الرئيسية / العلاقات الدولية / السياسة الخارجية / تعاون جنوب – جنوب كركيزة أساسية في السياسة الخارجية المغربية ودول أمريكا اللاتينية”
تعاون جنوب - جنوب كركيزة أساسية في السياسة الخارجية المغربية ودول أمريكا اللاتينية
تعاون جنوب - جنوب كركيزة أساسية في السياسة الخارجية المغربية ودول أمريكا اللاتينية

تعاون جنوب – جنوب كركيزة أساسية في السياسة الخارجية المغربية ودول أمريكا اللاتينية”

تعاون جنوب – جنوب كركيزة أساسية في السياسة الخارجية المغربية ودول أمريكا اللاتينية”

 

عطيف محمد

باحث في العلاقات الدولية بكلية الحقوق سلا – الرباط

 

لقد برزت على الساحة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية كتلة من الدول يجمعها التشابه والتقارب على مستوى البنيات الاقتصادية والاجتماعية، والتي عرفت بدول العالم الثالث (آنذاك)، وأصبحت الآن تعرف بما يسمى بـ”الدول النامية” أو دول الجنوب.

يقصد بتعاون جنوب – جنوب تعزيز التعاون بين الدول النامية من أجل تحقيق التنمية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال التنسيق المشترك بين الدول.

ولوحظ أن تطور عمليات التقارب بين دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا في سياق العلاقات (الجنوب – الجنوب)، لابد من تجاوز المفهوم الجغرافي لهذه المسألة والاستناد إلى المفهوم السياسي والاقتصادي يعني أن دول الجنوب هي دول نامية، هامشية تشترك كل التحديات والضعف.

بالإضافة لذلك، فهي ليست متجانسة بسبب الاختلافات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، سواء داخل المستوى الوطني وعلى المستوى الإقليمي.

جاءت فكرة التعاون بين بلدان الجنوب كبديل للعلاقة غير المتماثلة بين الشمال والجنوب، لأن التعاون بين دول الجنوب مرن ومتغير للغاية[1].

ويشكل تضامن المغرب مع دول أمريكا اللاتينية في إطار تعاون جنوب – جنوب محورا استراتيجيا في دبلوماسية المملكة المغربية تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس وآلية فعالة من أجل تحقيق أهداف التنمية مع هذه الدول.

ويساهم الموقع الجغرافي الذي يتميز به المغرب في الشمال الإفريقي بين ضفتي البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، وفي مفترق الطرق بين إفريقيا وأوروبا والعالم العربي، في أن تطلع المملكة المغربية بدور أساسي في مجال التعاون جنوب – جنوب، الذي جعلت منه أحد الركائز الأساسية لسياستها الخارجية، من هذا المنطلق يولي المغرب أهمية كبرى لتعزيز التعاون مع منطقة الكاريبي وأمريكا اللاتينية التي لا يفرق بينهما سوى المحيط الأطلسي، حيث تعتبر المملكة المغربية عضوا مراقبا بالعديد من المنظمات والهيئات الإقليمية والقارية لأمريكا اللاتينية، من بينهما على الخصوص منظمة البلدان الأفريقية والقمة الإيبيبروأمريكية، رابطة الدول الكاريبية والبرلمان الأنديني حلف المحيط الهادي.[2]

وإن التعاون جنوب – جنوب الذي انتهجه المغرب في سياسته الخارجية خاصة مع دول أمريكا اللاتينية، حيث تسعي الإرادة السياسية المغربية من خلاله، إلى الكشف عن التجارب من خلال اللقاءات المتبادلة بين الطرفين، وترجمتها إلى واقع يهم كل المجالات منها الاقتصادية والسياسية والثقافية والإنسانية والاجتماعية، لأن العالم الآن يواجه تحديات التي تفرضها العولمة، وخاصة في دول الجنوب مثل عدم وجود توزيع كاف للثروة واستخدام القوة العسكرية كوسيلة لحل النزاعات، مما أدى إلى إيجاد حلول أخرى تتماشى مع كل متطلبات المجتمع الدولي الأولى إيجاد فضاء للتفاهم والتعايش من خلال تنسيق هوياتهم واختلافاتهم من أجل الوصول إلى التقدم والتعاون في المجالات المختلفة مجالات التجارة، الخدمات الجوية، السياحية والصناعة والصيد البحري والتعليم والثقافة والبيئة المستدامة.

وفي هذا الصدد، قام المغرب مع “بنما” باتفاق حول موضوعه التعاون جنوب – جنوب، واعتباره السبيل الأمثل لتحقيق التعاون بين المغرب وأمريكا الوسطى ومنطقة الكاريبي. وتجاوز كل الخلافات التي تعرقل مسار العلاقات بين الجانبين. وتجاوز التحديات التي قد تضعف التعاون بين المغرب ودول أمريكا اللاتينية، وإرساء الثقة بين المغرب وبنما، وأن هذا خيار واضح بالنسبة للمغرب، وهو يدخل ضمن توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس للرقي بعلاقات التعاون جنوب – جنوب، التي جعلت منها الدبلوماسية المغربية أولوية في مجال العلاقات الدولية[3].

وعلى صعيد آخر، يتخذ التعاون جنوب- جنوب بين المغرب والدول الكاريبية بعدا ثقافيا، من خلال تقديم المغرب لأكثر من 90 منحة دراسية لفائدة الطلبة الكاريبيين، وبعدا اجتماعيا يتجلى على الخصوص في إنجاز حديقة للألعاب خاصة بالأطفال بمدينة (لارومانا) بالدومينيكان بدعم مالي من دولة المغرب، وبتعليمات من جلالة الملك، حيث تشكل هذه الحديقة المتنفس الوحيد لأطفال المدينة ونواحيها[4].

وفي إطار تفعيل التعاون جنوب- جنوب، وترجمته إلى أرض الواقع، وقع المغرب وجمهورية الدومينيكان في فبراير الماضي، اتفاقية للتعاون في مجال الصيد البحري وتربية الأحياء المائية والحفاظ على الموارد السمكية وحماية البيئة البحرية والتدبير العقلاني للموارد البيولوجية، حيث ترغب الدومينيكان في الاستفادة من التجربة والخبرة التي اكتسبها المغرب في هذا القطاع.

 

فالمغرب فاعل محوري مع أمريكا اللاتينية يولي نفس الاهتمام لترسيخ علاقاته مع دول أمريكا الجنوبية، من خلال العمل على استكشاف فاق أوسع للتعاون الثقافي والاقتصادي، وتنمية المبادلات التجارية، وذلك بجهود المغرب للنهوض بالتعاون جنوب -جنوب تنبثق من قناعة أن التعاون بين دول الجنوب يعتبر أداة أساسية لتحقيق التكامل بين اقتصاديات بلدان الجنوب والاندماج في الاقتصاد العالمي، وبمثابة استراتيجية تساهم في تحقيق أهداف الألفية للتنمية.[5]

وخلال الأيام الماضية، أثمرت المجهودات التي يبذلها المغرب مع دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية إلى إنشاء منتدى برلماني (أفرولاك) بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية والكاريبي،  باعتباره مبادرة عبر أطلسية وفريدة من نوعها، جاءت بعد سنوات من التنسيق أثبت خلالها البرلمان المغربي، الذي كان وراء هذه المبادرة، أنه مشبع بروح التعاون جنوب-جنوب الذي يشكل ركيزة أساسية في السياسة الخارجية المغربية، كما أبان من جهة أخرى عن تميز حضوره داخل الفضاء الإفريقي واللاتيني أمريكي من خلال حشد الدعم وإقناع المنظمات البرلمانية الجهوية والمؤسسات التشريعية الوطنية على الانخراط في فضاء برلماني للتعاون بين ممثلي الشعوب[6].

 

الهوامش:

[1]– America Latina y Africa, Entre la solidaridad sur-sur y los propios intereses. Estudios internctionales (Santiago). 2014 www.scielo.conicys.cl de la fecha de entrada. 13/05/2019 19:00.
[2]– مقال بالموقع الالكتروني :www.assahara.maتحت عنوان التعاون جنوب – جنوب محور استراتيجي في الدبلوماسية المغربية وآلية فعالة من أجل تحقيق أهداف التنمية مع الدول الكاريبية. تاريخ الزيارة: 14/05/2019 12:48.
[3]-Gloria Young Embajada de Panama en Marruecos Los Nuevos escenarios de la cooperacion sur – sur entre Panama y Marruecos, Mayo-agosto 2018 , P88.
[4] -http://www.assahraa.ma/journal/2014/183181-
[5]– مقال بالموقع الالكتروني : www.maghress.comالعنوان: التعاون جنوب – جنوب محور استراتيجي لتعزيز التضامن والحوار. تاريخ الزيارة: 14/05/2019 08:22
[6] -مقال لمحسن منجيد بالموقع الرسمي للحزب الأصالة والمعاصرة www.pam.ma    تحت عنوان إنشاء “أفرولاك” أثبت أن البرلمان المغربي مشبــــع بروح التعاون جنوب-جنوب كركيزة أساسية للسياسة الخارجية المغربية، تاريخ التصفح 04/11/2019 –18:00

 

عن عطيف محمد

شاهد أيضاً

هل تسعي أمريكا لإحياء مبدأ "مونرو" بأمريكا اللاتينية؟ وكيف؟

هل تسعي أمريكا لإحياء مبدأ “مونرو” بأمريكا اللاتينية؟ وكيف؟

هل تسعي أمريكا لإحياء مبدأ “مونرو” بأمريكا اللاتينية؟ وكيف؟ عطيف محمد باحث بسلك الدكتوراه في …