الرئيسية / النظم السياسية / حقوق الإنسان / الفرق بين الحرب الأهلية والثورة  Civil War and Revolution
الفرق بين الحرب الأهلية والثورة  Civil War and Revolution
الفرق بين الحرب الأهلية والثورة  Civil War and Revolution

الفرق بين الحرب الأهلية والثورة  Civil War and Revolution

        تشير كلمتي “الحرب الأهلية” و”الثورة” إلى حالات الصراع والاضطرابات الداخلية في دولة معين. في حين أن هناك بعض أوجه التشابه بين المفهومين، كما أنه لا يمكننا التغاضي عن بعض الاختلافات الرئيسية التي تمنعنا من استخدام المصطلحين بالتبادل.

ما هي الحرب الأهلية؟

إن التنوع الواسع في النزاعات الداخلية في جميع أنحاء العالم بالإضافة إلى اختلاف شدة القتال وخطورة الاضطرابات الداخلية يجعل من شبه المستحيل تقديم تعريف جامع مانع للحرب الأهلية.

لم يتفق علماء السياسة على تعريف محدد، ونادراً ما يتم ذكر مصطلح “الحرب الأهلية” في الشؤون الدولية والقانون الدولي.

قدم جيمس فيرون – الباحث في جامعة ستانفورد – تعريفاً للحرب الأهلية بأنها صراع عنيف داخل بلد ما، وقاتل شامل بين جماعات منظمة. تهدف هذه المجموعات إلى تغيير سياسات الحكومة الحالية أو تولي السلطة.

ومع ذلك، يعتبر أكاديميون آخرون أن كل نزاع غير الدولي هو “حربًا أهلية” فقط إذا كانت حكومة البلد المعني أحد الطرفين (أو أكثر) المتورطين في القتال، وإذا زاد عدد الضحايا عن 1000.

لا يستخدم مصطلح “الحرب الأهلية” في القانون الدولي ولا يظهر في اتفاقية جنيف. وعلى العكس من ذلك، نجد في القانون الإنساني الدولي مفهوم “النزاع المسلح غير الدولي” أو “الداخلي”، والذي يُعرّف بأنه حالة من أعمال العنف الناجمة عن المواجهات المسلحة المطولة بين الجماعات المسلحة أو بين القوات الحكومية وجماعة مسلحة واحدة أو أكثر.

ما هي الثورة؟

تعريف “الثورة” معقد بنفس القدر. في الواقع، خصص الثوار والمعارضون دائمًا الوقت والطاقة لمناقشة طبيعة ومُثُل الثورة. “عملية التعريف” ليست أقل تعقيدًا من بدء الثورة نفسها. كان أرسطو من أوائل العلماء الذين قاموا بتحليل مفهوم الثورة. عرّفها الفيلسوف اليوناني بأنها تغيير أساسي في تنظيم الدولة أو في السلطة السياسية، وهو ما يحدث في فترة زمنية قصيرة ويستلزم تمرد السكان ضد السلطة. وفقا لأرسطو، يمكن أن تؤدي الثورة السياسية إلى تعديل الدستور الحالي أو يمكن أن تقلب النظام السياسي بالكامل، مما يؤدي إلى تغيير جذري في القوانين والدساتير.

ومع ذلك، كما في حالة الحرب الأهلية، يمكن أن يكون هناك أنواع مختلفة من الثورات (مثل الثورات الشيوعية، والثورات الاجتماعية، والثورات العنيفة وغير العنيفة، إلخ). بشكل عام، تؤدي الثورات إلى التعبئة الجماهيرية mass mobilization، وتغيير النظام (ليس دائمًا)، وكذلك التغيير الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.

 

أوجه التشابه بين الحرب الأهلية والثورة

الحرب الأهلية والثورة مفهومان مختلفان تم تحليلهما وشرحهما بطرق مختلفة من قبل الباحثين والأكاديميين. على الرغم من أن المصطلحان تشيران إلى حدثين متمايزين، إلا أن هناك بعض أوجه التشابه بينهما.

1- كلا المصطلحين يصعب تحديدهما وضبطهما.

2- في كلتا الحالتين، تسعى الأطراف المعنية إلى تغيير الوضع الراهن.

3- كل من الثورة والحرب الأهلية يمكن أن يكونا عنيفين (العنف أمر جوهري في النزاع الأهلي، بينما الثورات يمكن أن تكون عنيفة وغير عنيفة).

4- كلاهما قد يحدث تغييرات في الهيكل السياسي للبلد.

5- يحدث كلاهما عادة داخل حدود بلد معين.

6- في القانون الدولي لا توجد قواعد تنظمهما.

7- كلاهما يمكن أن يكون بسبب الأحداث المختلفة والمشاكل داخل الدولة، وكلاهما يمكن أن يتصاعد بسرعة.

8- يمكن أن يؤدي كلاهما إلى تغييرات اجتماعية واقتصادية وثقافية مهمة داخل بلد معين.

في بعض الحالات، يمكن أن يكون المصطلحان قابلاً للتبادل – خاصة وأن العلماء والباحثين لا يستطيعون الاتفاق على مدى ونطاق الحرب الأهلية، ولأنه من الصعب أن يتم تمييز “نقطة التحول” التي تحول الثورة إلى حرب أهلية.

على سبيل المثال، يُعرّف الصراع السوري الذي بدأ عام 2011 بشكل أحادي الجانب بأنه “حرب أهلية”. ومع ذلك، فقد بدأ كعمل ثوري ضد السلوك القمعي للحكومة. ومن الواضح أن تصاعد حدة القتال والمشاركة التدريجية للجهات الفاعلة الدولية والإقليمية يمثل بوضوح الانتقال من “الثورة” إلي “الحرب الأهلية”، لكن هذا ليس هو الحال دائمًا.

 

ما هو الفرق بين الحرب الأهلية والثورة؟

تنبع كل من الحرب الأهلية والثورة من السخط الشعبي popular malcontent داخل بلد معين، ولكن تكون الثورة موجهة دائمًا ضد الحكومة الحالية، فيما خوض الحروب الأهلية يكون لاختلاف الجماعات العرقية والدينية، وليس بشكل مباشر ضد الحكومة أو الأقلية الحاكمة بشكل مباشر.

بعض الاختلافات الرئيسية بين المفهومين:

 

1- اخلاف المسببات: بشكل عام، تتسبب الحرب الأهلية والثورة في الاضطرابات الداخلية والسخط الشعبي؛ ومع ذلك، إذا ألقينا نظرة فاحصة، فإننا نفهم أن الأسباب الرئيسية للحدثين مختلفة قليلاً.

على سبيل المثال، وفقًا للدراسات الحديثة، هناك خمسة عناصر من المحتمل أن تخلق بيئة غير مستقرة قد تؤدي إلى أعمال ثورية. وتشمل:

أ- المعارضة بين النخب

ب- شعور المقاومة داخل الجماهير

ج- العلاقات الدولية المواتية

د- الغضب على نطاق واسع داخل المواطنين

هـ- الاختلالات الاقتصادية أو المالية.

بالمقابل، قد تنشأ الحروب الأهلية بسبب:

أ- الجشع (أي أن الأفراد يسعون إلى زيادة مكاسبهم لاقصي درجة).

ب- الظلم (أي وجود عدم استقرار في التوازن الاجتماعي أو السياسي غير مستقر).

ج- الفرص (مثل عدم المساواة الاجتماعية والفقر والقمع وما إلى ذلك).

 

2- اختلاف الأهداف:

تهدف الثورات دائمًا إلى تغيير الوضع الراهن، وفي معظم الحالات، إلى قلب النظام السياسي القائم عن طريق استبدال الدستور الحالي والقضاء على النخبة الحاكمة. غالبًا ما تقاتل الثورات من أجل مثل عليا أو قيم higher ideals (مثل الاشتراكية والشيوعية، وما إلى ذلك) وتنتج نماذج اجتماعية وثقافية مختلفة.

بالمقابل، تنشأ الحروب الأهلية بشكل أساسي للمطالبة بالحقوق الفردية والجماعية التي لا تحترمها النخبة الحاكمة أو غيرها من مجموعات الأقليات. قد تهدف الحروب الأهلية إلى تخريب النظام السياسي الحالي، ولكن هذا ليس هدفها الأساسي والوحيد.

3- الأطراف المعنية: معظم الثورة تعمل على تعبئة الجماهير ضد النخبة الحاكمة (وربما ضد قوات الأمن الحكومية). بعكس الحروب الأهلية بين الأقليات الدينية والإثنية والاجتماعية والثقافية، وقد ترى أو لا ترى تورط الحكومة كأحد أطراف النزاع.

4- العنف واللاعنف: حسب التعريف، فإن الحروب الأهلية عنيفة. في الواقع، يلتزم معظم العلماء بقاعدة 1000 ضحية لتعريف الصراع الداخلي بأنه “حرب أهلية”. على العكس، قد تكون الثورات عنيفة أو غير عنيفة (مثل احتجاجات غاندي السلمية). في بعض الحالات، يكون عدم استخدام العنف هو السلاح الذي تستخدمه الجماهير لطلب تغيير الوضع الحالي وتظهر للعالم حقيقية أنهم مضطهدين.

 

الحرب الأهلية مقابل الثورة

يشير مصطلحي الحرب الأهلية والثورة إلى مرحلة تغيير داخل بلد معين. على الرغم من أن المفهومين قد يكونان قابلان للتبادل في بعض الأحيان، إلا أن هناك بعض الاختلافات الرئيسية التي تميز بوضوح أحدهم عن الأخرى. بناءً على الاختلافات التي تم سردها في الأعلى، يمكن تحليل العناصر المميزة بين الحرب الأهلية والثورة في الجدول التالي:

 

الحرب الأهلية الثورة
المدة لا يوجد مدة ثابتة للحرب الأهلية. قد ينتهي بعد بضعة أيام أو أشهر بينما يمكن لأخرى أن تستمر لسنوات – النزاع السوري مستمر منذ عام 2011. الثورات عادة ما تكون أقصر من الحروب الأهلية. عندما تزيد مدتها، فإنها قد تتطور إلى صراعات أهلية.

 

انتهائها يمكن أن تنتهي الحروب الأهلية بطرق مختلفة. قد ينتهي الأمر إذا استسلم أحد الأطراف، وقد يفوز بها أحد الأطراف، أو قد تنقطع بالتدخل الخارجي. الثورات – تماما مثل الحروب الأهلية – يمكن أن تنتهي بطرق مختلفة. ومع ذلك، في معظم الحالات، تنتهي الثورات إما عندما تكون الجماهير قد حققت هدفها المتمثل في قلب النظام السياسي القائم أو عندما تهزم القوات الحاكمة الجماهير المعارضة بالقوة.
النتائج تعتمد عواقب الحرب الأهلية على نطاق النزاع وطوله وإنهائه. قد تتسبب الحروب الأطول والأكثر حدة في مقتل الآلاف من الأشخاص وتشريد عدد لا يحصى من المواطنين، بينما قد تسبب النزاعات الأقصر أعدادًا أقل من الضحايا.

قد تؤدي الحروب الأهلية أيضًا إلى تغييرات جذرية في المسار السياسي والاقتصادي والاجتماعي لبلد ما.

الثورات تحدث التغيير. والهدف الرئيسي للثوار هو تغيير الوضع الراهن. على الرغم من أن بعض الثورات ينتهي بها المطاف إلى القمع أو الفشل، فإن الشعور الثوري هو تماسك اجتماعي قوي من المحتمل أن يزدهر حتى لو لم تحقق الثورة النتائج المأمولة.

 

 

وفي النهاية:

الحروب الأهلية والثورات هي مفاهيم واسعة تدور حول فكرة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية داخل البلد، والتي قد تنطوي على درجة معينة من العنف. على الرغم من أن المفهومين قد يبدوا متشابهين، إلا أن هناك اختلافات أساسية لا يمكن التغاضي عنها.

إن فهم الاختلافات بين النزاعات المسلحة غير الدولية والحرب الأهلية والثورة أمر مهم بشكل خاص، حيث يبدو أن عدد النزاعات الداخلية في ازدياد. اليوم، في حين أن عدد الحروب الدولية والواسعة النطاق منخفض للغاية، فإن عدم الاستقرار الإقليمي والداخلي آخذ في الازدياد – وله تأثير هائل لا ينبغي الاستهانة به.

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …