النظام العثماني,كان قصد تحقيق مصالح شخصية ومآرب ذاتية, لذلك برزت في هذه الحقبة سلسلة الإغتيالات والإنقلابات من طرف الجيش الإنكشاري, وفي هذا الصدد يقول د.سعد الله”… ذلك أن معظم البشوات قد ساروا في نفس الطريق، الإستلاء على السلطة بالعنف, وظلم الناس مع الأموال والقيام بمناورات والتظاهر بالتدين,ثم السقوط بنفس الطريقة وهي العنف والنهاية الدموية التي لا يراعي فيها أخلاق الأحياء ولا حرمة الأموات…”5. من خلال تحليل نظام الإدارة العثماني,يبدو أن طبيعة هدف الحكام بتر جزء كبير من مصلحة المواطن،فأصبحت إدارة عسكرية تحاول أن تكيف موقع سلطتها لجلب المال والمصلحة الخاصة؛مبتعدة بذلك عن كل خدمة عامة, يقول أحد الكتاب:”إن الإدارة العثمانية كانت أقرب إلى الإدارة منها إلى الإدارة المحلية أو الشعبية، فلم تعتني بالمواطن أو العمل على تحقيق أهدافهم ومطامعهم, بل إهتمت بالحفاظ على مصالح الطبقة الحاكمة وعملت على خدمة الحكام العسكريين”6.

إذن نخلص إلى أن مرحلة الحكم العثماني قد أبعدت المواطن من المساهمة في تقلد أي وظيفة إدارية, وان الإدارة العثمانية تميزت بالتنظيم البيروقراطي المغلق, فكانت ترفض أي محاولة إصلاح أو تغير في أنماط التسير الإداري بالرغم من أن علاقتها الخارجية مع الدول الغربية كانت مفتوحة على مصرعيها7،ونتيجة لهذه العلاقة التنافرية بين الإدارة العثمانية والمواطنيين الأصلين,تسبب ذلك في زعزعت قواعد النظام التركي،حيث رفض الأهالي تسديد ما عليهم من أتاوي وضرائب كي تدفع كأجورللجنود وتمويل عمليات الأسطول الذي كان في حرب مع الأسطول الفرنسي، فأضعف قوة الجيوش البحرية العثمانية أمام ضربات العدو، وتمت الهزيمة الكبرى التي نتج عنها تفكك وتقلص المستعمرات العثمانية ثم الرجوع إلى نقطة البداية.

 ب-الإدارة الجزائرية أثناء الحكم الإستعماري:

بالرغم من ان فرنسا تعتبر مهد نشأت و تطور النظم الإدارية و القانونية،إلا أن تطبيقاتها على مستوى الأقاليم ما وراء البحار لم تكن بالطبيعة التي كانت عليها داخل فرنسا، فالفلسفة الإستراتيجية للسياسة داخل المستعمرات مبنية على أساس تنظيمات إدارية مركزية و محلية قامت على المصلحة الخاصة ولم تقم على خدمة المواطن الجزائري.

  • محاولات التكيف وفشل السياسات:

 لقد إنتهجت فرنسا الإتجاه الذي يدعوا إلى الإدماج الكلي على مستوى الأنظمة الإدارية والإقتصادية والسياسية وأضحت إصلاحاتها تسعى للتكيف و التأقلم مع الأوضاع السياسية التي كانت تطفوا على سطح المجتمعات المستعمرة،إذ يمكن الإشارة إلى ثلاثة إصلاحات رئيسية قامت بها الجمهورية الفرنسية على المقاطعة الجزائرية, كان أولها صدور قانون 20 سبتمبر 1947، الذي نص على أن الجزائر مجموعة مقاطعات ذات شخصية مدنية وإستقلال مالي وتنظيم خاص, وضع على رأس مجموعة مقاطعات الجزائر حاكما عاما يعينه رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء ويتبع وزارة الداخلية، وله سلطة إصدار اللوائح و الدفاع وحفظ السلام، وله الرئاسة على قائد القوات البرية، البحرية والشرطة وكذا يمثل الجزائر في مقاطعة كمدير تحت رئاسة الحاكم العام, ويعاون الحاكم العام سكرتيرا عاما و كذا مجلس الحكومة الذي يتكون من ستة أعضاء، ولم يلبث أن أرسيت دعائم هذا النظام حتى صدر قانون 5 فبراير 1958 الذي ألغى أحكام القانون السابق و أرسى فلسفة جديدة8    وقواعد إدارية تتماشى والمطلب الشعبي في المشاركة الشعبية في تسيير شؤن البلاد. حيث أعلن صراحة أن الجزائر جزء متمم من الجمهورية الفرنسية وأن مقاطعتها المجمعة في أقاليم تدير نفسها بحرية وديموقراطية لشؤونها الخاصة،وأن الجمهورية تكفل كل الحقوق والواجبات بنفس الكيفية التي يتمتع بها المواطن الفرنسي. وقد تزامن هذا القانون بالثورة الشعبية العامة التي مافتئت أن زعزعت قواعد الحكم الفرنسي و أضحت تهدد الوجود الاستعماري. لقد أحدث هذا القانون تحولا جديد في الإدارة المركزية والمحلية, أوجد على مستوى كل إقليم مجلس إقليمي للجماعات تتكون من المواطنين الذين يتبعون قانون الأحوال الشخصية المحلي، إلا أن تنفيذ هذا القانون لم يدم أكثر من 4 أشهر إذ في 13 مايو 1958،حيث وقع انقلابا عسكريا في الجزائر وثار خلالها المستوطنون برئاسة شارل ديغول,        ومن ثم ظهرت إلى الوجود فلسفة جديدة في مجال التعامل مع الشعوب المستعمرة،انعكست على  مصلحة المواطنين المحليين، إذ تم استحداث وظائف إدارية جديدة أهمها9: وضع على رأس كل مقاطعة مدير وعلى  رأس كل دائرة وكيل ،وهم من نفس كادر المديرين في دول الأصل ، تحت رئاسة مفوض عام, وكان يوجد في كل من وهران والجزائر وقسنطسنة مفتشا عاما ـإداريا فوق العادةـ حيث كان يختص بالإشراف على السلطات العسكرية والمدنية10. ولم يكن من السهل إصدار قانون يعترف بصفة المواطنة للشعوب المستعمرة، إذ أثار موضوع الحقوق السياسية والمدنية للمواطنين ماوراء النحار جدلا قانونيا كبيرا حول الصيفات الشخصية والذاتية لمنع صفةالمواطنة وماينجر عنه من تعصب لنفس الحقوق و الواجبات على غرار المواطن الفرنسي، وفي هذا المجال، صدر قانون 5 فبراير 1958، حيث أعلن في المادة الأولى على أن جميع مواطني الجمهورية الجزائرية يشتركون في السيادة الفرنسية، عن طريق ممثليهم في البرلمان وهم أيضا ممثلون في الجمعيات الأخرى، كما نص على أن كل المواطنين على قدم المساواة يتمتعون بكل الحريات المرتبطة بصفة المواطنة11.وامتد هذا التعديل إلى إعطاء للجزائرين حق التمثيل البرلماني المناسب لعدد السكان(67 نائبا,31شيخا), وقد صرح ديغول أن 10% على الأقل من الوظائف العامة سيحتفظ بها المسلمين.

و بالرغم من هذه الإصلاحات على المستوى القانوني الذي جاء ليمتص الغضب الجماهيري وقمع الثورة الجزائرية, تم تجسيد ميدانيا على المستوى المحلي, إذ أن أغلب البلديات التي أنشئت بسب تواجد العنصر الأوروبي الذي يشكل أغلبية بالمقارنة مع المسلمين, وهي بلديات مختلطة تحت السلطة العسكرية, وكان يشرف على تسييرها شخص يدعى المسير معين من طرف الحاكم العام تساعده لجنة بلدية, ويتمتع بسلطات متقاربة مع سلطات الشيخ(رئيس البلدية)12.

على ضوء ماتقدم,يظهر لنا أن الإدارة الإستعمارية كانت تسعى إلى التحكم الإداري والإقتصادي على كل الأصعدة بدون إشراك حقيقي للمواطنيين الأصليين، وكان هدفه تحطيم القاعد الإقتصادية وطمس الشخصية الإسلامية، إلى جانب ترسيخ أساليب العمل الإداري التي تتناقض والمنطلقات الفكرية والحضارية والثقافية13 ومن هذا المنطلق، نفهم أن البيروقراطية المريضة(البيروماتولوجيا) «التي تعرفها الجزائر اليوم هي في الحقيقة وليدة الإدارة الفرنسية إبتداءا من الإجحاف في فرض الضرائب وإستخلاصها »14.

ج- فترة مابعد الإستقلال:

نذكر جميعا كيف إستطاع حزب جبهة التحرير الوطني إقناع جميع التشكيلات السياسية الإنزواء تحت قيادته لمحاربة ومكافحة الإستعمار وإختيار الكفاح المسلح كأداة للاستقلال، إلا أن الإشكال قد برز على الساحة السياسية في خلال إنتقال الهيئات الدستورية من الحكومة الفرنسية إلى الحكومة الجزائرية المستقلة، وهنا بدأت بذور الصراع تنمو وتطفو بفعل اختلاف التصورات وكيفية بناء النظام السياسي والإقتصادي الجزائري، ولقد ظهر جليا أثناء المناقشات التي دارت في إجتماع المجلس الوطني في طرابلس أين تباينت الآراء بشأن النظام الذي سيعتمد،حيث انعدم ذلك الإتحاد ووحدة الرأي، وكثرت وجهات النظر وتباينت بسب إختلاف ثقافات أعضاء المجلس ومصادرها، إذ بادرت فئة من المجلس إلى إقتراح نظام برلماني تعددي يضم كل التشكيلات السياسية بإعتبارها شاركت هي أيضا في العملية الثورية،في حين اقترح البعض الآخر إقامة نظام إشتراكي يراعي الخصوصيات الاجتماعية وبالتالي تكون السلطة مركزية بقيادة الحزب،وبين هذا وذك, نشب صراع حاد في كيفية تبني النظام الأمثل مما جعل صاحب القوة المادية(العسكرية) يفرض سيطرته بقيادة حزب جبهة التحرير الوطني وهنا يمكن أن أنطلق من ثلاث تصورات في حياة النظام السياسي الجزائري: التصور الأول: الذي تم فيه السيطرة الكلية لحزب جبهة التحرير الوطني إلى غاية1965 التصور الثاني:أين كان الحزب مجرد أداة في يد السلطة توظفه لإحتواء القاعدة الشعبية وكان ذلك مند قيام نظام 10 جويلية 1965.التصور الثالث: وأسميها فترة الخطاب الجاد أين ألصقت جميع الإنحرافات البيروقراطية وأنماط التسيير الفاشلة بسلوكيات الحزب الواحد وهذه الفترة تسمى بفترة الهيئة الإصلاحية.إلا أنه وفي كل مراحل تطور النظام السياسي إلى غاية إقرار التعددية الحزبية, أثبت النظام السياسي فشله في إحتواء التغيرات السريعة للأزمة الإجتماعية والإقتصادية بالرغم من التطور المادي الحاصل على مستوى القاعدة الإقتصادية, منذ الإعلان عن الثورة الصناعية, وبسبب موقع الحزب من الإدارة الجزائرية,فقد تم تركيز هذا الأخير رقابته السياسية في كل مستويات النشاط الإداري مؤثرا بذلك على إستقلالية المجموعات المحلية و الإدارات العمومية, و مقلصا للحريات العامة في التعبير عن نفسها ومحددا أيضا سبل وأنماط النشاط الإداري,وقد أنتجت هذه الوضعية طبقة بيروقراطية وقفت حاجزا أمام عملية التنمية،واستخدمت المنصب الإداري لخدمة أغراضها الشخصية مبعدة بذلك كل محاولة تعبير الجماهير عن نفسها وعليه يمكنني أن أبرز مواقع الخلاف والتناقض على عدة مستويات:

على المستوىالإيدولوجي: فإن سلوك النظام السياسي الجزائري عمد إلى إحتواء الأزمة بواسطة توظيف المفاهيم السياسية المثالية15، ولم تكن تتسم بالعقلانية والموضوعية في تأسيس النظام العادل، بحيث أن المواثيق الدستورية تؤكد على أن جميع هيئات النظام السياسي والأجهزة الإدارية هي موضوعة لخدمة الشعب، بواسطتها يتم تحقيق العدالة الاجتماعية وأن القرار الأول والأخير يعود للشعب، وحين يرى المواطن الجزائري أنه يعيش بمعزل عن قضاياه بواسطة تقييد الحريات العامة وتوزيع مكاسب التنمية توزيعا غير عادلا فإننا سنتوقع الاستياء اتجاه سلطته السياسية.حيث أضحى هذا السلوك ينمو ويتراكم إلى غاية الإنفجار الشعبي الذي حدث عام 1988، وهنا يتجلى الضعف الإيديولوجي و العقائدي لحزب جبهة التحرير الوطني في إحتواء الأزمة.

على المستوى التنظيمي: إن نمط السلطة المركزية وسيطرة الحزب على جميع الأجهزة الإدارية حال دون توطيد و توسيع و توزيع السلطات بين الهيئات الإدارية والإقليمية، مركزا بذلك رقابته على كافة أعضاء التنظيم, ففي المرحلة الأولى من حكم  النظام السياسي الجزائري كانت الإدارة الجزائرية مسيرة سياسيا، أما في غضون توطيد أجهزة الحزب و إندماجها بأجهزة الدولة وصعود التيار العسكري بقيادة هواري بومدين ، أضحى الحزب مسير إداريا بالرغم من ان ميثاق طرابلس في ملحقه المتعلق بالحزب, حذر من تحول الحزب إلى سند وأداة للإدارة,مثل التي أظهرتها بعض التجارب المؤلمة في إفريقيا16إلى درجة أن الموظفين الدائمين للحزب طبق عليهم قانون الوظيف العمومي.

على مستوى القرار السياسي: فإن القرار كان يخضع لمعايير ذاتيه وتصورات شخصية ولم يوسع مجاله على كل الطبقات السياسية الفاعلةو نظرا لعدم وجود ديموقراطية حقيقية في بلورت القرارات الحاكمة, فحتى البرلنانلخم يحدد دوره في ظل تقويم دور الحكومة وسلطتها17, و هذا العامل كان سببا في بروز الأزمة السياسية الوطنسة في ظل الإصلاحات والنعددية, ولاشك أن الأحزاب السياسية الناشئة قد ركزت في خطابها السياسي على إنتقادالنظام السياسيمن هذا الجانب. إذا,هنا نخلص إلى القول بأن عدم إستقرار النظام السياسي حال عائقا أمام إستقرار الإدارة الجزائرية, ومن ثم فإن الإدارة عكست النظام السياسي ولم تعكس خدمة المواطن.

إذا,هنا نخلص إلى القول بأن عدم إستقرار النظام السياسي حال عائقا أمام إستقرار الإدارة الجزائرية, ومن ثم فإن الإدارة عكست النظام السياسي ولم تعكس خدمة المواطن.

2-دور الأزمة الإقتصادية:  

أ‌)     ظاهرة التصنع وتأثيرها في عملية التغير:

عرف النظام الإقتصادي الجزائري وتيرة سريعة في مجال الإستثمارات الموحهة نحو التصنيع المكثف, وذلك نتيجة للأوضاع الرديئة التي ورثتها الإستعمار الفرنسي وقد وقع الإختيار على إستراتيجة التصنيع الثقيل كأسلوب للتنمية الشاملة و السريعة, وتم التركيز في البرنامج والمخططات الوطنية على:

محاولت التقليل من ممارسة الإقتصادات البدائية.

بناء صناعة للتجهيز للموارد الأساسية الضرورية للتنمية وطنية.

تكثيف الإنتاج الصناعي في كل المستويات وكذلك تشجيع ااتكامل.

إنشاء وظائف لتشغيل وترقية العمال تقنا و إجتماعيا.

تنظيم المؤسسات تنظيما يجعل العامل منتجا مسؤولا في مؤسسته.

المساهمة في المبادلات التجارية مع الخارج لتصدير المواد المصنعة وأو نصف المصنعة.

ولدعم وترسيخ هذه الأهداف’فقد إعتمد النظام الإقتصادي على نظرية المفكر الفرنسي دوبرنس, التي التي ترتكز على نظرية الصناعات المصنعة, والتي تفترض فرضيتين: 18

1-لا يمكن إيجاد نمو زراعي بدون تنوع الصناعات/الصناعة و الزراعة ينموان في إتجاه واحد بواسطة إصلاح النبيات على مستوى الفلاحة.2-للقطاع التكنولوجي الخديث دور أساسي ومركزي في التصنيع/ تحقيق الإستقلالسة التكنولوجية بواسطة التحكم.

وبناء على إستراتجية التصنيع التي إنطلق فيها النظام الإقتصادي الجزائري فقد تم التركيز جميع الإستثمارات و الجهود القييمة نحوالتدعيم للقطاع الصناعي للأنتاج وساند للأنتاج, ويسجلمرحلة وجيزة أن الجزائر استثمرت أكثر بكثير مما إستثمرته اليابان في عشرين سنة, وهذا يؤكد نية السلطة في تحويل الينية الإقتصادية الجزائرية من طايع زراعي إلى طابع صناعي. بحيث كانت الجزائر تستورد أكثر من12%من التكنولوجيا الصناعية الموفر في السوق العالمية من مجموع إستيرادات دو العالم الثالث, وقد تم تقييم تنفيذ التخطيط المركزي على قسمين:

البرامج الصناعية المركزية التي تشرف عليها وتسيرها المؤسسات الوطنية.

البرامج الثناعية المحلية التليعةللبلديات والولايات,ومعروفة بالصناعة الصغيرة والمتوسطة وهي قطاعات صناعية إسنادية19.

وما يلاحظ عل الفترة الممتدة من(67/91) تطور القاعدة المادية دون النوعية بحيث من 1976إلى1991,قدر حجم الإستثمارات بـ 12118.216مليار دج, أي 40% من الناتج القومي على كل المخططات20 على الرغم من إن الجزائر كانت في حاجة إلى توجيه مجهوداتها الإقتصادية إلى العملية الإستثمارية, إلا أن قرار التصنيع المكثف والثقيل كان قرار غير إستراتيجي في عدة ابعاد:1-في بعده التنموي: نظرا لعدم خضوعه للدراسات العلمية المعمقة والحلول العقلانية لتصور حل الأزمة الإقتصادية, والشكل يبدو جليا في توظيف الإدارة المحلية والمركزية في ترشيد وتوجيه الإستثمار في حين كان الجهاز الإداري يشكو من قلة الإطارات الكفؤة وغياب التصولر العلمي الدقيق في إختيار الإستثمار الملائم للإقليم,إذ وفي<< إطار توزيع المشاريع وإقحام البلدية في العملية التنموية فقد لوحظ وجود تنافس عشوائي وحاد بين المجالس الشعبية البلدية, لاستجلاب النشاطات الصناعية, مما نتج عنه بقاء مناطق بكاملها على هامش كل تطويرأو تنمية, في حين وعلى عكس من ذلك, بدأت مناطق بكاملها تشكو من التصنيع الفوضوي, والراجع إلى عدم التحكم في التقنيات البالغة الحداثة>>21.

والمظاهر التي تجلت من وراء هذه العمليةونظرا لعدم التحكم الفني والتقني, فقد كانت على المنوال التالي:

يلاحظ إنخفاض معدل النمو الإقتصادي إلى 0.6%.

إنخفاظ مستوى الإستهلاك العائلي بنسبة 0.4%.

إنخفاظ الإستثمار بنسبة 4.2%.

تدني الخزون من المواد الإمتاجية بنسبة 156.6%.

هبوط الواردات بـ 16.4%22.

إذن التصنيع لم يراعي في ذلك الشروط العلمية والفنية.

أما في بعده الإجتماعي, يقول أحد الخبراء الجزائريين, أن الفلاح هو الذي حمل على عاتقه عملية التصنيع23. وهذا مايبرر ظاهرة النزوح الريفي بين سنة(1966-1977) مما أنتج ظاهرة الإكتضاض السكاني الذي قابله تصاعد في الطلب على المساكن افجتماعية, وتشير الإحصائيات إلى أنه كان سكان المدن 11.400.000ساكن عام 1995 بسبب الهجرة الريفية الحادة*, ولا شك أن الإدارة الجزائرية المكلفة بتوزيع السكنات وإنجازها بواسطة الشركات المحلية, واجهت عدة مشاكل من جانب التمويل, ولم تكن في مستوى الطلب الفعال للشريحة المحرومة من السكنات لذلك فإن أزمة السكن ظلت وستظل الشغل الشاغل للمواطن الجزائري, وبسبب الإجراءات البيروقراطية المعقدة وغياب سياسة واضحة في عملية الإسكان, فإن هناك الكثير من المواطنين الذين لايزالون يقطنون البيوت القصديرية منذ عشرات السنين.

ب-تفكيك العلاقة الإجتماعية في إطار سياسة التشغيل:

 بسبب التمركز غير المتوازن لمجموع الإستثمارات الصناعية وغير الوزعة بطريقة عادية عبر الأقاليم الوطنية,فقد تفاقم البحث عن العمل في المدينة وهجرة الأرياف بطريقة غير معقولة, وذلك بخثا عن عمل مستقر وأجر معقول, فقد كان العامل في المدينة يكسب 4 مرات ما يكسبه رجل الريف, ونلاحظ أن هذا العامل قد يتلقى عروض عمل في المدينة ننا انعكست مخاطره عل الجانب الفلاحي,بحيث أن هجرة الكثير من المواطنيين الجزائريين من الريف,و يعبر عن تركهم للأراضيهم وإهمال الجانب الفلاحي , ومن ثم ترتب على طلب العمل في المدينة أن كان التشغيل في المناطق الشمالية إنتقل من 9.2شخص للعمل الواحد عام 1966 إلى خمس أشخاص للعمل الواحد سنة 1987, في حين بقيت فرص التشغيل في المناطق الداخلية بعيدة عن هذه الضرورة, أما الجنوب فقد إنتقل معدل التشغيل من 7.2 إلى 6.5 عام 1987. وقد بدأت مشكلات التشغيل تظهر بوضوح أكبر في المناطق الوسطى بالخصوص ولاية الشلف, تسمسيلت, الجلفة, بجاية, برجبوعريريج, تيزي وزو,حيث أن معدل التشغيل في هذه الولايات وصل إلى 6.6 شخص للعمل الواحد, وقد أكد رئيس الحكومة أويحيى أن عدد الباحثين عن شغل قدر بـ17600000شخص وبهذا فقد وصل معدل البطالة عام 1987إلى 22.7%إلى  23.4%عام 1993%24.

ج- ازمة التضخم:

يعتبر التضخم من أكبر المعضلات التي تساعد في تقهقر معدلات نموالدول بفعل نقص الخبرة العلمية والفنية لبناء سياسة مالية واضحة وكذا عدم وجود سياسة في ترشيد الإنفاق, ويصف أحد الكتاب وهو”Henry wellich” التضخم على انه شكل من أشكال الخديعة, بل اكثر من ذلك, بما أن الحكومة نفسها تقوم بخداع المواطن بتقليص من قيمة نقدها الوطني”25.فبعدما كان الدولار الواحد يجاري 7.9 في جانفي 1990, فقد إرتفع سعره إلى 50 دج في عام 1992 ليصل 67دج عام 1999, مما يؤكد  أن ساسة الدولة المالية للقضاء عل التضخم الذي كان 10%سنة 1988 ليصل 60% عام 1991 بواسطة ثلاث سياسات رئيسية:

إعادة تقييم الدينار ليصل الى  سعره الحقيقي.

إتباع رفع الأسعار في المنتوجات الإستهلاكية الواسعة.

إتباع سياسة التقشف وخوصصة المؤسسات.

 ويرجع سبب التضخم الذي عاشته الجزائر خاصة بعد الثمانينات إلى إصدار كتلة نقدية, المقدرة بأكثر من 400 مليار دينار قصد إعادت هيكلة المؤسسات ماليا, التي لم يقابلها حجم سلعي على مستوى السوق, ونظرا لعدم التحكم  الجيد في كيفيات الإنفاق وترشيدها نحو الإستثمار المنتج للسلع إستهلاكية جديدة, فقد تم الإعتماد في التوسع الإستيرادي من دول أجنبية بمعدل سنوي قدر بـ 12% من صافي العملة الصعبة بين(80-84), بالرغم من أن حجم العملة الصعبة قدو وصل إلى 7.6 مليار عام 1984.

إن تفاقم حدة المديونية و شدة التبعية الإقتصادية للخارج,كان له إنعكاسات خطيرة على الإقتصاد الوطني مما جعل الدولة تنتهج سياسة جديدة نحو تغير طبيعة التسيير من تسيير موجه إلى لا مركزي بواسطة تحويل وخوصصة المؤسسات العمومية.

إن الإقتصاد الجزائري الذي هو إقتصاد مديونية لا يمكن أن يخرج من هذا المأزق إلا بإصلاح المؤسسات المالية ووضع تحت تصرف الخواص صرف المال وتوجيه نشاط وإنعاشها26.

 د-أزمة المؤسسات العمومية:

 بعد الفشل الذس عرض الإقتصاد الوطني في قدرته على تلبية حاخيات الجمهور والدولة, كان من الضروري- بعد صعود التيار الإصلاحي- إعادة النظر في أنماط إنتاج وتسير المؤسسات الوطنية., وبسبب التصور الجديد الذي حمله هذا التيار وكذا العوامل الداخلية المعرقلة والمتسبب في هلاك المؤسسات العمومية( ظهور الفرق الموازية المنافسة للمنتوجات المحلية, التمويل والتدعيم المالي للمؤسسات من طرف الدولة) وكذا الظروف الدولية( المتمثلة في سيطرة المؤسسات الأجنبية على الأسواق العهالمية ورغبة هذه الشركات في جعل من دول العالم الثالث سوق لمنتوجاتها)فقد تم الشروع في بلورة مجموعة من المراحل الممهدة للدخول في إقتثاد السوق و المتمثلة في:

  • إعادة هيكلة المؤسسات:

 بصدور المرسوم رقم 88-242 المؤرخ في 4 أكتوبر 1980والذي حدد أهداف

 إعادة الهيكلة في:

تحسين شروط تسير الإقتصاد وضمان التطبيق المحلي لمبادئ اللامركزية.

تدعيم فاعلية المؤسسات العمومية بالتحكم الأفضل في الإنتاج عن طريق إستعمال عقلاني للكفاءات والموارد المالية.

توزيع الأنشطة بكيفية متوازية عبر التراب الوطني.

وفي هذا الإطار تم التطرق إلى جانبين:

  • إعادة هيكلة العضوية للمؤسسات:

التي نتج عنها تفت في الأجسام المؤسساتية الوطنية, من 150 شركة وطنية 1980 وبتعمميم العملية إنتقل عددها إلى حوالي 480 مؤسسة عام 1982, وانتد ذلك إلى المؤسسات الولائية حيث إرتفع عددها إلى 540 مؤسسة ةإلى المؤسسات المحلية حيث إرتفع عددها إلى 1079, بعد أن كان عددها مجتمعتين لا يتعدى 430 مؤسسة بلدية وولائية27.

  • إعادة الهيكلة المالية للمؤسسات:

“يقول محمد بهلول بلقاسم” «أن معظم المؤسسات العمومية الإقتصادية تشكوا عجزا ماليا وتعيش على السحب من حساباتها المصرفية العضوية’ وهذا الإختلال التوازني المالي جعل من هذه المؤسسات تستقبل اعادة الهيكلة العضوية بعدم الإرتياح نظرا لنقص الإستعداد, وهي وضعية مالية ناتجة إلى حد كبير إلى تدخل ال‘دارة في التسير, وفرض أسعار غير اقتصادية على الإنتاج والخدمات ولعل ارتفاع الديون الإجمالية للمؤسسات العمومية إلى نحو 425مليار دينار في الثلاثي الأول في عام 1982 يؤكد هذا التقدير»28ونظرا لعدم وجود موارد مالية كافية في خزينة الدولة فقد تم اللجوء إلى إصدارات مالية جديدة لإعادة تطهير المؤسسات من ديونها الإجمالية, فعلى سبيل المثال تم تسجيل 100مليار دج عام 1992 كخدمات للديون العمومية من بينها51.3% لصالح البنوك.

ولم تكون الدولة في إنتظار نتائج الهيكلة, حتى شرعت في تطبيق مبدأ إستقلالية المؤسسات كخطوة ضرورية لتطبيق لامركزية التسير الإقتصادي إبتداءا من 1988 بهدف تحديد مجال العلاقات القائمة بين المؤسسات العمومية و الوصاية والتخطيط29, مع محاربة كل العراقيل البيروقراطية المعقدة السائدة في مجال تنظيم والتغيير الإقتصادي, ويكون قرار المؤسسة مستقل على كل تأثير إداري بواسطة إنشاء مجالس إدارية على مستوي كل مؤسسة.

وقد توازى شروع إستقلالية المؤسسات بصدور قانون العمل 11.90 الذي ينظم علاقات العمل ويحدد مجال المشاركة العمالية وحقوقهم داخل هذه المؤسسات , وفي إطار النظرة الجديدة في تسسر المؤسسات فقد أحل جزء من مراقبة الإنتاج والتسير الداخلي إلى النقابة العمالية, لكن بقدر ماأن هذا القانون كان متفتحا على الممارسات الديموقراطية الإقتصادية بالرغم من أنه زاد في تقيد العامل وتحديد من حريته,لكونه يعتبر تحويل و إنتقال من سلطة مركزية إلى سلطة إدارية تقديرية شخصية.

  • خوصصة المؤسسات والدخول إلى إقتصاد السوق:

 بعد فشل استقلالية المؤسسات وعدم قدرتها مع البيئة الإجتماعية والإقتصادية.
توجهت الجهود إلى خوصصة المؤسست العمومية, وتعني الخوصصة العمل الدي يهدف إلى التقليل من تدخل الدولة أو زيادة في دور القطاع الخاص في مجال نشاط معين, أي إشراك القطاع الخاص وإستغلاله في العملية الإنتاجية الوطنية وكذا أثبت القطاع الخاص قدرته في النحو والتسيير مماجعل الدولة تبادر في توزيع مال الخوصصة للقطاعات العامة, وقد أنشأ لهذا الغرض:الشركات القابضة, مجلس الخوصصة ومجلس مساهمات الدولة والنتيجة أنه بعد أكثر من 4 سنوات لم يتم بيعأية مؤسسة30بسبب عدم تحكم في أدوات الخوصصة وتدخل الإدارة في هذه العملية.

وقد نتج عن خوصصة تسريحأكثر من 500ألف عامل بفعل سياسة حل المؤسسات العمومية ووضعها في المزاد العلني, ولعل من أبرز المشاكل الإجتماعية التي يعاني منها المواطن الجزائري مثل (أزمة السكن, البطالة) يرجع إلى سرعة التحولات من نمط إنتاجي إلى نمط أخر.

إلى ان أوجدنا تناقض قطاعين غير منكافئين, قطاع اقتصادي ضعيف لا يملك القدرة على تحويل نفسه بنفسه ويستعمل موارد مالية ضخمة وقطاع اداري مركز غير منتج يتدخل في مكانيزمات التحول دون الإعتماد على دراسات معمقة واسنراتيجية.

وهنا أخلص إلى القول بما أنأي إصلاح سياسي او إقتصادي لا يولي اهتماما للعاكل الإجتماعي والثقافي للمجتمع مصيره الفشل وضياع الوقت والدوران في حلقة مفرغة.

3البيروقراطية الهجينة واثرها على علاقة الإدارة مع المواطن:

إرتبط مفهوم البيروقراطية,من جهة,عند الكثير من الجمهور بتلك التعقيدات والإجراءات المتشابكة التييواجهها المواطن أثناء طلب خدمة عامة من إدارته, وأضحى هذا المفهوم يتجلى في كثير من الخطابات السياسية والأدبيات العامة, محذرين من خطورة الممارسات البيروقراطية  وما قد ينجر من تأثيرات سلبية على النظام السياسي المتمثلة أساسا في فقدان الثقة والولاء. ام من جهة أخرىو فقد ذهب فريق آخر, إلىإختيار النموذج البيروقراطي كأنجع نظام تسعى من خلاله السلطة العليا إلى تحقيق أكثر فاعلية ونشاط أثناء تنفيذ البرامج والخطط التنموية, ومنه تحافظ على وحدة الأنساق والفروع الإدارية الخارجة عن السلطة المركزية. وهناك عدة نظريات ترفض تطبيق النظام البيروفراطي لكونه يعبر عن جهاز تسلطي إستبدادي يحقق فكرة الإستغلال, بيد أن أصحاب النموذج البيروقراطي يقبلون بهذا النمط على أساس أنه نوع من التنظيم الشرعي والعقلاني للإدارة في علاقتها مع دولة القانون, وهي تسيره بواسطة قوانين وتشريعات تنظم العلاقات الرسمية بين الموظفين وتحديد مجالات وأصناف الوظائف وتقيد النشاط و تحكمه.

وإذا كانت النظرة الأولى الرافضة للجهاز البيروقراطي كنمط من أنماط تكوين الدولة,فإن ذلك يرجع إلى المتركزات الإيدولوجية المبنية على نمط النظام الرأسمالي الإستغلالي,( المدرسة الماركسية), فيما يركز الإتجاه الثاني عل العقلانية و الرشادة في ىالتسيير ومن بين رواد هذه المدرسة أصخاب المدخل القانوني الرسمي( ماكس ويبر Max wieber) الذي حدد مجموعة من الخصائص يتميز بها النمط البيروقراطي وهي:

التدرج في السلطة في أي منظمة إجتماعية.

الصلة بين الأفراد أصيلة ورسمية وغير شخصية وهذا يربطهما بالقانون واللوائح الرسمية والتنظيمية.

إختيار المستخدمين يكون وفق قاعدة الكفاءة الفنية.

الترقية تكون على أساس نعاسسر موضوعية, هي الكفاءة والخبرة.

القدرات يجب أن تكون عقلانية.

 إلا أن الأمر يتعلق بتحديد مجموعة من الخصائص العقلانية الرشيدة و تطبيقها حتى نضمن فاعلية ونشاط على الأعمال الإدارية بواسطة النمط البيروقراطي, فمن مراحل تطور الدولة وتنوع الحاجات والخدمات الذي كان ملازما وموازيا لتنوع الإخنصاصات وتقيم العمل,وكذا الإختفات البيئية الإجتماعيةوالاقتصادية من دولة إلى أخرى , ظهر أن النمط البيروقراطي قد يصلح في دولة ما بقدر ما أنه يفشل في أخرى, على حد تعبير “ميشال كروزيه “الذي يرى أن النموذج البيروقراطي في إتخاذ القرار يتفق مع الخصائص الثقافية الفرنسية الأساسية التي تؤكد صفة المنطقة اللاشخصية والأطلاقية, وأن الفرنسيين لا يكرهون التغير بل يكرهون الفوضى والتناقض- ويقول أيضا:- أن التنظيم البيروقراطي هو الحل الأمثل لمشكلة الفرنسيين الأساسية حول السلطة, ويضيف, أن العجز البيروقراطي وسوء التسير والمركزية المتشددة وعدم القدرة على التكيف لا يمكن القضاء عليهابمجرد إصدار مراسيم »31.

وهنا يتبين ان الفروقات الحضارية و الإختلافات الفكرية التي تظهر على مستوى سلوك الأفراد وممارسات السلطة والتباين في درجة الحس المدني من منطقة إلى أخرى تجعل الدارس ينتبه إلى فكرة استيراد الأنماط والتنظيمات الخارجة عن البيئة الأصلية، ما هي إلا محاولة تثيت عجز المنتظم السياسي عل التكيف مع المعطيات المحلية, لذلك اذا كان هذا النمط ربما قد يضمن الخدمة فإن النمط البيروقراطي في معظم الدول وخاصة دول العالم الثالث قد أفرز مجموعة من الحواجز كانت بمثابة عائق أمام التنمية الشاملة, وبقدر ماكانت السلطات العليا في هذه البلدان تعتمد اعتمادا كليا على الجهاز البيروقراطي مع بسط سلطتها واستعماله في كل محاولةاصلاحية,بقدر ماكان هذا الجهاز نفسه سلاح تحول ضد إرادتها, لأنه في الأخير,يجب أن يستجيب إلى طموحات ورضا المواطنين, وبالفعل لقد انتج لنا هذا النظام كما يرى”ألفريد سوفي Alfred sauvy” عالم من الأوراق و اللامسؤولية والتباطئ وهو نمط- كما يرى الفريد- يركز صنع القرار عند مجموعة محددة مما يضعف من دور الإدارات الفرعية المحلية32.لأن تعريفها في الأساس هو ممارسة السلطة بواسطة المكاتب, كما ذهب لتعريفها لأول مرة-فان سان.دي قوري- Fansan.de.gouri-عام 331947.

وفي غياب التأطير علمي وأخلاقي راقيين, نتج عن الفاعلين الاداريين أن تحول مجال المسؤولية المحدودة إلى سلطة مطلقة بالرغم من أن القانون يخددها وينظمها, ونتج عن التسيير الفاسد مجموعة من المظاهر:

أ-على مستوى المنظمة:

تجميد قدرات الشخص وحصرها في عمل المتكرر بفل التخصص الإداري.

كبر حجم المؤسسة يؤدي إلى ضيلع الموظف وعدم إشباع رغباته النفسية والإجتماعية.

التميك بالقوانين والأنظمة وعدم التأقلم على محاولة ا صلاح أو تغير.

استغلال مستوى المسؤولية وحجم السلطة لأغراض ذاتية.

تضخم كبير في حجم القوانين والمراسيم وعدم قدرة الفاعلين فهمها وممارستها.

تقليص من حجم العلاقات الإجتماعية داخل المنظمة.

ب-في علاقتها مع الجمهور:  

وقد أنجر بفعل التنظيم البيروقراطي المتشدد عدة نتائج:

الإدارة من الفرع البيروقراطي المنغلق المتشدد لا تلبي حاجات المواطنين.

أن النمو البيروقراطي الناتج عن الإصلاحات لا يأخذ بعين الإعتبار الخدمة العموميةالتي يقدمها للمواطن بقدر مايحاول أن يثبت جذور السلطة القانونية

إن المواطن يشكوا من الإجراءات الشكلية المعقدة خلال تعامله مع المصالح المعنية بفعل تضخم القانون ونقص الثقة.

التماطل والتباطئ في تأدية الخدمة العمومية وتحويل القضايا من منظمة إلى أخرى.

أ‌-  أسباب نشوء وتطور ظاهرة البيروقراطية في الجزائر:

وجدت الجزائر نفسها غداة الإستقلال أمام أزمة متعددة الأبعاد, ففي مجالها السياسي, بدى الصراع واضحا حول نت ينزعم السلطة وكذا الإختلف في طبيعة التهج الذي يمكن إختياره, أما في المجال الإداري فكل الهياكل والتنظيمات الإدارية المركزية والمحلية قد أفرغت من العنصر الأوروبي,إلى جانب ذلك وجود جهاز إقتصادي ضعيف البنية والهيكلة,ولا ننسى أن الإستعمار بمفهومه المادي قد ازيح في معظمه ولكن خطورته بقيت مسنمرة مجسدة في مفهومه الثقافي, وأمام تحدي دولي وإقليمي, كان على الجزائر أن ترفعه خاصة بتبنيها التسيير الإشتراكي المسير ذاتيا كمنهاج وأسلوب للتنمية متعددة بذلك على تعبئة كافة الطاقات الحيوية في تحريك واستنهاض عجلة الإقتصاد الوطني,فكانت الطبقة السياسية الحاكمة بحاجة إلى طبقة من التكنوقراطيين أكثر من البيروقراطيين, لكونها سوف تعتمد عليهم من خلال تثبيتهم في مراكز إدارية لها علاقة في تنفيذ البرامج وتدعيم المشاريع بالتقنيين المختصيين.

وإذا كانت الإدارة الجزائرية تعيش حالة من الإنغلاق البيروقراطي الذي أفرزطبقة جديدة أضحت هي التي تمثل السلطة داخل الإدارة وليست السلطة السياسة هي الت تمثل السيادة,وهذا راجع إلى أن الجانب الحيوي المماثل في التنمية الإدارية عاجز على لعب دوره كمحرك ومحفز في تحقيق الفوائض المالي, وحسب رأي، فإني أرجع ظهور المظاهر السلبية للبيروقراطية لعدة أسباب أهمها:

أن سياسة التوظيف عل مستوى الإدارات المحلية والمجموعات المحلية في بداية الأمر, كان لا يرعي فيها شروط التكوين و التدريب المستمر .

أن الإصلاحات الإدارية المستمرة للمجموعات المحلية, لم تركز على نمط التسير اللامركزي كأسلوب ديموقراطي يشرك الإرادة الشعبية في التسيير.

أن التنمية الإقتصادية تكاد تكون منعدمة بالنقارنة مع الوحدات الإدارية المنشأةو خاصة بعد الثمانينات(إختفاء ظاهرة الإستثمارت الصناعية).

وقد ترتب عليه:

أن الجهاز الإداري أصبح الجهاز الوخيد الذي يستهلك من معدلا الدخل القومي الخام.

أن التسارع في لإرتفاع الأسعار وكذا تخفيض من قيمة الدينار مقابل ثبات في أجور الموظفين وعدم تحسين وضعيتهم الإجتماعية أدى إلى ظهور الرشوة والمحاباة.

أن كل عمليات التغير والإصلاح تمت في فترة شهدت فيها الجزائر أزمة متعددة الأوجه, وقد أوكلت هذه العمليات إلى إدارات و مجالس غير قادرة على تصور مفاهيم ومراحل الإنتقال, وبقيت المسائل المتعلقة بالخوصصة معلقة برغم وجود ثلاث هياكل رئيسية.

محاولة إستيراد النماذج الأجنبية بدون أن يراعى في ذلك خصوصية المجنمع الجزائري, فالنظام الديموقراطي لم ينشأ في كنف توفر مجموعة من الشروط المنطقيةمنها: درجة الوعي السياسي- نظام اقتصادي قوي, بنية مؤسساتية قائمة على فاعلين سياسيين نزهاء…إلخ.

1-    أسباب نشوء الأمراض البيروقراطية في الجزائر:

تزامن نشوء وتطور الأمراض البيروقراطية في الجزائر بموازات مع التقهقر الإقتصادي وعجز الأجهزة الإنتاجية على تحقيق فوائض مالية, السبب الذي جعل من الجهاز البيروقراطي للدولة ينفرد بمهة الإصلاح والتغيرو وبالرغمم من أن جميع الحكومات الجزائرية قد تعرضت في محنوى برامجها إلى خطورة الأمراض البيروقراطية وطرح مقابلها فكرة الإصلاح الإداري الشلمل لمعالجة أزمات الإدارة الجزائرية, لكن في كل الظروف نسمع ونلاحظ ونلمس استمرارية هذه الأمراض وتأصولها, وقد أفرزت هذه الوضعية حالة اللاأمن بين المواطن والإدارة, مما جعل رابطة الثقة بينهما تنحل وتحل محلها أدوات غير شرعية في التعامل, أضحت تقبل حتى عند المسؤولين الذين ينادون بفكرة الإصلاح الشامل, ومن الأسباب التي جعلت هذه الأمراض تنشأ وتتطور نذكر منها:

  • عجز في التصور وفشل في تثبيت أنماط التسيير:

عرفت الأجهزة الإدارية منذ الإستقلال حالة من  لا لإستقرار في أنماط تسييرها, بفعل اختلاف تصورات القيادات السياسيةالمتعاقبة على السلطة, فبين عام 1962إلى 1967, تم تم صدور عدة مراسيم وأوامر جاءت لتنظم وتحدد وظائف الهياكل المحليةوالإدارية, فكان مرسوم139.63,المؤرخ في23/05/1965الذي جاء ليقلص من عدد البلديات تطبيقا لمبدأ الإداري القائم على تجميع الوحدات الإدارية بقصد تفادي اشكالية التمويل التي كانت تشتكي بها البلاد,وبهذه الكيفية فقد قلص عدد البلدبات إلى 676 بلديةو وتم خلالها تطبيق سياسة التوظيف المباشر فاتحين الباب لكل من يعرف القراءة والكتابة أن يحص على وظيفة إدارية, وتظهر البذرة الأولى في نشوء الأمراض البيروقراطية كانت من خلال عدم اتخاذ سياسات تكوينية لهؤلاء الموظفين في القطتع الإداري, ويبدوا أن رئاسة الجمهورية قد تنبهت إلى العواقب المترتبة على الأمراض البيروقراطية التي تؤثر على مشروعية النظام السياسي وتقلل من مصداقية السلطة السياسية,لذلك فقد توجه الرئيس هواري بومدين عام 1967بخطاب جاء فيه-إذا كان قانون الوظيف العمومي قد ضمن للموظف حقوقه فإنه قد ضبط له أيضا واجباته, والموظف لم يقلد وظيفة كمورد له يستغله من غير مقابل,بل أن الوظيفة عبء ومسؤلية قبل كل شيء وأن الموظف في خدمة الشعب, وفي خدمة الأمة وليس العكس»34وقد أكد الرئيس حول الإنحرافات البيروقراطية من خلال خطاب قسنطينة عام 1974 بالرغم من أن الدولة هي التي سخرت هذا الجهاز بتكييفه مع متطلبات السياية التنموية. 35

وقد صدرت عدة مراسيم وقوانين تنظم المجموعات المحلية والإدارية المتمثلة في:

الأمر رقم 67.24 المؤرخ في 67.01.010 المتعلق بقانون الولاية.

والأمر الثاني رقم 69.38المؤرخ في69.05.03 المتعلق بقانون البلدية وقد جاء هاذين القانونيين ليدعما فكرة التسيير المحلي عن طريق الإدارة الشعبية. إلا أن العلاقة الت كانت تربط الإدارة المحلية بالمواطن صاحب السيادة, كانت في مجملها ضيقة بالمقابل أن العلاقة بين المجموعات المحلية والإدارة الوطنية كانت علاقة تبعية ومراقبة,ربما أن الجزائر تحمل من العقلية الفكرية والقانونية الفرنسية ما يجعلها تذهب إلى الإكثار من الإجراءات وتضخيم القوانين أمام طبقة الموظفين لازال, فكيف يتم الإنسجام على نستوى التصورات بين القمة والفاعدة الإفدارية, وإني أرى هذا السبب في تدعيم الإنحراف البيروقراطي هي السلطة السياسية بتطبيق سياسة التوظيف لمبدأ تحقيق المصلحة العامة على حساب التفكير العقلي الرشبد في تكوين شروط نجاح المشروع. وقد بدى من الضروري إعادة التنبيه لمخاطر النظام البيروقراطي على النظام السياسي الجزائري وكذا في نموه بمعزل عن الجمهور, من  خلال إعادة تقييم مرحلة التنميةالإقتصادية والإجتماعية في المؤتمر الإستثنائي للحزب المنعفد في 15و 18 جوان محذرا من الأدوار الذي لعبته البيروقراطية في التأثير على التنمية الإقتصادية وكذا عدم تفعيل أجهزة الرقابة في القضاء على الطبقة الطفيلية المدمرة والمؤثرة على أي تحول نحو الأحسن36 وبالرغم من ان التحذير كان من جانب الحزب الذي كان يعبر عن السلطة العليا,وحامي الدستور والقوة الطلائعية لأي مسروع فقد تم إظافة أجهزة إدارية جديدة في إطار إصلاح الإدارة العمومية ولم يقابله أي تنمية إقتصادية في المجالين. وهذان الإصلاحان كان يقصد بهما تدعيم المسار والتمثل الديموقراطي بواسطة مشاركة الهيئات القاعديةفي تسيير شؤونها الذاتيى,وتقريب الإدارة منها, ولقد إنجر عن التقييم84.09 اضافة 17 ولاية جديدة و836بلدية جديدة ليرتفع عدد الولايات إلى 48 ولاية وعدد البلديات إلى 1540بلدية, وما يلاحظ أن معدلات النمو بين الولايات تختلف حيب الحظوظ التي نالتها كل ولاية من التنمية الصناعية, وأن أغلب البلديات تشهد عجزا ماليا كبيرا بفعل عدم وجود موارد مالية سواء من الدولة أو القطاع الضريبي, و بالرغم من أن هذه الوحدات في شكلها تعبر عن الإدارة لكن في مضمونها – نقصد البلديات المعزولة- لا تعبر سوى على هيكل كبقية الهياكل الشكلية الأخرى لأن مجال النشطات والعلاقات الإجنماعية له الأولوية قبل الإجراءات الرسمية البيروقراطية.

ومهما يكن فإن الأزمة الحادة التي عاشتها الجزائر أثناء العشرية قبل و بعد 1990, تؤكد أن الجزائر لم تكن بمستوى مسؤولية تصور المجال الإداري والتشريعي الذي يمكن وضعه لتسير الشؤون الإدارية و الإقتصادية .حتى في ظل الدول الديموقراطية الحديثة, فقد أثبت أن الإنحرافات البيروقراطية أقوى وأشد من مثيلاتها في الأمظمة الأحادية و بالخصوص في الدول المتخلفة التي يظهر شكلها ديموقراطي متفتح على الخارج ويقبل بقانون السوق وجوهره أناس يبحثون عن الإمتيازات والتوزيع الغلل بطرق غير شرعية, فهنا أطرح السؤال في ظل دخول الجزائر في إقتصاد السوق وعملية التحولات التي مستها كل القطعات العمومية, وفي ظل ارتفاع الأسعار وإضعاف الإمتيازات للإداريين, كيف نتصور علاقة المواطن بالإدارة وهل يمكن بواسطة الإرادة الشعبية أن نقضي تماما على الأمراض البيروقراطية, وهنا أريد أن أقول أن أمراض البيروقراطية تنتج عن جانبين:

تنتج عن سياسة الدولة في مجال التكوين, تحديد الإجراءات وتعقيدها, وتضخم في مجال القوانين.

تنتج من خلال ذاتية الموظف,من حين أخلاقه,إمكانيات التنظيم.

 وفي هذا المجال يقول أحمد محيو:« يتعلق الأمر بغياب نظرة مستقبلية وتخطيط واقعي لتحقيق التوازن و الأهداف’ أن الفارق والحلول المقترحة من طرف الإدارة يستنتج عند اختلال في الوظيفة الذي يفرز كومة من الأوراق والملفات»37.

إذا, فتصور المسؤولين انمط قيام الإدارة وتحديد مراميها وأهدافها,لم تنبع من اناس مختصين في التمظيم الإداري وليست لهم القدرة على تصور قدرة المؤسسات في تجسيد نفسها بنفسها بإشراك الإرادة الشعبية, وربما يطرح سؤال آخر, لمذا يتكرر مصطلح “خدمة المواطن ” في كل الخطابات السياسية في خين أن السلطة السياسية تولي الأمر إلى أناس ليست لهم القدرة على تصور طبيعة الخدمة وكيفيات التعامل مع الجمهور’ ولهذا نجد الأمراض التي مافتئت تنتشر عبر كل التنظيمات الإدارية نذكر منها:

–        الإهمال وسوء معاملة الجمهور.

–        بروز ظاهرة المحسوبية والواسطة وأثرها على مبدأ تكافئ الفرص.

–        استغلال وسائل وأدوات الدولة للكسب غير الشرعي.

–        طبيعة الإمتيازات وندرتها, ساعد في بروز ظاهرة الرشوة.

ولا شك اذا تعمقنا النظرة في هذه المظاهر نجدها كلها تستند إلى مجموعة من الشروط والعوامل التاريخية السياسية منها والأخلاقية الإجتماعية.فإذا كان الأمر على سياسة الدولة في القضاء على جزء من الأمرض البيروقراطية بتبسيط الإجراءات وفرض سياسة تكوينية محددة’ فكيف يمكن للدولة أن تسيطر على أخلاقيات الموظف وتوجه سلوكه؟

ولعل من بين العوامل و الأسباب التي ساهمت في تأزم علاقة المواطن مع الإدارة ونشوء ظاهرة البيروقراطية الهجينة في الجزائر نذكر منها:

فشل أجهزة الرقابة الداخلية و الخارجية في تأدية أدوارها.

نقص التأطير وعدم العناية بفكرة التكوين.

ثبوت في أنماط التسيير وبقاء ظاهرة الروتين.

الخالة الإجتماعية للموظف وثبوت الأجر.

  • فشل أجهزة الرقابة الداخلية و الخارجية في تأدية وظائفها:

يتفرع النظام السياسي الجزائري عموما إلى ثلاث أجهزة تمارس رقابنها على أعمال الإدارة- المجالس الشعبية – المفتسية العامة للمالية- مجلس المحاسبة.

لقد أثبتت هذه الأجهزة عدم قدرتها على مراقبة أعمال الحكومة و الإدارة, نظرا لعدم توفر الأدلة المادية والدعوة الصريحة المعلنة,وفي هذا الصدد نشير إلى العناصر الرئسة التي لها رفلبة فعلية حقيقية على الإدارة منها:

دور النائب البرلماني الذي كرست له كل الصلاحيات للأطلاع على الوثائق والمعلومات اللازمة من الإدارة المعنية وكذا حضوره جلسات المجالس المحلية دون التصويت أو المعارضة38.إلا أنه حتى في عهد التعددية, ومن خلال مواقف بعض النواب,فإن الجميع يجمع على دور الإدارة في تزيف الحقائق والبيانات وكذا التحجج بفكرة السر المهني. ومن جهة أخرى فإن القانون يسمح للمواطن أن يحضر الجلسات والإطلاع على مداولات المجلس, إلا أنه غالبا ما يمنع من الحضور بحجة أنها جلسات مغلقة وسرية, فلا أدري أين تكمن هذه السرية.

لم يلعب مجلس المحاسبة دوره الفعال في العملية الرفابية حيث يقول حسيين بهلول «… مع الأسف أنه رغم النشاط الواسع الذي أبداه مجلس المحاسبة في فتح العديد من الملفات والإستدعاءات العديدة للإطارات المسيرة والشخصيات السياسية قصد التحقيق معها, ورغم الزوبعة الإعلامية التي رافقت دراسة الملفات إلا أن النتيجة كانت مخيبة للأمل,فقد صدرت إدانات جديدة, خلال المحاسبة الأولى من الثمانينات, وحبس إطارات مسؤولين محليون ومركزيون, وتسرب البعض إلى الخارج هروبا من العقاب, ولكن العجب العجاب هو أن الكثير الذين أدينوا أو خبسوا, أطلق سراحهم بعد مدة الحبس بملاحظة البراءة وعرضت عليهم مناصب سيادة العمل» 39. كما لا يجب أن ننسى فترة 1999 شهدت عدة إعتقالات لرؤساء بلديات محليون و مدراء شركات وطنية, وقد تم حبسهم بتهمة إختلاس أموال الدولة’, لكن بعضهم قد أطلق صراحه والبعض الآخر ينتظر, وهنا أطرح سؤال أين كانت أجهزة الرقابة حينما كانت أموال الدولة توزع في مشاريع غير مجدية. وبعدها يأتي نصريح أحد الإطارات السامية في الدولة ويقول أن 80% من البلديات تشهد عجزا ناليا.

 وهنا أريد أن أقول أن أدوات الرقابة الداخلية للدولة أثبتت عجزها الكبير في السيطرة على ظاهرة تسرب أموال الدولة, وهنا يظهر دور الرشوة الذي لم تتحكم فيه أجهزة الرقابة40.

  • نقص التأطير وعدم العناية بالتكوين:

 قلنا بأن جهاز الوظيف العمومي كان مفتوحا- في مسألة التوظيف- بدون النظر في الشروط الموضوعية والعقلانية في مسألة التوظيف,وتشير الإحصائيات إلى أن مابين 1963الى1995 إنتقل عدد الوظفين من 55594 موظف الى1323428موظف, يعني4/1 عدد سكان الجزائر النشيطين, إلا أن المشكل يتمثل في أن37%من المساعدين الإداريين بدون تأهيل أو تكوين وهم يستحوذون على70%من البلديات41. يقول بيتر” إكان كل موظف غير كفء له الرغبة في الترقية ضمن التنظيم التدريجي الإداري.., ومع مرور الوقت يتقلد هؤلاء الموظفين مناصب إدارية هامة بكفاءة إدارية ضعيفة”42.

أما في ما يتعلق بمستوى التأطير , يطهر أن المجموعات المحلية أقل شأن من الولاية والمركز, بحيث أن المستخدمين الأقل تأهيلا يظهر بأكبر نسبة على مستوى البلديات ب 89.65% ثم على المستوى الولائي بـ55394% ثم عل المستوى الوطني ب 45.14%وهنا يجب أن نشير إلى أن الأمراض البيروقراطية التي يواجهها المواطن تبدأ من البلدية ثم الولاية…الخ وتشير التقارير إلى أن 61% من الموظفين هم من البلدية, و أن نسبة الشباب في الوظيف العمومي أكبر من أي مجال, بحيث أقل من 30 سنة يبلغ عددهم أكثر من 3.800000 نوظف, وبين 30-40 سنة يبلغ عددهم 640.000, دون أن ننسى بأن 70% من الناتج الوطني الخام يذهب في إطار أجور للموظفين أي بحوالي 300 ألف مليار دينار سنويا ويوجد أكثر من 30.72% من الموظفين لم يرتقوا ولم يتكونوا منذ 20 سنة, ويظهر جليا أن نقص التأطير والتكوين لدى الموظفين الذين يقعون في الإدارات الوسطى والقاعدية,يعقد من عملية إيجاد مرونة ادارية لكون أن هؤلاء إما أنهم يفتقدون لثقافة قانونيةوأماأنهم يفتعلون العمل المعرقل لابراز مكانتهم وسلطتهم. وبهذه الطريقة فقدت الإدارة الجزائرية مصداقيتها وتريبت المظاهر السلبية للبيروقراطية مما أدى إلى نوع من اللمبالات واللامسؤولية, وهنا يجب على الدولة أن تعيد النظر في نمط التسير الإداري عن طريق برمجة تربصات للموظفين تأخذ بعين الإعتبار كيفية ترقية معارفهم ومداركهم وتكييفهم وفق المعطيات الجديدة من التنظيم43 وقد أفادت الدراسات أن القيمة الإجمالية المخصصة للعملية التكوين لـ 6 وزارات تتمثل على التوالي: وزارة الداخلية0.00010%أي 100000دج.

أما وزارة العدل فقد قدر بالنسبة المالية المخصصة في عملية التكوين0.0025%44 . بالمقارنة مع دول أجنبية.  فالأمر يختلف, فمثلا في  فرنسا ينص القانون على عدة أنواع من أشكال التكوين:1- عملية التكيف,2-عمليات تحضير للحياة المهنية والتحضير للمسابقات الإدارية,3- عمليات الترقية و العمليات الوقائية,4- عمليات التحويل, وقد خصصت الحكومة الفرنسيةخلال سنة 1993, 3 ملايير فرنك, مقارنة مع حجم الكتلة الأجرية التي قدرت ب277 مليار فرنك و 9مليار فرنك لكل أشكاتل التكوين الأخرى45.

 أن تضخم وتعدد الأجهزة الإدارية والتخوف من المسؤولية وتجاوز حدود السلطة يجعل الوتين الإداري يطغى على العمل الإداري, اذ يرى محمد جابر حسن أن تنشيط الروتين وتعميق الإتجاهات وتشجيع المواطنين للميول المنحرفة لبعض الموظفين تأتي في معظم الأحيان نتيجة جهل المواطنين بحقوقهم من جهة ولاساليب عمل البيروقراطيين وتعقيداتهم الروتينية من جهة أخرى46.

  • ثبوت في أنماط التسيير وبقاء ظاهرة الروتيين:

 بالرغم من الجهود التي بذلتها الجزائر في إصلاح الإدارة على المستوى المحلي والإقليمي, إلا أن ظاهرة التبعية الوصائية والإستقلالية المحدودة و الوظائف المحددة في جميعالمحلية, إلا أنني من خلال حدود إطلاعي على  مختلف الإصلاحات, وجدت أن مهام البلدية والولاية لم يتغير, ففي البداية لاحظنا كيف أن الجيش استفرد بجميع السلطات خاصة بين 1962 إلى غاية 1988, فأنتج بذلك طبقة بيروقراطية عسكرية, ساهمت في توسيع مشاركة العسكريين في إدارة شؤون الدولة على المستوى المركزي, وقد تدعم إنجاه تكريس البيروقراطية العسكرية بعد إصلاحات 1980 الذي أكد على إستمرارية الطبقة العسكرية في تسيير الهيئات الدستورية, أما من ناحية المجموعات المحلية, فقد أنشأت المجالس الولائية الإقتصادية والإجتماعية بواسطة مرسوم 9اوت1962 الذي أولى السلطة المحلية للوالي بالرغم من وجود 7ممثلين لأدارات مختلفة وهذا ما يؤكد تبعية الأجهزة المحلية لسلطة الوالي الذي بدوره يمثل الإدارة المركزية بجميع وزاراتها47 وأضحت مسألة الإستقلالية المحدودة إشكالية المجموعات المحلية بفعل الرقابة الوصائية المتسلسة48. وهنا يمكن   القول أن ثبوت في أنماط التسيير التي تفرض نوع من الروتين في الإعمال الإدارية يترك المجال واسعا لكل فرد من الدولة أن يقتحم باب الإدارة العمومية بالرغم من عدم تخصصه في المجال الإداري. فمن خلال إصلاحات الإدارة المحلية بداية من الأمرين67.69 المنظمان للمجموعات المحلية49. وكذا الإصلاحات 1981و1984 وكذلك إصلاحات 1989و1990, الذي مافتأت أن زادت في تكريس مبدأ التبعية والوصاية, فعدم تحديد موارد مالية جديدة للهيئات المحلية وإصلاح النظام الجبائي للبلديات قصد خلق فوائض ماليةو يجعل هذه الوحدات تعيش دائما التبعية المالية, ولا يمكن أن نجعل منها أدوات إدارية تنموية, لذلك بقيت تعيش الروتين الإداري, فحتى التعديل الجديد لنظام الولاية لم يلجأ المشروع إلى توسيع من إختصاصات المجلس الشعبي الولائي لتشمل الجانب المالي والسياسي, وأني أرى أن عدم تفعيل دور المشاركة الشعبية في الهيئات المحلية وتطبيق مبدأ الرقابة الشعبية على الأعضاء والأجهزة المحلية التي أدت إلى الإنحرافات وبروز الأمراض البيروقراطية داخل هذه الوحدات* كماأني أعتقد أن عجز البلدية, التي تعتبر أقرب إدارة إلى المواطن, يرجع في أساسه إلى عدة أسباب أهمها:

–        أن رئيس البلدية وأعضائه لا يشترط فيهم القانون شرط المؤهل العلمي.

–        أن نظام الجباية المحلية لا تستفيد منه البلدية إلا جزءا قليلا من التحصيل الضريبي.

–   أن الوظيفة الإدارية في البلدية أضحت لا تتعدى إل أن تكون متعلقة بإستخراج وثائق إدارية, أو احتفالات بالمراسم والأعياد الوطنية, إذن أتساءل أين هي والظيفة السياسية للمجالس الشعبية ؟

ولهذا فإن أنماط التسيير – وإن شهدت إصلاحات إدارية- بقيت ضمنيا وشكليا يطغى عليها الطابع المركزي في التسيير.

  • الحالة الاجتماعية للموظف و انتشار ظاهرة الرشوة:

يرجع الكثير من الكتاب إلى أن التنمية الإففدارية إذا لم يرافقها تنمية إقتصادية فأنها ستؤدي إلى الفشل وإنتشار الأمراض البيروقراطية, إذ أن حالة التخلف الإقتصادي في أي دولة من الدول لا سيما الدول النامية نتج عنها تخلف إداري نظرا للعلاقة العضوية والمصرفية بين الإدارة والحياة الإقتصادية, وهكذا فقد أفرز التخلف الإقتصادي أثار إجتماعية وثقافية انعكست على المواطن والتنظيمات الإدارية وكذا على ضعف الأساليب وأدوات التحكم في الأجهزة الإقتصادية50.

وبما لأن الموظف جزء من هذا المجتمع, فقد انعكس على حالته الإجتماعية, ومايلاحظ ايضا, التناقض الواضح بين تطور الأسعار وبطء تطور الأجور, وقد ياهمت هذه الوضعية في انتشار ظاهرة الرشوة, ولهذا فقد أنشأ مرصد وطني لمكافحة الرشوة والذي يسيره رئيس تساعده لجنة دائمة للتنسيق التي تتكون من قاض يمارس لدى النيابة, قاض من مجلس المحاسبة, وكيل مفوض من بنك الجزائر, ضابط سامي من الدرك الوطني, موظف في الأمن يرتيت مدير مركزي, موظف في المفتشية المالية برتبت مفتش عام51.

و يقوم المرصد بمجلس عام يقوم بإعداد السياسة الواجب إتباعها في جميع المجالات ويتكون حسب: المادة 13 من مسؤول الشؤون الجزائية في وزارة العدل, ممثل وزارة الشؤون الخارجية مثل الدرك الوطني, ممثل الأمن الوطني, ممثل الجمارك الوطنية, ممثل مصالح الرقابة الإقتصاديةوقمع الغش, ممثل مصالح مراقبة الجودة, ممثل رئيس مجلس المحاسبة, رئيس اللجنة الوطنية للصفقات العمومية, رئيس الغرفة الوطنية للتجارة, رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة, رئيس الغرفة الوطنية للموثقين, المفتش العام للمالية, ممثل الخزينة العمومية, ممثل بنك الجزائر,ممثل الإدارة الجبائية, ممثل النقابة الوطنية للخبراء المحاسبيين,ومن مهامه:

ينظم جميع المعلومات الازمة لكشف وقائع الرشوة وإستغلال النفوذ والإختلاس والإستيلاء غير المشروع عل المصالح, المترشحون للصفقات العمومية وبمساواتهم, الوقاية من تلك الوقائع, كما يبادر بأيت أداة يقصد منها ضمان شفافية الأنشطة الإقتصادية والمالية أو تعزيزها, ويقترح ذلك وعليه فإنه يمكن أن يحث على إعداد قواعد الحياة العمومية وعلى تنفيذها, ويعطي رأيه للسلطات الإدارية بخصوص التدابير التي قد تتخذ للوقاية من الوقائع التي تساهم في الرشوة*.

وبالرغم من مضي 4 سنوات من تكوين هذا المرصد إلا أن مفعوله يبقى ضيق على مستوى العاصمة ولا يمكن أن يتدخل إلا عن طريق التبليغ, وبشرط توفر الحجة والدليل، وهذا الذي لايمكن إثباته. وقد تم خروج المرصد عن صمته معلنا وجود عدة ملفات تقدمة إلى الدراسة ولكنه لم يعلن على عددها وماهي الحالات التي أحيلت على القضاءو وفي رأي أن أسلوب الرشوة لن يتم القضاء عليه مادامت مظاهر التخلف المتنوعة موجودة في سلكيات الأفراد ويمكن ذكر:

عجز الإنتاج الوطني وضعف في القدرة الشرائية للموظف.

تركيز كل الأعمال وتوزيع الإمتيازات على الإدارات العمومية.

غياب الضمير المهني وأخلاقيات الوظيف العمومي لدى الموظف وخت لدى بعض المواطنيين.

إذن تحسين وضعية الموظف الإجنماعية والأخلاقية قد يؤدي إلى التخفيف والتقليل من ظاهرة البيروقراطية المتعفنة, بالرغم من أن ظاهرة الرشوة تنبع من أعلى المستويات.

  بمحاولات إصلاح علاقة المواطن مع الإدارة:

 يتضح جليا أن أمراض البيروقراطية قد أثرت تأثيرا مباشر في علاقة المواطن والسلطة السياسيةو وهذا ما حل رئاسة الجمهورية في مطلع 1977 إلى نحليل ظاهرة البيروقراطية من خلال الإستبيانات التي وزعت على وسائل الإعلام الوطنية على إداريين و مواطنين, قصد الحصول على معلومات ذات طابع إجتماعي وإقتصادي, والنتيجة التي إستخلصتها رئاسة الجمهورية, هي أن الأعمال البيروقراطية المعقدة في مضامينها, تركت انطباع سيئ لدى المواطنين52. أن البيروقراطية ظاهرة تخلق شعور من اللا أمن وفقدان الثقة, ومضيعة للوقت وتعطيل الأعمال والمشاريع53. ومن خلال هذه النتائج باشرت رئاسة الجمهورية بشن حرب ضد الإجراءات الروتينية المعقدةو حيث أصدرت تعليمات إلى السادة الوزراء وكتاب الدولة تطلب منهم الغاء بعض الأوراق المكوتة للملف الإداري, وتخفيف الإجراءات الإدارية, قصد محارية مساوء البيروقراطية *.

لكن وبالرغم من تخفيف في الإجراءا تالإدارية, بقي المرض سائرا, لأن التغير والإصلاح الذي تم استهدافه كان بواسطة مراسيم وأوامر, بدون أي محاولة إصلاح الفرد والموظفيين, إذ أن في بعض الأحيان نجد الموظف في الطبقة الوسطى أو السفلى من الإدارة وكذا بعض المديرين, يبرزون صورة سيئة لدى المواطن, فكيف يمكن أن تعلم السلطة الإدارية العليا بذلك إذا منع أصحاب التظلمات من الدخول إلى صاحب السلطة الإدارية, فحتى في الأنظمة الديموقراطية, فعامل العلاقات الإجتماعية بين أفراد التنظيم يحاولون دائما حماية منبيد ه السلطة ويظهر أن الإشكال لا ينحصر مفهوم البيروقراطية في الإجراءات الروتينية العقدة, بل الأمر يستدعي اصلاح جذري يبدأ من آخر موظف اداري إلى أعلى موظف في الدولة, لأنه في إعتقادي أن هناك عاملين يفسدان نشاط الإدارة, وهما عامل اللامبالاة والأمية الموجودة في الطبقة السفلى من التنظيم,, ثم العامل السياسي الذي لعب دوره في التغيير و التأثير على بعض القرارات, فتصبح الإدارة غير محايدة, وعليه فقد جاء في اللائحة الإستثنائة التي صادق عليها خزب جبهة التحرير الوطني في نوفمبر 1988, تناول فيها الإصلاح الإداري بطريقة مفصلة نوعا ما والذي تم خلالها التأكيد على الإنحرافات الإدارية على المسار المحدد لها في المواثيق الثورية والدستورية, وبرز روح اللامبالاة والرشوة والمحسوبية.

وفي دراسة ميدانية قام بها الأستاذ مسعود منتوري, في ماي 1986 بمدينة عنابة, قام خلالها بتحليل طبيعة العلاقة بين الإدارة والمواطن54. وقد إستعمل طريقة المقارنة والإستبيان التي خصت 600 شخص ولكنه لم يتلقى سوى 300 رد, وفد بنى أسئلة إستمارته على عدة إعتبارات منها,الجنس, السن,الوظيفة,المنظمو,المنطقة التي يقطن بها المواطن …إلخ,وقد وصل لعدة نتائج منها:

أغلب الردود كانت تصب في رأي واحد, هوأن المواطن بعيد كل البعد عن إدارته.

بالنسبة للمواطنين, أن الكفاءة المهنية والتأطير الجيد يثاعد عل تأدية المهام في أحسن الأحوال ولكن الموظفون في الإدارة الجزائرية ضعيفوا التكوين.

أن أغلب الموظفين لا يتعاملون بطريقة إنسانية ةأخلاقية مع مشاكل المواطنين.

غياب مصلحة الإستعلامات( أي نقص في إعلام المواطن وتوجيهه).

وبالرغم من ذلك فقد أكتشف ثلاث أجوبة متناقضة مع البقية حول علاقتهم بالإدارة بحيث أقر على أن علاقتهم جيدة مع إدارتهم, فزاد الغموض فضول الأستاذ, إذ راح يبحث عن مقر سكناهم والإدارة التي يتعاملون معها, فوجد أنهم من أهل الريف, وقد أعاد طرح نفس الأسئلة على البقية من المواطنين, فكانت أجوبتهم متماثلة. وبعد نحليل هذه الظاهرة في مجال العلاقات في الريف, إستنتج أن للعلاقات الإجتماعية والأهلية دور في تقريب الإدارة من المواطنين, بحيث أن كل الموطنين هم من تلك المنطقة, وهم ليسو مجبرين بالذهاب إلى الإدارة حتى يقضون مصالحهم, بل يمكن أن يلتقي الموظف في الخارج, فيلبي لهم كل طلباتهم, ومن جهة أخرى, فقد إستنتج أن أكثر إتصالات المواطنين تكون مع البلدية, البريد وامواصلات, سونلغاز, أن كل هذه المؤسسات بما فيها البنك والتأمينات, قد أظهروا إصلاحات نوعية وماديةمع إداخل الإعلام الألي, بالرغم من الإختلافات الوظيفية التي تطرأ من فترة لأخرى نظرا لنقص الرقابة الإدارية الفعالة على نشاطاتهم.

وكنتيجة للمحاولة إصلاح العلاقة بين المواطن و الإدارة فقد تم إرساء وظيفة الوسيط الإداري55. على مستوى كل الولايات حيث يقمون  بإستقبال تظلمات المواطنين, ويحل المشاكل التي يمكن أن يحلها, ويتم تعيين الوسيط بقرار من الوالي من بين الموظفين في الدوان, وكان ملزما أن يقدم جدولا في شهر مقسم إلى ثلاث أقسام, القسم الأول يحمل المشاكل التي تم حلها, القسم الثاني يضم المشاكل التي لا يستطيع حلهاو أما القسم الثالث, فتسجل الملفات التي بقيت بدون حل, وبالرغم من نية السلطة في التخفيف من تعسف الإدارة وكذا الأضرار المادية والمعنوية الناجمة على أعمال البيروقراطية الهجينة عن طريق تعين وسيط إداري, إلا أن طريقة التعيين وشروط التعيين تجعل الوسيط في تبعية دائمة للوالي. إذن لم يحقق الوسيط النتائج الذي أنشأ من أجلها لأنه لا يملك الأدوات القانونية والإستقلال الكافي ليقوم بدوره الرقابي والوظيفي, وكذا الكفاءة القانونية التي تؤهله لفهم وتحليل الطعون الواردة.

وقد صدر قانو 131.88, الؤرخ في 4 يوليو سنة 1988 الذي جاء لينظم العلاقات بين الإدارة والمواطن, وما يلاحظ على هذا القانون أنه ركز على تحديد واجبات الإدارة اتجاه المواطن, التي تتمثل في إحترام المواطن وحماية حقوقه التي اعترف له بيها الدستوروالتشريع56. وقد نص القانون على أن تطلع الإدارة كلفة المواطنين على التنظيمات والتدابير التي سطرها, وينبغي,في هذا الإطار, أن تستعمل وتطور أي سند مناسب للنشر والإعلام كما نصت المادة12 منه. على أن ترتب الإدارة أمورها لكي توجه المواطنين في مساعيهم، وترشدهم إلى إجراءات المطلوب اتباعها, ويجب عليها أن تستقبلهم أحسن إستقبال, وفي هذا الإطار يجب أن تعمم إقامة هياكل ملائمة لأستقبالهم والنخفيف من الإجراءات لدى إستدعاء المواطنين, فقد إشترط القانون الضرورة القصوى لحالة الإستدعاء مع ذكر إسم المصلحة المعنية, إسم الموقع ولقبه ووظيفته, دواعي الإستدعاء المعنية, ورقمها الهاتفي, أيام الإستقبال وساعاته57. كما نص القانون وأمر كل الإدارات عل التقليص من طلب الأوراق, والتي تطلب من المواطنين وأن تقوم مقام المواطن كل ما كان ذلك ممكنا, فتتصل مباشرة بالمصلحة أو الهيئة المعنية للحصول على المعلومات التي تراها ضرورة لدراسة الملف المعروض عليها58. أضف إلى ذلك فإنه من الظروري على أي إدارة أن ترد على كل الطلبات أو الرسائل أو التظلمات التي وجهها المواطن إليها.بيد أن ومن الشائع لدينا أن الهوة بين التشريع والواقع تبقى عريضة, لكون أن القانون 131.88جاء في وقت أين إزدادت الأمراض البيروقراطية تشددا,  ولم يتم إحترام كل بنود القانون لكونه لا يحمل القوة القاهرة لتثبيته, وأقصد بها القوة السياسية للأحزاب والمجالس الشعبية التي تعمل على تفعيل دورها الرقابي وتنقل هموم المواطن إلى أعلى مستوى من الأجهزة التنفيذية.

وخلاصة القول, أن كل المحاولات الساسية والإدارية التي بادرت بها القيادة السياسة قد فشلت في إحتواء أزمة علاقة الإدارة مع المواطن , ما دامت القيادة لم تشعر بضرورة تغيير الذهنيات والسلوك, ويجب أن نشير بأن الأجهزة الرقابية الداخلية والخارجية من مجالس شعبية, ووسائل إعلام, لجان تفتيش عامون, مجلس محاسبة, مرصد حقوق الإنسان, فهي لم تلعب أدوارها كأدوات وأجهزة رقابية فعالة في تقويم الإنجرافات, ويجب, أخيرا أن نفهم أكثر ضرورة بث الروح والأفكار الديموقراطية وإعادت الإعتبار الفعلي للرقابة الشعبية وكذا تنمية الوعي والحس السياسي والشعور بالمسؤولية. وإذا استطعنا أن نوفر الجو الديموقراطي المطعم بالقيم الخلقية لاستطعنا فك أي نزاع قد يطرأ بين الإدارة والمواطن, وكتدعيم لأجهزة الدولة لمقاومة ظاهرة البيروقراطية, فقد جاء في عام 1994 كلمة “لليمين زروال ” قال:« لن يتم القضاء على البيروقراطية والإستبداد والتعسف والمحسوبية, إلا بالقطيعة التي تظل الهدف الأساسي في القضاء على مثل هذه المظاهر وهذه التصرفات… لايمكن تحقيق ذلك إلا بإجراء تغير جذري في هياكل الدولة التي ينبغي مستقبلا أن تخضع لقواعد جديدة…بتعزيز مؤسسات الدولة وإعادة الإعتبار للخدمة العمومية وإقامة علاقة متينة بين الإدارة والمواطن» 59.

التهميش:

1ـ  د. عبد الله شريط ، محمد المبارك الميلي ، مختصر تاريخ الجزائر القديم والحديث : السياسي والثقافي والإجتماعي ، الجزائر  : المؤسسة  للكتاب ، 1985 ، ص 172 .

2ـ نفس المكان ونفس الصفحة .

 3ـ د . جون وولف ،  الجزائر وأوروبا 1500 ـ 1830  ، ترجمة د . أبو القاسم سعد الله ، الجزائر المؤسسة الوطنية  للكتاب ، 1986 ، ص 105 .

4 – Mahfoud Kadache , L’Algerie durant la periode Ottoman , Alger : O P U , 1992 , p 12 .

 5ـ د . أبو القاسم سعد الله ، أبحاث وأراء في تاريخ الجزائر  ، الجزائر : المؤسسة الوطنية للكتاب ، 1981 ، ص 81 .

6ـ أعثامنة جياد “الاصلاحات السياسية و التعددية الحزبية في الجزائر” رسالة ماجستير.قسم العلوم السياسية.الجزائر.1995  ، ص 76 .

7ـ أعثامنة جياد ،  مرجع سابق  ، ص 76 .

8ـ د . محمد حسنين ، الإستعمار الفرنسي ، الجزائر  : المؤسسة الوطنية للكتاب ، 1986 ، ص 95 .

9ـ نفس المكان : ص ، 101 .

10 ـ نفس المكان : ص ، 236 .

11 ـ د . محمد حسنين ، مرجع سابق  ص 381 .

12 ـ د . سعيد بو الشعير ،  النظام السياسي الجزائري  ، مرجع سابق ، ص 8 .

13 ـ د . أنيسة بركات ” التأثير الثقافي في الأسرة الجزائرية من خلال الإحتلال إلى الاسترجاع الاستقلال ” مجلة الثقافة : الجزائر ، ع ، 82 ، 1984 ص 197 .

14 ـ د . يحي بوعزيز ، سياسة التسلط الإستعماري والحركة الوطنية 1830 ـ 1954 ، الجزائر : ديوان المطبوعات الجزائرية ، 1985 ص47 .

15 ـ د . محمد حسن بهلول ، الجزائر بين الأزمة السياسية والأزمة الاقتصادية  : الجزائر ، مطعة دحلب ، 1993 ، ص 25 .

16  ـ نفس المكان .

17- Amar Bouhouch , ” The Essense of political reforme in Algeria 1962 – 1992 ” les annals de L’univesite

       D’Alger , n° 8 , 1994 , p 22 .

  18- Jean Claud , Hasard ” les industries industrialisantes ” les dossiers des jeune Afrique ,  B I S , p 119 .

19  ـ د . محمد حسن بهلول ، الاستعمار وإشكالية التوازن الجهوي ( مثال الجزائر)

      جزائر:  المؤسسة الوطنية للكتاب ، 1990 ، ص 466 .

20 ــ د . محمد حسن بهلول ، الجزائر بين الأزمة السياسية والأزمة الاقتصادية  مرجع سابق  ، ص223

21 ـ خنيش سنوسي ،الادارة و البيئة في النظرية و التطبيق.حالة الجزائر” رسالة ماجستير.قسم العلوم السياسية.الجزائر.1997  ، ص 76 .

ائر” ص 297 .

22ــ د . محمد حسن بهلول ، الجزائر بين الأزمة السياسية والأزمة الاقتصادية  : مرجع سابق ص 28 .

  مداخلة رئيس الحكومة السابق ، أحمد أويحي ، أثناء أشغال الدورة السادسة للمجلس الوطني  الاجتماعي والاقتصادي

23– EL MOUDJAHID QUOTIDIEN ALGERIEN DU 25   AOUT N° 9678 P 2

( * ) ـ دراسات  تشير أنه يتوقع سنة 2000 سيتركز  70  %من مجموع السكان الوطن على رقعة جغرافية تمثل 1 0 %من مجموعة المساحة ، لكن ها نحن في عام 2000 ولازال التغير لم يتحقق .

24 – El Moudjahid , quotidien D’Algerer , n° 9678 , Op.cit.  p 2.

25 – Mourad Ben achenhou . Dette exterieur . corru ption  et responsabilite politique . Alger mprimeirie Dahlab ” 1998 – p 46 .

26 – Amour . B » l’economie Algerienne Est – elle encore une economie d” endettement     « IDARA  L’ENA      V 6 N° 2.1996 .p 159 .

27 ـ أ . خنيش السنوسي ، مرجع سابق ، ص 300 .

28 ـ محمد بلقاسم بهلول ، الجزائر بين الازمة السياسية والأزمة الإقتصادية ، مرجع سابق ، ص 49 .

29 ـ ح ج د ش ، قانون رقم 01.88 المؤرخ في 12 يناير 1980 ؛ المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الإقتصادية ، الجريدة الرسمية الصادرة بتاريخ 1988 ع ح ص 33 .

30 ـ جريدة الخبر ،  يومية وطنية  ، ع / 75 في سنة 2000  ص2 .

31 ـ خنيش السنوسي ، مرجع سابق ، ص 64 .

32  – Massoud  mentri  op , cit ,  p32  .

33 ـ علي سعدان، بيروقراطية الادارة الجزائرية، المؤسسة الوطنية للنشروالتوزيع .1981.ص13

 34 ـ علي سعدان ، مرجع سابق  ص 50  .

35 ـ خنيش السنوسي ، مرجع سابق  ص 268 .

36 ـ النصوص الاساسية لجبهة التحرير الوطني ، 1980 – 1982 ، ص 17 .

37 – Massoud  mentri  op, cit , p20

38 ـ انظرالمادة 18 و19 من القانون رقم01.79  المؤرخ في 09 يناير 1979 المتضمن القانون الاساسي للنائب ، النصوص القانونية    والتنظيمية المتعلقة بالمجلس الشعبي الوطني ، يونيو 1986 ، ص 75 .

39 ـ حسن بهلول، الجزائر بين الأزمة السياسية والإقتصادية ، مرجع سابق  ص 40 .

40 ـ علي سعدان مرجع سابق ص 55 .

41 – Ahmed Rahmani . »Essai danalyse des faktuers devolution de lagestion despersonnels de la fonction publique«. v 0.7 N°2.19(.IDARA.Revue de l’E N A lap 17) .

42 ـ احمد رحماني اثناء مناقشة رسالة ماجستير .12 . مارس 2000 .

43 ـ علي سعدان ، مرجع سابق  ص 50 .

44 – F.TAIB : le stage dans le processus de fomation administrative .op,cit p 65.

45ـ بلخنش فريد ، التكوين المتواصل على مستوى الادارة العمومية حالة الادارة المركزية ( لوزارات ) 1966 – 1996

   رسالة ماجستير: جامعة الجزائر ، معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية ، 1998 ص 96 .

46ـ نفس المكان  ص 80 .

47 – Chabane Ben akezouh .l’ Administration territoriale déconcentrée en Algérie, mémoire pour diplôme  D’ étude superieure facultè de droit et sciences èconomiques : 1974, p 43.

48ـ حسن مصطفى حسن ، الادارة العامة المحلية المقارنة ، الجزائر ؛ ديوان المطبوعات الجامعية ط II  1982 ص 145 .

49 ـ علي زغدود ، الادارة المركزية في الجمهورية الجزائرية ، الجزائر : المؤسسة الوطنية للنشر والتوزيع ، 1977 ص 29 .

( * ) ـ أوضح آكلي حسين ( إطار سابق في وزارة الداخلية ) أنه قد سجلت 1249 بلدية عجزا ماليا تجاوز عام 1998 ب 18 مليار دينار

      وسجلت في ذات السنة عجز مالي لـــ 7 ولايات ، بالرغم من أن عملية تطهير المالي للبلديات من الديون كانت بين 1991 – 1993 بقيمة    إجمالية  قدرها 5 مليار دينار ، وقد مست أيضا العجز المالي عام 1994 لـــ 775 بلدية ، قدر بـ 81%  من البلديات – جريدة الخبر  يومية ع 2728 ، 1999 ، ص 3 .

50 ـ عمار عوابدي : ” علاقة التنمية الادارية بالتنمية الاقتصادية ” . مجلة الادارة. المجلة 6 . ع 2 . 1996 ص 19 .

51 ـ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ، المرسوم رقم 233.96  . الجريدة الرسمية يتضمن إنشاء المرصد الوطني لمراقبة الرشوة    والوقاية  منها . ع 41 . ص 3 .المادة 8 .

( * )  لقد تم مؤخرا – 2000 – إلغاء المرصد الوطني لمراقبة الرشوة والوقاية منها بمرسوم رئاسي نظرا لعجزه وفشل مهامه .

52 ـ على سعدان مرجع سابق  ص 50 .

53 – Massoud  Mentri op cit , p 26 .

( * ) التعليمتين الرئاستين : رقم DAJL  / 454 / 6S /N° PR     الصادرة بتاريخ 30 مارس 1977 ، وكذا رقم / 6S /N° PR   DAJL  468  الصادرة بتاريخ 13 أفريل 1977 ، الموجهة للسادة الوزراء وكتاب الدولة

54  – Massoud Mentri op cit , p 67 .

55 – Ministere de l’interieur , circulaire N° 20 / DR . C Du 22 janvier 1986 relation a la disignation d’un  Mediateur l’administratif et ses attributions

56 ـ قانون 131.88 ، المؤرخ في 4 يوليو سنة 1988 ، لمتعلق بتنظيم العلاقات بين الادارة والمواطن الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،

     المادة 2 .

57 ـ القانون 88 .131 ، مرجع سابق ، المادة 16 .

58 ـ القانون 88 .131 ، مرجع سابق ، المادة 22 .

( * ) رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لعام 1994 – 1996 .

59 ـ جريدة الخبر ، الصادرة في الجزائر بتاريخ ، 1994 . 04 . 19، ع . 1055 . ص 3

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …