الرئيسية / العلاقات الدولية / القانون الدولي / مفهوم الأمن الجماعي بين النظرية والتطبيق في العلاقات الدولية
مفهوم الأمن الجماعي بين النظرة والتطبيق في العلاقات الدولية
مفهوم الأمن الجماعي بين النظرة والتطبيق في العلاقات الدولية

مفهوم الأمن الجماعي بين النظرية والتطبيق في العلاقات الدولية

مفهوم الأمن الجماعي بين النظرية والتطبيق في العلاقات الدولية

 

للدكتور \ محمد حمدي السعيد

أستاذ القانون الدولي العام، ومستشار مركز البحوث الأمنية بالأكاديمية الملكية للشرطة.

يسعى الإنسان لمواجهة أخطار عديدة تحدق به من كل حدب وصوب، ويتطلع لحياة آمنة من المخاطر، والإنسان بطبعه كائن اجتماعي يحرص منذ نشأة الخليقة إلى الارتباط بعلاقات مع غيره من بني البشر للكثير من المقاصد أهمها مواجهة المخاطر المحيطة به، وتطورت حياة الإنسان الاجتماعية بداية من الأسرة ومرورا بالقبيلة ثم المدينة انتهاء بالدولة ليجد في كنفها الأمن والاستقرار ويجد في ظلها الحياة الآمنة وتحقيق طموحاته.

ولقد مرت البشرية بمراحل عديدة بدءًا من الفوضى والاعتماد على القوة وانتهت بالتنظيم والخضوع للقانون من أجل تحقيق الأمن للجميع وتحقيـق المـصالح المـشتركة، إلا أن البـشر مازالت تحكمهم في علاقاتهم بعضهم البعض الأهواء والرغبات الإنسانية والآمال والطموحات المشروعة وغير المشروعة بدوافع نابعة من حب السيطرة والتملك مما أدى إلى صدام الادعاءات بحقوق وتعارض المصالح.

وان كان الإنسان غير قادر على الحياة بمفرده ومنعزلا عن باقي أفراد جماعته، كذلك أيضا الدولة فقد وجدت نفسها في حاجة ملحة إلى إقامة علاقات مع غيرها من الدول وذلك لعدة أهداف أهمها دفع خطر العدوان وتحقيق السلام والأمن، فضلاً عن الحاجة للعلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، مما دفعها إلى القيام بالتعاون والتنسيق مع بعضها البعض، ومن ثمة نشأت فكرة المصالح المشتركة ونـشأ الوعي بها وعقدت الاتفاقيات الدولية في شتى المجالات.

وكما هو الحال في العلاقات بين بني البشر والتـي يحكمهـا حالتان هما حالة الـود والصداقة وحالة البغض والكراهية، فإن العلاقات الدولية أيضا تحكمها حالتا السلم والحرب، ولكن إذا كانت هناك سلطة عليا تتولى تشريع وإصدار القوانين المنظمة لعلاقات المجتمع الإنساني والإشراف علـى تنفيذها، إلا إن العلاقات الدولية لا تنظمهـا سـلطة مماثلـة نظرا لأن العلاقات الدولية تقوم على أساس سيادة الدول وإرادتها الحرة في اتخاذ ما تراه مناسبا لتحقيق مصالحها وأهدافها.

مما سبق نجد أن العلاقات الدولية تحكمها حالتا السلم والحرب، ونظرا لعدم وجـود سلطة عليا بشكلها المتعارف عليه في القوانين الوطنية تنظم هذه العلاقات الدولية بـين أعضاء المجتمـع الدولي قامت الحروب وقاست البشرية كثيرا ويلات الحـروب، وقـد زاد الاهتمام العالمي يمنع الحروب خاصة عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، وطالب الرأي العام العالمي بوضع نظم وقواعد قانونية للحفاظ على السلم والأمن الدوليين وإقـرار أسس مجتمع دولي حديث يتبنى الحلول السلمية لتسوية المنازعات الدولية ويحرم اللجوء إلى الحرب – حيث كان معترفًا بمشروعيتها في القانون الدولي التقليدي – كما يقوم بفرض العقوبات الكفيلة بتحقيق النظام الجديد، وبذلك ظهرت فكرة الأمن الجماعي، وبدأ المجتمع الدولي في العمل على تنفيذها.

وبناءً على ما سبق يشترط لكي يمارس التنظيم الدولي الجديد مهمته فـي المحافظـة على السلم والأمن الدوليين لتحقيق فكرة الأمن الجماعي أن يقرر صراحة تحريم الحرب مع وضع آليات لتسوية المنازعات الدولية سلميا، وأن يتضمن تحديدا لمفهوم الاعتداء حتى يتمكن المجتمع الدولي من تركيز جهوده لمن العدوان ومعاقبة القائم به.

وفى محاولة لإعمال المبادئ السابقة نشأت عصبة الأمم عام 1919م عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، والذي أعتقد الكثير أنها قد حققت آمال الرأي العام العالمي في القضاء على الحروب وإحلال الوسائل السلمية لتسوية المنازعات الدولية ومن ثمة تحقيق فكرة الأمن الجماعي، إلا أن عصبة الأمم لم تنجح في إرساء نظام دولي قادر على الالتزام وتحقيق فكرة الأمن الجماعي، حيث لم تحرم الحروب صراحة لذلك نجد أنها لم تقف حائلا دون قيام الحرب العالمية الثانية.

وبوضع الحرب العالمية الثانية أوزارها ازداد التوق العالمي لإنشاء نظام دولي فعال للأمن الجماعي، وقد عمل المجتمع الدولي على إنشاء جهاز دولي يعمل على تحقيق هذا الهدف فأنشأ منظمة الأمم المتحـدة، حيث شهد التنظـيم الدولي المعاصـر لأول مرة منظمة عالمية لتطبيق نظرية الأمن الجماعي بشقيها الوقائي والعلاجي، ووضع ميثاق الأمم المتحدة نظاما محكما لحفظ السلم والأمن الدوليين وعين مجلس الأمن حارسا عليه وخوله حق التدخل في أية مرحلة مـن مراحل المنازعات الدولية أو أي موقـف قد يؤدى إلى تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر أو أي إخلال بهما، كما كفل هذا الميثاق للمنظمة أن تتخذ ما تراه ضروريا وملائما مـن تدابير وإجراءات لتحقيق مقصدها الأساسي في حفظ السلم والأمن الدوليين بالإضافة إلى توقيع جزاءات على الدولة المعتدية.

وسنتناول دراستنا من خلال تقسيمها إلى مبحثين نتناول في أولهما مفهوم نظرية الأمن الجماعي في العلاقات الدولية ونتناول في المبحث الأخير الأحكام المتعلقة بالأمن الجماعي فـي ميثاق الأمم المتحدة.

 

لتحميل الملف كاملاً: مفهوم الأمن الجماعي بين النظرية والتطبيق في العلاقات الدولية

عن admin

شاهد أيضاً

"سلام ترام" .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين

“سلام ترام” .. كتاب جديد يرصد كيف غير ترام القاهرة حياة المصريين “سلام ترام” قصة …